شموع (16)

جزاكم الله خيرا شيخي الحبيب
الشموع تنير طريق الحكمة والحقيقة
وهذا كلام من سبر الفلسفة عشرين عاماً
ما أخطأ من سماكم عبداً للحكيم الذي علمكم، -أي الحكيم جل شأنه- هذه الحكمة من وقت مبكر جداً.
حفظكم الله ورعاكم.

بارك الله فيك شيخي الكريم

جزاك الله خيراً على تلك الشموع، وأستأذن فضيلة الدكتور، أن أقف مع شمعة من شموعه،
وهي :"لا تخفْ من شيء فالخوف ليس سوى وهم".
أقول: العبارة بهذا السياق يفهم منها إطلاق عدم الخوف، وأن الخوف وهم، ولعل الدكتور لم يقصد ذلك، وإنما يقال: إنه قصد التخلص من الخوف المذموم، ولكنها عبارة يقف عندها من يتأملها، ويخشى منها الإيهام، فيقال: ليس الأمر بهذا الإطلاق؛ لأمرين:
الأول: لأن العبد لا بد أن يصاب بشيء من الخوف كما قال رب العزة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ}[البقرة:155]. قال ابن عثيمين: في "تفسير سورة البقرة" (2/ 178):"وقوله تعالى: {مِنَ الْخَوْفِ} أي الذُّعْر؛ وهو شامل للخوف العام، والخوف الخاص؛ الخوف العام: كأن تكون البلاد مهددة بعدو؛ والخوف الخاص: كأن يكون الإنسان يبتلى بنفسه بمن يخيفه ويروعه".
قال الإمام ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 511)
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول:"الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله".
الثاني: لقول أهل العلم في ذكر أنواع الخوف: الخوف الطبيعي والجبلي; كالخوف من عدو وسبع وهدم وغرق ونحو ذلك، فهذا في الأصل مباح; لقوله تعالى عن موسى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} ، [القصص: 21] ، وقوله عنه أيضاً: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} ، [القصص: 33] ، لكن إن حمل على ترك واجب أو فعل محرم; فهو محرم، وإن استلزم شيئاً مباحاً كان مباحاً، فمثلاً من خاف من شيء لا يؤثر عليه وحمله هذا الخوف على ترك صلاة الجماعة مع وجوبها; فهذا الخوف محرم، والواجب عليه أن لا يتأثر به. وإن هدده إنسان على فعل محرم، فخافه وهو لا يستطيع أن ينفذ ما هدده به; فهذا خوف محرم لأنه يؤدي إلى فعل محرم بلا عذر، وإن رأى نارا ثم هرب منها ونجا بنفسه; فهذا خوف مباح، وقد يكون واجبا إذا كان يتوصل به إلى إنقاذ نفسه.
وهناك ما يسمى بالوهم وليس بخوف، مثل أن يرى ظل شجرة تهتز، فيظن أن هذا عدو يتهدده; فهذا لا ينبغي للمؤمن أن يكون كذلك، بل يطارد هذه الأوهام لأنه لا حقيقة لها، وإذا لم تطاردها; فإنها تهلكك.
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي:"أما ما يعرض للإنسان من الخوف من الأشياء والمحاذير بجبلته، فهذا أمر لا مخالفة فيه؛ لأنّ الله لا يكلف نفساً إلا وسعها كما هو معلوم". نقلاً من جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف (1/ 177).

وقال السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" (ص/ 618):"ومنها: أن الخوف الطبيعي من الخلق، لا ينافي الإيمان ولا يزيله، كما جرى لأم موسى ولموسى من تلك المخاوف".
وقال ابن عثيمين: في "تفسير سورة البقرة" (1/ 145):"فإن قال قائل: هل ينافي التوحيد أن يخاف الإنسان من سبُع، أو من عدو؟
فالجواب: لا ينافي هذا التوحيد؛ ولهذا وقع من الرسل: إبراهيم. عليه الصلاة والسلام. لما جاءه الضيوف، ولم يأكلوا أوجس منهم خيفة؛ وموسى. عليه الصلاة والسلام. لما ألقى السحرة حبالهم، وعصيهم أوجس في نفسه خيفة؛ ولأن الخوف الطبيعي مما تقتضيه الطبيعة؛ ولو قلنا لإنسان: "إنك إذا خفت من أحد سوى الله خوفاً طبيعياً لكنت مشركاً"، لكان هذا من تكليف ما لا يطاق؛ لأن خوف الإنسان مما يخاف منه خوفٌ طبيعي غريزي لا يمكنه دفعه؛ كل إنسان يخاف مما يُخشى منه الضرر".
هذا ما بدا لي فإن أصبت فمن الله وله الحمد على فضله وتوفيقه وإن أخطأت فمن نفسي.

شموع لا تنطفئ سلمت أناملك شيخنا وحفظكم من كل سوء

فتح الله لك وزادك علماً ومعرفةً وقولي فيك قول الحاذق المعروف من اثقلته الدنيا ترجمت له ملكاته وخلداته .رعاك المولى وحماك

ﻻبد أن هذه العبارات جاءت عن خبرة. والخبرة تزداد بمرور الوقت. فتح الله عليك فتح العارفين. اللهم آمين.

أستاذنا الأعز لكم مني كل الامتنان على روائعكم المباركة
والتفاتاتكم الكريمة وأنتم تنثرون اليواقيت والدرر فنسأل من بيديه ملكوت الأرض والسماء أن يعزكم ويحفظكم وينفع بكم
تحياتي تلميذكم صديق

جزاكم الله خيرا

من أروع وأصدق ما قرأت
كلمات كتبت منذ اكثر من ثلاثين عاما وﻻ زال لها نفس التأثير في حاضرنا * طال بحثي عمن يحبني من غير غرض * سلمت أناملك وزادك الله علما

أضاء الله أيامك بشموع الفرح والسرور