• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وما خرفة الجنة؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    معنى كلام خديجة رضي الله عنها
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حياة من الجن وجن من الحيات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    تحريم صرف الخشية لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    شروط الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    إنهم لن يضروا الله شيئا
    د. خالد النجار
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    انظروا عمن تأخذون دينكم
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    التعليقات العارفية على الحديث المسلسل بالأولية
    د. محمد عارف الأركاني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة النيبالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    وقفات تربوية مع سورة القارعة
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    وقفة معبرة مع تقويم الهجرة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير سورة الناس
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    حديث: إذا مضت أربعة أشهر وقف المولي حتى يطلق، ولا ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    رؤيا فسرها المنام وصدقها الواقع
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

مسلك الإنصاف ( خطبة )

مسلك الإنصاف ( خطبة )
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2014 ميلادي - 13/6/1435 هجري

الزيارات: 22246

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسلك الإنصاف


الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

قَد يَكُونُ أَحَدُنَا مُتَعَوِّدًا عَلَى نَمَطٍ مُعَيِّنٍ في حَيَاتِهِ، في مَأكَلِهِ وَمَشرَبِهِ وَمَلبَسِهِ، أَو قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَنَومِهِ، أَو في مِقدَارِ إِنفَاقِهِ وَطَرِيقَةِ إِكرَامِهِ ضَيفَهُ، أَو في عَمَلِهِ وَتَعَامُلِهِ وَأُسلُوبِ كَلامِهِ، أَو في جُرأَتِهِ في مَوَاقِفِ الحَيَاةِ المُختَلِفَةِ، وَتَرَاهُ إِذَا وَجَدَ مَن يُخَالِفُ ذَلِكَ النَّمَطَ الَّذِي هُوَ عَلَيهِ بِنَقصٍ أَو زِيَادَةٍ، وَصَفَهُ بِالإِفرَاطِ أَوِ التَّفرِيطِ، وَرَأَى أَنَّهُ مُتَجَاوِزٌ أَو مُقَصِّرٌ، فَالَّذِي يُنفِقُ أَكثَرَ مِنهُ يَرَاهُ مُسرِفًا مُبَذِّرًا، وَالَّذِي يَنقُصُ عَنهُ يَعُدُّهُ بَخِيلاً شَحِيحًا، وَالأَجرَأُ مِنهُ هُوَ في نَظَرِهِ مُتَهَوِّرٌ، وَالأَشَدُّ حَيَاءً هُوَ عِندَهُ جَبَانٌ، وَهَكَذَا هُوَ في أَحكَامِهِ، يَعُدُّ نَفسَهُ النَّمُوذَجَ الأَمثَلَ الأَكمَلَ، وَالمِيزَانَ الأَوفى الأَعدَلَ، الَّذِي يُقَاسُ عَلَيهِ سَائِرُ النَّاسِ وَتُوزَنُ بِهِ تَصَرُّفَاتُهُم وَيُضبَطُ عَلَيهِ سُلُوكُهُم.

 

وَمِن أَسَفٍ أَنَّنَا لا نَكتَفِي بِالسَّيرِ عَلَى هَذَا المَنهَجِ في حُكمِنَا عَلَى بَعضِنَا في أُمُورِ الدُّنيَا فَحَسبُ، بَل نُوَسِّعُهَ وَنُعَمِّمُهُ حَتى يَشمَلَ أُمُورَ الدِّينِ وَعِلاقَةَ النَّاسِ بِرَبِّ العَالَمِينَ، فَمَن عَبَدَ عِبَادَتَنَا فَهُوَ عِندَنَا مِن أَهلِ الإِيمَانِ وَالتَّقوَى وَالصَّلاحِ، وَمَن كَانَ دُونَهَا فَهُوَ في رَأيِنَا فَاسِقٌ أَو مُقَصِّرٌ مُتَسَاهِلٌ، وَمَن زَادَ عَلَيهَا فَهُوَ مِنَ المُتَنَطِّعِينَ المُتَشَدِّدِينَ. فَهَل هَذَا مَنهَجٌ صَحِيحٌ يُعرَفُ بِهِ الحَقُّ؟! وَهَل هُوَ مِنَ العَدلِ الوَاجِبِ في شَيءٍ؟! وَهَل نَحنُ مِنَ الثِّقَةِ بِأَنفُسِنَا وَصِحَّةِ مَسَارِ حَيَاتِنَا بِحَيثُ نَجعَلُ مِن أَشخَاصِنَا وَصِفَاتِنَا الذَّاتِيَّةِ مِقيَاسًا يُقَاسُ عَلَيهِ الآخَرُونَ وَتُصدَرُ عَلَيهِمُ الأَحكَامُ مِن خِلالِهِ؟!

 

إِنَّهُ مَا مِنَّا مِن أَحَدٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ، إِلاَّ وَهُوَ يَرتَفِعُ تَارَةً وَيَنخَفِضُ تَارَاتٍ، وَيَتَقَدَّمُ حِينًا وَيَتَأَخَّرُ أحيانًا، وَيَتَغَيَّرُ مِن وَقتٍ إِلى وَقتٍ، وَيَعتَرِيهِ اختِلافُ المِزَاجِ بَينَ مَرحَلَةٍ مِنَ العُمُرِ وَأُخرَى، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ هَذَا المِقيَاسَ الشَّخصِيَّ وَالمِيزَانَ الذَّاتيَّ، لَيسَ بِثَابِتٍ وَلا مُستَمِرٍّ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ، وَلَكِنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِاستِمرَارٍ وَيَختَلِفُ وَيَتَفَاوَتُ، وَالَّذِي عَلَيهِ أَهلُ النَّقلِ الصَّحِيحِ وَالعَقلِ الصَّرِيحِ، أَنَّ الحَقَّ وَاحِدٌ لا يَتَعَدَّدُ، ثَابِتٌ لا يَتَغَيَّرُ، بَيِّنٌ لا يَخفَى، وَهُوَ الأَحَقُّ بِأَن يُتَّبَعَ وَيُقصَدَ إِلَيهِ وَيُبحَثَ عَنهُ، لا أَن يُترَكَ لأَجلِ هَوَى النُّفُوسِ وَمُشتَهَيَاتِهَا وَرَغَائِبِهَا، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾ [الأنعام: 57] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [يونس: 35] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 70، 71].

 

إِنَّ المُؤمِنَ النَّاصِحَ لِنَفسِهِ، العَارِفَ لِقَدرِهَا، المُوقِنَ بِنَقصِهَا، المُعتَرِفَ بِأَنَّهُ غَيرُ كَامِلٍ في ذَاتِهِ وَلا صِفَاتِهِ، لا يَجعَلُ الحَالَ الَّتي هُوَ عَلَيهَا في أَيِّ وَقتٍ مِن حَيَاتِهِ أَو مَرحَلَةٍ مِن عُمُرِهِ هِيَ مِقيَاسَ الصَّوَابِ في الدُّنيَا وَمِيزَانَ الصَّلاحِ في الدِّينِ، وَلا يُخضِعُ الحَقَّ لما يَرضَاهُ أَو يَتَشَهَّاهُ، فَرُبَّ وَقتٍ رَضِيَ فِيهِ المَرءُ عَن نَفسِهِ وَقَبِلَ مِنهَا أُمُورًا وَصِفَاتٍ وَأَحوَالاً، لا يَرضَاهَا مِنهَا في وَقتٍ آخَرَ وَلا يَتَقَبَّلُهَا، بَل وَلَرُبَّمَا اكتَشَفَ بَعدَ حِينٍ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مُتَّبِعًا لِهَوَى نَفسِهِ مُتَأَثِّرًا بِرَغَبَاتِهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى الحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَصَدَقَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِذْ قَالَ: " أَحبِبْ حَبِيبَكَ هَونًا مَا عَسَى أَن يَكُونَ بَغِيضَكَ يَومًا مَا، وَأَبغِضْ بَغِيضَكَ هَونًا مَا، عَسَى أَن يَكُونَ حَبِيبَكَ يَومًا مَا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ العَاقِلَ إِذَا أَرَادَ أَن يُقَرِّرَ صِحَّةَ أَمرٍ أَو خَطَأَ آخَرَ، أَو يُلزِمَ النَّاسَ بِنِظَامٍ يَتَّبِعُونَهُ أَو نَمَطٍ لا يُغَيِّرُونَهُ، أَو يَفرِضَ عَلَيهِم نَهجًا يَسِيرُونَ عَلَيهِ وَلا يَخرُجُونَ عَنهُ، أَو يُنكِرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَو يَنصَحَهُ، أَو يَأمُرَ بِمَعرُوفٍ أَو يَنهَى عَن مُنكَرٍ، لا يَنظُرُ إِلى نَفسِهِ وَمَا تَشتَهِي فَحَسبُ، ثم يَجعَلُ نَظرَتَهُ تِلكَ هِيَ المِقيَاسَ وَالمِيزَانَ، وَلَكِنَّ إِخلاصَهُ لِرَبِّهِ، وَاتِّبَاعَهُ لِنَبِيِّهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَإِرَادَتَهُ الخَيرَ لِغَيرِهِ كَمَا يُرِيدُهُ لِنَفسِهِ، مَعَ سُلُوكِ مَسلَكِ العَدلِ وَالإِنصَافِ، وَتَحَرِّى الحَقِّ المُطلَقِ وَالصَّوَابِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيهِ الدَّلِيلُ مِن نَقلٍ أَو عَقلٍ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَجِبُ أَن يَكُونَ هُوَ مَنبَعَ إِصدَارِ الأَحكَامِ لَدَيهِ، لا الرَّغبَةُ وَالمِزَاجُ وَهَوَى النَّفسِ. وَإِنَّهُ لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلُ كَثِيرًا مِمَّا يَقَعُ فِيهِ فِئَامٌ مِنَ العُقَلاءِ وَأَصحَابِ البَصِيرَةِ مِن أَخطَاءٍ في أَحكَامِهِم عَلَى الآخَرِينَ، لَوَجَدَ مَنشَأَهُ مِن ذَلِكُمُ الخَلَلِ الفِكرِيِّ، فَمَا بَالُكُم إِذَا كَانَ أَكثَرُ النَّاسِ لا يَعلَمُونَ وَلا يَعقِلُونَ، وَمَعَ هَذَا يُنَصِّبُ أَحَدُهُم نَفسَهُ حَكَمًا عَلَى النَّاسِ، فَيَرفَعُ قَدرَ هَذَا وَيَمدَحُهُ، وَيَخفِضُ شَأنَ ذَاكَ وَيَذُمُّهُ، وَيَعمَلُ بِكُلِّ مَا أُوتِيَ مِن قُوَّةٍ عَلَى تَسيِيرِ النَّاسِ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَيَغضَبُ إِذَا لم يُوَافِقُوهُ وَيُطِيعُوهُ، وَلَقَد بُلِيَتِ الأُمَّةُ في هَذَا الزَّمَانِ، بِأُغَيلِمَةٍ في الصَّحَافَةِ، وَجَهَلَةٍ في بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ، بَل وَبِبَعضِ مَن وَلُوا أَمرَ النَّاسِ في مَصَالِحِهِمُ العَامَّةِ، يَنظُرُ أَحَدُهُم إِلى مَا تَشتَهِيهِ نَفسُهُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، فَيَبتَلِي بِهِ أُمَّةً بِأَكمَلِهَا أَو مُجتَمَعًا بِكُلِّ مَن فِيهِ، لِيُزَيِّنَ لَهُم أَمرًا لا يُحِبُّهُ اللهُ، أَو يُلزِمَهُمُ التَّخَلُّقَ بِخُلُقٍ غَيرِ مَرضِيٍّ وَلا مَحمُودٍ، أَو لِيَفرِضَ عَلَيهِم سِيَاسَةً أَو نِظَامًا لم يَأتِ بِهِ كِتَابٌ وَلا سُنَّةٌ، وَلا هُوَ مِن مَنهَجِ صَالِحِ السَّلَفِ وَلا هَديِ مُفَضَّلِ القُرُونِ، وَصَدَقَ رَسُولُ الهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ: " سَيَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ نَاسٌ مِن أُمَّتِي، يُحَدِّثُونَكُم بما لم تَسمَعُوا بِهِ أَنتُم وَلا آبَاؤُكُم، فَإِيَّاكُم وَإِيَّاهُم " وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " إِنَّ بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِنِينَ خَدَّاعَةً، يُصَدَّقُ فِيهَا الكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنطِقُ فِيهَا الرُّوَيبِضَةُ " قِيلَ: وَمَا الرُّوَيبِضَةُ؟ قَالَ: " المَرءُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ في أَمرِ العَامَّةِ " رَوَاهُ البَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. هَكَذَا قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَهَكَذَا وَصَفَ الرُّوَيبِضَاتِ مِنَ النَّاسِ، بِأَنَّهُم يَتَكَلَّمُونَ في أَمرِ العَامَّةِ، وَهَذَا حَاصِلٌ في زَمَانِنَا بِقُوَّةٍ، وَلا سِيَّمَا مَعَ انتِشَارِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ وَأَجهِزَةِ الاتِّصَالِ، وَالبَرَامِجِ الَّتي تَنشُرُ الكَلامَ في الآفَاقِ في مِثلِ لَمحِ البَصَرِ، وَلَكِنَّ أُولَئِكَ الرُّوَيبِضَاتِ الَّذِينَ بُلِيَت بِهِمُ الأُمَّةُ، قَد تَجَاوَزُوا الحَدِيثَ العَابِرَ وَالكَلامَ الفَارِغَ، إِلى الفِعلِ القَبِيحِ وَالتَّصَرُّفِ المَشِينِ، وَصَارَ مَن يَملِكُ مِنهُم شَيئًا مِنَ السُّلطَةِ أَو وُلِّيَ شَيئًا مِن أُمُورِ المُسلِمِينَ، لا يَتَوَرَّعُ أَن يَستَغِلَّ سُلطَتَهُ في الإِضرَارِ بهم وَظُلمِهِم وَمَنعِهِم حُقُوقَهُم، بَل وَتَمكِينِ أَعدَائِهِم مِن غَزوِهِم في أَخلاقِهِم وَإِفسَادِهِم، جَاعِلاً شَهَوَاتِ نَفسِهِ الرَّخِيصَةَ مِقيَاسًا يَقِيسُ بِهِ مَن حَولَهُ وَمَا حَولَهُ، فَيَحكُمُ عَلَى هَؤُلاءِ بِأَنَّهُم يَستَحِقُّونَ فَيُعطِيهِم، وَعَلَى أُولَئِكَ بِأَنَّهُم لا يَستَحِقُّونَ فَيَمنَعُهُم، وَأَنَّ هَذَا نَافِعٌ لِلمُجتَمَعِ فَيَجلِبُهُ، وَأَنَّ ذَاكَ ضَارٌّ فَيَمنَعُهُ، مُجَانِبًا مَسلَكَ العَدلِ وَالإِنصَافِ وَطَلَبِ الحَقِّ المُطلَقِ، مُخَالِفًا الصَّوَابَ الَّذِي دَلَّ عَلَيهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، ضَارِبًا بِأَقوَالِ أَهلِ العِلمِ وَفَتَاوَاهُم عُرضَ الحَائِطِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَاحفَظُوا الأَلسِنَةَ وَالأَجهِزَةَ وَالأَقلامَ، وَزُمُّوا الأَنفُسَ بِأَحكَمِ زِمَامٍ، وَامنَعُوهَا عَمَّا يجَانِبُ العَدلَ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَحكَامِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى رَبَّكُم، وَرَاقِبُوهُ وَأَصلِحُوا أَنفُسَكُم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

لَيسَ الحَقُّ هُوَ مَا رَآهُ فُلانٌ أَو رَضِيَهُ عَلاَّنٌ، أَو أَجمَعَ عَلَيهِ بَعضُ المُتَآمِرِينَ عَلَى الفَسَادِ أَو أَعلَنُوهُ، أَو حَاوَلُوا أَن يُقَرِّرُوهُ وَيُقِرُّوهُ، وَلَكِنَّ الحَقَّ هُوَ مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالى هُوَ الحَقُّ وَقَولُهُ الحَقَّ، وَوَعدُهُ الحَقُّ وَأَمرُهُ الحَقُّ ﴿ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 32] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاخضَعُوا لِلحَقِّ وَلا تُخضِعُوهَ لأَهوَائِكُم أَوِ استِحسَانِكُم، وَلا إِلى أَهوَاءِ مِن سِوَاكُم أَوِ استِحسَانِهِم، فَقَد قَالَ رَبُّكُم سُبحَانَهُ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الجاثية: 18، 19] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا حسناء، قليلاً من الإنصاف
  • الإنصاف في الخصومة!!
  • الإنصاف
  • هو الموت ( خطبة )
  • الإنصاف عزيز
  • الإنصاف.. خلق جميل
  • الإنصاف مع الناس جميعا منهج القرآن

مختارات من الشبكة

  • المناسبة مسلك من مسالك العلة العقلية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم المفهوم والفرق بينه وبين المصطلح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فقه مسلكي في شأن التشدد في حراسة الخطرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسالك الفقهاء في دفع مختلف الحديث بحكم الانتفاع بالسمن المائع إذا تنجس (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة إرشاد الغاوي إلى مسالك الحاوي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عرض كتاب (مسالك أهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مسالك في الأحاديث(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة قريبة المسالك إلى مذهب الإمام مالك للشيخ علي العمروسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح روضة الناظر وجنة المناظر (90) (مسالك الاستنباط)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/1/1447هـ - الساعة: 13:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب