• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

الرجوع إلى الكتاب والسنة طريق الخلاص

الرجوع إلى الكتاب والسنة طريق الخلاص
د. محمد عبدالمعطي محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2016 ميلادي - 26/4/1437 هجري

الزيارات: 21735

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرجوع إلى الكتاب والسنة طريق الخلاص


إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وبهذين الأصلين اهتدت الأمة قديمًا، وهما سبيل نجاتها في سائر الأزمان والأحوال، من تمسَّك بهما رشد واستقام، ومن ضل عنهما غوى وهوى.

 

ويزداد يقيني يومًا بعد يوم أنه لا خلاص لهذه الأمة من هذا الواقع الذي تعيشه، والبؤس الذي تحياه، لتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، إلا بأن تجعل القرآن الكريم سبيل نجاتها، وحبل خلاصها، وهاديها من حيرتها، ومنقذها من رقدتها، به تحيا، وفي ضوئه تسير، وعلى منهاجه تموت؛ ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7] [1].

 

الخلاص الوحيد هو في الرجوع إلى مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي مدرسة عقدية وتشريعية وتربوية على أعلى المستويات وأرقاها، ولذلك فلا عجب أن نرى أخلاق الجيل الأول هي أخلاق القرآن التي هي أخلاق إمامنا وإمام ذلك الجيل محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن، ولذلك قادوا الدنيا بأسرها، لا بسيوفهم ولا بأموالهم، ولكن بأخلاقهم المستمدة من دينهم، ومثلهم المأخوذة من كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وأمتنا اليوم أحوج ما تكون إلى منقذ لها مما هي فيه جائعة والزاد بين يديها، عطشى والماء فوق ظهورها محمول.

 

ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وما صلح أولها إلا بالكتاب والسنة؛ ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي)).

 

إذًا فهو الكتاب والسنة، وهو الانتماء لله سبحانه ورسوله عليه السلام، ولهما فقط، مع البراءة من كل منهجٍ يعتمد سواهما أصلاً، ويسير على غير هدي الأجيال الأولى التي بيَّنت عمليًّا منهج النبي في إقامة الدين على أرض الواقع.

 

إن إقامة دين الله تعالى الذي ارتضاه لنا في حياتنا وبعد مماتنا يحتاج منا إلى:

1- إيمان يقيني وصحيح بالله ورسوله، على أساس من العلم ولو كان مجملاً، ولكنه واضح بسيط على وَفق أصول الرسول وصحبه الكرام في فَهْم الدين نقيًّا كما أُنزل، وذلك قوله عز وجل: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19].

 

قال ابن جرير: أي: فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخلق عبادته، إلا الله الذي هو خالق الخلق، ومالك كل شيء، يدين له بالربوبية كل ما دونه.

 

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]؛ أي: إذا علمتَ أنَّ مدارَ السعادةِ هو التوحيدُ والطاعةُ ومناطَ الشقاوةِ هو الإشراكُ والعصيانُ، فاثبت على ما أنت عليه من العلمِ بالوحدانيةِ والعملِ بموجبِه ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، وهو الذي رُبَّما يصدرُ عنه عليه الصلاة والسلام من تركِ الأَوْلى، عبر عنه بالذنبِ نظرًا إلى منصبِه الجليلِ كيفَ لا وحسناتُ الأبرارِ سيئاتُ المقربينَ وإرشادٌ له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى التواضعِ وهضمِ النفسِ واستقصارِ العملِ، ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]؛ أي: لذنوبِهم بالدعاءِ لهم، وترغيبِهم فيما يستدعي غفرانَهم [2].

 

قال الزجاج: هذه الفاء جواب الجزاء، ومعناه: قد بيَّنا ما يدل على توحيد الله، فاعلم أنه لا إله إلا الله، والنبي صلى الله عليه وسلم قد علِم أن الله تعالى واحد، إنما خاطبه والمراد به أُمته، وقال: هذا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ومعناه: فاثبت على إظهار قول: لا إله إلا الله، يعني: ادع الناس إلى ذلك [3].

 

لما ذكر سبحانه حال المؤمنين وحال الكافرين، قال: إذا علمت أن الأمر كما ذكر من سعادة هؤلاء وشقاوة هؤلاء، فاثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله، وعلى التواضع وهضم النفس باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك، والله يعلم أحوالكم وتصرفاتكم ومتقلبكم في معايشكم ومتاجركم، ويعلم حيث تستقرون في منازلكم أو متقلبكم في حياتكم ومثواكم في القبور، أو متقلبكم في أعمالكم ومثواكم من الجنة والنار، ومثله حقيقٌ بأن يُخشى ويُتقى، وأن يُستغفر ويُسترحم، وعن سفيان بن عيينة أنه سئل عن فضل العلم، فقال: ألم تسمع قوله حين بدأ بالعلم، فقال: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، فأمر بالعمل بعد العلم، وكذلك قال: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [الحديد: 20] إلى قوله سبحانه: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الحديد: 21]، وكذلك قال: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [الأنفال: 28]، ثم قال سبحانه بعد: ﴿ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14] يبدأ بالعلم ثم يأمر بالعمل بعد [4].

 

قال السعدي في تفسيره: العلم لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته، بمعنى ما طلب منه علمه وتمامه أن يعمل بمقتضاه.

 

وهذا العلم الذي أمر الله به - وهو العلم بتوحيد الله - فرض عين على كل إنسان، لا يسقط عن أحد كائنًا من كان، بل كل مضطر إلى ذلك، والطريق إلى العلم بأنه لا إله إلا هو أمور، أحدها بل أعظمها: تدبر أسمائه وصفاته، وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلالته، فإنها توجب بذل الجهد في التأله له، والتعبد للرب الكامل الذي له كل حمد ومجد وجلال وجمال.

 

الثاني: العلم بأنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير، فيعلم بذلك أنه المنفرد بالألوهية.

 

الثالث: العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به ومحبته، والتأله له وحده لا شريك له.

 

الرابع: ما نراه ونسمعه من الثواب لأوليائه القائمين بتوحيده من النصر والنعم العاجلة، ومن عقوبته لأعدائه المشركين به، فإن هذا داع إلى العلم بأنه تعالى وحده المستحق للعبادة كلها.

 

الخامس: معرفة أوصاف الأوثان والأنداد التي عبدت مع الله، واتخذت آلهة، وأنها ناقصة من جميع الوجوه، فقيرة بالذات، لا تملك لنفسها ولا لعابديها نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولا ينصرون من عبدهم، ولا ينفعونهم بمثقال ذرة، من جلب خير أو دفع شر، فإن العلم بذلك يوجب العلم بأنه لا إله إلا هو وبطلان إلهية ما سواه.

 

السادس: اتفاق كتب الله على ذلك، وتواطؤها عليه.

 

السابع: أن خواص الخلق الذين هم أكمل الخليقة أخلاقًا وعقولاً ورأيًا وصوابًا وعلمًا - وهم الرسل والأنبياء والعلماء الربانيون - قد شهدوا لله بذلك.

 

الثامن: ما أقامه الله من الأدلة الأفقية والنفسية التي تدل على التوحيد أعظم دلالة، وتنادي عليه بلسان حالها بما أودعها من لطائف صنعته، وبديع حكمته، وغرائب خلقه.

 

فهذه الطرق التي أكثر الله من دعوة الخلق بها إلى أنه لا إله إلا الله، وأبداها في كتابه، وأعادها عند تأمُّل العبد في بعضها، لا بد أن يكون عنده يقين وعلم بذلك، فكيف إذا اجتمعت وتواطأت واتفقت، وقامت أدلة التوحيد من كل جانب؟! فهناك يرسخ الإيمان والعلم بذلك في قلب العبد، بحيث يكون كالجبال الرواسي، لا تزلزله الشبه والخيالات، ولا يزداد - على تكرُّر الباطل والشُّبَه - إلا نموًّا وكمالاً.

 

هذا، وإن نظرت إلى الدليل العظيم، والأمر الكبير - وهو تدبر هذا القرآن العظيم، والتأمل في آياته - فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد، ويحصل به من تفاصيله وجُمَله ما لا يحصل في غيره [5].

 

2- واعتزاز أَبِي بمنهج الله تعالى في إصلاح الحياة، كما بلغَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا تزيُّد ولا تدخل هوائي من عقول قاصرةٍ تدعي أنها تجدد الدين لمواجهة الحياة، ولا يدركون أن الحياة نفسها هي والأحياء جميعًا من خلق الله الذي وضع لها ما يصلحها.

 

3- التربية الصادقة في ظل هذا المنهج والتواصي الجميل والحكيم والمثابر به، وحمله بأمانة للمجتمع في محاولة دؤوب لنشر الإيمان بمنهج الرسول بين جنبات الدنيا كلها، وإقامة حياة السماء على وجه الأرض.

 

4- الصبر البطل على المعاناة والحروب المستمرة لحملة المنهج الحق؛ إذ إن الباطل في حرب مستمرة مع الحق وحملته إلى يوم الدين، ولا تقوم دولة التمكين إلا على ساق الابتلاء وعمود الصبر.

 

إن الخلاص في الرجوع إلى مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم الإيمانية، هذه المدرسة التي صنعت الرجال والأبطال! وإذا كان الحاقدون على الإسلام والذين تواترت آراؤهم واعتقاداتهم في اعتباره - أي الإسلام - الخطر الأعظم على حضارتهم (اللاأخلاقية)؛ إذا كانوا أرادوا فرض رموزهم المزيفة، وأبطالهم الوهمية على عقولنا بكل وسيلةٍ فكريةٍ أو إعلاميةٍ أو أدبية، وقد ساعدهم في ذلك إما جهل مُخز بروائع تاريخنا، ورجال نهضتنا، وأبطال حضارتنا، أو بتجهيلٍ متعمَّدٍ ممن يخشى عودة الإسلام، ذلك الذي يخشى عودة الإسلام؛ إما لأنه يهدم أركان دولة الظلمة من الحكام الفسدة وأشباههم، وإما لأنه يفضح الكفرة والحقدة من منافقي الأمة وطابورها الخامس.

 

لقد ألقى هؤلاء بجراثيمهم في جسد الأمة الهزيل، وقد ضعفت المناعة لبُعد عهدنا بالإسلام الحق، واجتمع على هذا الضعف وجود بيئة النفاق والتلفيق والتشكيك والتزوير، وهي بيئةٌ عفنة نمت فيها أمراضٌ كثيرةٌ، ودمرت في أنسجة الحضارة الإسلامية الكثير.

 

والآن صار الحل الأمثل - وإن كان الأصعب - هو إعادة بناء المناعة الإيمانية، وكذا إنشاء جيلٍ جديدٍ من الرجال يتم تربيتهم في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم الخاصة للرجولة، ثم انتقاء نجباء هذه المدرسة لإعدادات البطولة التي تجعل من الأمة جسدًا قويًّا يقاوم أي مرض، بل ويصف الدواء لأدواء العالم أجمع.

 

قال أبو داود رحمه الله تعالى في سننه بسند صحيح بطرقه: (باب في تداعي الأمم على الإسلام)، عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلةٍ نحن يومئذ؟! قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)).

 

باب تداعي الأمم على الإسلام، يعني: على أهل الإسلام، والمقصود من ذلك أن الكفار يتداعون على المسلمين، ويكون لهم القوة والغلبة، ويكون المسلمون معهم كالطعام الذي يتداعى عليه الأكلة من كل جانب.

 

قال الطيبي: وَالْمَعْنَى: كَمَا يَدْعُو أَكَلَةُ الطَّعَامِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، (إِلَى قَصْعَتِهَا) أَيِ: الَّتِي يَتَنَاوَلُونَ مِنْهَا بِلَا مَانِعٍ وَلَا مُنَازِعٍ، فَيَأْكُلُونَهَا عَفْوًا صَفْوًا، كَذَلِكَ يَأْخُذُونَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ بِلَا تَعَبٍ يَنَالُهُمْ، أَوْ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُمْ، أَوْ بَأْسٍ يَمْنَعُهُمْ، ( كَغُثَاءِ السَّيْلِ): هو مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ زَبَدٍ وَوَسَخٍ، شَبَّهَهُمْ بِهِ لِقِلَّةِ شَجَاعَتِهِمْ، وَدَنَاءَةِ قَدْرِهِمْ، وَخِفَّةِ أَحْلَامِهِمْ، وَخُلَاصَتُهُ: وَلَكِنَّكُمْ تَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ، ضَعِيفِي الْحَالِ، خَفِيفِي الْبَالِ، مُشَتَّتِي الْآمَالِ.

 

قوله: (قال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟)؛ يعني: هل يتداعون علينا لقلتنا؟ (قال لا، أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل)؛ يعني: هذه الكثرة لا قيمة لها، والسبب في ذلك هو عدم القيام بما أوجب الله عز وجل على المسلمين من إظهار الدين، فتتغلب عليهم الأعداء، ويصيب المسلمين من أعدائهم الذلُّ بعد أن كان الكفار يهابون المسلمين، وهذا الحديث منطبق تمامًا على هذا الزمان، والمسلمون اليوم عددهم كثير جدًّا، ولكنهم مشتغلون بالدنيا، وحريصون على الدنيا، وخائفون من الموت، فصاروا يخافون من أعدائهم، وأعداؤهم لا يخافون منهم.

 

إن الطبيب الحاذق يعالج الداء بدءًا من أسبابه ودواعيه قبل أن ينظر في أعراضه ونواحيه، ومحمد صلى الله عليه وسلم طبيب رباني يصف الداء ويشخصه ويحدد أسبابه والعوامل المساعدة عليه، ثم يرسم الطريق محددًا للخروج من سكرات الضعف، ويصف الدواء على أفضل ما يكون.

 

روى الطبراني في الكبير بسند حسن عن ابن عباس رضى الله عنه [6]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت - (وفي رواية: والأوجاع التي لم تكن في الذين من قبلهم) - ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأُخِذوا بالسنين، ولا مُنِعوا الزكاة إلا حُبِس عنهم القطر)).

 

وقد صدق واللهِ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحدث في أُمتنا ما كان يحذر، والحديث الشريف لا يفتقر إلى مزيد تعليق، فتنبَّه.



[1] سورة الحجرات دراسة تحليلية وموضوعية.

[2] تفسير أبي السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (8/ 9).

[3] تفسير السمرقندي: بحر العلوم (3/ 302).

[4] تفسير الزمخشري: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (4/ 324).

[5] تفسير السعدي: تيسير الكريم الرحمن (ص: 787).

[6] وهو في صحيح الجامع للألباني( 3240)، وكذا صحيح الترغيب (763)، وقد ذكر صاحب (البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف 2/38) في الحديث قصة يذكر فيها لفظه بتمامه فقال:

سَببه كَمَا فِي الْجَامِع الْكَبِير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ كنت جَالِسًا مَعَ ابْن عمر، فَأَتَاهُ رجل من أهل الْعرَاق فَسَأَلَهُ عَن إرْسَال الْعِمَامَة خَلفه، فَقَالَ لَهُ ابْن عمر: سأنبئك عَنهُ بِعلم إِن شَاءَ الله تَعَالَى: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاشر عشرَة رَهْط فِي مَسْجده، فيهم أَبُو بكر الصّديق وَعمر بن الْخطاب، وَعلي وَعُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَابْن جبل وَابْن مَسْعُود، وَأَبُو مَسْعُود وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم، فَجَاءَهُ رجل من الْأَنْصَار، فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، أَي الْمُؤمنِينَ أفضل؟ قَالَ: ((أحْسنهم خلقًا، قَالَ: فَأَي الْمُؤمنِينَ أَكيس؟ قَالَ: أَكْثَرهم للْمَوْت ذكرًا وَأَحْسَنهمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ هم الأكياس، ثمَّ أمسك الْفَتى، وَأَقْبل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا معشر الْمُهَاجِرين خِصَال خمس، وَأَعُوذ بِاللَّه أَن تدركوهن: لَا تظهر الْفَاحِشَة فِي قوم قطّ حَتَّى يعلنوا بهَا، إِلَّا فَشَا فيهم الطَّاعُون والأوجاع الَّتِي لم تكن مَضَت فِي أسلافهم الَّذين مضوا، وَلَا ينقصوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشدَّة المؤونة، وجور السُّلْطَان عَلَيْهِم، وَلم يمنعوا زَكَاة أَمْوَالهم إِلَّا منعُوا الْقطر من السَّمَاء وَلَوْلَا الْبَهَائِم لم يمطروا، وَلم ينقضوا عهد الله وعهد رَسُوله إِلَّا سلط الله عَلَيْهِم عدوهم من غَيرهم، فَأخذُوا بعض مَا كَانَ فِي أَيْديهم، وَلم تحكم أئمتهم بِغَيْر كتاب الله وَبَحَثُوا فِيمَا أنزل الله، إِلَّا جعل الله بأسهم بَينهم))، ثمَّ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن عَوْف أَن يتجهز لسرية يبعثها؛ فَأصْبح وَقد اعتم بعمامة من كرابيس سَوْدَاء، فأدناه إِلَيْهِ ثمَّ نقضهَا، فعممه بِيَدِهِ وَأرْسل الْعِمَامَة خَلفه أَربع أَصَابِع أَو نَحْو ذَلِك، فَقَالَ: هَكَذَا يَا ابْن عَوْف فاعتم، فَإِنَّهُ أعرف وَأحسن؛ ا. هـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العودة إلى الله طريق الخلاص

مختارات من الشبكة

  • الرجوع إلى منى للمبيت، ورمي الجمار(مقالة - ملفات خاصة)
  • من أسباب رفع البلاء: الرجوع واللجوء إلى الله تبارك وتعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نية الرجوع في أداء الضامن الدين عن المضمون عنه (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • أهمية الرجوع إلى الأصول القديمة في كل علم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرجوع إلى الحق فضيلة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من الفوائد الحديثية (3): الرجوع في الهبة أو الصدقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الرجوع من السفر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الرجوع في العقود المالية في الفقه الإسلامي (دراسة فقهية مقارنة)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: الرجوع إلى الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أهمية الرجوع لأهل العلم المعتبرين في معرفة المسائل الشرعية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب