• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات ...
    سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
  •  
    اشتراط الحول والنصاب في الزكاة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من فضائل الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لا أحد أحسن حكما من الله
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    دلالة السنة والنظر الصحيح على أن الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير: (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس الثالث والعشرون: لماذا نكره الموت
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الإنفاق على الأهل والأقارب بنية التقرب إلى الله ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الإسلام يدعو إلى المؤاخاة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خطبة عيد الأضحى: عيدنا طاعة وعبادة
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    خطبة عيد الأضحى: الامتثال لأوامر الله
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    أقسام المشهود عليه
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من ...
    سعيد مصطفى دياب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

هل أخطأ القرآن في اسم والد مريم كما يزعم المتخرصون ؟

هل أخطأ القرآن في اسم والد مريم كما يزعم المتخرصون ؟
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/3/2014 ميلادي - 23/5/1435 هجري

الزيارات: 97945

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (19)

حقائق الإسلام الدامغة وشبهات خصومه الفارغة

الرد على ضلالات زكريا بطرس

هل أخطأ القرآن في اسم والد مريم كما يزعم المتخرصون؟

 

يُبدئ المستشرقون والمبشِّرون ويُعيدون في اتهام القرآن الكريم بالخطأ في إيراد هذه المعلومة أو تلك، أو رواية هذه الواقعة التاريخية أو تلك، أو النص على أن اسم الشخص الفلاني هو هذا الاسم أو ذاك، مستنِدين في ذلك كله على أن الكتاب المقدس لديهم مثلاً يقول بغير هذا، جاعلين كتابهم بهذه الطريقة هو الأساس الذي يُحاكِمون إليه القرآن، وكأن كتابهم المقدس كتاب معصوم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلْفه، ولسوف أجتزئ هنا بمثال واحد على هذه التخطئات التي يُقْدم عليها القومُ بجُرأة وثِقة يُحسدون عليها، ولسوف يتبيَّن بعدها للرائح والغادي، والقاصي والداني، والأعمى و"المفتَّح"، والجاهل والعالم، وصاحب هذه الدِّين أو ذاك - أنَّ الأمرَ بخلاف ما يحاول هؤلاء الناس أن يوهِموا القراء به تمامًا، وهناك في كتبي ودراساتي كثير من هذه الأمثلة والرد عليها وتفنيدها تفنيدًا علميًّا يترك هذه التخطئات بل الكتاب المقدس نفسه الذي يعتمدون عليه ثقوبًا لا يمكن سدُّها ولا حتى رتْقها!

 

ومن هذه التخطئات ما يردِّدونه دائمًا بملء بجاحتهم من أن القرآن الكريم حين يقول عن مريم أم عيسى - عليهما السلام - إنها بنت عمران وأخت هارون قد أخطأ خطأ فاحشًا لا يُغتفَر؛ إذ إن عمران هو أبو موسى وهارون، لا أبو مريم التي أخطأ القرآن في إيراد نَسَبها، فجعلها ابنة لعمران هذا، ثم أكَّد هذا الخطأ بقوله أيضًا: إنها أخت هارون؛ أي: إنها أخت هارون وموسى معًا ما داما أخوين، وبنت عمران أبيهما، مع أن مريم التي هي أخت هارون وموسى وبنت عمران ليست هي مريم أم المسيح - عليه السلام - بل هي مريم النبية التي كانت أختًا لهارون وموسى حقيقة لا وهمًا، وهذه "المريم" الأخرى تَسبِق في الوجود مريم أم المسيح بنحو ألف وخمسمائة عام.

 

وإلى القارئ الكريم أربعة أمثلة على هذه التَّخطئة مأخوذة من ثلاثة مواقع مختلفة هي التي وجدتُها على المشباك أثناء تتبُّعي لهذا الانتقاد: الأول لصموئيل عبدالمسيح، والثاني من موقع الكلمة لزكريا بطرس، والثالث من موقع "Answering Islam" الناطق بالإنجليزية، فضلاً عن كتاب صدر في النمسا عام 1994م بعنوان "هل القرآن معصوم؟" لشخص يتسمَّى باسم "عبدالله عبدالفادي"، وهو اسم مخترَع كما هو واضح، وإن كانت الجِهة التي تقف خلفه معروفة، والأحرى أن يكون اسمه: "عبد الفاضي"، أو "العبد الفاضي" كي يكون اسمًا على مسمًّى.

 

ونبدأ بالكتاب الأخير، وقد ورد فيه السؤال التالي: "جاء في سورة "التحريم": ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 12]، ﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾ [مريم: 27، 28]، ونحن نسأل: يقول الإنجيل: إن مريم العذراء هي بنت هالي؛ (لوقا/ 3/23)، فكيف يقول القرآن: إنها بنت عمران أبي موسى النبي، وإنها أخت هارون مع أن بينها وبين عمران وهارون وموسى ألف وستمائة سنة؟"، أما ما جاء في المواقع المشباكية فها هو ذا:

أخطاء القرآن

• صموئيل عبدالمسيح..

مريم أخت هارون أنجبت (في الصحراء) تحت نخلة:

﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾ [مريم: 22 - 28].

 

أحقًّا أن مريم أم المسيح هي أخت هارون وموسى؟ ما هي الفترة الزمنية بين مريم أخت هارون وموسى ومريم أم المسيح يسوع؟

 

مركز الكلمة المسيحي

تعليقات على سورة آل عمران

أبو مريم

﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 35 - 36].

 

خلَط القرآن أبا موسى بأبي مريم، فقال: إنَّ عمران أبا موسى وهارون هو أبو مريم التي حملت الكلمة الإلهية، وبما يؤيِّد خطأه هذا قوله في سورة مريم: ﴿ يَا أُخْتَ هَارُونَ ﴾ [مريم: 28]، مع أن بين موسى والمسيح نحو 1500 سنة.

 

ولما رأى علماء المسلمين هذا قالوا: إن عمران المذكور في هذه العبارة هو غير والد موسى، ولكنهم أخطؤوا؛ لأن الكتاب المقدس لا يذكر شيئًا عن ميلاد العذراء مريم، ولم يكن هناك مصدر يَستقي منه محمد أخباره، ولكن كانت هناك بعض خُرافات الغنوسيين الذين ملؤوا الجزيرة العربية، وأيضا المريميِّين الذين كانوا يؤلِّهون العذراء مريم ويضعون حول ميلادها وحياتها كثيرًا من المعجزات كما ورد في كتابي: مولد العذراء وطفولية المخلِّص وإنجيل الطفولية (راجع الطبري والقرطبي والرازي في تفسير "آل عمران" / 35، 36).

 

3- " Quran Contradiction:

Mary,Sister of Aaron & Daughter of Amram

In several Suras the Quran confuses Mary the mother of Jesus [Miriam in Hebrew] with Miriam the sister of Aaron and Moses, and daughter of Amram which is abut 1400 years off.

At length she brought (the babe) to her people, carrying him (in her arms), They said: "O Mary! Truly a strange thing has thou brought!" O sister of Aaron, the father was not a man of evil, nor your mother a woman unchaste!".

Sura 19: 27 - 28.

And Mary, the daughter of Imran..

Sura 66: 12.

I am awere what Muslims claim to be a solution to this problem. Yusuf Ali foe example writes in his footnote 2481 commenting on the above verse: "Aaron the brother of Moses was the first in the Line of Isralite priesthood. Mary and her cousin Elisabeth (mother of Yahya) came trom a priestly family, and wer therefore, sisters of Aaron" or daughter of Imran (who was Aaron,s father)".

This is faulty reasoning. Only Aaron became a priest of the Lord and in fact the first High priest. And only Aaron,s descendents became priests. Neither Moses not their sister Miriam are ever understood to be in" priestly lineage." Amram is definitely not a priest. If Mary,s lineage of being part of a priestly family should be stressed then necessarily she would have to be called a daughter of Aaron, since all of Israel,s priests are descendants of Aaron, while his brother and sister are not counted among the priestly line.

I do agree that " father", daughter" and " sister" might be used sometimes rather loosely and only indicate a" general family relationship " Therefore we have to carefully read in each mentioning to see what is meant. And the Quran makes clear that the narrow, physical meaning of daughter and )hence( sister is meant in this case as I will demonstrate below. Even if there were no concern about the issue of" priestly" but only such a wider family relationship was in view, why does the Quran not say" daughter of Aaron" who is her most famous forefather? Even though" sister" might be used in a wider meaning than a sister within the same immediate family, isn,t it use even In Islam that" brothers and sisters" live on roughly the same generational level )like cousins( while " father and daughter" signifies a generational difference between the two persons compared? Why are the wives of Muhammad not called the" sisters of the belivers" but " the mothers of the belivers"? [Today,s believers! Aisha certainly was not called the mother of Uthman, Umar, aba Bakr and the other believers of Muhammad,s life time.] for what reason call her sister of the famous Aaron )being 1400 years older than Mary( but daughter of Imran )Bible: Amram( of whom we know nothing at all apart from the fact that his name is mentioned in the genealogical tables in Exodus 6 and 1 Chronicles 23? This is perfectly clear if the two Miriams were indeed confused. But the attempts of harmonization don,t really sound very logical.

The above points are just some" minor questions".

- The big problem is that the Quran is explictely not talking about wider clan relationships as we see in the following verse.

- Behold! Wife of Imran said: "O my Lord! I do dedicate unto Thee what is in my womb for thy special service… When she was delverded, she said: "O my Lord! Behold! I am delivered of a female child!"…"….I have named her mary…".

- Sura 3: 35 - 36.

- Muslims are usually very particular about whose wife a woman is and it is definitcly not allowed that just anybody can have sex with a woman only because he is a "wiedr relative of hers." If Mary is the female child that came out of the womb of the wife of Imran, then she is the direct daughter of Imran and there is no question that the theory of" far descendency" is contradicted by the quran itself.

- Yusuf Ali in his footnote 375 to Sura 3: 35 even goes so far to invent )?( a second Imran by claining that "by tradition Mary,s mother was called Hannah…

- And her father was called Imran, " in order to somehow save the quran from this contradiction. But he some tradition that calls Mary,s mother Hanna, also giver the name of her husband as Joachim. Why would y. Ali acccpt one purt of this tradition )e.g. in the proto - Evangelion of James the Lesser( and reject the other?

- Yusuf Ali does not give any reference for this " tradition" he refers to. Until I see any reference to that, there is no reason to accept this theory. As to my current knowledge there is no such tradition that predates Muhammad. Some Muslim commentators might have made something up later to explain this very problem, but such a late theory/ " tradition" is not very credible.

- And a last question: Is there any other instance in the Quran where a person is consistently. Called daughter (son) or sister (brother of people which are only wider relatives? Even if there was to be one name in the clan so overpowering that every body is named in his or her relationship to that one person, it is doubly improballe that anybody would be named always after two distant relatives in the place of" father" and "brother" , and never be mentioned in relationship to his or her real parents or brothers names. If this is the only instant then the muslim explanation is even more strained since ad hoe explanations, I, e. explanations which serve no other purpose than to explain away this one problem but are not used anywhere else are not very credible. It does appear to be such an artificial reasoning In this case. Ane the fact that Aaron is indeed Imran,s son and this is a direct and correct genealogical relationship, also indicates that the rest is understood as daughter and sister in the normal everyday sense.

- Thomas Patrick Hughes in his" Dictionary of Islam", page 328, writes on this issue that" it is certainly a cause of some perplexity to the commentators. Al - Baidawi says she was called sister of Aaron, because she was of Levitical race, but Husain says that the Aaron mentioned in the verse is not the same person as the brother of Moses".

- As always, conflicting explanations are evidence that there is indeed a problem and no one clear and satisfactory solution is available.

- Note: Moses and Aaron are called" Musa ibn Imran" and" Harun ibn Imran" in the Hadiths, just the same way as mary is called " Maryan ibnat Imran" in sura 66: 12".

ونبدأ بكلام العبد الفاضي فنقول: إن هذا الكلام لا موقِع له من المنطق إلا في المرحاض، لماذا؟ لأن الإنجيل الذي كان يمكن أن يُحاجَّ القرآن به لو كان بين الكتابين اختلاف، وهو الإنجيل الذي أنزله الله - سبحانه وتعالى - على عبده ورسوله عيسى - عليه السلام - هذا الإنجيل لم يعُدْ له وجود، أما الأناجيل التي بين أيدينا الآن فلم تنزل من السماء كما هو معروف، بل هي سير وتواريخ كتبها بعض النصارى بعد أن توفَّى الله المسيح ورفَعه إليه بعشرات السنين، ويختلِط فيها الحق بالباطل،ولم يُتَّبع فيها أي منهج علمي ولا رُوعِيت في تأليفها أية ضمانات لتجنيب مؤلِّفيها الخطأ أو على الأقل تقليل هذا الخطأ وحصْره في أضيق نطاق ممكن، وكثير ما هو في تلك الأناجيل لذلك السبب وغيره، فحِجاج هذا السفيه لنا بأن الإنجيل قد قال كذا في المسألة التي نحن بصددها هو حجاج باطل، على أن هذه الملاحظة لا تَصدُق على الأناجيل فحسب، بل تشمل الكتاب المقدس جميعه "من ساسه لرأسه" حسَب التعبير الشعبي المعروف، وإلى القارئ بعضًا من الأخطاء الأفَّاكية الموجودة في الكتاب المقدس كي يقضي وقتًا بهيجًا مع ذلك الكتاب الذي يتَّخِذه بعض المهاويس معيارًا يُخطِّئون به قرآننا:

فمن ذلك مثلاً ما جاء في سِفر "التكوين":

1- من أنه قد "1أكمِلت السموات والأرض وكل جندها، 2وفرَغ الله في اليوم السابع من عمَله الذي عمِل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، 3وبارَك الله اليوم السابع وقدَّسه؛ لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمِل الله خالقًا 10وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة ومن هناك ينقسِم فيصير أربعة رؤوس: 11اسم الواحد فيشون وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، 12وذهب تلك الأرض جيد، هناك المُقْل وحجر الجَزْع، 13واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كُوش، 14واسم النهر الثالث حِدَّاقل، وهو الجاري شرقي أشور، والنهر الرابع الفرات"، أرأيت أيها القارئ العزيز هذه الدُّرر الجغرافية والجيولوجية التي يتقاصَر دونها كل ما جاء في كتب الجغرافيا والجيولوجيا، فضلاً عن ذلك الإله الذي يتعَب فيأخذ راحة بعد المجهود الشاق الذي بذَله؟ يا له من إله مسكين يحتاج إلى كوب شاي ساخن يزيل عنه وعثاء التعب، ويا حبذا لو كان مع الشاي قطعتان من البسكويت! وكله بثوابه! ومن قدَّم شيئًا بيداه التقاه! (ملحوظة: من العرب قديمًا من كانوا يعربون المثنى دائمًا بالألف قبل شحاذي السيدة، وكذلك قبل "شحات الغرام" بأزمان وأزمان، أقول هذا قبل أن ينط لي أحدهم مخطِّئًا وجود الألف في "يداه" رغم دخول حرف الجر عليها!).

 

كما جاء في ذات السِّفر (6): "1وحدَث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولِد لهم بنات 2أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حَسنات، فاتَّخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا، 3فقال الرب: "لا يدين رُوحي في الإنسان إلى الأبد، لزَيَغانه هو بشر وتكون أيامه مائة وعشرين سنة"، 4كان في الأرض طُغاة في تلك الأيام، وبعد ذلك أيضًا إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولَدنَ لهم أولادًا - هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم، 5ورأى الرب أن شرَّ الإنسان قد كثُر في الأرض وأن كل تَصوُّر أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم، 6فحزن الرب أنه عمِل الإنسان في الأرض وتأسَّف في قلبه، 7فقال الرب: "أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته: الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزِنت أنَّي عملتهم"، هل سمع أحد من عقلاء البشر أو حتى من مجانينهم أن لله أولادًا؟ فمَن أمهم يا تُرى؟ ثم حين ذهب أولاد الله ليخطبوا بنات الناس، هل أخذوه معهم ليُفاتح آباءهن ويتَّفِق معهم على الشَّبْكة والمهر والشقة والأثاث والذي منه؟ ثم أي إله هذا الذي يأسَف ويندَم على ما فعل؟ ولقد بلغ من غضبه أن تشوَّش عقله، فلم يعُد يستطيع أن يقوم بأتفه العمليات الحسابية، فمرة يقول لنوح: "خُذ من كل كائن حي اثنين اثنين ذكرًا وأنثى، ثم ينسى ما قاله بعد قليل فيجعل العدد من الحيوانات الطاهرة ومن طير السماء سبعة سبعة ذكورًا وإناثًا، ليعود مرة أخرى إلى عدد الاثنين"؛ (تكوين: 6/ 19 - 20، و 7/ 2 - 3، 15 - 16)، كذلك مرَّ في النص السابق أنه كان هناك جبابرة كثيرون قبل الطوفان: قبل أن يتَّخذ أبناءُ الله بنات الناس، وأيضًا بعد أن اتَّخذوهنَّ زوجات، إلا أن كاتب هذا السِّفر، كعادة مؤلِّفي الكتاب المقدس، قد نسي هذا فقال عن نمرود (حفيد ابن نوح، الذي ولد بعد الطوفان بزمن طويل): إنه" أول جبَّار في الأرض"؛ (تكوين: 10/ 8)، وحتى نمرود هذا لا ندري بالضبط من أبوه: فمره يذكُر الكاتب أبناء كوش بن حام بن نوح فلا يورِد بينهم اسم نمرود، لنفاجأ به بعد أقل من سطر يقول: "وكُوش ولَدَ نمرود"، أي أنجبه؛ (تكوين/ 10/7 - 8)، وسلِّم لي على المترو، لا أقصد مترو اليوم، بل المترو الذي كان قبل الطوفان، وكان يستخدمه الجبابرة، كل جبار في عربة وحدَه لا يُشارِكه فيها أحد؛ إذ هي لا تكفيه إلا بالعنت والمشقة، وبعد أن يدخلوه فيها بلباسه يُزفلِطونها بالصابون لتسهيل عملية الدخول فلا ينحشر في حلق الباب وتكون حكاية! ولمَ لا؟ أليس جبارًا؟ إن هذا يذكِّرنا بحكايات أبي لمعة التي طيرت دماغ الخواجة بيجو في حلقات "ساعة لقلبك" أيام زمان، فكان يصرُخ من الدوار الذي تسببه له قائلاً: آخ! يا النافوخ بتاع الأنا"!

 

ومنه أيضًا أن نوحًا - عليه السلام - قاتَل الله من يُسئ إليه، ويفتري عليه الأكاذيب! قد دعا على حفيدة كنعان، ولعَنه لا لشيء إلا لأنه هو (أي نوحًا، ولا أحد غيره) قد أخذ يعبُّ من الخمر حتى أصبح طينة، وانطرَح على الأرض وتكشَّفت سوأته (إخص!) فرآه ابنه حام (أبو كنعان) على ذلك الوضع المُزري، فلما أفاق نوح، وعلِم بما حدَث انطلَق في نوبة مسعورة يلعَن كنعان "وأبا خاش كنعان" ويدعو عليه بأن يجعله الله عبدًا لعبيد إخوته؛ (تكوين: 9/ 20 - 27)، مع أنه لا ذنب كما ترى لحام، فضلاً عن كنعان المسكين الذي لا ناقة له في المسألة ولا جمل، ولكن يبدو أن جده السِّكير لم يكن قد أفاق تمامًا من الخمر فلم يكن يدري ماذا يقول ولا ماذا يفعل، ولا على من يدعو ولا من يلعن!

 

وفي سِفر "الخروج" نقرأ أن أم موسى - عليه السلام - بعد ثلاثة أشهر من ولادته وبعد أن لم تعُد تستطيع أن تُخبِّئه خوفًا من بطش فرعون به أطول من ذلك، أخذت سَفَطًا من البردي وطلَته بالحُمَر والزفت، ووضعت فيه الرضيع ثم وضَعت السَّفَط بين الحَلْفَاء على حافَة النهر، فيما وقَفت أخته ترقُب من بعيد ماذا سيحدُث، وأن ابنة فرعون قد نزلت النهر لتستحمَّ في الوقت الذي كانت فيه جواريها يَمشين على الشط، فرأت السَّفَط بين الحَلْفَاء، فأرسَلت أمَةً لها لتُحضِره، ولما فتحتْه وجدت ولدًا يبكي، فقالت: إنه من أولاد العبرانيِّين... إلخ، الذي أود الإشارة إليه هو أن أم موسى قد طلَت السَّفَط بالحُمَر والزفت، وهذه العملية إنما يقوم بها صنَّاع القوارب والمراكب منْعًا من تسرُّب الماء إليها حتى لا تغرِق، فلماذا فعلت أم موسى ذلك إذا كان قصدها مجرَّد وضع السَّفَط على شاطئ النهر كما جاء في رواية العهد القديم لا في النهر نفسه كما قال القرآن؟ ألا يدلُّ هذا على أن رواية القرآن الكريم للحادثة هي الرواية الصحيحة، إذ جاء فيها أن أم موسى بعد أن وضعت رضيعها في التابوت قد قذفت به في اليم؟ إن كاتب قصة العهد القديم قد فضحتْه هذه التفصيلة الدالة، مِثلما فضَحَه قوله هو نفسه على لسان ابنة فرعون حين ذكرت أنها قد سمَّت الرضيع: "موسى" لأنها قد انتشلتْه من الماء، أي إنه كان في الماء لا على الشط بين الحَلْفَاء كما قال المؤلِّف السكران قبل أسطر، قارن بين سفر "الخروج"/ 2/ 2 - 10، وسورة "طه" [23 - 39] وسورة "القصص" [7 - 8].

 

وبالمِثل نقرأ في الإصحاح الثاني والثلاثين من سِفر "الخروج" ما يلي: "1ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمَع الشعب على هارون وقالوا له: "قُم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا؛ لأن هذا موسى الرجل الذي أصعَدنا من أرض مصر لا نعلَم ماذا أصابه"، 2فقال لهم هارون: "انزِعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها"، 3فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، 4فأخذ ذلك من أيديهم وصوَّره بالإزميل وصنَعه عجلاً مسبوكًا، فقالوا: "هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعَدتك من أرض مصر!" 5فلما نظَر هارون بَنَى مذبحًا أمامه ونادى هارون وقال: "غدًا عيدٌ للرب"، 6فبكِّروا في الغد وأصعِدوا محرَقات وقدَّموا ذبائح سلامة، وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب، 7فقال الرب لموسى: "اذهَب انزل! لأنه قد فسَد شعبك الذي أصعَدته من أرض مصر، 8زاغوا سريعًا عن الطريق الذي أوصيتهم به، صنَعوا لهم عجلاً مسبوكًا وسجدوا له وذبحوا له وقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعَدتك من أرض مصر"، 9وقال الرب لموسى: "رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة، 10فالآن اتركني ليَحمَى غضبي عليهم وأفنيهم فأُصيِّرك شعبًا عظيمًا"، 11فتضرَّع موسى أمام الرب إلهه وقال: "لماذا يا رب يَحمَى غضبك على شعبك الذي أخرجتَه من أرض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة؟ 12لماذا يتكلَّم المصريون قائلين: أخرَجَهم بخبث ليَقتُلهم في الجبال ويُفنيهم عن وجه الأرض؟ ارجِع عن حُمُوِّ غضبك واندَم على الشر بشعبك، 13اذكر إبراهيم وإسحاق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقلت لهم: أكثر نسلكم كنجوم السماء وأعطي نسلكم كل هذه الأرض التي تكلَّمت عنها فيَملِكونها إلى الأبد"، 14فندم الرب على الشر الذي قال: إنه يفعله بشعبه"، وواضح ما في النص من إساءة فاحشة إلى نبي الله هارون، الذي ينسب إليه الكِتابُ المقدس ومزوِّروه أنه هو الذي صنع العجل بيده وساعَد قومه على الارتداد إلى الوثنية، وهيَّأ لهم كل دواعي الكُفر والفحش والفجور، وكذلك ما فيه من إساءة إلى الله نفسه حيث يصوِّره الكاتب بصورة إله وثني يندَم ويتراجع عما كان قرَّره، مما لا يمكن أن يكون وحيًا سماويًّا إلا إذا كان الوحي السماوي قد أصابه الهزال حتى بانت كُلَاه وسَامَه كل مفلِس أقرع العقل والوجدان والإيمان مثل كاتب هذا الكلام.

 

ثم هناك الأفكوهة التالية التي تفطِّس من الضحك والتي لا يمكن أن تقع ولا في الأحلام، ذلك أن سن الابن في "الحدوتة" التي نوشِك أن نسمعها أكبر من سنِّ أبيه بعامين (الله أكبر!): "16وأهاج الرب على يهورام روح الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشيين 17فصعدوا إلى يهوذا وافتَتحوها وسبوا كل الأموال الموجودة في بيت الملك مع بنيه ونسائه أيضًا ولم يبقَ له ابن إلا يهوآحاز أصغر بنيه، 18وبعد هذا كله ضرَبه الرب في أمعائه بمرض ليس له شفاء، 19وكان من يوم إلى يوم وحسب ذَهاب المدة عند نهاية سنتين أن أمعاءه خرجت بسبب مرضه فمات بأمراض رديئة، ولم يعمل له شعبه حريقة كحريقة آبائه، 20كان ابن اثنتين وثلاثين سنة حين ملك وملك ثماني سنين في أورشليم وذهب غير مأسوف عليه، ودفنوه في مدينة داود ولكن ليس في قبور الملوك" (أخبار الأيام الثاني/ 21)، "1وملك سكان أورشليم أخزيا ابنه الأصغر عوضًا عنه؛ لأن جميع الأوَّلين قتَلهم الغزاة الذين جاؤوا مع العرب إلى المحلة، فملك أخزيا بن يهورام ملك يهوذا، كان أخزيا ابن اثنتين وأربعين سنة حين ملَك "؛ (أخبار الأيام الثاني/ 22)، لاحظ أيها القارئ الكريم أن الأب قد مات وعنده من العمر أربعون، إذ كانت سِنه حين تولَّى المُلك اثنين وثلاثين عامًا ثم ملَك ثمانية أعوام، ثم تولَّى ابنه الحكم بعده مباشرة وكان عمره وقتها اثنين وأربعين، طيب، وماذا هذا؟ إن الفَرق كله يا أخي "شوية" أعوام لا راحت ولا جاءت، فلم تُقيم الدنيا وتقعِدها من أجل حِفنة سنوات؟ بالضبط كما في الفلم المشهور: "من أجل حِفنة دولارات"، وهأنتذا ترى أن الأمر كله تمثيل في تمثيل، فلا تكن هكذا!

 

ونختم بالمثال التالي، وهو عبارة عن سلسلتي نَسَب للسيد المسيح أترُك القارئ الكريم يقارِن بينهما بنفسه ليكتشِف التناقُضات العجيبة والفجوات السحيقة في أهم موضوعات العهد الجديد على الإطلاق، والنصان التاليان مأخوذان من إنجيل متى وإنجيل لوقا على التوالي: (متى/1): "1كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم، 2إبراهيم ولَد إسحاق، وإسحاق ولَد يعقوب، ويعقوب ولَد يهوذا وإخوته، 3ويهوذا ولَد فارص وزارح من ثامار، وفارص ولَد حصرون، وحصرون ولَد أرام، 4وأرام ولَد عَمِّيناداب، وعَمِّيناداب ولَد نحشون، ونحشون ولَد سلمون، 5وسلمون ولَد بوعز من راحاب، وبوعز ولَد عوبيد من راعوث، وعوبيد ولَد يسى، 6ويسى ولَد داود الملك، وداود الملك ولَد سليمان من التي لأوريا، 7وسليمان ولَد رحبعام، ورحبعام ولَد أبيا، وأبيا ولَد آسا، 8وآسا ولَد يهوشافاط، ويهوشافاط ولَد يورام، ويورام ولَد عزيا، 9وعزيا ولَد يوثام، ويوثام ولَد أحاز، وأحاز ولَد حزقيا، 10وحزقيا ولَد منسى، ومنسى ولَد آمون، وآمون ولَد يوشيا، 11ويوشيا ولَد يكنيا وإخوته عند سبي بابل، 12وبعد سبي بابل يكنيا ولَد شألتئيل، وشألتئيل ولَد زربابل، 13وزربابل ولَد أبيهود، وأبيهود ولَد ألياقيم، وألياقيم ولَد عازور، 14وعازور ولَد صادوق، وصادوق ولَد أخيم، وأخيم ولَد أليود، 15وأليود ولَد أليعازر، وأليعازر ولَد متان، ومتان ولَد يعقوب، 16ويعقوب ولَد يوسف رجل مريم التي ولَد منها يسوع الذي يدعى المسيح"، (لوقا/3): "23ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي 24بن مَتثات بن لاوي بن مَلْكي بن يَنَّا بن يوسف 25بن بن عاموص بن ناحوم بن حسلي بن نجَّاي 26بن مآث بن مَتَّاثِيا بن شِمعي بن يوسف بن يهوذا 27بن يوحنا بن رِيسا بن زرُبَّابل بن شألتئيل بن نِيري 28بن ملكي بن أَدَّي بن قُصَمَ بن ألمُودام بن عير 29بن يُوسِي بن أليعازر بن يُوريم بن مَتْثات بن لاوي 30بن شمعون بن يهوذا بن يوسف بن يونان بن ألياقيم 31بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود بن 32يسَّى بن عوبيد بن بوعز بن سَلْمُون بن نَحْشُون، 33بن عَمِّيناداب بن آرام بن حصرون بن فارص بن يهوذا 34بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن تارَحَ بن ناحور بن 35سَرُوج بن رَعُو بن فالَج بن عابِر بن شالَح 36بن قِينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح بن لامَكَ 37بن مَتُوشالَح بن أخنُوخَ بن يَارِد بن مَهلَلئيل بن قينان 38بن أنوش بن شِيتِ بن آدم ابن الله".

 

ونحب مع ذلك أن نؤكِّد بكل ثقة وتحدٍّ أن ما سُقناه هنا من الأخطاء والانحرافات الموجودة في الكتاب المقدس لا يعدو أن يكون عيِّنة تافهة لا تُذكَر مما يَعِجُّ به هذا الكتاب، فأنت في كل خطوة تخطوها فيه إنما تضع قدمك على لغم، وهو ما لمْ يعُد أحد يَنفيه من علمائهم الذين يفهمون ولا يستطيعون أن يَمضوا في الدجل القديم حول عِصمة ذلك الكتاب، بل لجؤوا إلى اختراع نظرية تُسوِّغ وجود هذه الأخطاء في كتاب مِثل هذا يزعمون رُغم ذلك أنه موحى به من الله، ومؤدَّى هذه النظرية أنه لا بدَّ من التَّفرِقة بين الوحي من ناحية الشكل وبينه من ناحية المضمون: فمن الناحية الأولى تجدهم يقولون: إنه ليس إلا إبداعًا أدبيًّا للكاتب، أما من الناحية الثانية فيؤكِّدون أنه صادر عن الله، ذلك أن الوحي بِناء على هذه النظرية لا يُلغي شخصية الكاتب، بل تتدخل ظروفه في الصياغة، ويمكن أن يقع تحريف في النص، ومن ثم فلا بدَّ من عملية النقد والتمحيص، انظُر مادة "Inspiration" من "The New Bible Dictionary" / لندن/ 1972م/ تحرير J.D.Douglas / ص 565 - 566) وهو نفسه ما يقوله معجم "Hook,s Church Dictionary" (لندن/ 1887م)، الذي يرى أن الأنبياء وكتَبَة الكتاب المقدس قد أدَّوا ما تلقَّوه من الوحي كما هو بدون أدنى خطأ من الناحية اللاهوتية، لكن هذا لا يَصدُق على الناحية اللُّغوية والعلمية (ص 403، 964)، وقد سمَّى المستشرق البريطاني مرجليوث المعروف بحقده الملتهِب على الإسلام ونبيِّه هذه النظرية بـ"Colouring by the Medium"، ومعناها: أن الوحي إنما ينزِل على النبي أو الرسول أو الكاتب كفكرة، ثم يقوم الوسيط بصياغة هذه الفكرة بأسلوبه هو، ومن ثَمَّ فالأخطاء التي تقع في الكتاب المقدس مبعَثُها هذا الوسيط لا السماء، أي إن الوسيط هو بمثابة كوب الشراب الذي يُضفي على السائل لون زجاجه(D. S. Margoliouth, Mohammedanism, London,1921, p.63)!، وهو كلام أَشبَه بألاعيب الحُواة والبهلوانات كما هو ظاهر بيِّن، على أننا لا نريد أن نمضي مع تلك النظرية أبعد من هذا فنؤكِّد أن الكتاب المقدس لا يُساوي شيئًا ذا بال ولا حتى من الناحية اللاهوتية كما برهنَّا قبل قليل من خلال بعض الأمثلة الصارخة في هذا المجال، بل حسبنا اعتراف القوم بأن الكتاب المقدس لا يؤبَه به من الناحية التاريخية والعلمية والحسابية والجغرافية وما إلى ذلك، وهذا كل ما نريده للردِّ على المتنطِّعين الذين يحاولون أن يتَّخِذوا من هذا الكتاب معيارًا للحكم على القرآن في مسألة تاريخية مثل الاسم الخاص بوالد السيدة مريم - عليها السلام.

 

وهذا كله لو كان في إنجيل لوقا - أو غيره من تلك السير التي ألَّفها بشر لم يُراعوا أي ضابط منهجي أثناء تأليفهم لها - أن مريم هي بنت هالي كما قال المسكين الذي ظنَّ أنه يستطيع برعونته وجهْله الغليظ أن يُخطِّئ القرآن المجيد، وهو ما لا وجود له البتة؛ إذ المذكور في الموضِع المحدَّد من ذلك الإنجيل (وهو النص الذي أوردناه قبل قليل للمقارنة بينه وبين النص المأخوذ من إنجيل متى في نَسَب السيدة مريم) إنما هو سلسلة نَسَب المسيح لا مريم، وفيها أنه (على ما يظنُّ أبناء قومه) ابنُ يوسف بن عالي (هالي)، حتى تصِل السلسلة إلى آدم ابن الله" كما يقول كاتب السيرة العيسوية المسمَّاة بـ: "إنجيل لوقا"، لاحِظ أيها القارئ الكريم قولهم عن آدم إنه "ابن الله"! بل لاحِظ التناقُض مع قولهم: إن المسيح هو وحدَه ابن الله، مع أن أولاد الله في الكتاب المقدس كثيرون كما يعرف هذا كل من له دراية بذلك الكتاب، بل لاحِظ كيف لم يستطع الكاتب المسكين - أخزاه الله - إلا أن يُثبِت في حق المسيح، عليه وعلى أمه الطاهرة الشريفة العفيفة السلام، ما كان يقوله في حقِّها وحقه الأوغاد من يهود! المهم أنه لا ذكْر لهالي في هذه السلسلة النسبية لمريم بتاتًا، فعلامَ يدل هذا؟ فقد أخطأ هذا الهجام في عبارة "مع أن بينها وبين عمران وهارون وموسى ألف وستمائة سنة" خطأ أبلق؛ إذ لم يَنصِب كلمة "أَلْف"، رُغم أنها اسم "أن"، فكان يجب أن تكون منصوبة، أقول هذا؛ لأن ذلك الغبي قد أفرَد مما سمَّاه "أخطاء نحوية في القرآن" عشرات الصفحات، مع أنه لا يستطيع أن يحسِن كتابة أي شيء دون أغلاط نحوية وصرفية مضحِكة تُبرهِن بأجلى برهان أن الأبعد جاهل يهرِف بما لا يعرف، وأن الذين كلَّفوه بأن يكتب ما كتب قد ظلموه؛ إذ أسنَدوا إلى حمار مهمة لا يصح أن يقوم بها إلا عالم ضليع يضع نُصْب عينَيه الوصول إلى الحق، وقد فنَّدتُها كلها في كتابي: "عِصمة القرآن الكريم وجهالات المبشِّرين" وبينتُ أن كل ما قاله سُخْف لا معنى له، وأنه إنما يردِّد كلامًا وضعوه في فمه كما تفعل الببغاوات دون أن يفْقه منه شيئًا!

 

وفضلاً عن ذلك فليس القرآن المجيد هو القائل: إن مريم هي أخت هارون، سواء كان المقصود هارون أخا موسى أو هارونًا آخر، بل الذين قالوا هذا هم قومها أنفسهم، أما القرآن فمجرد حاكٍ لما قالوه، وقد سمع القرآنَ على عهد النبي كثيرٌ من اليهود والنصارى، فلماذا يا تُرى لم يكذِّبوه؟ بل لماذا دخل دينَ محمَّدٍ - عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات - وآمن بقرآنه الملايينُ المملينة من أهل الكتاب دون أن يمنعهم ذلك أو يستوقِفهم مجرد استيقاف، وفيهم الحاخامات والقساوسة والعلماء والفلاسفة والمفكِّرون والأدباء والفنانون والساسة والمؤرِّخون من كل جنس ولون، ومن كل العصور والبيئات؟ وحتى يستطيع القارئ أن يقدِّر مدى مصداقية ما يقوله القوم عن مريم أُم إلههم أذكُر هنا أنهم لا يعرفون شيئًا يُذكر عنها عليها السلام بعد أن توفَّى اللهُ ابنَها، بل لا يعرِفون كم من الأعوام لبثَت بعده على قيد الحياة؛ إذ يختلفون في هذه النقطة ما بين ثلاث سنوات وخمس عشرة، فتأمل! (انظر مادة "Mary" في "Wikinfo, an internet encyclopedia")، بل إنهم لا يعرفون بالضبط من يكون إخوة عيسى - أو كما يقولون: إخوة الإله - الذين جاء ذكْرهم في العهد الجديد: أهم إخوته فعلاً من أمه بما يُفيد أنها قد تزوَّجت بعد ولادته من يوسف؟ أم هل هم مجرد أقارب له من جهة تلك الأم؟ أم هل هم أبناء يوسف من امرأة أخرى غير مريم؟ (انظر الجزء الخاص بمريم العذراء من مادة "Mary" في ("International Standard Bible Encyclopedia")، ودعنا مما أورَده كاتبو سير المسيح المسمَّاة بـ: "الأناجيل" من الكلام القارص الذي قالوا: إن المسيح - عليه السلام - قد وبَّخ به أمه، وكذلك الكلام الذي قاله في حقها هي وإخوته عندما كان يعِظُ بعض أتباعه وأرادت الأم والإخوة أن يخرج إليهم ليُحد     ِّثوه في أمر ما، وهو كلام يُفيد أنه لم يكن يعدُّهم ضمن المؤمنين به، ولنقرأ النصين التاليين: "1وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك، 2ودُعِي أيضًا يسوع وتلاميذه إلى العرس، 3ولما فرَغتِ الخمر قالت أم يسوع له: "ليس لهم خمر"، 4قال لها يسوع: "ما لي ولك يا امرأة! لم تأتِ ساعتي بعد"؛ )يوحنا: 2(، "46وفيما هو يكلِّم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجًا طالِبين أن يكلِّموه، 47فقال له واحد: هو ذا أمك وإخوتك واقفون خارجًا طالبين أن يكلموك، 48فأجاب وقال للقائل له: من هي أمي ومن هم إخوتي؟ 49ثم مد يده نحو تلاميذه وقال: ها أمي وإخوتي، 50لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي "؛ (متى: 12)، فإذا كان الأمر كذلك يا إلهي، فلم إذًا البجاحة مع القرآن الكريم؟

 

والآن إلى ما جاء في موقع "الكلمة" الذي يُديره زكريا بطرس، وهو موقِع يشعُر من يدخله بأنه في مولد، وصاحبه غائب، فهو مملوء بلافتات بكل لون وحجم وكأننا في سيرك الفيل أبو زلومة، وتُطالِعك من كل زاوية أسماء كتب لا حصْر لها ولا عدد، تُهاجِم القرآن والرسول والتوحيد وكل ما أتى به الإسلام من عقائد شريفة وأخلاق نبيلة، وتدافِع عن الوثنيات المتهالِكة التي يريد اللعين أن يُعيد المصريين إليها بعد أن أنعَم الله عليهم بالتوحيد المحمدي الكريم، وعلى رأس هذه الكتب ما يحمل أسماء سعيد العشماوي وسيد القمني وخليل عبدالكريم، وكأن لكلام هؤلاء وأمثالهم قيمة علميَّة عند أهل التحقيق والتدقيق! ولقد كنتُ كتبتُ كتابًا أناقِش فيه ما جاء في عدد من الكتب المنقوش عليها اسم خليل عبدالكريم وفضحتُ تهافُت ما في تلك الكتب من أفكار، وأبرزتُ سُخْف ما يظنه المتنطِّعون الجَهَلة منطقًا علميًّا لا يخرُّ منه الماء، وظل الرجل يُطارِدني برُسُله يريد الحصول على نسخة من كتابي؛ لأنه - كما يقول -لم يقرأه، فكنت أضحَك من هذا الكلام؛ لأن الرسول كان يخبِرني بأنني قد قلت في حق الرجل كذا وكذا وكذا، وأنه متألِّم لهذا الكلام، مما يدل على أنه قد حصل على الكتاب وقرأه جيدًا على عكس ما يدَّعي، ثم فوجئت منذ سنتين تقريبًا بأحد طلابي يرسِل لي بصورة مقال لخليل عبدالكريم في مجلة "أدب ونقد" يعرِض فيه لكتابي المذكور ويدلِّس تدليسًا مكشوفًا أكَّد لي أن رأيي فيه وفيما يحمل اسمه من كتب هو رأيٌ في مَحله تمامًا، ومع ذلك لم يستطع أن يتعرَّض لأي نقد وجَّهتُه إلى تلك الكتب، بل أخذ يلف ويدور قائلاً: إنه يُسامحني فيما قلتُه في حقه تأسيًا بحبيبه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- طبعًا "حبيبه المصطفى" الذي تَطاوَل عليه واتَّهمه أشنعَ الاتهامات، وشكَّك في صدْقه ودوافعه وأخلاقه، ونفى عنه النبوة، وجعله مجرد سارق لأفكار الحنفاء وعادات الجاهليِّين وتقاليدهم، وزنَّ أصحابَه وزوجاتهم بالشَّبَق الجنسي وعدم القدرة على التماسك أمام فاحشة الزنا، واتَّهمه -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان يعلم ذلك منهم، لكنه كان يغضُّ الطرف حتى لا ينفضُّوا عنه فلا يستطيع أن يقيم دولته الهاشمية التي كانوا يمثِّلون ذراعها العسكري الضارب، يا سلام على الحب! ثم صدر كتاب آخر يحمل اسمه، قيل فيه عن الرسول - عليه الصلاة والسلام -: إن ورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد هما اللذان صنعاه تصنيعًا وجعلاه نبيًّا، وإن خديجة قد صنفرته وقلوظته": هكذا بلغة الحشاشين والمساطيل والعربجية والبرمجية! كما وُصِف - عليه السلام - في الكتاب بـ: "آكل الشعير" (ومفهومٌ ماذا يريد الأوغاد الأوساخ أن يقولوا)، وقيل عن أمهات المؤمنين: "نِسوان صاحب النعلين"، وزُعِم أنه - عليه السلام - قد تزوَّج خديجة - رضي الله عنها - على مذهب النصارى، وأن هذا هو السبب في أنه لم يتزوَّج عليها امرأة أخرى، وأن الذي قام بمراسم الزواج هو القسيس ورقة، وإن لم يذكُر لنا في أية كاتدرائية بالضبط تمَّ ذلك، كاتدرائية كانتربري أم كاتدرائية سان جرمان أم الكاتدرائية المرقسية؟ أرأيتم مثل هذا التخريف الذي يُطنطِن به واضع تلك الكتب مؤكِّدًا مع ذلك أنه كلام علمي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ وقد رددتُ بدوري على قلة الأدب هذه في كتاب منذ عدة سنوات، وأعلَنتُ عن اطمئناني الذي يقرُب من اليقين إلى أن عبدالكريم ليس هو مؤلِّف الكتب التي تحمل اسمه، وبخاصة ذلك الكتاب الأخير، وأغلَب الظن أنه قد قرأ هذا الرد قبل أن يُهلِكه الله!

 

نعود فنقول: لقد كذَب اللعين زاعمًا أن "القرآن خلَط أبا موسى بأبي مريم، فقال: إنَّ عمران أبا موسى وهارون هو أبو مريم التي حمَلت الكلمة الإلهية"، ثم أضاف قائلاً: ومما يؤيِّد خطأه هذا قوله في سورة مريم: ﴿ يَا أُخْتَ هَارُونَ ﴾ [مريم: 28]، مع أن بين موسى والمسيح نحو 1500 سنة"، وهأنذا أورِد أولاً النصين القرآنيين اللذين اعتَمَد عليهما في التدليل على ما تخرَّص وزعم: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 35 - 36]، ﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾ [مريم: 27 - 28]، لقد قال القرآن: إن مريم ابنة عمران، هذا صحيح لا جدال فيه، لكنه لم يقل قطُّ: إن عمران هذا هو عمرانُ أبو موسى وهارون، كما أنه لم يقل قط: إنها أخت هارون، بل الذي قال ذلك هم قومها، وإلا أفنقول أيضًا إنه هو: الذي اتَّهم مريم بالزنا وقال لها: ﴿ مَاكَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾؟ ذلك أن الذي قال: إنها أخت هارون هو نفسه الذي تهكَّم بها وشنَّع عليها ورماها بالفاحشة؟ أجب أيها الفيل أبا زلومة! أما إن فسَّر أحدٌ عمران "هنا بأنه عمران أبو موسى، فإنه يكون أباها عندئذ بالمعنى المجازي، ثم إنه يبقى مع هذا تفسيرًا مجرد تفسير وليس كلامًا قرآنيًّا، إذ لم يقُله القرآن، بل هو مجرد اجتهاد من صاحبه قد يُصيب فيه، وقد يخطئ.

 

أما قولك يا زيكو: إن "علماء المسلمين لما رأوا هذا قالوا: إن عمران المذكور في هذه العبارة هو غير والد موسى، ولكنهم أخطؤوا؛ لأن الكتاب المقدس لا يذكر شيئًا عن ميلاد العذراء مريم، ولم يكن هناك مصدر يَستقي منه محمد أخباره، ولكن كانت هناك بعض خرافات الغنوسيين الذين ملؤوا الجزيرة العربية، وأيضًا المريميين الذين كانوا يؤلِّهون العذراء مريم ويضعون حول ميلادها وحياتها كثيرًا من المعجزات كما ورد في كتابي مولد العذراء وطفولية المخلص وإنجيل الطفولية؛ (راجع الطبري والقرطبي والرازي في تفسير "آل عمران" / 35 - 36)"، أما قولك هذا فلا معنى له بعد أن بيَّنا للقراء القيمة العلمية لتلك السير العيسوية التي كتبها بعض الأشخاص بعد انتقال عيسى - عليه السلام - إلى ربه بعشرات السنين دون تمحيص، بل حسبما كان يخطُر لهم وتُسعِفهم به ذاكرتهم وتُمليه عليهم أهواؤهم، وقد رأيناهم يضطربون في سلسلة نَسَب المسيح اضطرابًا شنيعًا مضحِكًا، فكيف تُريدنا أن نجعل معتمَدنا على مِثل تلك الكتابات فنجيز ما تقول ونضرِب صفحًا عما لم تقل؟ ثم أليست مهزَلة أن يسكُت مؤلِّفو الكتاب المقدس عن ميلاد السيدة مريم وعن أبيها وأمها ونسبها مع أنها أم الإله عندكم؟ وما دام قد سكت، فكيف عرفت أن ما قاله القرآن عن هذا الميلاد وعن نسبها واسم أبيها غير صحيح؟ أم تراك تقول: إنها هي أيضًا قد وُلدتْ من غير أب وأم ما دام كتابكم المقدس لم يتحدَّث عن أبيها ولا عن أمها؟!

 

وما دمنا نتحدَّث عن مريم وإهمال الأناجيل والكتابات النصرانية المبكِّرة لمعظم أخبارها أرى من المستحسَن أن أسوق هنا ما قاله المرحوم جلال كشك في كتابه: "خواطر مسلم في المسألة الجنسية"، من "أن أية مقارنة بين الإنجيل وأعمال الرسل وتُراث الكنيسة في القرون الأولى وبين القرآن حول مريم تؤكد أنه لا وجود "لمريم" في الفكر المسيحي الأول، أو أنها (كما تقول المؤرِّخة راي تناهيل): ظلت إلى القرن الثالث عشر: "مجرد قديسة عادية"، أما في الإسلام فقد أُعلِنت منذ القرن السابع "سيدة نساء العالمين"، فهي التي اصطفاها الله على نساء العالمين، هي "البتول" التي أحصَنت فرجها، ليس لها في الأناجيل الأربعة سِفر، ولها في القرآن سورة كاملة، وجاء اسمها في القرآن 34 مرة، وفي 14 سورة، وذكر"عيسى" في القرآن 25 مرة، منها 15 منسوبًا إلى أمه: "عيسى ابن مريم"، وورَد لقب المسيح في القرآن 11 مرة، منها ثماني مرات: "المسيح ابن مريم"، ولم يرِد ذلك ولا مرة في الأناجيل، ولكيلا يقال: إن ذلك طبيعي لحرص الأناجيل على تأكيد أنه ابن الله، نقول: إنه حتى عندما أراد كتَّاب الأناجيل إثبات نَسَب المسيح الآدمي لتأكيد أنه "ابن داود" نَسَبوه ليوسف النجار وليس لمريم!" (محمد جلال كشك/ خواطر مسلم في المسألة الجنسية: الطبعة الثالثة/ مكتبة التراث الإسلامي/ القاهرة/ رجب 1412هـ - يناير 1992م/ 50).

 

أما إشارة زيكو اللعين في آخر كلامه إلى مولد العذراء وطفولية المخلِّص وإنجيل الطفولية فستكون نقطة انطلاقنا نحو مناقشة ما ورد في الموقع الإنجليزي؛ إذ ذكرتْ بعض الأناجيل غير المشهورة أن والد مريم هو يواقيم، ولكنَّ للحكاية أصلاً لا بدَّ أن أحكيه للقراء؛ إذ كنت قد رجعت منذ عدة سنوات إلى معجم أوكسفورد لأسماء الأشخاص بحثًا عن شيء يُضيء لي الطريق فيما يتعلَّق باسم "يواقيم"، الذي يقول النصارى: إنه أبو مريم، فوجدته يذكر أن عندهم رواية بأن مريم هي ابنة يواقيم، لكنه أضاف أن هذه الرواية لا تحظى بثقتهم (Elizabeth Gidley withy Combe, The oxford dictionary of English Christian names, 1948, p.78)، ثم قرأت في مراجع أخرى أن الرواية المقصودة هنا هي ما تقوله بعض الأناجيل التي لا تعتمِدها الكنيسة، وقد اطَّلعت على الرواية فعلاً في "إنجيل يعقوب: The Gospel of James", "وإنجيل ميلاد مريم" "The Gospel of the Nativity of mary"، وكذلك "إنجيل متى المزيَّف (هكذا يسمُّونه رغم أنه لا يفترِق عن إنجيل متى الذي يعترفون به في أن كليهما تأليف بشري لا يخضع للضبط العلمي: The Gospel of psewdo - Matthew"، وهي كلها أناجيل لا تعترِف بها الكنيسة، ومن ثم لا يحقُّ لها أن تُحاجَّ المسلمين بها؛ إذ لا يعقل أن آتي بشاهد فأحتجَّ بشهادته إثباتًا لحق أدَّعيه، على حين أني أُعلِن في كل مناسبة أنه شاهِد زور، وأني أنا نفسي لا أثِق في شهادته طرفة عين، ألا إن هذا لقِمَّة التناقض! إنهم بهذه الطريقة "يُحِلُّونه عامًا، ويُحرِّمونه عامًا" كما قال القرآن الكريم عن المشركين بسبب خضوعهم القبيح للأهواء وتلاعُبهم الأرعن بالأنظمة التشريعية! أليس هذا بالضبط هو ما يفعله هؤلاء المبشِّرون البُعداء؟ ثم إنهم مِن بجاحتهم ونجاستهم يُخطِّئون القرآن الكريم رُغم ذلك كله؛ لأنه يُسمِّي أبا مريم اسمًا آخر لم تذكُره هذه الأناجيل!

 

ونصل للموقع الإنجليزي، فماذا يقول؟ إنه يردِّد ما يقوله موقع "الكلمة" كحذوك النعل بالنعل (فالحكاية كلها نِعال في نعال لا أدمغة وعقول!)، وهذا نص كلامه: "إن القرآن يخلِط بين مريم أم المسيح ومريم بنت عمران، أخت موسى وهارون التي كانت قبل نحو 1400 عام"، ثم بعد أن يورِد الآيات التي يزعُم أنها تخلِط هذا الخلط، وهي آيتا "آل عمران" اللتان مرتا علينا من قبل، وقوله تعالى في الآية 12 من سورة "التحريم": "ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها" وقد سبَق أن بيَّنا للذين يفهمون، ولهم عقول في رؤوسهم لا نعال وقباقيب، أنه لا يوجد شيء من ذلك في هذه الآيات أو غيرها، وأن الذي يقول بغير ذلك هو كذاب أفَّاك أشِر، والآن نخطو خطوة أخرى فنقول: إنه من غير الممكن أن يخلِط القرآن بين المَرْيَمَيْنِ حتى لو قلنا مع الخرَّاصين الأفَّاكين: إن الرسول هو مؤلِّف هذا القرآن، لماذا؟ لأن القرآن يفرِّق بين موسى وعيسى تَفرِقة واضحة في العصر والظرف والرسالة؛ بحيث لا يمكن الزعم بأنه كان يخلِط بينهما كما يتضح من النصوص التالية:

﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا * وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 153 - 158]، فالإشارة إلى قتْل اليهود للأنبياء بعد نقْضهم الميثاق الذي أخذه الله عليهم في حياة موسى يدلُّ دَلالة لا تقبل الشك على أنه قد مرَّ زمن طويل بين موسى وعيسى بما لا يمكن أن يكون هذا ابن أخت ذاك، هو ما تجده أكثر تفصيلاً في الآية 70 من سورة "المائدة": ﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ﴾ [المائدة: 70]، فهناك - حسبما تقول الآية - رُسُل قد تتابَعوا بعد موسى، وقابلهم بنو إسرائيل تارة بالتكذيب، وتارة بالتقتيل، مما يحتاج وقوعه إلى أزمان طويلة، وممن جاء بعد موسى من الأنبياء على وجه التحديد سليمان، الذي ذكَر القرآنُ أن الشياطين قد افترَوا عليه الأكاذيب حسبما جاء في الآية 102 من سورة "البقرة"، وهناك أيضًا أبوه داود، الذي لُعِن الكفار من بني إسرائيل على يديه، أو بالحريِّ: على لسانه، قبل أن يلَعنهم عيسى بدوره، وهناك عُزير، الذي زعَمت اليهود أنه ابن الله كما تقول الآية 30 من سورة "التوبة"، ولا ننسَ أن القرآن قد دان اليهود بأنهم حرَّفوا الكَلِم عن مواضعه ونسوا حظًّا آخر مما أتاهم به موسى - عليه السلام - مما أشارت إليه الآية 13 من سورة "المائدة"، وهذا كله يستدعي مرور الزمان الطويل؛ إذ لا يُعقل أن يتمَّ ذلك في نفس الجيل الذي جاءهم فيه موسى بالتوراة، وبالمِثل لا يمكنُ أن ينزِّلَ اللهُ كتابًا آخر على عيسى - عليه السلام - ولم يكن قد جفَّ الحبر الذي كُتبت به التوراة بعد.

 

كذلك فسورة "آل عمران" تتحدَّث عن زكريا أبي يحيى بوصفه كافل مريم، وأين زكريا ويحيى من موسى وهارون؟ كذلك أين في مصر المحراب الذي كان تعبُد اللهَ فيه مريمُ - عليها السلام - على راحتها دون أن يُزعجها أحد، على حين أن بني إسرائيل آنذاك كانوا مضطهدين ومستعبَدين ولا يستطيعون أن يمارِسوا دينهم؟ وهذا إن كانت لهم مَحاريب أصلاً في ذلك الوقت! فالمعروف أنه حتى بعد أن جاء موسى إلى قومه برسالة السماء وأنجاهم الله على يديه من بطش فرعون، وخرجوا إلى سيناء ظلُّوا لا يعرفون المعابد ولا المحاريب؛ إذ ضاعوا في الصحراء أربعين سنة لا يعرفون الاستقرار في القرى والمدن حيث تُقام المعابد وتوجد المحاريب، ثم هل يُعقل أن يخلِط القرآن بين المريَمَينِ ثم لا يربِط بين الخالين (موسى وهارون) وابن الأخت (عيسى) ربطًا أسريًّا ولو مرة واحدة يتيمة أثناء حديثه عنهم، وما أكثر ما تحدَّث عنهم، مثلما ربَط بين أمه - عليها السلام - وبين زكريا ويحيى؟ بل كيف تكون مريم وحيدة أبويها على حسَب ما هو واضح من القصة القرآنية، على حين أنهما رُزِقا من الأولاد اثنين آخرين هما موسى وهارون، وأصبحا بعد ذلك نبيين؟ بل كيف يسكت القرآن عن ذلك فلا يشير إليه ولا يربط بين مريم وأخويها هذين بأي حال؟ ذلك أن أخت موسى وهارون، التي يزعُم الأفَّاكون أن القرآن يخلِط بينها وبين مريم أم عيسى، لم يأتِ ذكرها في القرآن إلا في سياق مراقبتها من بعيد لموسى بعد أن وضعتْه أمُّهُ في التابوت ثم قذفتْه في النهر، ولم يورِد القرآن اسمها في الحالتين [طه/ 40، والقصص/ 11 - 12]، أمن الممكن أن يُسمِّيها القرآنُ حين لا يربِط بينها وبين موسى، ويضرِب صفحًا عن اسمها حين يربِط بينهما ذاكرًا بصريح القول أنها أخته؟ ثم أكان القرآن يسكت فلا يشير إلى موقف الأخوين من معاناتها بسبب الحمل والولادة غير الطبيعية وتعرُّضها للاتهام في شرفها وسخرية قومها منها في قولهم: ﴿ مَاكَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾؟ أهذه مسألة تحتمل أن يَغيب عنها موسى وهارون؟ من الواضح أن "مريمنا" هذه لم يكن لها أخ ولا أخت ولا أب ولا أم؛ لأنها كانت وحيدة أبويها اللذين كانا قد ماتا، فلم يبقَ لها أحد! كذلك كيف يسكت القرآن فلا يشير إلى موقفها من الأحداث الرهيبة التي وقعت لأخويها في مصر وعند انفلاق البحر وفي التيه؟ بل أين كان عيسى عند ذاك فلم يَبرُز لنصْرة خالَيْهِ في مواجهة فرعون أو ضد شعب بني إسرائيل عليهما في الصحراء؟ إذًا فافتراض خلْط القرآن بين المريمين مستحيل، لكن الدور والباقي على الكتاب المقدس، الذي يجعل الابن أكبر من أبيه بعامين، والذي يورد لعيسى سلسلتي نَسب متعارضتين تَعارضًا بشعًا بحيث يستحيل التوفيق بينهما ولو بالطبل البلدي، والذي يَنسب إلى الأنبياء وأولادهم الزنا بالمحارم، والذي يدعي على نوح شرب الخمر حتى يسكَرَ ويفقِد عقله على النحو الفاحش الذي رأيناه، والذي يجعل من داود زانيًا وقاتلاً (وزانيًا بمن؟ بأم سليمان - عليه السلام! ويجعل من هارون صانعًا للعِجْل كي يعبده بنو إسرائيل، ثم يقول عنه فوق ذلك: إنه كان نبيًّا لموسى، وإن موسى كان إلهًا له، والذي يتهم خليل الله بالدياثة على زوجته لقاء قطيع من المواشي (يا لها من صفقة كريمة تليق بأبي الأنبياء! والذي يقول: إن مدينة "القيروان" كانت موجودة في عصر المسيح، ناسبًا إليها "سمعان القيرواني"، على حين أنها لم تُبْنَ إلا في الإسلام بعد ذلك بقرون (بالضبط في سنة 762م) على يد عقبة بن نافع - رضي الله عنه! تُرى أيكفي هذا أم أستمرُّ؟

 

أما كلام صاحب الرد الإنجليزي (على قول عبدالله يوسف علي في ترجمته للقرآن: إن "أخت هارون" هنا إنما تعني أنها من سلالة هارون الذين كانوا يتولَّون الكهانة في بني إسرائيل) بأن القرآن لو كان يريد بـ: "يا أخت هارون" الإشارة إلى أن مريم تنتمي إلى أسرة يهودية كهنوتية لا أنها هي أخته فعلاً لكان ينبغي أن يقول: "يا بنت هارون" بدلاً من "يا أخت هارون"، فالرد عليه سهل جدًّا كما قلنا قبلاً؛ فالقرآن ليس هو الذي سمَّاها كذلك، بل هو مجرد حاكٍ لما قاله اليهود لمريم حين أتتهم بصبي أنجبتْه دون زواج، فإذا كان هناك اعتراض فليوجَّه إلى قومها الذين قالوا لها هذا؛ إذ القرآن مجرد حاكٍ لكلامهم، ولو كان القرآن قد أسنَد إلى قومها ما لم يقولوه لما سكت اليهود ولا النصارى العرب على الرسول، ولكانت هذه فرصة للدخول معه في جدال يُحرِجه ويفضحه هو والقرآن جميعًا، فلماذا لم يفعلوا يا ترى، وهم الحريصون على هزيمته بكل سبيل، ولم يكونوا يتورَّعون ولا طرفة عين عن التوسل بالألاعيب والأباطيل في حربهم ضده؟

 

وبالنسبة لتسميتها "مريم ابنة عمران" يردُّ صاحب التَّخطئة أيضًا على عبدالله يوسف علي قائلاً: لو كان القرآن يريد بذلك أنها تنتمي من بعيد إلى عمران أبي موسى فلتأتِ لي بمثال آخر من القرآن ينسب الشخص إلى جده البعيد لتعضيد تفسيرك هذا حتى أقتنِع، ولأن عبدالله يوسف علي قد مات فليَسمح لي السيد المُخطِّئ بأن أسوق إليه هذه الشواهد القرآنية، مع معرفتي من الآن أنه لن يقتنِع ولو على جثَّته، اللهم إلا إذا أراد الله به خيرًا: فقد جاء في كلام أبناء يعقوب في ردِّهم على أبيهم وهو على فراش الموت: ﴿ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [البقرة: 133]، فجعلوا كلاًّ من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق أبًا ليعقوب، رغم أنه لم يكن له بطبيعة الحال إلا أب واحد هو إسحاق، أما إبراهيم فهو جده، وأما إسماعيل فهو عمه، أم لكم رأي آخر؟ ذلك أن الإنسان لا يمكن أن يكون له إلا أب واحد وأم واحدة على رأي أهل الفُكاهة من المصريين الذين يقول لك الواحد منهم للتدليل على أنه مسكين: إنه ليس له إلا أب واحد وأم واحدة، وكأن الآخرين عندهم أكثر من أب وأكثر من أم! وبالمثل نسمع يعقوب يقول ليوسف - عليهما السلام -: ﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [يوسف: 6]، ولست في حاجة إلى القول بأن إبراهيم وإسحاق لم يكونا أبوين ليوسف، بل الجد البعيد والجد المباشر على الترتيب، وفي الآية 38 من سورة "يوسف" أيضًا يعلِن هذا النبي الكريم وهو في السجن عن عقيدته قائلاً: ﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ [يوسف: 38]، بل إن الأمر في هذه الآيات أعقَدُ؛ إذ يستحيل - كما قلنا - أن يكون هناك أكثر من أب لشخص واحد، لكنها اللغة! كذلك فالقرآن الكريم يقول عن آدم وحواء: إنهما أبوان للبشر أجمعين، والبشر من الناحية الأخرى هم "بنو آدم"، مع أن آدم وحواء لم يكونا أبوين إلا لقابيل وهابيل ومَن يمكن أن يكونا قد أنجباه من الأبناء سواهما، نحن الآن مثلاً بيننا وبين هذين الأبوين لا يَدري إلا الله كم من الدهور والأحقاب، ورغم هذا فنحن "أبناء آدم وحواء"، وهما "أبوانا"! وفي الآية 78 من سورة "الحج" يخاطب الله - سبحانه - المسلمين واصفًا إبراهيم - عليه السلام - بـ: "أبيكم إبراهيم"، وأين إبراهيم في الزمن من المسلمين في عصر النبي ومن بعده إلى يوم القيامة؟ وفي الآية 61 من سورة "آل عمران" يُؤمر الرسول - عليه السلام - بأن يقول لوفد النصارى الذين وفدوا عليه في المدينة: ﴿ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61]، ولم يكن للرسول حينذاك إلا فاطمة - رضي الله عنها - لكن المقصود فاطمة وابناها الحسن والحسين، وهما لم يكونا ابنينِ للرسول بل حفيدين.

 

وأما قوله: إنه إذا كان القرآن يريد أن مريم تَنتسِب إلى هارون انتسابًا روحيًّا لا جسديًّا لقال: "يا ابنة هارون"؛ لأنه لا يُعقَل أن يُنسَب شخص إلى شخص لا مُعاصرة بينهما بنسب الأخوة، فرغم أني قد أجبتُ بأن الذي قال هذا ليس القرآن، بل قوم مريم، وأن القرآن هو مجرد حاكٍ لما قالوه، فإني أسوق إليه الآية 38 من سورة "الأعراف" التي تتحدَّث عن تتابع الأمم الكافرة على النار واحدة بعد واحدة: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف: 38]، فقد جعلت الآية النسب بين هذه الأمم التي لم تكن متعاصِرة هو نسب الأخوة لا البنوة، فما رأيه في هذا؟ وما رأيه في قول الرسول - عليه السلام - يصِف العلاقة التي تربِط بين الأنبياء جميعًا: "الأنبياء أولاد علات"؛ أي إخوةٌ، أبوهم واحد، وأمهاتهم شتى؟ ومعروف أن الأنبياء تفصِل بينهم أمداءٌ متناوحةٌ على صفحات التاريخ، وهناك أيضًا هذا الحديث الذي يُخاطب فيه موسى وهارون محمدًا - عليه السلام - حين التقَوا ثلاثتهم في السماء ليلة المعراج بقولهما: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح"، فسمَّياه "أخًا" رغم المدى الزمني الطويل الذي يفصل بينهما وبينه.

 

وهناك نقطة أثارَها كاتب التَّخطئة الذي نناقِش كلامه هنا، وهي أن التفسيرات المتضارِبة التي يقدِّمُها علماء المسلمين حول تسمية القرآن لمريم: "ابنة عمران" هي دليل على أن ثمة مشكلة لا يتوفَّر لها حلٌّ مقنِع، وأنا معه في أن المفسِّرين المسلمين قد يُقدِّمون تفسيرات متناقِضة أو مختلفة لهذه المسألة، بيد أن هذا لا يعني أن القرآن مخطئ، لقد رأينا أن النصارى ليس لديهم رواية موثوقة بأن اسم أبي مريم هو يواقيم، بل كل ما هنالك أن هذا الاسم قد ورد في بعض الأناجيل التي يؤكدون أنها أناجيل مزيَّفة، إذًا فهم من الناحية التاريخية لا يستطيعون أن يُثبِتوا أن القرآن قد أخطأ في القول بأن أباها هو عمران، بل حتى لو افترضنا أن رواية الأناجيل المذكورة هي رواية صحيحة فإن هذا لا يعني بالضرورة أن رواية القرآن خطأ؛ إذ من الممكن جدًّا جدًّا أن يكون للرجل أكثر من اسم: وأستطيع أن أذكُر الآن عددًا من أقاربي وأبناء جيراننا في القرية ممن يحمل الواحد منهم أكثر من اسم، كالشوادفي العداوي الذي كان يسمَّى أيضًا: "إبراهيم الصاوي"، ومحمد العزلة ابن خالي الذي لا أُناديه أنا وكثير ممن يعرفونه عن قرب إلا بـ: "رمضان"، وإحدى قريباتي التي لا يُناديها أهلها إلا بـ: "عبلة"، على حين لا يناديها زوجها وأولادها وزملاؤها وزميلاتها في الكلية وجيرانها في بيت زوجها إلا بـ: " فاطمة"... وهلم جرًّا، وفي الكتاب المقدس أشخاص يجمعون بين اسمين وأكثر، مثل إبرام وإفرانيم وإبراهيم، وحمي موسى الذي يسمَّى في ذات الوقت: "يثرون" و"رعوئيل (بن يثرون)"؛ (خروج: 3/ 1، و 4/ 18)، فضلاً عن اسم ثالث سمَّاه به التلمود هو "حوباب" حسبما ذكَر أبو الأعلى المودودي في تفسيره للقرآن الكريم (S.A.A.Maududi, The Meaning of the Quran, Lahore, 1978, Vol, IX,P.87)، وطبعًا لا بدَّ أن يكونَ القارئ قد لاحَظ التخبُّط في النظر إلى حمي موسى على أنه هو هو، وأنه هو ابنه في نفس الوقت؛ إذ هو مرة: "يثرون"، ومرة: "ابن يثرون"! وهناك يعقوب وإسرائيل، وهناك يسوع المسيح وعمانوئيل... إلخ، عندنا أبو بكر والصِّدِّيق وعتيق، وكذلك عمر والفاروق، وأبو جهل وعمرو، وأبو لهب وعبدالعزى، وقبل هؤلاء جميعًا رسولنا الكريم، الذي له من الأسماء محمد وأحمد والمصطفى، إلى جانب طه وياسين في الأوساط الشعبية، وكما يرى القارئ قد تكون بعض الأسماء في الأصل ألقابًا أو كُنى اشتهر بها أصحابها حتى ظُنَّ أنها أسماؤهم الرسمية.

 

كذلك كثيرًا ما يُقابِلنا في الكتاب المقدس عدة أشخاص يتسمَّون بنفس الاسم رغم تباعُد الديار والأزمنة، ولن نذهب في ذلك بعيدًا؛ فـ: "يواقيم" مثلاً يُطلَق في ذلك الكتاب على ستة أشخاص طِبقًا لما ذكرتْه "The International Standard Bible Encyclopedia"، ومنهم يواقيم بن يشوع، الذي يُسمَّى خطأ بـ: "يواقيم بن زربابل" كما تقول هذه الموسوعة ذاتها، فما وجه الغرابة إذًا في أن يكون هناك عمرانان: عمران أبو موسى وهارون، وعمران أبو مريم؟ وسواء بعد ذلك أكان اسم هذا الأخير هو "عمران" فقط أو كان له اسم آخر هو "يواقيم"، وبالمناسبة فعمران أبو موسى الذي يرفض إخواننا السذَّج أن يكون هناك عمران غيره، هذا العمران قد ورد ذكْره في الكتاب المقدس - عندهم لا عندنا - على أنه ابن قهات بن لاوي، بيد أن كاتِبي مادة عمران في "The Intemational Standard Bible Encyclopedia" و"دائرة المعارف الكتابية" يشكَّان في هذا كثيرًا قائلين: إنه لا يمكن أن يكون ابنًا مباشرة لقهات، بل أغلَب الظن أنه من نسله فقط؛ لأن المسافة الزمنية التي تفصِل بين الاثنين، والتي تمتدُّ لعدة أجيال، لا تسمح بأن يكونا أبًا وابنًا بالمعنى الحرفي، وهذا ما جاء في "دائرة المعارف الكتابية" نصًّا، ويكاد أن يكون ترجمة حرفيَّة لما ورد في "The International Standard Bible Encyclopedia"، وإن زاد عليه أن يوكابد زوجة عمران لا يمكن أن تكون ابنة لاوي حرفيًّا، بل من نسله فحسب:

"عمرام بن قهات بن لاوي، وأبو هرون وموسى ومريم؛ (خر 6: 18، عد 3: 19، 26: 59، 1أخ 6: 3، 23: 13)، واسم امرأته يوكابد بنت لاوي؛ (حر 6: 20، عد 26: 59)، وليس من السهل الجزم بأنه كان ابنًا مباشرًا لقهات، بل لعله كان من نسل قهات؛ حيث إن هناك عشرة أجيال بين يوسف ويشوع؛ (1 أخ 7: 20 - 27)، بينما لا تذكُر سوى أربعة أجيال بين لاوي وموسى في نفس المدة تقريبًا، كما أن عدد القهاتيين في زمن الخروج كان 8: 600؛ (عدد 3: 28)، وهو أمر مستبعَد، إن لم يكن مستحيلاً، أن يحدُث في خلال أربعة أجيال، ولذلك فالأرجح أن عمران لم يكن ابنًا مباشرًا لقهات، بل كان من نسله، وكذلك كانت يوكابد ابنة للاوي بنفس هذا المعنى".

 

وبالمناسبة فكلمة "عِمْران" لا تعني "الشعب تعالى أو تَعظَّم" فقط كما نقرأ في هذه المادة، بل لها معانٍ أخرى حسبما ورد في موقع "Behind the Name" هي: "their sheaves, handfuls of corn, their slime". وهكذا يتَّضِح لكل ذي عينين وبصيرة أن مسألة "عمران" هي مسألة يُحيط بها الشك من كل جانب، فكيف تواتي القوم هذه الجُرأة المتناهية في الاندفاع إلى تَخطئة القرآن؟

 

والآن ما رأي الذين يملؤون الدنيا صياحًا ونواحًا؛ لأن القرآن قال: "مريم ابنة عمران"؟ أي إنه حتى لو ثبَت أن "عمران" هنا هو عمران أبو موسى وهارون فلن تكون هناك أية مشكلة طبقًا لتقاليدكم في التسميات وما ورد في كتابكم نفسه في هذا المجال، ومنه "يوسف (النجار) بن داود" (متى)، و"يسوع بن داود"؛ (متى: 1/16 - 20)، و"ابنة إبراهيم (حسبما نادى المسيح - عليه السلام - المرأة المنحنية الظهر التي قابلته في الطريق)"؛ (لوقا: 13/16)، علاوة على "ابن الله" التي أُطلِقت في الكتاب المقدس - عندهم - على عدة أشخاص مثل "آدم"، وقد مرَّ من قبل و"إفرائيم"؛ (إرميا: 31/9)، و"إسرائيل"؛ (خروج: 24/ 22 - 32)، و"داود"؛ (مزامير: 89/ 26 - 27).

 

إذًا فمن الناحية التاريخية المحضة (في حدود علمي) لا يوجد بين أيدينا دليل على أن أبا مريم كان يُدعى: "يواقيم" أو "عمران" أو أي اسم آخر، ومن ثَمَّ كان من التنطُّع المسارعة بتخطئة القرآن، أقول: إن هذا هو الموقف من الناحية التاريخية المحضة، بيد أن هذا الموقف لا يقِفُهُ إلا من يتناول المسألة تناولاً باردًا كأنه آلة من الآلات التي لا تستطيع أن تفكِّرَ من تلقاء نفسها، وليس عنده طريق آخر يَسلكه، وفي حالتي أنا وأمثالي ممن يؤمنون بصدْق القرآن وعصمته، لا بناءً على إيمان موروث بل استنادًا إلى بحث استغرَق سنوات وسنواتٍ سعيتُ فيها حثيثًا وراء معرفة مصدره، وتحليل مضمونه وجوِّه الروحي، والمقارنة بين لغته ولغة الحديث النبوي، وكذلك المقارنة بينه وبين الكتاب المقدس في الموضوعات المشترَكة بينهما لمعرفة أيهما المصيب وأيهما المخطئ في حالة وجود اختلاف لا يمكن التوفيق بينهما فيه، والنظر في كل اتِّهام أو تشنيع وُجِّه إليه من قِبَل من لا يؤمنون به، بل ودراسة "دائرة المعارف الإسلامية" التي وضَعها المستشرقون وبثُّوا فيها كل أفكارهم وآرائهم ونظرياتهم في القرآن والرسول والإسلام بوجه عام، وتأليف كتاب كامل تناولتُ فيه كل ما قالوه في تلك الموسوعة، وتوصَّلتُ إلى أنه كله كلام فارغ لا أساس له... إلخ، وهو ما خرجتُ منه بأن القرآن هو كلام الله، وأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- هو رسول من عنده - سبحانه وتعالى - فهو لم يكن كاذبًا مدَّعيًا ولا واهمًا مخدوعًا ولا مصابًا بأي مرض نفسي مما يتَّهِمه به الأفَّاكون المضلِّلون، وقد سجَّلتُ كل ذلك في عدد من كتبي ودراساتي ليطَّلع عليه القُراء ويشارِكوني رحلتي في هذا البحث.

 

• وعلى هذا فإني موقِن بأن ما قاله القرآن الكريم من أن "مريم" هي ابنة "عمران" هو حقٌّ لا يمكن التشكيك فيه، وهذا ما انتهى إليه فكري وعقلي وسعيي الحثيث الدؤوب بعد أن لَم آلُ جهدًا في هذا السبيل، ثم يوم القيامة نَمثُل كلنا أمام الديان ليُحاسِبنا على مدى اجتهادنا وإخلاصنا، وأملنا في كرمه ورحمته واسعٌ كبير يُكافئ عظمتَهُ وبرَّه ومقدرته، والله من رواء القصد، وهو الهادي إلى سواء الصراط!

 

وبعد، فقد كان هذا تحليلاً علميًّا متأنيًا لإحدى الدعاوى التي يطنطِن المبشِّرون ويَجلِبون بها على العامة وأشباههم، يحاولون أن يوهِموهم أن في القرآن أخطاء، ومن ثم فلا هو معصوم ولا هو من عند الله، ولا شك أن القارئ الكريم قد تبيَّن له الآن أن الأمر ليس بالسذاجة التي يظن هؤلاء المتاعيس المناحيس أنها يمكن أن تُغني عن العلم الصحيح، ولاحظ كيف أن التنقيب والتفتيش قد انتهيا بنا إلى أن كل ما قالوه وأجلَبوا به لا يَزيد على أن يكون رصاصة من ذلك الرصاص "الفِشِنْك" الذي يخُضُّون به الأطفال، وهذه كل بضاعتهم التي لا يستطيعون أن يِجدوا غيرها، مستغلِّين المآسي الاقتصادية التي تمرُّ ببعض البلاد الإسلامية فيتَّخِذها هؤلاء الشياطين فرصة لبثِّ سمومهم والضحك على العامة وأشباههم بمِثل تلك المزاعم التي لا يستيطع العوام أن يعرفوا وجه الحق فيها، وهدفهم من وراء ذلك هو تشكيك عوام المسلمين على الأقل إن لم يستطيعوا أن يَخْتِلوهم عن دينهم! وقد أرسَل إليَّ مشكورًا الصديق المغربي الأستاذ حسن السرات - الذي عرَفته بالمصادفة عن طريق المشباك منذ أسابيع - مقالاً بالفرنسية عن التنصير في الجزائر، لافتًا نظري إلى الأخطار التي تهدِّد هذا البلد العربي المسلم من جرَّاء ذلك، وقد قرأت المقال فور وصوله، فوجدت أن ما يحدُث في الجزائر هو هو نفسه ما يحدث في المغرب مما تناوَله مقال آخر بالفرنسية كان قد بعث به إليَّ أيضًا الأستاذ السرّات من قبل، وقمتُ بترجمته ونشرتُه في بعض المواقع المشباكية: فالدجل التبشيري هنا هو الدجل التبشيري هناك، والمزاعم المضحكة عن صلاح أخلاق المسلم بعد تنصُّره هنا هي نفسها هناك، وتحويل بعض المنازل في السر إلى كنائس هنا هو نفسه هناك، واستغلال الجهل والفقر هنا هو نفسه هناك، والغاية التي يتَغيَّاها المبشرون هنا هي نفسها هناك، ألا وهي تحويل المغرب العربي إلى النصرانية مرة أخرى بعد أن أنعَم الله على شعوبه بنعمة التوحيد الطاهر الكريم، والأمر الآن إلى الشعوب العربية المسلمة حكامًا ومحكومين: فهل ترضى تلك الشعوب بهذا الذي يجري، وتترك هؤلاء اللصوص يسرِقون عقائد عوامها وفقرائها في الظلام مستغلِّين فقرهم وجهْلهم، أم هل تنظُر في هذا الخطر الماحق فتضع له الخطط التي تكفُل وقْفه والقضاء عليه قبل أن يستفحِل ويتحوَّل إلى سرطان يلتهم عقيدة الأمة ورُوحها وضميرها؟





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • براءة محمد والمسيح عليهما السلام
  • الوحي لمحمد والمسيح عليهما السلام
  • آيات محمد وآيات المسيح عليهما السلام
  • موت محمد والمسيح عليهما السلام
  • محمد والمسيح - عليهما السلام - بعد موتهما
  • سلام محمد وسلام المسيح عليهما السلام

مختارات من الشبكة

  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسماء القرآن وأوصافه في القرآن الكريم " جمع ودراسة "(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • ماذا يفيدك مدح تعلم أنه أخطأك؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يضرب الحيوان الأليف إذا أخطأ؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • زوج ابنتي أهاننا وأخطأ بحقنا(استشارة - الاستشارات)
  • أخطأ القاضي!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتب علوم القرآن والتفسير (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ماليزيا: تخصيص محطة إذاعة للقرآن الكريم في شهر رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/12/1446هـ - الساعة: 18:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب