• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

وقوع الفرقة بين الزوجين بالخلع

د. سامح عبدالسلام محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/6/2015 ميلادي - 26/8/1436 هجري

الزيارات: 21971

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقوع الفُرقة بين الزَّوجين بالخلع


• فبالخُلْع تقع الفُرقة بين الزَّوجين؛ إذ هي المقصود منه، ولأجلها بذَلت المرأة مالها.

 

وقد اختلف الفقهاء في نوع الفُرقة الواقعة بين الزَّوجين بسبب الخُلْع، وذلك على ثلاثة آراء، نعرضها فيما يلي:

الرأي الأول:

• ويرى أن الخُلْع طلاق بائن، وهو ما قال به أبو حنيفة ومالك والشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، وروي ذلك عن كثير من التابعين؛ كسعيد بن المسيِّب، والحسن، وعطاء، كما روي عن عثمان وعلي وابن مسعود من الصحابة.

 

وقد صرَّح بذلك فقهاءُ المذاهب في مصنفاتهم المختلفة، فيقول السرَخسي في المبسوط: (والخُلْع عندنا تطليقة بائنة)[1].

 

ويقول ابن رشد في بداية المجتهد: (وأما نوع الخُلْع، فجمهور العلماء على أنه طلاقٌ بائن، وبه قال مالك)[2].

 

ويقول الإمام الشافعي في الأم: (.. وأما نحن، فنجعل الطلاق كله يملِك الرجعة إلا طلاقَ الخُلْع)[3].

 

كما نص علماء الحنابلة المتأخرون على أن الخُلْع طلاق بائن، فجاء بكشاف القناع: (والخُلْع طلاق بائن)[4].

 

الرأي الثاني:

• ويرى أن الفُرقة الواقعة بالخُلْع طلاق رجعي، فللزوج أن يراجع زوجته في العدة، على أن يرد عليها ما أخذ منها.

 

وهو رأي الظاهرية، وفي هذا يقول الإمام ابن حزم: (وأما هل الخُلْع طلاق بائن أو رجعي؟ فقالت طائفة: هو طلقة بائنة، وأما من قال: إن الخُلْع طلاق رجعي، فكما روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال في المختلعة: إن شاء أن يراجعها، فليردُدْ عليها ما أخذ منها في العدة، وليُشهِدْ على رجعتها)...، ثم يقول ابن حزم: (وما وجدنا قط في دِين الإسلام عن الله تعالى ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاقًا بائنًا لا رجعةَ فيه إلاَّ الثلاث مجموعةً أو مفرَّقة، أو التي لم يطَأْها، ولا مزيدَ، أما ما عدا ذلك فآراء لا حُجَّة فيها، وأما ردُّه ما أخَذ منها، فإنما أخذه لئلا تكون في عصمته، فإذا لم يتمَّ لها مرادُها، فمالُها الذي لم تعطِه إلاَّ لذلك مردودٌ عليها)[5].

 

الرأي الثالث:

• ويرى أن الخُلْع فسخ، وليس طلاقًا، ويذهب إلى ذلك الإمام أحمد بن حنبل في رواية عنه، والشافعي في القديم[6]، وروي عن ابن عباس، وبه قال طاوس وعكرمة وإسحاقُ وأبو ثَور.

 

وقد ذكر ابن قدامة أقوال مَن ذهب إلى أن الخُلْع طلاق، فقال: لكن ضعَّف أحمدُ الحديث عنهم وقال: ليس في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس أنه فسخٌ[7].

 

التفرقة بين الطلاق والفسخ:

• فالطلاقُ إنهاء لعقد الزواج في الحال إن كان بائنًا، أو في المآل إن كان رجعيًّا، والفسخ نقض للعقد، ورفعٌ له، إما من أساسه وأولِه كأَنْ لم يكن، كما في الفسخ بخيار البلوغ أو الإفاقة، وإما من وقت وقوع سببه، كما في ارتداد أحدِ الزَّوجين.

 

وهذا التقسيم يظهر أثرُه في أمور، منها:

أولاً: أن الفُرقة التي هي طلاق تحسب من العدد الذي يملكه الزَّوج من التطليقات، فلو عادت إليه بعد الطلاق عادت بما بقي من الثلاث، والفُرقة التي هي فسخ لا تحسب منها، فلو كان فسخًا فإن للمخالع أن يعيدَ الزَّوجة بعد نكاح جديد، وإن تكرَّر منه الخُلْع؛ لأن الفسخ لا ينقص من عدد الطلقات الذي يملِكه الزَّوج على زوجته.

 

ثانيًا: أن الطلاقَ غيرَ المكمِّل للثلاث يلحقُه الطلاقُ في العدة؛ لأن العقد باقٍ بعده، وأما الفسخ فلا يلحقُه طلاق في العدة؛ لأن الفسخَ نقضٌ للعقد، فلا محلَّ له[8].

 

أدلة الجمهور:

• استدل الجمهور على أن الخُلْع طلاق لا فسخ بالكتاب والسنَّة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]، ثم ذكَر حُكم الافتداء المراد به الخُلْع في هذه الآية، ثم ذكَر حُكم ما يترتب على الطلقة الثالثة من غير أن يذكرَها، فقال تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، فدلَّ ذلك على أن الخُلْع هو الثالثة[9].

 

ثانيًا: من السنَّة:

ما رُوِي في حديث ثابت بن قيس أن امرأته جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني ما أعتبُ عليه في خُلُق ولا دِين، ولكني أكرَهُ الكفر في الإسلام، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أتردِّين عليه حديقتَه؟))، قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقبَلِ الحديقة وطلِّقْها تطليقةً))[10].

 

فقد صرَّح الحديث الشريف بلفظ الطلاق، وليس فيه ما يدل على أن الخُلْع فسخ، فكان دليلاً على أن الخُلْع طلاقٌ لا فسخ.

 

ثم عاد هذا الفريق واختلف حول نوع الطلاق الواقع بالخُلْع، هل هو طلاق رجعي أم بائن؟ على النحو الذي أسلفنا بيانه واستعراضَه عند ذِكر الآراء، وقد بينَّا عندها حُجَّة الظاهرية في مخالفة الجمهور، والقول بأنه طلاق رجعيٌّ.

 

أدلة الرأي القائل بأنه فسخ:

• استدل من قالوا بأن الخُلْع فسخ بالكتاب والسنَّة وعمل الصحابة والمعقول:

أولاً: من الكتاب:

فقد قال الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، فقد وردت هذه الآية بعد قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، وبعد ذِكر الخُلع في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾[البقرة: 229]، ومعنى ذلك أن يكون هناك طلاق رابع إذا اعتبرنا الخلع طلاقًا، فاقتضى ذلك أن يكون فسخًا لا طلاقًا[11]؛ أي: إنهم استندوا إلى نفس الآية الكريمة، ولكنهم رأوا أن الله تعالى قد ذكَر الطلقة الثالثة في قوله: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ ﴾ الآية [البقرة: 230]، فيكون الخلع بخلاف الطلاق.

 

ثانيًا: من السنَّة وعمل الصحابة:

1 - ما رُوي في حديث ثابت بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لثابت: ((خُذِ الذي لها عليك، وخلِّ سبيلها))، فقال: نَعَم، فأمرها الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن تتربص بنفسها حيضة واحدة وتلحق بأهلها[12].

 

2 - ما روي عن ابن عباس حينما سأله إبراهيمُ بن سعد عن رجل طلَّق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه، أينكحها؟ قال ابن عباس: نَعم، ذكَر الله الطلاق في أول الآية وفي آخرِها، والخُلْع بين ذلك، فليس الخُلْع بشيء، فدل ذلك على أنه فسخ.

 

3 - وما رُوي عن نافعٍ مولى ابن عمر أنه سمع الرُّبيِّع بنت معوِّذ بن عفراء تُخبِر ابنَ عمر أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمانَ بن عفان، فجاء عمُّها إلى عثمان فقال: إن ابنةَ معوِّذ اختلعت من زوجِها اليوم، أفتنتقلُ؟ فقال عثمان: لتنتقل ولا ميراث بينهما، ولا عدة عليها، إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضةً؛ خشية أن يكون بها حبل، فقال ابن عمر: (عثمان أخبَرُنا وأعلَمُنا) [13]؛ فهذه الآثار تدل على أن الخُلْع فسخ وليس بطلاق.

 

ثالثًا: من المعقول:

• قالوا: إن الخُلْع والطلاق يختلف أثرُ كل منهما عن الآخر؛ وذلك أن الله تعالى قد رتب على الطلاق بعد الدخول ثلاثة أحكام، كلها غير موجودة في الخُلْع، وهي:

1 - أن الزَّوج أحق بالرجعة في الطلاق ما دامت الزَّوجة في العدة.

 

2 - أن الطلقة الواحدة محسوبة مما يملكه الرجل على زوجته من الثلاث، فلا تحلُّ له بعد استيفاء الثلاث إلا بعد دخولها بزوج آخر.

 

3 - أن العدة تستتبع الطلاق، وأن العدة في الطلاق ثلاثةُ قروء.

 

وقد ثبت بالنص والإجماع أنه لا رجعةَ في الخُلْع، وثبت بالسنَّة أن المختلعة تستبرئ بحيضة واحدة، وثبت كذلك جواز الخُلْع بعد تطليقتين، ووقوع طلقة ثالثة بعد حدوثه، فدل ذلك على أن الخُلْع فسخ لا طلاق[14].

 

ويمكن مناقشة أدلة أصحاب هذا الرأي بما يلي:

أولاً: أن الآية ليست صريحة فيما ذهبوا إليه، ولا تدل على أن الافتداء الوارد بها يعني فُرقة تلي التطليقتين، بل الظاهر من معناها أنها أفادت أن الطلاق مرتان، وأن التطليق في هاتين المرتين لا يصحُّ في نظير عِوَض يأخذه الزَّوج من زوجته إلا إذا خِيفَ ألا يقيما حدودَ الله، وبذلك دلت الآيةُ على أن الطلاق يجب أن يكون مجردًا عن أخذ العِوَض إلا في حالة واحدة، هي حالةُ الخوف من عدم إقامة حدود الله.

 

ثم قال الله تعالى بعد ذلك: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ [البقرة: 230]؛ أي: بعد هاتين التطليقتين، سواء أكانت بعِوَض أم بغير عوض، فلا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجًا غيره، وبهذا يتبين أن الآيةَ ليست صريحة فيما ذهبوا إليه من معنى، وأن الاستدلالَ بها على أن الخُلْع فسخٌ لا دليل عليه منها[15].

 

ثانيًا: أن ما استدلوا به من السنَّة من بعض الروايات في حديث ثابت بن قيس، ليس فيها كذلك ما يدلُّ على أن الخُلْع فسخ؛ لأن روايات حديث ثابت ليست واحدة، بل منها ما صرح فيه بالطلاق، كما في رواية ابن عباس، ومنها ما صرح فيه بغير لفظ الطلاق، كما ورد في رواية الرُّبيِّع بنت معوِّذ، كلفظ: (خلِّ سبيلها) و(فارِقْها).

 

وقد يكون المراد من هذه الألفاظ أن يكون تركها ومفارقتها وتخلية سبيلها بالتطليق؛ لأنها هي الفُرقة المعروفة، ويكون المعنى: وفارقها بتطليقها ونحو ذلك، وعليه لا تكون هذه الألفاظ دالةً - دلالة قطعية - على أن الخُلْع فسخ[16].

 

أما ما استدلُّوا به من بعض الروايات التي قال فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لامرأة ثابت: ((اعتدِّي بحيضة))، وأن عدة الطلاق ثلاث حيضات، فهذا لا يفيدهم كذلك؛ لأن اعتدادَ المختلعة بحيضة لا يلزَمُ منه أن يكونَ الخُلْع فسخًا، بل يجوز أن يكون طلاقًا، وعدته حيضة واحدة لا ثلاث، على فرض صحة الروايات الدالة على ذلك؛ لأن أمر العدة وتقديرها يرجعُ إلى الشارع الحكيم، وله أن يجعل العدة ثلاثَ حيضات في بعض أنواع الطلاق، وحيضة واحدة في نوع آخر[17].

 

ثالثًا: أن ما استدل به أصحابُ هذا الرأي من المعقول واختلاف الأثر المترتب على كلٍّ من الطلاق والخُلْع، فهذا أيضًا ليس بدليل؛ لأن الآثارَ المترتبة على الخُلْع منها ما لا يتنافى مع جعله طلاقًا - كانتفاء المراجعة - وذلك إذا اعتبرناه طلاقًا بائنًا، ومنها ما هو محلٌّ للنِّزاع والخلاف - كعدة المختلعة - فلا يصحُّ دليلاً عند من يقولُ بخلافِه.

 

الترجيح:

• وبعد استعراض أدلة الفريقين ومناقشة أدلة الرأي القائل بأن الخُلْع فسخ، وقد ظهر لنا أنه لم يسلَمْ لهذا الفريق دليلٌ على ما ذهبوا إليه من أن الخُلْع فسخٌ وليس بطلاق:

نستطيع أن نرجح ما ذهب إليه الجمهور من أن الخُلْع طلاق ينقص عدد التطليقات التي للرجل على زوجته؛ وذلك لصحةِ ما ذهبوا إليه، وما استدلوا به.

 

ونرى أنه بائنٌ وليس رجعيًّا، ونضعِّفُ الرأيَ القائل بأنه طلاق رجعي، كما ضعفَّه شيخُ الإسلام ابن تيمية فقال: (إن مقصود الافتداء لا يحصل إلا مع البينونة؛ ولهذا كان حصول البينونة بالخُلْع مما لم يُعرَفْ فيه خلافٌ بين المسلمين)[18].

 

كما نصَّ ابن قدامة عليه فقال: قوله تعالى: ﴿ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229] يدلُّ على أن الفُرقة بالخُلْع لا تكون فداءً بالطلاق الرجعي؛ لأنها لا تكون فداءً إلا إذا خرجت عن سلطانِ الزَّوج، ولا تخرُجُ عن سلطانه إلا إذا وقعت البينونةُ دون أن يكون للزوج حقُّ الرَّجعة، ولأن القصد من الخُلْع إزالةُ الضرر عن المرأة، فلو جاز ارتجاعها لعاد الضرر، ولأن المرأة إنما بذلت المال لتملِكَ نفسَها، فلا يملك الزَّوج إرجاعها بإرادته، فالقول بأن الفُرقة بالخُلْع طلاقٌ رجعيٌّ يناقض طبيعةَ الخُلْع، وحِكمة تشريعه)[19].

 

• وقد وجدنا من العلماء المحدَثين مَن يميل إلى اعتبار الخُلْع فسخًا وليس طلاقًا، وَفْقًا للمعتمد من مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وهو ما رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم[20]، كما وجدنا من وَافَق الجمهور فيما ذهبوا إليه، ومنهم فضيلة الشيخ علي الخفيف رحمه الله، الذي رجَّح كون الخُلْع طلاقًا لا فسخًا، غير أنه عاد وقرر أنه: (ولعل الأرفقَ بالناس أن يُعَدَّ الخُلْع فسخًا لا طلاقًا)[21].

 

ذلك أنه إذا جعلنا الخُلْع فسخًا، فلا يدخل في عدد الطلقات ولا يُحسَب من الثلاثِ.

 

وإذا جعلناه طلاقًا، كان محسوبًا من الثلاث؛ فقد يطلِّق الرجل امرأته تطليقتين ثم يخالعها، فإذا اعتبرناه طلاقًا، فلا تحلُّ له الزَّوجة إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره ويدخل بها، أما إذا جعلناه فسخًا، كان للزوج أن يتزوجها ثانية بما بقي له عليها من تطليقة باقية.

 

فيظل الراجح عنده فقهًا ما عليه جمهورُ الفقهاء، مع اتساع الأمر لأهل الفتوى في اختيار الرأي الأنسبِ للزمان والمكان، والأرفق بالناس عند إفتائهم.

 


[1] المبسوط؛ للسرخسي ج 6 ص 171.

[2] بداية المجتهد؛ لابن رشد ج 2 ص 57.

[3] الأم؛ للشافعي ج 7 ص 174.

[4] كشاف القناع ج 3 ص 128.

[5] المحلى؛ لابن حزم ج 10 ص 239 - 240.

[6] نص عليه الشيرازي في المهذب فقال: (فإن خالعها بصريح الخلع، نظرت: فإن لم ينوِ به الطلاق، ففيه ثلاثة أقوال، أحدها: أنه لا يقع به فُرقة، وهو قوله في الأم؛ لأنه كناية في الطلاق من غير نية، فلم يقع بها فُرقة، كما لو عَرِيَت عن العِوَض، والثاني: أنه فسخ، وهو قوله في القديم؛ لأنه جعل للفُرقة، فلا يجوز أن يكون طلاقًا؛ لأن الطلاق لا يقع إلا بصريح أو كناية مع النية، والخُلع ليس بصريح في الطلاق، ولا معه نية الطلاق، فوجب أن يكون فسخًا، والثالث: أنه طلاق، وهو قوله في الإملاء، وهو اختيار المُزَني؛ لأنها إنما بذَلَتِ العِوَض للفُرقة، والفرقة التي يملك إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ)؛ (المهذب؛ للشيرازي ج 2 ص 72).

[7] المغني؛ لابن قدامة ج 8 ص 185.

[8] أحكام الأسرة في الإسلام؛ لفضيلة الدكتور/ محمد مصطفى شلبي ص 483 وص 484.

[9] تفسير القرطبي ج 2 ص 952.

[10] نيل الأوطار ج 6 ص 246.

[11] تفسير القرطبي ص 952.

[12] رواه النسائي ج 3 ص 383.

[13] نيل الأوطار ج 6 ص 246، سبل السلام ج 3 ص 167، ص 168.

[14] فرق النكاح؛ للأستاذ الشيخ/ علي الخفيف ص 190.

[15] تفسير القرطبي ص 952.

[16] نيل الأوطار ج 6 ص 251.

[17] المرجع السابق - نفس الموضع.

[18] فتاوى الإمام ابن تيمية ج 3 ص 32، وإن كان الإمام ابن تيمية يرى أن الخُلع فسخ، وليس طلاقًا بحال، لا رجعيًّا ولا بائنًا.

[19] المغني؛ لابن قدامة ج 7 ص 60.

[20] المفصل؛ للأستاذ الدكتور عبدالكريم زيدان ج 8 ص 222.

[21] فرق النكاح؛ للأستاذ/ علي الخفيف ص 190.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين الزوجين
  • النشوز بين الزوجين (1)
  • الفرقة بين الزوجين بسبب الإصرار على الزنا
  • تنمية الحب بين الزوجين
  • بيان عدة المختلعة
  • هل يلحق المختلعة طلاق وظهار وإيلاء؟

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة رسالة في الحلف بالطلاق المعلق وتقدير وقوع الطلاق والفرق بينه وبين نذر الحاج(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفرق بين الفرقة الناجية وباقي الفرق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغضب وأثره في وقوع الطلاق بين الأزواج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • رياض الأطفال وواقع طرائق التدريس بين الواقع والمأمول(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من النص إلى الواقع - التجربة الأصولية بين العقل والواقع والتاريخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نفقة الأولاد عند وقوع الخلع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإشهاد على وقوع الخلع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الاستمتاع بالزوجة بعد وقوع لفظ الطلاق(استشارة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • وقوع الزوجة في الحرام(استشارة - الاستشارات)
  • القواعد السبع للتعامل مع المخالف: الفرق بين الوقوع في البدعة والابتداع(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب