• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 16/1/1434 هـ - كيف النجاة من الواقع المر؟

الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ


تاريخ الإضافة: 3/1/2014 ميلادي - 1/3/1435 هجري

الزيارات: 52405

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كيف النجاة من الواقع المُرّ؟

 

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "كيف النجاة من الواقع المُرّ؟"، والتي تحدَّث فيها عن واقع المُسلمين اليوم، والمُلِمَّات التي نزلَت بالمُسلمين في كثيرٍ من البُلدان، وبيَّن أنه لا خروجَ من هذه الأزماتِ الطاحِنة أو النوازِل المُدلهِمَّة إلا بالاعتِصام بالكتابِ والسنةِ، وذكرَ شيئًا من الدلائل القرآنية والأحاديث النبوية والآثار الدالَّة على ذلك.


الخطبة الأولى

الحمد لله كاشفِ الضرَّاء ورافعِ البَلوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه أفضلُ من تضرَّع إلى ربِّه ودعا، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ أهلِ التقوى.


أما بعد، فيا أيها المُسلمون:

أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا -؛ فهي سبيلُ الفلاح فيا الدنيا وفي الأُخرى.


أيها المسلمون:

إن البشرَ على مُستوى مُجتمعهم وأفرادهم يمُرُّون في هذه الدنيا بأحوالٍ؛ منها حال البأساء والضرَّاء، حال المِحَن والمتاعِب والبلاء، وهكذا حالُ هذه الدنيا الفانِية الزائِلة، الدنيا التي تتنوَّعُ فيها الهُمومُ، وتتلوَّنُ فيها الغُموم.


وإن مُجتمعات المُسلمين اليوم يُعانُون من مضائِق لا نهاية لها، ويُقاسُون آلامًا لا حدَّ لها، وإلى الله المُشتكَى، وهو المُستعان، وعليه التُّكلان.


إن واقعَ المُسلمين اليوم يمُرُّ بمراحل خطِرة، وأزماتٍ مُتتابِعة؛ فكم هي المِحَن التي تقع؟! وكم هي الفتنُ التي تعصِفُ؟!


أسألُ اللهَ أن يُفرِّجَ الكربةَ ويكِشِفَ الغُمَّة، إنه هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.


إخوة الإسلام:

إن المُتأمِّل في حال المُسلمين مع هذه الحالِ التي وصفْنا يجِدُ عجبًا من الغفلة عن المنهج القُرآنيِّ الذي رسمَه للمُسلمين، وخطَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منهجًا واضحًا عند نزول الكُرُوب والشِّداد الخُطوب. المُسلمون لا يُمكنُ بأي حالٍ أن يجتازُوا مِحنةً أو أن يسلَموا من مُصيبةٍ إلا من مُنطلَق مبادِئَ قُرآنيَّةٍ وأُصولٍ نبويَّةٍ.

 

المُسلِمون لا تُحلُّ قضاياهم المُتعقِّدة، ولا يتخلَّصُون من مصائبِهم المُتعدِّدة بالتعلُّق بأي قوةٍ بشريَّةٍ مهما كانت بمَنأًى عن المنهج القرآني والتوجيه النبويِّ.


المُسلِمون أصحابُ رسالةٍ وذوو عقيدةٍ متينةٍ تقوم على الإخلاص بالتعلُّق بالخالق - عز وجل -، والتقوِّي بالقادر على كل شيءٍ - تبارك وتعالى -، والتوكُّل على القاهِر فوق عبادِه - جل وعلا -.


إن الأصلَ الأصيلَ والرُّكنَ الركينَ عند وقوع الكوارِث ونزول المصائِب أن يقطعَ المُسلِمون علائِقَهم إلا بالله - جل وعلا -، إخلاصًا وصدقًا، رغبًا ورهَبًا، تضرُّعًا ودُعاءً؛ فالأمةُ حُكَّامًا ومحكومين، شعوبًا وأفرادًا لا نجاةَ لهم من ضرَّاء، ولا مخلَصَ لهم من شقاءٍ إلا حينما يتيقَّنون بأن المخلَصَ لا يُمكنُ إلا من الخالقِ - جل وعلا -، المدعُوِّ عند الشدائد، المرجُوِّ عند النوازل، ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 63، 64].


إن المسلمين لم يسترِدُّوا أرضًا مُحتلَّة، ولم يتخلَّصُوا من عدوٍّ مُتغلِّبٍ إلا حينما تستقرُّ في قلوبِهم عقيدةٌ راسِيةٌ رُسُوَّ الجِبال، هي عقيدةُ التوحيد التي جاء بها محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، التي تتضمَّنُ أن الضرَّ لا يكشِفُه سوى الخالقِ، وأن البأساء لا يدفَعُها إلا البارئُ القادِرُ، ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].


أخرج ابنُ أبي حاتم وغيرُه: أن مالك الأشجعيّ جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أُسِرَ ابني عوفٌ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرسِل إليه بأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرك أن تُكثِرَ من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله». فأتاه الرسولُ، فأخبرَ عوفًا بذلك، فأكبَّ عوفٌ يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وكانوا - أي: الأعداء - قد شدُّوه بالقدِّ، فسقط القدُّ عنه فخرَج، فإذا هو بناقةٍ لهم فركِبَها فأقبَلَ، فإذا هو بسَرحِ القوم الذين كانوا شدُّوه، فصاحَ بهم، فأتبعَ آخرُها أولَها، فلم يفجِع أبوَيْه إلا وهو يُنادِي بالباب. فقال أبوه: عوفٌ وربِّ الكعبة. فقالت أمُّه: عوفٌ كئيبٌ يألَمُ لما فيه من القدِّ. فاستبقَ الأبُ والخادمُ إليه فإذا عوفٌ قد ملأَ الفِناءَ إبِلاً، فقصَّ على أبيه أمرَه وأمرَ الإبل، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرَه بخبر عوفٍ وخبر الإبل. فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اصنَع بها ما أحببتَ كما كنتَ صانِعًا بإبِلك»، ثم نزل قولُه - جل وعلا -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].


فيا تُرى من يقِفُ عند هذه القصة من أبناء المُسلمين عند الشدائد والكُروب؟!


يا أمة سيد الثَّقَلَيْن:

ما لكم عن طوق النجاة غافِلون؟ وعن سبيل الفرَج لاهُون؟ أنِيبُوا إلى العزيز الغالِبِ عند حدوث الحادِثات، ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنبياء: 76].


تضرَّعوا إلى المولَى - جل وعلا - عند نُزول المُلِمَّات، ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].


بالدعاءِ الصادق، بالتوجُّه إلى الله - جل وعلا - تحصُل السّعة بعد الضيق، والعافيةُ بعد البلاء، ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84].


أفلا نستجيبُ إلى ربِّنا كما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلُ؟! ففي الحديث الصحيح: «اللهم رحمتَك أرجُو فلا تكِلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ، وأصلِح لي شأني كلَّه، لا إله إلا أنت».


فمن أحسنَ الظنَّ بربِّه مُلتجِئًا إليه فرَّجَ عن الكُرُبات، وأزاحَ عنه المُلِمَّات، وسهَّلَ له الصعوبات. في الحديث القُدسي: «أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظُنَّ بي خيرًا».


وصدقَ من قال:

وإني لأرجُو اللهَ حتى كأنَّني
أرَى بجميل الظنِّ ما اللهُ صانِعُ

يا أمة الإسلام:

يا من أحاطَت بها الكُرُبات من كل جانبٍ! توجَّهُوا إلى الله وحدَه، وارجُوه - جل وعلا -، تضرَّعوا إليه، اطلُبوه - عز وجل -، حقِّقُوا دُعاءَ المسألة ودُعاءَ الطلب بصدقٍ وإخلاصٍ ويقينٍ تتحقَّقُ لكم عِزَّتُكم وأمنُكم وفلاحُكم وصلاحُكم، وإلا فمن رجَا غيرَ الله خابَ، ومن لاذَ بجنابِ غيره وُكِلَ إلى سرابٍ، وواقعُ الأمة عبرَ تأريخها أكبرُ شاهدٍ. قال - صلى الله عليه وسلم -: «من تعلَّق شيئًا وُكِلَ إليه».


يقول أبو يزيدٍ البِسطاميُّ: "عِشتُ مع الناس أربعين سنةً فوجدتُّهم أمواتًا غيرَ أحياء وما يشعُرون أيَّان يُبعَثون، فكبَّرتُ عليهم أربعَ تكبيراتٍ، ونفضْتُ يدِي منهم، وجدتهم لا يقطَعون ولا يصِلون، لا يُميتون ولا يُحيُون، لا يُقرِّبون ولا يُبعِدون، لا يُعِزُّون ولا يُذِلُّون، لا ينفعون ولا يضُرُّون". ثم قال مُتمثِّلاً:

لا تسألَنَّ بُنَيَّ آدم حاجةً
وسَلِ الذي أبوابُه لا تُحجَبُ
اللهُ يغضبُ إن تركتَ سُؤالَهُ
وترى ابنَ آدم حين يُسألُ يغضبُ

 

فيا تُرى هل يكونُ واقعُ الأمة حُكَّامًا ومحكومين أن يُراجِعوا أنفُسَهم وأن يُغيِّرُوا الحالَ عن الحالِ السابقةِ من التعلُّق بغير الله - جل وعلا - يمينًا ويسارًا، شرقًا وغربًا؟!


نعم، المُسلِمون لا تنقشِعُ عنهم مُلِمَّةٌ إلا بالتضرُّع الصادقِ إلى العزيز القدير، لا تُكشَفُ عنهم غُمَّةٌ إلا إذا أطاعُوا اللهَ مُخلِصين، وانقطَعوا إلى جنابِه، فهو على كل شيءٍ قديرٌ.


جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: إلا ما تدعُو؟ قال: «أدعُو إلى الله وحده الذي إن مسَّك ضرٌّ فدعوتَه كشفَ عنك، والذي إن ضللتَ بأرضٍ قَفرٍ فدعوتَه ردَّ عليك، والذي إن أصابَتك سنةٌ فدعوتَه أنبتَ لك».

وصدق من قال:

وصبرًا جميلاً ما أقربَ الفرَجًا
من راقبَ اللهَ ذي الأمر نجَا
من صدقَ اللهَ لم ينَلْهُ أذى
ومن رجاهُ يكونُ حيثُ رجَا

أيها المسلم:

إن أصابَكَ مرضٌ فالتجِئ إلى الله الشافي الكافِي، وإن أصابَتك فاقةٌ فتوجَّه إلى الله الغنيِّ الكافِي.


عن عُبيد بن أبي صالحٍ قال: دخلَ عليَّ طاوسٌ يعُودُني، فقلتُ له: ادعُ اللهَ لي يا أبا عبد الرحمن. فقال: ادعُ لنفسِك؛ فإنه يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه.


وقال وهبُ بن مُنبِّه: "قرأتُ في الكتاب الأول: أن اللهَ - جل وعلا - يقول: بعِزَّتي إنه من اعتصنمَ بي فإن كادَته السماوات بمن فيهنَّ والأرضون بمن فيهنَّ فإني أجعلُ له من بين ذلك مخرَجًا، ومن لم يعتصِم بي فإني أخسِفُ به من تحت قدمَيْه الأرض، فأجعلُه في الهواء، فأكِلُه إلى نفسه".


يا شُعوبَ المُسلمين! إنكم تُعانُون وتُعانُون، فالتجِؤوا إلى الله - جل وعلا -.


ذكرَ شيخُ الإسلام ابن تيمية أثرًا إلهيًّا: "لا تُشغِلوا أنفُسكم بسبِّ المُلوك، أطيعُوني أُعطِّفهم عليكم".


يا من يُعاني من المصائب! الجَأ إلى الله بصدقٍ وإخلاصٍ. يا من أصابَته الضرَّاءُ! ابتهِل إلى العزيز القهَّار، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

ذكرَ الحافظُ ابنُ عساكرٍ عن رجلٍ قال: "كنتُ أُكارِي على بغلٍ لي من دمشق إلى بلد الزَّبَداني، فركِبَ معي ذات مرةٍ رجلٌ، فمرَرنا على بعض الطريق غير مسلُوكةٍ، فقال لي: خُذ في هذه فإنها أقرب، فقلتُ له: لا خبرةَ لي فيها، فقال: بل هي أقربُ، فسلَكناها فانتهينا إلى مكانٍ وعرٍ ووادٍ عميقةٍ وفيه قتلًى كُثُر. فقال لي: أمسِك رأسَ البغل حتى أنزِل، فنزلَ وتشمَّر وجمعَ عليه ثيابَه، وسلَّ سكينًا معه وقصدَني، ففررتُ من بين يديه، وتبِعَني فناشدتُّه اللهَ وقلتُ: خُذ البغلَ بما عليه، فقال: هو لي، إنما أُريدُ قتلَك. فخوَّفتُه اللهَ والعقوبةَ فلم يقبَل، فاستسلَمتُ بين يديه، وقلتُ: إن رأيتَ أن تترُكني حتى أُصلِّيَ ركعتين؟ فقال: عجِّل. فقمتُ أُصلِّي، فأُرتِجَ عليَّ في القراءة فلم يحضُرني منه حرفٌ واحدٌ، فبقيتُ واقِفًا مُتحيِّرًا، وهو يقول: هِيه ابرُك. فأجرى اللهُ على لساني قولَه - جل وعلا -: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62].


فإذا أنا بفارسٍ قد أقبلَ من فم الوادي وبيده حربةٌ، فرمَى بها الرَّجُلَ فما أخطأَت فؤادَه فخرَّ صريعًا، فتعلَّقتُ بالفارسِ وقلتُ: باللهِ من أنت؟ فقال: أنا رسولُ الذي يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه ويكشِفُ السُّوءَ. قال: فأخذتُ البغلَ والحملَ ورجعتُ سالِمًا".


أيها المسلمون:

بالتوجُّه الصادق إلى الله - جل وعلا - يحصُل الفرَجُ بعد الشدَّة، ويحُلُّ اليُسرُ بعد العُسر، وإذا أوقدَت المكارِه، وأرسَت الخُطوب، وانقطعَت الحِيَل بالأرِيب؛ أتى اللُّطفُ من اللطيف المُستجيب.


فافرَحوا - أيها المسلمون -، وتيقَّنوا بمُناجاة الله وبدُعائه، وتحقيق التوحيد الخالص، والعمل الصالح، والنيَّة الصادقة؛ تُفلِحُ الأمة، وتقوَى شكوتُها، ويشتدُّ جانِبُها، مهما أحاطَ بها من خُطوبٍ وكُروبٍ.

وكلُّ الحادِثات وإن تناهَت
فموصولٌ بها فرَجٌ قريب

ولرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتَى
ذرعًا، وعند الله فيها المخرَجُ
ضاقَت فلما استحكمَت حلقاتُها
فُرِجَت وكنتُ أظنُّها لا تُفرَجُ

 

فيا أمة الإسلام:

يا من أصابَهم الضرَّاء والبلواء! لا تقنَطوا من رحمة الله، لا تيأسُوا من روح الله، فمهما وقع بكم فاعلَموا أن لكم ربًّا عظيمًا، وإلهًا قادِرًا، كلَّ يومٍ هو في شأنٍ، يُزيلُ الكُرُبات، ويُفرِّجُ المُلِمَّات، حتى عن المُشرِكين إذا أخلَصوا، ألم يقُل اللهُ - جل وعلا -: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65].


فكيف بمن أسلمَ! فكيف بمن أُوذِيَ وهو مؤمن وتوجَّهَ إلى الله سرًّا وجهرًا، شدَّةً ورخاءً؟! فالشأنُ الأعظمُ هو الإخلاصُ، والتوجُّهُ الصادقُ إليه، ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].


وما حصلَ من قريبٍ لكثيرٍ من المُسلمين خيرُ شاهدٍ، واللهُ - جل وعلا - هو القادر على كل شيءٍ.


يا مَن يُعاني من ظُلم الظالمين، وعُتوِّ الطغاة والجبَّارين! لا تيأسُوا من النصرِ؛ فالنصرُ عند الله للمؤمنين وعدٌ غيرُ مكذوبٍ.


ذُكِر أن عجوزًا في عهد ابنِ الفُرات اعتدَى على بُستانٍ لها وأخذَه ابنُ الفُرات، فقالت له: اتَّقِ اللهَ فالدارُ داري، والله لأدعُونَّ عليك. فقال مُستهزِئًا: انتظري الثُّلُثَ الأخيرَ. فانتظرَت الثُّلُثَ الأخيرَ وهي تدعُو، فجاء الخليفةُ وغضِبَ وأخذَ ابنَ الفُرات، وجلَدَه وقطعَ يدَه وعلَّقَها عند باب الخِلافة. ومرَّت عليه وإذا هو يُجلَدُ في الظَّهيرة، فقالت: جزاك اللهُ خيرًا على نصيحتِك بثُلُث الليل الأخير، ثم قالت:

 

إذا جارَ الوزيرُ وكاتِباهُ
وقاضِ الأرض أجحفَ في القضاءِ
فويلٌ ثم ويلٌ ثم ويلٌ
لقاضِي الأرض من قاضِي السماءِ

 

وصدقَ من قال:

لطائِفُ الله وإن طالَ المَدى
كلَمحة الطَّرفِ إذا الطَّرْفُ بدَا

 

بارك الله لي ولكم فيما سمِعنا وعلِمنا، إنه على كل شيء قدير، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ.


أما بعد، فيا أيها المسلمون:

خُذوا من الأسباب المشروعة الحِسِّيَّة والمعنويَّة ما يُفرِّجُ الكُرَب، ويُذهِبُ الهمَّ، وينصُر على الأعداء، قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «عبادَ الله تداوَوا، لا تتداوَوا بحرامٍ».


ولكنَّ الشأن كلّ الشأن في تحقيق التقوى والإنابةِ إلى المولَى، والتوكُّل على البارِي - جل وعلا -، والتعرُّف عليه في الشدَّة والرخاء، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾[الطلاق: 2، 3].


فمتى قوَّت الأمةُ إيمانَها بالله - عزَّ شأنُه -، ووثَّقَت الصِّلةَ به - سبحانه - في كل شأنٍ، في جميع الأمور صغيرِها وكبيرِها، وحسُنَ ظنُّها بربِّها كشفَ عنها الضرَّاءَ، وأبدلَ شِدَّتَها رخاءً، وهمَّها فرجًا، وعُسرَها يُسرًا.

 

هي الأيامُ والغِيَرُ
وأمرُ الله يُنتظَرُ
أتيأسُ أن ترى فرَجًا
فأين اللهُ والقدرُ؟

 

يا أيها الأمة:

أين الله والقدَر؟ فقدرُكم أنكم مربوطون بالقُرآن، مربوطون بسُنَّة سيد ولد عدنان، فما ابتعدتُّم عنهما أصابَكم الذلُّ، وأصابَتكم الكُروبُ والخُطوبُ مهما تعلَّقتُم بأيِّ قوَّةٍ من قُوى البشر.


إن المُؤمنَ متى استبطَأَ الفرَجَ وأيِسَ منه بعد كثرة دُعائِه وتضرُّعه، ولم يظهَر عليه أثرُ الإجابة؛ فإن الواجبَ أن يرجِعَ على نفسه باللائِمة، وأن يقول لها: إنما أُوتيتُ من قِبَلِك، ولو كان فيكي خيرًا لأُجِبتِ من الله - جل وعلا -.


قال ابنُ رجب: "وهذا اللومُ حينئذٍ أحبُّ إلى الله من كثيرٍ من الطاعات؛ فإنه يُوجِبُ انكِسارَ العبد لمولاه، واعتِرافَه له بأنه أهلٌ لما نزلَ به من البلاء، وأنه ليس بأهلٍ لإجابةِ الدُّعاء، فلذلك تُسرِعُ إليه حينئذٍ إجابةُ الدعاء، وتفريجُ الكُرَب؛ فإنه تعالى عند المُنكسِرة قلوبُهم من أجلِه، مُجيبًا سميعًا".


تعذَّرَ على جيش المُسلمين حين فتح كابُل الفتحَ، فدعا قائدُ الجيش: يا حيُّ يا قيُّوم - بصوتٍ مُرتفعٍ -، فارتجَّ الجيشُ بذلك صادقًا ومُخلِصًا، داعِيًا إلى الله سرًّا وجهرًا، ففُتِحَ على المُسلمين ما أرادوا، وأصبحَت بلادًا إسلاميَّةً بحمد الله.


ثم إن الله - جل وعلا - أمَرَنا بأمرٍ عظيمٍ، ألا وهو: الصلاةُ والسلامُ على النبي الكريم، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وأنعِم على سيِّدنا ونبيِّنا محمدٍ، اللهم ارضَ عن الصحابةِ أجمعين، وعن الآل ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المسلمين، اللهم فرِّج هُمومَنا وهمومَ المُسلمين، اللهم ارفَع الضرَّاءَ عن المُؤمنين، اللهم حقِّق لهم الأمنَ والرخاءَ والاستِقرارَ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اكشِف ما أصابَهم من غُمَّةٍ، اللهم اكشِف ما أصابَ المُسلمين من غُمَّةٍ.

اللهم اجمَع كلمةَ المُسلمين في مصر على التقوى، اللهم فرِّج عن المُسلمين في سُوريا، وفي فلسطين، وفي أفغانستان، وفي كل مكانٍ يا حي يا قيوم، اللهم هيِّئ للمُسلمين في لِيبيا أمرًا رشيدًا، اللهم احفَظ المُسلمين في اليمن، اللهم احفَظهم وأصلِح أمورَهم يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح أمرَ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين، اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين من مكر الأعداء، اللهم احفَظ المُسلمين من مكر الأعداء، اللهم احفَظ المُسلمين من مُخطَّطات الكفَّار والفُجَّار يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أقِم بلادَ المُسلمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر، وعلى الطاعة والتقوى يا حي يا قيوم.

اللهم حبِّب إليهم التحاكُم إلى كتابك واتباع سنةِ نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعَله عامَ رخاءٍ علينا وعلى المُسلمين.

اللهم احفَظ بلاد الحرمين، اللهم احفَظ عليها أمنَها واستِقرارَها، اللهم احفَظ عليها أمنَها واستِقرارَها، اللهم احفَظ عليها أمنَها واستِقرارَها، وسائرَ بلاد المُسلمين.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّ وترضَى، اللهم ألبِسه لباسَ الصحة والعافية، اللهم وفِّقه ونائِبَه لما تحبُّه وترضاه يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم لا تجعل للكفار عليهم يدًا ولا نعمة، اللهم لا تجعل للكفار على المُسلمين يدًا ولا نعمة يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.


عباد الله:

اذكُروا اللهَ ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب