• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

ألبسة الرجال.. ضوابط ونماذج

ألبسة الرجال.. ضوابط ونماذج
عمر السنوي الخالدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2016 ميلادي - 28/4/1437 هجري

الزيارات: 19659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألبسة الرجال.. ضوابط ونماذج


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:

فمن المعلوم أن (الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما ورد الدليل على المنع منه)، وهذه قاعدة أساسية مقرَّرة في شريعتنا، وهي تعني عند الفقهاء والأصوليين: أن الإذن والسماح وعدم الحرج هو الحُكم الذي يجب استصحابُه في الأعيان والأفعال قبل ورود الشرع، أو بعد وُروده إن كان من قَبيل المسكوت عنه[1].


واللباس مِن هذه الأشياء التي يكون الأصلُ فيها الإباحةَ؛ لأنها من أمور العادات لا العبادات؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف: 32] [2]، فيُباح للإنسان أن يلبَس ما شاء من الثياب؛ لقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].


ولكن هذا الأصل قد تعتريه أحكامٌ، تؤخذ إما من عموم ضوابط الشريعة، أو مِن نصوصٍ خاصة دلت على إخراج الحُكم عن أصله؛ أي: تُحِيله من الإباحةِ إلى الوجوب أو الاستحباب، أو مِن الإباحة إلى التحريم أو الكراهة.


وتختلف هذه الأحكامُ مِن الذَّكَر إلى الأنثى، ومِن البالغ إلى الصبي، ومِن مكان إلى مكان، ومِن زمان إلى زمان، ومِن قوم إلى قوم.


والذي يَعنينا - هنا -: الأحكام التي تخص لباس الرجال - تحديدًا - والتي يمكن إجمالها في نقاطٍ جمعت ضوابط وشروط اللباس المباح للرجال، وهي على النحو التالي:

أولًا: الطهارة (النظافة)؛ دليل ذلك قول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]، والآية عامَّة في الصلاة وفي كل وقت وحال، وجاء في الحديث عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زائرًا في منزلنا، فرأى رجلًا عليه ثياب وسِخة، فقال: ((أما كان لهذا ما يغسِلُ به ثوبه؟!))[3].


ثانيًا: ستر العورة؛ دليل ذلك قول الله - عز وجل -: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءاتِكُمْ ﴾ [الأعراف: 26]، وقوله - تعالى - للمؤمنين: ﴿ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]، وجاء في الحديث الصحيح: قال رجل: يا نبي الله، عَوْراتنا، ما نأتي منها وما نذَر؟ قال: ((احفَظْ عورتك إلا مِن زوجتك، أو ما ملكت يمينُك((، قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: ((إن استطعتَ ألا يراها أحدٌ، فلا يراها))، قلت: يا رسول الله، فإذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: ((فالله أحقُّ أن يُستحيا منه مِن الناس)) [4].

 

وقد ثبَت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن ما تحت السُّرَّةِ إلى الرُّكبة عورةٌ)) [5]؛ فلا يجوز للرجل كشفُ ما بين سُرَّته وركبته - على الراجح مِن قول العلماء.


ويحسُنُ التنبيه إلى أن سترَ العورة ليس عكسه الكشف والتعرِّي المطلق فقط، بل إن مِن الإخلال بالستر أن تكونَ الثياب شفافةً، أو مما يلتصق على الجسم فيصِف العورة، وهذا أمرٌ يكثُر وجوده اليوم، سواءٌ فيما يسمى بـ: "البيجامة"، وملابس الرياضة، وبعض موديلات "البذلة"، أو ما يسمى بالـ: (قميص) = (الدشداشة) = (الثوب).


إذًا، فعلى الرجال الاحترازُ من بروز العورة بحسَب المستطاع.. ومثالًا على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تَسَرْوَلُوا وأْتَزِروا)) [6]، فإذا لبِس الرجل لباسًا شعَر أنه لا يَفِي بالغرض من ستر العورة، فليَلْبَسْ تحته أو فوقه ما يزيد في الستر، وقد رأيتُ بعض أهل اليمن يلبَسون الإزار تحت الثوب (الدشداشة).. وهذا فيه زيادة في الاحتراز من بروز العَوْرة، حتى وإن هبَّتِ الريح عليه في الطريق.


وأيضًا قد يعتمد ذلك في كثير من الأحيان على نوع القماش الذي خِيطَ منه الثوب؛ فليَخْتَرِ الرجلُ ما لا يلتصق بالجسم، ويحجِّم العورة.


وكذلك ربما يعتمد الأمر على نوعية الملابس الداخلية؛ فلا بد من الحرص على الاختيار المناسب.


ثالثًا: عدم التشبُّه بالجنس الآخر فيما هو مِن خصائصه التي اعتاد المجتمع عليها - وكلٌّ بحسَب مجتمعه مكانًا وزمانًا - أو إن كان مما نصَّت الشريعة عليه.


دليل ذلك حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهاتِ من النساء بالرجال"[7]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الرجلَ يلبَسُ لِبسةَ المرأةِ، والمرأة تلبَسُ لِبسةَ الرجل"[8].


ومن النماذج في هذا الشأن: أن رسولَ الله نهى الرجال عن لبس الحرير؛ فقد دلت النصوص الشرعية على حرمة الخالص منه، وإباحة لبس اليسير منه، واليسير المباح هو ما كان مفرَّقًا في غيره، تابعًا غير مستقل بنفسه، وذلك كالكمِّ والجيب ونحوهما؛ لِما ثبت عن معاوية - رضي الله عنه - أن رسول الله "نهى عن الحريرِ إلا مقطَّعًا"[9].


ومِن الأدلة على إباحة يسير الحرير للرجال: أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم جُبَّة مكفوفة الجيب والكمَّين والفرجين بـ: (الديباج) [10]؛ [أي: الحرير].


ومن الأدلة أيضًا: "نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير، إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع"[11].


وهذه الإباحة إباحةٌ مطلَقة غير مقيدة بحاجةٍ؛ كالمرض، أو مصلحةٍ؛ كالحرب، ولكن يشترط في كمية الحرير في الثوب الواحد ألا تزيد على ما نسج معه، كما دلت هذه الأحاديث، والله أعلم.


ومسألة الحرير قد تدخل في علة أخرى، وهي الإسراف والشُّهرة والخُيَلاء - كما سيأتي لاحقًا.


رابعًا: عدم التشبُّه بما (يختص به) أهل الكفر والفِسق؛ دليلُ ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: ((من تشبَّه بقومٍ فهو منهم))[12].


والتشبُّه: هو أن يأتي الإنسان بما هو مِن (خصائصهم)، بحيث (لا يشاركهم فيه أحد) [13]؛ كلباسٍ لا يلبَسُه إلا الكفار، أو علامة مِن علامات الفسَّاق؛ فهذا هو المنهيُّ عنه، أما إن كان اللباس شائعًا بين الكفار والمسلمين فلا يُعَدُّ تشبهًا.. والمرجع فيه إلى الأعراف والعادات والبيئة.


ويحسُنُ التنبيه هنا إلى ما يوضع في الثياب من رموز وتصاويرَ، وأسماءٍ وشعارات؛ فعلى المسلم أن ينتبه إليها، وأن يكونَ منها على وعيٍ وحذَر.


خامسًا: اجتناب لباس الشهرة والإسرافِ والتكبُّر والخيلاء؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لبِس ثوب شهرة، ألبَسه الله يوم القيامة ثوبَ مذلَّة)) [14]، وقال: ((إِزْرَةُ المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل مِن الكعبين فهو في النار، ومَن جر إزاره بطرًا لم ينظُرِ الله إليه)) [15]، وقال: ((إياك وإسبالَ الإزار؛ فإنها مِن المَخِيلة، وإن الله لا يحب المَخِيلة)) [16]، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن جرَّ ثوبه خُيلاء، لم ينظُرِ اللهُ إليه يوم القيامة))، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: إن أحدَ شِقَّيْ إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهدَ ذلك منه، فقال: ((إنك لستَ ممن يفعل ذلك خُيلاءَ)) [17]، قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (مفهومه أن الجرَّ لغير الخيلاء لا يلحَقُه الوعيدُ، إلا أنه مذمومٌ) [18].


ومع كل هذه الأحاديث وما فيها من وعيد، فإن العلماء اختلفوا في هذا الفعل (أعني: الشهرةَ والخيلاء والبطَر)؛ فمنهم مَن يقول بكراهة التنزيه، ومنهم من يقول بكراهة التحريم.


ومما يُنبَّه إليه في هذا المقام: أنه لا يلزم أن يكون ثوب الشهرة نفيسًا، بل قد تكون الشهرة برديءِ الثياب؛ قال ابن تيمية - رحمه الله -: (وتُكرَهُ الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمتخفض الخارج عن العادة؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين؛ المترفع والمتخفض)[19].


فلا تقتصر الشهرة والتكبر على الإطالة والإسراف، بل قد تكون في الثياب التي يبالغ أصحابها في التقصير، زاعمين أنهم على هَدْيِ الرسول الكريم؛ فاشتهروا بين الناس بتنطُّعهم، وبخروجهم عن المألوف، بل ربما يدعوهم فكرُهم هذا إلى ارتداء لباس قوم ليسوا من جِلدتهم، ولا من بيئتهم، ولا مِن عُرْفِهم!


وقد رأى أحمد بن حنبل - رحمه الله - رجلًا لابسًا بردًا مخططًا بياضًا وسوادًا، فقال: (ضَعْ هذا، والبَسْ لباسَ أهل بلدك)[20].


وعليه ينسحب حكم مسألة الخيلاء؛ فليست منحصرةً في جرِّ الثوب وإطالته، بل قد تكون بتقصيره ورفعه (حسب الموضة!)، والله المستعان!


كما تجدر الإشارة إلى أن لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان إلا من لباس عامة أهل زمانه وبلده، وما انتشر التفريق بين لباس المتصدِّرين للعلم الدِّيني وبين عامة المسلمين إلا في القرون المتأخرة! ويخشى أن يكون هذا من البِدَع التي سلكها الناس دونما شعورٍ بها، فساهمت في نشر الطبقية البَغيضة في المجتمعات.


والقضية الأخيرة التي دار حولها الجدل، هي قضية: هل القميص من العادات أم من العبادات، وبخاصة أنه قد ورد في الحديث: "كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص"؟

والمراد بالقميص - في رأي بعض المعاصرين -: ما يسمى اليوم في بعض البلدان: (ثوبًا)، وفي بلدان أخرى: (دشداشة).


والحق أنه من أمور العادات، كما سلَف في الكلام عن أصل حكم اللباس، وأما من يقول بغير ذلك فعليه الإتيان بالدليل؛ فإن العبادة تحتاج إلى دليل وتشريع، ولا أعلم دليلًا ينص على ذلك، بل يمكن القول بأن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يُعرَف على عهده القميص بهذا المعنى، وإنما هو لباس داخلي يغطِّي الجلد، وتغطيه ثيابٌ خارجية، ويستفاد هذا من قول الله - عز وجل - على لسان يوسف: ﴿ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا ﴾ [يوسف: 93]، ووجهُ الدلالة فيه أنه مما يلي الجِلد، وعليه رِيحُ يوسف - عليه الصلاة والسلام.


وجاء في "معجم المصطلحات الفقهية" في معنى (قميص): (هو اللباس الرقيق، يُرتَدَى تحت الثياب عادةً)، ومنه قولنا اليوم: قميص النوم، وكذلك تسميتنا للشيء الرقيق الذي يُلبَس تحت السترة (الجاكيت) بـ: القميص.


أما بالنسبة للحديث الذي أوردوه، فإنه في "الصحيحين" عن أنس بلفظ: (الحِبَرَة)، وليس (القميص)، ولفظ القميص ورد من حديث أم سلمة عند أصحاب السنن، وسكت عنه أبو داود، وقد قال في "رسالته لأهل مكة": (كل ما سكَتُّ عنه فهو صالحٌ)، وقال الترمذي: (حسن غريب، إنما نعرفه مِن حديث عبدالمؤمن بن خالد، تفرَّد به)، وأعلَّه البخاري[21]، وابن القطان[22].


والحِبَرة: هي بُرْد يماني مخطط، مصنوع من الكَتَّان أو القطن، كساءٌ يُلتحَف به[23]، واختلافه ظاهر عن (الدشداشة) في عصرنا.


وأما لفظ القميص في الحديث الآخر، فلو راجَعْنا المعاجم - وعلى رأسها في هذا المجال: "المعجم العربي لأسماء الملابس" - لوجدناها متفقةً على أن القميص في أصله هو لباس يُلبَسُ تحت الثياب، ويكون من قطن أو كَتَّان أو صوف.


وعليه، فهناك فرقٌ بين القميص والحِبَرَة؛ فالأخير مفتوح يُلتَحَف به، ويُلبَس فوق الثياب، والثاني مَخِيط رقيق يُلبَس تحت الثياب غالبًا، وكلاهما لا يشبه قميص اليوم! وحتى إن كان هو المعنيَّ بالحديث أو ما يقاربه في الشَّبَه، فلا أعلم أحدًا جعله من جملة العبادات؛ فأمور اللباس ترجع إلى العادات، مع التزام الضوابط سالفة الذكر.


أما ما ورد على لسان بعض أهل العلم من (استحباب القميص) [24]، فالذي يظهر أنه أراد حب رسول الله له، لا أنه مستحب لكونه عبادة يؤجر عليها صاحبها بمجرد فعلها! وإنما النية الحسنة هي التي تُحِيل العمل المباح إلى عمل مستحب يؤجَر فاعله؛ فــ: ((لكل امرئٍ ما نوى)) [25]، وكما جاء عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبَّعُ الدُّبَّاءَ مِن حول القصعة، فلم أزل أحبُّ الدُّباء مِن يومِئذٍ"[26]، فأحبَّها أنس لذلك، وكان يحرص عليها.

 

ومثل ذلك لبس الأخضر من الثياب؛ فقد ورد عن أنسٍ - أيضًا - قال: (كان أحب الألوان إلى رسول الله الخضرة)[27].

 

ومثل ذلك غطاء الرأس، ولبس النعل، وهي أمورٌ ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المواظبة عليها؛ فمَن نوى فيها التشبُّه برسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، فإن عمَله يدخُلُ في الاستحباب، والله أعلم.

 

إذًا، ليس لبس القميص - ولا غيره - عبادةً يؤجَر فاعلها؛ إنما الأجرُ يكون في النية بالتشبُّه بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبالنية الحسنة في قصد الزيادة في التستر، ونحو ذلك، وعليه تكون كلُّ الأفعال المباحة التي يقوم بها المسلم هي مِن قَبيل العبادات إذا نوى ذلك للخير، حتى اللَّعِب والجِماع وكسب المعاش والأكل والنوم، وكل شيءٍ مباح.


الملخَّص الفقهي في هذا الموضوع: أن لباس الرجال تعتريه الأحكام الخمسة:

الوجوب؛ فإن الواجب على الإنسان أن يستُرَ نفسه.


الاستحباب؛ فإن اللباس إذا نوى فيه لابسُه التشبُّهَ بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو نوى الوقاية من الحر أو البرد لأجل الإبقاء على صحته التي يقدِرُ بها على القيام بأمور العبادة، فهذا مما يؤجَر عليه.


الإباحة؛ فإنها الحُكم الأصلي في كافة أنواع الألبسة.


الكراهة؛ فإنها تكونُ فيما قصَّر فيه المرء عن كمال الضوابط المرعيَّة في لباسه؛ كلباس الشهرة - على خلافٍ في ذلك.


التحريم؛ فإنه يكون في ارتكاب ما نص الشرع على تحريمه ومنعه؛ كلبس الحرير الخالص، وغير ذلك مما فيه مخالفة للضوابط والنصوص.


هذا، وصلى الله على نبينا محمد، والحمد لله أولًا وآخرًا.



[1] ينظر: أحمد الضويحي: قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، جامعة الإمام، الرياض، ط1، 1428هـ، (ص28).

[2] ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء - الإدارة العامة للطبع، الرياض، (3/ 430، 24/ 38، 97).

[3] الوادعي: الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين، حديث رقم (226).

[4] رواه الترمذي وابن ماجه، وحسَّنه ابن باز "الفوائد العلمية من الدروس البازية: 6/ 104"، والألباني "صحيح الترمذي: 2764".

[5] رواه أحمد والدارقطني، وحسَّنه الألباني في "الإرواء" (271).

[6] رواه أحمد والطبراني في الكبير، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد: 5/ 134": (رجاله رجال الصحيح، خلا القاسم، وهو ثقة، وفيه كلامٌ لا يضر).

[7] أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم (5885).

[8] رواه أبو داود في "سننه"، حديث رقم (4098)، وسكت عنه، وقد قال في "رسالته لأهل مكة": (كل ما سكَتُّ عنه فهو صالح).

[9] رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني "صحيح النسائي: 5164".

[10] رواه مسلم في "صحيحه"، حديث رقم 10 - (2069).

[11] رواه مسلم في "صحيحه"، حديث رقم 15 - (2069).

[12] رواه أبو داود في "سننه"، حديث رقم (4031)، وسكت عنه، وقد قال في "رسالته لأهل مكة": (كل ما سكَتُّ عنه فهو صالح).

[13] ابن عثيمين: الشرح الممتع على زاد المستقنع، دار ابن الجوزي، السعودية، ط1، 1428هـ، (5/ 19).

[14] رواه أحمد في "مسنده 9/ 87"، وقال أحمد شاكر: (إسناده صحيح).

[15] الوادعي: الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين، حديث رقم (418).

[16] المرجع السابق، حديث رقم (202).

[17] رواه أحمد في "مسنده 9/ 72"، وقال أحمد شاكر: (إسناده صحيح).

[18] ذكره عنه ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 263)، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ.

[19] ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، 1416ه، (22/ 138).

[20] السفاريني: غذاء الألباب، تحقيق محمد الخالدي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1417هـ، (2/ 125).

[21] البخاري: العلل الكبير، رقم (290).

[22] ابن القطان: الوهم والإيهام، (2/ 451).

[23] يراجع: لسان العرب، والصحاح، والمصباح المنير - على سبيل المثال.

[24] كتبويب النووي في "رياض الصالحين": (باب استحباب القميص).

[25] متفق عليه.

[26] متفق عليه.

[27] رواه الطبراني والبزار وغيرهما، وحسَّنه الألباني في "صحيح الجامع" حديث رقم (4623).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من بعض الألبسة
  • لبس القصير للفتيات الصغيرات
  • ألبسة ممنوعة

مختارات من الشبكة

  • { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من شروط الحجاب : ألا يكون لباس شهرة وألا يشبه لباس الكافرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألبست حبك ذاتي (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المختصر المفيد في أحكام ألبسة وعباءات النساء(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • بحوث ومقالات في أحكام ومسائل اللباس(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • من شروط الحجاب الشرعي : ألا يكون مطيبا وألا يشبه لباس الرجال(مقالة - ملفات خاصة)
  • لباس الرجال شروط وآداب ( خطبة )(مقالة - ملفات خاصة)
  • لباس المسلم في بلاد الغرب(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • العزلة للحافظ أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب