• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

رجل قلبه معلق بالمساجد ( خطبة )

الشيخ محمد كامل السيد رباح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2014 ميلادي - 14/3/1435 هجري

الزيارات: 229874

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رجل قلبه معلق بالمساجد

 

الحمد لله رب العالمين، ونشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


أما بعد:

فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبادة الله تعالى، ورَجُلٌ قَلْبُه مُعَلَّقٌ بالمساجد، ورَجُلانِ تَحَابَّا في الله: اجْتَمَعَا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورجلٌ دَعَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فقال: إِني أَخاف الله، ورجلٌ تصدَّق بصَدَقَةٍ، فأَخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُه ما تُنْفِقُ يَمِينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ))؛ متَّفق عليه.


فمن أراد أن يُشْرِق قلبه بنور الله، فعليه أن يتصف بصفات هؤلاء الرجال، التي منها عمارة المساجد، وليس المقصود بتلك العمارة أداء الصلوات فيها فقط، ولكن لا بد كذلك من تعلُّق قلبه بها، كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ((ورجل قلبه معلَّق في المساجد))، قال النووي في شرحه: معناه شديد الحب لها، والملازمة للجماعة فيها، وليس معناه دوام القعود في المسجد، وقال ابن حجر في الفتح: ظاهره أنه من التعليق كأنه شُبِّه بالشيء المعلق في المسجد، كالقنديل مثلاً؛ إشارة إلى طول الملازمة بقلبه، وإن كان جسده خارجًا عنه، ويدل عليه رواية الجوزقي: كأنما قلبه في المسجد.


ويُحتمَل أن يكون من العَلاقة، وهي شدة الحب، ويدل عليه رواية أحمد ((معلق بالمساجد)) وكذا رواية سلمان ((مِنْ حُبِّها))، وزاد مالك: ((إذا خرج منه حتى يعود إليه))، وهذه الْخَصلة هي المقصودة من هذا الحديث؛ (فتح الباري 2/145).

 

جاء في فيض القدير للمناوي: قلبه معلق بالمساجد من شدة حبه إياها، لَمَّا آثر طاعة الله وغلب عليه حبُّه، صار قلبه ملتفتًا إلى المسجد، لا يُحِب البَرَاح عنه؛ لِمَا وجد فيه من رَوْح القُربة، وحلاوة الخدمة، فآوى إلى الله مؤثِرًا فأظله؛ (فيض القدير 4- 89).


قال المباركفوري في التحفة: لأن المؤمن في المسجد كالسمك في الماء، والمنافق في المسجد كالطير في القفص، فإن القلوب كثيرةُ التقلبات والتحولات، فلِلْقَلبِ من اسِمْه حظٌّ ونصيب، ونستطيع أن نُشَبِّهها بالإناء، فيمكن أن يُغرَف به ماءٌ عذبٌ، ويمكن أن يُغرَف به ماءٌ أُجَاجٌ، وهكذا القلب، يمكن أن يتقبل الخير، ويمكن أن يتقبل الشر، ويمكن أن يتقبل الخير والشر، وهو إلى ما غلب أقرب، ولذلك فقد جاء الثناء والمدح لأصحاب القلوب الخيرة - نسأل الله أن يجعلنا منهم - فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من سبعة الأصناف الذين يمتَنُّ الله عليهم بالإظلال تحت ظل عرشه يومَ لا ظل إلا ظله؛ ((ورجل قلبه معلَّقٌ في المساجد))، قال ابن رجب رحمه الله، في وصف الرجل المعلَّق قلبُه بالمساجد: فهو يحب المسجد ويألفه لعبادة الله فيه، فإذا خرج منه تعلَّق قلبه به حتى يرجع إليه، وهذا إنما يحصل لمن ملك نفسه، وقادها إلى طاعة الله، فانقادت له؛ فإن الهوى إنما يدعو إلى محبة مَواضِع الهوى، واللعب المباح أو المحظور، ومواضع التجارة واكتساب الأموال، فلا يَقْصُر نفسه على محبة بقاع العبادة إلا من خالف هواه، وقدَّم عليه محبةَ مولاه، فهو ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]، وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا يُوَطِّنُ الرجلُ المساجدَ للصلاة والذكر إلا تَبَشْبَشَ اللهُ به مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ كما يتبشبش أَهْلُ الغائب بغائبهم إذا قَدِم عَلَيْهِمْ))، وقد روي عن سعيد بن المسيب رحمه الله، قال: "من جلس في المسجد؛ فإنما يُجَالِس ربه عز وجل"، فبالله عليك، هل من يجالس ربه في بيته، بالذكر، وتدبُّرِ القرآن، وتعلُّمِ العلم وتعليمه، كمن يجلس أمام تفاهات التمثيل، وسفاسف اللهو واللعب، وخُزَعْبِلات الصحف والمجلات؟!.

 

رجل تعلق قلبه بالمساجد، كلما نودي للصلاة فيها سارع إليها وإليه بشوقٍ وشديدِ رغبة؛ لينال القلب ارتياحه الذي لا يتهيأ بمتاع الدنيا وإنْ عَظُم، فسبيله في ذلك سبيل من كان يأمر بلالاً رضي الله عنه: ((أَرِحنا بها يا بلال)) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وإذا قُضِيَت الصلاة ظلَّ القلب معلَّقًا بالمسجد، وإن خرج منه الجسد، حتى يعود إليه مرة أخرى.

 

وما كان هذا التعلُّق أن يأتِيَ من فراغ، ولكنه ثمرة التعلق بالله سبحانه وتعالى، محبةً وإنابةً ورغبة ورهبة وخوفًا ورجاءً وإخلاصًا وتوكُّلاً وذلاً وتعبُّدًا، فالتعلق بالله عز وجل وحده هو الغاية العظمى والنجاة الحقة.

 

ومن تعلَّق بغير الله عز وجل شأنه خَسِر خسرانًا مبينًا؛ كما قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ [العنكبوت: 41]، وكما قيل:

والمستجير بعمرٍو عند كربته
كالْمُستجير من الرمْضَاء بالنارِ

 

فضل الارتباط بالمسجد:

إن المتأمل لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل الارتباط بالمسجد، يجد الثواب العظيم في فضل المشي إليها، وأداء الصلوات فيها، وطول الْمُكث بها، وهذا مما يدل على أن المسجد ينبغي أن يَحتَلَّ مساحة معتبرة في الحياة اليومية للمسلم، وأن يُرَتِّب أموره وارتباطاته الحياتية عليه.

 

وهذه بعض الفضائل المتعلقة به:

• الاتصاف بصفة من يُظِلُّهم الله في ظله: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعة يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه)) فذكر منهم: ((ورجل قلبه معلَّق بالمساجد))؛ رواه البخاري ومسلم، وفي رواية الإمام مالك: ((ورجل قلبه معلَّق بالمسجد حتى يعود إليه)).

 

• زيادة الحسنات ومحو السيئات: عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من راح إلى مسجد الجماعة فخطوةٌ تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنة، ذاهبًا وراجعًا)).

 

• الحياة الطيبة وحسن الخاتمة: ففي حديث اختصام الملأ الأعلى: ((.... قال لي: يا محمد، أتدري فيمَ يختصم الملأ الأعلى؟ قلتُ: ((نعم، في الدرجات والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعة، وإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخير، ومات بخير، وكان من ذنوبه كيومَ ولدَتْه أمه)).

 

• ومن هذه الفضائل تبشبُشُ الله له: فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتوضأ أحدكم، فيُحْسِن وضوءه فيُسْبِغه، ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه، إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته)).

 

• ومنها إعداد النُّزل له في الجنة: فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نُزُلاً في الجنة، كلما غدا أو راح)).

 

• ومنها البشارة بالنور التام يوم القيامة: عن بُرَيْدَة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بَشِّرِ الْمَشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)).

 

• ومنها أنه ضامن على الله عز وجل: عن أبى أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ كلُّهم ضامن على الله، إن عاشَ رُزِقَ وكُفِي، وإن مات دخل الجنة: من دخل بيته فسَلَّم فهو ضامن على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله)).

 

• ومنها أن الله عز وجل يباهى به الملائكة: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: "صلَّيْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فرَجَع من رجع، وعقب مَنْ عقب، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسْرِعًا، قد حفره النَّفَس، قد حسر عن ركبتيه، قال: ((أبشِروا، هذا ربكم قد فتح بابًا من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي، قد قَضَوا فريضة، وهم ينتظرون أخرى)).

 

• ومنها حصول الرحمة، والجوازُ على الصراط: عن أبى الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المسجد بيت كل تقِيٍّ، وتكفَّل الله لمن كان المسجد بيته بالرَّوح والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة)).

 

• ومنها علاقة خاصة بالملائكة: عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للمساجد أوتادًا هم أوتادها، لَهُم جُلَسَاء من الملائكة، فإن غابوا سَأَلُوا عنهم، وإن كانوا مرضى عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم)).

 

فلنربط قلوبنا بالمساجد، ولنجعلْها بيوتنا، ولنكُنْ كصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعلُّقهم بالمساجد، وشعورهم بالأمان فيها، فقد كانوا إذا فَزِعوا من شيء أتوا إلى المساجد، ولنحجز أماكننا في الصف الأول لننال المنزلة العظيمة الْمُعَدَّة لأهله، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول))؛ فالصف الأول على مِثْل صف الملائكة، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((والصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابْتَدَرْتُموه)).

 

مثل صف الملائكة؛ أي: في القرب من الله عز وجل، ونزول الرحمة، وإتمامه واعتداله.

 

• وأخيرًا فإن اعتياد الذهاب إلى المساجد والتعلق بها، من علامات صدق الإيمان، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان))، فإن الله تعالى قال: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 18].

 

صفات الْمُعَلَّقَة قلوبُهُم بالمساجد:

1- حب صلاة الجماعة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الرجل في الجماعة تضعُف على صلاته في بيته وفي سوقه خَمْسًا وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يَخْطُ خطوة إلا رُفِعَت له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه، ما دام في مصلاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة))، رواه البخاري ومسلم.


عن سعيد بن المسيب، قال: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البَرَّ والبحر عبادة.

 

وعنه أنه قال: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.

 

2- كثرة الخطى إلى المساجد:

عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة، فصلاها مع الإمام، غُفِر له ذنبه))؛ رواه ابن خزيمة، وصححه الألباني.


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّبَاط)) كررها ثلاث مرات؛ أخرجه مسلم.


وقوله: ((فذلكم الرباط))؛أي: المرابطة في سبيل الله؛ أي: كأنك تحمي منطقة أو ثغرًا من ثغور حدود المسلمين.


سبحان الله، وهذا من عظيم نِعَم الله وفضله علينا، فالجالس في المسجد في انتظار الصلاة، كالقائم على الثغور في المناطق التي يقاتل فيها المسلمون!


وليس هذا بعجيب؛ لأن الذي يُرابط في سبيل الله يمكث مُرابطًا مدة محدودة، أما المحافظ على الصلاة دائمًا فكالمرابط عليها طوال العام!


إنه يمنع نفسه من الشهوات خمس مرات في اليوم والليلة، ويذهب ليرابط في سبيل الله تعالى.


3- الصلاة لوقتها:

عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أحَبُّ الأعمال إلى الله الصلاةُ لوقتها، ثم بِرُّ الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله))؛ حديث صحيح.

 

4- الحرص على الصف الأول وتكبيرة الإحرام:

عن أنس مرفوعًا: ((من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى، كُتِبَت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق))؛ انظر الصحيحة 2652.

 

5- انتظار الصلاة بعد الصلاة:

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المسجد بيت كل تقي، وتكفَّلَ الله لمن كان المسجدُ بيتَهُ بالرَّوح والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله، إلى الجنة))؛ رواه الطبراني والبزار، وصحَّحه الألباني.


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من غدا إلى المسجد، لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يُعَلِّمَه، كان له كأجر حاجٍّ تامًّا حجتُه))؛ صحيح الترغيب.


6- عمارة المساجد والإنفاق عليها:

عمارة المساجد من علامات الإيمان بالله والخشية، قال الله: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 18].


والعمارة في الآية هنا: المراد بها إقامة البناء وتشييده، يؤكد ذلك حديث الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله بَنَى الله له مثلَهُ في الجنة)).


أيها المسلمون:

لقد سطر لنا التاريخ مآثر أقوام، كان لهم مع المساجد شأن، وأيُّ شأن! فهل سمعتم بالمسمَّى بحمامة المسجد؟ وهل أتاكم نبأ الربيع بن خُثَيْم الذي يقول: إني لآنَسُ بصوت عصفور المسجد أشدَّ من أُنْسِي بزوجتي! وهل سمعتم بمن يقول: إذا أذَّن المؤذن فإن لم تجدوني في المسجد فاطلبوني في المقبرة.

 

هل سمعتم بمن مكث أربعين سنة، لا يؤذِّنُ المؤذن لصلاة إلا وهو في المسجد؟ وكم من أقوام في القديم والحديث قُبِضَت أرواحهم، وهم في المساجد! وكم في المساجد من هم في أشد أحوال المرض، وهم معذورون.

 

لقد حدَّثَ من رأى أحد كبار السن في إحدى القرى، وهو ضرير ولا يجد من يقوده، يخرج من بيته، ويضع يده على طرف حَبْل يوصله إلى المسجد، ولما سُئِلَ عنه أَخْبَر بأنه ربط الحبل بين باب بيته والمسجد؛ ليصل إليه ويعود، ولا تفوته صلاة! ولم يترك المسجد يومًا بسبب أنه لم يجد من يوصله! فأين الأصحاء؟ إنها نماذج رائعة، وفي الأمة من ذلك الشيء الكثير.

 

من آداب المسجد

ومن الآداب أن يَحْذر من الكلام الباطل، أو الكلام الذي لا فائدة فيه، فلا مكان في المسجد للغِيبة والنميمة والكذب، وإذا كانت هذه الأشياء مُحرَّمة خارج المسجد؛ فهي في المسجد أشد تحريمًا، وكل كلام لا فائدة فيه ينبغي أن يُنَزَّه المسجد عنه، وبعض الناس يتكلمون كلامًا كثيرًا لا فائدة فيه، وبعضهم قد يفعل ذلك في الاعتكاف الذي هو مَظِنَّة الذكر والإقبال على الله، والاجتهاد في العبادة والانقطاع عن الدنيا، ولا شك أن هذا مذموم، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأما الكلام الذي يحبه الله ورسوله في المسجد فحَسَنٌ، وأما الْمُحَرَّم فهو في المسجد أشدُّ تحريمًا، وكذلك المكروه يكون في المسجد أشد كراهية، ويكره فيه فضول المباح، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ﴾ [النور: 36] قال: نهى سبحانه عن اللغو فيها، وكذا وَرَدَ عن جَمْعٍ من السلف.

 

ومن الآداب في المسجد ألاَّ يرفعَ صوته ولا يصيح.


لا يرفع صوته لا بقراءة القرآن ولا بغيره، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نداء القارئ المسلم لأخيه المسلم ((لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن))، وإذا كان رفع الصوت بالقرآن منهيًّا عنه، فكيف إذا رفع صوته بغير القرآن كحديث الدنيا! وكيف إذا كان يرفع صوته، وجاره الذي بجانبه يقرأ القرآن؟

 

قال ابن عبدالبر رحمه الله:

وإذا نُهِيَ المسلم عن أذى المسلم في عمل البر وتلاوة القرآن، فإيذاؤه في غير ذلك أشد تحريمًا، وإذا كان المسجد النبوي أو المسجد الحرام، يزداد السوء، وتَعْظُم القضية، ولذلك جاء عن السائب بن يزيد رحمه الله قال: "كنت قائمًا في المسجد - المسجدِ النبويِّ - فحصبني رجل، فنظرت فإذا هو عمر رضي الله عنه، قال: اذهب فأْتِنِي بهذين، فجئته بهما - أشار إلى رجلين يتحدثان - فقال: مِنْ أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم!".

 

ولذلك نص أهل العلم على كراهية رفع الصوت في المسجد إلا فيما لا بد منه من العلم ونحوه، مثل: الشيخ يرفع صوته بالدرس ليُسْمِع الناس، والإمام يرفع صوته بالقراءة ليُسْمِع المأمومين، أو المؤذن يرفع صوته بالتكبير، وكان لأئمة الحديث في المسجد من يُبَلِّغ إذا اتسع الجمع، وكان كثيرًا.

 

ومن الآداب عدم الاشتغال في المسجد بأمور الدنيا، وإذا كان في البيع والشراء فهو حرام، وكذلك نِشْدَان الضالَّة، وما كان في معناها، فنِشْدان الضالة، أن يرفع الصوت بالنداء، لمسجد من يبلغ إذا اتسع الجمع وكان كثيرًا.

 

ومن آداب حضور المساجد تعاهُدُ النعلين، والمسلم مطالَب بنظافة جسده ولباسه، وصيانة المساجد عن الأوساخ، ولا يخلو الطريق إلى المسجد من وجود أوساخ، والصلاة بالنعال قد ثبتت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا محله إذا لم يكن المسجد مفروشًا، أو صلى في رحبته على البلاط، أو على الرمل، أو صلى في الصحراء في السفر، أو في مصلى العيد غير المفروش، وفي هذه الحالة يتأكد قبل أن يدخل إلى المصلى أو إلى مسجد العيد، أو المسجد المفروش بالحصى، أو مكان الصلاة الذي يصلي فيه، أن ينظر في نعليه، فإذا رأى ما يَرِيبه؛ فَلْيَدْلُكْهُمَا بالتراب؛ فإن التراب لهما طهور، فمَسْحُ النعل ودلكها بالأرض مُطَهِّر لها من القذر والأذى، وأما بالنسبة للمساجد المفروشة، فإن من إتلاف الفراش أن يصلَّى عليها بالنعال، ولذلك لا يجوز أن يفعله؛ لأن هذا السجاد وقْفٌ على المسجد فلا يُتلَف، ولا يُعَرَّض لما يتلفه، وإذا أراد أن يضع نعاله داخل المسجد، فلا يؤذي بهما مَنْ أمامه، ولا مَنْ عن يمينه، ولا مَنْ عن شماله، ولا مَنْ خلفَه، فأين يجعلهما؟ بين قدميه، هذا المكان الذي لا يؤذي به أحدًا. إذا احتاج أن يدخل بالنعال المسجد، يجعلهما بين قدميه، فهذا من آداب حضور المساجد ((إذا صلى أحدكم فخلع نعليه، فلا يؤذ بهما أحدًا، لِيجعلْهما بين رجليه، أو ليصلِّ فيهما))؛ رواه أبوداود، وهو حديث صحيح.

 

أن يحرص على نظافة المسجد، وسلامة أثاثه، وألا يعبَثَ بشيء من ذلك؛ فعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عُرِضَتُ علَيَّ أعمالُ أمتي حَسَنُها وسَيِّئُها، فوجدْتُ في محاسن أعمالها الأذى يُماطُ عن الطريق، ووجدْتُ في مساوئ أعمالها النُّخاعةَ تكون في المسجد لا تُدْفَن)) رواه مسلم، وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذه المساجد لا تَصْلُح لشيء من هذا البول ولا القَذَر، إنما هي لذِكْر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن))، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

نسأل الله تعالى أن نكون ممن تعلَّقَت قلوبهم بالمساجد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بناء المساجد من جليل الأعمال الصالحة
  • البشارات لأهل المساجد
  • قيمة المشي إلى الصلوات في المساجد
  • فضل عمارة المساجد
  • المساجد بيوت الله
  • فضل عمارة المساجد والمحافظة على الصلوات فيها
  • الاهتمام بالمساجد والمحافظة عليها
  • في الحث على بناء المساجد ( خطبة )
  • المعلق قلبه بالمساجد
  • رجل قلبه معلق بالمساجد (خطبة)
  • كيف تعلق قلبك بالمسجد؟
  • تعليق القلوب بالمساجد يخفف الضغط والتوتر

مختارات من الشبكة

  • إيقاظ عاطفة الرجل واستثارة الرحمة في قلبه نحو اليتيمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قلبه معلق بالمساجد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة في قلبه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قلوب قلبها مقلب القلوب فأسلمت واهتدت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب(11) تأثر القلوب الحية بمواقف اليهود العدوانية(1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب (3) القلب الراضي (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (باللغة النيبالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • القلب السليم (إلا من أتى الله بقلب سليم) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب