• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ثمرات الاستقامة
    السيد مراد سلامة
  •  
    حتما.. إنه الرحيل
    محمد شفيق
  •  
    المندوبات في الخلع عند الحنابلة: دراسة فقهية ...
    رناد بنت ناصر بن محمد الخضير
  •  
    الشاي: مسائل ونوازل (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    تخريج حديث: لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنه ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    زاد الداعية (9)
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    من آداب الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العفو، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (15)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    حديث: مره فليراجعها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق الانسان (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    إرشاد الأحباب إلى ما به يحصل تهوين المصاب
    الدخلاوي علال
  •  
    مصطلح (حسن الرأي فيه) مرتبته، وأثره في الحكم على ...
    د. وضحة بنت عبدالهادي المري
  •  
    خطبة: الصداقة في حياة الشباب والفتيات
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حين تمر بنا القبور دون شواهد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

مخالفة القول العمل

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/5/2014 ميلادي - 26/7/1435 هجري

الزيارات: 46155

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مخالفة القول العمل


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

مِنَ الأَزَمَاتِ الَّتي يَمُرُّ بها مُجتَمَعُنَا اليَومَ، مُخَالَفَةُ عَمَلِ المَرءِ قَولَهُ، وَأَمرُهُ النَّاسَ بِالبِرِّ وَنِسيَانُهُ نَفسَهُ، وَلَعَمرُ اللهِ، إِنَّ ذَلِكَ لَمِن أَشَدِّ المَقتِ لِلنَّفسِ، بَل هُوَ خِفَّةٌ في العَقلِ وَسَفَهٌ في الرَّأيِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44] وَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: " إِنَّ النَّاسَ قَد أَحسَنُوا القَولَ كُلُّهُم، فَمَن وَافَقَ قَولُهُ فِعلَهُ فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ حَظَّهُ، وَمَن خَالَفَ قَولُهُ فِعلَهُ فَإِنَّمَا يُوبِّخُ نَفسَهُ. أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّهَا لَمُصِيبَةٌ عَلَى المَرءِ وَأَيُّ مُصِيبَةٍ، أَن يَقُولَ الخَيرَ بِلِسَانِهِ، وَيَحُثَّ عَلَيهِ بِقَلَمِهِ، وَرُبَّمَا تَمَدَّحَ بِهِ في المَجَالِسِ وَالنَّوَادِي، ثم هُوَ بَعدَ ذَلِكَ لا يَفعَلُهُ، وَتَرَاهُ يَنهَى عَنِ الشَّرِّ وَيُظهِرُ مَقتَهُ، وَرُبَّمَا ادَّعَى التَّنَزُّهَ عَنهُ وَمُجَانَبَتَهُ، وَهُوَ في الوَاقِعِ مُتَلَوِّثٌ بِهِ غَارِقٌ في أَوحَالِهِ. وَلَكَ أَن تُحَدِّثَ امرَأً في عِظَمِ شَأنِ الصَّلاةِ وَأَهَمِّيَّةِ أَدَائِهَا جَمَاعَةً في المَسجِدِ، أَو تُبَاحِثَهُ في بِرِّ الوَالِدَينِ وَصِلَةِ الأَرحَامِ، أَو تُنَاقِشَهُ في أَدَاءِ الأَمَانَاتِ إِلى أَهلِهَا وَتَحَرِّي الحَلالِ، أَو تُكَلِّمَهُ عَن حَقِّ الجَارِ وَحِفظِ وُدِّ الصَّاحِبِ وَرِعَايَةِ عَهدِ العَشِيرِ، لِتَجِدَهُ عَالِمًا بِكُلِّ هَذَا، مُتَحَدِّثًا فِيهِ حَدِيثَ الوَاثِقِ مِن نَفسِهِ اللاَّئِمِ لِمَن حَولَهُ، الشَّاكِي تَقصِيرَ الآخَرِينَ وَمُخَالَفَتَهُم، فَإِذَا تَأَمَّلتَ وَاقِعَهُ وَتَابَعتَ تَصَرُّفَهُ في حَيَاتِهِ، وَجَدتَ شَخصًا آخَرَ، يَجمَعُ مَعَ التَّقصِيرِ في الصَّلَوَاتِ سُوءَ الخُلُقِ في التَّعَامُلِ، وَيُضِيفُ إِلى إِخلالِهِ بِالأَمَانَةِ تَسَاهُلَهُ في العَمَلِ، وَرُبَّمَا كَانَ مِن أَهلِ العُقُوقِ وَقَطِيعَةِ الأَرحَامِ، وَقَد تَرَى جِيرَانَهُ وَأَصدِقَاءَهُ مِنهُ في مِحنَةٍ وَبَلاءٍ، فَهَل تَلِيقُ هَذِهِ الحَالُ بِالمُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ؟ هَل تُنَاسِبُ العُقَلاءَ وَذَوِي الرَّأيِ وَالحِجَى؟ لا وَاللهِ لا تَلِيقُ هَذِهِ الحَالُ وَلا تَنبَغِي، لِمُؤمِنٍ يَدعُو رَبَّهُ في كُلِّ رَكعَةٍ مِن صَلاتِهِ أَن يَهدِيَهُ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، ذَلِكُم أَنَّ الصَّرَاطَ المُستَقِيمَ الَّذِي نَدعُو اللهَ جَمِيعًا أَن يَجعَلَنَا مِن أَهلِهِ وَيَهدِيَنَا سَبِيلَهُ، صِرَاطُ عِلمٍ وَعَمَلٍ، وَدَعوَةٍ صَادِقَةٍ وَأُسوَةٍ حَسَنَةٍ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِن أَنبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، أَسبَقَ النَّاسِ إِلى فِعلِ مَا يَأمُرُونَ بِهِ، وَأَعجَلَهُم إِلى تَركِ مَا يَنهَونَ عَنهُ، بِذَلِكَ امتَدَحَهُمُ اللهُ وَأَثنَى عَلَيهِم، وَأَمرَ بِالاقتِدَاءِ بِهِم، قَالَ سُبحَانَهُ عَن نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21] وَقَالَ تَعَالى عَن إِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ وَمَن آمَنَ مَعَهُ: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة: 4] وَقَالَ تَعَالى عَنِ الأَنبِيَاءِ عُمُومًا: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90] وَقَالَ شُعَيبٌ عَلَيهِ السَّلامُ لِقَومِهِ: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

 

وَإِنَّ مِمَّا يُحزِنُ القَلبَ وَيَحُزُّ في النَّفسِ في زَمَانِنَا، أَنَّ فِئَامًا مِنَ الآبَاءِ وَالمُرَبِّينَ وَالكِبَارِ، صَارُوا لا يَتَوَرَّعُونَ أَن يَقُولُوا مَا لا يَفعَلُونَ، وَلا يَستَحيُونَ أَن يَنهَوا عَمَا فِيهِ يَقَعُونَ، بَل وُجِدَ مِنهُم قُدُوَاتٍ سَيِّئَةً لِمَن تَحتَ أَيدِيهِم مِن أَبنَاءٍ وَطُلاَّبٍ، وَصَارَ الصِّغَارُ يَرَونَ التَّنَاقُضَ الوَاضِحَ عَلَى الكِبَارِ، مِمَّا أَوقَعَهُم في حَيرَةٍ وَاضطِرَابٍ، وَجَعَلَهُم لا يَستَقِرُّونَ عَلَى حَالٍ، وَصَارَ أَحَدُهُم يَسأَلُ نَفسَهُ: مَاذَا أَفعَلُ وَهَذَا أَبي؟! وَكَيفَ أَتصَرَّفُ وذَاكَ مُعَلِّمِي، أَأُصَدِّقُ حَسَنَ أَقوَالِهِمَا أَم أَقتَدِي بِسَيِّئِ فِعَالِهِمَا؟

 

فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ آبَاءً وَمُعَلِّمِينَ، يَا مَن جَعَلَكُمُ اللهُ قُدوَةً لِصِغَارِكِم وَطُلاَّبِكُم، أَلا تَتَّقُونَ اللهَ في أَنفُسِكُم وَفَلَذَاتِ أَكبَادِكُم وَمَن وَلاَّكُمُ اللهُ أَمرَهُم، إِنَّهُم أَمَانَةٌ في أَعنَاقِكُم، وَسَتُسأَلُونَ عَنهَا حَفِظتُم أَم ضَيَّعتُم، وَمَا لم تَكُونُوا أَنتُم في أَنفُسِكُم قُدُوَاتٍ حَسَنَةً، صَادِقِينَ في تَعَامُلِكُم، تُطَابِقُ الأَفعَالُ مِنكُمُ الأَقوَالَ، فَلا وَاللهِ لن تَستَفِيدَ مِنكُم الأَجيَالُ، وَلَن تَنتَفِعَ بِتَعلِيمِكُم وَنُصحِكُم وَتَوجِيهِكُم، قَالَ الإِماَم ُالغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مُتَحَدِّثًا عَنِ المُعَلِّمِ: أَن يَكُونَ المُعَلِّمُ عَامِلاً بِعِلمِهِ؛ فَلا يُكَذِّبُ قَولُهُ فِعلَهُ؛ لأَنَّ العِلمَ يُدرَكُ بِالبَصَائِرِ، وَالعَمَلَ يُدرَكُ بِالأَبصَارِ، وَأَربَابُ الأَبصَارِ أَكثَرُ، فَإِذَا خَالَفَ العَمَلُ العِلمَ مَنَعَ الرُّشدَ...

 

وَقَالَ أَبُو الأَسوَدِ الدُّؤَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ
هَلاَّ لِنَفسِكَ كَانَ ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَا
كِيمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
وَأَرَاكَ تُلقِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا
نُصحًا وَأَنتَ مِنَ الرَّشَادِ عَدِيمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتِيَ مِثلَهُ
عَارٌ عَلَيكَ إِذَا فَعَلتَ عَظِيمُ
اِبدَأْ بِنَفسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا
فَإِذَا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُقبَلُ إِنْ وَعَظتَ وَيُقتَدَى
بِالقَولِ مِنكَ وَيَنفَعُ التَّعلِيمُ

 

لَقَد جَاءَ الوَعِيدُ الشَّدِيدُ في مُخَالَفَةِ العَمَلِ لِلقَولِ بما يُحَرِّكُ القُلُوبَ وَيُوقِظُ الأَفئِدَةَ، وَيُشعِرُ كُلَّ أَبٍ وَمُرَبٍّ وَمُعَلِّمٍ بَل وَكُلَّ أَخٍ كَبِيرٍ، بِعِظَمِ أَمَانَةِ الآبَاءِ وَالمُعَلِّمِينَ، وَشَدِيدِ مَسؤُولِيَّةِ الكِبَارِ وَالمُرَبِّينَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " يُؤتَى بِالرَّجُلِ يَومَ القِيَامَةِ فَيُلقَي في النَّارِ، فَتَندَلِقُ أَقتَابُ بَطنِهِ، فَيَدُورُ بها كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ في الرَّحَا، فَيَجتَمِعُ إِلَيهِ أَهلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ مَالَكَ؟ أَلَم تَكُنَ تَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَى عَنِ المُنكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، كُنتُ آمُرُ بِالمَعرُوفِ وَلا آتِيهِ، وَأَنهَى عَنِ المُنكَرِ وَآتِيهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ العَالِمِ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الخَيرَ وَيَنسَى نَفسَهُ، كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ وَيُحرِقُ نَفسَهُ " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَقَد قَالَ رَبُّكُم جَلَّ وَعَلا: " وَمَن أَحسَنُ قَولاً مِمَّن دَعَا إِلى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّني مِنَ المُسلِمِينَ " فَيَا لها مِن شَهَادَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ اللهِ لِمَن دَعَا إِلى سَبِيلِهِ وَعَلَّمَ النَّاسَ الخَيرَ، غَيرَ أَنَّ ذَلِكُمُ القَولَ الحَسَنَ المَمدُوحَ أَهلُهُ، لا يَكُونُ حَسَنًا، مَا لم يَصحَبْهُ عَمَلٌ صَالِحٌ، يَكُونُ لَهُ كَالشَّاهِدِ وَالمُصَدِّقِ وَالمُؤَيِّدِ. فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ. وَمِن نَفسِ لا تَشبَعُ. وَمِن دَعوَةٍ لا يُستَجَابُ لها.

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ، تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، كَثِيرًا مَا يُلقِي العُقَلاءُ اللَّومَ عَلَى الجُهَّالِ وَالسُّفَهَاءِ، فِيمَا يَأتُونَهُ مِن مَعَاصٍ وَسَيِّئَاتٍ، وَمَا يَقعُونَ فِيهِ مِن مُنَكَرَاتٍ وَمُخَالَفَاتٍ، وَقَد يَتَّهِمُونَهُم بِقِلَّةِ الأَدَبِ، أَو أَنَّهُم يَنتَهِكُونَ مَكَانَةَ الكِبَارِ وَلا يُقَدِّرُونَهُم، أَو لا يَسمَعُونَ لِقَولِهِم وَلا يَستَجِيبُونَ لِنُصحِهِم، وَهَذَا وَإِن كَانَ صَحِيحًا في مُجمَلِهِ، إِلاَّ أَنَّ فِيهِ هُرُوبًا مِنَ الوَاقِعِ وَتَزكِيَةً لِلنَّفسِ وَبُعدًا عَن حَقِيقَةِ الأَمرِ. إِذْ كَثِيرًا مَا كَانَ وَاقِعُ الصِّغَارِ نِتَاجًا لما بَذَرَهُ الكِبَارُ، وَلَو كَانَت كُلُّ البُيُوتِ وَالمَدَارِسِ مَحَاضِنَ تَربَوِيَّةً سَلِيمَةً، وَبِيئَاتٍ صَالِحَةً مُصلِحَةً، لَأُسِّسَت فِيهَا المَبَادِئُ الإِسلامِيَّةُ في قُلُوبِ الصِّغَارِ تَأسِيسًا، وَلَغُرِسَت فِيهَا القِيَمُ في نُفُوسِهِم غَرسًا، وَلَكِنَّ بُيُوتًا كَثِيرَةً وَمَدَارِسَ عَدِيدَةً، صَارَت تَخلُو مِنَ القُدُوَاتِ الصَّالِحِينَ، وَتَفتَقِرُ إِلى الدُّعَاةِ المُصلِحِينَ، وَجَعَلَ الصِّغَارُ وَالأَبنَاءُ وَالطُّلاَّبُ، لا يَرَونَ فِيمَن حَولَهُم إِلاَّ انكِبَابًا عَلَى الدُّنيَا وَتَنَافُسًا عَلَى الحُطَامِ، مَعَ فَسَادِ ذَاتِ البَينِ وَكَثرَةِ التَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ، وَانتِشَارِ التَّجَادُلِ وَالتَّفَرُّقِ وَالانتِصَارِ لِلنَّفُوسِ، وَكُلُّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ نَتِيجَةُ ضَعفِ التَّعَبُّدِ وَالتَّأَلُّهِ، وَضُمُورِ الغَيرَةِ عَلَى الدِّينِ وَالحُرُمَاتِ، وَالتَّوَسُّعِ في المُبَاحَاتِ وَاللَّذَائِذِ وَالمُشتَبَهَاتِ، وَالسَّعيِ في طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَالزَّعَامَةِ وَالمَكَانَةِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ آبَاءً وَمُعَلِّمِينَ، وَاحفَظُوا لِلعِلمِ مَكَانَتَهُ، وَثَبِّتُوهُ بِالعَمَلِ بِهِ، وَكُونُوا قُدُوَاتٍ صَالِحَةً لِمَن تَحتَ أَيدِيكُم، فَإِنَّمَا لأَبنَائِكُم وَطُلاَّبِكُم مِن عِلمِكُم وَتَوجِيهِكُم، مَا رَأَوكُم عَلَيهِ دَائِمِينَ وَبِهِ مُستَمسِكِينَ، قَالَ الإِمَامُ ابنُ الجَوزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: إِخوَاني، اِسمَعُوا نَصِيحَةَ مَن قَد جَرَّبَ وَخَبَرَ، إِنَّهُ بِقَدرِ إِجلالِكُم للهِ عَزَّ وَجَلَّ يُجِلُّكُم، وَبِمِقدَارِ تَعظِيمِ قَدرِهِ وَاحتَرَامِهِ، يُعَظِّمْ أَقدَارَكُم وَحُرمَتَكُم. وَلَقَد رَأَيتُ وَاللهِ مَن أَنفَقَ عُمُرَهُ في العِلمِ إِلى أَن كَبُرَت سِنُّهُ، ثم تَعَدَّى الحُدُودَ فَهَانَ عِندَ الخَلقِ، وَكَانُوا لا يَلتَفِتُونَ إِلَيهِ مَعَ غَزَارَةِ عِلمِهِ وَقُوَّةِ مُجَاهَدَتِهِ. وَلَقَد رَأَيتُ مَن كَانَ يُرَاقِبُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في صَبوَتِهِ مَعَ قُصُورِهِ بِالإِضَافَةِ إِلى ذَلِكَ العَالِمِ فَعَظَّمَ اللهُ قَدرَهُ في القُلُوبِ، حَتى عَلِقَتهُ النُّفُوسُ وَوَصَفَتهُ بما يَزِيدُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الخَيرِ... انتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.

 

اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ، اهدِنَا لما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ، إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ، اللَّهُمَّ انفَعْنَا بما عَلَّمْتَنَا، وَعَلِّمْنَا مَا يَنفَعُنَا، وَارزُقْنَا عِلمًا تَنفَعُنَا بِهِ، سُبحَانَكَ لا عِلمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمتَنَا، إِنَّكَ أَنتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب سوء الخاتمة .. مخالفة الظاهر للباطن
  • القول الطيب
  • قيمة العمل الإنساني.. قبل التوبة
  • الإيمان والعمل
  • مطابقة القول العمل
  • الهدى في مخالفة الهوى

مختارات من الشبكة

  • القول الجلي في مخالفات شرعية يقع فيها رواد مواقع التواصل الاجتماعي: دراسة ميدانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تحقيق القول في مخالفة بعض فروع الحنفية أصول المذهب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في صفات الله تعالى كالقول في ذاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في البعض الآخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • هذا القول الطيب.. فهل حققه العمل الصالح؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وتقدير
الجحافي - اليمن 05-12-2016 04:40 AM

أشكر كل من ساهم في هذا العمل وجزاه الله ألف خير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/12/1446هـ - الساعة: 23:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب