• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير الربع السادس من سورة الأعراف بأسلوب بسيط

رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/8/2015 ميلادي - 7/11/1436 هجري

الزيارات: 11929

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [1]

6. الربع السادس من سورة الأعراف


الآية 117: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى ﴾ في ذلك الموقف العظيم - الذي فرَّقَ اللهُ فيه بين الحق والباطل - ﴿ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾ فألقاها ﴿ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾: يعني فإذا هي تبتلع الحبال والعِصِيّ التي ألقاها السَحَرة مِن أجل أن يُوهِموا الناس أنها حق وهي باطل.


الآية 118، والآية 119: ﴿ فَوَقَعَ الْحَقُّ ﴾: أي فظهر الحق واتضح لمن حضر هذه المُناظَرة، وعُلِمَ حينها أنَّ موسى رسولٌ من الله يدعو إلى الحق، ﴿ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾: يعني وبَطُلَ الكذب الذي كان يعمله السَحَرة، ﴿ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ ﴾: أي فغُلِبَ فرعون وقومه في أرض المُناظَرة، ﴿ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ﴾: يعني ورجعوا إلى ديارهم أذِلاَّء مغلوبين.


الآية 120، والآية 121، والآية 122: ﴿  وَأُلْقِيَ ﴾: يعني وَخَرَّ ﴿ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾ للهِ جَلَّ وعَلا، لِمَا رأوْهُ مِن عظيمِ قدرته سبحانه، و﴿ قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ﴿ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ - (واعلم أنهم قالوا هذه الجُملة حالَ سجودهم، إعلاماً منهم أنهم ما سجدوا لفرعون كما كانَ يفعل المصريون وَقْتَها، وإنّما سجدوا للهِ رب العالمين الذي لا يستحق العبادة غيره).


الآية 123، والآية 124: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ ﴾ للسحرة: ﴿ آَمَنْتُمْ بِهِ ﴾ أي صَدَّقتم موسى فيما دَعَا إليه ﴿ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ ﴾ بالإيمان به؟ ﴿ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ ﴾: يعني إنَّ هذا الذي قمتم بهِ مِن ادَّعاء الغَلَبة لموسى بعدما أظهرتم الحماس في بداية المُناظرة، ما هو إلا حِيلةٌ وتدبيرٌ خَفِيّ تَمَّ بينكم وبين موسى في المدينة - قبل الخروج إلى ساحة المُناظرة -، وذلك ﴿ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ﴾: أي لِتُخرجوا المصريين من مصر بإبطال مُلكِهم، وتسكنوها أنتم وبنو إسرائيل لتستولوا على خيراتها (وقد قال هذا تمويهًا على الناس، لِئَلاَّ يَتَّبعوا السَحَرة في الإيمان بموسى).


ويُحتَمَل أن يكون المراد بإخراج أهلها: هو إخراج بعض الناس المقيمين فيها - وهم بنو إسرائيل - لأنّ موسى كانَ يُطالِب فرعونَ أن يُطلِق سراحهم ليَخرجوا معه إلى بيت المقدس، وبالتالي سوف يخرج معهم مَن آمن بموسى مِن أهل مصر، ليعبدوا اللهَ معه، والله أعلم.


ثم توَعَّدَ فرعونُ السَحَرة قائلاً: ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ أيها السَحَرة ما سَيَحِلُّ بكم من العذاب والهَوان، ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ﴾: أي بِقَطْع اليد اليُمنَى والرجل اليُسرى، أو اليد اليُسرى والرجل اليُمنى، ﴿ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ على جذوع النخل تعذيباً لكم وتخويفاً للناس.


الآية 125، والآية 126: ﴿ قَالُوا ﴾: أي قال السَحَرة لفرعون: ﴿ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴾: أي قد تيَقَّنَّا بأننا إلى اللهِ راجعون، وأنّ عذابه أشدّ من عذابك، فلنصبرنَّ اليوم على عذابك لِننجو من عذاب اللهِ يوم القيامة، ﴿ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا ﴾: يعني ولستَ تكرهنا وتُنكِر علينا إلا بسبب إيماننا ﴿ بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ﴾ على يد موسى، والتي لا تقدر أنت على مِثلها ولا أحدٌ آخر سِوَى الله رب العالمين، ثم قالوا - مُتضرعين إلى ربهم لِيُصَبِّرهم - حتى يتحملوا عذاب فرعون: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾: أي أنزِل على قلوبنا صبرًا وثباتاً عظيمًا، حتى نتحمل ما توَعَّدَنا به فرعون من العذاب، ولا نَرتدّ بعد إيماننا، ﴿ وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾: يعني وتوفَّنا مُنقادينَ لأمرك، مُتَّبعينَ لرسولك موسى.


الآية 127: ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ﴾ لفرعون: ﴿ أَتَذَرُ ﴾: يعني أتترك ﴿ مُوسَى وَقَوْمَهُ ﴾ من بني إسرائيل ﴿ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ﴾: أي لِيُفسدوا الناسَ في أرض "مصر" بتغيير دينهم بعبادة الله وحده، وترْك عبادتك وعبادة آلهتك؟، (وقد قيل إنّ آلهة فرعون هي أصنام صِغار وضعها لِيَعبدها الناس، لِتقرّبهم إليه، وقال لهم: (أنا ربكم ورب هذه الآلهة)).

﴿ قَالَ ﴾ فرعون: ﴿ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ الذكور ﴿ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ﴾: يعني ونستبقي نساءهم وبناتهم أحياء للخدمة والإهانة، ﴿ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾: يعني وإنَّا عالونَ عليهم بقهر المُلْك والسلطان.


الآية 128، والآية 129: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ ﴾ على فرعون وقومه، ﴿ وَاصْبِرُوا ﴾ على ما أصابكم من المَكَاره في أنفسكم وأبنائكم، فـ ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ ﴾ كلها ﴿ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: يعني والعاقبة المحمودة لِمَن اتقى اللهَ تعالى، ففعل أوامره واجتنب نواهيه، ﴿ قَالُوا ﴾: أي قال بنو إسرائيل لموسى: ﴿ أُوذِينَا ﴾: أي ابتُلِينا بالإيذاء - في أنفسنا وأبنائنا ونسائنا - على يد فرعون وقومه، وذلك ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ﴾، فـ ﴿ قَالَ ﴾ لهم موسى: ﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ﴾ ﴿ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ بعد هلاكهم، ﴿ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ هل تشكرون أو تكفرون؟


الآية 130، والآية 131 : ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ﴾: أي ولقد ابتَلَينا فرعون وقومه بالقحط والجفاف ﴿ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾ وذلك ﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ أي رجاء أن يتذكروا، فيَكُفّوا عن ضَلالاتهم، ويَرجعوا إلى ربهم بالتوبة والتضرُّع، فلم يفعلوا، ﴿ فَإِذَا ﴾ حَوَّلَ اللهُ تعالى حالهم، و﴿ جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ ﴾: يعني وجاءهم الرزق الكثير والعافية من الأمراض: ﴿ قَالُوا لَنَا هَذِهِ ﴾ أي نحن مُستحقون لهذه النعم، فلا يشكرونَ اللّهَ عليها، ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ﴾: يعني وإن يُصِبْهم قحطٌ ومرض: يتشاءموا، ويقولوا: هذا بسبب موسى ومَن معه، ﴿ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ﴾: يعني ألاَ إنَّ ما يُصيبهم من القحط والجفاف إنما هو بقضاء الله وقدره، وبسبب ذنوبهم وكُفرهم، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ ذلك، لانغماسهم في الجهل والضلال.


الآية 133: ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ ﴾ وهو سَيْلٌ جارف أغرق الزروع والثمار، ﴿ وَالْجَرَادَ ﴾: أي وأرسلنا عليهم الجَراد فأكَلَ زروعهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم، ﴿ وَالْقُمَّلَ ﴾ - وقد قيل: إنّ القمل هو صِغار الجَراد، والظاهر أنه القمل المعروف الذي يُصِيبُ شَعر الرأس -،﴿ وَالضَّفَادِعَ ﴾ فملأتْ آنِيتهم وأطْعِمَتهم ومَضاجعهم، ﴿ وَالدَّمَ ﴾: أي وأرسلنا عليهم الدم فصارت أنهارهم وآبارهم دمًا، ولم يجدوا ماءً صالحًا للشرب، فكانوا لا يشربون إلا دَماً، ولا يطبخون إلا بِدَم.


وقد كانت هذه الآيات الخمس ﴿ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ﴾: يعني آيات واضحات - لا يقدر عليها إلا الله -، تدل على أنهم كانوا كاذبينَ ظالمين، وعلى أنّ ما جاء به موسى هو الحق، ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾ عن الإيمان والطاعة، ﴿ وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ مُفسدين لا خيرَ فيهم ولا عهدَ لهم.


الآية 134: ﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ ﴾: يعني: ولمَّا نزل العذابُ على فرعون وقومه - ويُحتمَل أن يكون هذا العذاب هو الطاعون، ويُحتمَل أن يُراد به ما تقدم من الآيات: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، فإنها عذاب -، فكانوا كلما أصابتهم آية من هذه الآيات: ذهبوا إلى موسى، فـ ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ﴾ أي بما عَلَّمَك من وسائل إجابة الدعاء، وادْعُهُ بما أوحى به إليك مِن رَفْع العذاب بالتوبة، وقالوا له: ﴿ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ﴾: يعني لئن رفعتَ عنا العذاب الذي نحن فيه، لَنُصدِّقنَّ بما جئتَ به، ﴿ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾: أي ولَنُطلقنَّ معك بني إسرائيل، فلا نمنعهم مِن أن يذهبوا حيث شاؤوا، (وهم في ذلك كَذَبَة، لا قصدَ لهم إلا زوال ما حَلَّ بهم من العذاب، وظنوا أن العذاب إذا رُفِعَ عنهم، فلن يُصيبهم غيره).


الآية 135، والآية 136: ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ ﴾: أي فلما رَفعنا عنهم العذاب الذى نزل بهم، وظلَّ مرفوعاً عنهم ﴿ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ ﴾: أي إلى وقتٍ مُحدد سيَبلغونه لِيَهلكوا فيه بسبب إصرارهم على نقض عهودهم - ولن يُمهَلوا مرة أخرى إذا جاء ذلك الأجل، ولن ينفعهم إمهالهم السابق -، وبالفعل، فعندما طالبهم موسى بالوفاء بما عاهدوه عليه - مِن الإيمان به وإطلاق سراح بني إسرائيل -: ﴿ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾: أي إذا هم يَنقضون عهودهم، ويُقيمون على كُفرهم وضلالهم ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ حين جاء الأجل المحدد لإهلاكهم، ﴿ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا ﴾: أي فأغرقناهم في البحر بسبب تكذيبهم بالمعجزات التي ظهرتْ على يد موسى، ﴿ وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾: أي وكانوا عن هذه المعجزات غافلين، وتلك الغفلة هي سبب التكذيب.


واعلم أن هذه الآيات السابقة تُظهِر ضعف الإنسان عند نزول البلاء به، حيثُ يَفزَع إلى اللهِ تعالى فيَدعوه ويتضرع إليه، وعِندَ رَفْع البلاء يَنسى ما نَزَلَ به، ويعودُ إلى ما كان عليه من المعاصي، إلا مَن آمن وعمل صالحاً، فإنه يَصبر عند البلاء، ويَشكر عند النَعماء.


الآية 137: ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ﴾: أي وأورثنا بني إسرائيل الذين كانوا يُستَذَلُّون للخدمة: ﴿ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ﴾ - (وقد اختلف العلماء في معنى مشارق الأرض ومغاربها، فبعضهم قال إنها أرض الشام، إذ لها مشارق ومغارب، وبعضهم قالَ إنها أرض مصر، لأنها هي التي كانت تحت تصرف فرعون في ذلك الوقت، وبعضهم قال: (هي مصر والشام معاً)، واللهُ أعلم).


وهذه الأرض التي أورثناها لهم هي ﴿ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ بإخراج الزروع والثمار والأنهار، ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾: أي وصَدَقَ وَعْدُ اللهِ لبني إسرائيل بإهلاك عدوهم والتمكين في الأرض، وهذا الوعد هو المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ ، وهو نفس الوعد الذي أخبرهم به موسى حين قال لهم: ﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ ، (وقد سَمَّى اللهُ هذا الوعد بـ ﴿ الحُسنى ﴾ لأنه وَعْدٌ بما يُحبون).


وقد كان هذا التمكين لبني إسرائيل ﴿ بِمَا صَبَرُوا ﴾: أي بسبب صبرهم على أذى فرعون وقومه، ﴿ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ﴾ من السلاح والحدائق والمزارع، وغير ذلك، ﴿ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾: أي وكذلك دَمّرنا ما كانوا يبنون من الأبنية والقصور العالية، وأورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم قوماً آخرينَ غيرهم.


الآية 138: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ﴾ أي وقطعنا بهم البحر فاجتازوه إلى شاطئه سالِمين، ﴿ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ ﴾: أي فمَرُّوا على قومٍ يُقِيمون ﴿ عَلَى ﴾ عبادة ﴿ أَصْنَامٍ لَهُمْ ﴾، فـ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾: أي اجعل لنا صنمًا نعبده كما لهؤلاء القوم أصنام يعبدونها، ﴿ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ عَظمةَ اللهِ تعالى، ولا تعلمون أن العبادة لا تكونُ إلا للهِ الواحد القهار، وأما غيره من الآلهة الباطلة، فإنهم لا يَملكون لأنفسهم - ولا لِمَن يَعبدهم - نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً (والنشور هو البعث بعد الموت).


الآية 139: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ ﴾ المُقيمين على هذه الأصنام ﴿ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ ﴾: أي هالِكٌ ما هم فيه من الشِرك وخاسر، ﴿ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ من عبادتهم لتلك الأصنام، التي لا تدفع عنهم عذابَ اللهِ إذا نزل بهم.


الآية 140: ﴿ قَالَ ﴾ موسى لقومه: ﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا ﴾: يعني أغيرَ اللهِ أطلبُ لكم معبودًا تعبدونه، وهو سبحانه الذي خلقكم، ﴿ وَهُوَ ﴾ الذي ﴿ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾: أي فضَّلكُم على عالَمِي زمانكم بكثرة الأنبياء فيكم، وبإهلاك عدوكم، وبما خَصَّكم به من المعجزات؟!


الآية 141: ﴿  وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ ﴾: يعني واذكروا - يا بني إسرائيل - نِعَمنا عليكم حينَ أنقذناكم ﴿ مِنْ ﴾ بطش وأسْر وذل ﴿ آَلِ فِرْعَوْنَ ﴾ لكم، إذ كانوا ﴿ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾: أي يُذيقونكم أشد العذاب، فـ ﴿ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ ﴾ ﴿ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴾: أي ويتركون بناتكم أحياءً للخِدمة والإهانة، ﴿ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾: يعني: وفي ذلك اختبارٌ لكم من ربكم، وفي إنجائكم منه نعمة عظيمة، تستوجبُ شُكرَ اللهِ تعالى في كل عصوركم وأجيالكم.


[1] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الأخير من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الأول من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثاني من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثالث من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الرابع من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الخامس من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع السابع من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثامن من سورة الأعراف بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الأخير من سورة الأعراف بأسلوب بسيط

مختارات من الشبكة

  • تفسير ربع: يسألونك عن الخمر والميسر (الربع الرابع عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: واذكروا الله في أيام معدودات (الربع الثالث عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الأهلة (الربع الثاني عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (الربع الحادي عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: سيقول السفهاء من الناس (الربع التاسع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الربع الثامن من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ما ننسخ من آية أو ننسها (الربع السابع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ولقد جاءكم موسى بالبينات (الربع السادس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم (الربع الخامس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
11- شكراً جزيلا
Queen ana - الولايات المتحدة الأمريكية 30-08-2015 08:40 PM

جزاكم الله خيراً معلومات رائعة ومفيدة

10- أنا سعيد جداً بهذه المشاركات
رامي حنفي - مصر 22-08-2015 05:59 PM

السلام عليكم أحبتي في الله
جزاكم الله خيراً على هذه المشاركات الرائعة، وأحب أن أتقدم بالشكر خاصةً لأخي الكريم الفاضل (أبو عمر) من الرياض، إذ هو الذي ابتدأ هذه المشاركات الطيبة في الربع السابع عشر من سورة البقرة، وكانَ فيها نِعمَ الناصح الأمين، وأنا أراعي ملحوظاته عند تجميع الأرباع في ملف واحد (pdf)، فأرجو ألاّ يحرمنا من مشاركاته
وجزاه الله خيراً

9- مشاركة بسيطة
محمد اسماعيل - الامارات 22-08-2015 05:09 PM

- لقد ذكَّرهم موسى عليه السلام بنعمة الله عليهم بعد أن أنكر عليهم طلبهم إلهاً غير الله، لِيُذكِّرهم بأنه لا يليق بمن ينعم الله عليه بنعمة عظيمة أن ينساه ويطلب إلهاً غيره.

8- مشاركة في قول السحرة: (وتوفنا مسلمين)
أبو إسراء - مصر 22-08-2015 05:06 PM

(وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) الإسلام هو الانقياد والاتباع وهو دين الله في كل العصور ولكن الشرائع مختلفة.

7- مشاركة في معنى: (مشارق الأرض ومغاربها)
حمدي عويس - مصر 22-08-2015 04:35 PM

من بين أرض الشام: الأرض المقدّسة أرض فلسطين، إذ سكنها بنو إسرائيل بعد وفاة موسى وهارون، حين انتصر يوشع بن نون على العمالقة في أرض فلسطين

6- مساهمة
محمد زكي - egypt 22-08-2015 04:32 PM

جاء في معنى قوله تعالى: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ)أننا ما أزلنا عنهم العذاب مطلقًا، بل إنما أزلنا عنهم العذاب إلى أجل معين، وعند ذلك الأجل لا نزيل عنهم العذاب بل نهلكهم به
وهذا مثل قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)

5- إضافة بسيطة
عبد الناصر - مصر 22-08-2015 04:29 PM

أخي الكريم.. أرجو أن تقبل مني هذه المساهمة، وهي أن قصة السحرة تؤكد على فضيلة الاسترجاع للعبد ، وذلك بأن يقول {إنا لله وإنا إليه راجعون} حيث فزع إليها السحرة لما هددهم فرعون إذ قالوا: {إنا إلا ربنا منقلبون} أي راجعون، فهان عليهم ما تهددوا به
وجزاكم الله خيرا

4- مشاركة
على حجازي - مصر 22-08-2015 04:26 PM

نفذ فرعون جريمته بقتل السحرة ولكن أحدث ذلك اضطراباً في البلاد لم يكن فرعون ولا ملأه يتوقعونه، ولم يرد في القرآن ما يدل على أنّ فرعون نفّد وعيده في السحرة أو لم ينفذه، وعدم ذكر القرآن له لأنه خالٍ من الفائدة، وذكر القرطبي بصيغة التمريض فقال: قيل إنّ فرعون أخذ السحرة وقطعهم على شاطىء النهر وأنّه آمن بموسى عند إيمان السحرة ستمائة ألف والله أعلم

3- أعجبني جداً
خيري فاروق - مصر 22-08-2015 04:24 PM

بصراحة أول مرة أفهم هذه الجملة: (وقد قيل إنّ آلهة فرعون هي أصنام صِغار وضعها لِيَعبدها الناس، لِتقرّبهم إليه، وقال لهم: (أنا ربكم ورب هذه الآلهة)).

2- جميل جداً شرح هذه الجملة
mohsen magec mohammed - Egypt 22-08-2015 04:20 PM

ويُحتَمَل أن يكون المراد بإخراج أهلها: هو إخراج بعض الناس المقيمين فيها - وهم بنو إسرائيل - لأنّ موسى كانَ يُطالِب فرعونَ أن يُطلِق سراحهم ليَخرجوا معه إلى بيت المقدس، وبالتالي سوف يخرج معهم مَن آمن بموسى مِن أهل مصر، ليعبدوا اللهَ معه، والله أعلم.

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب