• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مشروعية أخذ العوض على الخلع

مشروعية أخذ العوض على الخلع
د. سامح عبدالسلام محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/4/2015 ميلادي - 7/7/1436 هجري

الزيارات: 14166

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مشروعيَّة أخذ العِوَض على الخُلْع


سبَق أن أشرنا إلى مشروعيَّة الخُلْع بأدلة من الكتاب والسنَّة النبوية، منها قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229].

 

ومنها: الأحاديث النبوية الشريفة التي سبق ذِكرها عند الحديث عن مشروعيَّة الخُلْع، ومن هنا يقال: إنه لا خلاف بين جمهور المسلمين أن مَن أراد مخالعة امرأة على عِوَض، فذلك جائز.

 

قال القرطبي: (والجمهورُ على أن أَخْذَ الفِدية على الطلاق جائز)[1]، وذلك إذا لم يُراعِ أحدُ الزوجين ما أوجبه اللهُ عليه من حقوق وواجبات نحو زوجِه، وخِيفَ مِن عدم إقامة حدود الله بينهما.

 

• ونحن في هذا لا نكرر الحديث عن مشروعيَّة الخُلْع؛ وإنما نبحث بعض الشروط والحالات التي ربَط الفقهاء بينها وبين أخذ الزوج للعِوَض، وهذا ما نتناوله في المطالب الآتية:

المطلب الأول: شرط الشِّقاق والضَّرر بين الزوجين.

المطلب الثاني: شرط الكراهية من الزوجة.

المطلب الثالث: إذا كانت الكراهية من جانب الزوج.

المطلب الرابع: هل يجوز عَضْلُ الزوجة إذا ارتكبت الفاحشة؟

 

المطلب الأول: شرط الشِّقاق والضرر بين الزوجين:

• فقد تحدث الفقهاءُ عن هذا الشرط لجواز تقاضي الزوج للمال مقابل مخالَعته لامرأته.

• والفقهاء في ذلك فريقانِ:

الفريق الأول: ويرون أن بذل المال مشروطٌ بوجود الشِّقاق والضرر بين الزوجين عند الخوف من عدم إقامة حدود الله، وحدود الله هي ما فرضته الشريعةُ الإسلامية على كلِّ واحد منهما نحوَ شريكه؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 229]، وأصحاب هذا الشرط هم الظاهرية[2].

 

الفريق الثاني: ويذهبون إلى أن أخذ العِوَض ليس مشروطًا بوقوع الضرر والشِّقاق، وإن ذُكِر هذا في القرآن الكريم؛ لأن الله سبحانه لم يذكُرْه على سبيل الشرط؛ وإنما لأنه الغالبُ مِن أحوال الخُلْع، وإلى هذا يذهب جمهورُ الفقهاء[3].

 

الأدلة:

• أدلة الفريق الأول:

استدلَّ الفريق الأول الذي يرى أنَّ أَخْذَ العِوَض مشروطٌ بوجود الشِّقاق بالقرآن الكريم وبالسنَّة النبوية:

أولاً: من القرآن الكريم:

1 - قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229].

 

فالآية تدلُّ على مَنْع أَخْذ العِوَض من الزوجة إلا عند وقوع الشِّقاق والضرر بينهما.

 

فالأصل عدم حلِّ أخذ مال الزوجة، إلا أن الله - سبحانه وتعالى - أباح ذلك في وضع معيَّن، حيث قال سبحانه: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا ﴾ [البقرة: 229]، وكذا تدل الآية - بالمخالَفة - على أن الجُناح لاحِقٌ بهما حال إقامتهما لحدود الله، وأتبع بالتغليظ والوعيد على ذلك[4].

 

حيث قال - عز وجل -: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229].

 

2 - وقوله تعالى أيضًا: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]؛ حيث اشترطت الآيةُ الكريمة أيضًا وجود الشِّقاق بين الزوجين لبعث الحكَمين للصلح أو التفريق، فإذا ما فرَّقا فقد يحكُمانِ بعِوَض على الزوجة تدفعه لزوجها؛ ولهذا اشترط الشِّقاق.

 

وقد نوقش هذا الاستدلال: بأن ذكر الشِّقاق في الآيتين جرى على حُكم الغالب؛ فإن الله تعالى لم يذكُرْه على سبيل الشرط؛ وإنما ذكره لأنه الغالب من أحوال الخُلْع، فخرَج القول على الغالب.

 

وفي هذا يقولُ الإمام القرطبي: (تمسَّك بهذه الآية مَن رأى اختصاص الخُلْع بحالة الشِّقاق والضرر، وأنه شرط في الخُلْع...، والذي عليه الجمهور من الفقهاء أنه يجوزُ الخُلْع من غير اشتكاءِ ضرَر ...، وأما الآية، فلا حُجَّة فيها؛ لأن الله - عز وجل - لم يذكُرْها على جهة الشرط؛ وإنما ذكرها لأنه الغالب من أحوالِ الخُلْع، فخرَج القولُ على الغالب)[5].

 

ثانيًا: من السنَّة النبويَّة:

قصة امرأةِ ثابت بن قيس المذكورة، وقولها: (لا وأنا ولا ثابتُ بن قيس لزوجها)، وقد سبَق ذِكره بروايات عديدة، منها: (أن حبيبةَ بنت سهل كانت عند ثابتِ بن قيس بن شَمَّاس، فضرَبها، فكسَر يدَها، فأتت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعد الصبح، فدعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثابتًا، فقال: ((خُذْ بعضَ مالِها وفارِقْها))، فقال: ويصلُحُ ذلك يا رسول الله؟ قال: ((نعم))، قال: فإني أصدقتُها حديقتينِ وهما بيدها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((خُذْهما وفارِقْها))، ففعل[6].

 

فالحديث يدل بمفهومه على أن مشروعيَّة الخُلْع كانت بعد أن وُجِد الخلاف والشِّقاق بين الزوجين؛ فهي تشكو زوجها للنبي صلى الله عليه وسلم من سوء معاملته لها بالضرب.

 

وقد نوقش هذا الاستدلال: بأن الكُرْه قد لا يرجع إلى سوء المعاملة في العِشرة أو وقوع الشِّقاق والضرر؛ وإنما قد يرجع إلى عواملَ نفسية، مصدرُها وأسبابها أمورٌ شخصية تعود للمرأة ولا دخل للرجل فيها، كما تدلُّ على ذلك الروايةُ الأخرى للحديث: أن حبيبةَ بنت سهل امرأة ثابت بن قيس ذهَبَت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، لا يجتمعُ رأسي برأس ثابت، إني رفعتُ جانب الخباء، فرأيته أقبل في عِدَّة، فإذا هو أشدهم سوادًا، وأقصرُهم قامةً، وأقبحُهم وجهًا، فقال: ((أترُدِّين عليه حديقتَه؟))، قالت: نعم، وإن شاء زدتُه، ففرَّق بينهما.

 

وفي رواية قالت: يا رسول الله، ما أنقِم على ثابت في دِينٍ ولا خُلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((فتردِّين عليه حديقتَه؟))، قالت: نعم، فردَّت عليه، وأمَره ففارَقها.

 

وفي رواية قالت: ما أعتِبُ عليه في خُلق ولا دِين، ولكني أكرهُ الكفر في الإسلام[7].

 

• أدلة الفريق الثاني:

• وقد استدل الفريقُ الثاني وهم جمهور الفقهاء القائلين بأن الشِّقاق ليس شرطًا في جوازِ أخذِ العِوَض - بالكتاب والسنَّة أيضًا:

أولاً: من القرآن الكريم:

قال تعالى: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4].

فالآية الكريمة تدلُّ على إباحة وطِيب أخذِ المال من الزوجة إذا كان ذلك برضاها دون أن يكون هناك أيُّ شرط من شِقاق أو نزاع، أو غير ذلك[8].

 

قال ابن العربيِّ: (فإذا أعطتك مالَها برِضاها من صَداقٍ وغيرِه، فخُذْه)، وقال أيضًا: (طِيبوا نفسًا كما تطيبون بسائر النِّحَل والهِبَات)[9].

 

ثانيًا: من السنَّة النبوية:

عموم الروايات السابقة تدل على جواز الخُلْع، وإباحة أخذِ العِوَض من الزوجة من غير ضرر أو شِقاق منهما، أو من أحدهما للآخر.

 

ومن هذه الرِّوايات روايةُ الإمام البخاري التي جاء فيها:

عن ابن عباسٍ، قال: جاءت امرأةُ ثابت بن قيس بن شَمَّاس إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني لا أعتبُ على ثابتٍ في دِين ولا خُلُق، ولكن أكرهُ الكفر في الإسلام، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أتردِّين عليه حديقتَه؟))، قالت: نَعم[10].

 

المطلب الثاني: شرط الكراهية من الزوجة:

97 - هل يُشترَط لجواز أخذ العِوَض من الزوجة أن تكونَ الكراهيةُ من جهتها فقط دون أن يكونَ للزوج رغبةٌ في الفُرقة، أم لا يُشتَرَطُ ذلك؟

اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

98 - القول الأول:

وهم يشترطون وجودَ الكراهية من الزوجة لجواز أخذِ العِوَض منها؛ لئلاَّ يتخذَ الأزواج ظلمَ زوجاتهم وسوءَ معاملتهن وسيلةً لأخذ أموالهن، حتى تملَّ الزوجةُ من سوء المعاملة، وتفتديَ نفسَها بدفع أموالِها للخَلاص من هذا الظلم.

 

فإذا خالَع الزوج زوجتَه ولم تكن كارهةً له، فالخُلْع باطل؛ لأنه لا يجوزُ أخذ مال الزوجة بدون حق، والله سبحانه حين أباح الخُلْع وأَخْذَ الفدية إنما أباحه بشرط وجود الكراهية من الزوجة، فإذا لم يتحقَّق هذا منها - وقد أخَذ منها فِدية - وجب ردُّ المال إليها؛ لأنه أكلٌ لمالها بغير حق، وهذا الرأي للظاهرية[11].

 

99 - واستدلوا على هذا الرأي بقول الله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 229]؛ فالآيةُ الكريمة قيَّدت رَفْع الجُناح عن المتخالِعين بحالة خوفهما من عدم إقامةِ حدود الله فيما بينهما، فيكون الجواز مقيَّدًا بهذا الاعتبار، فإذا ما كانت الكراهيَة من جانب الزوجة، فقد تحقَّق الخوفُ من عدم إقامة حدود الله في زوجها.

 

وقد نوقش هذا الاستدلال: بأن الله تعالى لم يخصَّ المرأة بذلك؛ فالخوف من عدم إقامة حدود الله ليس مقصورًا على الزوجة فحسب، بل يكون من جانب الزوج أيضًا، فإذا لم تقُمْ بحقوق الزوج، كان ذلك مقتضيًا لبُغْض الزوج لها، فنُسبت المخافَةُ إليهما لذلك[12].

 

قال ابن حجر: (وأجاب الطبريُّ وغيره عن ظاهر الآية: بأن المرأةَ إذا لم تقُمْ بحقوق الزوج التي أُمِرَتْ بها، كان ذلك منفِّرًا للزوج عنها غالبًا، ومقتضيًا لبُغضه، فنسبت المخافَةُ إليهما لذلك)[13].

 

وقد جاء في تفسير الآية الكريمة: أن سبب هذا الخوف وإن كان أولُه من جهة المرأة، إلا أنه قد يترتبُ عليه الخوفُ الحاصل من قِبَل الزوج؛ لأن المرأةَ تخاف على نفسها من عصيان الله في أمر الزوج، وهو يخاف أنها إذا لم تُطِعْه فإنه يضربُها ويشتمها، وربما زاد على قدر الواجب، فكان الخوفُ حاصلاً لهما جميعًا[14].

 

كما جاء في تفسيرها: فإن خِفتم أيها المؤمنون ألاَّ يُقِيم الزوجان ما حدَّ اللهُ لكل واحد منهما على صاحبه، وألزَمه به من فرضٍ، وخشِيتم عليهما تضييعَ فرضِ الله وتعدِّيَ حدوده في ذلك، فلا جُناح حينئذٍ عليهما فيما افتدت به المرأةُ نفسَها من زوجها، ولا حرَج عليهما فيما أعطَتْ على فِراق زوجها إياها، ولا على هذا فيما أخَذ منها من الجُعْل والعِوَض عليه[15].

 

100 - القول الثاني:

وأصحابُه لا يشترطون لصحة الخُلْع وأخذِ العِوَض أن تكون الكراهيةُ من الزوجة؛ لأن وجود الكراهية والشِّقاق بينهما يكفي لأن يكونَ سببًا لإباحة أخذ العِوَض، سواءٌ في ذلك أن تكونَ الكراهيةُ من قِبَل الزوجة أو من قِبَل الزوج، ولأن عدمَ قيام أحدِهما بواجباته تجاه الآخَرِ في حدودِ ما أمَر الله به يقتضي غالبًا بُغْضَ الطَّرَف الآخر له، ومقابلة السيئة بالسيئة أو بأشدَّ منها، وفي هذا يتحققُ قوله سبحانه: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 229]، وهذا هو رأيُ جمهور الفقهاء[16]، وهو ما نزيده تفصيلاً في المطلب التالي، مع ذِكر الأدلة ومناقشتها.

 

المطلب الثالث: حالة الكراهية من جانب الزوج:

101 - إذا جاءت الكراهيةُ مِن قِبَل الزوج لزوجته، ولكن لم يحدُثْ عَضْلٌ منه وإكراهٌ لها لتفتديَ نفسها، فقد ذهب الفقهاءُ في ذلك إلى ثلاثةِ آراء:

الرأي الأول: أن النشوزَ إذا كان من الزوج، فلا يحلُّ له أخذُ شيء من العِوَض؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾[النساء: 19]؛ أي: لا تضيِّقوا عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن، ولقوله تعالى أيضًا: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ﴾ [النساء: 20]؛ فقد نهى سبحانه وتعالى الزوجَ عن أخذِ شيء مما آتاها من المهر، وأكَّد النهي بقوله: ﴿ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 20]، وهو ما ذهَب إليه فقهاء الحنفيَّة[17].

 

الرأي الثاني: إذا جاء النشوز من قِبَل الزوج، وعلم أنه ظالم لها، وقَع عليها الطلاق، ويردُّ عليها ما أخَذه منها، وهو رأي المالكية[18].

 

جاء في المدونة: (أنه إذا علم أن زوجَها أضرَّ بها، أو ضيَّق عليها، وأنَّه ظالم - مضى عليه الطلاقُ، وردَّ عليها مالَها)[19].

 

مما يعني أنه لو خالَعها - عند أصحاب هذا الرأي - عن تراضٍ، لا عن ظلمٍ، جاز ذلك، وصحَّ قبضُه للعِوَض.

الرأي الثالث: أنه إذا ضرَبها ظُلمًا لسوءِ خُلُقه، لا يريد بذلك أن تفتديَ نفسها منه، لم يحرُمْ عليه مخالعتُها، ويباح له أخذُ العِوَض، وهو رأي الشافعيَّةِ والحنابلةِ[20].

 

يقول الإمام الشافعيُّ في الأم: (ولو خرَج في بعض ما تمنعه من الحقِّ إلى إيذائها بالضربِ، أجزتُ ذلك له؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أذِن لثابت بأَخْذِ الفدية من حبيبة وقد نالَها بالضربِ)[21].

 

ويقولُ ابن قدامةَ: (وهكذا لو ضرَبها ظُلمًا لسوء خُلُقه أو غيره، لا يريد أن تفتديَ نفسَها، لم يحرُمْ عليه مخالعتُها)[22].

 

واستدلَّ أصحابُ هذا الرأي برواية أبي داودَ عن عائشة: أن حبيبةَ بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس، فضرَبها فكسَر بعضها، فأتت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعد الصُّبح، فاشتكَتْ إليه، فدعا النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم ثابتًا فقال: ((خُذْ بعضَ مالِها وفارِقْها))، فقال: ويصلُحُ ذلك يا رسول الله؟! قال: ((نعم))، قال: فإني أصدقتُها حديقتينِ، وهما بيدها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((خُذْهما وفارِقْها))، ففعَل[23]؛ فالحديثُ يدل على أن ثابتَ بن قيس قد ضرَب زوجتَه، فخالَعَتْه، فعلِم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُنكِرْ عليها مخالعتَها له، وقبضَه للعِوَض.

 

المطلب الرابع: هل يجوز عضل الزوجة إذا ارتكبت الفاحشة؟

102 - إذا أتت الزوجةُ بفاحشة فعضَلها[24] الزوجُ لتفتديَ نفسها منه، ففعلَتْ، فهل يصحُّ الخُلْع ويحلُّ له أخذُ العِوَض أم لا؟

 

103 - ذهب الفقهاءُ إلى القول بصحة الخُلْع، وجواز أخذِ العِوَض إذا أتت بفاحشة فضارَّها لتفتديَ نفسَها منه[25].

 

واستدلوا بقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [النساء: 19].

 

فالآيةُ الكريمة تنهى الأزواجَ عن مضارَّةِ الزوجاتِ بقصد إجبارِهن على بَذْل المال لافتداءِ أنفسِهن، واستثنَتْ مِن النهي حالةَ إتيانِ المرأة بالفاحشة، والاستثناءُ من النهي إباحةٌ[26].

 

ومن قال في الآية: إنه لا يجوزُ أخذُ الفدية منها إلا أن يرى على بطنها رجلاً يقول: (فوقع النهي عن ذلك إلا أن يراها على فاحشةٍ، ولا يجد بينة، ولا يحب أن يفضحَها، فيجوز حينئذٍ أن يفتديَ منها، ويأخذَ منها ما تراضيا عليه، ويُطلِّقها)[27].



[1] الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي ج 3 ص 137.

[2] المحلى؛ لابن حزم ج 10 ص 235.

[3] المهذب؛ للشيرازي ج 2 ص 70 و71، مغني المحتاج ج 3 ص 262، بداية المجتهد ج 2 ص 71، المغني؛ لابن قدامة ج 8 ص 173.

[4] المحلى؛ لابن حزم ج 10 ص 235.

[5] تفسير القرطبي ج 3 ص 140.

[6] سنن أبي داود ج 2 ص 269.

[7] فتح الباري ج 9 ص 395.

[8] تفسير الرازي ج 6 ص 100، و ج 9 ص 182.

[9] أحكام القرآن؛ لابن العربي ج 1 ص 194.

[10] البخاري ج 5 ص 2021، وفتح الباري ج 9 ص 394.

[11] شرائع الإسلام ج 2 ص 71، البحر الزخار ج 3 ص 178، المحلَّى ج 10 ص 235.

[12] نيل الأوطار ج 6 ص 249.

[13] فتح الباري ج 9 ص 401.

[14] مفاتيح الغيب ج 6 ص 101.

[15] تفسير الطبري ج 2 ص 466 و467.

[16] بدائع الصنائع ج 4 ص 1905، بداية المجتهد ج 2 ص 71، مغني المحتاج ج 3 ص 262، المغني؛ لابن قدامة ج 8 ص 173.

[17] بدائع الصنائع ج 4 ص 1904.

[18] المدونة الكبرى ج 2 ص 341.

[19] المرجع السابق - نفس الموضع.

[20] الأم؛ للإمام الشافعي ج 5 ص 197، المغني؛ لابن قدامة ج 8 ص 179.

[21] الأم ج 5 ص 197.

[22] المغني؛ لابن قدامة ج 8 ص 179.

[23] سنن أبي داود ج 2 ص 269، جامع الأصول ج 4 ص 136.

[24] (عضل) المرأة - عضلاً: منَعها من التزوج ظلمًا، وفي القرآن الكريم: ﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ﴾ [البقرة: 232]؛ (المعجم الوجيز ص 423).

والمعنى هنا: الإكراه والتضييق؛ لِما يدل عليه سبب نزول الآية الكريمة: ﴿ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ﴾ [النساء: 19]؛ فقد أورد الإمام القرطبي: والمقصود نفي الظُّلم عنهن، وإضرارهن، والخطاب للأولياء..، واختلفت الرواياتُ وأقوال المفسِّرين في سبب نزولها؛ فروى البخاريُّ عن ابن عباس: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ﴾ [النساء: 19]، قال: كانوا إذا مات الرجلُ كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوَّجها، وإن شاؤوا زوَّجوها، وإن شاؤوا لم يزوِّجوها؛ فهم أحقُّ بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك...، كان من عادتِهم إذا مات الرجلُ، يُلقي ابنُه مِن غيرها أو أقرب عصبته ثوبَه على المرأةِ، فيصير أحقَّ بها من نفسِها ومن أوليائها، فإن شاء تزوَّجها بغير صداقٍ إلا الصداق الذي أصدَقها الميت، وإن شاء زوَّجها من غيرِه وأخَذ صداقَها، ولم يُعطِها شيئًا، وإن شاء عضَلها لتفتديَ منه بما ورثته من الميت، أو تموت فيرثها، فنزلت الآية، فيكون المعنى: لا يحلُّ لكم أن ترثوهن من أزواجِهن فتكونوا أزواجًا لهن...، وقيل: كان يكون ثَمَّ الرجل عجوز ونفسه تتوقُ إلى الشابة، فيكرَه فِراق العجوز لمالِها فيُمسكها ولا يقرَبُها حتى تفتديَ منه بمالِها، أو تموت فيرث مالها، فنزلت هذه الآيةُ، وأمر الزوج أن يطلقها إن كره صحبَتها ولا يمسكها كرهًا، فذلك قوله تعالى: ﴿ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ﴾ [النساء: 19]، والمقصود من الآية: إذهاب ما كانوا عليه في جاهليتهم وألا تجعل النساء كالمال يُورَثْن عن الرجال كما يورث المال..، والخطاب للأولياء، وقيل: لأزواج النساء إذا حبسوهن مع سُوء العشرة طماعيةَ إرثها، أو يفتدين ببعض مهورِهن، وهذا أصح.. ودليل ذلك: قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ ﴾ [النساء: 19]... واختلف الناسُ في معنى الفاحشة، فقال الحسن: هو الزنا... وقال أبو قلابة: إذا زنت امرأةُ الرجل، فلا بأس أن يضارَّها ويشقَّ عليها حتى تفتديَ منه، وقال السُّديُّ: إذا فعلَنْ ذلك فخُذوا مهورهن، وقال ابن سيرين وأبو قلابة: لا يحلُّ له أن يأخذَ منها فدية إلا أن يجد رجلاً؛ قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ ﴾ [النساء: 19]؛ (تفسير القرطبي ج 5 ص 94 و95).

[25] المهذب ج 2 ص 71.

[26] المهذب ج 2 ص 71.

[27] فتح الباري ج 9 ص 401، والقائل بذلك هو أبو قِلابة ومحمدُ بن سِيرين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوليمة والقسم والخلع
  • الخلع في الإسلام
  • الخلع كما شرعه الإسلام
  • الخلع وما يتعلق به في الفقه الإسلامي
  • النزاع على العوض في الخلع
  • خلع المكره
  • جواز الوكالة في الخلع
  • من تصح وكالته في الخلع
  • خلع الأجنبي
  • خلع الولي عن الزوجة
  • حكم أخذ العوض على الإمامة في الصلاة

مختارات من الشبكة

  • الأدلة على مشروعية التعزير، والحكمة في مشروعيته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشروعية الخلع والحكمة من تشريعه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة الركعتين بعد الوتر وما يقرأ فيهما(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • أدلة مشروعية الزواج(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • حكم صرف النقود وأدلة مشروعيته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشروعية الخلع والحكمة من تشريعه (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الضمان وأخذ العوض عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم أخذ العوض على المسابقات الثقافية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخذ العوض عن الشيء المتلف(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • رؤية الفقه الإسلامي لمدى مشروعية إجراء التجارب الطبية على الإنسان (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب