• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور)

تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور)
الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/11/2015 ميلادي - 12/2/1437 هجري

الزيارات: 29461

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ﴾

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قول الله جل ذكره ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [البقرة: 63-64].

 

قد أخبر جل ثناؤه أنه أخذ عليهم أيضاً في سورة البقرة ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ﴾ [البقرة: 83]، وفي قوله في سورة البقرة أيضاً ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ [البقرة: 84]، وفي سورة البقرة أيضاً في قوله ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ﴾ [البقرة: 93]، وقال في سورة النساء ﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [النساء: 154-155]، وقال في سورة المائدة ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ [المائدة: 12-13]، وقال في سورة المائدة أيضاً ﴿ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ * وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [لأعراف: 169-171].

 

قال أبو جعفر ابن جرير رحمه الله: "الميثاق" المفعال، من الوثيقة، إما بيمين وإما بعهد، أو غير ذلك من الوثائق.

 

وقال الراغب الأصبهاني في "المفردات" الميثاق عقد مؤكد بيمين وعهد. اهـ و "الطور" الجبل في كلام العرب، كما قال ابن جرير، وقيل: اسم جبل بعينه، وذكر أنه الذي ناجى الله عليه موسى. وفي القاموس: يطلق على أي جبل كان.

 

والظاهر من سياق القرآن أنه الجبل الذي ناجى الله موسى في بعضه جهاته، فإنه جبل عظيم متصل بصحراء سيناء التي ضرب على بني إسرائيل أن يتيهوا فيها أربعين سنة. ورفعه: رفع جزء منه، كما في قوله ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ وإنما يجعل بعض الأصابع. ويوضح كيفية هذا الرفع قول الله تعالى في سورة الأعراف ﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ ﴾ [لأعراف: 171]، والنتق: الجذب بشدة. وفسر بغايته وهو القلع. بمعناه: جذبنا الجبل بشدة ورفعناه فوق رءوسهم حتى صار كأنه ظلة، وهي ما أظل من سقيفة أو سحاب. ويدل على ذلك قوله في سورة النساء ﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ ﴾ حتى ظنوا أنه واقع بهم. والظن في القرآن يكون لنوع من اليقين كما تقدم في ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾.

 

وكل هذه السياقات لهذا الحادث العظيم تدل على أنه كان أمراً خارقاً للسنن الكونية معجزة لموسى عليه السلام، كما خرق الله له السنن في فلق البحر وتفجير الحجر باثنتي عشرة عيناً من الماء وأمثالها. وقد حاول بعض محققي المتأخرين وفضلائهم أن يجعل ذلك من قبيل الزلزال العادي الذي ليس فيه ما يخالف السنة الكونية، وهذا خطأ يغفره الله له.

 

وقد ذكر ابن جرير رحمه الله تعالى في سبب ذلك روايات، منها: عن أبي بكر بن عبدالله قال موسى "هذا كتاب الله، أتقبلونه بما فيه؟ فإن فيه بيان ما أحل لكم وما رحم عليكم وما أمركم وما نهاكم، قالوا انشر علينا ما فيها، فإن كانت فرائضها يسيرة وحدودها خفيفة قبلناها. قال: اقبلوها فيما فيها قالوا: لا حتى نعلم ما فيها كيف حدودها وفرائضها، فراجعوا موسى مراراً، فأوحى إلى الجبل فانقلع فارتفع في السماء حتى إذا كان بين رءوسهم وبين السماء قال لهم موسى: ألا ترون ما يقول ربي؟ لئن لم تقبلوا التوراة بما فيها لأرمينكم بهذا الجبل" قال فحدثني الحسن البصري قال: لما نظروا إلى الجبل خر كل رجل ساجداً على حاجبه الأيسر ونظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقاص من أن يسقط عليه. فلذلك ليس في الأرض يهودي يسجد إلا على حاجبه الأيسر. يقول: هذه السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة".

 

وقوله تعالى ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ﴾ يعني أن الله تعالى يدعوهم لسان حال هذه الآية وهي رفع الطور فوق ورؤوسهم وتهديهم بإيقاعه بهم، ويقول لهم: اقبلوا ما أتاكم به رسولي موسى من عندي وما بعثته به واستقيموا عليه علماً وعملاً في حزم ونشاط واجتهاد، ولا تتوانوا وتتكاسلوا وتهملوا وتضيعوا العمل به وإقامة حدوده، وإلا أوقعت بكم عذابي وأحللت عليكم غضبي وسحقتكم بهذا الجبل العظيم يقع على رءوسكم.

 

والآية إشارة إلى غلظ أكباد بني إسرائيل وقسوة قلوبهم وبلادة طباعهم، إذ أهم لا يقدرون فضل الله عليهم ورحمته بهم، إذ يوحي إليهم ما فيه خيره وسعادتهم، ولا يقدرون نعمة الله بموسى الذي أعطاهم الله على يده نعماً كثيرة قريبة، وخيران متتاليات مترادفات، وهم مع هذا يردون على موسى بأقسى أنواع الرد، ويواجهونه كلما جاءهم بما يتمم لهم شريعة التوراة بشر ألوان الحمق والسفه، ولا يزالون به كذلك محاولين رد شرائع الله وإعادتها إلى الله من حيث أتى بها الوحي، كأن الله لا يعلم ما يصلح عباده مثل ما يعلم أولئك الحمقى السفهاء؛ حتى يغضب الله عليهم ويتهددهم إن لم يقبلوا برفع الجبل فوق رءوسهم كأنه ظلة واقع بهم. فإن تركهم الآن فإنما يؤجلهم ليوم تشخص فيه الأبصار يوقع بهم فيه جبال النار، ويرسل ليهم منها شراراً كالقصر كأنه جمالة صفر.

 

وقوله تعالى ﴿ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ يأمرهم مع إتقان تعلمه والعمل به بنشاط وإخلاص ونفس قوية في العمل به لرضاها به وحبها له - يأمرهم مع ذلك بتعليمه لغيرهم ودعوتهم إليه ونشره في الناس؛ كما قال في سورة آل عمران (187) ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ وعرفهم أن إقامتهم للكتاب وتمسكهم به وإحياءه بالعمل، وتعليمه وبثه في الناس وأخذهم به هو الوقاية التي يقيهم بها عذابه وغضبه والجُنة التي تجنبهم من سخطه ومقته في العاجل والآجل، فليست التقوى بالدعوى، ولا بالقول الكاذب، وإنما التقوى بالإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر على الأذى في سبيل الحق وليست التقوى في إقامة ألفاظ الكتاب وتجويد حروفه مع إضاعة العمل به وعدم إقامة حدوده وتحليل حلاله وتحريم حرامه. وليست التق ى في تزيين الصوت بالكتاب وترتيب الألحان والنغمات الموسيقية لألفاظه، ثم الارتكاس بعد ذلك في حمأة ما نهى عنه الكتاب وحذر منه من خبائث وفواحش ومنكرات، ومجافاة ما دعا إليه من إيمان وتوحيد وعمل صالح وطيبات وأخلاق وصلاح وإصلاح. وليست التقوى فيا لعناية بطبعه على الورق الجيد وبالحرف الجميل وتجليده بالجلد المزخرف واتخاذ القماطر الثمينة والكراسي النفيسة ولفه في أنواع الحرير وغالي الأقمشة وعبادة ذلك الجلد والورق والقماش بالحلف به وتقبيله والتماس البركة منه؛ ثم يهجر ما فيه من آيات وهدايات ووصايا وعظات وشرائع وأحكام وقوانين وعبادات. وليست التقوى في اتخاذ الكتاب سخرية لأرذل الطبقات تسخر به على المقابر وتهينه وتبتذله أشد الابتذال بالمساومة عليه بالملاليم وكسر الخبز لينزلوا بذلك الامتهان والابتذال الرحمة على الموتى، وهم إنما ينزلون اللعنات على أنفسهم وعلى من يساومهم ويشاركهم ويعينهم. دفع عنك ما يصنع أولئك المرذولون من مساخط الله باسم الكتاب مع زائرات القبور الملعونات على لسان أصدق الخلق صلى الله عليه وسلم.

 

ليس شيء من ذلك والله من التقوى ولا يمت إلى التقوى بأي صلة، بل كل ذلك من أشد ما يعرض لغضب الله وسخطه. والآيات على ذلك أكثر من أن تحصى.

 

قال القرطبي - رحمه الله -: ﴿ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ﴾ أي تدبروه واحفظوا أوامره ووعيده ولا تنسوه ولا تضيعوه. قال: وهذا هو المقصود من الكتب: العمل بمقتضاها لا تلاوتها باللسان وترتيلها، فإن ذلك نبذ لها كما قال الشعبي وابن عيينة سيأتي قولهما عند قوله تعالى ﴿ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 101]، وقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن شر الناس رجلاً فاسقاً يقرأ القرآن لا يرعوى إلى شيء منه" فبين صلى الله عليه وسلم أن المقصود العمل، حما بينا، وقال مالك "قد يقرأ القرآن من لا خير فيه" فما لكم إذن من قبلنا وأخذ عليهم لازم لنا وواجب علينا. قال تعالى ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الزمر: 55]، فأمرنا باتباع كتابه والعمل بمقتضاه؛ لكن تركنا ذلك كما تركت اليهود والنصارى وبقيت أشخاص الكتب والمصاحب لا تفيد شيئاً لغلبة الجهل وطلب الرياسة واتباع الأهواء. روى الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء. فقال زياد ابن لبيد الأنصاري: كيف يختلس منا وقد قرآنا القرآن؟ فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء المدينة. هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فما تغني عنهم؟" وذكر الحديث، وخرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضاً عن عوف بن مالك الأشجعي من طريق صحيحه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لزياد "ثكلك أمك يا زياد، هذه التوراة عند اليهود والنصارى".

 

وفي الموطأ عن عبدالله بن مسعود أنه قال لإنسان: إنك في زمان كثير فقاؤه، قليل قراؤه؛ تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع حروفه. قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون الصلاة ويقصرون الخطبة، يبدئون أعمالهم قبل أهواءهم. وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه. تحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده كثير من يسأل قليل من يعطي. يطيلون فيه الخطبة ويقصرون الصلاة. يبدئون فيه أهواءهم قبل أعمالهم. اهـ. وقوله. يبدئون أهواءهم قبل أعمالهم. أي يتبعون أهواءهم ويتركون العمل بالذي افترض عليهم.

 

قال الله لبني إسرائيل ﴿ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ ﴾ أدبرتم وأعرضتم عن أخذ الكتاب والعمل به ﴿ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾ الميثاق ورفع الجبل واتبعتم أهواءكم، واتخذتم أحباركم ورهبانكم أربابا من دون الله يحللون لكم ما حرم الله فتحللون، ويحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمون, ويشرعون لكم من الدين في العقائد والعبادات ما لم يأذن به الله فتتبعون ﴿ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ فالتوبة بعد نكثكم الميثاق. والفضل الزيادة والخير والإفضال والإحسان ﴿ وَرَحْمَتُهُ ﴾ بإرسال الرسل خصوصاً محمداً صلى الله عليه وسلم الذي بعثه رحمة للعالمين ﴿ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ أي المستأصلين بنوع من أنواع العذاب التي كان الله يستأصل بها من سبق من أمثالكم.

 

يقول الله تعالى: إن تفضله عليكم بالإمهال والتأخير لعلكم تتوبون، ورحمته بإرساله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هو سبب الإبقاء عليكم؛ وإلا لذهبتم في الغابرين مع عاد وثمود وإخوانهما من البائدين. فاذكروا نعمة الله عليكم وبادروا إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لتربحوا في الدنيا والآخرة، وتسعدوا السعادة الأبدية.

 

جعلنا الله من أولئك المؤمنين الفائزين باتباع سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

 

المصدر: مجلة الهدي النبوي

المجلد الرابع - العدد 51 - أول شعبان سنة 1359هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون)
  • تفسير: (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)
  • تفسير: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة)
  • تفسير: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة)
  • ورفعنا لك ذكرك
  • تفسير: (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا)
  • تفسير: (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم)
  • تفسير: (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين)
  • { ورفعنا لك ذكرك } خطبة
  • تفسير: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون)
  • تفسير: (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)
  • {ورفعنا فوقكم الطور}
  • تفسير: (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون)
  • تفسير: (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم)
  • تفسير: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب