• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الغني
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    فضل صيام شهر المحرم
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    عاشوراء بين السنة والبدعة (خطبة)
    عبدالكريم الخنيفر
  •  
    دعاء الاستخارة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    فضول الكلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    آداب المسجد (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الهجرة النبوية: انطلاقة حضارية لبناء الإنسان ...
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة: تربية الشباب على حسن الخلق
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإسلام منهج يقبل الآخر ويتعايش مع غير المسلمين
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    يا ابن آدم، لا تكن أقل فقها من السماوات والأرض ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حقوق البنات
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    لا تنشغل بحطام زائل
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    فقه يوم عاشوراء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أدوات الكتابة المستخدمة في الجمع الأول في العهد ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

إن مع العسر يسرا

إن مع العسر يسرا
الشيخ عبدالله بن ناصر الزاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/7/2014 ميلادي - 24/9/1435 هجري

الزيارات: 83907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إن مع العسر يسرا


اسم المدينة

القصب، المملكة العربية السعودية

تاريخ الخطبة

20/6/1433هـ

اسم الجامع

أحمد بن حنبل

 

الخطبة الأولى

أما بعد: فاتقوا الله تعالى حق التقوى....

عباد الله: اعلموا أن الله جل وعلا حكيم في قضائه وقدره، لطيف بعباده، عليم بأحوالهم، خبير بمصالحهم، لا يخفى عليه شيء من أمرهم، وواجبنا الرضاءُ بقضائه وقدره، والتسليمُ لأمره، فالله جل وعلا لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيرا له؛ إن أصابته سراءُ شكر فكان خيرا له، وإن أصابه ضُرٌ صبر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، والله جل وعلا يقول: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].


أيها المسلمون: من دلائل ربوبية الله تعالى، وقدرته على خلقه، وحكمته عز وجل في تدبيره؛ تقلب أحوال الناس من شدة إلى رخاء، ومن رخاء إلى شدة، ومن ضعف إلى قوة، ومن قوة إلى ضعف، وله سبحانه ألطاف لا يدركها خلقُه، وحِكَمٌ يجهلونها؛ لذا يكثر فيهم اللَّومَ والتَّسخُّط، ويقِلُّ فيهم الرضا والشكر، لذا قال الله تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

 

ومن سننه جل وعلا أن جعل الفرج مع الكرب، واليسر مع العسر، ويُخرِجُ من المِحَنِ مِنَحًا، وتلك السُّنةُ تُربي الخلقَ على القُرْبِ من الله تعالى.

 

وإذا أيسر الله عليهم بالنعم فبطروا، جاءهم العسر ليكسر سَوْرَةَ النفس، ويَمْنَعَها من البغي والطغيان، ويَرُدَّهَا إلى الله تعالى، فإذا تهذبت أخلاقهم، وصفت قلوبهم، واستقامت أحوالهم، وأظهروا الذل والافتقار، ولهجوا لله تعالى بالضراعة؛ زال العسر وجاء اليسر؛ لئلا يستبدَّ بهمُ اليأسُ والقنوطُ، المؤدي إلى الكُفرِ والجُحُود.


لقد ذكر الله ذلك في كتابه، فقال تبارك وتعالى: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]، وقال جل وعلا: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، وجاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه: (لو كان العُسْرُ في جُحرٍ لتَبِعَهُ اليُسْر، حتى يَدخُلَ فيه فَيُخْرِجَه، ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَيْن).

 

فكُلُّ كَرْبٍ ينزِلُ بالمؤمنِ فإنَّ مَعَهَ فَرَجًا لا محالة، وكلُّ عُسرٍ يُصِيبُه فإنَّ مَعَهُ يُسرا، ومن عَلِمَ ذلك وأَيقَنَ به فلن يُسْلِمَ قَلْبَهُ لليأسِ والقُنُوط، ولن ينسَى الخالقَ سبحانه ويركَنَ للمخلُوق، ولن يُعَلِّقَ قَلبَهُ بغيرِ الله تعالى، ويؤكدُ ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((وإن الْفَرَجَ مع الْكَرْبِ وإن مع الْعُسْرِ يُسْراً)).


فإذا نزلتِ النوازلُ بالناس، واشتدَّ البأسُ بهم وظنُّوا الهلاكَ، أسعَفَهُمُ اللهُ تعالى باليُسر، ودَفَعَ عَنهُمُ البَلاءَ، ورَفَعَ عنهم المحنة، وتلك سنةُ الله تعالى مع رُسُلِه وأوليَائِهِ المؤمنين، كما قال تعالى عن السابقين منهم: ﴿ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214]، وقال في آيةٍ أخرى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].

 

فقد ابتلى الله يوسف بعسر شديد، ومحن متتابعة، حيث حسده إخوته، وألقوه في الجب، ثم بيع عبدا، ثم اتهم في عرضه وسجن ظلما، فأخرج الله من رحم هذه الشدائد والمحن المتتابعة فرجاً كبيراً، وتمكيناً عظيماً، فَوَلِيَ خزائنَ الأرض، وأصبح يَقْسِمُ للناس أرزاقَهم.

 

وإبراهيمُ الخليلُ عليه السلام، اشتد به الكربُ حين أُشعِلَتِ النارُ؛ ليُلقَى فيها، فيُخرِجُ اللهُ اليُسرَ في لَحَظَاتِ إلقَائِه ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 68، 69]، فمن أصابه كربٌ واستبطأَ الفَرَجَ فليستحضِر هاتين الآيتين، وليتأَمَّل قِصَّةَ إلقاءِ الخليلِ عليه السلام في النار؛ ليَعْلَمَ قُدْرَةَ اللهِ تعالى على كشف الكُرُوبِ مهما كانت.


أما موسى عليه السلام فلهُ مواقفٌ كثيرةٌ تجلى فيها اليُسْرُ مع العسر، وظهر الفَرَجُ مع الكَربْ، وُلِدَ عليه السلامُ في سَنَةٍ كان فرعونُ يُذَبِّحُ فيها الصبيان، وهو عُسْرٌ شديدٌ على أمِّ موسى؛ ليأتِيَ يُسْرٌ لا يمكنُ أنْ يتصورَهُ إنسان، وهُوَ أنْ يتربَّى الصبيُّ في بيتِ ذَابِحِ الصبيان، ولما بلغ أشُدَّهُ واستوى ابتُلِيَ بمتآمرين على قتله فخرج من المدينة خائفاً؛ ويكشِفُ الله هذا العُسْرَ العظيمَ بِيُسْرٍ أَعظَمَ منه، وهو تكلِيمُ الله تعالى له، واصطفاؤه رسولا.

 

وكمْ مرَّ بِهِ مع فرعونَ من كروبٍ ومحنٍ كَشَفَهَا اللهُ تعالى بالفرج، فحينَ جاءتِ اللَّحظَةُ الحاسمةُ التي كان فرعونُ وجنودُه يُحيطونَ بموسى ومن معه لقتلهم، فإذا بفَرَجِ اللهِ تعالى وتيسِيرِهِ أسرعُ من كَيدِ فرعونَ ومكرِه؛ ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴾ [الشعراء: 63 - 66]، الله أكبر، ما ألْطَفَ الله وما أَرْحَمَهُ بعباده.

 

واقرؤُوا قِصَّةَ يونسَ عليه السلامُ حين ابتلعَهُ الحوت، فهي من أعجَبِ أَخْبَارِ الفَرَجِ بعد الكَرْب، فَمَنِ الَّذِي يَتَصَورُ أنَّ الحوتَ يَلْفِظُهُ بعد أنْ التَقَمَه، ولكِنَّ قَدَرَ اللهِ جارٍ، وحُكْمُهُ نَافِذ.

 

وقَدْ وقَعَت وقَائعٌ كثيرةٌ في هذه الأمةِ المباركة، في حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبعدَ مَمَاتِه، ولا تَزَالُ تقَعُ إلى يَومِنَا هذا؛ وأَوضَحُهَا وأَبْيَنُهَا ما حَدَثَ يوم الخندق، حين حُوصِر المسلمون، حتى قال الله تعالى في وصف عُسْرِهِم ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11]، ولكِنْ كانَ اليُسرُ معَ العُسر، وجاءَ الفرجُ ليُزِيلَ الكَرْب ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب: 25].

 

ويوم حُنَينٍ يقول الله تعالى: ﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25]، ثُم ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 26].

 

عباد الله: إنَّ تَتَبُّعَ حوادثِ اليُسرِ بعد العُسرِ يطُول، والقرآن مليء بقصصها وأخبارها.

 

فنسأل الله أن يملأ قلوبنا بالإيمانِ واليقينِ والخوفِ والرجاء، وأن يطرُدَ اليأسَ والقنُوطَ من قُلُوبِنَا ونفوسنا.

 

اللهم اجعل لنا ولإخواننا المسلمين مع كُلِّ كَرْبٍ فَرَجَا، ومع كُلِّ عُسْرٍ يُسْرَا.

 

اللهم ثبِّتنا على الحقِّ إلى أن نلقاكَ يا رب العالمين.


أقول هذا القول وأستغفر الله....

 

الخطبة الثانية

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 131، 132].

 

أيها المسلمون: ما أحوجنا في هذا الزمن الذي تكالبَ فيه أهلُ الكُفرِ والنِّفاقِ على أهلِ الإسلام، إلى فِقهِ سُنَنِ الله تعالى في عباده، واليقينِ بأنَّ وعْدَهُ حقٌّ، وأنَّ مع الكَرْبِ فَرَجَا، وأنَّ معَ العُسرِ يُسرا.

 

فالمنافقون وإنْ تَسَمَّوْا بِمُسَمَّيَاتٍ أخرى؛ فهم يُريدونَ تَحريفَ شريعةِ الله، ونَشرَ الفَسَادِ في المسلمين، ويُحَاربُونَ الأمرَ بالمَعرُوفِ والنَّهيَ عن المُنكَر والاحتساب، ويُنادُونَ بمساواةِ المرأةِ بالرجل؛ ليَتَّخِذُوا ذلك باباً لمَحْوِ الفَضِيلةِ ونَشرِ الرَّذِيلَة، وقد نجَحُوا في كثيرٍ من الميادين، وهذا عُسْرٌ شديدٌ حلَّ بالمسلمين، وقد يُصِيبُ بعضَ القلوبِ المؤمنةِ باليأسِ والإحباط.


والكفارُ يكيدونَ بالمسلمين، ويسْعَونَ لتفتِيتِ دُوَلِهِم، وزَرعِ الشَّقاقِ فيهم، ونَشرِ الفَوْضَى في أوسَاطِهِم، والحَيْلُولَةِ دُونَ الحُكْمِ بالإسلامِ في بُلدَانِهِم، وقد اتضَحت مُؤَامَرَتُهُم ضِدَّ أهْل ِالسُّنَّةِ، وظَهَرَ للنَّاِس أنَّ بين العَدُوَيْنِ الغَربِيِّ الكافر والفارسيِّ الصَّفَوِي اتِّفَاقًا على مَحْوِ أهْلِ السُّنَّة، واقْتِسَامِ دُوَلِهِم وثَرَوَاتِهِم، وهَاهُم يَفعَلُونَ ذلك بأَهْلِ الشَّامِ كَمِا فَعَلُوهُ من قَبْلُ بأَهْلِ العِرَاق، والغَربُ يُخَدِّرُ أهْلَ السُّنَّةِ بِوُعُودٍ ومُبَادَرَاتٍ كاذبة.

 

في هذه الظروفِ العصيبةِ قد يُصِيبُ بعضَ القلوبِ يأسٌ من تفريجِ هذه الكروب، ولكنْ من فَقِهَ سُنَنَ اللهِ تعالى، واحْتَمَى بهِ، وتوكَّلَ عليهِ، وأَفْرَغَ قَلبَهُ مِنْ سِوَاه؛ أيْقَنَ أنَّ الفَرَجَ قريبٌ، وأنَّ للهِ تعالى تَدَابيرُ ولطَائِفُ على غَيرِ تَصَوُّرَاتِ البَشَر وظُنُونِهِم، وأنَّ ما يَقَعُ مِنْ عُلُوٍّ للمنافقين ونجاح، واستكبارِ الكُفَّارِ وعُتُوِّهِم؛ إنَّمَا هُو مُقَدِّمَاتٌ لفَرَجِ الله تعالى ونَصْرِهِ للمؤمنين.

 

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وَمِنْ لَطَائِفِ أَسْرَارِ اقْتِرَانِ الْفَرَجِ بِالْكَرْبِ وَالْيُسْرِ بِالْعُسْرِ: أَنَّ الْكَرْبَ إِذَا اشْتَدَّ وَعَظُمَ وَتَنَاهَى، وَحَصَلَ لِلْعَبْدِ الْإِيَاسُ مِنْ كَشْفِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُطْلَبُ بِهَا الْحَوَائِجُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3].

 

غزا أبو عبيدةَ الشَّامَ فأصابَهُم جَهْدٌ شديدٌ فكتب بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: سلامٌ عليك، أما بعد: فإنَّهَا لم تكُنْ شِدَّةٌ إلاَّ جعل الله بعدها مخرجَا، ولنْ يَغْلِبَ عسرٌ يُسْرَين.

 

قال أبو واقد الليثي رضي الله عنه: رأيتُ الرَّجُلَ يومَ اليرموكِ من العَدُوِّ يسقط فيموت، فقُلْتُ في نفسي: لَوْ أَنِّي أَضْرِبُ أحَدَهُم بطَرَفِ رِدَائِي ظَنَنْتُ أنَّهُ يموت، وجعل الله للمسلمين من الغَمِّ الشَّدِيدِ الذي كان نَزَلَ بهم فَرَجاً ومخرجا، كما قال عمرُ رضي الله عنه.

 

فكما فَرَّجَ اللهُ تعالى كُرَبَ المُسلمين في الشَّامِ أيَّامَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم؛ فإِنَّهُ سبحانه سَيَكْشفُ كُرَبَ أهْلِ الشَّامِ اليوم، وسَيُزِيلُ عُسْرَهُم بِيُسْرٍ ونَصْرٍ مُبِين، وما ذلك على الله بعزيز.


وإنَّ ما تَعِيشُهُ الأُمَّةُ اليومَ من مِحَنٍ وكُرُوبٍ تُحيطُ بها من كُلِّ جَانِبٍ، فَسَيَعْقِبُ ذلك بإذنِ الله تعالى يُسرٌ وفَرَجٌ لا يَخْطُرُ على بال، ولكنْ بشرطِ أنْ نَنْبُذَ اليَأْسَ من القُلُوب، كما قال يعقوب عليه السلام في عُسْرِهِ وشِدَّتِه ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، وعلينا أن نستعين بالله تعالى على هذه الشَّدَائدِ مع التَّحَلِّي بالصبر، كما قال موسى عليه السلام لقومه: ﴿ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ﴾ [الأعراف: 128]، كما علينا أن نَتَّقِ الله: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

 

اللهم احفظنا بحفظك، وتولَّنا فيمن تولَّيت من عبادك المؤمنين، واكفنا شر أعدائنا وأعداء دينك من بني جلدتنا؛ الذين يريدون نشر الفساد وتخريب البلاد.

 

اللهم اكفنا شرورهم يا رب العالمين.

 

هذا وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله، فقد أمركم الله بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إن مع العسر يسرا
  • صبرا أهل الإسلام فإن مع العسر يسرا
  • إن مع العسر يسرا
  • فإن مع العسر يسرا
  • {سيجعل اللّه بعد عسر يسرا}

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 16/4/1433 هـ - العسر مع اليسر(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • وقفة مع العسر واليسر في سورة الشرح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فإن مع العسر يسرا (تصميم)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • فإن مع العسر يسرا (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فإن مع العسر يسرا ( بطاقة دعوية )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إن مع العسر يسرا(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح حديث عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الشرح للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • تيسير العسر بشرح ناظمة الزهر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سيجعل الله بعد عسر يسراً(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/1/1447هـ - الساعة: 14:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب