• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

البراءة الحقة من المشركين

الشيخ بلال بن عبدالصابر قديري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2009 ميلادي - 5/12/1430 هجري

الزيارات: 19680

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البراءة الحَقَّةُ من المشركين

 

الملخص:

1- خطورة التلاعب بالمصطلحات الشرعية.

2- المعنى الشرعي للبراءة من المشركين.

3- صور من مخالفته - صلى الله عليه وسلم - للمشركين في حجة الوداع.

4- ليس ثمة دليل على استمرار نداء البراءة كل عام.

5- حقيقة دعوى الرافضة بالبراءة.

6- دفعهم الحوثيين لزعزعة أمن البلاد.

 

أما بعدُ:

فأوصيكم ونفسي بتَقْوى الله - سبحانه - فإنَّ فيها العز بعد الذل، والأمن بعد الخوف، وبها تكون الرفعة، وتحصل المنَّة، وتنال الدرجة، وتكون العاقبة المحمودة في الأولى والأخرى، وبها النجاة يوم الورود؛ ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم:71 - 72].

 

أيها المسلمون:

التلاعُب بالمصطلحات الشرعية، وتسمية الأشياء بغير أسمائها، وتغيير المسميات لقلْب الحقائق - مسلك كان المبتدعة يسلكونه ولا يزالون، غرضه التشويش على أهل الإسلام؛ فقد قال الخوارج لعلي - رضي الله عنه -: لا حكم إلا لله؛ تعريضًا بالرد عليه في التحكيم، فقال علي - رضي الله عنه -: كلمة حق أريد بها باطل، إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف لنا ناسًا، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم، وأشار إلى حلقه؛ رواه مسلم.

 

واليوم يعود أولئك الأقزام؛ للتطاوُل على جناب الشريعة، فيتنادى الروافض إلى (البراءة الكبرى من المشركين)، تلبيسًا وتدليسًا وسترًا لعوارهم وسَوْءاتهم، فهم يعلمون أن قتلهم لأهل السنة من الأهوازيين وغيرهم في إيران، وما يحدث على أيديهم في العراق من خذلان المجاهدين وممالأة العدو الكافر - لم يعد بالأمر الخافي على ذوي البصائر، فجاءتْ هذه المناورة السياسية للتعتيم على فضائحهم، وحالهم كما وصف القرآن: ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ﴾ [البقرة: 205]، وما أشبههم بما أخبر الله عنْ طائفة فقال: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 12،11].

 

إن البراءة من المشركين في حقيقة الأمر من المصطلحات الشرعية التي لم تُتْرَك لتخرُّصات الجاهلين، ولا لتفسيرات المبتدعة الأفَّاكين، بل إطلاق الألفاظ والمسميات يجب أن يكون من منطلق شرعي، والواجب على المؤمنين البراءة من المشركين في كل وقت، أنزل الله في ذلك قوله - تعالى -: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الممتحنة: 4].

 

وأصل القصة التي يستندون إليها في دعواهم ما رواه المحدِّثُون وأهل التفسير، من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة التاسعة أمَّر على الحج أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - وأرسَله بصدر سورة براءة: ﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [سورة التوبة: 1 - 5]، وأمره أن يقرأه على الناس في الموسم، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة لم يمنع المشركين من الحج إلى مكة، فكانوا يطوفون بالبيت عراة، فأرسل أبا بكر ثم أردفه بعلي بن أبي طالب، وعلَّل ذلك بقوله: ((إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل منِّي))، فبعث الصديق - رضي الله عنه - مؤذنين مع علي - رضي الله عنه - ينادون في الناس بكلمات أربع:   لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله عهد فأجّله إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فله أربعة أشهر   يسيح في الأرض، فطافوا بالناس في ذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها في المواسم، ونادوا بها يوم عرفة، وأيام التشريق بمنى، وأصل القصة عند البخاري.

 

عباد الله:

قد كانتْ مواقف الجاهلية في الحج مواقف مخزية، والمتأمل لحجة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجده يقرر في غير ما منسك من مناسكه مخالفة ما كان عليه أهل الجاهلية في المناسك والشعائر، ابتداء بالتلبية الشرعية التي علّمها أمته، وهي التوحيد، في مقابل تلبية المشركين التي يخلطون معها الشرك: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك، فأنزل الله في الإنكار عليهم قوله: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل: 106]، وأبطل الإسلام طوافهم بالبيت عراة، حيث كانوا يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، قال ابن كثير: "كانت العرب - ما عدا قريشًا - لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش - وهم الحُمْس - يطوفون في ثيابهم، ومن أعاره أحمسي ثوبًا طاف فيه، ومن كان معه ثوب جديد طاف فيه، ثم يلقيه فلا يتملكه أحد، فمن لم يجد ثوبًا جديدًا ولا أعاره أحمسي ثوبًا، طاف عريانًا، وربما كانت امرأة فتطوف عريانة، فتجعل على فرجها شيئًا يستره بعض الشيء، وتقول:

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ♦♦♦ وَمَا بدَا مِنْهُ فَلاَ أُحِلُّهُ

 

وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل، وكان هذا شيئًا قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، فأنزل الله في ذلك قوله: ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28]، فسمَّى التعري فاحشة وأنكره عليهم.

 

وأنزل الله - تعالى - قوله: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199]، فوقف - صلى الله عليه وسلم - بعرفة وأفاض منها إلى المزدلفة، وخالف ما كانت تفعله قريش من البقاء بالمزدلفة وعدم الخروج إلى عرفة؛ بدعوى أنهم من الحُمْس؛ أي: أهل الحرم، قال ابن الأثير: "سُمُّوا حُمْسًا؛ لأنهم تَحَمَّسُوا في دِينهم؛ أي: تَشَدَّدُوا"، ولم يخرج - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلا بعد غروب الشمس، وقد كان المشركون يخرجون منها قبل الغروب، وفي المزدلفة أفاض - صلى الله عليه وسلم - منها بعد أن أسفر النهار جدًّا، ولم ينتظر طلوع الشمس كما كان أهل الجاهلية يفعلون وفيه كانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير، وأبطل الإسلام ما كانوا عليه من تلطيخ جدران الكعبة بدماء الهدي المهدى إلى الكعبة، وفيه أنزل الله قوله – تعالى -: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37].

 

وأنزل الله قوله: ﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189]، فحرّم ما كانوا عليه؛ إذ كانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم مُحْرِمون، وكان المشركون يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فكانت عُمره - صلى الله عليه وسلم - كلها في ذي القعدة، وأمر من لم يسق الهدي من أصحابه بالتحلل ليستقر الأمر على ذلك إلى أبد الأبد، وأنزل الله - تعالى - قوله: ﴿ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [البقرة: 35]، فحرَّم ما كانوا عليه من التصفيق والتصفير حال طوافهم بالبيت عراة، وذكر ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن أهل الجاهلية كانوا يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم: كان أبي يُطعم، ويحمل الحمالات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فِعال آبائهم، فأنزل الله: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]، حتى المسميَّات جاءت الشريعة بمخالفتهم فيها، قال ابن عباس: "من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر، ولا تقولوا: الحطيم؛ فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه"، قال ابن حجر: والمعنى أنهم كانوا إذا حالف بعضهم بعضًا ألقى الحليف في الحجر نعلاً أو سوطًا، أو قوسًا أو عصا؛ علامة لقصد حلفهم، فسموه الحطيم؛ ذلك لكونه يحطم أمتعتهم، وهو فعيل بمعنى فاعل، ويحتمل أن يكون ذلك كان شأنهم إذا أرادوا أن يحلفوا على نفي شيء".

 

وبعد:

فإن ما مضى بعضُ صورِ المخالفة النبويَّة لأمر المشركين في مناسك الحج، وهي البراءة الحقَّةُ منهم ولا شك؛ قال ابن القيم: "الشريعة قد استقرت - ولا سيما في المناسك - على قصد مخالفة المشركين، فالنسك المشتمل على مخالفتهم أفضل بلا ريب"، فضلاً عن مخالفته - صلى الله عليه وسلم - لهم في غير الحج، ناهيك عن إعلان أصحابه البراءة من المشركين بتلاوة صدر سورة براءة على أهل الموسم في تلك السنة، إلا أننا لا نجد حديثًا نبويًّا واحدًا يأمر الأمة بتكرار ذلك النداء في كل عام، سيما والحاجة إليه قد ارتفعتْ؛ إذ لا يحج البيت اليوم مشرك، ولا يطوف به الآن عريان، بل لم يفعل - صلى الله عليه وسلم - هذا التأذين في حجة الوداع؛ لأن المقصود قد حصل بما أمر به   منَ النداء عام تسع،   أضف إلى هذا أن أحدًا من القرون المفضَّلة لم يفعله بعده - صلى الله عليه وسلم - ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وهو - صلى الله عليه وسلم - القائل في حجة الوداع: "خذوا عني مناسككم"؛ رواه مسلم، ولم يفعل - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ولا أصحابه من بعده مسيرات ولا مظاهرات.

 

أيها المؤمنون:

إن دعاوى البراءة من المشركين عداوة صورية، ووراء الأكمة ما وراءها، فمن الأغراض المبطنة: تحرير الحرمين من   النظام الوهابي بزعمهم، ودون ذلك خرط القتاد، وجز الغلاصم والأعناق، ولا يقف الأمر عند مظاهرات واحتجاجات، فالقوم يربطون بين دماء تلطخ بها الكعبة وبين ظهور مهديهم المسردب، ومعه مجموعة من ثلاثمائة وثلاثة عشر شيعيًّا يقودون الشيعة لسيادة العالم وحكمه.

 

ما يحدث ليس بمستغرب، ولا يمكننا ونحن نتعرَّض لقضايا اليوم أن ننسى الإرث التاريخي للرافضة؛ إذ التاريخ مليء بالشواهد، فأجدادهم قتلوا الحجاج يوم التروية، ورموهم في بئر زمزم، وأخذوا الحجر الأسود اثنين وعشرين عامًا، وهذي الدعوات إصرارٌ على تصدير الفتنة، وإسالة الدماء في حرم الله الآمن.

 

ومع هذا فليس لبراءتهم تلك أيُّ رصيد من الحقيقة، فهم ينادون بالبراءة من الشيطان الأكبر وهم حلفاؤه، والتنسيق الذي بينهم وبين اليهود والنصارى بات لا يخفى على أحد، وإلا فكيف يتبَرَّؤون من المشركين في مكة ثم يشاركونهم غزو وتدمير واحتلال بغداد الخلافة؟! وفي الحقيقة إن هؤلاء هم الذين يجب أن يُتبرأ مما هم عليه من العقائد المحرَّفة.

 

دعاوى البراءة هذه ليست محاولة التحرُّش الوحيدة التي يسعون بها إلى هز الأوضاع الداخلية في هذا البلد الآمن، ففي جنوب الجزيرة وعلى يد أغيلمتهم السفهاء من الحوثيين لا تزال محاولاتهم اليائسة مستمرة؛ لبث الرعب في قلوب الآمنين، مع أن قاطني تلك البقعة ليسوا من المشركين، فعلام تنغيص معاشهم، وإخراجهم من ديارهم، وترويع أمنهم، يا دعاة الثورة الإسلامية؟! أم أن هذا من صور البراءة أيضًا؟! ألا رد الله كيدهم في نحورهم خائبين خاسرين، وحفظ البلاد والعباد من شرّهم، ومن شر كل ذي شر.

 

أيها الناس:

مكة المكرمة ومشاعره المقدسة ليست مسرًحا للشعارات وتصفية   الخصومات؛ بل مكان مطهر للطائفين والقائمين، والركع السجود، وكذلك ستبقى بحفظ الله وأمنه؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة:126]، وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97،96].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حجة الوداع مخالفة المشركين
  • التشبه بالكفار وحكم أعيادهم
  • أعياد المشركين
  • البراءة في الحضيض
  • البراءة من الشرك وأهله
  • العهد مع المشركين
  • افتراءات وكذب المشركين
  • من صفات المشركين
  • فقر المشرك

مختارات من الشبكة

  • تفسير: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تفسير: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البراءة من الكافرين(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أبي يخيرني بين طلاق زوجتي أو البراءة مني(استشارة - الاستشارات)
  • حتى لا تغتال البراءة (PDF)(كتاب - مجتمع وإصلاح)
  • أطفال الشوارع.. البراءة تحترق!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من أفسد البراءة؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • هكذا البراءة .. قبل أن تكون جراءة!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ديوان لحن البراءة (WORD)(كتاب - موقع د. أحمد الخاني)
  • مخطوطة رساله في تعليق الطلاق على صحة البراءة(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب