• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

أي طوق شبت عنه صحفكم يا حسناء؟

الشيخ عبدالله بن حمد الشبانة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/1/2010 ميلادي - 2/2/1431 هجري

الزيارات: 8951

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أي طوق شبت عنه صحفكم يا حسناء؟


مازالت الأكاديميَّة بنت بلدنا الدكتورة (حسناء القنيعير) تُحاكي بنات غير بلدنا في التعرُّض لكثيرٍ من الأمور التي تُعتبر مناطقَ كثيرة العواصف والأعاصير؛ مما يستلزم السير فيها بحذرٍ شديدٍ ووعيٍ تامٍّ؛ خشيةَ الانزلاق أو السقوط - لا قدَّر الله - فهي تدخل تلك المناطق الخطرة في أحيانٍ كثيرةٍ دون حذرٍ وبكثيرٍ من الاندفاع غير المحمود.

 

وهي لمن لا يعرفها كاتبة أسبوعية بجريدة الرياض، تتبنَّى في طَرْحها للقضايا التي تتناولها الفكرَ الليبرالي الحرَّ الذي يدَّعِي أصحابه زورًا وبهتانًا أنهم (تنويريون)، يريدون إخراجنا من الظلام المخيِّم على واقعنا إلى نور الحريَّة والتقدُّم - زعموا.

 

وليتهم إذ زعموا ذلك قصدوا إلى النور الحقيقي الذي لا نورَ غيره، وهو نور الوحيين: الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا مِن خلفه (القرآن الكريم)، والسُّنَّة النبوية الصحيحة المطهَّرة، فعادوا إليهما وانطلقوا منهما، ولو فعلوا ذلك، لقَبِلْنا تنويرهم وصدَّقنا دعواهم وسمعنا كلامهم، وأخذنا بأقوالهم، أما وقد تنكَّبوا ذلك وأداروا له أظهرهم، واتجهوا نحو الغرب يستقون منه فكرَهم وثقافتهم ونظمهم، وبرامجهم وقِيَمهم ومبادئهم بلا تمييز ولا تمحيص، ولا تفريق بين الغثِّ والسمين؛ فإننا لن نقبلَ منهم ولن نستجيبَ لهم ولن نسمعَ لقولهم، بل إننا سنناهضهم ونردُّ عليهم ونفنِّد أقاويلهم ونفضح باطلهم.

 

تكتب الدكتورة حسناء مقالاً أسبوعيًّا بجريدة الرياض كل يوم أحد، وتناقش العديد من القضايا، ولكن من منطلق حَداثِي صرف، وترمي بثقلها في محاربة الكثير من قِيَم المجتمع والخروج على الكثير من آدابه، وتتعرَّض بالكثير من النقد الجارح أحيانًا لمظاهر الالتزام الديني في مجتمعها، ولرموز ذلك الالتزام ودُعاته وذَويه، إنها تريد القفزَ بالمجتمع الذي تعيشُ فيه إلى المستوى الغربي المتقدِّم في نظرها، وإن أخلَّ ذلك بأساس ذلك المجتمع وهزَّ كيانه من القواعد.

 

إنها كالكثير من بني وبنات قومها مستعجلين في دفع عَربة المجتمع خَلْف الحصان الغربي بلا تُؤدة ولا رويَّة، متناسين الفروق الكبيرة بين مجتمعنا المسلم، والمجتمع الغربي المنفلت من كلِّ دين.

 

ومن أخطر ما كتبته (حسناء) هذه: مقالها في الجريدة المذكورة يوم الأحد 17/1/1431هـ بعنوان (هل بدأنا نتعافى، أم ما زلنا في العناية المركَّزة؟)، وأخطر ما في مقالها قولها: "وقبله نادى بعضُ المتحاورين في حوار الخطاب الثقافي السعودي بمحاكمة الكُتَّاب الذين يتجاوزون الخطوط الحمراء - حسب زعمهم - فإن كان ثَمَّة ما يشكون منه اليوم، فهو - بلا ريب - مؤشرٌ على أن صُحُفَنا شبَّت عن الطوق وما كان محرَّمًا سابقًا صار مسموحًا به؛ لأنَّ تناولَه يصبُّ في مصلحة الوطن قبل كلِّ شيءٍ".

 

شيءٌ عجيبٌ غريبٌ أن تبلغَ الجرأة بالتغريبيين في بلادنا إلى هذا الحدِّ الذي يستنكرون فيه، ويشجبون مطالبة العقلاء من أبناء هذه البلاد - التي هي مصدر الإسلام، ومشرق نوره - بمحاكمة من يسيئون إلى دينهم، ويسخرون من أهله، ويقولون على الله بغير علمٍ، من كُتَّاب ليس لديهم من العلم ما يؤهِّلهم للخوض فيما يخوضون فيه، من حِمى الدين المستباح لكلِّ أحدٍ - مع الأسف الشديد - في صحفنا التي شبَّت عن الطوق في نَظَرِ الكاتبة - هداها الله - فعن أيِّ طوقٍ شبَّت صحفكم يا دكتورة حسناء؟ أشبَّت عن طوق الالتزام بشرع الله؟! أم شبَّت عن طوق الاحتكام إلى ذلك الشرع في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ؟! أم شبَّت عن طَوق الذَّود عن الإسلام والدفاع عنه، وعن حَمَلتِه وعلمائه، وتوقيرهم ومعرفة حقِّهم على الأمة؟!

 

إن تكن صحفُكم شبَّت عن طوق ما، فهو ما ذكرته من طوقٍ، بل أطواق ليس غير، وإلا فهي من الناحية الفنية البحتة لا تزال تَحبو من حيث المصداقية والدِّقة، وجودة النقل والتحليل.

 

ثم إني أسأل الكاتبة وكلَّ بني وبنات قومها ممن هم على شاكلتها قائلاً:

هل الخطوط الحمراء التي تجاوزها كثيرٌ منكم هي خطوط حمراء بزعمنا - كما تقولين في هذا المقطع من مقالك هذا - أم هي خطوطٌ حمراء تستمدُّ حُمرتها وخطورتها من مصادمتها لأصول الدين وثوابته التي لا مجال للخلاف فيها؟

 

والجواب الصحيح على هذا السؤال يستنبطه المهتم والمتابع من تلك المقالات المتجاوزة نفسها، التي دبجتها أقلام حَفْنة منكم حين دبجتها مصادمةً لعقيدة الإسلام، ومعارضةً لقواعده الكُليَّة؛ كالمقالات التي سأضرب بها المثل في مقالي هذا، فهي مقالات تنضحُ بما في القلوب من ردٍّ لمحكم نصوص الشريعة، واعتراضٍ على ما اتَّفقت عليه الأمة التي أخبر عنها نبينا - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنها لا تجتمع على ضلالةٍ، وتَخَبُّط في تأويل تلك النصوص، وتفسيرٍ لها يدلُّ على جهلٍ مُطبق بأحكام الشريعة الغرَّاء وعدم إدراك لمراميها؛ مما لا يحسنه ولا يدركه إلا أولو العلم بها ممن أفنوا أعمارهم في تعلُّمِها ومحاولة فهمها، فآتاهم الله من فضله ومكَّنهم من ذلك الفَهم، فصاروا أهل الاختصاص فيه.

 

إن مصيبتنا الكبرى فيكم يا معاشر (التغريبيين) إدعاؤكم العلم الشرعي، ودخولكم في مجاله، تحليلاً وتحريمًا ودراسةً واستنباطًا، وأنتم فيه أجهل من حمارِ أهله، والغريب العجيب أن هذا المجال هو الوحيد الذي تسمحون فيه بدخولِ غير ذوي الاختصاص، وتجعلونه حِمًى مباحًا لكم ولغيركم ممن يريد أن يخوضَ فيه، مع خطورة ذلك الخوض لغير العلماء الراسخين؛ إذ فيه القول على الله بغير علم، وهو الذنب الذي قرنه الله - عز وجل - بالشرك؛ لخطورته وعِظَم وزره في قوله - عَزَّ من قائل -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33]، وإلاَّ فإنَّ كلَّ مجالٍ غيره لا يسمح فيه بدخول غير أهله المختصين به؛ كالطب والهندسة وغيرها من سائر المجالات، حيث إذا تكلَّم فيه غير أهله، رُدَّ قوله وقِيل له: دَعْ الكلام فيه لأهل الاختصاص.

 

وأعود لأسأل الكاتبة وأمثالها قائلاً: هل يوجد مجتمع في الدنيا ليس لديه خطوط حمراء يحرم تجاوزها؟

 

وكلُّ عاقل يعرف الجواب؛ إذ لا يوجد ذلك المجتمع، فكلُّ المجتمعات الإنسانية السويَّة قد وضعت خطوطًا حمراء في عقائدها وتشريعاتها وأنظمتها لا يمكن تجاوزها؛ لأن في تجاوزها بالغَ الضرر لذلك المجتمع.

 

لا بُدَّ من وجود تلك الخطوط الحمراء في كلِّ مجتمعٍ إنسانيّ طبيعيّ، ولا بدَّ من احترام تلك الخطوط والوقوف عندها وعدم تجاوزها؛ لئلا ينهدم بناء ذلك المجتمع، وتضيع هيبته وتنتشر الفوضى في أرجائه.

 

لكن تلك الخطوطَ الحمراء تَختلف من مجتمعٍ إلى آخر بحسب دِين ذلك المجتمع وثقافته ووعيه، ونهجه السياسي ووضعه الاجتماعي.

 

وخطوطنا الحمراء بصفتنا مسلمين، بل بصفتنا - في هذه البلاد تحديدًا - حَمَلَة رسالة الإسلام الساعين لتبليغه، ونشر دعوته فيما يتعلَّق بأساس عقيدتنا وأصول ديننا وثوابته، فمن اقترب منها حذَّرناه، ومن تجاوزها أوقفناه؛ لأنه لا مساومة على ديننا، كما قال ذلك وكرره قائدُ مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - في أكثر من مناسبة: "أمران لا مساومة عليهما: الدين والوطن".

 

فهل يجوز بعد ذلك يا دكتورة (حسناء) أن تعتبري مطالبة الغيورين على دينهم من أبناء هذه البلاد، بمحاكمة من يتجاوزون الخطوط الحمراء في عقيدتنا وأصول ديننا - دليلَ مرضٍ، وأننا لن نتعافى طالما وُجِدَ أولئك المطالبون بتلك المحاكمة لأولئك المتجاوزين؟! هل يقول بهذا عاقل؟! بل هل يتفوَّه بهذا نصف مُثقَّف، بَلْه أكاديمية تُدرِّس في إحدى جامعاتنا؟! والأمر الصحيح المتَّفق مع العقل والمنطق هو عكس ذلك تمامًا؛ أي: إن تجاوز تلك الخطوط الحمراء هو دليلُ المرض، وأننا لن نتعافى طالما وُجِدَ ذلك التجاوز، وسُكت عن أولئك المتجاوزين، ولكن لا نقول إلا: سبحان الله! وصدق الشاعر الذي يقول:

يُقْضَى عَلَى الْمَرْءِ فِي أَيَامِ مِحْنَتِهِ ♦♦♦ بَأَنْ يَرَى حَسَنًا مَا لَيْسَ بِالْحَسَنِ

 

وتستمر الكاتبة في كلامها الخطير قائلةً: "وما كان محرَّمًا سابقًا صار مسموحًا به"، وأعود لأسألها - ولتعذرني لكثرة الأسئلة - كيف تجرؤ صحفُكم على تحويل المحرَّمات إلى مُباحات ومسموحات - على حدِّ قولها؟!

 

وهل ما سأعرضه في الأمثلة التي سأطرحها لاحقًا يُعتبر من قَبِيل تلك المحرَّمات (سابقًا) التي صارت مسموحاً بها (حاليًّا)؟

 

إن النظرَ في ما دأبت بعضُ الصحف المحليَّة على نشره في السنوات الأخيرة؛ مما يُعتبر تجاوزًا للخطوط الحمراء دينيًّا - ليؤكد حقيقةً مُرَّةً بل وخطيرةً، هي أن تلك الصحف التي تَنشر تلك التجاوزات قد نقلت تلك التجاوزات الخطيرة من دائرة (المحرَّم) إلى دائرة (الجائز والمسموح به)، لكنا نسأل - أيضًا – هنا: مَن الذي أجاز لتلك الصحف ذلك النقل، ومن الذي سمح لها به؟

 

فقد اجترأت تلك الصحف الناشرة لتلك التجاوزات ممثلةً في بعض كُتَّابها على ما لم تكن تجترئ عليه سابقًا، فنطق فيها الرويبضة، وتكلَّم الجَهَلَة في دين الله بغير علم.

 

بل أفتى بعضهم في دين الله، فقال على الله بغير علمٍ، وأساء بعضهم إلى بعض رجالات الإسلام وعظمائه ورموزه السامقة؛ ومنهم صحابه وتابعون من أهل القرون الثلاثة المفضَّلة التي شهد لها الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالخيرية.

 

وبالجملة فإنَّ أولئك الكُتَّاب خاضوا في أمور لا يحسنونها وليسوا من أهلها، وتكلموا في دين الله - سبحانه - بلا علمٍ ولا هُدًى ولا كتاب منير، وكأمثلةٍ فقط أُورِدُ هنا إشارات إلى شيءٍ من ذلك؛ حتى لا يكون كلامُنا بلا دليلٍ:

1- في عام 1398 وبالتحديد في 21/2/1398 نشرت جريدة (اليوم) في مُلحق لها مقطوعة شعرية لمن سمَّى نفسه (حميد غريافي) تدعو المرأة المسلمة للثورة على حجابها وتمزيقه وتخريقه مدَّعيًا أنه قبرٌ للمرأة، وليلٌ دامسٌ تعيش فيه، وذلٌّ ترسف في قيوده، ولم يكتفِ بذلك، بل دعاها إلى أن تسألَ ربَّها ربَّ العالمين - جل جلاله وتقدست أسماؤه - لِمَ فرض عليها الحجاب؟ ولم ألزمها به؟ وقد جُوزِيَت تلك الصحيفة على ذلك بإيقاف صدورها ثلاثة أيام فقط.

 

وسأنقل - متألِّمًا – بعضًا مما ورد في تلك المقطوعة الإلحادية مما تفوَّه به ذلك المأفون، حيث يقول: "مزِّقيه ذلك البُرقع وارميه وجنِّي، مزقيه واخرجي من مَوكِب الموت إلى العُرس وغنِّي، مزقيه أيُّ شؤمٍ أنتِ فيه؟! أيُّ ليلٍ أنتِ فيه؟! أيُّ ذلٍّ أنتِ فيه؟! أيُّ قبرٍ أنت فيه؟! حَطِّميه حطمي الخوف بعنفٍ لا تأنِّي، حَطِّمي الصمتَ، وقولي وتمنَّي، حَطِّمي السجن، وقضبان التجنِّي، وانثريه فوق رملِ القهر، فوق الرافضين، فوق جمر الوأد، فوق الخائفين، فوق وادي النوم، فوق النائمين، فوق من يبكي على ماضٍ دفين.

 

واسأليه واسألي الآيات، قولي: مَن ترين أَسدلَ الليلَ على وجه القمر؟ من ترين قال: فليشقَ البشر؟ قال: فلنزرع مكان الورد شوكًا وقتر؟ من تَرينَ قال: لا يبد الجبين، قال لا يبد الحور؟ اسأليه، اسألي يا بنت ربِّ العالمين!"

 

ويَمضي في نصِّه المُخْزِي إلى أن يختمه قائلاً: "اسأليه، وارفعي الرأس بتيهٍ، اسألي يا بنت ربِّ العالمين!".

 

ونقول: تبارك الله وتقدَّس وتعالى عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.

 

ونعود للسؤال فنسأل مستغربين متعجِّبين: ألا يُعتبر نِشرُ مثل هذا الهُراء الذي يطفح بالإلحاد والزندقة تجاوزًا للخطوط الحمراء لا ينبغي أن يمرَّ دون عقاب يردع المستهترين؟! إذ كنتيجة للتساهل مع تلك الصحيفة في نشرها لذلك الخزي الفاضح تجرأت صُحف أخرى على مثل ذلك.

 

2- حيث نشرت جريدة الرياض مقالاً للمُسمَّى عبدالله بن بجاد العتيبي في 29/12/1428هـ بعنوان (إسلام النصِّ وإسلام الصراعِ) نفى فيه أن يكون معنى "لا إله إلا الله" الكفر بالطاغوت، وأن لا معبود بحقٍّ إلاًَّّ الله، وادَّعى أن تجزئة هذه العبارة إلى جزأين: نفي وإثباتٍ، إنما هو من عمل المتصارعين فيما بينهم، حيث عمد فريقٌ منهم إلى تجزئتها لغرض في نفسه، وهو كلام سامج ممجوج يدلُّ على جهل فظيعٍ وجُرْأة على الله عجيبة، وإلا فكلُّ عاقلٌ بصير باللغة العربية يعلم أن عبارة (لا إله إلا الله) إنما تتكون من جزأين: نفي وإثبات، وهذه التجزئة موجودة بحكم اللغة لا بفعل أرباب الصراع كما أوحى إلى ذلك الكاتب (الجهبذ) فكره المريض وجهله الشنيع، ثم إنَّ الكفر بالطاغوت الذي نفى الكاتب أن تلك العبارة تدلُّ عليه قد دلَّت عليه نصوصٌ مُحْكمة قطعية الدلالة، والثبوت من كتاب الله - عز وجل - كقوله - عز وجل -: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256]، فهل تجاوز الكاتب وصحيفته التي نشرت مقاله الخطوط الحمراء أم لا؟!

 

3- نشرت جريدة الرياض نفسها في العدد نفسه الذي نشرت فيه مقال ابن بجاد مقالاً ليوسف أبي الخيل بعنوان (الآخر في ميزان الإسلام)، قال فيه مفتيًا بلا علم - هداه الله -: "والسؤال هنا: هل كَفَّر الإسلام تلك الأديان؟" ومضى في كلامه إلى أن قال: "وهذا الإسلام على خلاف ما يريده المتشدِّدون والمتنطِّعون لا يُكفِّر مُخالفيه لمجرد عدم اتِّباعهم رسالته".

 

فهل تجاوز الكاتب بقوله هذه الخطوط الحمراء؟ نعم، لقد تجاوزها؛ لمصادمة قوله هذا لقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار))؛ رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

 

4- نشرت جريدة الرياض في مُلحقها الصادر بتاريخ 25/12/1425هـ تحقيقًا صحفيًّا عنوانه (الإرهاب لا دينَ له ولا وطن)، وهو تقرير طويل أعدَّه المحرِّر بالجريدة (أحمد الجميعة)، وقال فيه بالحرف الواحد: "لم يخرج فكر التكفير إلى الوجود بغتةً، بل إن له جذورًا وسوابق في التاريخ الإسلاميِّ، ولعلَّ أول وأهمَّ واقعة تاريخيَّة عبَّرت عن ميلاد فكرة التكفير في الإسلام هي (حروب الرِّدَّة) التي خاضها الخليفة أبو بكر الصديق في مطلع عهده".

 

ثم قال بعد ذلك ما نصُّه: "وبذلك تكون (حروب الرِّدَّة) أول بيان رسمي يُعلن ميلاد أيديولوجيا التكفير، ويقرن التعبير عن حكم التكفير بقتال الجهة التي يشملها الحكم إياه".

 

فأيُّ جهلٍ وغباءٍ أكثر من هذا؟! وهل تجاوز كاتب التحقيق الخطوط الحمراء أم لا؟! ونقول: بلى لقد تجاوزها، وهو يجعل أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - صاحب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الغار الذي خلَّد القرآن الكريم ذكره؛ بقوله: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾ [التوبة: 40]، وأول المبشرين من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – بالجنة - قائدَ التكفيريين، بالمفهوم الحديث للكلمة بما تحمله من دلالات وإيحاءات بمفهومها الحديث المعاصر.

 

فأيُّ تجنٍّ على عَلَمٍ شامخٍ وقامةٍ سامقةٍ من عظماء الإسلام، وكبار قادته - أعظم من هذا التجنِّي؟! وأيُّ إساءةٍ إليه أكبر من هذه الإساءة؟! وأيُّ مصادمةٍ للنصوص القطعية في كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في فضله وسابقته في الإسلام ومزاياه التي دلَّت عليها تلك النصوص - أخزى من تلك المصادمة؟!

 

هذه أمثلة فقط لتجاوز الخطوط الحمراء في عقيدتنا، وثوابتِ ديننا وأصوله، التي لا يجوز المساس بها أو تجاوزها أو الاعتداء عليها، وإلا فإن التجاوزات أكثر من أن تحصى، والمتجاوزين أكثر من أن يعدُّوا أو يُحصروا، وهي تجاوزات شملت معظم الصحف المحلية؛ سواء منها ما يصدر داخل البلاد أو خارجها، وإن كان تمثيلنا هنا باثنتين منها فقط.

 

وهناك كُتَّاب تخصصوا في ذلك التجاوز، وأدمنوه - إن صحَّ التعبير - فكأن بينهم وبين دِين الله - تعالى – ثأرًا، فلا يكاد يمرُّ يومٌ إلا وتجد لأحدهم تجاوزًا لخطوطنا الحمراء ونقضًا لعُرى إسلامنا وإساءة إلى ديننا، فهل يعقل هذا؟! هل يعقل أن تفتح الصحف في بلادٍ هي مشرق نور الإسلام وبيضته ومأرزه آخر الأمر، وحاملة لوائه ورافعة رايته - صفحاتها لمثل هذا الكلام الخطير المصادِم لأساسيات الدين، المناهِض لقواعده وأصوله؟!

 

ونكرر السؤال من جانبنا، بمن يَحتمي هؤلاء؟ وهو سؤال سألته الكاتبة في مقال لها سابق تمَّ الردُّ عليه وتفنيد باطله، وهي تقصد بسؤالها (العلماء والدُّعاة وخطباء المساجد وذوي النهج الإسلامي الغَيَارَى على دينهم، المتمسكين بأصوله وفروعه).

 

أمَّا نحن هنا، فنقصد تلك الصحف المتجاوزة للخطوط الحمراء، وأولئك الكتَّاب المتجاوزين لها.

 

أَجَلْ، بمن يحتمون؟ ولمَ يُسكت عن كلِّ ذلك الكمِّ الهائل من الباطل المصادِم لنصوص الوحيين، ولما هو معلوم من الدين بالضرورة؟! لِمَ يُسكت عنهم وهم ذوو مخطَّطٍ تغريبي تخريبي يرمون من ورائه إلى إسقاط هيبة الدِّين في النفوس، وإسقاط ما يسمُّونه هم (بالمؤسسة الدينية)؛ ليتمَّ لهم في نهاية المطاف إسقاط الدولة نفسها وتحويلها من دولة دينية إلى دولة مدنية علمانيَّة يقوم فيها الأمر على مَقولة: "دَعْ ما لله لله، وما لقيصر لقيصر"؟! ولكن الله - جلَّ في علاه - ناصر دينه، وسيعلي كلمته؛ فقد وعد بذلك - سبحانه - وهو لا يخلف الميعاد، فقوله الحق ووعده الصدق، وستظلُّ هذه الدولة بقادتها وعلمائها وشعبها شَجًا في حلوقهم.

 

ستظل - بإذن الله - دينيَّة إسلاميَّة محافظة على دينها مُعتزَّة بإسلامها، رافعةً للوائه ناشرةً لتعاليمه، داعيةً إليه رغم أنوفهم؛ فهي دولة ذات قيادة تدرك ألاَّ عِزَّ لها إلا بالإسلام ولا بقاء لها إلا بالعَضِّ عليه بالنواجذ، وهي قيادة تدرك - بحمد الله - أن إسلامها دينٌ كاملٌ شاملٌ لكلِّ شؤون الحياة؛ فهو لا يُعارض التقدم ولا يقف في وجه التطور، وليس كالنصرانية المحرَّفة التي وقفت في طريق العلم فثارت عليها أوروبا وأزالت هيبتها.

 

ليس الإسلام - وهو الدين الحقُّ الخاتم لجميع الأديان - كالنصرانية التي حرَّفها أتباعها، وجمد قسسها ورهبانها، فعارضوا العلم وأعدموا العلماء.

 

فالإسلام يرفع شأن العلم والعلماء، ويفتح الآفاق للفكر المبدع والعقل المفكِّر؛ ليجتاز آفاق الخلق أرضًا وسماءً ليفكرَ في صنع الله المتقِن؛ ليقوده ذلك التفكير إلى مزيد من العبودية لله والخضوع والدَّينونة له ومحبته وتعظيمه.

 

ونعيد السؤال ونكرره لأهميته: بمن يحتمي هؤلاء الذين يسخرون من دِين الأمة ويخالفون عقيدتها، ويسيئون إلى الشريعة التي ارتضاها المجتمع والتزم بأحكامها، وانضوى تحت لوائها؟ وكيف تصل الجُرأة بهم إلى حدِّ استنكارهم لمجرد مطالبة الغَيَارى على دينهم بمحاكمة من يَكتبُ مثل هذا الكلام المصادِم لقواعد الدين وأصوله وكُلِّياته الكُبرى؟

 

إنها وزملاءها الذين يَدَّعون (التنوير)، ويدْعون إلى تجديد الخطاب الديني - يصفوننا (بالمتشددين والمتنطِّعين)، بل ويسموننا (بالظلاميين)؛ لأننا ندعوهم إلى الالتزام بأحكام الشريعة واحترام قواعد الدين وثوابته وعدم تجاوزها؛ بل إن كيدَهم الكُبَّار قد بلغ مداه، وهم يسعون للتأليب ضد من يُسمُّونهم بتلك الأسماء ويصفونهم بتلك الصفات، ويقومون باستعداء السلطة عليهم، والعمل على فصلهم من أعمالهم، والتضييق عليهم في أرزاقهم وإعلان الحرب عليهم بكلِّ وجهٍ، ومن كلِّ سبيل؛ لا لشيءٍ إلا أنهم يدافعون عن دينهم ويحمون عقيدتهم، ويردُّون على أولئك باطلهم.

 

وهؤلاء (التغريبيون) يفعلون بالغَيَارى على دينهم ذلك كلَّه مع ادِّعائهم الحرص على الوحدة الوطنية، ومصلحة المجتمع، فأيُّ مصلحة للمجتمع في شَقِّ عصاه ومحاربة أكثريته، والإساءة إلى عقيدته واللمز والغمز في شريعته وعلمائها ودُعاتها، وتمجيد أعداء دينه وفتح أبواب صُحُفنا ومجلاتنا؛ لنشر زندقتهم وإلحادهم، من كُتَّابٍ وشعراءَ مرقوا من الدين وأعلنوا استهزاءهم وسخريتهم به؟!

 

وأيُّ حرصٍ على الوحدة الوطنية وهم يقسمون المجتمع إلى (ظلاميين، رجعيين، جامدين)، ويقصدون بذلك كلَّ محافظٍ على دينه راجعٍ إلى مصدر عِزِّه (الكتاب والسُّنة)، مُعتزٍّ بإسلامه مُدافعٍ عنه - وآخرين (تجديديين، حداثيين، تنويريين)، ويقصدون بهم أنفسهم وكلَّ منفتحٍ على الغرب بخيره وشرِّه وحلوه ومرِّه، محتقرٍ لأمته الإسلامية، ساخرٍ من أمجادها، مستهزئٍ بتاريخها، معتبرٍ ماضيها غير ذي بالٍ، وعظماءها أقلَّ شأنًا من أن يُحتفى بهم أو يقتفى أثرهم، وإنما بدأت نهضة الأمة في نظرهم حينما التحقت بأوروبا، وأخذت بما لديها وقلدتها في القبيح دون الحسن من أمورها كلها.

 

لقد أجلبوا بخيلهم ورجلهم على أهل العلم والخير والصلاح في بلادنا، وأغلقوا صُحفهم في وجوههم، وملؤوها بكثيرٍ من الباطل المصادم لثوابت الأمة وأصول دينها في تحدٍّ عجيب غريبٍ للمجتمع المحافظ على دينه وقِيَمه وتراثه العريق.

 

إن التساهل مع هذا التيار الثائر على ثوابت الدين وأصوله ليس في مصلحة هذه البلاد وأهلها؛ إذ سيوسِّع دائرة هجومه، وتشكيكه وسيجرِّئه على زعزعة إيمان المجتمع بدينه وولائه له ولحَمَلَتِه من العلماء والدُّعاة، وولائه كذلك لأُولي أمره الذين يدين الله بطاعتهم في المعروف، والانضواء تحت قيادتهم في السراء والضراء.

 

لذلك؛ نتوجه لقائد المسيرة، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - بأن يُعيد الأمور إلى نصابها، والمياه إلى مجاريها، فيأمر - وفَّقه الله - بإعادة النظر في قضايا مخالفات الإعلاميين للدِّين وتعاليمه وقِيَمه ومبادئه، فضلاً عن أصوله وثوابته، وتجاوزهم للخطوط الحمراء في ذلك، وإحالتها إلى القضاء بدلاً من إحالتها إلى لجنة بوزارة الثقافة والإعلام حسبما جرى منذ سنوات، وبسببه اتسع الخرقُ على الراقعِ، وانفتح باب التجاوزات على مصراعيه وأصبح الدين بعقيدته وثوابته وأصوله الكُبرى مَيدانًا للسخرية الاستهزاء، ومجالاً للأخذِ والردِّ من قِبَل أُغَيْلِمَة الصحافة وحدثانها، كما غدا علماء الدين ودعاته وحملته مجالاً خصبًا للهمز واللمز والإساءة والأذى من قِبَل أولئك أيضًا.

 

أجلْ، ليت خادم الحرمين الشريفين - وفَّقه الله - في عزمةٍ من عزماته يعيد الأمر إلى سابق عهده، فيكلُ النظر في قضايا الاحتساب على الإعلام والإعلاميين إلى القضاء الذي وكلَ إليه النظرَ في سائر الخصومات، وفي مقدمتها دماءُ الناس وأعراضهم وأموالهم؛ ليحقَّ الحقَّ ويأمن الناس في هذا البلد المعتزِّ بإسلامه على دينهم من أن يُمسَّ بسوءٍ، أو يُفترى عليه، أو يُسخر منه، أو يُستهزأ به، أو يخوض فيه جاهل أو حاقد أو مُلحِد لا يُقيم له وزنًا ولا اعتبارًا.

 

وهل نطمعُ في أن يعيد - حفظه الله ووفقه وأعانه - المجلس الأعلى للإعلام الذي كان قائمًا برئاسة سموِّ النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الأمير نايف - حفظه الله - ليكون سدًّا منيعًا في وجه تلك التجاوزات لخطوطنا الحمراء، مثلما كان سابقًا إبَّان وجوده حجر عَثرة في طريق التعدِّي على الدين أو الإساءة إليه، وإلى حملته وعلمائه.

 

إنه مطلب ملحٌّ نأمُل ونرجو من خادم الحرمين الشريفين - أيَّده الله - أن يحقِّقه؛ لما فيه من الفائدة الجُلَّى والنفع العام؛ ليكون حاجزًا لأولئك المتجاوزين عن تجاوزهم، ومانعًا لهم من أن يسيئوا إلى أنفسهم، وإلى دينهم ووطنهم وأمتهم.

 

إن مسؤولية هذه البلاد عن دينها هي أعظم المسؤوليات، وإن إيقاف زحفِ هذه الفئة الضالة من التغريبيين العلمانيين على مقدَّساتنا من أوجب الواجبات، فقد آذونا في ديننا وطعنوا في شريعتنا، وسخروا من أحاديث رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسبُّوا صَحَابته، فكيف يُصْبر عليهم؟! كيف يُتركون؟! وإلامَ يُسكت عنهم؟! إنهم أخطر من الفئة الضالة الأخرى، (فئة التكفير والتفجير)، بل إنهم من أعظم أسباب وجود تلك الفئة واستشراء دائها، فليت أُولِي الأمر فينا - أعانهم الله - يقطعون دابر هؤلاء كما قطعوا دابر أولئك، فينتصروا بذلك لدينهم ويُرضوا بذلك ربَّهم ومولاهم - عز وجل - كما أن الأمر مُتعلِّق بالأمن الوطني والوحدة الوطنية، من حيث إنه في استمرار أولئك المارقين في المصادمة لأصول الدين وثوابته بكتاباتهم ومداخلاتهم تحريكٌ لمشاعر المجتمع المحافظ على دينه المعتزِّ بإسلامه، الذي لا يقبل أن يُساءَ إليه وأن يُعتدى على عقيدته، أو أن يُسخر من قرآنه أو نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهؤلاء القوم إنما يتحدَّون ذلك المجتمع بزلزلة ثوابته وهزِّ عقيدته هزًّا عنيفًا.

 

إن هذه البلاد منذ تأسيس دولتها الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة على يد جلالة الملك عبد العزيز - رحمه الله - إنما قامت على الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقًا وآدابًا، هذا المؤسِّس العظيم الذي أسَّس دولته على الإيمان والعلم وقواعد الدين، هذا الملك المدرِك لأهمية تأسيس دولته على ذلك الأساس المتين الذي قامت عليه دولة آبائه وأجداده، الذي قال في رسالة بَعثَ بها إلى محمد علي علوبه باشا في 10/4/1366 جوابًا على رسالة بَعثَ بها المذكور لجلالته يتوسط فيها لعبدالله القصيمي.

 

قال - رحمه الله - في تلك الرسالة مانصُّه: "وسعادتكم تعلمون عقيدتنا، هي واضحة مثل الشمس، ولا نقبلُ ولا نوافقُ على مسِّها أو تبديلها"، وهو الذي قال - رحمه الله - محذِّرًا من الاختلاط بين الجنسين: "أقبح ما هناك في الأخلاق: ماحصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن، وفتح المجال لهنَّ في أعمال لم يُخْلَقْنَ لها حتى نَبَذْنَ وظائفهنَّ الأساسية؛ من تدبير المنزل وتربية الأطفال، وتوجيه الناشئة الذين هم فلذات أكبادهن، وأمل المستقبل إلى ما فيه حبُّ الدين والوطن ومكارمُ الأخلاق، ونَسِينَ واجباتهن الخلقية، من حبِّ العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال التبرُّج والخلاعة بذلك، ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادِّعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدُّن، فلا والله ليس هذا التمدُّن في شرعنا وعُرْفنا وعاداتنا، ولا يرضى أحدٌ في قلبه مثقال حبَّةٍ من خَردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته، أو أحدًا من عائلته، أو المنتسبين إليه - في هذا الموقف المخزِي، هذه طريق شائكة تدفع بالأمة إلى هُوَّة الدَّمار ولا يَقبلُ السير عليها إلا رجلٌ خارج عن دينه، خارج من عقله، خارج من بيته، فالعائلة هي الركن في بناء الأمم، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كلِّ ذي شممٍ أن يدافعَ عنها، إننا لا نريد من كلامنا هذا التعسف والتجبر في أمر النساء؛ فالدين الإسلاميُّ قد شرع لهن حقوقًا يتمتَّعنَ بها لا توجد في قوانين أرقى الأمم المتمدِّنة، وإذا اتَّبعنا تعاليمه كما يجب، فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يُؤخذُ علينا، ولا يَمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرُّقِي إذا وجَّهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية، وهذا ما يعترف به كثيرٌ من الأوربيين من أرباب الحصافة والإنصاف".

 

ثم يقول - رحمه الله - بعد ذلك وكأنه يصفُ بعض كُتَّاب الصحف الآن، وبعض مثقَّفِينا ممن يسمُّون أنفسهم (بالتنويريين) زورًا وبهتانًا، حيث قال - رحمه الله - عن أمثالهم في زمنه - طيب الله ثراه - ما نصُّه: "إنني لأعجب أكبر العجب ممن يدَّعي النور والعلم وحبَّ الرُّقِي لبلاده من الشبيبة التي ترى بأعينها وتلمس بأيديها ما نَوَّهنا به من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك وتتبارى في طغيانها، وتستمرُّ في عمل كلِّ أمر يخالف تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيفِ الذي جاء به نبينا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - رحمة وهدى لنا ولسائر البشر"، انتهى كلامه رحمه الله.

 

وأيُّ خروجٍ من قِبَل هؤلاء التغريبيين (الليبراليين) عن هذا النهج إنما هو خروج على سياسة هذه البلاد ومنهج قادتها الذي ارتضوه لأنفسهم، فإن كان أولئك الكُتَّاب وتلك الصحف التي تنشر سمومهم راضين بما رَضِي به أهل هذه البلاد - قيادة وشعبًا - فليلتزموا بما التزم به قادةُ هذه البلاد وشعبها، وإلاَّ فليبحثوا لهم عن وطنٍ آخر يَسمح لهم بتجاوز الخطوط الحمراء، ويمارسون فيه هوايتهم كما يشاؤون.

 

أمَّا هذه البلاد فقد أكَّد قادتها - وفقهم الله وسدَّدهم - في أكثر من مناسبة أن الإسلام هو دينُها، وأن عقيدته السمحة الصافية هي عقيدتها، وأن شريعته المحكمة السمحاء هي منطلقها بدءًا وانتهاءً، فقد أكَّد وليُّ أمر هذه البلاد - حفظه الله - أكثر من مرَّة أن هناك أمرين لا مساومةَ عليهما: الدين والوطن.

 

وقد صرَّح سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل - وفقه الله - بخطورة التيار التغريبي، وجعله مساويًا للتيار التكفيري في خطورته، حيث ورد في محاضرةٍ له بمركز المؤتمرات بجامعة الملك عبد العزيز بجدة في 20/3/1430هـ ما نصُّه: "وقد نَجَمَ عن ظهور هذا التيار التكفيري ظهور تيار مُتطرِّف على الجانب الآخر، وأعني به التيار التغريبي، وبالتالي أصبح لدينا تطرُّف من جهتين: تكفيري وتغريبي، فالتكفيري يريد أن يسلخَنا من دنيانا، والتغريبي يريد أن يسلخَنا من ديننا، وكلاهما له أجندة وبرنامج، هذا يريد أن يوقفَ كلَّ تعامل مع الآخر ويستحلَّ دمَ من يختلف معه في الرأي، ويعمد إلى التدمير والتخريب بصرف النظر إن كان بين ضحاياه نساءٌ وأطفال، من المسلمين، أو غير المسلمين.

 

وقد انتهز التيارُ التغريبي هذا التطرف؛ ليقدِّم للمجتمع السعودي البديل بنقل الفكر والنُّظُم والقِيَم الغربية، وتطبيقها على هذا المجتمع، بصرف النظر عن أن بعضها يخالف عقيدتنا الإسلامية، وأصبحنا بين تيَّارين، كلاهما مُضرٌّ وكلاهما مدمِّر".

 

ويقول في موضع آخر: "إن بعض التيارات المتطرِّفة التغريبية يعتقدون - إمَّا عامدين أو مضللين - أن الدين الإسلاميَّ من أسباب التخلف".

 

وقبل ذلك قال صاحب السموِّ الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية كلمته في هذا الأمر، وأعلن أن زوَّار السفارات ستُقطع ألسنتهم، وقال عن صحيفة (الوطن) لأحد مُحرِّريها: "أنتم في صحيفة الوطن لكم توجُّه سيِّئ ونوايا لا أعرف لماذا تبرزها صحيفتكم، فأرجو أن يتغيرَ هذا التوجُّه لما هو واجبٌ عليها، أما أن تستكتبَ الأخبار التي ليس لها أساس من الصحة وحسب أهوائها ضد العقيدة وضد الوطن، فهذا لا يليق بأيِّ صحيفة ولا بأيِّ مواطن يعمل، حتى لو كان كاتب الآلة أو محرِّرًا".

 

فليفهم أولئك التغريبيُّون ما يُقال وليعوا ما صرَّح به وُلاة أمر هذه البلاد - حفظهم الله - وليكفُّوا عن مصادمة ديننا ومناهضة شريعتنا؛ فليس لمن صادم عقيدتنا، وكان ضدها أو أساء إلى شريعتنا، وسَخِر منها واستهزأ بأحكامها أو حَمَلتها - مكانٌ بيننا وليس من مصلحة وطننا في قليل أو كثير أن تستمرَّ بعض الصحف وبعض كُتَّابها المتمردين على شريعة ربهم في هذا التمرُّد، بل إن تمرُّدَهم ذلك إضرارٌ بالوطن ووحدته، وخيانةٌ له وخروج عليه، بعكس ما يتوهَّمه أولئك الكُتَّاب من أنَّ ذلك يصبُّ في مصلحة الوطن، كما ختمت به الكاتبة الدكتورة حسناء القنيعير مقالها المشار إليه، موضوع ردِّنا هذا.

 

والله وحدَه وليُّ التوفيق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا حسناء، قليلاً من الإنصاف
  • رؤساء تحرير صحفنا بين زمنين

مختارات من الشبكة

  • من أي الفريقين أنت؟ وفي أي الدرجات منزلتك؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طالب الحق كناشد ضالة يفرح بظهورها على أي يد كانت ومن أي جهة أتت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى البعث والنشور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عصمة المجتهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الروابط الحسان لمعرفة عدد آي بعض سور القرآن(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من وسائل الإعلام المقروءة ( الصحافة ووكالات الأنباء )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قصة نجاح: صحيفة ( سبق ).. صحيفة ( الإنسانية )!(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مفردات غريب القرآن (4) (ليصرمنها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {صم بكم عمي فهم لا يرجعون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح خاتمة تحفة الأطفال(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
عيد - السعودية 18-01-2010 04:42 PM
جزاكم الله خيراً وبارك لكم على المقالة الرائعة أرجو من الله أن يعم نفعها
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب