• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

رحلة القرآن من فم الرسول إلى قراء ذلك الزمان

رحلة القرآن من فم الرسول إلى قراء ذلك الزمان
محمود العشري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/4/2015 ميلادي - 13/6/1436 هجري

الزيارات: 21809

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحلة القرآن من فم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قراء ذلك الزمان


إن من أجَلِّ العلوم وأشرفِها تلاوةَ القرآن الكريم، وتعلُّمَ أحكامه من أفواهِ العلماء المتقنين، ولكنْ كثيرًا ما يَسأل طلبةُ العلم: كيف وصل إلينا القرآنُ الكريم بهذه الكيفية؟

 

القرآن الكريم هو كلامُ الله تعالى المنزَّل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام بلفظِه، بل قال العلماء: صفة التلاوة مُتلقَّاةٌ عن ربِّ العالمين لا اجتهاد لجبريلَ عليه السلامُ أو النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدٍ من العلماء بعدَه أن يغيِّر شيئًا بزيادةٍ أو نقصٍ أو إبدال، كما قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرُكم أن تقرَؤوا كما عُلِّمتم"، وكما قال عمرُ وزيدٌ وابنُ المنكدِر وعمرُ بن عبدالعزيز وعامرٌ الشَّعبي: "القراءة سُنَّة متَّبَعة، فاقرؤوا كما عُلِّمتموه".

 

نزل القرآنُ الكريم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الفترة المكيَّة على حرفٍ واحد؛ لأن الدعوة الإسلامية كانت محصورةً في مكة، وعددَ المسلمين قليلٌ، وبعدَ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ودخولِ القبائل العربية - التي كانت تختلفُ في لهجاتها - في دين الله أفواجًا، طلب النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الله تعالى أن يخفِّف عن أمَّته، فأنزَلَ الله تعالى القرآنَ على سبعة أحرف، كما جاء في حديث ابنِ عبَّاس رضي الله عنهما عند البخاري ومسلم وأحمدَ وعبدالرزاق أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأَني جبريلُ على حرفٍ فراجعتُه، فلم أزَل أستزيدُه ويَزيدُني، حتى انتهى إلى سبعةِ أحرُف))؛ مما سهَّل تلاوة القرآن وفَهمَه، لا سيَّما في القبائل التي لها لهجةٌ مختلفة، وفيها الشيخ العجوزُ والمرأةُ والضعيف الَّذين أَلِفَ لسانُهم لهجتَهم، ولا يستطيعون الرحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستماع منه.

 

وقد روى الترمذيُّ وأحمدُ من حديث أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((يا جبريلُ، إنِّي بُعِثتُ إلى أمَّة أميِّين، منهم العجوز والشيخ الكبير، والغلام والجارية، والرجل الذي لم يَقرأ كتابًا قط))، قال: يا محمَّد؛ إن القرآن أُنزل على سبعة أحرف؛ وللحديث شاهدٌ عند الطيالسيِّ في "المسنَد" برقم (543).

 

هذا، وقد أقرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صحابتَه الكرام وفقَ هذه الأحرفِ السبعة، وقد لاحَظوا رضي الله عنهم الاختلافَ بينها في حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وصوَّب النبيُّ صلى الله عليه وسلم قراءتَهم على اختلافها، وأمر كلَّ واحد منهم أن يَقرأ كما عُلِّم، وقصة عمر مع هشام بن حَكيم رضي الله عنهما مَشهورةٌ معروفة، وقد رواها البخاريُّ ومسلمٌ ومالكٌ وأحمدُ والترمذيُّ والنَّسائيُّ وأبو داود وعبدُالرزاق.

 

وفي العَرضة الأخيرة نُسِخ من هذه الأحرُفِ ما نُسِخ، وثبَت ما ثبَت، وبعضُ الصحابة كان أعلَمَ بهذا النَّسخ من الآخَر.

 

وعندما كانت تنزل الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر كتَبةَ الوحي بكتابتها، فتُكتَب أمامَه، ثم تُقرأ عليه، فإذا كان فيها سقطٌ أقامه، ثم تُخرَج للناس - كما قال زيدٌ - حتى تُظاهِرَ الكتابةُ في السطورِ ما حُفِظ في الصدور، وقُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآنُ محفوظٌ في الصدور، مكتوبٌ بالأحرف السبعة على اللِّخاف والعُسُب والرِّقاع والأكتاف، مُفَرَّق بين الصحابة؛ ما عند صحابيٍّ ليس عند آخر.

 

وفي حروب المرتدِّين استَحَرَّ القتلُ بالقُرَّاء في معركة اليَمامة حتى قُتل منهم سبعون، عندئذٍ خاف عمرُ الفاروقُ رضي الله عنه ضياعَ القرآن بمقتل حُفَّاظه، فأشار على الصدِّيق رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحفٍ واحد، ولم يزَل يراجعُه في ذلك حتى شرَح الله تعالى صدرَ الصديقِ رضي الله عنه لذلك، فأرسَل إلى زيدٍ رضي الله عنه، وعَهِد إليه بذلك - كما عند البخاريِّ والترمذي وأحمد - فقام زيدٌ رضي الله عنه بمهمَّتِه خير القيام، وكان لا يَقبل من أحدٍ شيئًا مكتوبًا إلا إذا شَهِد شاهدانِ أنَّه كُتب أمامَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

 

وجمع القرآن كاملًا في صحف مشتمِلًا على الأحرُفِ السبعة وفق العَرضة الأخيرة - وكانت سُورًا مفرَّقة، كل سورة مرتَّبة بآياتها على حِدَة، لكن لم يرتَّب بعضُها إثرَ بعض، فلما نُسِخت ورتِّب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا - وكانت هذه الصُّحف عند أبي بكرٍ رضي الله عنه حتى توفَّاه الله تعالى، ثم عند عمرَ رضي الله عنه حياتَه، ثم عند حفصةَ بنتِ عمر رضي الله عنها.

 

وفي عهد عمرَ رضي الله عنه اتَّسعَت رقعة الدَّولة الإسلامية، ودخل الناسُ في دين الله أفواجًا، فطلَب وُلاةُ الأمصار من عمرَ أن يُرسل إليهم مَن يعلِّم الناسَ القرآن، فأرسل أبا موسى الأشعريَّ إلى البصرة، وابنَ مسعود إلى الكوفة، ومعاذًا إلى فلسطين، وعُبادةَ بن الصَّامت إلى حِمص، وأبا الدَّرداء إلى دِمَشق، وبهذا نشأَت مدارسُ في الأمصار الرئيسةِ لها منهجُها الخاص.

 

وقد كان الصحابةُ رضي الله عنهم يُقرئون القرآنَ وفقَ ما تعلَّموا من النبيِّ صلى الله عليه وسلم من هذه الأحرف، ولا شكَّ أنَّ هناك فرقًا بين تعليم أحدهم وتعليم الآخر؛ كلٌّ حسبَما تلقَّاه من النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل تلاميذُهم يلتَقون فيختلفون، ويُخَطِّئ بعضهم بعضًا في القرآن، حتى ارتفَع ذلك إلى المعلِّمين، حتى كفَّر بعضُهم بعضًا، وجعلوا يُفاضلون بين قراءات الصَّحابة، فبلغ ذلك عثمانَ رضي الله عنه، فخطب فقال: "أنتم عندي تَختلفون! فمَن نأى عنِّي من الأمصار أشدُّ اختلافًا"، فجمع الصحابة واستشارَهم، ثم استقرَّ الرأيُ على جمع الناس على مصحفٍ واحد؛ حتَّى لا تكون فُرقةٌ ولا يكونَ اختلاف.

 

فنَسخَ القرآنَ وفقَ ما ثبَت مِن الأحرف السبعة في العَرضة الأخيرة، وبعَث مع كلِّ مصحفٍ قارئًا يُقرئ الناسَ وفق ما كُتب في هذه المصاحف، مع العلمِ أنَّها لم تكن مُنقَّطة أو مشكَّلة في ذلك الوقت، وأمر عثمانُ رضي الله عنه بحرق جميعِ المصاحف التي كانت مكتوبةً عند بقيَّة الصحابة؛ حيث إنَّ بعض هذه المصاحف لم يكن كاملًا بسبب النقص في بعض الآيات والسُّور، وبعضها كان في حواشيه كلماتٌ تفسيريَّة قد يحسبُها البعضُ من القرآن.

 

وقد كتب عثمانُ رضي الله عنه ستَّة مصاحفَ، وأرسل واحدًا منها إلى مكَّة مع عبدالله بن السائب، وواحدًا إلى الشام مع المغيرةِ بن شهاب، وواحدًا إلى الكوفة مع أبي عبدالرحمن السُّلمي، وآخرَ إلى البصرة مع عامر بن عبدالقيس، وأبقى واحدًا في المدينة مع زيد بن ثابت، وواحدًا لنفسِه.

 

وأمَر كلَّ قارئ أن يُقرئ الناس وفقَ مصحفِه، فقرأ أهلُ كلِّ مِصرٍ مُصحفَهم الذي وُجِّهَ إليهم على ما كانوا يَقرؤون قبل وصولِ مصحفِهم إليهم مما يوافق خطَّ المصحف، وسقط العملُ بما يُخالف خطَّ المصحَف، ومن ثَمَّ نشأ الاختلافُ بين قرَّاء الأمصار في قراءة بعضِ الحروف؛ بناءً على كتابتها في المصحفِ أو لا.

 

وأقول: إن القراءات العَشْرَ التي يَقرأ بها الناسُ اليوم إنما هي جزءٌ من الأحرف السبعة التي نزَل بها القرآنُ ووافق خطَّ المصحف، وهي متفرِّقة في القرآن في كلِّ قراءة، ولا تَجمعُها روايةٌ ولا قراءةٌ واحدة، فإذا قرأ القارئُ بروايةٍ من الروايات فإنما قرَأ ببعضِها لا بكلِّها، وهي منزَّلةٌ من عندِ الله تعالى لا اجتهادَ فيها لجبريل عليه السلام أو النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدٍ من العلماء بعدَه أن يغيِّر شيئًا بزيادةٍ أو نقصانٍ أو إبدال؛ قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه فيما رواه أحمدُ وابن حبَّان والحاكم: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرُكم أن تَقرؤوا كما عُلِّمتم.

 

وبعد أن كَثُرت الفتوحاتُ الإسلامية، ودخَل كثيرٌ من الأعاجم في الإسلام، واختلط اللسانُ العربي بالعجمي، وفَشا اللَّحن على الألسنة - قام أبو الأسود الدؤليُّ بتنقيط المصحف نِقاطَ الإعراب، فوضَع نقطةً فوق الحرف لتدلَّ على الفتح، ونقطةً أمام الحرف لتدلَّ على الضم، ونقطةً تحت الحرف لتدلَّ على الكسر، ونقطتين لتدلَّ على التنوين، وذلك بمِدادٍ يُخالف لونُه لونَ مِداد المصحف.

 

ولما صَعُب على كثيرٍ من المسلمين التمييزُ بين الحروف المتشابهة، طلَب الحجاجُ بن يوسف مِن نَصرِ بن عاصمٍ ويحيى بنِ يَعمر أن يعمَلا على إبعادِ التَّحريف عن ساحةِ القرآن، فوضَعا نقاطَ الإعجام؛ لتمييز الحروفِ المتشابهة رسمًا مِن بعضها بلونِ مِداد المصحف، فالباءُ نقطة واحدة تحت، والتَّاء بالمثنَّاة الفوقية، والثاء بالمثلَّثة الفوقية... وهكذا.

 

ثم طوَّر الخليلُ بن أحمد الفراهيديُّ نقاطَ الإعراب إلى حرَكاتِ الإعراب: فجعَل الضمةَ واوًا صغيرة فوقَ الحرف، والفتحةَ ألِفًا صغيرة مبطوحة فوق الحرف، والكسرة ألفًا مبطوحة تحتَ الحرف، والتنوينَ حركتين، والشَّدةَ رأسَ شين، والسكونَ رأسَ خاء، وهكذا تَنامى علمُ مصطلحات ضبطِ المصحف حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، مع فَرقٍ بين المشارقة والمغاربة في علامات الضَّبط.

 

واستمرَّ أبو عبدالرحمن السُّلَمِي - الذي تلقَّى القرآنَ عن عثمانَ وعليٍّ وأُبيٍّ وابن مسعودٍ رضي الله عنهم - يعلِّم القرآنَ في مسجد الكوفة أربعينَ سنة.

 

ثم تجَّرد قومٌ للقراءة والإقراء، واعتنَوا بضبط القراءةِ حتَّى صاروا أئمَّةً يُقتدى بهم في القراءة، وكانوا كثيرينَ في العدد، كثيرينَ في الاختلاف، فأراد الناسُ أن يَقتصروا من القراءات التي تُوافق خطَّ المصحف على ما يَسهُل حِفظُه وتنضَبِط القراءةُ به، فنظروا إلى كلِّ إمام مشهورٍ بالثِّقة والأمانة وحُسنِ الدِّين وكمال العلم، قد طالَ عُمره، واشتهَر أمرُه بالثقة، وقد أجمع أهلُ بلدهم على تلقِّي القراءة منهم بالقَبول، ولتصَدِّيهم للقراءة نُسبت إليهم.

 

ومنهم في المدينة: أبو جعفرِ بنُ القَعقاع، ثم شَيبةُ بن نِصَاح، ثم نافعُ بن أبي نُعيم، وفي مكَّة: عبدُالله بنُ كثير، وحُميد بن قيسٍ الأعرج، ومحمد بن مُحيصِن، وفي الشام: عبدالله بن عامر، ثم يحيى بنُ الحارث الذِّماري وإبراهيمُ بن أبي عَبلَة، ثم شُريح بن يَزيدَ الحضرمي، وفي الكوفة: يحيى بن وثَّاب، وعاصمُ بن أبي النَّجود، وسليمانُ بن مِهرانَ الأعمشُ، ثم حَمزةُ الزيَّاتُ، ثم الكِسائيُّ، وفي البصرة: عبدالله بن أبي إسحاق، وعيسى بنُ عُمر، وأبو عَمرِو بنُ العلاء، ثم عاصمٌ الجَحدَري، ثم يعقوبُ الحضرمي.

 

وهؤلاء قُلٌّ مِن كُثر، ونَزر من بَحر؛ فإنَّ القراء الذين أخَذوا عن التابعين كانوا أُممًا لا تُحصى، وطوائفَ لا تُستقصى، والذين أخَذوا عنهم أيضًا أكثَر، وهلمَّ جَرًّا، وفي هذه الفترةِ بدأ التأليف في علم القراءات؛ حيث إنَّ أول من ألَّف في علم القراءات هو يحيى بنُ يَعمر (ت: 90هـ).

 

وذهب الكثيرُ من العلماء إلى أنَّ أول من ألَّف فيها هو الإمام أبو عُبيدٍالقاسمُ بن سلاَّم (ت: 224هـ)، ثم أبو حاتم السِّجِستاني (ت: 225هـ)، وبعده أحمدُ بن جُبير بن محمد الكوفي؛ جمَع كتابًا في القراءات الخمسة (ت: 258هـ)، ثم إسماعيلُ بن إسحاقَ المكِّي صاحبُ قالون؛ ألَّف كتابًا في القراءات جمَع فيه قراءةَ عشرينَ إمامًا (ت: 282هـ)، ثم ابن جَرير الطَّبري (ت: 310هـ)، وفي هذا الوقتِ كان قد اشتَهر القرَّاءُ الذين نُسِبَت إليهم القراءةُ نسبةَ مُداوَمةٍ وملازَمة واشتِهار، لا اختِراع ورأيٍ واجتهاد.

 

وقد كان من أبرز طلاَّب (1) أبي عبدالرحمن السُّلَمي (2) عاصمُ بنُ أبي النَّجود الأسديُّ الكوفي الحنَّاط - أحدُ القراء السبعة - الذي جلَس يُعلِّم الناس بعد أبي عبدالرحمن السلمي، وكان مِن أبرز طلاَّبه راوِياه: شُعبة بنُ عيَّاش، و: (3) حَفصُ بن سُليمان بنِ المغيرةِ الكوفي، رَبيبُ عاصم، ونحن نَقرأ القرآنَ برواية حفصٍ من قراءة عاصم.

 

وبعد وفاةِ الرُّواة حلَّ مكانَهم تلاميذُهم، وأخَذوا يُقرئون الناسَ القرآن، وسُمِّي الآخِذُ عن الراوي طريقًا، فالطريق: كلُّ ما أُخِذَ عن الراوي وإن سَفُل.

 

ومن أبرَز طلاَّب حفصِ بن سليمان (4) عُبيدُ بن الصبَّاح، وأخذ عنه (5) أحمد بن سهل الأُشْناني، وعنه أخَذ (6) عليُّ بن محمد الهاشمي، وعنه (7) أبو الحسن طاهرُ بنُ عبدالمُنعِم بنِ غَلبون الذي ألَّف كتاب "التذكرة في القراءات الثَّمان"، وعنه (8) أبو عمرٍو عثمانُ بن سعيد الدَّاني مؤلف كتاب "التيسير في القراءات السبع" - وهو من أشهَرِ كُتب القراءات - وعنه أخذَ (9) أبو داود سليمانُ بن نجاح الأندلسي، وعنه (10) عليُّ بن محمد بن هُذيل البَلَنْسي، وعنه الإمام (11) أبو محمد القاسمُ بن فِيرُّه الشاطبي، وقد نظم الشاطبي كتاب "التيسير" بقصيدته: "حرز الأماني، ووجه التهاني" المعروفة بالشاطبيَّة، وقد اشتهَر طريقُ الشاطبية عن باقي الطرق، حتى صار أكثرُ طلاَّب العلم لا يَعرفون غيرها - فمُعظم المسلمين اليومَ يَقرؤون القرآن الكريم برواية حفص بن سليمان من قراءة عاصم بن أبي النَّجود من طريق الشاطبية - وعليها ضبط المصحف الشريف.

 

وعن الشاطبيِّ أخَذ (12) عليُّ بن شجاع العباسي، وعنه (13) محمد بن أحمد الصَّائغ، وعنه (14) عبدالرحمن بن أحمد البغدادي، وعنه الإمام (15) أبو الخير محمد بن محمد بن الجزَري، وهو من عبَاقرة علم التَّجويد والقراءات، وخاتمة المحقِّقين، وكلُّ مَن جاء بعدَه عالةٌ عليه في هذا العلم، وقد قام بتأليف عدَّة كتب ومنظومات في القراءات والتجويد، اعتمد العلماءُ عليها إلى عصرنا هذا، ومنها منظومةُ المقدِّمة في علم التجويد، ومنها أيضًا: كتاب "النشر في القراءات العشر" الذي نظمه في منظومتِه "طيِّبة النشر"، وإليها تُنسب طريقُ الطيبة.

 

وأخذ عن ابن الجزَريِّ الشيخُ (16) أحمد بن أسد بن عبدالواحد الأميوطي، وعنه الشيخ (17) محمد بن إبراهيم بن أحمد السمديسي، وعنه الشيخ (18) عليُّ بن محمد بن علي بن خليل بن غانم الخزرجي المقدسي، وعنه الشيخ (19) عبدالرحمن شحاذة اليمني، وعنه الشيخ (20) محمد قاسم البقري، وعنه الشيخ (21) أبو السماح أحمد بن رجب بن محمد البقري، وعنه الشيخ (22) عبدالرحمن بن حسن بن عمر الأجهوري، وعنه الشيخ (23) إبراهيم بن عامر بن عليٍّ العَبِيدي، وعنه الشيخ (24) عليٌّ الحداد الأزهري، وعنه شيخ قُرَّاء دسوق الشيخ (25) عبدالله بن عبدالعظيم الدُّسوقي، وعنه الشيخ المقرئ المعمَّر (26) الفاضلي بن علي أبو ليلة الدُّسوقي، وعنه الشيخ (27) مِصباح إبراهيم الدسوقي، الذي أجازَني برواية حفص بن سليمان من قراءة عاصم بن أبي النَّجود من طريق الشاطبية.

 

وعلى هذا؛ يكون بيني وبين ابن الجزريِّ رحمه الله اثنا عشَر رجلاً، وهذا ثاني أعلى سند في العالم، وأما أعلى سند في العالم، فهو سندُ شيخنا مصباح، وباقي تلاميذ الشيخ الفاضليِّ الأحياء، وكذلك الشيخ بكري بن عبدالمجيد الطرابيشي الدِّمشقي في السبع من طريق الشاطبية.

 

وعلى ذلك يكون بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثمانيةٌ وعشرون رجلاً، وهذه نعمةٌ جليلة أسأل الله تعالى أن يرزُقَني حسنَ شكرها، إن ربِّي على كل شيء قدير، وهو سبحانه بالإجابة جدير، وهو حسبي ونِعم الوكيل.

 

ملاحظة: ممن قرأ على العبيدي أيضًا الشيخ أحمد بن محمد، المعروف بسلمونة، وقرأ عليه الشيخ أحمد الدري التهامي، وقرأ على التهاميِّ كلٌّ من الشيخ حسن بن بدير الجريسي الكبير، وشيخ القراء محمد بن أحمد المتولي، وعن المتولي أخذ صِهرُه حسن بن يحيى الكتبي، والشيخ عبدالرحمن الخطيب، الشهير بالشعار، وعنهما أخذ شيخ القراء الشيخ علي بن محمد، الشهير بالضبَّاع، وعنه أخذ شيخُنا عبدالفتاح مدكور الذي أجازني برواية حفصٍ بقَصر وتوَسُّط المد المنفصِل من طريق الشاطبية والطيبة.

 

وعن الجريسي الكبير أخَذ الشيخ عثمان بن سليمان مراد، مؤلِّف السلسبيل، وعنه شيخنا عبدالفتاح مدكور.

 

كما أخذ عن المتولي الشيخ شمروخ بن محمد شمروخ، وعنه أخذ الشيخ الدكتور عبدالباسط حامد، الشهير بـ: عبدالباسط هاشم، وعنه شيخنا الخطيب، الذي أجازني برواية حفصٍ بقَصر وتوسُّط المد المنفصل من طريق الشاطبية والطيبة، وأجازني أيضًا برواية الإمام شُعبة، وقد أجازني الشيخ مصباح إبراهيم - بسنده العالي - برواية الإمام شُعبة كذلك، فحفظهم الله جميعًا، ورَحِم من توفَّاه، ورَضي عن الكل.

 

انتهى بحمد الله تعالى..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سحر القرآن وأثره في النفوس
  • خصائص التربية في القرآن الكريم

مختارات من الشبكة

  • الرحلة في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: فريق اليقين ينظم رحلة عمرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إلى السماوات العلى(مقالة - ملفات خاصة)
  • هولندا: مؤسسة السنة تنظم رحلة عمرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الرحلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تباعد الأزمنة وتقارب الغايات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أثر الإسلام في تغيير مفهوم العالم لمعنى الرحلة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رحلتي مع القران (76) وعاء القرآن(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • رحلتي مع القران (69): (مثل من القرآن)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • اليابان: رحلات لطلاب المدارس للتعريف بالإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب