• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

لا وضوء إلا من حدث

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/12/2013 ميلادي - 18/2/1435 هجري

الزيارات: 51700

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا وضوء إلا من حدَثٍ

الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - الطهارة (8)

 

عن أبي سعيد الخدري، قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه في الصلاة، فقال: ((لا ينصرف حتى يسمعَ صوتًا، أو يجد ريحًا))[1].

 

المسألة الأولى: معاني الكلمات:

قوله: (عن التشبه في الصلاة)؛ أي: عن الالتباس والشك في حصول الحدث في الصلاة[2].


وفي رواية عبدالله بن زيد عند البخاري ومسلم: أنه (شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة)، وفي رواية أبي هريرة عند أحمد (8592) مرفوعًا: ((إن أحدكم إذا كان في الصلاة جاء الشيطان، فأبس به[3] كما يأبِسُ الرجل بدابَّتِه، فإذا سكن له، أضرط بين أَلْيَتَيه ليفتنَه عن صلاته، فإذا وجد أحدكم شيئًا من ذلك، فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا لا يشك فيه)).


وفي رواية عند أبي داود (177) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركةً في دُبُره، أحدث أو لم يُحدِث، فأشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا)).

 

وفي رواية عند أحمد (12236) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: ((إن الشيطان يأتي أحدَكم وهو في صلاته، فيأخذ شعرةً من دُبُرِه، فيمدُّها فيرى أنه قد أحدث، فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا)).


وقوله: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا)): معناه يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين[4].


المسألة الثانية: أهمية الحديث وما في معناه:

قال النووي: (وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهي أن الأشياء يُحكَم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها)[5].


قلت: ومن أهمية هذا الحديث استنبط منه العلماء بعض القواعد الفقهية، منها:

1- اليقين لا يزال بالشك[6].

قال صاحب الأشباه والنظائر: (اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عليها ثلاثة أرباع الفقه وأكثر)[7].


مثاله: لو أن إنسانًا كان على طهارة من الحدث الأصغر، فأشكل عليه؛ هل هو متوضِّئ أم لا؟


فنقول: إنه متوضئ؛ لأن اليقين الوضوء، والشك هو الحدث، واليقين لا يزال بالشك.


ويندرج تحت هذه القاعدة قواعد أُخَر، منها:

• الأصل بقاء ما كان على ما كان:

مثاله: لو أن امرأة شكَّت في رضاع فلان من الناس هل أرضعته أم لا؟


فالجواب أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهو أنها أجنبية عنه ولم تُرضِعْه.

• اليقين لا يزال إلا بيقين.

• لا عبرة بالتوهم.


2- أن مَن دخل في فرض موسع حرُم عليه قطعه، إلا لضرورة:

دليلها قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي مر معنا في الباب وفيه: (فلا ينصرف).


• وهذه القاعدة تشمل جميع الفرائض:

مثاله: لو أن إنسانًا عليه قضاء رمضان، فنوى الصوم، ثم نوى الفطر من غير ضرورة، فهذا الأمر محرَّم، لا يجوز له أن يقطع صومه.


3- أن النص إذا جاء لبيان الغالب فلا مفهوم له:

دليلها قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي مر معنا في الباب، وفيه: (حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا).


مفهوم الحديث: أنه إذا لم يسمع صوتًا أو لم يجد ريحًا، فإنه باقٍ على وضوئه، ولو تيقن خروج الريح من غير سماع صوت أو وجود رائحة، وهذا خلاف الإجماع كما تقدم، فيقال: هذا المفهوم غير معتبر، لماذا؟


لأن النص جاء في سياق الغالب، وهو أن سماع الصوت وشمَّ الريحِ هو الغالب في معرفة الحدَث، وما كان في سياق الغالب فلا مفهوم له.


مثاله: قوله - تعالى -: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ [النساء: 23]، الرَّبِيبة هي بنت الزوجة من زوج آخر، فهل يجوز لك أن تتزوج منها؟


الجواب: لا، لكن مفهوم الآية أن هذه الرَّبِيبة لو لم تكن في حجره، ولم تكن تحت تربيته، لجاز له زواجها، ولكن نقول: إن النص جاء في سياق الغالب؛ لأن الغالب أن المرأة إذا كان معها بنت وتزوجت أنها تطلب أن تكون معها؛ إذًا المفهوم لا عبرة له، وتكون الربيبة محرَّمة حتى ولو لم تكن في حجر الزوج الثانى وتحت تربيته.


المسألة الثالثة: حكم خروج الريح من القُبُل والدُّبُر:

الأصل أن الإنسان يبني على الأصل، ذلك داخل الصلاة وخارجها على الراجح[8]، فلو أن إنسانًا متيقن الطهارة وشكَّ في الحدث، فهو باقٍ على طهارته، وهو قول جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة والحنفية، وقول الأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثَوْر، والطبري، وغيرهم.


إلا أن مالكًا فرَّق بين ما إذا كان في الصلاة وخارجها، فقال: يبقى على الطهارة إذا كان داخل الصلاة، وأما إذا كان خارج الصلاة، فقال: يبدأ الوضوء، ولم يتابعه على هذا غيره، وقد روي هذا عن الحسن البصري[9].


• خروج الريح من الدُّبر ناقض للوضوء بالإجماع، قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدبر، وخروج البول من ذَكَر الرجل وقُبُل المرأة، وخروج المَذْي، وخروج الريح من الدُّبُر، وزوال العقل بأي وجهٍ زال عقله - أحداثٌ ينقُضُ كلُّ واحد منها الطهارةَ، ويجب الوضوء)[10].


قلت: ويدل على ذلك حديث الباب الذي مرَّ معنا.


وحديث أبي هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدث حتى يتوضَّأ))، قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة، قال: فُسَاء أو ضراط[11].

 

• أما خروج الريح من القُبُل ففيه خلاف بين أهل العلم على قولين:

الأول: أنه ينقُض الوضوء، وبه قال الشافعي، وإسحاق، وابن المبارك، وبعض الحنابلة[12].


واستدلُّوا بعموم ما ورد في الحديثعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الوضوء مما خرج وليس مما دخل))[13].


وقالوا: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.


وأجيب: بأن الحديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به والاستدلال.


وقالوا: إن القاعدة: (إن الحدث ما خرج من أحد السبيلين).


وأجيب: بأن القاعدة ليس على إطلاقها، فليس كل خارج ناقضًا للوضوء، مثل رطوبة فرج المرأة على الراجح.


الثاني: لا ينقض الوضوء:

وبه قال أبو حنيفة، وابن حزم، وابن عَقِيل، وقالوا: لأن الفُساء والضراط اسمانِ لا يقعان على الريح إلا إن خرجت من الدبر[14].


قلت: وهو الراجح؛ لعدم وجود دليل صحيح يدل على نقض الوضوء بخروج الريح من القُبل.


فائدة:

احذر من الشيطان (فإنه عدوك):

في حديث الباب الذي مرَّ معنا بطُرُقِه المختلفة - كما بينت في المسألة الأولى - أن الشيطان لا يتوانى عن إضلال الإنسان وإبعاده عن الطريق المستقيم، وعن تلبيس أمر العبادة عليه؛ فعن ابن مسعود قال: (إن الشيطان ليُطِيف بالرجل في صلاته ليقطع عليه صلاته، فإذا أعياه نفخ في دُبُره، فإذا أحس أحدكم من ذلك شيئًا، فلا ينصرفنَّ حتى يجد ريحًا أو يسمع صوتًا)[15].

 

• فكن منه على حذر، فقد ذكر الله - عز وجل - صفات الشيطان في القرآن، فمنها ما قاله موسى - عليه السلام -: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾ [القصص: 15]، وقال - تعالى - لآدم وحواء: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الأعراف: 22].


• إذًا فالشيطان عدوٌّ ومضل ومبين، مضل معلومة؛ لأنه يضل الإنسان عن الطريق المستقيم، أما مبين فهي من أعجب العجب؛ لأنه واضح وبيِّن، ومع ذلك يتبعه كثير من الناس؛ لذلك أمرنا الله - سبحانه - وحذَّرنا ليس من اتباع الشيطان، ولكن من اتباع خُطُواتِ الشيطان؛ لأنه يجرُّ المرء ويستزِلُّه خطوة خطوة، فقد ورد التحذير من ذلك في أربعةِ مواضع من القرآن:

1- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168].


2- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208].


3- ﴿ وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الأنعام: 142].


4- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21].


• إذًا الشيطان يدعو إلى كل فحشاء وكل منكر، ويمكننا أن نجمل ما يدعو إليه في ستة أصناف يندرج تحتها مئات المعاصي والآثام، وهي:

1- الشرك بالله:

قال - تعالى - على لسان إبليس: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16]؛ أي: كما أغويتني وأضللتني وأهلكتني لأقعدن لعبادك الذين خلقتهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه، على الصراط المستقيم؛ أي: طريق الحق وسبيل النجاة، ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك، ولا يوحِّدوك بسبب إضلالك إياي[16].


وفي حديث سبرة بن أبي فاكه[17]، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الشيطان قعَد لابنِ آدمَ بأطرُقِه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال له: أتُسلِمُ وتَذَرُ دِينك ودِين آبائك، وآباء أبيك؟ قال: فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: أتُهاجِر وتَذَر أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطِّوَل[18] قال: فعصاه فهاجر، قال: ثم قعَد له بطريق الجهاد، فقال: هو جهد النفس والمال، فتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة، ويقسم المال، قال: فعصاه فجاهد))، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فمَن فعل ذلك منهم فمات، كان حقًّا على الله أن يُدخله الجنة، أو قُتل كان حقًّا على الله أن يُدخله الجنة، وإن غرِق كان حقًّا على الله أن يُدخله الجنة، أو وَقَصَتْه دابَّة كان حقًّا على الله أن يُدخله الجنة))[19].

 

2- البدع:

فإن المبتدعة أعداء الرسل، وهم الذين غيَّروا دين الله، وأمَروا الناسَ أن يعبُدوا الله بشرعٍ لم يأتِ به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأذن به اللهُ - سبحانه وتعالى.


3- الكبائر:

فإن أفلت المرءُ من الشرك والبدع، زيَّن له الشيطانُ الوقوعَ في الكبائر؛ كي يُهلِكه، عياذًا بالله.


4- الصغائر:

شيء يسير، ومكوث المرء على الصغائر أعظمُ من إتيانه الكبائر، فرُبَّ عبدٍ وقع في كبيرة كانت هي بداية الهداية، ولكن الصغائر يستهين بها العبد غالبًا، ومن القطر تدفق الخلجان، ومعظم النار من مستصغر الشرر.


5- التوسع في المباحات:

وهذا باب عظيم لكل مَن يفطن له؛ لأنه مباحٌ ليس بمحرَّم، فالشيطان يفتح على العبد هذا الباب حتى يجعله أسيرَ هواه، والتلذذ في المباحات؛ فعن عائشة أنها سمِعَتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من ساعةٍ تمرُّ بابن آدم لم يكن ذكَر الله فيها بخير إلا خسِر عندها يوم القيامة))[20].


6- الانشغال بالمفضول عن الفاضل:

أكثر الناس يقع في هذا، ولا يفطن له إلا العلماء، فالأعمال الصالحة درجات، فإن كان العبد سيعمل عملاً صالحًا ولا بد، وسوس الشيطان له كي ينقله من العمل الأعلى درجة إلى الأقل حتى يفوِّت عليه الفرصة الأعلى.


فمراد الشيطان من بني آدم أوضحه الله - عز وجل - أوضح بيانٍ في القرآن؛ حيث قال: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].


فالشيطان مرادُه أن يُدخِل الناس النار، فيدعوهم إلى الكفر، فإن أنجا الله العبد من الكفر، دعاه إلى البدعة، فإن نجا من البدعة ولزم طريق السنة، أوقعه في الكبائر، فإن نجا من الكبيرة، أوقعه في الصغائر، فإن نجا من الصغائر، شغله بالمباح الذي لا ثواب فيه ولا عقاب عن الأهم، فإن نجا من هذه، شغله بالمفضول عن الفاضل، وإن كان المفضول خيرًا أيضًا، لا بد أن يضع أمامه عَقبة من العقبات.


لذا أوصيك بالعلم، فمن خلاله تستطيع أن تواجه مكائد الشيطان، فإن من مكائده أن يدعو الإنسان أن يتكلم بغير علم؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 168، 169].



[1] حسن لغيره: ابن ماجه 514، كتاب الطهارة، واللفظ له، وأحمد 11912 - 11913، ولفظ أحمد: ((إن الشيطان يأتي أحدَكم وهو في صلاته، فيأخذ شعرةً من دبرِه، فيمدها، فيرى أنه قد أحدث، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا))؛ قال البوصيري - رحمه الله - في مصباح الزجاجة 1/74: هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه معلٌّ برواية الحفَّاظ من أصحاب الزهري عنه، عن سعيد، عن عبدالله بن زيد؛ اهـ.

وذكر العُقيلي عن الإمام أحمد أنه كان ينكر حديث المحاربي عن معمر، وقال العلائي في المراسيل: قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: لم نعلم أن عبدالرحمن بن محمد المحاربي سمع من معمر شيئًا، وبلغنا أنه كان يدلس؛ اهـ.

قلت: تابع الزهريَّ عليُّ بن زيد بن جدعان، كما عند أحمد متابعة تامة، ولكن لا يفرح بها كثيرًا؛ فعلي بن جدعان ضعيف، زِدْ على ذلك أنه زاد في بعض طريق الحديث عند أحمد: أبو نضرة، وهو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي، بينه وبين سعيد بن المسيب.

وهناك متابعة أخرى قاصرة عند أحمد 11082 وغيره من إسماعيل بن عُلَيَّة، حدثنا هشام الدستوائي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثنا عياض، قال: قلت لأبي سعيد الخدري مرفوعًا وفيه: ((وإذا جاء أحدَكم الشيطانُ، فقال: إنك قد أحدثت، فليقل: كذبتَ إلا ما وجد ريحَه بأنفه أو سمِع صوتَه بأُذنه)).

وفي إسناده ضعف؛ لجهالة عياض، فقيل: هو هلال بن عياض، وقيل: عياض بن عبدالله، وقيل: عياض بن أبي زهير الأنصاري، قال محمد بن يحيى الذُّهلي: الصواب: عياض بن هلال، وبقية رجاله ثقات، رجال الشيخين.

ورواه الحاكم في المستدرك 1/134، من طريق حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير به، لكنه قال: عن عياض بن عبدالله بن سعد بن أبي سرح، وحكم بصحة الحديث ووافقه الذهبي، وكذا قال ابن حجر في التلخيص الحبير 1/226 قال: أما حديث أبي سعيد: فرواه الحاكم من طريق عياض بن عبدالله عنه.

قلت: على أي حال، فالحديث على أقل أحواله حسن لغيره، وله شواهد منها:

1- حديث عبدالله بن زيد عند البخاري 137، ومسلم 361.

2- حديث أبي هريرة عند مسلم 362.

والحديث صححه لغيره الألبانيُّ - رحمه الله.

[2] حاشية السندي على ابن ماجه 1/185.

[3] قوله: فأبس به، قال السندي: من الإبساس: وهو التلطُّف بالدابة بأن يقال لها: بس بس، تسكينًا لها.

[4] شرح مسلم للنووي 2/75.

[5] نفس المصدر 2/75.

[6] قال فضيلة الشيخ رمضان قرني معلقًا: قاعدة اليقين لا يزال بالشك، هي إحدى قواعدَ خمسٍ تعتبر أمهاتِ قواعد الفقه، وكل قاعدة منها تندرج تحتها من المسائل والفروع ما لا يحصى، وقد تندرج تحت القاعدة الواحدة منها ما يقارب المائة مسألة من مسائل الفقه، وهذه القواعد الخمس هي:

1- الأمور بمقاصدها. 2- اليقين لا يزال بالشك. 3- المشقة تجلب التيسير. 4- الضَّرر يزال. 5- العادة محكمة.

[7] الأشباه والنظائر 1/115.

[8] قال فضيلة الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: دليل المسألة خارج الصلاة، في صحيح مسلم 831، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه أخَرَجَ منه شىء أم لا، فلا يخرُجنَّ من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا))، فهذا الحديث يرد قول مَن فرق بين داخل الصلاة وخارجها.

[9] المغني 1/262 بتصرف.

[10] الإجماع 3.

[11] البخاري 135، ومسلم 225.

[12] بداية المجتهد 1/40، والأم 1/17.

[13] ضعيف: البيهقي في السنن الكبرى 580، وضعفه بشعبة مولى ابن عباس، قال الذهبي في المهذب: وشعبة ضعفوه، والفضل واهٍ، وصوابه موقوف؛ اهـ، وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وقال ابن عدي: لعل البلاء فيه من الفضل بن المختار، وقال ابن حجر: فيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف جدًّا، وشعبة مولى ابن عباس، وهو ضعيف، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة، وسنده أضعف من الأول؛ اهـ، وقال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني: فيه الفضل بن المختار، مجهول، يحدِّث عن ابن أبي ذؤيب بالأباطيل؛ فيض القدير 6/375.

وكذا رواه البيهقي عن علي بن أبي طالب 761، وقال: وروينا عن علي بن أبي طالب وابن عباس: ((الوضوء مما خرج وليس مما دخل))، وإنما قالا ذلك في ترك الوضوء مما مسَّت النار.

[14] المبسوط 1/83، والمحلى 1/232، والمغني 1/230.

[15] عبدالرزاق في مصنفه 536، والطبراني في المعجم الكبير 9130، وقال الهيثمي 1/:42: رجاله موثَّقون.

[16] تفسير ابن كثير 2/8.

[17] قال ابن الأثير: سبرة بن الفاكه، وقيل: ابن أبي الفاكه، وقيل: إنه مخزومي، وذكر ابن أبي عاصم أنه أسدي بن خزيمة، يعد من الكوفيين.

[18] هو الحبل الطويل، يُشد أحد طرفيه في وتد أو غيره، والطرف الآخر في يد الفرس، ليدور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه؛ قاله في النهاية.

[19] النسائي 3134، وأحمد 15958، وابن أبي شيبة 19329، وصححه الألباني في صحيح الجامع 736.

[20] الطبراني في الأوسط 8316، والبيهقي في شعب الإيمان 508 وقال: وفي هذا الإسناد ضَعْفٌ، غير أن له شواهدَ من حديث معاذ، وصحَّحه الألباني في الصحيحة 2197، وتراجع عن تصحيحه؛ انظر: السلسلة الضعيفة 10/740-774.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مسائل فى الوضوء
  • (نواقض الوضوء) من بلوغ المرام

مختارات من الشبكة

  • تخريج حديث: فمن كان سائلا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا وضوؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الوضوء قبل النوم: النوم على وضوء سبب من أسباب استجابة الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حتى لا يحتاج الوضوء إلى وضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوضوء بفضل وضوء المرأة(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • شرح حديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • نقطة ضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وضوء الروح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أركان وشروط وسنن الوضوء على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما هو تعريف الوضوء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخطاء تقع في الوضوء والصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب