• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير: { إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون}

تفسير: { إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون}
محمد محيي الدين عبدالحميد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2015 ميلادي - 15/8/1436 هجري

الزيارات: 32161

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قول الله تعالى

﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 36، 37].

 

﴿ يَسْتَجِيبُ ﴾ بمعنى يُجيب، ويقال: استجاب فلان لفلان، واستجاب دعاءه، واستجابه، كلُّ ذلك بمعنى أجابَه حين دعاه ولبَّى نداءه وقصد موافقته.

 

والسمع في أصل العربية:

إدراكُ الأصوات بالحاسة التي خُلقَت لذلك، وهي الأذن، ويراد منه أحيانًا: فَهم ما يصل إلى الأذُن من الكلام، ويراد منه أحيانًا: شيء فوق ذلك كلِّه، وهو قَبول المعنى الذي يُفهم من الكلام وإنعام النظر فيه والعمل بموجبه.

 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديدَ الحرص على أن يُقبِل أهلُ مكة على دعوته، ويتدبروا ما فيها من المبادئ السامية التي تصل بهم إلى أرقى درجات الحضارة والإنسانية الصحيحة، وكانوا هم من ناحيتهم شديدي التعصُّب لما وجدوا عليه آباءَهم، والتمرُّدِ على دعوة الرسول، والانصراف عنها، والمحاولة - بكل ما استطاعوا من قوَّة - أن يصرفوا عنها من يتخيلون فيه القبول لها، وكان النبي كلَّما رأى ذلك منهم اشتدَّ به الحزن وضاقَت نفسُه بالذي يفعلون، وكانوا كثيرًا ما يقترحون عليه ويطالبونه بأشياءَ خارقة للعادة، ويزعمون له أن هذه الأشياء إن حدثَت فهم مُقبلون عليه مؤمنون بما جاء به، فكان حرصه على إيمانهم وأكيد رغبته في اعتناقهم دينِه يدعوانه إلى تمنِّي حصول ما يقترحون.

 

وقد جرى القرآن الكريم على شرح هذه الحال والردِّ على هؤلاء الكفار، وبيان أنهم غير صادقين في دعواهم، وتسلية النبي صلوات الله عليه أحيانًا بذكر إخوانه الأنبياء وأحوال الأمم معهم، وأن شأنَ المعاندين في كل جيل لا يختلف، وأحيانًا يذكر السببَ الحقيقي الذي يحملهم على الانصراف عن الدعوة، وهو قسوةُ قلوبهم، وعدم استعدادهم لقبول الهُدى، وحرصهم على الاقتداء بآبائهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون.

 

والآيات الكريمة التي نحن بصدَد تفسيرها من هذا القبيل؛ فمعنى ما تَلَونا: إنما يُقبِل على دعوتك أيها الرسول ويلبي نداءَ الحق أولئك الذين يسمعون كلامَ الدعاة سماعَ فهم وتدبُّر، ويطرحون عن أنفسهم أحمالَ التعصب والعناد، ويتحللون من قيود التقليد والمحاكاة، هؤلاء هم الذين يسمعون فيعقلون، ثم يُذعِنون لِما يعقِلون مِن شواهد الحق وآياته؛ لسلامة فِطرِهم، واستقلال عقولهم، فأما الذين يقولون: سمعنا وهم لا يسمعون؛ كالمقلدين الجامدين، والذين يقولون: سمعنا وعصينا، وهم المستكبرون الجاحدون - فهؤلاء وهؤلاء مِن موتى القلوب والأرواح، وهم بعيدون عن قبول الحق والانقياد لسلطانه.

 

وقوله سبحانه: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾ حكايةٌ لما كان من هؤلاء المعاندين واقتراحاتهم المخالفة لسننه تعالى في خلقه، ودعواهم أنهم يؤمنون إذا حصل ما يقترحون، وقد أمر الله رسولَه بأن يجيبَهم على ذلك؛ بأنه سبحانه قادرٌ على أن ينزِّل هذه الآيات التي يقترحونها، ولكنه لا ينزلها لمجرد اقتراحهم إيَّاها؛ لأن سنة الله التي قد خلَت في عباده أنَّ إجابة المعاندين لرسلهم إلى ما يقترحون من دلائل النبوة لم تكن سببًا لهدايتهم، ولكنهم كانوا يصرُّون بعد نزول الآيات على الشِّرك والعناد، فيأخذهم الله بالعذاب، فكأنه سبحانه يقول: إنكم - أيها المعاندون - لا تدركون مبلغَ ما يعودُ عليكم من الشرِّ الوبيل لو أجببنا مقترحاتكم؛ لأننا لو أجبناها ثم استمرَّ بكم العناد لأخذناكم بصنوف العذاب، فخيرٌ لكم ألا تصرُّوا على ما تطلبون، وأن تتدبروا في هذه الآية التي يحتجُّ بها عليكم الرسول، وهي القرآن الكريم، الذي هو في جملته آيةُ الآيات، ودليلٌ دونه كلُّ دليل، وهو الآية الدائمة على الدهر، المحفوظة من التغيير والتبديل، لا تزول كما زالَت آيات الأنبياء الكونية؛ مثل: عصا موسى وناقة صالح عليهما الصلاة والسلام، ثم هي بعد ذلك آيةٌ عامة ينتفع بها الذين يشاهدون تنزيلَها، والذين يأتون من بعدهم، وفي هذا المعنى يقول الله جل ذكره في سورة العنكبوت: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [العنكبوت: 47 - 51].

 

ثم أخذ سبحانه يبيِّن لهم من دلائل قدرته ما لو أنهم تدبَّروه والتفتوا إليه لأدركوا خطأهم في إصرارهم على دين آبائهم، وفي أثناء ذلك يبيِّن لهم مقدارَ هذا الكتاب الكريم الذي جعله آيةً دالة على صدق رسوله، وأنه كتاب لم يغادر مِن أمر الدين ومبادئ الحياة الصحيحة شيئًا إلا عرَضَ له، وبيَّن ما في الأخذ به من نفعٍ ومصلحة، وفي هذا من توجيه أنظارهم إلى آية الرسول، وهي القرآن، وبيان خطئهم في طلب آية أخرى ما ليس يخفى؛ وذلك قوله جل ذكره: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38]، فَسَوْقُ هذه الآية الكريمة للدلالة على كمالِ قدرته سبحانه، وشمولِ علمه، وسعة تدبيره؛ ليكون ذلك كالدليل على أنه تعالى قادرٌ على تنزيل الآيات التي يقترحها هؤلاء، ولكنه لا ينزلها محافظةً على الحكمة البالغة، واكتفاءً بالآية الظاهرة التي أنزلها.

 

والمعنى: أنه لا يوجد نوع من أنواع الأحياء التي تدب على الأرض، ولا من أنواع الطير التي تَسْبح في الهواء إلا وهي أممٌ مماثلة لكم أيها الناس، وليس من شأننا أن نبيِّن نوع المماثلة بين هذه الأنواع وبين الإنسان، وأن نحدَّها بوجهٍ معيَّن من وجوه المشابهة، بل نكِل أمرَ ذلك كله إلى أهل العلم وذوي التخصص في علم الحيوان ليُعملوا عقولَهم ويواصلوا بحثَهم لعلهم يهتدون، وكل ما نذكره ها هنا أنَّ كل وجه يثبته العلم من وجوه المماثلة بين أنواع الحيوان والنبات وبين الإنسان، سواء أكانَت وجوه المشابهة في الصفات والأفعال، أم كانت في تطوُّر الخِلقة وتعاقبها، أم كانت في غير هذين - نقول: إن غاية ما نتعرض له ها هنا أنَّ كل وجه يثبتُه العلم الصحيح اليوم أو بعد اليوم فهو داخل تحت قوله سبحانه: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾، ومعنى قوله سبحانه: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾؛ ما تركنا في القرآن شيئًا من ضروب الهداية التي ترسَل الرسل لأجلها، ولا شيئًا من ضروب الإرشاد إلى استعمال القوى العقلية والبدنية للاستفادة مما في الكون، ولا شيئًا من السنن التي بها يتم الكمال المدني والاجتماعي - إلا بيَّناه البيانَ الكافي لذوي العقول المستنيرة والألباب الواعية، فحقيق بكم أن تتبصَّروا بما فيه، وأن تكتفوا به، ولا تحاولوا إعنات الرسولِ بطلب الآيات؛ لأن هذه الآيات التي تطالبونه بها لا تُغني غَناء هذه الآية التي جاءكم بها، ولا تقوم مقامها، ثم إن عُقبى ما تطلبون شرٌّ عليكم من حيث لا تعلمون.

 

ثم بيَّن سبحانه حالَ هؤلاء في عنادهم واستكبارهم عن إجابة دعوة الرسول، وأنهم يسيرون في حياتهم على غير هدًى، وفي طريق بعيد عن طريق الرشاد.

 

وبيَّن مع ذلك العلةَ الداعية لهم إلى الضلال؛ وذلك قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 39].

 

فوصفَهم سبحانه بثلاث صفات؛ الأولى: أنهم صمٌّ عن سماع دعوة الهدى والحق سماعَ تدبُّر وقبول وانتفاع بها، والثاني: أنهم بُكمٌ عن النطق بما طرق أسماعهم من الحق وعن الإقرار والاعتراف بأن هذا الذي جاء به الرسول مما لم يسمعوا بمثله، من بعد ما قامَت لهم الحجة على ذلك، والثالثة: أنهم يتخبَّطون في ظلمات من الشرك والوثنيَّة وتقليد الآباء، والاستجابة لدواعي الكبرياء والعصبية.

 

ومعنى قوله سبحانه: ﴿ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ أنَّ كلَّ من تعلقَت إرادتُه سبحانه بأن يكون ضالاًّ في هذه الحياة الدنيا ترَكَه ونفسَه، وسلَّط عليه هواه فأثارَ ما كمن فيه من غرائزِ الشر، فما يزال يجري وراء ما تُمليه عليه هذه الغرائزُ من الإعراض عن دعوة الحق، والاستكبار عن إجابة الهداة والمرشدين، والاغترار بما كان عليه آباؤه، وهو يظن أن ذلك الذي يفعله هو الحسن الجميل الذي لا يجوز سواه، فكان من ﴿ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104].

 

وأما من تعلقَت مشيئتُه سبحانه بأن يكون مهتديًا فإنه يوفِّقه إلى إماتة شهوات نفسه، وكبح جماحها، وحينئذٍ يستعمل بصرَه وسمعه وعقله فيما خُلقت له، فهو ينظر في ملكوت السموات والأرض وما أَودع الله فيه من دلائل القدرة، ويُقبل على استماع ما يقول الرسول من مبادئ الحقِّ والسعادة، ويفكر في ذلك كله تفكيرًا بريئًا، غير مشوب بما يكدِّره من مبادئ سابقة تملأ نواحي قلبه، وتمتلك عليه وعيه، فإذا فعل ذلك فإنه ينتفع بما يرى وبما يسمع، ويَخلص من تفكيره البريء إلى معرفة طريق الحق الذي لا يضل سالكه، وكثيرًا ما كان التفكير في ملكوت السموات والأرض سببًا في كبح غُلَوَاءِ النفس وردِّها عن الاسترسال في سُبل الضلالة، فإذا عاون ذلك الاستماع إلى دعوةٍ من مصلح حكيم بلغ الإنسان ما يراد منه، ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 190 - 193].

 

ثم أخذ سبحانه في محاجَّة هؤلاء الناس، وتذكيرهم بما أودعه في فطرتهم؛ من الإقرار له بالوحدانية، والاعتراف له بالقدرة النافذة والسلطان القاهر، ولكنهم إنما يستكبرون ويعاندون فيخالفون بهذا الاستكبار ما جُبلت عليه أنفسهم؛ ليكون ذلك كله باعثًا لهم على إلقاء هذه العوارض التي عرضَت عليهم فصدَّتهم عن سبيل الحق، وأوقعَتهم في حبائل الشرك والعصيان، وهو سبحانه يحكي لهم في أثناء ذلك ما فعل بالأمم السابقة التي لجَّت في عناد الرسل، ويبيِّن لهم في رفقٍ ولين ضعفَ هؤلاء الشركاء الذين يدعونهم آلهة في أوقات رخائهم، وهم لا يستطيعون أن يدفعوا عنهم ما ينزل بهم من شدَّةٍ وضيق، ليكون ذلك أتمَّ للحجة عليهم، وأقوى في إيقاظ عقولهم من الغفلة التي خيَّمَت عليها؛ وذلك قوله جلت كلمته: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ * قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام: 40 - 47].

 

والمعنى: أخبروني أيها الذين يكابرون ويعاندون ويصرُّون على عبادة الأصنام واتِّخاذ الشركاء عن مَبلغ ما تعرفون من حال هؤلاء الشركاء، إذا أنزل اللهُ بكم نوعًا من العذاب الذي أنزله بمن كان من قبلكم؛ كالطوفان العظيم الذي أغرق قومَ نوح، وكالرِّيح الصَّرْصَر الشديدة العاتية، هل تَدْعون هؤلاء الشركاء حينئذٍ ليكشفوا عنكم هذا العذاب؟ إنكم في مثل هذه الضائقة تنسَون هؤلاء الشركاء، ولا تدعون غير الله ليكشفها عنكم، هذا شيء تسوقكم إليه الفطرةُ، وتلجئكم إليه الطبيعة، فلو فكَّرتم قليلاً لعرفتم أن هذا الذي أدعوكم لعبادته وتوحيده وخَلْعِ ما عداه - وهو الذي تلجؤون إليه في وقت الشدائد وتنسَون سواه - هو الحقيق بالعبادة، ثم فكِّروا في حال غيركم من الأمم إن كنتم لا تفكرون في حال أنفسكم، وتذكَّروا أنَّا أرسلنا رسلاً إلى أمم من قبلكم، كانوا أرسخ منكم قدمًا في الشرك، وأشدَّ إصرارًا على العناد والظلم، فأنزلنا بهم المكارِه؛ من الفقر والجدب، وسوء الحال، حسيًّا ومعنويًّا؛ إذ مضت سنَّتنا بجعل الشدائد مربِّية للناس، مهذِّبة لطباعهم؛ فهي التي تَرجع بالمغرور عن غروره، وتكف الفاجرَ عن فجوره، ولكنهم كانوا قد بلغوا من العتوِّ والاستكبار مبلغًا، لا تنفع معه العبرة، ولا تؤثِّر فيه العظةُ، فقسَت قلوبهم حتَّى لم تعد تلين، واستولَى عليهم كبراؤهم وشياطينهم، يوسوسون إليهم، ويزينون لهم الثبات على ما كان عليه آباؤهم، ويقبِّحون في أعينهم الانقيادَ إلى رجلٍ منهم لا يرون له مزيَّة عليهم ولا فضلاً، فلما أعرضوا عن استماع النصيحة، وجمدوا على تقليد مَن قَبلَهم أخذناهم بالعذاب؛ فجاءهم عذابُنا على غفلة منهم من غير أن يسبق ذلك أَمارة ولا إمهال، ﴿ فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾؛ أي: متحسِّرون يائسون من النجاة.

 

ثم عاد سبحانه إلى بيان ما فطر الناسَ عليه من اللجوء إليه وحدَه عند الشدائد؛ فأمر رسولَ الله أن يسألهم عن حالهم مع آلهتهم، فقال: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾.

 

والمعنى: قل لهم: فكِّروا في الأمر، ثم أخبروني عمَّا يصلُ إليه تفكيرُكم، هَبوا أنَّ الله تعالى ذهب بأسماعكم فأصمَّكم، وذهب بأبصاركم فأعماكم، وذهب بعقولكم وألبابكم التي هي مركز الشعور والفهم، فأصبحتم كالأنعامِ أو أضلَّ منها، أتظنون أن الشركاء الذين اتَّخذتموهم آلهة يقدرون على إعادة شيء من ذلك لكم، إنكم تعتقدون أنه لا يقدرُ على ذلك إلا الله الذي أدعوكم لعبادته فهو الذي ﴿ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ﴾ [المؤمنون: 88].

 

ثم قال: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾، نصرف الآيات: ننوِّع الحُجَج، ونحوِّل الدلائلَ من وجهٍ إلى وجه، رغبةً في اقتناعهم وتذكُّرهم، وحبًّا في إنابتهم ورجوعهم، ولكنهم مع ذلك ﴿ يَصْدِفُونَ ﴾ عنها؛ أي: يعرضون عنها ويتركون التأمُّل فيها، وهم لو تأمَّلوا لاقتنعوا؛ لأنها آيات واضحة ودلائل في غاية الظهور.

 

ثم أمر رسولَه أن يسألهم عمَّا يعتقدونه إذا نزل العذاب، جزاءً على ظلمهم واستكبارهم؛ فقال: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﴾ والغرض من هذا الاستفهامِ تنبيهُ أذهانهم إلى أنَّ الذين ينالهم العذاب هم الذين يصرُّون على كفرهم وظلمهم، فلعل الغفلةَ عن الاتعاظ والاستكبار عن التدبر في آيات الله، قد زينَت لهم أن العذاب إن نزل فهو مستأصِل جميعَ من في الأرض، فكأنهم يقولون: "عليَّ وعلى أعدائي"، فالكتابُ العزيز يذكِّرهم بسنة الله التي جرَت في أخذِ الأمم السابقة وعقوبتها، يقول: أخبروني عن مصيركم إن نزل عذابُ الله، ﴿ بَغْتَةً ﴾؛ أي: على غرَّة وغفلة منكم، فلم تتقدمه أَمارة تشعركم بإتيانه، ﴿ أَوْ جَهْرِةً ﴾؛ أي: بحيث ترون مبادئه ومقدماته، هل تظنُّون أن أحدًا يقع به هذا العذاب إلا الذين ظلموا منكم وأصرُّوا على جحودهم وكبريائهم، ثم بيَّن سبحانه وظيفةَ الرسل وعملَهم الذي يجب عليهم أن يؤدُّوه، وهو إبلاغُ أممهم ما أرسلَهم الله به، وتبشير من يؤمن بهم بعظيمِ الأجر والمثوبة، وتخويف من يكذبهم ويقف في وجوههم بأليم العقاب وسوء النتيجة؛ وفي ذلك مِن بعث الطمأنينة إلى قلب النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ بأنَّه قد أدَّى أمانة ربِّه، وقام بما وجب عليه، وأنه لا يضرُّه ولا ينقص من قدره عند ربه أن يبقى هؤلاء على ضلالتهم؛ وذلك قول الله تعالى: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأنعام: 48، 49].

 

ثم أمر رسولَه بأن يحدِّد لهم عملَه الذي أمره اللهُ به، وينفي عن نفسه ما عَداه مما يظنه هؤلاء من أعمال الرسل جهلاً منهم بحقيقة الرسالة، أو شغبًا وعنادًا؛ وذلك قوله جل ذكره: ﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 50]، والمعنى: قل لهم: إني لم أُبعث إلاَّ كما بُعث غيري من رسل الله؛ مبشرًا مَن أجاب الدعوة بحسن الثواب، ومنذرًا من ردَّها بسوء العذاب، ولا أقول لكم: إن عندي خزائن الله التي أودَعها أرزاقَ عباده، فأنا أتصرف فيها كما أشاء، بل هذه الخزائنُ عند مالكِ أمري وأمركم، يعطي منها من يشاء، وقد يَبسط الرزق لمن كذَّب برسالتي وجحدَها؛ استدراجًا وإمدادًا له في الغَي، وقد يُقَتِّر على من أطاعني وآمن بي؛ اختبارًا وابتلاءً لما في أنفسهم.

 

ولا أقول لكم: إني مَلَك أقدر على ما لا يقدر عليه البشر، فأستطيع أن آتيكم بما تقترحون من الآيات؛ كتفجير الينابيع والأنهار من أرض مكة، وكإسقاط السماء عليكم كِسفًا، والإتيان بالله والملائكة قَبيلاً، كما اقترحوه فيما قصه الله تعالى بقوله: ﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولاً * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولاً ﴾ [الإسراء: 90 - 94].

 

والآية التي نحن بصدَدِها صريحةُ الدلالة على أن رسل الله تعالى لا يتصرَّفون في الكون، ولا يعلم أحدهم الغيب، وأن المشركين إنما ضلُّوا لأنهم جهلوا حقيقةَ الرسالة، ولم يفرقوا بين الإله القادر العالم بخبيئات الأمور وخفاياها، وبين الرسولِ الذي لم يملِك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، ولو علم الغيبَ لاستكثر من الخير وما مسَّه السوء، وقد سأله المشركون عن الساعة متى تكون، فأُمر أن يقول: ﴿ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الأعراف: 187]، وسئل عن العذاب الذي يتوعدهم به، متى يكون، فأمره ربه أن يقول: ﴿ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ * قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 57، 58].

 

وغيَّب اللهُ عن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن غيره من الرسل الموعِدَ الذي ينصرهم فيه على أعدائهم، وإن يكن قد أكَّد لهم أنهم هم المنصورون: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214].

 

والغيب: ما غاب علمُه عن الخلق، وخفي عليهم، تفرد الله تعالى بعلمه واستأثر به، ولم يعطه أحدًا من خلقه، ولو أعطاه أحدًا لكان رسلَه الذين يبلِّغون عنه، ويجاهدون في سبيله، ويلاقون من أممهم العنَت والشدَّة ابتغاء مرضاته - أَولى الناس به، وكيف يعطي علمَ الغيب أحدًا من خلقه وفي إعطائه أحدًا منهم الفتنة التي تقصر عنها كلُّ فتنة؟! فتنة انقيادِ الناس لهم انقياد الخوف والرجاء، وخضوعهم لهم خضوعَ العبادة والإشراك، فتنة تنعكس معها مقاصدُ الحكمة الإلهية، التي هي أن يجتمع الناس على عبادة إلهٍ واحد، وأن يجتمع الخلق على التوجُّه بآمالهم وطوايا نفوسهم نحو إله واحد، ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].

 

المجلة

السنة

العدد

التاريخ

الهدي النبوي

الثالثة

ستة وثلاثون

15ذي الحجة سنة 1358 هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا)
  • تفسير: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)
  • تفسير: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر)
  • تفسير: (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه)
  • تفسير: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر)
  • تفسير: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم)
  • تفسير: (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا)
  • تفسير: (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها)
  • تفسير: { ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله }
  • تفسير: ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة
  • تفسير: { الرحمن الرحيم }
  • تفسير: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون)
  • تفسير: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه)
  • تفسير: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم)
  • تفسير: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله)

مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب