• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

الفرقان بين الكرامات والخرافات

الشيخ محمد الطيب الأنصاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2016 ميلادي - 16/4/1437 هجري

الزيارات: 15007

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفرقان بين الكرامات والخرافات


قد تكرر السؤال من العامة وأشباههم عن كرامات الأولياء: هل هي للأحياء خاصة، أو للأموات خاصة؟ وهو الذي يميل إليه السائلون، أو هي لهم جميعًا؟ فأجيب مستعينًا بالله:

فأقول: أما مسألة الكرامات فالكلام عليها من ثلاث مقامات:

الأول في تعريف الكرامة، والثاني في تعريف الأولياء، والثالث في تعريف من يكرم الله منهم بالكرامات.

 

أما الكرامة فنعرفها تعريفًا بسيطًا، فهي إكرام الله تعالى من شاء من عباده بما يحتاج إليه من إجابة دعوته أو شفاء علته، أو سقيه بإنزال المطر في غير أوانه، أو إحضار طعام في غير وقته، أو شرب سم ولا يضره، أو غير ذلك مما له أنموذج فيمن سلف للصحابة والتابعين وصالحي هذه الأمة من الأئمة المهتدين، ومن نهج منهاجهم من الخلف، ولا يزال موجودًا في الأمة ما بقيت الطائفة المنصورة الظاهرة بالحق حتى يأتي وعد الله، كما هو نص الكتاب والسنة، وتواتر عن السلف والخلف، فمن أنكر وجودها فهو عن الحق مائل ورأيه فائل، ومن أهل السنة والجماعة مارق، وأما إثبات شيء من هذه الأمور لمعين، فإنه لا يجب إلا من نص القرآن عليه، كمريم بنت عمران، وأصحاب الكهف وأصحاب موسى، أو نص الرسول عليه؛ كالثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا الله ففرج عليهم، وكعمر بن الخطاب وعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، وغيرهم من الصحابة؛ كصاحب السكينة التي نزلت بقراءته سورة الكهف، وهذا كثير في الصحابة والتابعين فمن بعدهم.

 

وأما من رأى في كتاب أن فلانًا أكرمه الله بكذا وكذا، أو أخبره شخص أن فلانًا وقع له من الكرامات كذا، فلا يجب عليه اعتقاده كرامة، وغايته أنه محتمل إن كان من نسبت إليه معروفًا أنه من المتمسكين بالكتاب والسنة الصحيحة، وأنه من أهل التقوى؛ إذ ربما حصل شيء من الخوارق لشخص ليس من الأتقياء؛ امتحانًا من الله وابتلاءً وفتنة، ولم يذكر أحد من العلماء المتقدمين ولا من المتأخرين - لا من الأئمة ولا أتباعهم - أن الله تعالى يكرم عبدًا بأنه يلقي إليه مقاليد السموات والأرض، يتصرف فيهما كيف يشاء؛ يحيي ويميت، ويسعد ويشقي، ويغني ويفقر، ويهدي ويضل بإذن الله أو بغير إذن الله، ويعلم الغيب ويسمع من بعد من دعاه.

 

وكيف يطمع في ذلك بعد قوله تعالى لأفضل البشر وأقربهم إليه: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]، بعد دعائه إياه بهلاك رعل وذكوان وعصية الذين قتلوا القراء من أصحابه صلى الله عليه وسلم، والقصة مشهورة في السِّيَر، فهداهم الله بفضله، وجعلهم من أجل أصحاب رسوله، وروى ابن جرير في تفسيره بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن لم يَحمد الله على ما عمل من عمل صالح، وحمد نفسه، قل شكره، وحبط عمله))، ومن زعم أن الله جعل للعباد من الأمر شيء، فقد كفر بما أنزل الله على أنبيائه؛ لقوله: ﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، يعني أن الأمر له وحده كما أن الخلق له وحده.

 

وأما المقام الثاني وهو تعريف الأولياء، فقد كفانا القرآن مؤنته، وكفى به تبيانًا لكل شيء، وكفى بالله عليمًا، ولا يُنبئك مثل خبير، فقد عرفهم العليم الخبير بأنهم: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 63]؛ أي: أخلصوا إيمانهم ولم يخلطوه بشيء من الشرك العملي ولا الاعتقادي، وأدوا فرائض الله، واجتنبوا محارمه، ووقفوا عند حدوده في ظاهرهم وباطنهم، وقد ذكر صفاتهم في غير سورة من كتابه، ففي سورة البقرة:﴿ ِوَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وفي سورة التوبة: ﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [التوبة: 112]، إلى قوله تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 112]، وفي سورة الفرقان: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [الفرقان: 63-65]، إلى قوله تعالى: ﴿ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 76]، وفي سورة المؤمنون: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون: 1-6]، إلى قوله تعالى: ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 11]، وفي سورة الأحزاب: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]، إلى قوله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]، وفي المعارج: ﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾ [المعارج: 22-28]، إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 35]، إلى غير ذلك مما ذكر في كتابه من صفات أوليائه وأحوال أصفيائه المؤمنين وعباده المتقين الذين اصطفاهم لخدمته، وجعلهم من أهل خصوصيته ومحبته، فمن جمع هذه الصفات العلية والأخلاق والأحوال الزكية أو أكثرها - حكمنا له ظاهرًا أنه من الصالحين، ورجونا أنه من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ولا نزكي على الله أحدًا، فإن الأعمال بخواتيمها، فإن ظهر شيء من الخوارق مما ذكرنا على يد من هذا وصفه، قبلناه وأعددناه كرامة، على أنه لا يوجب له ذلك عندنا إطراء ولا علوًّا، ولا أنه أفضل من غيره ممن على صفته، ولم يظهر على يده شيء من ذلك، إذ الكرامة الحقيقية هي الاستقامة على موجب كتاب الله وسنة رسوله؛ إذ هي التي لا يمكن استدراج فيها ولا تلبيس، فمن اتصف بها فقد نال أصفى الكرامات.

 

وأما إذا ظهر الخارق على يد من لم يعلم بمعرفة الكتاب والسنة ولم يعرف باتباعهما، بل ظاهر أحواله ارتكاب البدع واتباع الشهوات، والانهماك في اللذات، والاجتهاد في جمع الأموال بالاستيلاء على قلوب العوام بأنواع الاحتيال، وتلبيس الحق بالباطل، وإيهام نيل المقامات العاليات بإظهار أنواع من السحريات والشعوذات، وجمع الطغام والدهماء من العوام على حلقات اللهو واللعب والأغاني والمزامير، مما يزعمون أنه حلقات ذكر وليس منها في شيء، اللهم إلا التصايح بأسماء الله محرفة ملحنة، والإتيان بأعمال من التخنث والاستهزاء بذكر الله؛ مما يؤدي إلى الكفر برب السموات، والرقص والتصفيق، وأنواع الخرافات المنافيات لما بيَّنته الأحاديث والآيات - فلا تعتبره كرامة، بل استدراج من الرحمن، ولا تعتبر صاحبها إلا أنه ولي الشيطان يغوي به عُمي البصائر الذين يتبعون كل ناعق، ولا يميزون بين الصالح والفاسق: ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [النحل: 25].

 

وأما المقام الثالث وهو من تكون له هذه الكرامات المذكورة من الأولياء، فنقول: يكون ما ذكرناه من الكرامات للأولياء الأحياء الذي تسنح لهم الحاجات الدنيوية على اختلاف الأحوال ما داموا في دار التكليف والأعمال، فهم لذلك بين داع بلسان القال، أو مستشف بمقتضى الحال، أو شنع لغيره بدعائه بماله من حسن الأفعال على ذي الجلال إلى غير ذلك من سوانح عوارض الأحوال التي لا تدخل تحت حصر الأقوال، ما داموا في هذه الدار.

 

وأما من صار إلى رحمة ربه، وانتقل فقد انقطع به العمل، ولا يعلق في نفسه الأمل إلا من كان في عقله دخل وخلل، فإن من لا يقدر على نفع نفسه كيف ينفع غيره؟ ممن لا يدفع عن نفسه كيف يدفعه عن غيره؟

((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث – الحديث))، فلم تكن لصالحي الأموات كرامات يعودون بها على الأحياء بنفع أو دفع ضر؛ لما صح من انقطاع عمل الميت، وإذا صح انقطاع عمله لم يبق ما يتعلق به من تعلق بطلب النفع فيهم؛ لأن غير الله تعالى لا يمكن أن ينفع أحدًا إلا بعمل: إما بلسانه أو بجوارحه، أو بشفاعته بالدعاء التي هي طلب حاجة غيره، فيشفعه بعد ما كان منفردًا في طلب حاجته، فلا تخرج مصادر نفع المخلوق لغيره عن هذه الأمور الثلاثة، فكلها منتفية عن الأموات؛ لأنها جميعها أعمال، وقد ثبت انقطاعها، اللهم إلا أن يعتقد الجاهل أن للميت قدرة تبرز الأشياء من العدم، وإرادة تخصصها بمميزاتها بين أجناسها مع كونه ميتًا، فيكون شريكًا لله تعالى في صفته استقلالًا، أو وكلةً على التصرف في خلقه بالإيجاد والإعدام والإعطاء والمنع، والإعزاز والإذلال، والإغناء والإفقار، والهداية والإضلال، وغير ذلك من المعاني التي اختص الله بها جل جلاله، ولم يجعلها لملك مقرب ولا لنبي مرسل، فقال لأفضل رسله: ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [الأنعام: 107]، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴾ [الاسراء: 54]، وقال: ﴿ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 109]، فلا يخلوا طلب النفع من صالح الأموات من اعتقاد الأمرين أو أحدهما. والأقرب في حق أكثر الغلاة في صالح الأموات الثاني، إذ كثيرًا ما يفهمون أن الأولياء يتصرفون بإذن ربهم، وكلاهما محال وشرك وكفر وضلال؛ فإن الله سبحانه لم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وكيل في ملكه، ونهى عن اتخاذ ﴿ الوكيل والأولياء دونه، فقال: أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ﴾ [الاسراء: 2-3]، وقال: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ ﴾ [الشورى: 9]، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [الشورى: 6]، وقال: ﴿ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا ﴾ [الرعد: 16]، فمن زعم أن الله تعالى اتخذ وكلاء ونوابًا وعبيدًا مأذونين في التصرف في ملكه كيف شاؤوا، فقد أعظم على الله الفرية، وكفر بما جاءت به الأنبياء كما تقدم بلا مرية، وإنما الوكلاء لمن يزاول الأعمال بجوارحه، ويدبر الأمور بإتعاب فكرته، فيستعين بالوكيل فيما يعانيه؛ ليخفف عنه من ثقل ما يعانيه، فالله سبحانه: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، فإن كان الغلاة في صالحي الأموات يعتقدون أن الله يوكل الأحياء على خلقه يتصرفون فيه كيف شاؤوا، فلا شك قد وقعوا في ورطة تعجيز الله وتكذيبه، وإن لم يعتقدوه في الأحياء، فكيف يعتقدون ذلك في الأموات الذين انقطعت أعمالهم، المتندمين على ما فرط من أعمارهم ولو لحظة من غير عمل صالح؟! كما ورد: ((ما من أحد يموت إلا تندم، فإن كان صالحًا ندم أنه لم يستغرق جميع لحظات عمره في طاعة الله، وإن كان فاسقًا ندم على ما أضاع من عمره في معصية الله))، بل الأموات هم الفقراء إلى الأحياء وإن عكس الغلاة من الجهلاء، فإن الميت في قبره شبه الغريق المغوث ينتظره دعوة تلحقه من أب أو أم، أو ولد أو صديق تنقذه، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها.

 

فإذا تقرر وثبت واتضح بطلان رجاء النفع من الأموات والعود منهم على الأحياء بكرامات ينتفعون بها، وأنه لا يرجوها منهم إلا من اتخذ لله شريكًا جهلًا منه بحقيقة التوحيد، وأنهم ليست لهم كرامة تعود إلى أهل الدنيا، وأن تلك إنما تكون للأحياء - فليعلم أن الله وعد عباده الصالحين عند موتهم ولقاء ربهم من الكرامات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فأول كراماتهم عند خروج أرواحهم الطيبة من أجسادهم الزكية: بشارة الملائكة إياهم ألا تخافوا مما استقبلتموه من أمور الآخرة، ولا تحزنوا عما استدبرتموه، فيعاينوا من إكرام الله لهم ما يؤمن روعهم وينسيهم ما خلفوا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾[فصلت: 30-31]، فإذا كان هذا نزلهم، فما ظنك بضيافتهم عند استقرارهم في غرف جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب التي غرسها لهم بيده؟! ووراء ذلك ما هو أعظم وأكبر ألا وهو النظر إلى وجهه الكريم: ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾ [لنجم: 42].

 

ومن كراماتهم نداء الله إياهم: ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 68-71]، فكما يبشرون عند خروج أرواحهم كذلك يكرمون في قبورهم بما نعلم وبما لا نعلم، فيوسع لأحدهم في قبره مد البصر ويملأ نورًا، ومنهم من ينام نومة العروس، ومنهم من يمثل له عمله رجلًا جميلًا طيب الراحة يؤنسه إلى يوم القيامة في كرامات يكرمهم الله بها في البرزخ، لا تدخل تحت حصر ولا يعلمها غيره إلا من أطلعه عليها من أنبيائه.

 

والحاصل: أن صالحي الأموات لهم كرامات كثيرة دائمة لا تنقطع عنهم هي نتائج أعمالهم، يتلقونها أول ما يلقون ربهم، فلا تزال في ازدياد إلى استقراره في الجنة إلى أبد الآباد إلى ما لا نهاية له، ولا يتجدد لهم عمل أو دعوة ينفعون بها أهل الدنيا بجلب نفع أو دفع ضر، فليعلم، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

 

مجلة الهدي النبوي - المجلد الخامس - العدد 2-3 أول صفر 1360هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحرير العقل من الخرافات
  • العقل ودوره في نبذ الخرافات
  • كيف تتعامل مع الرسائل التي يلزمك صاحبها بنشرها؟!
  • الكرامات عند أهل السنة
  • التحذير من نشرات الخرافات
  • لمحة حول الكرامات

مختارات من الشبكة

  • من الكتب المؤلفة في سورة الفرقان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفرقان بين الحق والبطلان لابن تيمية تحقيق حمد العصلاني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المناسبة بين اسم سورة الفرقان ومحورها(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • المناسبات بين افتتاحية سورة الفرقان وخاتمتها(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الفرقان في بيان حقيقة التقارب والتعايش بين الفرق والأديان (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الفرقان في بيان حقيقة التقارب والتعايش بين الفرق والأديان (WORD)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الفرقان بين السنة والأهواء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تحقيق كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب