• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

جلسة على الرصيف

جلسة على الرصيف
الشيخ عمر السعدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/10/2015 ميلادي - 10/1/1437 هجري

الزيارات: 6889

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جلسة على الرصيف


.. ( استهلال )..

-1-

إي وربي... أريد الالتزام..

أريد إعفاء لحيتي... وتشمير ثوبي ولكن...

أخاف أن يطوقني الهم.. ويحيط بي الغم.. بل.. أخشى الانتكاسة بعد الهداية..!

كان (عبدالله) يتكلّم بصدق.. وكنت أتابعه بتركيز ولهفة..

 

سمعتُ هذه الشبهات كثيراً.. وبعض ماقاله الشباب..

فذلك الصوت المقترن بالحرص جعلني أتوقف برهة.. وأعيد ألغازه وأقواله مرات ومرات..

لقد كان (عبدالله) مثالًا للشاب المجتهد في صلاته.. وبرّه بوالديه.. ودراسته..

إلا إنه ينقصه بعض الجوانب فيها.. كصلاة الفجر مع الجماعة.. واللحية والثوب.. والأصدقاء..


فإذا أكملها فقد قارب طريق الالتزام..

لقد كان حديثي هذا مقدمة لحوارٍ طويل.. وربما قد تكرر لك عزيزي القارئ مثل هذا الحوار.. ولكن هذه المرة اختلف كثيراً..

بدأت حواري الطويل بسؤالٍ قصير:

يا عبدالله ما الذي يحول بينك وبين الاستقامة..؟!


فأجاب بنبرة حادة:


بعض الملتزمين يُخالف فعله قوله..

-2-

وحديثه سلوكه.. وكلامه صفاته..

قد رأيت بعضهم بثوبه القصير ولحيته الكثّة فعل كذا وكذا وكذا..

أعجبتني صراحته..!

فتشجعت وقلت: صحيح ياعبدالله..


ولو افترضت أن رجل مرور قد نَهَرَك وزجرك وأخطأ عليك، أو قُل إن شئت طبيباً أو معلماً..

هل من العقل أن نُعلّق أخطاء هم على أجهزتهم و مجالاتهم..؟!


إنني على يقين أنك ستجيب جواب العاقل فتقول:

لا..

إن كل فردٍ يخطئ إنما يمثل نفسه ولا يمثل غيره؛

قال تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].


إذاً فمن باب أولى دين الله (الإسلام)..

فكما أن الطبيب يخطئ،والمعلم يخطئ، ورجل الأمن يخطئ - لأنهم بشر وليسوا ملائكة- فكذاك المستقيم يخطئ ويصيب، ونحسب أن صوابه أكثر من خطأه..


ولو علّقنا الاستقامة  على من يدعيها لما بقي من المستقيمين أحد..

شخص واحد هو من تُعلّق استقامتك به..

وتتخذه أسوة وقدوة، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].


وهذا مافهمه الصحابة من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فقد كان يخطب في عهده -صلى الله عليه وسلم- المنافقون، ويعظون ويذكّرون بثيابٍ قصيرة ولِحى طويلة..

قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾ [المنافقون: 4].


فلم يُعلّق الصحابة الدين بلحاهم وثيابهم، أيًّا كان فسقه وتقواه..!

إنما رضوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوة، واتخذوه إماماً وأسوة..

ففعلوا مابه أمر.. وانتهوا عما نهى عنه وزجر...


قاطعني قائلاً:

يعني تتفق معي أن..


الدين ليس في اللحية، و إنما في القلب..؟!

-3-

فتفاجأ لما قلت: نعم، ليست هي الدين، ولكن هي من الدين..

فقد أطبقت كلمة السلف على حرمة حلق اللحية؛ وحكى الإجماع ابن حزم وغيره..

فعندما تحلق لحيتك فقد ارتكبت معصية بالإجماع.


وأما دعواك أن الدين في القلب فقد صدقت فيها.. ودليل صدقك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُشير إلى صدره ويقول:( التقوى هاهنا)، ومع هذا كان -صلى الله عليه وسلم- ذو لحية كثة سوداء، وكان الصحابة والسلف كذلك، يقولون مثل قولك أن الدين في القلب، ولم يُعهد عنهم أنهم حلقوا لحاهم؛ لأنهم كانوا يحفظون حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حفّوا الشوارب وأرخوا اللحى).. فيُطبّقون ما في قلوبهم عمليًّا..

ثم ضحكت وأنا ( أشير إلى صدره ):

إذا تحرّك الشعور من هنا

نبتت الشعور من هاهنا ( وأشرت إلى لحيته )..

فتبسم وأجاب وهو ( يلمس لحيته ) كحركةٍ لها معنى:

تخيّل أن لي لحية وثوب قصير وشماغ بلا عقال.. لن تكتمل أناقتي..!


فقلت له وأنا أبتسم:

طيّب.. تأمّل معي هذه القصة الافتراضية أو الواقعية.. لست أدري..!

فتاة سمعت عن جمالها ودلالها، اشتاقت نفسك لخطبتها، ثم ذهبت للخطبة، و جلست تنتظر أن تدخل عليك تلك الغانية [1]..


فلما فتحت الباب.. تفاجأت.. أن تلك الفتاة لا شعر لها..ََ!

بمعنى أن الله منحها جمال.. وأخذ منها رمز الجمال للنساء وهو شعر الرأس..

هل ستتزوجها يا عبدالله..؟!

إن إجابتك معروفة: هي بملئ صوتك.. لا..

لأن الرجال المفطورين على الخير والديانة ونحسبك كذلك قد علموا أن جمال المرأة هو في شعر رأسها..


وكذلك النساء المفطورات على الخير والديانة قد علموا أن جمال الشاب الحقيقي هو في سواد لحيته لأنها رمز رجولته..

لهذا كانت عائشة -رضي الله عنها- إذا أقسمت تقول: والذي زيّن الرجال باللّحى..


و رُوي أن من تسبيح الملائكة: سبحان من زيّن الرجال باللحى..

فللمرأة حدود لتجمّلها.. والرجل كذلك..


فلا تسمح لنفسك الخروج عن نطاق تجمّلك.. فإذا فعلت ذلك فقد خرجت عن نطاق الفطرة..

فهل ترضى بهذا،،؟

فقاطعني مداعباً: الأناقة والجمال؛ والثوب والعقال..!


فضحكت وقلت:

عن أبي الأحوص -رضي الله عنه- قال: أتيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثوبٍ دون -أي بالٍ متسخ- فقال له النبي  -صلى الله عليه وسلم-:( فإذا أتاك الله مالاً فليَرَ أثر نعمة الله عليك وكرامته)..


ثم أردفت ملاطفاً: اعلم يا عبدالله أنك تحب أن تكون جميل المظهر، جميل السيارة، ثوبك حسن، ونعلك حسن، فقد كان كثير من الصحابة يحبّون ذلك، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُقرّهم، ويقول كما في صحيح مسلم:( إن الله جميل يحب الجمال).

ليس هناك ثمّة إشكال في أن تتجمّل بما أباح الله لك، ولكن الإشكال كل الإشكال أن تصغر الاهتمامات..

فتبسّم إليّ متعجباً وقال: تصغر الاهتمامات؟!


قلت: نعم ياعبدالله، الإشكال عندما يصبح المرء همّه ما يلبس، فمن أجله ينفق الأموال الطائلة، ويقضي الأوقات الغالية، حتى كأنه في كل يوم عروس، يقول النبي-صلى الله عليه وسلم-:( تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أُعطِيَ رضِي، وإن لم يُعطَ لم يرض).


يقف أمام المرآة أكثر مما يقف بين يدي مولاه.. هذا التزيّن المشؤوم.. والتجمّل المذموم..


أما سؤالك:


هل ألبس ( العقال).. بعد الالتزامََ!

-4-

فأقول: ضعه إن شئت و البسه إن شئت، فهو من عامّة ما أباح الله...


عبدالله: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 32]..؟!

فالدين لا يجعلك على هيئة معيّنة في اللباس، وصفة محصورة في الأسلوب والكلام كما يعتقده البعض؛ لا.. لا.. لا..

بل البس، و اركب، و كُل، و اشرب من غير إسراف ولا مخيلة..


قال تعالى: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].


ثم قلت: أما سؤالك عن (الثوب القصير)

فلا أطلب منك أن ترفعه إلى نصف الساق، لا وربي يا عبدالله.. وإن فعلت فطوبى لك، ولكن ( يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق)...


ارفع ثوبك قليلاً فقط، اجعله على الكعب لا أسفله..

فقط (سينتيمترات) تبعدك عن النار أميالًا، أبعدنا الله وإيّاك منها..

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار).


فعندما يبرز ( كوميدي ) على خشبة مسرح، أو لاعب على ظهر ملعب، أو فنّان عبر شاشة، فيُحبّوه، تجد التقليد الأعمى..
ولا أقرب دليلاً من لاعب الكرة ومشجعيه...


يحاكون طريقة لعبه.. يُعلّقون رقمه على ظهورهم.. وينقشون اسمه على صدورهم..!

ولو كان ذاك المحبوب على غير الإسلام..!!!


فظهر مافي القلب على القالب، ومافي الجوهر على المظهر.. لأنهم يُحبّوه..

أخي عبدالله..

ألا تجد أن هناك تناقض ومخادعة صبيانية، يُستحى أن تُقال لعاقل مثلك..!

فنحن ندّعي أننا نحب النبي-صلى الله عليه وسلم- ولا نجد لذلك أثر في هيئاتنا ولباسنا..


إن كُنت تحب النبي -صلى الله عليه وسلم-...

فليكن ثوبك مثل ثوبه..

ولحيتك مثل لحيته..

و أخلاقك مثل أخلاقه..


قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].

رفع ثوبك يقيك من النار، ويُرضِي عنك الجبار..

لا تنظر إلى صغر مافعلت، ولكن انظر إلى عظم من عصيت -جلّ في سماه-.

فردّ عبدالله: صراحة يأتيني هاجس أنني لستُ أهلاً لهذه الهيئة.. فعندما..


أطلق لحيتي وأمضي في المعاصي، أحسّ أن ذاك نفاق!!

-5-

قلت له: مازالت تعجبني صراحتك وصدقك، خاصة عندما يحرص الإنسان على أن لايقترب لدائرة النفاق، كيف لا..!؟

والمنافقون كما تعرف أنهم في الدرك الأسفل من النار، بل وأنهم أشد كفراً من اليهود والنصارى، فمن حقك أن تخشى على نفسك النفاق..


ومن حق الدين عليك أن تفقه أن هناك نفاقاً اعتقادياً ونفاقاً عملياًََ!!

فهذا يُخلّد صاحبه في النار ويكفر -الاعتقادي-

وذاك يُبقيه في دائرة الإسلام ويُعتبر عاصٍ -العملي-..


وحرصك هذا قد سبقك الصحابة إليه.. وتشبّهت بهم بالاحتراز عن الانزلاق في دائرة النفاق -العملي-، ولكنهم لم يفكروا بالهروب عن واقعهم، والخضوع للهواجس الشيطانية..

فهم يعلمون أن حلقهم للحية معصية، وممارسة غيرها من المعاصي معصية أخرى، وإسبالهم لأزرهم ذنب، والوقوع في غيرها من الخطايا خطأ آخر -وحاشاهم-..


فعندما يُلبّس عليك إبليس ويقول:

مارس المعاصي وأنت بلا ( لحية )أفضل من أن تمارسها وأنت ب( لحية )..!

فهو يهدف إلى أن تبوء بذنبين بدل ذنب واحد..!!

فهل ستمر عليك ضحكات إبليس -أيها العاقل-؟!

وأنت تقرأ هذا الميثاق..!


اسمع.. اسمع..:

﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62].


ثم ( هز رأسه متعجباً ).. وأردفتُ قائلاً:
واعلم ياعبدالله أن الهيئة المستقيمة تحول كثيراً بينك وبين المعاصي..!

فعلى - سبيل المثال -..


اللحية هي التي ( تربيك ) ولست أنت الذي ( تربيها )..!
-6-

فقاطعني قائلاً: عجيب،كيف؟!

قلت: إذا أردت -على سبيل المثال- أن تدخن أو تسمع الغناء أو تُعاكس؛ هل تجرّأ عليها وأنت بلا لحية؟

قال لي: بالنسبة لي.. نعم، عادي..

قلت: طيّب.. وهل تجرؤ عليها وأنت بلحية؟


فقال: لا.. مستحيل.. لا أجرؤ على هذا..ََ!

فتبسّمتُ وقلت: إذاً تتفق معي أن اللحية هي التي (تربيك) ولست أنت الذي (تربيها)..!

وأمام هذا الجواب..

تجاذبتني خواطري.. ولمحت خيال عبدالله يلوح بناظري..

بهيئته المهيبة.. وابتسامته الجميلة.. ولحيته السوداء..


قطع تفكيري صوت عبدالله وهو يقول:

أنا مقتنع بهذا الكلام، وأريد أن أكون مثلكم.. ولكن..

أتذكر أصحابي بتعليقاتهم.. وضحكاتهم.. وغمزاتهم.. سأكون عرضة للاستهزاء والسخرية..!

وسيزداد عليّ هذا.. إذا انتكست بعد الهداية..

( اختفت ابتسامتي سريعة كما أتت )ََ!

لما سمعت بكابوس الانتكاس -لم يكن هناك متسع للمجاملة-..

فصمت عبدالله.. وراح يصغي لمثالي الافتراضي.. و طرحي الغريب الواقعي..!

قلت: إن كنت تخاف الانتكاسة بعد الهداية..


فتخيّل معي غريقاً بين أمواج البحر، والناس من حوله يقولون له:

أنقذ نفسك.. ستموت.. ستموت..ََ!


وهو يردد:

لا أريد النجاة..

أخاف أن - يُقدّر الله - وأغرق مرة أخرى..!

كان - عبدالله- متحمّساً حتى وصلت إلى هنا..


فأطلق ضحكته، وأطلقت سؤالي عليه: مارأيك فيه..؟

فقال (وهو يتبسّم): مجنونََ!

فرددت: و ماهو تصرّف العاقل الحكيم - يافهيم-؟!


( فازدادت ضحكته )، ثم قال:

ينقذ نفسه الآن، ثم ( لكل حادث حديث)

قلت: عبدالله.. هو يخاف الغرق بعد النجاة ( لبر الأمان )..

.. وأنت تخاف الانتكاس بعد النجاة ( لبر الإيمان )..


فما الفرق بينكما..؟!

أنقذ نفسك الآن.. ثم ( لكل حادث حديث) تماماً كردّك عليه..!

فابتسم وقال: نعم.. هذا أنا والله..

هل أنقذتُ نفسي حتى أفكر في المستقبل - والمستقبل غيب-..!


بل إن الشيطان كثيراً ما يُضعف الإرادة.. إذا أقبل العاقل على الجادة..

فيهجم عليه بوسواسه.. ويُطفئ عليه حماسه بموضوع الانتكاسة..


حتى يتقهقر.. ثم يتعثّر.. ثم يتغيّر..

ولكن الصادقين -بإذن الله- يثبتون..


أعجبتني آخر كلمة قالها.. فشاركته مشاعره، وقلت:

نعم.. الثبات عزيز، وكان أكثر دعاء المعصوم -صلى الله عليه وسلم-:( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).. فأكثر من دعاء الله.. وسترى النتيجة -بإذن الله-.


قاطعني قائلاً:


عفواً.. أصحابي لم تُجبني عنهمََ!

-7-

كيف أتعامل معهم؟ ومع تعليقاتهم و غمزاتهم؟

فقلت: طبيعي يا عبدالله أن تجد منهم نوعاً من ذلك..

فالله -عزّ وجل- يقول: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 2].


تأمّل.. تأمّل..

﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 3].

( أطرق عبدالله هُنيهة ).. فقلت له:

وهل ستكون حديث مجالسهم؟ إنما هي ساعات بل دقائق وينتهي كل شيء..


لاحظت ارتياحه وانبساطه.. فمضيت في الحديث وقلت:

عبدالله.. تذكر أن الله معك.. وأنك خمس مرات تدخل على الله في الصلاة.. ولو أنك دخلت على ملك كل يوم ( خمساً )..

لعظّم الناس أمرك.. وعرفوا قدرك.. فكيف بك وأنت تدخل على ملك الملوك..؟


إن قدرك عند ربك عظيم..!

فإذا دخلت عليه يا عبدالله في صلاتك فاطرح رأسك بين يديه.. وبُثّ شكواك له.. واسأله.. وأبشر بخيره الكبير..

ولا تقل: يارب عندي هم كبير.. ولكن قل: يا همّ عندي رب كبير..

( فثار الإيمان كما يثور البركان )فأردف قائلاً:


وماهي أول خطوة لأبدأ بقوّة..؟

-8-

قلت له مداعباً: امدد يدك..

ضرب بقبضة يمينه على راحة يميني، وقال: هاهََ!

قلت: بقدر الأخوّة تكون القوة..!


فإذا انفردت مع نفسك الضعيفة.. فإن الشيطان مريد.. والنفس تريد..

عبدالله.. ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]

( زمّ شفتيه وقطّب جبينه ).. وقال متسائلاً:

وكيف أقضي على علاقاتي ممن غفل عن الله واتبع هواه..؟

فقلت مبادراً: وهل الحل غير ( الشريحة )..؟!

بكلمة صريحة.. حطمها..!


فهي مزعزعة لثباتك..ومزلزلة لخطواتك..

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

بادرني في عجل: والخطوة الثانية.. هاتها..!

( فقبضت على أصابعه الخمس وهززتها )وقلت: الصلوات الخمس.. الصلوات الخمس..


﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]

فقال: وهل هناك شيءٌ آخر..؟

فأردفت قائلاً: تريد الكلام من الآخِر..!

( كلام الله لك.. وكلامك أنت لله..) هما أسُّ ثباتك..

ردّ متعجباً: وكيف هذا..؟


فقلت: القرآن كلام الله لك.. والدعاء كلامك لله..

فمن مثلك ياعبداللهََ!!

﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [النحل: 102]  لماذا أنزلته ياالله..؟


اسمع.. اسمع.. "

﴿ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 102]

فالقرآن ثبات وهداية.. وبشارة في النهاية..

فماذا تريد بعد هذه الآية..؟

وهاك الأخرى.. لإيمان أقوى..


تكلّم مع الله بأسلوبك الذي تشكو به دائماً إلى من تحب.. فالدعاء فصاحة قلوب لا ألسنةٍ فحسب..! وأبشر بخير عميم.. فأنت تتعامل مع حيّي كريم..


( إن الله ليستحيي أن يرد يدي عبده صُفراً) رواه أبو داوود

أفلا نستحي من ربّ يستحي..؟


فأسمعني صوته بقوة: إي وربي.. ( يامقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك)

فصافحته مودعاً وقلت: عبدالله


- قبل الوداع - نصيحة.. نصيحة..ََ!

-9-

لا تنتظر لتوبتك مناسبة..

كحال الكثير من الشباب... حادث.. مرض قريب.. وفاة حبيب..

بل أقبل إلى الله.. أقبل ولاتترددََ!


فليس للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة... واحدة فحسب..

فالأمر لا يحتمل المخاطرةََ!؟


(قبضت على يمينه وهززتها ) وأردفت قائلاً:

يمينك هذه - كم صافحت بها من إنسان؟

عشرة.. عشرون.. مئة..ألف.. أين هم الآن؟ ماتوا...

فلربما يكون الراحل القادم هوأنتََ!

فماذا أعددت..؟


عبدالله...

إن لم يكن الآن.. فمتى؟

وإن لم يكن أنت.. فمن؟


الاستقامة الاستقامة.. طريق السعادة والكرامة..

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

 

استنار عقله وانشرح صدره..

ثم مضى ومضيت.. وأنا أدعوا له..

( اللهم يامقلب القلوب ثبت قلبي - وقلبه - على دينك ).



[1] الغانية: هي الجميلة التي استغنت عما يجملها.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جلست بجواري
  • جلسة محاسبة (قصيدة)
  • جلست مع الطبيب (قصة)

مختارات من الشبكة

  • الصيف والمشي على الرصيف !(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • على الرصيف أيها الداعية! ( رواية دعوية قصيرة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع (حج الرصيف)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ضيف على الرصيف، ولا من مُضيف! (قصة قصيرة)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • سعاد: قصة كل يوم تعاد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ما جاء في جلسة رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسجد إنجليزي يقيم جلسات للأطفال مصابي التوحد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • نفح الريح لجلسة صلاة التراويح (WORD)(كتاب - ملفات خاصة)
  • دعاء الجلسة بين السجدتين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جلسة أسرية ثقافية منوعة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب