• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / خواطر إيمانية ودعوية
علامة باركود

مراتب قيام الليل: نظرة معاصرة!

مراتب قيام الليل: نظرة معاصرة!
د. عبدالسميع الأنيس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2016 ميلادي - 5/5/1437 هجري

الزيارات: 48911

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مراتب قيام الليل

نظرة معاصرة!

 

تأمَّلتُ قولَ الله تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18]، وكيف يصِف عبادَه المتَّقين المحسِنين بقلَّة نومهم في اللَّيل!

 

وقلتُ: أين نحن من هؤلاء الصَّالحين الذين أَسهروا ليلَهم قيامًا بين يدَيه سبحانه، يَدعونه خوفًا وطمعًا، كما قال الله تعالى: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17].

 

ثمَّ قرأتُ قولَه تعالى مخاطبًا نبيَّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 4]؛ والمعنى كما قال القُرطبي في تفسيره: "قم نِصف اللَّيل، أو انقُص من النِّصف قليلًا إلى الثُّلث، أو زِد عليه قليلًا إلى الثُّلثين؛ فكأنَّه قال: قم ثُلثَي اللَّيل أو نصفه أو ثلثه".

 

وقلتُ في نفسي: قيام ثُلثي الليل أو نِصفِه قيامٌ طويل، وهما من أجَلِّ المراتب! ومَنْ يطيق ذلك إلَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولو العزم من الرِّجال؟

 

ولكن مَن يَقرأ النُّصوص الوارِدة في قيام اللَّيل يَجد أنَّ له صورًا أخرى، فمَن لم يستطِع أن يقوم الثلثين، أو النِّصف، فله في الثُّلث سَعة، أو ما يَستطيع منه.

 

ولهذا كان لا بدَّ من بيان مراتب قيامِ الليل؛ ليختارَ اﻹنسانُ ما يناسب حياتَه وظروفَه، منها:

المرتبة الأولى: قيام ثلثي الليل.

المرتبة الثانية: قيام نصف الليل، وقد تقدمت اﻹشارة إليهما.

 

المرتبة الثالثة: قيام ثلُث اللَّيل، سواء في أوَّل الليل، أو في نِصفه، أو في آخِره، لكن أفضله ما يَقع بعد نِصفه؛ وهو قيام نبيِّ الله داود عليه السَّلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ الصَّلاة إلى الله صلاةُ داود عليه السَّلام، وأحبُّ الصِّيام إلى الله صيامُ داود، وكان ينامُ نصفَ اللَّيل ويقومُ ثلُثه وينامُ سدُسه، ويصومُ يومًا ويُفطِر يومًا))[1].

 

مع اﻹشارة إلى أنَّ هذا الثُّلُث يتكوَّن من جزأين؛ الجزء الأول يَقع في الثُّلُث الأوسط من اللَّيل، والجزء الثَّاني يَقع في الثُّلث اﻷخير منه؛ كما سيأتي بيانه في الرَّسم التوضيحي.

 

وهذا القيام يَغفل عنه كثيرٌ من النَّاس مع أهمِّيته، وتتجلَّى في أمرين:

الأول: أنَّ الصَّلاة في هذا الثُّلث هي أحبُّ الصَّلاة إلى الله تعالى، والحكمة في ذلك: أنَّ النوم بعد القيام يَحفظ النَّفس من السَّآمَة، ويجعل اﻹنسانَ نشيطًا عندما يقوم لصلاة الفَجْر وما يَتلوها من أدعية وأذكار، ثمَّ ينطلق إلى تأدية ما عليه من الحقوق تجاه أهله، وعملِه بإخلاص، وإتقان.

 

قال ابن الجوزي رحمه الله: "وكان صلَّى الله عليه وسلم ينام أوَّلَ الليل، فربَّما قام نصفَ الليل أو قبلَه، فيصلِّي؛ فإذا جاء السَّحَرُ عاد إلى نومه، وقد قال: ((أفضل الصَّلاة صلاة داود؛ كان ينام نِصفَ اللَّيل، ويقوم ثُلثَه، وينام سدُسَه))، وقد قيل: إنَّ سبب الصُّفرة في الوجه سهَرُ آخر اللَّيل؛ فإذا نام الإنسان قبل الفجْرِ لم تظهَر عليه صُفرةٌ في الوجه، ولا أثَر في السَّهَر"[2].

 

الثاني: من قام فيه سيُدرِك الجزءَ الأول من وقت التنزُّل الإلهي في الثُّلث الأخير، وقد أخبَرَنا عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ينزلُ ربُّنا تبارك وتعالى كُلَّ ليلةٍ إلى السَّماء الدُّنيا حين يَبقى ثُلُثُ اللَّيل الآخِرُ يقولُ: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يَسألُني فأُعطيَه؟ مَن يَستغفرُني فأغفرَ له؟))[3].

 

تطبيق عملي:

فمَن أراد أن يطبِّق ذلك فليحسِب النِّصف، والثُّلث، والسُّدس من بعد صلاة العشاء إلى وقت صلاة الفجر.

 

وربَّما قال قائل: ولِماذا تمَّ الحِساب من العِشاء، ولم يكن من غروب الشَّمس؟

 

والجواب: أنَّ اﻷصل في الليل الشَّرعي أن يُحسَب من الغروب، ولكن جُعِل الحساب من العِشاء هنا؛ لأنَّه قد نُهي عن النَّوم قبل صلاة العشاء، فعن أبي برزَةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَستحبُّ أن يؤخِّر العشاءَ، وكان يَكره النومَ قبلها والحديثَ بعدها"[4]، ونحن نعلم أنَّ قيام ليالي رَمضان بعد صلاة العشاء.

 

وبيانه باﻵتي:

ففي الشِّتاء: إذا كان أذان العِشاء في الساعة السابعة والنصف مساءً، ويطلع الفجر في الساعة الخامسةِ والنِّصف، تكون مدَّة الليل "عشر ساعاتٍ".

 

1 - يبدأ نِصف الليل الأول - الذي يَنام فيه - بعد العشاء في الساعة السابعة والنصف، ويَنتهي في الساعة الثانية عشرة والنصف، فيكون مقداره "خمس ساعات".

 

2 - يَبدأ الثُّلُث الذي كان يقوم فيه في الساعة الثانية عشرة والنصف ليلًا، ويَنتهي في الساعة الثالثة وخمسين دقيقة، فيكون مقدارُه "ثلاث ساعات وعشرين دقيقة".

 

3 - يَبدأ السدس - الذي يَنام فيه - في الساعة الثالثة وخمسين دقيقة ليلًا، ويَنتهي عند أذان الفجر في الساعة الخامسة والنِّصف، فيكون مقداره "ساعة وأربعين دقيقة".

 

فإن لم يستطِع فعَليه بقيام الثُّلث اﻷخير من الليل، فإن لم يَستطع فعليه بقيام الثلث الأول من الليل، وهو سُنَّة المسلمين في قيام الليل في رمضان.

 

وهذا النَّوع من القيام من نِعَم الله على اﻹنسان، لا سيما في هذا العصر الذي اعتاد فيه النَّاس السَّهرَ الطَّويل، ولهذا أسباب؛ منها: ظهور الكهرباء، واﻵلات الحديثة؛ كالتلفاز، ووسائل الاتصال الحديثة.

 

وعلى المسلِم الغيورِ الحريص على دينه أن يَبدأ التغييرَ في حياته، والاستفادة من هذه الوسائلِ فيما يَنفعه عند الله سبحانه، وأن يسارِع إلى إحياء سنَّةِ القيام بين يدَي خالقه سبحانه، والتلذُّذ بمناجاته.

 

وبيان ذلك: أنَّ طول اللَّيل في عدد من الدول العربيَّة تِسعُ ساعات صيفًا، فلو أنَّه اشتغل بالعِبادة من بعد صلاة العشاء، في الساعة الثامنة والنصف ليلًا إلى السَّاعة العاشرة يكون قد قام ثلُثَ الليل.

 

ولو اشتغل بالعبادة، أو بما يَنفعه إلى الساعة الثانية عشرة والنصف ليلًا، ونوى بذلك قيامَ اللَّيل يكون قد قام نِصفَ الليل، وكثير من النَّاس لا يَنامون قبل هذا الوقت! هذا في فصل الصيف، واللَّيل قصير.

 

أمَّا في الشتاء فاللَّيلُ طويل، وقد جاء في الحديث: ((الشِّتاءُ رَبيعُ المُؤمن، قَصُر نهارُه فصام، وطال ليلُه فقام))[5].

 

فلو أنَّه اشتغل بالعبادة، أو بما يَنفعه من بعد صَلاة العشاء، من الساعة السابعة والنِّصف ليلًا إلى الساعة العاشرة والنِّصف يكون قد قام ثلُث الليل.

 

ولو اشتغَلَ بالعبادة، أو بما يَنفعه إلى الساعة الثانية عشرة والنصف ليلًا، ونوى بذلك قيامَ الليل يكون قد قام نِصفَ الليل.

 

المرتبة الرابعة: صلاة ركعتين من الليل؛ يدلُّ على ذلك ما حاء عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: ذُكرَت صلاةُ اللَّيل، فقال بعضُهم: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نِصفه، ثُلُثه، رُبعه، فُواق حَلْب ناقةٍ، فُواق حَلْب شاةٍ))[6].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن استيقَظ من اللَّيل وأيقظ أهلَه فصلَّيا ركعتين كُتِبا من الذَّاكرين الله كثيرًا والذَّاكرات))[7].

 

المرتبة الخامسة: أن يُحافظ على صلاتَي العِشاء والفجر في جماعة؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((مَن صلَّى العشاءَ في جماعة فكأنَّما قام نِصفَ الليل، ومَن صلَّى الصبحَ في جماعة فكأنما صلَّى اللَّيلَ كله))[8].

 

وأخيرًا:

1 - يَنبغي على المسلم أن يَحرِص على قيام الليل؛ لما له من فضائل عَظيمة، وهي مبيَّنة في كِتاب الله تعالى، وفي سنَّة النبيِّ عليه الصلاة والسلام.

 

2 - وأن يَحرِص على ساعة اﻹجابة؛ وهي وقت التنزُّل اﻹلهي في الثُّلُث اﻷخير منه، فقد جاء عن جابرٍ أنه قال: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ في اللَّيل لساعةً لا يوافِقُها رجُلٌ مسلمٌ يسألُ اللهَ خيرًا من أمر الدُّنيا والآخرة - إلَّا أعطاه إيَّاه، وذلك كلَّ ليلة))[9].

 

3 - وأن يَختار أفضلَ مراتِب القيام، فإنْ لم يَستطِع فلا بأس أن يَختار مِن هذه الصور ما يُناسب حالَه وظروفَه، وبالقَدْر الذي يغلب على ظنِّه أنَّه يداوم عليه؛ فإنَّ الناس تَختلف أحوالهم، ثم ليكن حِرصه اﻷكبر على صَلاة الفجر؛ فهي من أهمِّ الفرائض، وهي رأسُ مال المسلم.

 

4 - وأن يَحرص على حِفظ القرآن الكريم، أو سوَرٍ منه؛ ليقوم به بين يدَي مولاه سبحانه، فقد جاء عن عبدالله بنِ عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام بعشْر آياتٍ لم يُكتب من الغافلين، ومَن قام بمائة آيةٍ كُتب من القانتين، ومن قام بألف آيةٍ كُتِب من المُقنطرين)).

 

وفي رواية: ((والقِنطار مائةٌ وعشرون قيراطًا، والقيراطُ مثلُ أحد))[10].

وفي رواية: ((القِنطار اثنا عشر ألف أوقيَّة، والأُوقيَّة خيرٌ ممَّا بين السماء والأرض))[11].

 

5 - جاء عن التابعي الجليل الإمام أبي إسحاق السَّبيعيِّ الكوفي أنَّه ضَعُف قبلَ موته بسنتين، فما كان يَقدر أن يَقوم حتى يُقام، فإذا استتمَّ قائمًا، قرأ وهو قائمٌ ألفَ آية.

 

وكان يقول: يا مَعشَر الشباب، اغتنِموا - يعني: قوَّتَكم وشبابكم - قلَّما مرَّت بي ليلةٌ إلَّا وأنا أقرأ فيها ألفَ آية، وإنِّي لأقرأ البقرةَ في ركعة، وإنِّي لأصوم الأشهرَ الحُرُمَ، وثلاثةَ أيَّام من كلِّ شهر، والاثنين والخميس[12].

 

6 - ولكن كيف السَّبيل إلى قيام الليل؟

 

والجواب: أنَّ القيام يَسهل على المؤمن المتحقِّق في إيمانه، والاطِّلاع على ما ورد في فضله من ثوابٍ عظيم، ويَنفع في هذا الباب خوفٌ مزعِج، أو شوقٌ مقلِق، ورحم الله ذا النون المصريَّ، فإنه كان ينشد:

منَع القُرَانُ بوعدِه ووعيده
مُقلَ العيون بليلها أن تَهْجعا
فهِموا عن الملِكِ الجليل كلامَه
فرِقابُهم ذلَّت إليه تَخضُّعا

 

وأنشدوا أيضًا:

يا طويلَ الرُّقاد والغَفلاتِ
كثرةُ النُّوم تورِث الحَسراتِ
إنَّ في القبر إن نزلتَ إليهِ
لرُقادًا يطولُ بعد المماتِ
ومهادًا ممهَّدًا لك فيهِ
بذنوبٍ عملتَ أو حسَناتِ
أأمِنتَ البيات من ملَكِ الموْ
تِ وكم نال آمِنًا ببياتِ

 

وقال الإمام ابن المبارك:

إذا ما اللَّيلُ أظْلمَ كابَدوهُ
فيُسفِرُ عنهمُ وهمُ ركوعُ
أطار الخوفُ نومَهم فقاموا
وأهلُ الأمْنِ في الدنيا هُجوعُ

 

وجاء عن مالك بن دينار أنَّه قال: سهوتُ ليلةً عن وِردي ونمتُ، فإذا أنا في المنام بجاريةٍ كأحسن ما يكون، وفي يدها رُقعة، فقالت لي: أتُحسن تَقرأ؟ فقلتُ: نعم، فدفعَت إليَّ الرُّقعة، فإذا فيها:

أألْهَتْك اللَّذائذُ والأماني
عن البِيضِ الأوانِسِ في الجِنانِ
تَعيش مخلَّدًا لا موتَ فيها
وتَلْهو في الجِنان مع الحِسانِ
تَنبَّه من منامك إنَّ خيرًا
من النَّوم التَّهجُّدُ بالقُرَانِ[13]

 

ولكنَّ أشرف البواعِث على القيام هو حبُّ الله سبحانه، والتلذُّذ بمناجاته، وطولُ الوقوفِ بين يديه، والحبُّ يَمنع صاحبَه من النوم، وقد قال الشاعر:


نهاري نهارُ النَّاس حتى إذا بدا
ليَ الليل هزَّتني إليكَ المضاجِعُ
أُقضِّي نهاري بالحديثِ وبالمُنى
ويَجمعني والهمَّ باللَّيلِ جامِعُ
لقد ثبتَت في القلب منكَ محبَّةٌ
كما ثبتَت في الرَّاحتَين الأصابعُ

 

 

وهذه قصيدة في حبٍّ دنيويٍّ، لشاعِر عاشِق يصف حالَه في الليل، وكيف أنَّ همَّ الفراق أقَضَّ مضاجعَه، فمنعه من النوم!

 

فكيف إذا كان الحبُّ متوجهًا نحو بديع السَّموات واﻷرض، خالقِ الحياة واﻷحياء؟! لا شك أنَّه سيكون أشرفَ باعِث على القيام، وترك لذَّة المنام.

 

الرسم التوضيحي لقيام نبي الله داود عليه السلام



[1] أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758) عن أبي هريرة رضى الله عنه.

[2] كشف المشكل من حديث الصحيحين (ص 1224).

[3] أخرجه البخاري (1131)، ومسلم (1159) عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

[4] رواه أحمد (33 / 12) (19767) واللفظ له، والبخاري، (568)، ومسلم (237).

[5] أخرجه أحمد في مسنده (18/ 245) (11716) مختصرًا، والبيهقي في السنن (4 / 297)، واللفظ له، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 200): "رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناده حسن".

وقال الحافظ السَّخاوي في المقاصد الحسنة، ص (402): "أخرجه أبو يعلى والعسكري بتمامه، وأحمد وأبو نُعيم باختصار، كلهم من حديث دَرَّاج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، به، مرفوعًا.

ودَرَّاجٌ ممن ضعَّفه جماعة، وعُدَّ هذا الحديث فيما أُنكِر عليه، لكن قد وثَّقه ابن مَعين وابن حبَّان، وقال ابن شاهين في ثقاته: ما كان من حديثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، فليس به بأس، وعليه مشى شيخي في تقريبه حيث قال: إنه صدوق في حديثه عن أبي الهيثم، ضعيف؛ يعني: في غيره. وعكَس أبو داود فقال: أحاديثه مستقيمة، إلا ما كان عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، وعلى كل حال فلهذا الحديث شواهد..."، ثمَّ ذكرها.

[6] أخرجه أبو يعلى في مسنده، (2649) وقال المنذري في الترغيب: "رواه أبو يعلى، ورجاله محتجٌّ بهم في الصحيح، وهو بعض حديث.

((فُواق النَّاقة)) بضمِّ الفاء؛ وهو هنا قَدْر ما بين رَفْع يديك عن الضَّرع وقتَ الحلب وضمِّهما".

ويَشهد له حديثُ إياس بن معاوية المزنيِّ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا بد من صلاةٍ بليل ولو حلبَ شاة، وما كان بعد صلاة العِشاء فهو من الليل)).

قال المنذري في الترغيب: "رواه الطبراني، ورواته ثقات، إلا محمدَ بن إسحاق".

[7] أخرجه أبو داود (1451)، وابن ماجه (1335)، وابن حبان في صحيحه (2568)، وقال المنذري: "صحيح على شرط الشيخين".

[8] رواه مسلم في صحيحه (656) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

[9] رواه مسلم (757).

[10] أخرجه أبو داود، (1398) وابن خزيمة، (1144) وابن حبان، (2563) في صحيحيهما.

ومعنى ((القانتين))؛ أي: المطيعين، أو الخاشعين، أو المصلِّين، أو الداعين، أو العابدين، أو القائمين؛ كما شرح أبي داود للعيني (5/ 303).

[11] "شعب الإيمان"؛ للبيهقي (3/ 496).

[12] سير أعلام النبلاء (5/ 397).

[13] إحياء علوم الدين (2/ 560).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آداب قيام الليل
  • الوسائل المعينة على قيام الليل
  • من السنن الواردة في قيام الليل
  • قيام الليل: أهميته وآثاره وأفضل أوقاته
  • لذة قيام الليل

مختارات من الشبكة

  • مراتب الدين الثلاثة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراتب التفخيم في التلاوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل قيام الليل (قيام الليل يجعلك من الصالحين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقليد العالم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مراتب الجهاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراتب صيام عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراتب الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة قيام الليل(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
17- جزاكم الله خيرا
سلام - الأردن 05-05-2022 05:19 AM

بارك الله بكم ونفع بكم
مقال قيّم

16- من قام الليل نال عشرة ألقاب
د. عبد السميع اﻷنيس - اﻹمارات 19-04-2016 01:08 PM

من قام الليل ينال عشرة ألقاب وهي:
1- يحصل على لقب عباد الرحمن :
قال الله تعالى: ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً) ثم قال: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)

2- ولقب المتقين:
قال الله تعالى: ( إن المتقين في جنات وعيون) ثم قال: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)

3- ولقب القانت، وأولي الألباب، قال الله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)

4- المقام المميز للقائمين:
قال الله تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)

5- يمنح فرصة إجابة الدعاء كما منحها ربنا لزكريا:
قال الله تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ)


6- يعطى الحسنات التي تمحو سيئاته:
قال الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ)

7- ينال الرضى الذي وعد به الله عزوجل:
قال الله تعالى: (... وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ)


8- ينال عناية الله التي يوليها لمن يراه قائماً:
قال الله تعالى: (وتوكل على العريز الرحيم الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)

9- ينال ما أخفى الله للقائمين من قرة أعين، قال الله تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

10- ينال شرف اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من الصحابة، قال الله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ ...)

15- شكر واستفسار
ياسر إبراهيم نجار أبو سلمة - الكويت 09-03-2016 06:59 PM

جزاك الله خيرا اخي الأستاذ عبدالسميع
على هذا المقال الطيب،
ونسأل الله أن يجعلنا ممن يقومون من الليل،
وممن يستغفرون بالأسحار.

قولك بأن حساب النصف أو الثلث يبدأ من بعد العشاء، منطقي ومعقول،

فهل وقفتم على نقل في ذلك عن أحد من المتقدمين؟

بارك الله بكم

14- مراتب قيام اليل ،د.عبدسميع اﻷنيس
سعد ابراهيم - بنين 02-03-2016 09:21 PM

أشكر فضيلة الشيخ الدكتور عبد السميع اﻷنيس، وأسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يعينه، وأتمنى أن نستفيد منه أكثر، وأسأل الله أن يجمعنا به في جنات النعيم، وأن يجعله الله له في ميزانه حسناته، يوم لا ينفع مال ولا بنون إﻻ من أتى الله بقلب سليم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

13- دعاء
أم عزة - السودان 24-02-2016 04:39 PM

جزيتم خيرا

12- تعليق
د. سعد الكبيسي - العراق 18-02-2016 02:06 PM

مقالكم نموذج ناجح لكثير من المسائل المتناثرة في كتب اهل العلم سواء في التفسير أو الحديث أو الفقه والتي تحتاج إلى جمع المتناثر في المسألة الواحدة وإعادة ترتيبها وتقديمها بكل يسر وسهولة

11- دعاء
د. ياسر النعيمي - العراق 18-02-2016 02:04 PM

شيخنا د. عبدالسميع الأنيس جزاكم الله خيراً على مقالكم الماتع النافع عن قيام الليل ومراتبه.. جعله الله في ميزان حسناتكم وأعاننا على العمل به

10- أحسنت
yasen - تركيا 17-02-2016 01:41 PM

جزاك الله خيرا وبارك فيك

9- دعاء
فريد - الأردن 17-02-2016 11:59 AM
جزاكم الله خيرا .
8- دعاء
د. خير الله - العراق 17-02-2016 11:58 AM
شيخي أكرمكم الله وبارك فيكم وفي علمكم.
1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب