• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تقديم الركبتين على اليدين عند السجود

الطاهر زياني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2014 ميلادي - 16/5/1435 هجري

الزيارات: 35167

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقديم الركبتين على اليدين عند السجود

 

بسم الله وبعد:

فهذا ما يسر الله لي جمعه في مسألة الهوي إلى السجود، هلْ يُبدأ باليدين أو بالركبتين؟ وقد قسمته إلى ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: أحاديث الخرور بالركبتين:

الدليل الأول: حديث وائل رضي الله عنه: له عنه ثلاثة طرق:

الطريق أول:

1. خرجه أبو داود"839" من طريق محمد بن معمر حدثنا حجاج بن منهال عن همام عن محمد بن جحادة عن عبدالجبار بن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: "فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه قال: فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه".

 

2. قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا"، زاد بعضهم: [فإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه].

 

قال أبو داود: وفي حديث أحدهما وأكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة: " وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه"، وهذا حديث رجاله ثقات، إلا أن الإسنادَ الأول منقطع لأن عبدالجبار لم يسمع من أبيه، وأما الثاني فمعلول بالإرسال أيضًا:

فأما هذا الإسناد الثاني فقد اختلف في صحبة كليب، وهل هو من مسنده أو من مسند وائل، وقد رواه همام على الوجهين معا، مما يؤكد قطعا أن له فيه طريقان محفوظان معًا كما سيأتي.

 

وأما الإسناد الأول: فرجاله ثقات وهو معلول بالانقطاع لأن عبدالجبار لم يسمع من أبيه.

 

لكن الغالب أن يكون مأخوذا عن أحد أهل بيته وهم ثقات، وهو معروف بالرواية عنهم: فقد قال عبدالجبار بن وائل بن حجر مثلا: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي فحدثني وائل عبدالجبار بن وائل بن حجر قال كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي فحدثني وائل بن علقمة عن وائل بن حجر..

 

ومرة يقول: حدثني بعض أهل بيتي عن وائل...

 

ثم وجدت ذلك في شاهد صريح وهي أمه أم يحيى وهي صحابية، أو أن زوجات الصحابة من العدول، كما في:

طريق ثان: قال البيهقي في الكبرى (2/143) أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو كريب ثنا محمد بن حجر ثنا سعيد بن عبدالجبار عن عبدالجبار بن وائل عن أمه عن وائل بن حجر قال: " صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سجد وكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه".

 

فيه محمد بن حجر وهو ضعيف، وفيه أيضًا سعيد قال عنه النسائي: ليس بالقوي وقال البخاري: فيه نظر، وذكره ابن حبان في الثقات.

 

وإذ ليس في هذا الإسناد متروك أو متهم فهو يُقبل في الشواهد والمتابعات والحمد لله وهي كثيرة، ولطريق عبدالجبار عن وائل متابعتين أخرتيْن تقويه كما في:

الطريق الثالث: ورد من وجهين:

1. قال الهيثمي في موارد الظمآن: قال ابن حبان (487) أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا الحسن بن علي الخلال حدثنا يزيد بن هارون نا [إسرائيل] عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه"، وهذا حديث صحيح رجاله ثقات إن لم يكن هنالك تصحيف ولا غلط في النسخ في ذكر إسرائيل، وقد ذكر الشيخ الألباني أنه رجع إلى المخطوطة (ق35/1) فوجده إسرائيل، فلئن كان ذلك كذلك فالحديث صحيح لذاته، وإن كان الصواب هو شريك لا إسرائيل فالحديث حسن لذاته، ثم يكون صحيحا لغيره.

 

2. فقد خرجه ابن خزيمة في صحيحه (626) وابن حبان في صحيحه ذكر ما يستحب للمصلي وضع الركبتين على الأرض عند السجود قبل الكفين (1912) وغيرهما من طرق عن يزيد بن هارون قال: أخبرنا [شريك] عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه"، وكذلك حسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي وابن خزيمة وابن حبان، وقال البغوي: هذا حديث حسن، وقال يزيد بن هارون: لم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث"، وشريك في الأصل إمام سنّي صدوق، واختلف السلف في توثيقه، فوثقه جماعة مطلقا وصححوا له، وضعفه آخرون، ومن ضعفه فإنما بسبب اختلاطه، خاصة بعد توليه القضاء، والصواب فيه على أوجه – وقد أفردته بترجمة هذا ملخصها -:

أولا: أن يكون حديثه صحيحا لذاته: وذلك إذا توفر فيه أحد الشروط:

• إذا حدَّث من كتابه وأصوله؛ كما قال ابن رجب في شرح العلل قال يعقوب بن شيبة: "كتبه صحاح وحفظه فيه اضطراب"، وقال محمد بن عمار الموصلي: "كتبه صحاح فمن سمع منه من كتبه فهو صحيح، ولم يسمع منه إلا إسحاق الأزرق".


• إذا عُلم أن أحدًا روى عنه قبل توليته القضاء والاختلاط: وهم المتقدمون خاصة من أهل واسط وغيرهم؛ كما قال ابن حبان، ووجدتُ من ذلك: إسحاق الأزرق ووكيع، وأبو نعيم وعيسى بن يونس وعباد، وابن مهدي والثوري، ويزيد بن هارون.

 

فقد قال ابن حبان: " فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا منه بواسط ليس فيه تخليط مثل يزيد بن هارون"؛ ورواي هذا الحديث هو يزيد فصح الحديث.

 

• أن يحدث عن المشايخ من أهل بلده: كما قال ابن المبارك: شريك أعلم بحديث بلده من الثوري، فذكر هذا لابن معين، فقال: ليس يقاس بسفيان أحد، لكن شريك أروى منه في بعض المشايخ"، وعاصم هذا كوفي والحديث صحيح.

 

• ويُستثنى من ذلك الأعمش فإنه يخطئ عليه؛ كما قال أبو داود.

 

ثانيا: أن يكون حديثا ضعيفا: وذلك إذا:

• عُلم أن الراوي عنه أخذ بعد الاختلاط والقضاء: فقد ولي القضاء بواسط سنة (155) ثم وُلِّي بالكوفة.

وممن روى عنه بعد الاختلاطِ: المتأخرون، كيحيى القطان فإنه قال: " أتيته بالكوفة، فأملى علي، فإذا هو لا يدري ".

• إذا عُلم أن الحديث فيه شذوذ ومخالفة أو أنكره عليه الحفاظ كابن عدي وغيره فإنه قد تتبع ذلك.

 

ثالثا: أن يكون حديثه حسنا ما لم يخالف: وذلك إذا:

• حدّث في غير بلده والله أعلم: وفي هذا يقول ابن أبي حاتم: قلت لأبي زرعة: شريك يحتج بحديثه؟ قال: كان كثير الخطأ، صاحب حديث، وهو يغلط أحيانا، فقال له فضلك الصائغ: أنه حدث بواسط بأحاديث بواطيل، فقال أبو زرعة: لا تقل بواطيل، وقال عبدالرحمن: وسألت أبي عن شريك وأبي الاحوص أيهما أحب إليك؟ قال: شريك وقد كان له أغاليط".

 

• إذا لم يتميز الرواة عنه أقبل الاختلاط أم بعده: وخلاصة القول فيه ههنا ما قال ابن عدي بعد أن ذكر ما أنكر عنه: " وفي بعض ما لم أتكلم على حديثه مما أمليت بعض الإنكار والغالب على حديثه الصحة والاستواء والذي يقع في حديثه من النكرة إنما أتي فيه من سوء حفظه لا أنه يتعمد في الحديث شيئا مما يستحق أن ينسب فيه إلى شيء من الضعف"، وهنا قد روى شريك عن أهل بلده، وروى عنه يزيد قبل الاختلاط فالحديث بذلك صحيح لذاته كما قال ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي والبغوي، ومع ذلك فقد توبع:

 فقد ورد ذلك من طريقيْن آخريْن:
الطريق الرابع: نقلتها عن بعض الإخوة من ملتقى أهل الحديث: حيث ذكر أنه:
خرجه الخوارزمي في مسند الخوارزمي (1/413) من طريق أبي محمد البخاري عن صالح بن أبي رميح عن محمد بن أحمد بن السكن أبي بكر عن هوذة بن خليفة عن أبي حنيفة عن عاصم عن أبيه عن وائل بن حجر بالحديث ، وهي متابعة قوية لشريك، ورجالها ثقات إلا شخصان:
أحدهما: صالح وليس هو ابن رميح الضعيف، والمسمى ب: صالح بن بشير بن وادع، فإن هذا متقدم جدا، وأما الراوي ابن أبي رميح فهو متأخر، في طبقة الدارقطني بعد الثلاثمائة، واسمه صالح بن محمد بن أبي رميح الترمذي، لم أجد له ترجمة، وليس هو بمجهول العين، فقد روى عنه جماعة، ولا هو بمجهول الحال والله أعلم، فقد روى عنه جمع من الحفاظ كإبراهيم بن أحمد المستملي وأحمد بن محمد الوكيعي وأبوسعيد بن رميح النسوي وأبوبكر النسفي ومحمد بن قريش والبَغولَني وأبوإسحاق السوادي.
وفي مثل هؤلاء يقول الذهبي وابن عبد البر وغيرهما بأن الجهالة ترتفع عن الراوي برواية الجلة والثقات عنه، فهو إذا صدوق أو قريب.
والثاني: أبو حنيفة وهو مختلف في توثيقه، وحديثه ممن يُقوى به فصح الحديث.
الطريق الخامس: طريقُ همام السابقة، لكن ليس فيها ذكر لوائل:
رواه همام واختلف عنه، هل رواه سفيان الثقة أم شقيق المجهول أم معًا، والصواب أنه محفوظ عنهما معا والله أعلم كما في:

 

الدليل الثاني: حديث كليب: وقد كان من صغار الصحابة حتى خفي أمره على البعض وعدوه من التابعين:

وحديثه هو الجزء الثاني الذي مضى وأن خرجه أبو داود"839" من طريق محمد بن معمر حدثنا حجاج بن منهال عن همام عن محمد بن جحادة عن عبدالجبار بن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: "فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه قال: فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه".

 

2. قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا"،[فإذا نهض، نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه]، وقد أعل بأنه مرسل، وفيه جهالة شقيق، لكنه قد توبع من طرف سفيان:

1. فقال الطحاوي في معانيه (1/255) وحدثنا ابن أبي داود ثنا أبو عمر الحوضي ثنا همام ثنا [سفيان الثوري] عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر وائلاً"، وهذا حديث صحيح متصل؛ لأن كليبا صحابي أيضًا كما سيأتي.

 

لكن قال الطحاوي: " كذا قال ابن أبي داود من حفظه: سفيان الثوري، وقد غلط، والصواب شقيق وهو أبو ليث".

 

2. ثم قال الطحاوي: كذلك حدثنا يزيد بن سنان من كتابه قال: ثنا حبان بن هلال قال: ثنا همام عن شقيق أبي ليث عن عاصم بن كليب عن أبيه"، قال الطحاوي: " وشقيق أبو ليث هذا فلا يعرف".

 

3. وكذلك خرجه أبو داود في سننه كما مر عن حجاج قال: وقال همام: وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا".

 

4. وخرجه في المراسيل (42) من طريق عفان حدثنا همام عن شقيق أبي ليث حدثني عاصم بن كليب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم"كان إذا سجد وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه"، قال: "وكان إذا نهض في فصل الركعتين، نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه"، والحديث محفوظ عن شقيق وسفيان معًا: وفي قول الطحاوي السابق: " كذا قال ابن أبي داود من حفظه: سفيان الثوري، وقد غلط، والصواب شقيق وهو أبو ليث"، فيه نظر، وليس بصحيح؛ لأن هماما ثقة، وله في الحديث عدة مشايخ بدليل:

ما خرجه أبو داود"839" من طريق محمد بن معمر حدثنا حجاج بن منهال عن همام عن محمد بن جحادة عن عبدالجبار بن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: "فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه قال: فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه".

 

قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا"؛ ولذلك قال ابن الجوزي في التحقيق (1/388): " ورواه همام عن عاصم مرسلاً، وهذا لا يضر؛ لأن الراوي قد يرفع وقد يرسل".

 

5. وأما رواية ابن قانع في الصحابة عن عباس بن الفضل الأزرق نا همام نا شقيق أبو ليث عن عاصم بن شتيم عن أبيه، فهي متصلة كما قال المزي وغيره، لكن شتيما لم يأت له ذكر في الصحابة إلا في هذا الحديث، والصواب أنه تصحيف من شتير، وهو نفسه عاصم بن كليب - ابن شتير - فنُسب إلى جده كما ذكر ابن حجر، والله أعلم.

 

وبهذا صار هذا الحديث رجاله ثقات، ورواية عبدالجبار عن أبيه المنقطعة لها تلكم المتابعات المذكورة.

 

ورواية شقيق تشهد لها رواية سفيان لا تعللها، ثم هو متصل سواء أكان موصولاً إلى وائل كما مر، أو كان عن كليب فقط كما هنا، فهو متصل أيضًا؛ لأن كليبا مختلف في صحبته وقد أثبت له الصحبة ابن عبدالبر وابن قانع، والبغوي وغيرهم كما سيتبين، وقال الحافظ: " ويقال: إن له صحبة، وقال ابن أبي خيثمة والبغوي: قد لحق النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن منده وأبو نعيم وابن عبدالبر في الصحابة"، ثم تعقبهم بما سيأتي.

 

وأما هُم فقد استدلوا على صحبته ب:

1. ما خرجه البيهقي في الشعب (7/234) عن أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي ثنا قطبة بن العلاء بن المنهال الغنوي حدثني أبي قال: قال لي محمد بن سوقة: اذهب بنا إلى رجل له فضل، فانطلقت إلى عاصم بن كليب الجرمي، فكان فيما حدثنا أن قال: حدثني أبي كليب أنه شهد مع أبيه جنازة شهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام أعقل وأفهم، فانتهى بالجنازة إلى القبر ولم يمكن لها، قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سووا لحد هذا"، حتى ظن الناس أنه سنة، فالتفت إليهم، فقال: "أما إن هذا لا ينفع الميت ولا يضره، ولكن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن".

 

توبع الطرسوسي:

2. فخرج الطبراني في الكبير (19/199) من طريق القاسم بن وهب الكوفي، والبغوي في الصحابة عن الصاغاني قالا: ثنا قطبة بن العلاء الغنوي ثنا أبي العلاء بن المنهال.. عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه أنه خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها النبي صلى الله عليه و سلم وأنا غلام أعقل، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: " يحب الله للعامل إذا عمل أن يحسن"، وهذا حديث حسن مقارب، تفرد به قطبة عن أبيه، ورجاله ثقات إلا قطبة، فمختلف فيه، فقال عنه البخاري: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: يخطئ كثيرا، بينما مشاه تلميذه أبو حاتم، وقال: كتبنا عنه، ما بلغنا إلا خير"، ثم قال ابن أبي حاتم: قلت له: إن البخاري أدخله في كتاب الضعفاء؟ قال: ذلك مما تفرد به"، قلت: ما حاله؟ قال: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به"، وذكره ابن قطلوبغا في الثقات، ونقل قوْل ودفاع أبي حاتم عنه، وقال: قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي ما حاله؟ قال: شيخ صدوق، يُكتب حديثه ولا يُحتج به"، وهذا يعني أنه صدوق عنده فقط، لكن لا يُحتج به كدرجة الثقات الضابطين.

 

وأما تضعيف البخاري له، فقد رد عليه أبو حاتم، بينما حمله ابن عدي على التضعيف له في حديث واحد، أنكروه عليه، فقال ابن عدي: "... وهذا الذي ذكره البخاري أن قطبة بن العلاء عن أبيه، إنما هو حديث يرويه عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من التمس محامد الناس بسخط الله عاد حامده له من الناس ذامًّا"، ثم قال ابن عدي: وإنما البخاري أشار إلى هذا وأنكرها عليه ولقطبة عن الثوري وعن غيره أحاديث مقاربة وأرجو أنه لا بأس به".

 

وحديثه هذا عن عائشة صوابه موقوف، فقال عنه أبو حاتم: " روى هذا الحديث ابن المبارك عن هشام بن عروة عن رجل عن عروة عن عائشة قولها"، قال: " وهذا الصحيح".

 

وأبو حاتم هو تلميذه وأعلم الناس به، وأسبرهم لحديثه، وقد أنكر على البخاري تضعيفه إياه، فهو إذا عنده في مرتبة الصدوق.

 

وقال أبو زرعة: يحدث عن سفيان بأحاديث منكرة"، وهذا تليين مقيد في الرواية عن سفيان فقط.

 

وأما والده العلاء ثقة، قال عنه ابن منده وأبو نعيم: " العلاء بن المنهال كوفي يجمع حديثه"، ووثقه ابن حبان وأبو زرعة والعجلي وابن حجر وغيرهم.

 

ثم إن ابن حجر تعقب من جعل كليبا صحابي بما رواه ابن إدريس وغيره عن عاصم بن كيب عن أبيه [عن رجل من الأنصار] قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر: " أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه" فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا...".

 

وقد ذكرت طرقه في مبحث الاجتماع وصنيعة الطعام للميت، وأما حديث الباب فهو حديث آخر منفصل عنه والله أعلم؛ لأن في حديث الباب متابعات وذكرٌ للقصة"... محمد بن سوقة: اذهب بنا إلى رجل له فضل، فانطلقت إلى عاصم بن كليب" وفيه أن كليبًا كان غلامًا صغيرًا، وأما هذا ففيه قصة الطعام وأشياء أخرى كما هو ظاهر.

 

دليل ثالث: حديث أنس رضي الله عنه:

قال الحاكم في المستدرك (1/349) حدثنا العباس بن محمد الدوري ثنا العلاء بن إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر فحاذى بإبهاميه أذنيه ثم ركع حتى استقر كل مفصل منه، وانحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه"، قال أبو حاتم: منكر، ولذلك أعله قوم بتفرد العلاء به وهو مجهول، لكن قال الحاكم: " هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: " على شرطهما ولا أعرف له علة"، فلو كان العلاء مجهولا عندهما لأعلاه به، فدل على أنه ثقة معروف عندهما والله أعلم.

 

ومما يرفع من جهالة عينه ما قاله ابن أبي خيثمة في تاريخه حَدَّثَنَا العَلاء بنُ إِسْمَاعِيْلَ الكوفي أبو الْحَسَن ومنزله بِفَيْد قال: حدثنا حَفْص بن غِيَاث فذكر الحديث السابق.

 

وورد عن حفص بإسناد آخر من حديث عمر وبذلك أعلَّه ابن حجر وغيره، لكن لا يبعد أن يكون لحفص فيه إسنادان، ذاك السابق، وهذا اللاحق:

الدليل الرابع: حديث عمر:

1. خرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/256) حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا عمر بن حفص ثنا أبي ثنا الأعمش حدثني إبراهيم عن أصحاب عبدالله علقمة والأسود قالا: "حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه"، وهو أثر صحيح، وله متابعات أخرى:

2. فقال الطبري في تهذيب الآثار (650) وحدثني أبو السائب سلم بن جنادة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان أصحاب عبدالله إذا ذكروا القنوت - في الفجر- قالوا: حفظنا من عمر رضي الله عنه أنه كان إذا افتتح الصلاة قال: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وإذا ركع كبر ووضع يديه على ركبتيه، وإذا انحطَّ للسجود انحط بالتكبير، فيقع كما يقع البعير، تقع ركبتاه قبل يديه، ويكبر إذا سجد وإذا رفع وإذا نهض، لا نحفظ له أنه يقوم بعد القراءة يدعو".

 

3. وخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (1/236)، وعبدالرزاق"2955) عن الثوري ومعمر عن الأعمش عن إبراهيم أن عمر كان إذا ركع يقع كما يقع البعير ركبتاه قبل يديه ويُكبِّر ويهوي.

 

وقال أبو بكر: حدثنا يعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود أن عمر كان يقع على ركبتيه.

 

الدليل الخامس: أثر ابن مسعود وأصحابه:

1. قال الطحاوي 1529 - حدثنا أبو بكرة ثنا أبو عمر الضرير أنا حماد بن سلمة أن الحجاج بن أرطاة أخبرهم قال: قال إبراهيم النخعي: " حفظ عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن ركبتيه كانتا تقعان إلى الأرض قبل يديه"، أعله بعضهم بتدليس الحجاج، وقد توبع، ورواية إبراهيم عن عبدالله قوية سمعها هو عن غير واحد كما أخبر عن نفسه، وله شواهد تصح بها:

2. خرج عبدالرزاق (2967) عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن عبدالرحمن بن يزيد قال: "كان عبدالله ينهض على صدور قدميه من السجدة الآخرة وفي الركعة الأولى والثالثة".

 

• ورواه عن ابن عيينة عن ابن أبي ليلى قال: سمعت عبدالرحمن بن يزيد يقول: "رمقت عبدالله بن مسعود في الصلاة فرأيته ينهض ولا يجلس" قال: "ينهض على صدور قدميه في الركعة الأولى والثالثة".

 

• وخرج أبو بكر (1/236) عن أبي معاوية عن حجاج عن أبي إسحاق قال: كان أصحاب عبدالله - يعني ابن مسعود - إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم قبل أيديهم".

وهذه الأحاديث السابقة يقوي بعضها بعضا لسلامتها من المعارضة، وبقيت شواهد أخرى لم تخل من معارضة:

 

دليل سادس: حديث أبي هريرة:

قال أبو بكر في المصنف (1/235) نا ابن فضيل عن عبدالله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة يرفعه أنه قال: "إذا سجد أحدكم فليبتدئ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل".

 

وكذلك خرجه الطحاوي (1/255) عن يوسف بن عدي وأسد: ثنا ابن فضيل عن عبدالله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه"، عبدالله ضعيف، وكذلك رواه الداروردي، لكن اختلف عنه:

دليل أو الدليل السابع: قال البيهقي في الكبرى (2/143) أخبرنا أبو عبدالله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ الحسن بن علي بن زياد ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز عن محمد بن عبدالله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل وليضع يديه على ركبتيه"، ثم قال: "كذا قال: على ركبتيه، فإن كان محفوظا كان دليلا على أنه يضع يديه على ركبتيه عند الإهواء إلى السجود"، وهذا يعني تقديم الركبتين على اليدين؛ لأن اليدين على الركبتين تُمسكان بهما.

 

لكن اضطرب فيه الداروردي، فرواه خلف وغيره عن سعيد عن الدراوردي حدثني محمد بن عبدالله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه"، بدل" مع".

 

ولوْ رجحنا ههنا لرجحنا رواية تقديم الركبتين، لوجود متابع خارجي لها وهي متابعة عبدالله المقبري.

 

وأما ركبتا البعير فقد اختلف اللغويون فيها أيضًا أين تقع؟ ولا معنى للخوض في هذا الاختلاف، ولا دخل له في تقديم اليد ولا الركبة، لأن الثابت هو النهي عن بروك كالبعير فقط كما سيأتي، من غير تلك الزيادة، وقد اختلف السلف في تفسير ذلك، وسمعت من شيخنا عبدالمحسن العباد أنه ليس المراد من هذا الحديث هو تقديم الركبتين أو اليدين، بل المراد هو ذاك البروك والهوي للسجود بشدة وقوة حتى ربما يُحدث جلبة والله اعلم.

 

دليل أو الدليل الثامن: حديث ابن عمر: رواه نافع واختُلف عنه:

طريق أول: فقال قال أبو بكر (1/236) يعقوب بن إبراهيم عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه"، فيه ابن أبي ليلى، والمزي لم يذكره في شيوخ يعقوب، وفي هذه الطبقة ثلاثة من أهل بيت واحد، يرتبط الحكم على الحديث بتعيين هذا المُهمل منهم:

• أن يكون هو عبدالله بن عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى الثقة، توفي سنة ثلاثين ومائة، روى عن التابعين كجده وابن جبير وعكرمة والشعبي... مات سنة ثلاثين ومئة.

 

• أو هو عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى وقد وثقه ابن معين وابن حبان، وعلى هذين فالحديث صحيح لذاته.

 

والثالث: هو أخوه محمد بن عبدالرحمن وهو فقيه معروف لكنه سيء الحفظ، فلئن كان هو فالحديث حسن لغيره.

وأيًّا كان منهم، فقد خالفه عبد العزيز الداراوردي وقد اضطرب:

طريق ثان: فرواه الداروردي عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك".

 

وقد تكون كلا الروايتين وهْم كما سيتبين:

طريق ثالث: فقد رواه حجام بن سلم عن عنبسة عن بن أبي ليلى عن نافع عن بن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا سجدت فضع كفيك على الأرض فإن الكفين يسجدان كما يسجد الوجه"، ليس المقصود منه التقديم ولا التأخير كما سيأتي.

طريق رابع: ليس فيه الهوي، وإنما فيه كيفية القيام من السجود فقط: رواه عبدالرزاق (2964) عن عبدالله عن نافع عن ابن عمر "أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما". وعبدالله ضعيف، وقد يكون اعتمد على يديه أوَّلاً ثم رفعهما ثم أتْبع ركبتيه، أو يكون اعتمد على يديه وهما فوق ركبتيه ثم قام معتمدًا على رجليه والله أعلم.

طريق خامس: فقد روى عبدالرزاق عن ابن يزيد قال: "كان عبدالله ينهض على صدور قدميه من السجدة الآخرة وفي الركعة الأولى والثالثة"

ثم خرج عبدالرزاق (2968) عن الثوري عن الأعمش عن أبي عطية أن ابن عباس وابن عمر كانا يفعلان ذلك".

 

المطلب الثاني: أدلة من قال يهْوِي باليدين قبل الركبتين:

ففي الباب حديث أبي هريرة وابن عمر، ويظهر أولا بأنهما حديثان، لكنهما حديث واحد يرجع إلى تفرد الداروردي واضطرابه:

حديث أول: أبو هريرة: خرجه جماعة منهم أبو داود (840) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي حدثني محمد بن عبدالله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه"، وفيه علل:

أولاها والثانية: تفرد محمد وقد قال البخاري: " لا يتابع عليه، ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا"، وذلك لأن أبا الزناد معروف من المكثرين، ولا تُعرف له رواية عنه والله أعلم، ولا هو من تلاميذه المشهورين، وأين مالك وأمثاله من الثقات من هذا الحديث، على أن الحمل فيه على الراوي عنه وهو الداروردي، وبه أعله الدارقطني وغيره، وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه".

 

والثالثة: أن الداروردي قد اضطرب كما أسلفنا، وقد رواه ابن نافع عن محمد هذا من غير تلك الزيادة، وكذلك تابعه غيره هو الصحيح:

• فقال عبدالله بن نافع عن محمد بن عبدالله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعمد أحدكم في صلاته، فيبرك كما يبرك الجمل"، خرجه عنه أبو داود (841).

 

• وخرج السرقسطي في الدلائل في غريب الحديث (3/ 991) أو (2/90) (538) عن سعيد بن منصور: حدثنا عبدالله بن وهب حدثنا عمرو بن الحارث أن بكير بن عبدالله بن الأشج حدثه عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لا يبركن أحد بروك البعير الشارد، ولا يفترش ذراعيه افتراش السبع".

 

• ولابن ماجه (1429) عن بن شبل قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وعن فرشة السبع، وأن يوطن الرجل المكان الذي يصلي فيه كما يوطن البعير"، وفسروا كل ذلك بالهوي إلى السجود بقوة وصوت، ولا علاقة للحديث بتقديم الركبة أو اليد ولا بالتأخير، سواء أكانت ركبة البعير في يديه أو في رجليه.

 

والعلة الرابعة: الاختلاف فيه على عبد العزيز الداروردي على أوجه في المتن والإسناد كما سبق، وسيأتي:

وقد رواه الحسن بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز عن محمد بن عبدالله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل وليضع يديه [على] ركبتيه"، وفيه تقديم الركبتين كما مر.

 

ومن الاختلاف أيضًا على عبد العزيز الداروردي ما سيأتي في:

حديث ثان: ابن عمر: فقد رواه محرز بن سلمة العدني وابن وهب وأصبغ بن الفرج قالوا: ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان" يضع يديه قبل ركبتيه قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك"، ومن هذا الوجه خرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/318)، وهو وهْمٌ من الداروردي ومضطرب معلول بعلل:

الأولى: تفرد الداروردي عن عبيدالله وهو يهم عنه: فقد ذكر الإمام أحمد والنسائي، وأبو داود أن حديث الدراوردي عن عبيدالله بن عمر مناكير"، وهذا منها كما قال الحازمي: هذا حديث يُعَدُّ في مفاريد عبد العزيز عن عبيدالله".

 

والعلة الثانية والثالثة: الإدماج والمخالفة: فقد وَهِم فيه الداروردي وقَلَبَه، واختَلَط عليه مع حديث آخر كما قال البيهقي: فقال البيهقي في المعرفة (3/18): " والمحفوظ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر "أن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما".

 

وقال في الكبرى (2/144): " والمشهور عن عبدالله بن عمر في هذا ما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: " إذا سجد أحدكم فليضع يديه، فإذا رفع فليرفعهما، فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه"، ثم خرجه من طرق أخرى وقال: " والمقصود منه وضع اليدين في السجود لا التقديم فيهما والله تعالى أعلم".

 

قلت: فاختلط هذا الحديث مع حديث أبي هريرة السابق على الداروردي فأدمج أحدهما في الآخر، وبهذا ظهر الوهم والدمج في هذا الحديث، وقد قال البيهقي في الكبرى (2/144): " لا أراه إلا وهما".

 

والعلة الرابعة: أنه مقلوب كما قال ابن القيم في الزاد، والصواب الركبة قبل اليد، ولهذا قال الإمام أحمد: " عامة أحاديث الدراوردي عن عبيدالله أحاديث عبدالله بن عمر مقلوبة"، يوكد ذلك:

 

العلة الخامسة: أنه رواه يعقوب بن إبراهيم عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه".

 

بينما رواه بعضهم عن الداراوردي عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك"، ورواية الداروردي هذه مقلوبة وأكثر وهْما من رواية ابن أبي ليلى:

وقد رواه حجام بن سلم عن عنبسة عن بن أبي ليلى عن نافع عن بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا سجدت فضع كفيك على الأرض فإن الكفين يسجدان كما يسجد الوجه".

 

ورواه مالك في الموطأ (728) عن نافع: أن عبدالله بن عمر كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته"، وليس المقصود منه التقديم ولا التأخير وهو الصحيح وبالله التوفيق.

 

وبهذا ظهر بأن حديثي الخرور باليدين قبل الركبتيْن، ترجع إلى طريق واحد وهو طريق الداروردي وقد اضطرب فيه، وخالفه الثقات عن نافع فرووه بلفظ ليس فيه تقديم ولا تأخير.

 

وفي الباب حديث جامع ناسخ: وهو حديث سعد:

قال ابن خزيمة في صحيحه (1/319) باب ذكر الدليل على أن الأمر بوضع اليدين قبل الركبتين عند السجود منسوخ، وأن وضع الركبتين قبل اليدين ناسخ،... 628 - نا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل حدثني أبي عن أبيه عن سلمة عن مصعب بن سعد عن سعد قال: "كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين"، ورجاله ثقات عند ابن خزيمة كما هو معروف في شرطه، لكن قال الدارقطني: اسماعيل ويحيى متروكان.

 

وقد صحح الحاكم ليحيى فقال (4/650): " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال: " وتَرْكُ حديث يحيى بن سلمة عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه"، ووثقه ابن حبان، إلا أن الجمهور على تضعيف إبراهيم وأبيه وجده، والحديث بذلك غريب ضعيف.

 

وفيه علة أخرى وهي الإدماج، فقد قال البيهقي: "والمشهور عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق"، وهذا حديث رواه الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد قال: ركعت إلى جنب أبي فطبقت، فضرب يدي وقال: "قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا أن نرفع إلى الركب"، ورواه علقمة عن عبدالله قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: "فكبر، فلما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه فركع" قال: فبلغ ذلك سعدا، فقال: صدق أخي كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا، يعني الإمساك بالركب علقمة، عن عبدالله، قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: "فكبر، فلما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه فركع" قال: فبلغ ذلك سعدا، فقال: صدق أخي كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا، يعني الإمساك بالركب". وهو المحفوظ وبالله التوفيق.

 

المطلب الثالث: الآثار عن التابعين: وأكثرهم على الخرور بالركبتين أولا:

1- روى عبدالرزاق (2958) عن التيمي عن كهمس عن عبدالله بن يسار "إذا سجد وضع ركبتيه ثم يديه ثم وجهه، فإذا أراد أن يقوم رفع وجهه، ثم يديه، ثم ركبتيه" قال عبدالرزاق: وما أحسنه من حديث وأعجب به"، وصدق عبدالرزاق، والأثر صحيح.

 

2- وقد خرجه أبو بكر (1/236) حدثنا معتمر عن كهمس عن عبدالله بن مسلم بن يسار عن أبيه "أنه كان إذا سجد يقع ركبتاه، ثم يداه، ثم رأسه".

 

3- وروى عبدالرزاق (2956) عن الثوري عن عاصم عن إبراهيم في الرجل يقع يداه قبل ركبتيه، قال إبراهيم: "أوَيَفعل ذلك إلا المجنون"ـ تابعه ابن فضيل عن مغيرة عن إبراهيم وهو صحيح أيضًا.

 

4- قال أبو بكر حدثنا عباد بن العوام عن خالد قال: "رأيت أبا قلابة إذا سجد بدأ فوضع ركبتيه، وإذا قام اعتمد على يديه" ورأيت الحسن يخر فيبدأ بيديه، ويعتمد إذا قام"، وهو صحيح.

 

5- قال أبو بكر: حدثنا وكيع عن مهدي بن ميمون قال: "رأيت ابن سيرين يضع ركبتيه قبل يديه"، وهو صحيح.

 

6- وخرج أبو بكر حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي إسحاق قال: "كان أصحاب عبدالله إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم قبل أيديهم"، وقد مضى.

 

7- وخرج أبو بكر وعبدالرزاق (2963) عن معمر عن قتادة في الرجل ينهض ليقوم أيديه يرفع قبل أم ركبتيه؟ قال: "ينظر أهون ذلك عليه".

 

وفي الختام يظهر أن أحاديث الهوي بالركبتين أكثر وأقوى وأصح بكثير من الأخرى، كما قال الخطابي وابن القيم وغيرهما، ويؤكدها ما صح من عمل الصحابة كعمر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود وأصحابه وفعل عامة التابعين.

 

وأما المخالف لذلك وهو ابن عمر فلم تصح الرواية عنه لما بينا بالأدلة من وهْم للداروردي واضطرابه في ذلك، وهذه من المسائل الاجتهادية بين الأجر والأجرين، ومن تحير ولم يجد الصواب يفعل هذا أحيانا وذاك أحيانا، حتى يكون بين الأجر والأجرين، على أن أحاديث تقديم الركبتين أصح وأسْلم كما ذكر ابن الجوزي والخطابي وابن القيم...، وأسأل الله أن يأجرني ويوفقني والمسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.  





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل الهوي إلى السجود يكون على اليدين أو الركبتين ؟
  • السجود للسهو قبل السلام
  • هل يكون النزول للسجود باليدين أم الركبتين؟
  • السجود على الأعضاء السبعة
  • ضم القدمين في السجود، وتوجيه أطراف الأصابع إلى القبلة
  • كيفية النهوض من السجود
  • السجود في الثياب في الحر والبرد
  • حديث: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم

مختارات من الشبكة

  • فرنسا: غضب كاثوليكي لتوقف مطعم شهير عن تقديم لحوم الخنزير وتقديم اللحوم الحلال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رفع اليدين عند السجود(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • أحكام سجود السهو (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لذة السجود لله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشك في ترك واجب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • سجود المصلي على حائل بينه وبين الأرض(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • التجافي في السجود من السنة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • من خصائص السجود للرب المعبود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السجود لغير الله بين المسلمين والضالين(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • حديث: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب