• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

فضائل المدينة وحرمتها

فضائل المدينة وحرمتها
د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2014 ميلادي - 4/11/1435 هجري

الزيارات: 466718

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضائل المدينة وحُرمَتها


الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:

فإن مدينة الرسول صلى اللهُ عليه وسلم طيبة الطيبة، مَأرِز الإيمان، ومُلتَقَى المهاجرين والأنصار، ومُتَنَزَّل جبريل الأمين على النبي صلى اللهُ عليه وسلم.

 

هذه المدينة المباركة قد شرَّفها الله وفضَّلها وجعلها خير البقاع بعد مكة، وقد وردت النصوص الكثيرة في فضلها، وحرمتها، ومكانتها، إخبارًا ودعاءً، وترغيبًا وترهيبًا[1].

 

فمنها: أن الله جعلها حرمًا، فقد روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَمًا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ حَرَامًا، مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا[2]، أَنْ لَا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ، وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ، وَلَا تُخْبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا لِعَلْفٍ"[3].

 

وحرم المدينة هو ما بين الحرتين شرقًا وغربًا وما بين عير إلى ثور يمنًا وشامًا، روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ"[4].

 

وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ[5]"[6].

 

ومنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم سَمَّاهَا طَيْبَةَ وَطَابَةَ، روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنتِ قَيسٍ رضي اللهُ عنها فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ قَولُهُ صلى اللهُ عليه وسلم: "هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ يَعْنِي الْمَدِينَةَ"[7].

 

وفي رواية البخاري: "هَذِهِ طَابَةُ"[8]، قال ابن حجر رحمه الله: "والطاب والطيب لغتان بمعنى، واشتقاقها من الشيء الطيب وقيل: لطهارة تربتها، وقيل: لطيبها لساكنها، وقيل من طيب العيش بها، قال بعض أهل العلم: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية، لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها"[9].

 

وقد حدثني من سكن المدينة سنوات أنه لم يجد الروائح الكريهة التي توجد عادة في غيرها، كما حدثني أيضًا أنه لا يوجد بها الإزعاج والصخب الذي يوجد في المدن التي يكثر بها السكان، وأنه جرى بحث هذه المسألة مع بعض أهل المدينة، فكان مما قيل في تعليل ذلك اجتهادًا: إنه ربما كان من خصوصيتها وعظيم بركة أرضها امتصاص الأصوات المزعجة ليعم السكون والهدوء والطمأنينة، وممَّا حدثني أيضًا أن أرضها وجبالها يبدو للناظر إليها حسنًا، وجمالًا، وبهاءً لا يُرَى في غيرها.

 

ومنها: أن الإيمان يَأرِزُ إليها، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ[10] إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا"[11].

 

ومنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم حثَّ على الصبر على لأوائها وشدتها، ووعد على ذلك أعظم الثواب.

 

روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ: أَنَّهُ جَاءَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ لَيَالِي الْحَرَّةِ فَاسْتَشَارَهُ فِي الْجَلَاءِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَشَكَا إِلَيْهِ أَسْعَارَهَا وَكَثْرَةَ عِيَالِهِ، وَأَخْبَرَهُ أَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى جَهْدِ الْمَدِينَةِ وَلَأْوَائِهَا، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ لَا آمُرُكَ بِذَلِكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا فَيَمُوتَ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا"[12].

 

وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ! هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ! وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"[13].

 

قال ابن حجر:

"والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم لأنها حرم الرسول صلى اللهُ عليه وسلم وجواره، ومهبط الوحي، ومنزل البركات، لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الأخروية التي يُسْتَحْقَرُ دونها ما يجدونه من الحظوظ الغائبة العاجلة بسبب الإقامة في غيرها"[14].

 

ومنها: ما جاء عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أنه وصفها بأنها قَرْيَةٌ تَأْكُلُ الْقُرَى، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ: يَثْرِبُ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"[15]. والمراد بـ"تَأْكُلُ الْقُرَى" أي: ينصر الله الإسلام بأهل المدينة ويفتح على أيديهم القرى، فتجلب الغنائم إلى المدينة ويأكل أهلها، وأضاف الأكل إلى القرية والمراد: أهلها[16].

 

ومنها: ما جاء عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم من الدعاء لها بالبركة، روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا"[17].

 

ومن المشهور لدى الكثيرين الذين انتقلوا إلى مكة أو المدينة من مدن أخرى: أن ما يصرفونه لا يكاد يبلغ النصف مما كانوا يصرفونه في المدن التي انتقلوا منها، فهذا أمر معلوم.

 

ومن فضائلها: أنه لا يدخلها الطاعون ولا الدجال، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ، لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ"[18].

 

ومنها: أن في المدينة مسجد الرسول صلى اللهُ عليه وسلم وهو من المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَالمَسْجِدِ الْأَقْصَى"[19]. والصلاة فيه مضاعفة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ"[20].

 

ومنها: أن في المدينة مسجد قباء والصلاة فيه تعدل عمرة، روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءَ فَيُصَلِّيَ فِيهِ، كَانَ كَعَدْلِ عُمْرَةٍ"[21].

 

ومنها: فضل الروضة الشريفة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"[22].

 

قال ابن حجر:

"وفي الحديث إشارة إلى الترغيب في سكنى المدينة. وقوله: "رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ"، أي: في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من العبادة فيها المؤدية إلى الجنة، أو أن المراد روضة حقيقية بأن ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة"[23].

 

ومنها: أن فيها جبل أحد، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: "أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"[24].

 

ومنها: أن فيها وادي العقيق، روى البخاري في صحيحه مِن حَدِيثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي اللهُ عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ"[25].

 

ومنها: أن فيها العجوة (نوع من تمر المدينة) روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ سَعدٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللِه صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ"[26].

 

ومنها: أن المدينة تنفي خَبَثَهَا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ أَعرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَلَى الإِسلَامِ، فَأَصَابَ الأَعرَابِيَّ وَعَكٌ بِالمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا[27]"[28].

 

ومنها: أن من أراد أهلها بسوء أهلكه الله، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةَ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ"[29].

 

وفي رواية لمسلم: "وَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ، إِلَّا أَذَابَهُ اللهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ، أَوْ ذَوْبَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ"[30].

 

قال القاضي عياض:

"قوله: "مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةَ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ"، هذه الزيادة ترفع إشكال الأحاديث التي لم تذكر فيها وأن هذا حكمه في الآخرة، ويحتمل أن يكون المراد من أرادها في حياة النبي صلى اللهُ عليه وسلم بسوءٍ اضْمَحَلَّ أمره كما يَضْمَحِلُّ الرصاص في النار، فيكون في اللفظ تقديم وتأخير، ويؤيده قوله في الحديث: "كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ"، ويحتمل أن يكون المراد: لمن أرادها في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن سلطانه، ويذهبه عن قرب، كما انقضى من شأن من حاربها أيام بني أمية مثل مسلم بن عقبة، وهلاكه في منصرفه عنها، ثم هلاك يزيد بن معاوية على إثر ذلك، وغيرهم ممن صنع مثل صنيعهم.

 

ويحتمل أن يكون المراد: من كادها اغتيالًا وطلبًا لغرتها في غفلة، فلا يتم له أمر بخلاف من أتى ذلك جهارًا، كما استباحها مسلم بن عقبة وغيره"[31]. روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ السَّائِبِ بنِ خَلَّادٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ظُلْمًا أَخَافَهُ اللهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا[32]"[33].

 

وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.



[1] "فضل المدينة وآداب الزيارة"، د. سليمان الغصن (ص9).

[2] المأزم: المضيق في الجبال حيث يلتقي بعضها ببعض ويتسع ما وراءه، "النهاية لابن الأثير" (4/288). وقد يطلق على الجبل نفسه ذكره ابن حجر في "فتح الباري" (4/83).

[3] "صحيح مسلم" (برقم 1374).

[4] "صحيح مسلم" (برقم 1370).

[5] "صحيح مسلم" (برقم 1372).

[6] لابتيها: قال الأصمعي: اللابة الأرض ذات الحجارة السود، قال القاضي عياض: قال ابن حبيب: اللابتان الحرتان الشرقية والغربية. "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/450).

[7] "صحيح مسلم" (برقم 2942).

[8] "صحيح البخاري" (برقم 1872).

[9] "فتح الباري" (4/89).

[10] أي: ينضم إلى المدينة ويجتمع بعضه إلى بعض فيها.

[11] "صحيح البخاري" (برقم 1876)، و"صحيح مسلم" (برقم 147).

[12] "صحيح مسلم" (برقم 1374).

[13] "صحيح مسلم" (برقم 1381).

[14] "فتح الباري" (4/93).

[15] "صحيح البخاري" (برقم 1871)، و"صحيح مسلم" (برقم 1382).

[16] "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/434)، و"شرح السنة للبغوي" (7/320)، و"جامع الأصول" (9/320).

[17] "صحيح مسلم" (برقم 1374).

[18] "صحيح البخاري" (برقم 1880)، و"صحيح مسلم" (رقم 1379).

[19] "صحيح البخاري" (برقم 1189)، و"صحيح مسلم" (برقم 1397).

[20] "صحيح البخاري" (برقم 1190)، و"صحيح مسلم" (برقم 1394).

[21] "مسند الإمام أحمد" (25/358) (برقم 15981)، وقال محققوه: صحيح بشواهده.

[22] "صحيح البخاري" (برقم 1196)، و"صحيح مسلم" (برقم 1391).

[23] "شرح صحيح مسلم" (3/161)، و"فتح الباري" (4/100).

[24] "صحيح البخاري" (برقم 4422)، و"صحيح مسلم" (برقم 1391).

[25] "صحيح البخاري" (برقم 1534).

[26] "صحيح البخاري" (برقم 5445)، و"صحيح مسلم" (برقم 2047).

[27] ومعنى "وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا": أي تخلصه، والمعنى: أنها إذا نفت الخبث تميز الطيب واستقر فيها. "الفتح" (4/97)، و"النهاية لابن الأثير" (5/655).

[28] "صحيح البخاري" (برقم 721)، و"صحيح مسلم" (برقم 1383).

[29] "صحيح البخاري" (برقم 1877)، و"صحيح مسلم" (برقم 1387) واللفظ له.

[30] "صحيح مسلم" (برقم 1363).

[31] "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (4/453).

[32] "مسند الإمام أحمد" (27/92) (برقم 16557)، وقال محققوه: إسناده صحيح.

[33] انظر: "فضل المدينة وآداب سكانها وزيارتها" د. عبد المحسن البدر، "الأحاديث الواردة في فضل المدينة" د. صالح الرفاعي، "فضل المدينة وآداب الزيارة" د. سليمان الغصن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضائل المدينة وما على ساكنيها من الحقوق
  • من معالم وأحياء المدينة المنورة
  • سكنى المدينة والخروج منها
  • جولة في بلد الحبيب
  • فضل مكة والمدينة

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: منزلة الفضيلة ومعجزة القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محضر سماع (الأربعون في فضائل الأعمال) على مؤلفها فضيلة الشيخ محمد بن لطفي الصباغ(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • 45 فضيلة من فضائل أذكار الصلاة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • 30 فضيلة من فضائل أذكار الصباح والمساء(كتاب - آفاق الشريعة)
  • 23 فضيلة من فضائل أذكار النوم والاستيقاظ (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • فضائل مكة وحرمتها(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • من فضائل النبي: استجابة الله تعالى لدعائه بتطهير المدينة المنورة من الوباء وأن يبارك فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: فرحت المدينة النورة بقدومه حتى أضاء منها كل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل المدينة النبوية وآداب زيارة ساكنها صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة أربعون حديثا في فضائل المدينة المنورة(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب