• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الإيمان بالحساب يوم القيامة

الإيمان بالحساب يوم القيامة
علي محمد سلمان العبيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2015 ميلادي - 22/6/1436 هجري

الزيارات: 20092

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان بالحساب يوم القيامة


نؤمن بأن الله سبحانه سيحاسب المؤمنين حسابًا يسيرًا، ويتغمَّدهم برحمته ورأفته وكرمه، ولا يخلِّد أحدًا من عصاة الموحِّدين في النار، وأن الجنة دار المؤمنين، وأنهم سيرون ربهم عيانًا.

 

قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن عبدالله بن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن نوقش الحساب عذِّب))، قالت: فقلت: أليس قال الله: ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]؟ قال: ((ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العَرْض، مَن نوقش الحساب يوم القيامة عذِّب)).

 

وهكذا رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير، من حديث أيوب السَّختياني، به.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن ينجي أحدًا منكم عملُه))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة، سدِّدوا وقاربوا، واغدوا ورُوحوا، وشيء من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

وحديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سدِّدوا، وقاربوا، وأبشِروا؛ فإنه لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة))؛ متفق عليه.

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال هشام: ((يخرج من النار - وقال شعبة: أخرِجوا من النار - من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزِنُ شَعيرة، أخرِجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزِنُ بُرَّة، أخرِجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزِنُ ذَرَّة))؛ وقد أخرجه البخاري ومسلم في جملة حديث طويل يرد في (كتاب القيامة).

وقال شعبة: (ما يزن ذُرَةً) مخففة؛ أخرجه الترمذي.

 

وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله: أخرِجوا من النار من ذكَرني يومًا، أو خافني في مقام))؛ أخرجه الترمذي.

 

عن ابن عباس في قوله: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [الفرقان: 24]، قال: قالوا: في الغُرَف من الجنة، وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم عَرْضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وقال قتادة: أي مأوًى ومنزلاً.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 9، 10].

 

وقال في حقِّ المؤمنين: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ ﴾ الآية [الحديد: 12]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

 

﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25].

 

ومعنى ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾؛ أي: من تحت أشجارها وغُرَفها، وقد جاء في الحديث: أن أنهارها تجري من غير أخدود، وجاء في الكوثر أن حافَتَيْه قِبابُ اللؤلؤ المجوَّف، ولا منافاة بينهما، وطِينها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر، نسأل الله من فضله وكرمِه، إنه هو البَرُّ الرحيم.

 

﴿ قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15].

 

﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ [آل عمران: 195].

 

﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا ﴾ أي: ضيافةً ﴿ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198].

 

﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14].

 

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ﴾؛ أي: بحفظي وكلاءتي ونصري، ﴿ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي ﴾؛ أي: صدَّقتموهم فيما يجيئونكم به من الوحيِ، ﴿ وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ﴾؛ أي: نصرتموهم وآزَرْتموهم على الحق، ﴿ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾، وهو: الإنفاق في سبيله وابتغاء مرضاته، ﴿ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾؛ أي: ذنوبَكم، أمحوها وأسترها، ولا أؤاخذكم بها، ﴿ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾؛ أي: أدفع عنكم المحذورَ، وأحصل لكم المقصود.

 

كما قال تعالى: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ * لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 21، 22].

 

أي: قد حكَم وكتب في كتابه الأول وقدره الذي لا يُخالَف ولا يُمانَع، ولا يبدل، بأن النصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة، وأن العاقبةَ للمتقين؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [غافر: 51، 52]، وقال ها هنا: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21]؛ أي: كتب القويُّ العزيز أنه الغالب لأعدائه، وهذا قدَر محكَم، وأمر مُبرَم؛ أن العاقبة والنُّصرة للمؤمنين في الدنيا والآخرة.

 

ثم قال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [المجادلة: 22]؛ أي: لا يوادُّون المحادِّين ولو كانوا من الأقربين؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ الآية [آل عمران: 28]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

 

وقد قال سعيد بن عبدالعزيز وغيرُه: أنزلت هذه الآية: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ إلى آخرها [المجادلة: 22] في أبي عبيدة عامر بن عبدالله بن الجرَّاح، حين قتَل أباه يوم بدرٍ؛ ولهذا قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين جعل الأمر شورى بعده في أولئك الستة رضي الله عنهم: (ولو كان أبو عبيدةَ حيًّا، لاستخلفتُه).

 

وقيل في قوله: ﴿ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ﴾ نزلت في أبي عُبيدةَ قتَل أباه يوم بدر، ﴿ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ في الصِّدِّيق، هَمَّ يومئذٍ بقتل ابنه عبدِالرحمن، ﴿ أَوْ إِخْوَانَهُمْ ﴾ في مُصعَبِ بن عُمير، قتَل أخاه عُبيد بن عمير يومئذٍ، ﴿ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ في عُمَرَ، قتَل قريبًا له يومئذٍ أيضًا، وفي حمزةَ وعليٍّ وعُبيدة بن الحارث، قتلوا عتبةَ وشيبة والوليد بن عتبة يومئذٍ، والله أعلم.

 

ومن هذا القَبيل حين استشار رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في أُسارى بدر، فأشار الصِّديق بأن يفادوا، فيكون ما يؤخذ منهم قوةً للمسلمين، وهم بنو العم والعشيرة، ولعل الله أن يهديهم، وقال عمر: لا أرى ما رأى يا رسول الله، هل تمكِّنُني من فلان - قريب لعمر - فأقتله، وتمكن عليًّا من عَقيل، وتمكن فلانًا من فلان؛ ليعلم الله أنه ليست في قلوبنا هَوَادةٌ للمشركين.

 

وقوله: ﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾ [المجادلة: 22]؛ أي: من اتصف بأنه لا يوادُّ مَن حادَّ الله ورسوله، ولو كان أباه أو أخاه؛ فهذا ممن كتب الله في قلبِه الإيمانَ؛ أي: كتب له السعادة وقرَّرها في قلبه، وزيَّن الإيمان في بصيرته.

 

وقال السُّدِّي: ﴿ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ﴾: جعَل في قلوبهم الإيمانَ.

وقال ابن عباس: ﴿ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾؛ أي: قوَّاهم.

 

وقوله: ﴿ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ كلُّ هذا تقدَّم تفسيره غير مرة.

 

وفي قوله: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ سِرٌّ بديع، وهو أنه لما سخِطوا على القرائب والعشائر في الله، عوَّضهم الله بالرضا عنهم، وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النَّعيم المقيم، والفوز العظيم، والفضل العميم.

 

وقوله: ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾؛ أي: هؤلاء حزبُ الله؛ أي: عباد الله، وأهل كرامته.

 

وقوله: ﴿ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ تنويهٌ بفلاحهم وسعادتهم ونصرِهم في الدنيا والآخرة، في مقابلة ما أخبر عن أولئك بأنهم حزبُ الشيطان، ثم قال: ﴿ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19].

 

قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ﴾ [فاطر: 32، 33]، والصحيحُ أن الأقسامَ الثلاثة من هذه الأمَّة يدخلون الجنَّة.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108].

 

وقال أبو أمامة: الفردوس: سُرَّة الجنَّة.

وقال قتادة: الفردوس: رَبْوة الجنة، وأوسَطُها وأفضلها.

 

وفي الصحيحين: ((إذا سألتم الله الجنةَ، فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة)).

وقوله: ﴿ نُزُلًا ﴾؛ أي: ضيافةً؛ فإن النُّزل هو الضِّيافة.

 

وقوله:﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾؛ أي: مقِيمين ساكنين فيها، لا يظعنون عنها أبدًا، ﴿ لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾؛ أي: لا يختارون غيرَها، ولا يحبُّون سواها؛ كما قال الشاعر:

فحلَّتْ سُوَيدا القلبِ لا أنا باغيًا
سواها، ولا عن حُبِّها أتحوَّلُ

 

وفي قوله: ﴿ لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ تنبيهٌ على رغبتهم فيها، وحبِّهم لها، مع أنه قد يتوهَّمُ فيمن هو مقيمٌ في المكان دائمًا أنه يسأَمُه أو يمَلُّه، فأخبَر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي، لا يختارون عن مقامِهم ذلك متحولاً، ولا انتقالاً، ولا ظَعنًا، ولا رحلة، ولا بدلاً؛ قال الله تعالى في الجنة: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر: 48]، وقال تعالى فيها: ﴿ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [هود: 108]، وقال تعالى: ﴿ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 33]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾ [الدخان: 51] إلى قوله: ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى ﴾ [الدخان: 56]، وغيرها من الآيات، فأخبَر تعالى بأبَدِيَّتِها وأبَدِيَّة حياة أهلها، وعدم انقطاعها عنهم، وعدم خروجِهم منها.

 

وعن جَرير بن عبدالله رضي الله عنه: قال: كنا عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمرِ ليلة البدر، وقال: ((إنكم سترون ربَّكم عِيانًا، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا عن صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا، ثم قرأ: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]))؛ أخرجه البخاريُّ ومسلم والترمذي، وأخرجه أبو داود، وقال: (ليلة أربع عشرة).

 

قال أبو حيان في البحر المحيط: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾؛ أي: فصَلِّ، ﴿ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ﴾: هي صلاة الصُّبح، ﴿ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾: هي صلاةُ العصر؛ قاله قتادةُ، وابن زيد، والجمهور.

 

قال ابنُ خَزيمة في كتاب التوحيد: إن جميعَ المؤمنين يرون اللهَ يوم القيامة مُخلِيًا به عز وجل.

 

وذكر تشبيه النبي برؤية القمر، خالقَهم ذلك اليوم، بما يدرك عليه في الدنيا عِيانًا ونظَرًا ورؤية، حدثنا عبدالله بن محمد الزهري، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن شعبةَ، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن ابن رزين قال: قلت: يا رسول الله، أكلُّنا نرى الله مُخلِيًا به؟ قال: ((نعم))، قال: وما آيةُ ذلك في خَلْق الله؟ قال: ((أليس كلُّكم يرى القمرَ ليلةَ البدر، وإنما هو خَلْق مِن خَلْق الله؛ فالله أجلُّ وأعظمُ)).

 

وإن رؤية الله سبحانه هي التي يختص بها أولياءَه يوم القيامة، وهي التي ذكَرها في قوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]، ويفضِّل بهذه الفضيلة أولياءَه من المؤمنين، ويحجُبُ جميع أعدائه عن النظرِ إليه؛ من مشرك، ومتهوِّد، ومتنصِّر، ومتمجِّس، ومنافق؛ كما أعلم في قوله: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]، وهذا نظر أولياء الله إلى خالقهم - جلَّ ثناؤه - بعد دخول أهل الجنةِ الجنةَ، وأهل النارِ النارَ، فيزيد الله المؤمنين كرامةً وإحسانًا إلى إحسانه، تفضلاً منه وجودًا، بإذنه إياهم النظرَ إليه، ويحجُبُ عن ذلك جميع أعدائه؛ عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ قال: يقول الله - تبارك وتعالى -: تريدون شيئًا أزيدُكم، يقولون: ألم تبيِّضْ وجوهنا؟ ألم تُدخِلْنا الجنة؟ وتُنجِنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم)) زاد في رواية يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة: ثم تلا هذه الآية: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موقف الحساب
  • الموت والحشر والحساب
  • مشاهد القيامة: الحساب
  • لقاء الله عز وجل والعرض والحساب
  • عقاب الكافرين يوم القيامة
  • مشاهد الحساب والعرض يوم القيامة
  • هل يحاسب الكفار يوم القيامة؟
  • الإيمان بالحساب والجزاء
  • أنواع الناس في الحساب يوم القيامة
  • القواعد التي يحاسب العباد على أساسها يوم القيامة
  • أصناف الناس في الحساب يوم القيامة
  • حديث: لا تزول قدما عبد يوم القيامة
  • أدلة الحساب من الكتاب والسنة
  • أخذ الكتاب باليمين
  • تركنا الحساب ليوم الحساب
  • الإيمان بالحساب والجزاء في الآخرة
  • حساب العرض وحساب المناقشة يوم القيامة

مختارات من الشبكة

  • الحساب والرياضيات دون استخدام آلة حاسبة: حسابات الجذور التربيعية والدوال المثلثية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إثبات الهلال بالحساب الفلكي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العمل بالحساب الفلكي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • موقف الحساب يوم القيامة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة النزهة في الحساب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الوسيلة في علم الحساب ( نسخة ثانية )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • العدد والحساب في القرآن الكريم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حلاوة الإيمان في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسائل في الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب