• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

بين الإمام ابن تيمية والرحالة ابن بطوطة

بين الإمام ابن تيمية والرحالة ابن بطوطة
الشيخ محمد بهجة البيطار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/9/2015 ميلادي - 16/12/1436 هجري

الزيارات: 37174

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين الإمام ابن تيمية والرحالة ابن بطوطة


اشتَهر بين الناس قول الرحالة ابن بطوطة في رحلته الشهيرة عن شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويُذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا، ونزل درجة من درج المنبر"، وصدَّق هذه الرواية كثير من العلماء والأدباء في مختلف العصور، وأخذوا يروونها ويتوارثونها إلى عصرنا هذا المسمى بعصر الحقيقة والنور، فرأيت أن أنشر في مجلة "الهدى النبوي" الغرَّاء كلمة في هذا الموضوع تكون القول الفاصل؛ انتصارًا للحق ودفعًا للباطل:

1- إن ابن بطوطة رحمه الله لم يسمع من ابن تيمية، ولم يجتمع به؛ إذ كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المعظم عام 726 هجرية، وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شهر شعبان من ذلك العام، ولبث فيه إلى أن توفَّاه الله تعالى ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة عام 728 وفاقًا لِما نشره الأستاذ الدكتور محسن بك البرازي في الرسالة الغراء، فكيف رآه ابن بطوطة يخطب على منبر دمشق وسمعه يقول: "ينزل" ..إلخ؟


2- إن رحلة ابن بطوطة مملوءة بالروايات والحكايات الغريبة، ومنها ما لا يصلح عقلًا ولا نقلًا، وهو يُلقي ما ينقله على عواهنه ولا يتعقبه بشيء، فمن ذلك قوله (54:1): وفي وسط المسجد - (أي الأموي الدمشقي) - قبر زكريا عليه السلام، وإنما هو قبر يحيى عليه السلام كما هو المعروف، وقوله أيضًا: وقرأت في فضائل دمشق عن سفيان الثوري أن الصلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة، وهذا لا يقال من قِبل الرأي، وسفيان أجَلُّ من أن يُفضله على حرم الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين، وهما لم يبلغ الثواب فيهما هذه الدرجة، كما هو معلوم للمحدثين وغيرهم.

ومن نقوله التي أقرَّها ولم ينكرها (129:1، 133، 136) النذور للقبور المعظمة، والوقوف عندها كما يفعل على أبواب الملوك، ومن ذلك النذر لأبي إسحاق إذا هاجت الرياح في البحار واشتدت الأخطار، وهو ما لم يبلغه أهل الجاهلية الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [العنكبوت: 65].


3- لم يكن ابن تيمية يَعِظ الناس على منبر الجامع كما زعم ابن بطوطة (75:1): (فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع)، بل لم يكن يخطب أو يعظ على منبر الجمعة كما يوهمه قوله: ونزل درجة من درج المنبر، وإنما كان يجلس على كرسي يعظ الناس، ويكون المجلس غاصًّا بأهله؛ قال الحافظ الذهبي: وقد اشتَهر أمره، وبَعُدَ صيته في العالم، وأخذ في تفسير الكتاب العزيز أيام الجُمَع على كرسي من حفظه، فكان يورد المجلس ولا يتلعثم، وكان يورد الدرس بتُؤَدَةٍ وصوت جهوري فصيح، وقال: وفسَّر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره أيام الجُمَع.


وقال الشيخ علم الدين البرزالي في معجم شيوخه: وكان يجلس في صبيحة كل جمعة يفسر القرآن العظيم، فانتفع بمجلسه، وبركة دعائه، وطهارة أنفاسه، وصدق نيته، وصفاء ظاهره وباطنه، وموافقة قوله لعمله، وأناب إلى الله تعالى خلق كثير[1]، وإنما كان يخطب الناس على منبر الجامع الأموي في عهد دخول الرحالة ابن بطوطة دمشق - قاضي القضاة جلال الدين محمد عبدالرحمن القزويني، وقد كان خطيب المسجد وإمام الشافعية فيه، وكان سكناه بدار الخطابة (ج1 ص56 - رحلة ابن بطوطة).


ومما تقدَّم يُعلَم أن ابن تيمية كان مدرسًا واعظًا، لا خطيبًا، وكان يُلقي دروسه في التفسير صبيحة كل جمعة وهو جالس على كرسي في الجامع الأموي، لا واقف على منبر فينزل درجة عنه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ المؤرخ ابن عبدالهادي بقوله: ثم إن الشيخ جلس يوم الجمعة (أي بدمشق) على عادته، وقال وهو يصف حاله وأعماله بمصر - ويتكلم في الجوامع على المنابر من بعد صلاة الجمعة إلى العصر"، فهو لم يقل على منابر الجمعة ولا منابر الخطابة، والظاهر أن المراد بالمنبر كل ما ارتفع عن الأرض، كما يؤخذ من مفهومه اللغوي، فهو يعم هذه الكراسي التي يجلس عليها المدرسون في المساجد الكبرى بمصر والشام والعراق؛ ليسمع منها الجماهير، فكيف غفل ابن بطوطة عن ذلك؟!


4- إنك لا تجد في جميع ما تراه من كتبه المخطوطة والمطبوعة غير تفصيل مسهب لمثل قوله الذي نقله عنه ابن ناصر الدين الشافعي في الرد الوافر: ومذهب السلف والأئمة الأربعة وغيرهم: إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وليس لأحد أن يضع عقيدة ولا عبادة من عند نفسه، بل عليه أن يتَّبع ولا يبتدع؛ ويقتدي ولا يبتدي"، ولمثل ما فسر به كلامه السيد صفي الدين الحنفي البخاري في القول الجلي بقوله "قلت: وتفسير كلامه أنه يجب الإيمان بجميع المتشابهات الواردة في الكتاب والسنة - كاليد والوجه، والاستواء والنزول على وجه يليق به تعالى - فلا يُكيف بشيءٍ منها، ولا يُمثل بصفات المخلوقين كما هو مذهب السلف ومَن تَبِعهم من الخلف، فلا يقال: يد كيدِنا، ولا وجه كوجهِنا، أو استواء كاستوائنا، أو نزول كنزولنا، بل يداه صفته بلا كيف، وكذا وجهه، وهكذا فَقِسْ سائر الصفات والأفعال".


وأقول: هذه عقيدته الحموية والواسطية والأصفهانية التي عُقِدت له المناظرات حولها في مصر والشام، بل هذه أيضًا كُتبه ورسائله، وفتاويه وردوده في العقائد، قد بسط الكلام فيها على آيات الصفات والأفعال وأحاديثهما - كالوجه واليدين، والاستواء والنزول وغيرها - بالمعقول والمنقول، وكلها يتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات، إثباتًا بلا تشبيه، وتنزيهًا بلا تعطيل؛ كما قال تعالى ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، فقوله: (ليس كمثله شيء) ردٌّ للتشبيه والتمثيل، وقوله: (وهو السميع البصير) ردٌّ للإلحاد والتعطيل.


5- إن طريقة شيخ الإسلام في إثبات الأسماء والصفات، وفي بيان منشأ غلط المعطلة والنُّفاة - واضحة في جميع كتبه، وخلاصتها أن لهذه الصفات وجودًا علميًّا ذهنيًّا، ووجودًا خارجيًّا عينيًّا، فوجودها الذهني هو العلمي المطلق المجرد عن جميع الخصائص والإضافات؛ كالحياة والعلم والقدرة، والسمع والبصر والكلام، وكون الموصوف حيًّا عليمًا قديرًا، سميعًا بصيرًا متكلمًا، فهذا القدر مشترك بين الموجودات كافة، يطلق عليها بالاشتراك الاسمي أو اللفظي، كما هو ثابت لها في الوجود العلمي والذهني، ولكن شيئًا من ذلك لا يقتضي المشاركة والأعيان الخارجية، بل الذهن يأخذ معنى مشتركًا كليًّا، هو مسمى المطلق، والعقل يفهم من المطلق قدرًا مشتركًا بين المسمَّيين، وعند الاختصاص يُقيَّد ذلك بما يتميَّز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق، ولا بد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.


6- بيَّن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الرسالة التدمرية وغيرها أن نُفاة الصفات يقعون في كثير من الأوهام والمحاذير؛ منها: ظنهم أن مدلول النصوص هو التمثيل، ومنها: أنهم بنوا على ظنهم السيئ تعطيل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من المعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى، ومنها: أنهم نفوا عن الله تعالى تلك الصفات بغير علم ولا هدى، ولا كتاب منير، ومنها: أنهم وصفوا الرب تعالى بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات، أو وصفوا المنقوصات والمعدومات، فهم يجمعون في كلام الله وفي الله بين التعطيل والتمثيل، وهذا من الإلحاد في أسماء الله وآياته.


7- يظهر من كلامه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أن الشيخ نصرًا المنيجي الذي كان مقدمًا في الدولة، هو الذي أشاع عنه مسألة النزول عن الدرج بسبب كتاب ورده من الإمام ابن تيمية ينكر عليه فيه أقوالًا في وَحدة الوجود ويعدها عليه؛ قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة (154:1): وكتب إليه كتابًا طويلًا، ونسَبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد، فعظُم ذلك عليهم، وأعانه عليه قوم آخرون، ضبَطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة،، وقعت منه في مواعيده (مواعظه) وفتاويه، فذكروا أنه ذكر حديث النزول، فنزول عن المنبر درجتين (كذا)، فقال: كنزولي هذا، فنُسِبَ إلى التجسيم".


وأقول: قد عرفت المراد من لفظ المنبر، حتى إن الحافظ ابن حجر قال: وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث، فيورد في ساعة من الكتاب والسنة واللغة والنظر، ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس، كأن هذه العلوم بين عينيه" (135 ج1) من الدرر.

وهذا مما يؤكد أنه كان يلقي درسه على كرسي يجلس عليه والمستمعون حوله، فكلامه على طريقة المفسرين - من بعد صلاة الجمعة إلى العصر - وإيراده من الآيات والأحاديث، ونصوص اللغة وأقوال العلماء في مجلس واحد ما لا يورده غيره في عدة مجالس كما تقدم، هو طريقة المدرسين المحققين في حلقات المساجد الكبرى، لا خطباء المساجد وهم وقوف، لا سيما وقد صرحوا بجلوسه في درسه، وهذا لا يتيسر على منبر الخطب الجمعية.


ثم انظر إلى قوله في خصومه: ضبطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة، فإذا كانت مغيرة، فما ذنبه هو حتى يؤخذ بها أو تؤخذ عليه؛ ﴿ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164]، والحافظ ابن حجر هو ناقل غير قائل، وفي قوله: عقائد مغيرة ما يثبت أنه لا يعتد بما قالوه، بل لا يعبأ بما افْتُرِيَ به عليه، كيف وقد نقل أقوال الأئمة الثقات فيه، وهم قد نُزهوه عن تلك المفتريات؟!


ومن أراد استيفاء البحث، فليراجع مجموعة الرد الوافر أو الرسالة التدميرية لشيخ الإسلام، أو ملحق الجزء الرابع من فتاويه، أو العقود الدرية للحافظ ابن عبدالهادي؛ ليبلغ حد اليقين في نفي مطاعن الطاعنين، وهذه من أشهر الكتب التي طُبِعت في مصر.


8- إن العلوم الحديثة قرَّبت فَهْم النصوص على طريقة السلف، وبيَّنت أنها الأعلم والأحكم، بل كونها الأهدى والأسلم، فمن ذلك حديث النزول الذي أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا))، فقد أورد في دفع شبهة التشبيه قول القاضي أبي يعلى: النزول صفة ذاتية، ولا نقول: نزوله انتقال، وقال المؤلف الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "وهذا مغالط"، قلت: ليس بمغالط، فقد ظهر في عصرنا ما يؤيد قوله، فإن صوت المذياع الآن يسمع من كل مكان كما يسمع من مكانه، وهذا الاختراع الحديث يقرب لنا فَهْمَ ما أورده الإمام البخاري في صحيحه من أن الله ينادي عباده يوم القيامة بصوت يسمعه مَن بَعُدَ كما يسمعه مَن قَرُبَ، ومثله إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صوته، بل الآلة التي تريك المتكلم الآن حاضرًا عندك وهو لم يبرح مكانه، تهدينا إلى فَهْم النزول إلى سماء الدنيا بلا انتقال، وأن النزول هو صفة ذات لا صفة فعل؛ كما قال القاضي أبو يعلى.

ومثله إسناد صفة الكلام إليه تعالى في قوله: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، وقال رسوله: "إذا تكلم الله بالوحي"، فوصفه بما وصف به نفسه حقيقي غير مجازي، وهو لا يحتاج إلى تأويل، بله التعطيل؛ فرارًا من شبهة التشبيه، فإن تشبيه من ليس كمثله شيء بالمخلوق المتكلم بفم ولسان، غير وارد من أصله، فقد أنطقَ العلم الحديث الآن الجمادات، فنطقت بغير فم ولسان؛ كالمذياع، والحاكي.

أفتأْبى قدرة الله وحكمته إلا أن يتكلم بفم ولسان كالإنسان؟! أليس هو القادر أن يختم على فم الإنسان وينطق جسمه الصامت كما أخبر في عدة آيات؟

منها: قوله سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ ﴾ [يّـس: 65].

أفيعقل أن يكون هذا القادر الحكيم عاجزًا عن التكلم إلا بفم مثل المخلوق؟


وجملة القول: إن هذه الرواية مختلفة على ابن تيمية - سواء صحت عن ابن بطوطة، أم لم تصح - فهو لم يره ولم يسمع منه، ومؤلفاته جميعها ترد هذه الكلمة الشاردة عنه، بل لو ثبتت الرؤية والسماع، لصح أن نقول: إن ابن بطوطة شُبه له ابن تيمية كما شُبه السيد المسيح عليه الصلاة والسلام لقوم زعموا أنه هو، وكان غيره، فتَشابَه الخلقُ عليهم؛ وكما عذق النخلة في القصة التي حكاها ابن بطوطة في سبب تسمية الشيخ رسلان رحمه الله بالياز الأشهب (ج 1: 59): وقد كنت دخلت أنا وصديقي الأستاذ عز الدين التنوخي على شاب من معارفنا، فقلت له: ما أشبهك بفلان! قال: فلان، ما أعرفه، ولكني أعرف شابًّا آخر لولا تحقيقي من وجود المستقل عني، لظننته إياي.

وحكايات الشبه والاشتباه في الأشخاص والأشياء لا تكاد تحصر، وهي داخلة في باب تحقيق الشخصية من كتب الطب الشرعي وغيره، على أن ابن بطوطة لم يكتب رحلته بقلمه، وإنما أملاها على الكاتب الأديب ابن جزي الكلبي، وقال هذا في المقدمة: ونقلت معاني كلام الشيخ أبي عبدالله بألفاظ موفية للمقاصد التي قصدها، موضحة للمعاني التي اعتمدها"، فيجوز أن يكون ذلك من تحريف النُّساخ أو وسوسة بعض الخصوم، والله أعلم!


المصدر: مجلة الهدي النبوي

المجلد الرابع - العدد 45 - أول جمادى الأولى سنة 1359هـ



[1] مجموع الرد الوافر وما معه من الرسائل طبع مصر ص141-146.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ابن تيمية واعظًا وخطيبًا
  • عصر ابن تيمية وأثره فيه (2)
  • خصائص كلام ابن تيمية
  • الفطرة المنزلة عند الإمام ابن تيمية
  • ابن بطوطة يفتري الكذب على ابن تيمية
  • ابن تيمية وابن حزم وموقفهما من أئمة العلم

مختارات من الشبكة

  • التعايش بين أئمة المذاهب الفقهية - الإمام الشافعي نموذجًا (PDF)(كتاب - موقع د. حسن سهيل الجميلي)
  • التعايش بين أئمة المذاهب الفقهية ( الإمام الشافعي نموذجا )(مقالة - موقع د. حسن سهيل الجميلي)
  • منهج الإمام الشاطبي في الفتوى من خلال كتاب: (فتاوى الإمام الشاطبي) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأحاديث التي في مسند الإمام أحمد من طريق الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التراث العلمي عند الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة مسند الإمام أبي حنيفة النعمان برواية الإمام أبي بكر المقرئ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • متن الزبد في علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي للشيخ الإمام أحمد بن رسلان الشافعي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • إذا رفض الإمام الجمع بين الصلاتين في المطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنثور من أخبار شيخ الإسلام ابن تيمية: سلالات تاريخية عن الإمام ابن تيمية (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب