• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر
علي محمد سلمان العبيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/2/2014 ميلادي - 15/4/1435 هجري

الزيارات: 12286

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان بالقدر


ومن أصول إيمان أهل السنة والجماعة:

الإيمان بالقدر خيره وشره، وحلوه ومُره، وأنه علمُ الله الكوني وقدرته، وكتابته في اللوح المحفوظ الذي لا يطَّلع عليه أحد، وأمره للقلم بكتابته قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

 

وأما معنى القدر في اللغة، فقد ورد في الصحاح للجوهري:

قدر الشيء: مبلغه، وهو في الأصل مصدر، وقال الله تعالى: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الحج: 74]؛ أي: ما عظَّموا الله حق تعظيمه، والقَدَر والقَدْر أيضًا: ما يُقدِّره الله عز وجل من القضاء، وأنشد الأخفش:

ألا يا لقومي للنوائب والقَدْرِ
وللأمرِ يأتي المرءَ من حيث لا يدري

 

ويقال: ما لي عليه مقدَرَة ومقدِرَة ومقدُرَة؛ أي: قدرة، ومنه قولهم: المقدرة تذهب الحفيظة، ورجل ذو قدرة؛ أي ذو يسار، وقدرت الشيء أقدِره وأقدُره قدرًا، من التقدير، وقدرت عليه الثوب قدرًا فانقدر؛ أي جاء على المقدار، وقدر على عياله قدرًا؛ مثل قتر، وقدر على الإنسان رزقه قدرًا؛ مثل قتر.

 

وفي تاج العروس للزَّبيدي:

القدير والقادر: من صفات الله عز وجل يكونان من القدرة ويكونان من التقدير. قال ابن الأثير: القادر: اسم فاعل من قدر ويقدر؛ والقدير فعيل منه، وهو للمبالغة، والمقتدر مفتعل من اقتدر وهو أبلغ، وفي البصائر للمصنف: القدير: هو الفاعل لما يشاء، على قدر ما تقضى الحكمة، لا زائدًا عليه ولا ناقصًا عنه، ولذلك لا يصح أن يوصف به إلا الله تعالى، والمقتدر يقاربه، إلا أنه قد يوصف به البشر، ويكون معناه المتكلف والمكتسب للقدرة، ولا أحد يوصف بالقدرة من وجه إلا ويصح أن يوصف بالعجر من وجه غير الله تعالى، فهو الذي يُنتَفَى عنه العجز من كل وجه، تعالى شأنه.

 

والقدر: الشرف والعظمة والتزيين وتحسين الصورة.

 

والتقدير: الجعل والصنع، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ﴾ [يونس: 5]؛ أي: جعل له، وكذا قوله تعالى: ﴿ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ﴾ [فصلت: 10]، والتقدير أيضًا: العلم والحكمة، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ [المزمل: 20]؛ أي يعلم، ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ [الحجر: 60]، قال الزجاج: المعنى: علِمنا إنها لمن الغابرين، ومقدار كل شيء: مقياسه؛ كالقدر والتقدير، وقوله: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾، خفيفٌ، ولو ثُقِّل كان صوابًا، وقوله: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، مثقَّل، وقوله: ﴿ فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ [الرعد: 17]، مثقَّل، ولو خُفِّف كان صوابًا.

 

وفي الاصطلاح: فقد عرَّفه شيخ الإسلام، فقال: هو علم الله، وكتابته المطابقة لمشيئته وخلقه.

 

وقد عرَّفه الإمام أحمد رحمه الله، فقال: القدر قدرة الله.

 

وهذا ردٌّ على كل مَن أنكر القدر، فإنه مُنكِر لقدرة الله سبحانه لا محال.

 

وتعريفُه عند أهل السنة:

أنه علم الله السابق بالأشياء قبل وقوعها، وكتابته لذلك في اللوح المحفوظ قبل خلقها وإيجادها، ومشيئته النافذة الشاملة لكل شيء، وخلقه لكل ما قدَّر، أو خلقه لكل شيء، فيشمل العلم والكتابة والمشيئة والخلق لكل شيء.

 

فعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه: قال لابنه عند الموت: يا بني، إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أوَّل ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، قال: يا رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))، يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن مات على غير هذا فليس مني))؛ أخرجه أبو داود.

 

وعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه: قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أوَّلُ ما خلق الله القلم، فقال له: اكتُبْ، فجرى بما هو كائن إلى الأبد))؛ أخرجه أبو داود.

 

وعن عبدالواحد بن سليم قال: قدِمت مكة، فلقيت عطاء بن أبي رباح، فقلت له: يا أبا محمد، إن أناسًا عندنا يقولون في القدر، فقال عطاء: لقيت الوليد بن عبادة بن الصامت قال: حدَّثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فجرى بما هو كائن إلى الأبد))، أخرجه الترمذي؛ وقال: هذا حديث حسن غريب.

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلام، إني أُعلِّمك كلمات: احفَظِ الله يحفَظْك، احفظ الله تجِدْه تُجاهَك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام وجفَّتِ الصحف))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

 

وفي رواية غير الترمذي: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّفْ إلى الله في الرخاء يعرِفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبَك، وما أصابك لم يكن ليخطئَك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا)).

 

قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [النحل: 35 - 37].

 

قال الحافظ ابن كثير:

"يُخبِر تعالى عن اغترار المشركين بما هم فيه من الشرك واعتذارهم، محتجين بالقدر في قولهم: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾؛ أي: من البحائر والسوائب والوصائل وغير ذلك، مما كانوا ابتَدَعوه واخترعوه من تلقاءِ أنفسهم، ما لم يُنَزِّل الله به سلطانًا.

 

ومضمون كلامهم أنه لو كان تعالى كارهًا لِما فعلنا، لأنكره علينا بالعقوبة، ولَمَّا مكَّنا منه، قال الله رادًّا عليهم شبهتهم: ﴿ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾؛ أي: ليس الأمر كما تزعمون أنه لم يعيره عليكم ولم ينكره، بل قد أنكره عليكم أشد الإنكار، ونهاكم عنه آكد النهي، وبعث في كل أمة رسولاً؛ أي: في كل قرن من الناس وطائفة رسولاً، وكلهم يدعو إلى عبادة الله، وينهى عن عبادة ما سواه ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾، فلم يزل تعالى يُرسِل إلى الناس الرُّسل بذلك، منذ حدث الشرك في بني آدم، في قوم نوح الذين أُرسِل إليهم نوح، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي طبقت دعوته الإنس والجن في المشارق والمغارب، وكلهم كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: ﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾ [الزخرف: 45]، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، فكيف يسوغُ لأحدٍ من المشركين بعد هذا أن يقول: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾، فمشيئته تعالى الشرعية منتفية؛ لأنه نهاهم عن ذلك على ألسنة رسلِه، وأما مشيئته الكونية، وهي تمكينُهم من ذلك قدرًا، فلا حجَّة لهم فيها؛ لأنه تعالى خلق النار وأهلها من الشياطين والكفرة، وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك حجَّة بالغة وحكمة قاطعة.

 

ثم إنه تعالى قد أخبر أنه عير عليهم، وأنكر عليهم بالعقوبة في الدنيا بعد إنذار الرسل؛ فلهذا قال: ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [النحل: 36]؛ أي: اسألوا عمَّا كان من أمرِ مَن خالف الرسل وكذَّب الحق كيف ﴿ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ﴾ [محمد: 10]، ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ [الملك: 18].

 

ثم أخبر الله تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم أن حرصه على هدايتهم لا ينفعهم، إذا كان الله قد أراد إضلالهم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [المائدة: 41]، وقال نوح لقومه: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [هود: 34]، وقال في هذه الآية الكريمة: ﴿ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ ﴾ [النحل: 37]، كما قال تعالى: ﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 186]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96، 97].

 

فقوله: (فإن الله)؛ أي: شأنه وأمره، أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن؛ فلهذا قال: (لا يهدي مَن يضل)؛ أي: من أضله فمن الذي يهديه من بعد الله؟ أي: لا أحد (وما لهم من ناصرين)؛ أي: ينقذونهم من عذابه ووثاقه، ﴿ لَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].

 

أجمع المسلمون على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن ذلك حق يجزم به المسلمون، ويقطعون به، ولا يرتابون، وكل ما علمه المسلم وجزم به، فهو يقطع به، وإن كان الله قادرًا على تغييره، فالمسلم يقطع بما يراه ويسمعه، ويقطع بأن الله قادر على ما يشاء، وإذا قال المسلم: أنا أقطع بذلك، فليس مراده أن الله لا يقدر على تغييره، بل مَن قال: إن الله لا يقدر على مثل إماتة الخلق وإحيائهم من قبورهم، وعلى تسيير الجبال، وتبديل الأرض غير الأرض، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

 

والذين يكرهون لفظ القطع من أصحاب أبي عمرو بن مرزوق، هم قوم أحدثوا ذلك من عندهم، ولم يكن هذا الشيخ ينكر هذا، ولكن أصل هذا أنهم كانوا يستثنون في الإيمان، كما نقل ذلك عن السلف، فيقول أحدهم: أنا مؤمن إن شاء الله، ويستثنون في أعمال البر، فيقول أحدهم: صليت إن شاء الله.

 

ومراد السلف من ذلك الاستثناء، إما لكونه لا يقطع بأنه فعل الواجب كما أمر الله ورسوله، فيشك في قَبول الله لذلك، فاستثنى ذلك، أو للشك في العاقبة، أو يستثني؛ لأن الأمور جميعها إنما تكون بمشيئة الله كقوله تعالى: ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الفتح: 27]، مع أن الله علم بأنهم يدخلون لا شك في ذلك، أو لئلا يزكي أحدهم نفسه، وكان أولئك يمتنعون عن القطع في مثل هذه الأمور ثم جاء بعدهم قوم جهال، فكرهوا لفظ القطع في كل شيء، ورووا في ذلك أحاديث مكذوبةً، وكل مَن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أو واحد من علماء المسلمين، أنه كره لفظ القطع في الأمور المجزوم بها، فقد كذب عليه.

 

والقدر أعم من القضاء الذي هو بعض مراتب القدر من حيث الإطلاق، وإذا وقع القدر، فعند ذلك يسمى قضاءً.

 

وأما القضاء، فمعناه إنهاء الشيء، وقد ورد في القرآن على عدة معانٍ:

أولاً: الإنهاء، قال تعالى: ﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ﴾ [طه: 72].

 

ثانيًا: الوحي: وهذا إذا عدي بـ(إلى)، قال تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الإسراء: 4]؛ يعني: أخبرناهم بما سيكون لهم، وذلك عن طريق الوحي، وإن هذا الأمر أصبح مفروغًا منه؛ أي أنه انتهى، ومثله قوله تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ﴾ [الحجر: 66].

 

ثالثًا: القدر: قال تعالى: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 12]؛ يعني: قدر ذلك وخلقه وأنجزه.

 

وللقدر أربع مراتب:

المرتبة الأولى: العلم، فتؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، قد علم ما كان وما سيكون وكيف يكون بعلمه جل وعلا، ولا ينسى شيئًا من ذلك العلم، وعلم جميع أحوال عباده من أرزاق وأعمال وآجال، وكل شأن من شؤونهم، ولا يخفى عليه من ذلك أي شيء، قال تعالى: ﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12].

 

المرتبة الثانية: الكتابة، فتؤمن بأن الله تعالى كتب كل ما قدره وقضاه في اللوح المحفوظ، وكل ما هو كائن إلى يوم القيامة، ولا يطَّلع عليه أحد أبدًا، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ [ق: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12].

 

المرتبة الثالثة: المشيئة، فتؤمن أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ونؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات والأرض وخلقه بمشيئته وقدرته، لا يكون شيء إلا بمشيئته، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان: 30]، كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].

 

المرتبة الرابعة: الخلق، فتؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء، فلا خالق غيره، ولا رب سواه، لا إله إلا هو، رب كل شيء ومليكه: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الزمر: 62، 63].

 

وهذه المراتب الأربع شاملة وجامعة لِما كان وسيكون من الله تعالى نفسه، ولما يكون من العباد وللعباد، فكل ما يقوم به العباد أو يحصل لهم من أقوال أو أفعال وحوادث، وكل شيء باطنًا أو ظاهرًا، فهو معلوم لله تعالى، مكتوب عنده، والله تعالى قد شاءه وخلقه، قال تعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 28، 29].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة: 253]. وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 137]. وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96].

 

ولا عذر لاحد بأن يحتج بالقدر بل الواجب عليه ان يؤمن بالقدر خيره وشره.

 

واذا احتج به فان ذلك فاسد ومردود عقلا وشرعًا لان القدر اذا جعل حجة فانه بذلك لا يعاقب أحد على ذنب أرتكبه. ولا يؤخذ حق المظلوم من الظالم. ولا يذم الكذاب ولا الكافر. وهذا الامر ممتنع في طبيعة البشر وحرام في الشرع.

 

ولو كان القدر حجة فلا يلام ابليس ولا فرعون ولا الاقوام التي كذبت الانبياء. وما كان الجهاد واجبا. وهذا لا يقبله عقل ولا منطق سليم. ولا تستقيم عليه مصلحة ولا تتفق على ذلك آراء العلماء المعتبرين.

 

وانه لم يحتج به أحد له بقية من عقل أو دين. الا المشركين الذين اتبعوا الظن واتبعوا أهوائهم.

 

كتاب: اتباع مناهج أهل السنن والآثار .. شرح سواطع الأنوار لمعرفة عقيدة سيد الأبرار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم الإيمان بالقدر
  • الإيمان بالقدر
  • الإيمان بالقدر خيره وشره
  • الإيمان بالقدر والقضاء.. وجوبه وثمرته
  • نؤمن بالقدر ولا نحتج به
  • عظمة القدر
  • الإيمان بالقدر خيره وشره
  • خطبة: الإيمان بالقدر

مختارات من الشبكة

  • الإيمان بالقدر من أركان الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الإيمان بالقدر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالقدر وآثاره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حلاوة الإيمان في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسائل في الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب