• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

اتبعوا رسول الله يحببكم الله

اتبعوا رسول الله يحببكم الله
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/12/2015 ميلادي - 7/3/1437 هجري

الزيارات: 30251

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتبعوا رسول الله يحببكم الله


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ في الوُجُودِ مَا يَستَحِقُّ أَن يُحَبَّ لِذَاتِهِ مِن كُلِّ وَجهٍ إِلاَّ اللهُ - تَعَالى -، وَكُلُّ مَا يُحَبُّ سِوَاهُ - سُبحَانَهُ - فَإِنَّ مَحَبَّتَهُ تَبَعٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ، حَتَّى أَكمَلُ الخَلقِ وَأَفضَلُهُم عِندَ اللهِ وَأَزكَاهُم، مُحَمَّدٌ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - الَّذِي أَوجَبَ اللهُ عَلَينَا مَحَبَّتُهُ، فَإِنَّمَا يُحَبُّ لأَجلِ اللهِ، وَيُطَاعُ لأَجلِ اللهِ، وَيُتَّبَعُ لأَجلِ اللهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31] إِنَّهُمَا مَحَبَّتَانِ لا تَنفَكُّ إِحدَاهُمَا عَنِ الأُخرَى، فَمَن أَحَبَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ -أَحَبَّ رَسُولَهُ ؛ وَلأَجلِ هَذَا جَاءَ حُبُّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مُقتَرِنًا بِحُبِّ اللهِ في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَن يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ في الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ في النَّارِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ مَحَبَّةَ الرَسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَصلٌ عَظِيمٌ مِن أُصُولِ الإِيمَانِ الَّتي لا يَتِمُّ إِلاَّ بِهَا، فَالآبَاءُ وَالأَبنَاءُ وَالإِخوَانُ، وَالأَزوَاجُ وَالعَشِيرَةُ وَالأَموَالُ المُكتَسَبَةُ، وَالتِّجَارَاتُ المُنَمَّاةُ وَالمَسَاكِنُ المَرضِيَّةُ، وَهِيَ الَّتي عَلَيهَا مَدَارُ مَصَالِحِ الخَلقِ وَمَعَايِشِهِم، لا يَجُوزُ أَن تَكُونَ أَبَدًا أَحَبَّ إِلى مُؤمِنٍ مِن رَبِّهِ وَنَبِيِّهِ، وَإِلاَّ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا وَخَسِرَ خُسرَانًا مًبِينًا. بِل حَتَّى نَفسُ الإِنسَانِ الَّتي بَينَ جَنبَيهِ، وَالَّتي هِيَ أَقرَبُ شَيءٍ إِلَيهِ، لا يَجُوزُ أَن تَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَإِلاَّ لم يَستَكمِلْ إِيمَانَهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ النَّبيُّ أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم ﴾  وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ –: " لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعَن عَبدِاللهِ بنِ هِشَامٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن كُلِّ شِيءٍ إِلاَّ نَفسِي، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيكَ مِن نَفسِكَ " فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللهِ لأَنتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن نَفسي، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " الآنَ يَا عُمَرُ " أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لم تُوجَبْ مَحَبَّةُ نَبِيِّنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - عَلَى الأُمَّةِ لِكَمَالِ خَلقٍ أَو جَمَالِ صُورَةٍ أَو شَرَفِ نَسَبٍ، وَإِن كَانَ قَد بَلَغَ في كُلِّ ذَلِكَ غَايَةَ الكَمَالِ، وَإِنَّمَا أُوجِبَت مَحَبَّتُهُ لأَنَّهُ المَبعُوثُ مِن عِندِ رَبِّهِ لِهِدَايَةِ الخَلقِ إِلَيهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 52، 53] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46] وَلأَجلِ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَد بَعَثَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، كَانَ ذَلِكَ مُقتَضِيًا لِلإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ: - ﴿ إِنَّا أَرسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً ﴾ وَقَدِ استَفَاضَت الأَدِلَّةُ في بَيَانِ هَذَا الأَمرِ وَالتَّأكِيدِ عَلَى وُجُوبِهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 20] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبطِلُوا أَعمَالَكُم ﴾  وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132] وَقَالَ - تَعَالى -:﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلَاغُ المُبِينُ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -:  ﴿ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمرِ مِنكُم فَإِنْ تَنَازَعتُم في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً ﴾ إِنَّ طَاعَتَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - هِيَ دَلِيلُ صِدقِ مَحَبَّتِهِ، وَعُنوَانُ انتِفَاعِ المُحِبِّ لَهُ بِهَذِهِ المَحَبَّةِ، وَكُلُّ مَحَبَّةٍ لا تُحَرِّكُ إِرَادَةَ القَلبِ وَتَحمِلُهُ عَلَى تَحصِيلِ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن أَعمَالٍ، وَاجتِنَابِ مَا يُبغِضُهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَفعَالِ وَالأَخلاقِ، فَهِيَ مَحَبَّةٌ زَائِفَةٌ كَاذِبَةٌ.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - لا بُدَّ لِكُلِّ مَحَبَّةٍ في القَلبِ مِن آثَارٍ تَظهَرُ عَلَى الجَوَارِحِ، وَمَن أَحَبَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُكثِرًا لِذِكرِهِ وَذِكرِ سِيرَتِهِ وَالصَّلاةِ عَلَيهِ، مُتَشَوِّقًا لِرُؤيَتِهِ وَالاجتِمَاعِ بِهِ في الجَنَّةِ وَالوُرُودِ عَلَى حَوضِهِ وَالشُّربِ مِنهُ، مُعَظِّمًا لِدِينِهِ وَسُنَّتِهِ، مُتَبِّعًا له في مَنشَطِهِ وَمَكرَهِهِ، مُتَحَرِّيًا لِطَرِيقَتِهِ في سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ، مُقتَدِيًا بِهِ في كُلِّ أَقوَالِهِ وَأَفعَالِهِ، مُحَافِظًا عَلَى الفَرَائِضِ مُتَزَوِّدًا مِنَ النَّوَافِلِ، رَاغِبًا في الدَّارِ الآخِرَةِ مُتَجَافِيًا عَن دَارِ الغُرُورِ، مُتَأَدِّبًا بِآدَابِ الحَبِيبِ مُتَأسِيًا بِأَخلاقِهِ، في سِعَةِ صَدرٍ وَلِينِ جَانِبٍ، وَبَذلِ نَدًى وَكَفِّ أَذًى، وَبَسطِ وَجهٍ وَسَمَاحَةِ نَفسٍ، صَبُورًا حَلِيمًا رَقِيقًا كَرِيمًا، قَرِيبًا مِنَ البِرِّ بَعِيدًا عَنِ الإِثمِ، وَدُودًا لإِخوَانِهِ مُنصِفًا لَهُم، غَيرَ عَيَّابٍ لهم وَلا مُلتَمِسٍ لِلبُرَآءِ مِنهُمُ المَعَايِبَ، وَأَمَّا مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ الحَبِيبِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ثم لم يَتَخَلَّقْ بِخُلُقِهِ وَجَانَبَ هَديَهُ، فَهَجَرَ الجُمُعَةَ وَالجَمَاعَاتِ، وَفَرَّطَ في الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَاتِ، وَظَلَمَ وَغَشَّ وَغَشَمَ، وَجَهِلَ وَسَفِهَ وَاعتَدَى، وَطَغَى وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا، وَأَقَلَّ مِن ذِكرِ اللهِ وَالاستِغفَارِ، وَلازَمَ الغَفلَةَ وَالإِصرَارَ، وَعَقَّ وَالِدًا وَقَطَعَ رَحِمًا، وَلم يَقضِ لِمُؤمِنٍ حَاجَةً وَلا جَاهَدَ بِنَفسٍ أَو مَالٍ، فَمَا عَرَفَ مَحَبَّةَ الحَبِيبِ وَلا ذَاقَ لَهَا طَعمًا، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمَونَ - ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 131، 132].

♦♦♦♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَمَا رَأَى الصَّحَابَةُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَصَحِبُوهُ حَضَرًا وَسَفَرًا وَعَامَلُوهُ، وَصَلَّوا وَرَاءَهُ وَجَاهَدُوا تَحتَ لِوَائِهِ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ حَقًّا وَصِدقًا، كانت مَحَبَّتُهُم لَهُ أَشَدَّ وَأَقوَى، وَتَوقِيرُهُم لَهُ أَكمَلَ وَأَوفَى، وَتَعزِيرُهُم لَهُ أَسمَى وَأَعلَى، أَحَبُّوهُ حُبًّا فَاقَ كُلَّ حُبٍّ، وَوَدُّوهُ مَوَدَّةً غَلَبَت كُلَّ مَوَدَّةٍ، فَآثَرُوهُ عَلَى النَّفسِ وَالوَلَدِ، وَقَدَّمُوهُ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، وَأَرخَصُوا مِن أجلِهِ الزَّوجَاتِ وَالضَّيعَاتِ، وَفَارَقُوا لِصُحبتِهِ العَشَائِرَ وَالأَوطَانَ، وَخَرَجُوا مِن الدِّيَارِ وَهَجَرُوا المَسَاكِنَ وَالبُلدَانَ، ووَدُّوا لَو لم يُفَارِقُوهُ لحظَةً وَاحِدَةً، وَضَرَبُوا في ذَلِكَ مِنَ الأَمثِلَةِ أَروَعَهَا، وَسَجَّلُوا فِيهِ مِنَ المَوَاقِفِ أَصدَقَهَا، وَكَانَت لهم مَعَهُ قِصَصٌ افتَخَرَ التَّأرِيخُ وهو يَروِيها، لَقَد أَحَبُّوهُ مَحَبَّةً فَاقَت مَحَبَّةَ الأَهلِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ، وَأَدهَشَتِ العُقَلاءِ مِن أَعدَائِهِ، فَشَهِدُوا بها وَأَبدَوُا استِغرَابَهُم مِنهَا، فَهَا هُوَ عُروَةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفِيُّ وَقَد أَوفَدَهُ المُشرِكُونَ لِلتَّفَاوُضِ مَعَ رَسُول اللهِ في صُلحِ الحُدَيبِيَةِ، يَقُولُ وَقَد عَادَ إِلى أَصحَابِهِ: أَيْ قَومُ، واللهِ لَقَد وَفَدْتُ على المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ على قَيصَرَ وَكِسرَى وَالنَّجَاشِيِّ، واللهِ إِنْ رَأيتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصحَابُ محمَّدٍ محمَّدًا، واللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهُم فَدَلَكَ بها وَجهَهُ وَجِلدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُم ابتَدَرُوا أَمرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كادُوا يَقتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصوَاتَهُم عِندَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيهِ النَّظَرَ تَعظِيمًا لَهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَأَخرَجَ الطَّبَرَانيُّ عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ لأَحَبُّ إِليَّ مِن نَفسِي، وَإِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِن وَلَدِي، وَإِني لأَكُونُ في البَيتِ فَأَذكُرُكَ فَمَا أَصبِرُ حتى آتِيَ فَأَنظُرَ إِلَيكَ، وَإِذَا ذَكَرتُ مَوتي وَمَوتَكَ عَرَفتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلتَ الجَنَّةَ رُفِعتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِني إِذَا دَخَلتُ الجَنَّةَ خَشِيتُ أَلاَّ أَرَاكَ، فَلَم يَرُدَّ عَلَيهِ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - شَيئًا حَتَّى نَزَلَ جِبرِيلُ - عَلَيهِ السَّلامُ - بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69] وَعَن رَبِيعَةَ بنِ كَعبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كُنتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَيتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لي: " سَلْ " فَقُلتُ: أَسأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قَالَ: " أَو غَيرَ ذَلِكَ ؟ " قُلتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: " فَأَعِنِّي عَلَى نَفسِكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. لَقَد كَانَت مَحَبَّةُ الصَّحَابَةِ وَمَن بَعدَهُم مِنَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ لِرَسُولِ اللهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مَحَبَّةً صَادِقَةً، تَمَثَّلَت في طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ هَديِهِ، وَتَوقِيرِ سُنَّتِهِ وَالتِزَامِ طَرِيقَتِهِ، فَلَمَّا ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ العِلمِ بِزُهدِ النَّاسِ فِيهِ وَرَغبَتِهِم عَن مَجَالِسِ أَهلِهِ، وَغَرَّتِ المُسلِمِينَ حَضَارَاتٌ زَائِفَةٌ وَغَزَتهُم عَقَائِدُ فَاسِدَةٌ، قَصَرَ بَعضُهُم حُبَّهُ لِنَبِيِّهِ عَلَى تَنظِيمِ مَظَاهِرَ جَوفَاءَ خَالِيَةٍ مِن الصِّدقِ، فَأَقَامُوا حَفَلاتٍ وَنَصَبُوا سُرَادِقَاتٍ، تُنشَدُ فِيهَا الأَشعَارُ وَالمَدَائِحُ الشِّركِيَّةُ، وَيُشتَغَلُ بِالرَّقصِ وَالتَّمَايُلِ وَالغِنَاءِ وَالطَّرَبِ، فِيمَا عُرِفَ بِالاحتِفَالِ بِالمَولِدِ النَّبوِيِّ، ذَلِكُمُ المُنكَرُ الَّذِي وَإِن حَمَى اللهُ أَجزَاءً كَثِيرَةً مِن بِلادِنَا مِن إِقَامَتِهِ فِيهَا، فَقَد لا تُخطِئُ الأَعيُنُ رُؤيَتَهُ في تِلكُمُ القَنَوَاتِ التي رَعَتِ الفَسَادَ وَنَشَرَتِ الإِفسَادَ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَلزَمِ السُّنَّةَ، وَلْنَحذَرِ البِدعَ وَالمُحدَثَاتِ وَإِن حَسَّنَهَا الجَهَلَةُ، فَيَكفِي المُؤمِنَ العَاقِلَ كُرهًا لِلبِدعَةِ وَأَهلِهَا وَمُجَانَبَةً لَهَا تَبَرُّؤُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِمَّن رَغِبَ عَن سُنَّتِهِ وَحَادَ عَن هَديِهِ وَطَرِيقَتِهِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " فَمَن رَغِبَ عَن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأستاذ الشيخ عبدالرحمن الباني نموذج عن صحابة رسول الله
  • لا إله إلا الله.. محمد رسول الله
  • الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وصحابته (للأطفال)
  • اتبعوا ولا تبتدعوا

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتبعوا ولا تبتدعوا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتبعوا ولا تبتدعوا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب