• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

علاقة المريد بشيخه في التصوف

علاقة المريد بشيخه في التصوف
الشيخ فتحي أمين عثمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/8/2014 ميلادي - 2/11/1435 هجري

الزيارات: 57388

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علاقة المريد بالشيخ

عند الشيخ عبدالرحمن الوكيل


إنه لمما يورث الحسرة، أن ترى فريقاً من المسلمين يتخذون لهم مشايخ، يزعمون أنهم طريقهم إلى الله، ويعتقدون أنهم لا يصلون إلى مرضاته إلا بهم، وكذلك ما يعتقده البعض من مدد في أشياخهم ينفعونهم به في غير نظام الأسباب والمسببات.

 

وإن من أعجب العجب، أن يكون المريد مسلوب الإرادة مع شيخه، فلا يرد له أمراً، ولا يعترض على فعل، وإذا أخطأ المريد، وقف بين يدي شيخه يقول: "تائب وراجع إلى الله، يا إخواني اقبلوني".

 

وما ضّرَّ هذا المخطئ لو أنه توجه إلى الله بتوبته، فهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير.

 

وقد تصدى الشيخ عبدالرحمن الوكيل - رحمه الله - لهذه المفاهيم الخاطئة بالشرح والنقد والتحليل، فكتب مقالاً في مجلة الهدي النبوي[1] شرح فيه "علاقة المريد بشيخه"، كما جاءت في كتبهم، وعلى لسان شيوخهم، وأنه من الضروري - على حد قولهم - أن يرتبط كل فرد بشيخ من شيوخ التصوف، كما أوضح - رحمه الله - أن علاقة المريد بشيخه، لا تخرج عن أن تكون على أوجه منها: "من لا شيخ له فشيخه الشيطان"[2]. من هذا المنطلق حتى ولو كان المريد على بينة من ربه، وبصيرة في سلوكه، فإنه لابد له من الارتباط بشيخ، وعلاقة المريد بالشيخ توجب على المريد أن يحضر نفسه مع الشيخ، وأن ينسلخ من إرادة نفسه وأن يفنى في الشيخ بترك اختيار نفسه.

 

ويقولون: "من صحب شيخاً من الشيوخ ثم اعترض عليه بقلبه، فقد نقض عهد الصحبة، ووجبت عليه التوبة".

 

على أن الشيوخ قالوا: "حقوق الأستاذية لا توبة فيها"[3].

 

أية عاصفة من اليأس العميق، تجتاح نفس المريد إذا اقترف مع شيخه مثل ما حذروا منه؟!

 

ويقرر السكري الكبير في كتابه "هداية المريد" أنه يجب على المريد أن يذكر دائماً، أنه بين يدي شيخه في كل نفس من أنفاسه، وليس له الاعتراض عليه في أمر أو نهي، بل عليه الطاعة وإن أمره بمعصية كإفطار رمضان، والإهمال في إقامة الصلاة.

 

ويحرم على المريد أن ينتقل من طريق إلى أخرى، فإن أشرك مع شيخه فهو المشرك بالله[4].

 

ومما تجدر الإشارة إليه، أنه عندما أورد الإمام البقاعي في كتابه "تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي" ما رواه القشيري - رأس الصوفية في زمانه - في كتابه "الرسالة باب حجب قلوب المشايخ"، فيما كان من أمر عمرو بن عثمان المالكي مع الحلاج.

 

علق الشيخ الوكيل - رحمه الله - بقوله[5]:

نص ما ذكره القشيري: "ومن المشهور أن عمرو بن عثمان المالكي، رأى الحسين بن منصور الحلاج يكتب شيئاً، فقال: ما هذا؟ فقال: هو ذا أعارض القرآن فدعا عليه".

 

والقشيري لم يذكر هذا انتقاصاً من مقام الحلاج، وإنما ذكره تأييداً لما يهدف إليه الصوفية، وهو استعباد قلوب أتباعهم لأهوائهم، ألا تراه يقرر أن الحلاج لم يحل به القتل إلا من دعاء شيخه عليه، لا لأنه كان يعارض القرآن، فغضب الله عليه!!

 

ثم يردف ألا تراه يرويه في باب "حفظ قلوب المشايخ"؟!

 

وكذا يقول القشيري في رسالته:

"من رضي عنه شيخه لا يكافأ في حال حياته؛ لئلا يزول عن قلبه تعظيم ذلك الشيخ، فإذا مات الشيخ أظهر الله عز وجل عليه ما هو جزاء رضاه، ومن تغير عليه قلب شيخه لا يكافأ في حال حياة ذلك الشيخ، لئلا يرق له، فإنهم مجبولون على الكرم، فإذا مات ذلك الشيخ، فحينئذ يجد المكافأة بعده".

 

ويعلق الشيخ الوكيل على قول القشيري:

"ومن خالف شيخه لم يبق على طريقته، ومن صحب شيخاً من الشيوخ ثم اعترض بقلبه، فقد نقض عهد الصحبة، ووجبت عليه التوبة، على أن الشيوخ قالوا: حقوق الأستاذين لا توبة عنها". انظر (ص 150، 151) من الرسالة للقشيري قائلاً: "أرأيت إلى القشيري كيف يقرر وجوب التوبة حتى على من همس في قلبه اعتراض على شيخه".

 

هذا قول القشيري، أما ابن حجر الهيتمي فيقول: "ويتعين على المريد الاستمساك بهدي الشيخ، والدخول تحت جميع أوامره ونواهيه ورسومه حتى يصير كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء"[6].

 

على أن مجمل آداب المريد عند الرطبي هو: عدم الاعتراض على الشيخ ولو كان ظاهره أنه حرام، ولا يزور ولياً ولا صالحاً إلا بإذنه، ولا يحضر مجلس غيره، ولا يسمع من سواه، ولا يجيب أحداً دعاه، وإن كان أحد والديه، ولا ينظر في وجه الشيخ، ولا يكلمه إلا همساً، ولا يسبح بسبحته، ولا يتوضأ بأبريقه، ولا يسافر، ولا يتزوج ولا يفعل فعلاً من الأمور المهمة إلا بإذنه، ولا يستدبره بظهره ولو في الصلاة، ولا يشير عليه برأي، وأن يلاحظه بقلبه في جميع أحواله سفراً وحضراً لتعمه بركته، وأن يؤمن أن كل بركة حصلت له من بركات الدنيا والآخرة فإنما هي من بركات الشيخ، وإذا قال له: افطر وهو صائم وجب عليه الفطر، وألا يرد على شيخه كلاماً، وإن كان الحق من المريد[7].

 

عبودية أعان على مهانتها الشيطان، وصغار ذليل يعافه حتى حقير الحيوان، وقد نظم هذه الآداب المزعومة الشيخ مصطفى البكري في أرجوزته "بلغة المريد" فقال:

والصدق ثم الاعتقاد فيه
وعنه ما كان تخفيه
وسلم الأمر له لا تعترض
ولو بعصيان أتى إذا فُرِضْ
وكل ما ملكت ملكه له[8]
وكن كمن بحبه تولهوا
وكن لديه مثل مَيْتٍ فَاني
لدى مغسِّل لتمسي داني
ولا تزغ عن أمره، وما نهى
عنه اجتنبه ترتقي إلى السُّها
أنفاسه إياك أن تضيعا
أفعاله كن سالكاً رفيعاً
وكل ما لا يا فتى يرضيه
دعه وحق وفيِّه
ولا تقل وَلِمَ؟ إن نهاك أو أُمر
من قالها ذاق في السعير سقر
ولا تطأ له على سجادة
ولا تنم له على وسادة
ولا تؤاكله على المائدة
كيلا بذا تحرم من فائدة
وزوجه من بعده لا تنكحا
فمن يكن ذا ما أفلحا
ولتعتقده أكمل أهل العصر
ولتتركن لديه قول الهجر
انظر إليه واجلسن في حضرته
مثل مصلَ جالساً في هيئته

 

ويذكر الشيخ حسن رضوان[9] في أرجوزته الكبرى "روض القلوب المستطاب" آداب المريد وقت تلقيه العهد فيقول:

يأتي إليه ساعياً على القدم
من بعد طهر لابساً ثوب الندم
فيخلع النعلين[10] في حال الذهاب
إلى مكان ذلك الشيخ المهاب
ويلزم الأعتاب بالطهر المدام
لا يلتفت عن بابه لو بعد عام
فإن أتاه الإذنُ لَبَّي مُسرعاً
من غير إمهال وقوراً خاشعاً
يدنو ويحنو مُطْرِق الرأسِ ولا
يعيب بالقلب عن الذي علا
مستحضراً أرواح أهل السلسلة[11]
مستمطراً منهم فيوضاً مُرْسَلَه

 

إن الشيخ المصوَّر في هذه الأبيات والتي قبلها هو مزيجٌ من ربوبية ونُبُوّة. أما الإسلام فلم يدع إلا إلى عبادة إله واحد هو الرحمن الرحيم.

 

الخرقة: لباس يخلعه الشيخ على المريد بعد تَلَقِّي العهد. وتكون الخرقة حسب حال المريد، فقد تكون قميصاً قصيراً من غير كُم، وقد تكون من صوف، أو غير ذلك. والخرقة نوعان: خرقة الإرادة وخرقة التبرك. ويجوز للشيخ - كما يقول السهروردي - أن يُلْبِس المريد خرقاً في دفعات على قدر ما يَتَلمّح من المصلحة للمريد، فيختار الأزرق، لأنه أوفق للفقير، لكونه يتحمل الوَسَخ. ويُسْتَحْسَن أن تكون الخرقة قميصاً قصير الأكمام؛ ليكون على الخدمة[12].

 

السر في لبس الخرقة:

والخرقة رمز للرباط الوثيق بين المريد وشيخه، وإعلان من المريد أنه قد فَوَّض أمره إليه، وأنه قد حكم الشيخ في نفسه، وأذعن طائعاً مختاراً لأمره ونهيه[13].

 

ويعقب الشيخ الوكيل - رحمه الله - على ما ينشر في كتب التصوف، من أن الرسول صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة لهذا الشيخ، أو ذاك، وأن الخضر فعل مثل ذلك مع بعض الشيوخ، بقوله: أين هذه الطقوس والرسوم في كتاب الله؟ أين مكانها في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين خرقة أبي بكر، أو خرقة عمر، أو خرقة عثمان وعلي؟ رضي الله عنهم أجمعين.

 

إن الصلة بين خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة هي صلة مسلم - لا يتقي إلا الله - برسول كريم جاء يعلمه هذه التقوى، ويفرضها عليه بأمر الله، أما صلة المريد بالشيخ فهي صلة قائمة على الصغار والمهانة والمسكنة والعبودية المستسلمة بكل مضارها، لهوى سفيه، إن ما يشرعونه هنا يسلب النفس إرادتها، إنه يجعل ممن يؤمن به وطاء ذليلاً مهيناً لهوى الشيخ ونـزواته، ومن منطلق أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يكن يتميز على صحابته في مجلس، ولا كان يستأثر دونهم بشيء، بل ويعمل بمشورتهم، وأن خلفاءه الراشدون، كانوا يستمعون إلى من يصحح لهم، كتب الشيخ عبدالرحمن الوكيل - رحمه الله - يعقب على شيوخ الصوفية تصرفهم، قائلاً: ما بال الشيوخ يحاولون قتل حتى أضعف الإيمان في قلب المريد؟ ألا تراهم يحرمون عليه أن يعترض على شيخه حتى بقلبه، وإن رآه يقترف منكراً، ويتمرغ في خطيئة؟ ما بالهم يحرمون عليه الانتقال من طريقة، أو شيخ إلى شيخ؟ أليست كل الطرق - في ظنهم - توصل إلى الله؟ أليس الشيوخ جميعاً مشارق عرفان وهداية؟ فما بالهم - إذن - يهلكون المريد باليأس من قبول توبته، إذا انتقد بَغْياً وقع من شيخه؟ ويتوعدونه بمصير المشركين إن اتخذ لنفسه شيخاً آخر غير شيخه؟! ما بالهم يحرمون على الشيوخ غفران زلات المريد في حق شيوخهم؟ إن هذه القسوة الصارمة المتوحشة، والحقد المريد الغاشم ليثيران في النفس التمرد ويحضانها بعد زلة واحدة على الكراهية السوداء للشيوخ، وينـزوانِ بها إلى تحطيم هؤلاء أو إلى السرى مع الشيطان في كل مهلكة وتيه!! وقد يكون ما زلَّ به المريد في عرف الشيوخ فضيلة في معايير القيم الصادقة!! لتتدبر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه!! كان - عليه الصلاة والسلام - يجلس بينهم فلا يميزه الوافد الغريب، كان يقوده الطفل الصغير، فينقاد له ريان الإشفاق والعطف والرحمة، وكانت المرأة الخلقةُ الثياب تستوقفه في الطريق تستفتيه في دينها، فيقف مبذول الخير، فياض الحنان والتقدير لكرامتها.

 

ولقد رأى صلى الله عليه وسلم أحد الناس يرتعد رهبة منه، وهو يخاطبه، فزجره بقوله:"إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد". وتقاضاه أحد الناس دَيْناً، فأغلظ، فهمّ به عمرُ بن الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مه عمر، كنت أحوج إلى أن تأمرني بالوفاء، وكان أحوج إلى أن تأمره بحسن الطلب". وما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه حجاباً، كما أمر ولاته أن يجعلوا وصول الناس إليهم سهلاً ميسوراً.

 

وقد حلّ ذات مرة وقت إعداد طعام، فكان نصيبه صلى الله عليه وسلم - كما طلب منهم - جمع الوقود، وكان يستشير أصحابه، ويعمل مسروراً راضياً بمشوراتهم، وتدبر سيرة أبي بكر يوم دعا الناس على المنبر إلى أن يقوموه إن رأوا فيه اعوجاجاً، فشهد له أحدُ الناس صائحاً: والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا.

 

وتدبر سيرة عمر، وهو يقول من على منبره تعقيباً على تذكير عجوز له بآية من كتاب الله: أصابت امرأة وأخطأ عمر.

 

بهذا استقامت للإنسانية كرامتها ووحْدَتُها على الإيمان، وتوطّد لدولة الحق والتوحيد سلطانها الكريم، وسما لأمة الإسلام مكانها ومقامها. فما كان الإسلام ليذل كرامة الإنسانية وفي كتابه هذه الآية:﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾، وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعبد إنساناً وهو رسول التوحيد الذي أمر الناس بأمر الله، وهو أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]، هذا هدي الله، وهذا هو صفاء التوحيد وصدقه وجلاله وكماله.

 

أما نقلناه عن كتب التصوف فيدعو المريد إلى اتخاذ الشيوخ أرباباً من دون الله. وحينما نـزل قول الله عن أهل الكتاب:﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾، قال عدي بن حاتم - وكان نصرانياً قبل إسلامه -: ما عبدناهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليسوا يحرمون ما أحل الله، فتحرمون، ويحلون ما حرمه، فتحلونه؟" فقال عدي: بلى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فتلك عبادتهم..........".

 

قلت: وهنا لنا وقفة مع ما يقوله الإمام الأكبر محمود شلتوت - رحمة الله عليه - عن أسباب البدع ومضارها[14]: "وقد ورد في تفسير قوله تعالى:﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]، أنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا يحلون ويحرمون، وهذه الربوبية هي ربوبية التشريع التي تحقق باغتصاب حق التحليل والتحريم.

 

ولا شك أن مسلك المبتدع في تحليل ما يُحِلُّ وتحريم ما يُحَرِم من غير سند شرعي، في دعوة الناس إلى بدعته هو بغية مسلك هؤلاء الذين اغتصبوا لأنفسهم حق التشريع الذي لا يكون إلا لله.

 

ويقول - رحمه الله - أيضاً في ذات المقال: إن الأسباب المفضية إلى ذيوع البدعة وانتشارها بين الناس يرجع إلى أمرين:

أولهما اعتقاد العصمة في غير المعصوم، والآخر: التهاون في بيان الشريعة على الوجه الذي نقلت به عن الرسول صلى الله عليه سلم.

 

وكثيراً ما ترى الأول فيمن ينتسبون إلى طرق التصوف وأنهم يقرأون عن شيخ طريقتهم شيئاً من الأحوال التي تنافي الأحكام الشرعية فيعتقدون أنها من التشريع الذي خص الله به عباده المقربين، وأن شيخهم لا يفعل إلا حقاً، ولا يقول إلا صدقاً، والفقه للعموم وهذه طريقة الخصوص، فيتبعونه فيما يؤثر عنه من قول أو فعل على أنه الطريق المقرب إلى الله الموصل إلى رضاه[15].اهـ.

 

قُلْتُ: وبهذه الآداب التي وضعها الصوفية للمريد مع شيخه، "يصبح عبد تصوف، وحَليفَ باطلٍ، وحِلْسَ إلحادٍ".

 

كتاب : عبدالرحمن الوكيل وقضايا التصوف



[1] مجلة الهدي النبوي - عدد 7 - لسنة 1380هـ - ص37 - ص43.

[2] الرسالة (ص181)، عوارف المعارف (ص70).

[3] الرسالة للقشيري (ص150).

[4] التصوف في مصر (ص135) للدكتور توفيق الطويل، نقلاً عن قواعد الصوفية للشعراني، انظر أيضاً "دعوة الحق" لعبدالرحمن الوكيل.

[5] كتاب "مصرع التصوف": تحقيق عبدالرحمن الوكيل (ص267).

[6] ص57 الفتاوى الحديثة.

[7] (ص74) وما بعدها الرسائل الميرغنية.

[8] هذه هي الغاية من علاقة المريد بالشيخ، وهي أن ينسلخ المريدون من كل أموالهم لشيوخهم.

[9] توفي سنة 1310هـ.

[10] تماماً كما أمر الله موسى أن يخلع نعليه.

[11] يعني الشيوخ السابقين الذين توارثوا هذه الطريقة من قديم العهد، وحدة التناقض تبدو واضحة فيما ذكر في البيت السابق؛ إذ يطلب من المريد ألا يغيب بالقلب عن الذي علا، أي عن الله، ثم هو يطلب في هذا البيت منه أن يستحضر بقلبه عشرات الشيوخ منازعاً إليهم أن يفيضوا عليه رحماتهم الفياضة، إنه الشرك الواقع في قلوب هؤلاء القوم.

[12] ص74 وما بعدها من عوارف المعارف.

[13] المصدر السابق.

[14] مجلة الهدي النبوي - عدد 2 - لسنة 1381هـ - ص21، 44، ومجلة التوحيد أعداد 1، 2، 3 لسنة 1411هـ.

[15] انظر أيضاً كتاب "أسباب البدع ومضارها وأنواعها" - جمع: فتحي عثمان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم الإسلام في التصوف والمتصوفين
  • الشيخ عبدالرحمن الوكيل ومنهجه العلمي في الكتابة عن التصوف (1)
  • الشيخ عبدالرحمن الوكيل ومنهجه العلمي في الكتابة عن التصوف (2)
  • الشيخ عبدالرحمن الوكيل ومعنى كلمة التصوف
  • ما كان التصوف ركنا من أركان الإسلام في يوم من الأيام!
  • مفهوم التصوف بين الماهية والتاريخ

مختارات من الشبكة

  • كيف عالج شيخ الإسلام ابن تيمية داء التصوف العضال؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أصل التصوف وحقيقته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقة بين التشيع والتصوف(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تدبير علاقة الصائم مع غيره(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسائل عقدية في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • انعكاس العلاقة مع الله على العلاقة مع الناس(استشارة - الاستشارات)
  • قاعدة ذهبية للمحافظة على جودة ومتانة العلاقات البشرية بين أطراف العلاقات(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أصل التصوف(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • التصوف في التاريخ العربي والإسلامي: نشأته، مصادره، تاريخه، تياراته، آثاره (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة صفوة التصوف (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب