• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الرد على شبهة بناء مسجد على قبر أبي بصير

الرد على شبهة بناء مسجد على قبر أبي بصير
كريم بن محمد عيد زكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2014 ميلادي - 4/3/1435 هجري

الزيارات: 22006

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرد على شبهة بناء مسجد على قبر

أبي بصير


أولًا: رواية القصة:

1- من رواها بلفظ: "وجعل عند قبره مسجدًا"

• رواها الإمام البيهقي في "دلائل النبوة"[1]، قال: باب ما جاء في حديث أبي بصير الثقفي وأصحابه:

أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، قال: أخبرنا أبو بكر بن عتاب العبدي، قال: حدثنا القاسم بن عبدالله بن المغيرة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة، وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب - وهذا لفظ حديث القطان - قال: "ولما رجع رسول الله إلى المدينة انغلب – كذا في "المطبوع" والصواب: انفلت - رجلٌ من أهل الإسلام من ثقيف - يقال له: أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفي - من المشركين فأتى رسول الله مسلمًا مهاجرًا فبعث في أثره الأخنس بن شريق رجلين من بني منقذ، أحدهما – زعموا - مولى، والآخر من أنفسهم اسمه جحش بن جابر، وكان ذا جلد ورأي في أنفس المشركين، وجعل لهما الأخنس في طلب أبي بصير جعلًا فقدما على رسول الله فدفع أبا بصير إليهما، فخرجا به، حتى إذا كانا بذي الحليفة سلَّ جحش سيفه ثم هزه، فقال: لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يومًا إلى الليل. فقال له أبو بصير: أو صارم سيفك هذا. قال نعم. قال: ناولنيه أنظر إليه. فناوله إياه، فلما قبض عليه ضربه به حتى برد - ويقال: بل تناول أبو بصير سيف المنقذي بفيه وهو نائم فقطع إساره ثم ضربه به حتى برد - وطلب الآخر فجمز مذعورًا مستخفيًا حتى دخل المسجد، ورسول الله جالس فيه، فقال رسول الله حين رآه: لقد رأى هذا ذعرا. فأقبل حتى استغاث برسول الله، وجاء أبو بصير يتلوه، فسلَّم على رسول الله، وقال: وفت ذمتك دفعتني إليهما فعرفت أنهم سيعذبونني ويفتنونني عن ديني فقتلت المنقذي وأفلتني هذا. قال رسول الله: ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحدٌ. وجاء أبو بصير بسلبه إلى ر سول الله، فقال: خمّس يا رسول الله. قال: إني إذا خمّسته لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه ولكن شأنك بسلب صاحبك واذهب حيث شئت. فخرج أبو بصير معه خمسة نفر، كانوا قدموا معه مسلمين من مكة حيث قدموا فلم يكن طلبهم أحدٌ ولم ترسل قريش كما أرسلوا في أبي بصير، حتى كانوا بين العيص وذي المروة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش مما يلي سِيف البحر، لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها... ثم قال: وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو في سبعين راكبًا أسلموا وهاجروا فلحقوا بأبي بصير... ثم قال: فقدم كتاب رسول الله - زعموا - على أبي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله في يده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا، وقدم أبو جندل على رسول الله معه ناس من أصحابه..." وذكر باقي القصة.

 

ورواها الحافظ ابن عساكر في "تاريخه"[2] من طريق البيهقي به.

 

وذكرها الحافظ الذهبي في "تاريخ الإسلام"[3] وابن حجر في "فتح الباري"[4] عن موسى بن عقبة عن الزهري تعليقًا به.

 

وذكرها الحافظ أبو الربيع الكلاعي في "الاكتفاء"[5] والحافظ ابن سيد الناس في "عيون الأثر"[6] والحافظ ابن برهان الحلبي في "سيرته"[7] عن موسى بن عقبة تعليقًا به.

 

2- من ذكرها بلفظ: "وبنى على قبره مسجدًا"

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "الاستيعاب"[8] في ترجمة أبي بصير: وله قصة في المغازي عجيبة، ذكرها ابن إسحاق وغيره، وقد رواها معمر عن ابن شهاب، ذكر عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب - في قصة القضية عام الحديبية – قال: "ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فجاءه أبو بصير... فذكر القصة، إلى أن قال: فأرسلت قريش إلى النبي تناشده الله والرحم إلا أرسل إليهم فمن أتاك منهم فهو آمن". ثم قال: وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر - في أبي بصير - بأتم ألفاظ وأكمل سياقه، قال: "وكان أبو بصير يصلي لأصحابه، وكان يكثر من قول: الله العلي الأكبر من ينصر الله فسوف ينصره؛ فلما قدم عليهم أبو جندل كان هو يؤمهم...، فذكر القصة، إلى أن قال: فقدم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي جندل، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه وبنى على قبره مسجدًا".

 

وقال الحافظ ابن الأثير في "أسد الغابة"[9]: "وقيل: إن أبا جندل بن سهيل بن عمرو كان ممن لحق بأبي بصير وكان عنده، فلما أرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمرهم كتب إلى أبي بصير وأبي جندل ليقدما عليـه فيمن معهما، فقرأ أبو جندل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بصير مريض، فمات فدفنه أبو جندل وصلى عليه وبنى على قبره مسجدًا" أخرجه أبو عمر.

 

وذكر الواقدي في "مغازيه"[10] القصة من غير إسناد، وقال فيها: "وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بصير أن يقدم بأصحابه معه فجاءه الكتاب وهو يموت، فجعل يقرأ وهو يموت، فمات وهو في يديه فقبره أصحابه هناك وبنوا على قبره مسجدًا، وأقبل أصحابه إلى المدينة وهم سبعون رجلًا، فيهم الوليد بن الوليد بن المغيرة".

 

3- وذكر بعضهم القصة عن موسى بن عقبة من غير ذكر لهذا اللفظ

قال الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد"[11]: قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، في قصة أبي بصير... فذكر القصة، إلى أن قال: "فقدِم كتابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبى بصير، وهو فى الموت، فمات وهو على صدره، ودفنه أبو جندل مكانَه، وأقبل أبو جندل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَمِنَتْ عِيرُ قريش" وذكر باقي الحديث.

 

وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة"[12]: وعند موسى بن عقبة في "المغازي" من الزيادة في قصته: أن أبا بصير كان يصلي وكان يكثر أن يقول: الحمد لله العلي الأكبر من ينصر الله فسوف ينصر، فلما قدم عليهم أبو جندل كان هو يؤمهم؛ قال: ولما كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه، ورد الكتاب وأبو بصير يموت فمات وكتاب النبي صلى الله عليه و سلم في يده فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه" وذكر بن إسحاق القصة بطولها وبعضهم يزيد على بعض.

 

وقد روى الإمام أحمد[13] والبخاري[14] وأبو داود[15] وابن حبان[16] أصل القصة من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان، ولم يذكروا دفن أبي بصير ولا بناء المسجد.

 

ومما سبق يتبين أن أحسن أحوال القصة - بلفظ بناء المسجد عند القبر – أن تكون من مراسيل الزهري، وكما تقرر أن المراسيل وخاصة مراسيل صغار التابعين لا يحتج بها، مع ما ذكره أهل العلم من ضعف مراسيل الزهري خاصة، منهم:

 

• الإمام الشافعي - رحمه الله - قال[17]: ويقولون يُحابي؛ فلو حابينا لحابينا الزهري، وإرسال الزهري عندنا ليس بشيء وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم[18].

 

• الإمام يحيى بن سعيد القطان - رحمه الله - قال أبو قدامة عبيد الله بن سعيد[19]: سمعت يحيى بن سعيد يقول: مرسل الزهري شرٌّ من مرسل غيره؛ لأنه حافظ وكلما قدر أن يسمي سمى، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه.

 

وقال أحمد بن سنان[20]: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا، ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علَّقوه.

 

• الإمام علي بن المديني - رحمه الله - قال[21]: قلت لعبدالرحمن: إن الزهري كانت له مرسلات رديئة، وأفسدت علي مرسلاته. حين ذكر أنه روي هذا الحديث عن سليمان بن أرقم عن الحسن. يعني حديث "من ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة".

 

• الإمام يحيى بن معين - رحمه الله - قال[22]: مراسيل الزهري ليس بشيء.

 

• الحافظ ابن عبد الهادي - رحمه الله - قال[23]: مراسيل الزهريِّ ضعيفةٌ.

 

• الحافظ الذهبي - رحمه الله - قال[24]: مراسيل الزهري كالمعضل، لأنه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه ولما عجز عن وصله، ولو أنه يقول: عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن عدَّ مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما، فإنه لم يدر ما يقول، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه.

 

• الحافظ ابن رجب - رحمه الله - قال[25]: مراسيل الزهري لو صحت عنه فهي من أضعف المراسيل.

 

• الحافظ ابن حجر - رحمه الله - قال [26]: والزُّهريُّ مراسِيلُهُ ضعيفةٌ.

 

وبهذا فقد تبيَّن أن هذه اللفظة منكرة، لم ترد في الروايات الصحيحة المرفوعة، ولا تصح مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من أصحابه - رضي الله عنهم.

 

وقد حاول بعض من احتج بهذا اللفظ أن يجعله من الرواية المرفوعة من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان؛ حيث أسقط "وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر" من كلام الحافظ ابن عبدالبر، وادعى اتصال الكلام، وهو ادعاء ظاهر البطلان؛ حيث فصل الحافظ ابن الأثير[27] عند نقله كلام الحافظ ابن عبدالبر بين المرفوع والمرسل.

 

ولو سلم لرد بما رواه الحافظ ابن عساكر في "تاريخه"[28] بإسناده إلى هشام بن عروة، قال: "ما حدث ابن شهاب عن أبي بحديث فيه طول إلا زاد فيه ونقص". وقال الحافظ ابن رجب[29]: الزهري كان كثيرًا ما يروي الحديث، ثم يدرجُ فيه أشياءَ، بعضها مراسيلُ، وبعضها من رأيه وكلامه. ويتأكد هذا لرد رفع هذه اللفظة - لو سلم رفعها - بأمور، منها:

1- أن الإمام البخاري ومن تقدم ممن روى القصة بهذا الإسناد لم يذكروا هذه اللفظة فيه.

 

2- أن الإمام البخاري بعد روايته للحديث، قال[30]: "وقال عقَيلٌ عَنِ الزُّهرِي...، وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -..." فذكر الحديث. قال الحافظ ابن حجر[31]: قوله: (قال عقيل عن الزهري) تقدم موصولًا بتمامه في أول الشروط، وأراد المصنف بإيراده بيان ما وقع في رواية معمر من الإدراج. ثم قال: (وقوله: وبلغنا أن أبا بصير... إلخ) هو من قول الزهري أيضًا، والمراد به أن قصة أبي بصير - في رواية عقيل - من مرسل الزهري، وفي رواية معمر موصولة إلى المسور، لكن قد تابع معمرًا على وصلها ابن إسحاق كما تقدم، وتابع عقيلًا الأوزاعي على إرسالها، فلعل الزهري كان يرسلها تارة ويوصلها أخرى، والله أعلم. اهـ. بالإضافة لذلك فليس في شيء من هذه الروايات ذكر لهذه الزيادة.

 

3- أن الإمام البيهقي في "الدلائل"[32] روى بإسناده عن أبي الأسود، عن عروة، قال: "ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى المدينة، ثم إنه أفلتهم رجلٌ من ثقيف، يقال له: أبو بصير... فذكر القصة، إلى أن قال: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي جندل بن سهيل وأصحابه، فقدموا عليه" وذكر الحديث. ولم يذكر هذه الزيادة.

 

وكل ذلك يدل عل أن الزيادة لو سلم اتصالها بالرواية، لكان إعراض البخاري وغيره عن ذكرها، مع ما رواه البيهقي من "مغازي أبي الأسود عن عروة" دون ذكر لهذه الزيادة دليل على أنها مدرجة من كلام الزهري أو غيره ممن لم يسمه، والله أعلم.

 

ثانيًا: الكلام على لفظ القصة

اختلف لفظ الشاهد من القصة عند من نقلها عن "مغازي موسى بن عقبة":

فرواها الحافظ البيهقي ومن تابعه بلفظ "وجعل عند قبره مسجدًا".

وذكرها الحافظ ابن عبدالبر بلفظ "وبنى على قبره مسجدًا".

 

أما الاحتجاج بلفظ "على" الذي ذكره ابن عبدالبر فلا يستقيم للمدعي، لأمور:

1- أن ابن عبدالبر ذكر القصة دون أن يسندها، بخلاف رواية البيهقي لها عن موسى بن عقبة، فلعل الخطأ وقع في نقل ابن عبدالبر من نسخة "المغازي" أو أن الخطأ في النسخة التي نقل منها، أو نحو ذلك.

 

2- أو لعل ابن عبدالبر اختلط عليه النقل بما أورده الواقدي في "المغازي"، كما سبق.

 

وهذه الرواية التي لم يسندها الواقدي لا تصلح للحجة:

أولًا: لأن محمد بن سعد - كاتب الواقدي - نقلها عنه في "طبقاته"[33] وقال: قال محمد بن عمر - يعني الواقدي -: والحديث الأول أثبت عندنا من قول من قال إن الوليد كان مع أبي بصير. اهـ. فضعَّف القصة.

 

ثانيًا: أن الواقدي ضعيف[34]؛ قال الشافعي[35]: كُتب الواقدي كذب. وكذبه الإمام أحمد[36]. قال البخاري[37] ومسلم[38]: متروك الحديث.

 

فعلى هذا لا يحتج بما رواه مسندًا، فما ذكره معلقًا أولى بالرد، فضلًا عن تضعيفه لما رواه في القصة لاشتمالها على قصة الوليد بن الوليد.

 

3- ولو سلمنا ثبوت هذه اللفظة عند ابن عبدالبر، فإنها تحمل على ما رواه البيهقي وغيره من استبدالها بـ(عند)؛ وذلك لأن (على) تأتي بمعنى (عند)، وممن قال بذلك:

• الإمام الحسن البصري - رحمه الله - في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله ﴾ [النساء: 17] قال[39]: يعني التوبة التي يقبلها الله، فتكون (على) بمعنى (عند).

 

• قال الرازي في "تفسيره"[40] في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴾ [البروج: 6] قال: تكون (على) بمعنى (عند)، كما قيل في قوله: ﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ﴾ [الشعراء: 14] أي: عندي.

 

• قال ابن حيان في "تفسيره"[41]: قال ابن الأنباري: (على) بمعنى (عند).

 

• قال القرطبي في "تفسيره"[42] في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ ﴾ [الأنعام: 30] قيل: (على) بمعنى (عند).

 

• وقال ابن حجر[43]: قوله: "فوقفنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" أي: على مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو (على) بمعنى (عند).

 

• وقال ابن علان الصديقي[44]: قال في "المصباح": تأتي (على) بمعنى (عند)، قال الشاعر:

"غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها"

قال الأصمعي: معناه من (عنده)[45].

 

• وقال الألوسي في "تفسيره"[46]: في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ﴾ [التوبة: 84]: ويفهم من كلام بعضهم أن (على) بمعنى (عند)، والمراد: لا تقف عند قبره.

 

وبعد كل ذلك، لو سلمنا ثبوت الزيادة لأمكن ردها من أوجه:

أولًا: أن يكون أبو جندل بنى المسجد بجوار القبر، ولم يكن المسجد فوق القبر، ولا القبر في قبلته، بل المسجد بجوار القبر، مع العلم بأن قبور الصحابة رضي الله عنهم لم تكن بارزة[47]، كما أحدث الناس في هذه العصور، فعلى هذا قد يكون بناء المسجد كصدقة لهذا الصحابي المجاهد رضي الله عنه، ولا يكون قصد بناء المسجد وجود القبر، ويكون من بناه اجتنب المحذور في ذلك، فما علمنا عن مكان لقبر أبي بصير بتلك المنطقة.

 

ثانيًا: لم يصرح في القصة بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما فعله أبو جندل وأنه أقره على ذلك.

 

ثالثًا: لو فرض علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وإقراره، فإنه قد يجاب عنه بأن هذا الحكم نسخ؛ لأن الأحاديث الصحيحة الصريحة في تحريم اتخاذ المساجد على القبور أعيادًا متأخرة[48].

 

والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.



[1] "دلائل النبوة" (4/172-175).

[2] "تاريخ دمشق" (25/299-300).

[3] "تاريخ الإسلام" (1/268-269).

[4] "فتح الباري" (5/413-414).

[5] "الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء" (2/184).

[6] "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" (2/179).

[7] "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" (2/179).

[8] "الاستيعاب في أسماء الأصحاب" (4/20-22).

[9] "أسد الغابة في معرفة الصحابة" (6/33).

[10] "المغازي" (2/629).

[11] "زاد المعاد في هذي خير العباد" (3/252-253).

[12] "الإصابة في تمييز الصحابة" (2/453).

[13] "المسند" (4/328-331).

[14] "صحيح البخاري" (5/387-392 رقم 2731، 2732).

[15] "سنن أبي داود" (رقم 2765).

[16] "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان" (رقم 4872).

[17] رواه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي" (ص 82) والخطيب في "الكفاية" (2/439 رقم 1213)، وينظر كلام الشافعي في عدم الاحتجاج بمراسيل صغار التابعين، والكلام على مراسيل الزهري "الرسالة" (ص 465-467 م 1285-1305).

[18] سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري ضعيف جدًّا، قال الإمام أحمد: لا يسوى شيئًا، لا يروى عنه الحديث ["العلل" رواية عبد الله (رقم 1570)] وفال يحيى بن معين: ليس يسوى فلسًا ["التاريخ" للدوري (رقم 2577)] وقال البخاري: تركوه ["الضعفاء الصغير" رقم 142)] وينظر ترجمته في "الجرح والتعديل" (4/100-101) و"تهذيب الكمال" (11/351-355).

[19] رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/368).

[20] رواه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (رقم 1).

[21] رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/260-261) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/369).

[22] رواه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (رقم 2).

[23] "تنقيح التحقيق" (4/585).

[24] "سير أعلام النبلاء" (5/339).

[25] "فتح الباري" (3/207).

[26] "التلخيص الحبير" (6/2895).

[27] "أسد الغابة" (6/32-33).

[28] "تاريخ دمشق" (55/368).

[29] "فتح الباري" (8/12).

[30] "صحيح البخاري" (5/392 رقم 2733).

[31] "فتح الباري" (5/414).

[32] "دلائل النبوة" (4/175-176).

[33] "الطبقات الكبير" (4/125).

[34] ينظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (26/195).

[35] "تاريخ بغداد" (3/14).

[36] ينظر "المجروحون" لابن حبان (2/284)، و"الكامل" (1719) و"تاريخ بغداد" (3/15).

[37] "الضعفاء الصغير" (334).

[38] "الكنى" (ق 65).

[39]نقله الثعالبي في "الكشف والبيان" (3/273) والبغوي في "معالم التنزيل" (2/184).

[40] "مفاتيح الغيب" (31/120).

[41] "البحر المحيط" (6 /216).

[42] "الجامع لأحكام القرآن" (4/2408).

[43] "فتح الباري" (1/189).

[44] "دليل الفالحين" (2/397).

[45] بنظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (3/184).

[46] "روح المعاني" (10/155).

[47] روى الإمام مسلم في "صحيحه" (968) عن ثمامة بن شفي قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها.

وروى أيضًا (969) عن عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته.

[48] من ذلك: ما رواه البخاري في "صحيحه" (3/238 رقم 1330) ومسلم (529) عن عائشة رضي الله عنها قالت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبورهم أنبيائهم مسجدًا" قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أن يُتخذ مسجدًا.

ورواه البخاري (6/570 رقم 3453، 3454) ومسلم (531) عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم - بزيادة "يحذر ما صنعوا".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرد على شبهة: السلفية ومنهجها .. عفى عليها الزمان
  • الرد على شبهة: السلفيون يعتمدون على أهل الحديث والأثر دون أهل الفقهاء
  • الرد على شبهة: أن السلفية تفرق ولا تجمع
  • الرد على شبهة: السنة تخالف العقل
  • مشروعية إبقاء المسجد الذي فيه قبر بعد إخراج القبر منه
  • شبهة حول تدبر القرآن والرد عليها
  • شبهة أن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك
  • الرد على إنكار ريتشارد دوكينز لعجائب وبدائع صنع الله وتقديره في خلق الحيوانات
  • الرد على دوكينز في قوله: إن حدوث الأشياء الحسنة والأشياء السيئة بالمصادفة
  • الرد على تفسير ريتشارد دوكينز لخلق آدم وإخراجه من الجنة، ومسائل أخرى

مختارات من الشبكة

  • الرد على المخالف عقديا: رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي أنموذجا (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرد على المخالف عقديا: رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي أنموذجا (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرد في المواريث(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الرد على المبتدعة لابن البناء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رسالة الرد المبين على المجيزين قراءة القرآن ويس على المحتضر والقبور وإهداء ثوابها للأموات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرد على منكري عذاب القبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرد على من ينكر عذاب القبر ونعيمه (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الرد على من يطعن في معاوية بن أبي سفيان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الرد العلمي على من يطعن في أبي هريرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرد على من يطعن في أبي بكر الصديق(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب