• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عيد الأضحى بين الروح والاحتفال: كيف نوازن؟
    محمد أبو عطية
  •  
    مسائل وأحكام تتعلق برمي الجمرات في الحج
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المقاصد الربانية للعشر المباركة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (5)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446هـ
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (4)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العيد في زمن الغفلة... رسالة للمسلمين
    محمد أبو عطية
  •  
    الأضحية ... معنى التضحية في زمن الماديات
    محمد أبو عطية
  •  
    خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    صلاة العيد وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 3 / 07 / 1430 هـ

الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/6/2009 ميلادي - 5/7/1430 هجري

الزيارات: 12532

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غفلة القلب

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليُظهِرَه على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه إلى يوم يُبعثون.

 

أما بعد:

فاتقوا الله بالتقرُّب إليه بفعل الخيرات وهجر المنكرات؛ فإن الحياة الدنيا سريعةُ الزوال، مُتقلِّبَة الأحوال، ولم يخلُقِ اللهُ الخلقَ فيها ليكونوا مُخلَّدين، ولا ليكونوا فيها مُهمَلين، لا يُؤمرون بطاعةٍ ولا يُنهون عن معصية؛ بل خلقهم عبيدًا مُكلَّفين، سعادتهم في طاعة ربهم أرحم الراحمين، وشقاوتهم في معصية رب العالمين.

 

قال - تعالى: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70]، وقال الله - تعالى: ﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [الجن: 23].

 

ألا وإن في يد الموت كأسًا لأي أحدٍ في هذه الدار سيذوقُ سكراته وقطع لذَّاته، قال - تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((أكثِرُوا من ذكر هادم اللذات)) - يعني: الموت؛ رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ".

 

فإن الموت ما ذُكِر في قليلٍ إلا كثَّرَه، وما ذُكِر في كثيرٍ إلا قلَّلَه، وكفى بالموت واعظًا، وبعد الموت أهوالٌ عِظامٌ لا يدري المرء هل سيكون قبره روضةً من رياض الجنة، أو حفرةً من حفر النار؟ والحياة الآخرة إما نعيمٌ مُقيمٌ أبديٌّ، وإما عذابٌ أليمٌ سرمديٌّ.

 

ألا وإن ما يسعد به الإنسان في هذه الدنيا حياةُ القلب ويقظته، ومراقبة المرء لنفسه بمحاسبتها في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ؛ فمَنْ حَاسَبَ نفسَهُ قبل حسابه في الآخرة قَلَّ حسابه في الدار الأخرى، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: "حاسِبُوا أنفسكم فبل أن تُحاسَبُوا، وزِنُوها قبل أن تُوزَنُوا، وتأهَّبُوا للعرض الأكبر قبل لقائه".

 

وحياة القلب أعظم ما أنعم الله به على العبد، وبهذه الحياة تسرُّه الحسنة وتُسوؤه السيئة، قال - تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]، وقال - تعالى: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235].

 

وحياة القلب هي توحيدُه لله - تعالى - ومحبته والتوكل عليه، والأُنسُ بذكره، والفرح بطاعته وكراهية معصيته، والإنابة إلى دار الخلود والحذر من دار الغرور، وتجنُّب المظالم، والاستقامة على الهدى.

 

وإذا تمَّتْ حياةُ القلب عاشَ حياةً طيبةً في الدنيا، وسبَقَت له من الله الحسنى في الأخرى، قال الله - تعالى: ﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ﴾ [الأنعام: 122].

 

والحياةُ التامَّة الأبديَّة لمن حيِيَت قلوبهم بالإيمان، وعمِلُوا بالقرآن، قال الله - تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64]، وفي الحديث: ((مَثَلُ الذي يذكر الله ومَثَلُ الذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت))، وذِكرُ الله أعمُّ من ذكره باللسان؛ فالطاعة ذكرٌ لله - تعالى، وترك المعصية لله ذكر للرب - عز وجل، ألا وإن شقاوة القلب وإن هلاك العبد في الغفلة عن الله - تبارك وتعالى - والإعراض عن طرق الخيرات.

 

والغفلة نوعان:

1- غفلة كفر ونفاق أكبر: وهذه الغفلة صاحبها ميت القلب، شقيٌّ محرومٌ من كل خير، لا يعملُ بطاعةٍ ولا يكُفُّ عن معصية، همُّهُ همُّ البهائم لا يعمل لجنةٍ ولا يخافُ من نارٍ، ولا ينزجِرُ للوم لائمٍ، ولا يُصغِي لناصحٍ، ولا يعبأُ بأيِّ كلامٍ ناله بترك الفرائض وفعل المحرمات.

 

قال الله - تعالى - في غفلةِ الكفر والنفاق: ﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ ﴾ [النحل: 106، 109]، وقال - تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، وقال - تعالى: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7].

 

2- والنوع الثاني من الغفلة دون غفلة الكفر والنفاق الأكبر: وهذه الغفلة درجاتٌ في إثمها ومضارِّها وآثارها على العبد وعلى المجتمع، وأفرادُ هذا النوع من الغفلة كثيرةٌ لا تُحصَى إلا بمشقة:

• فغفلةُ التقصير في حقوق الله وحقوق العباد: فلا يقوم المسلم بهذا الواجب أتمّ القيام فيفوته من الخير والثواب بقدر ما يفوته من العمل، ويكتسب من الذنوب والآثام والعقوبة بسبب الغفلة بقدر ما اكتسب بسبب هذه الغفلة عن العواقب وعدم الاهتمام بالحقوق.

 

• وغفلةٌ عن الشكر على النعم: فيأكل ويشرب ولا يتفكَّر في عظمة المُنعِم - سبحانه - ولا ما يجب له من الحقوق، ولا ينظر في الطرق التي وصل إليه بها الطعام أو الشراب واللباس الذي يقِيَه الحر والبرد، ويتجمَّل به عند الناس، ولا يُديم الشكر على النعم التي غَمَرَته من كل جانب، قال - تعالى: ﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 25- 32]، وقال - تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68- 70].

 

• وغفلةٌ عن الشكر على الصحة والعافية التي لا يشتريها أحدٌ بثمن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ)).

 

• وغفلةٌ عن الشكر على العقل الذي فضَّلَ الله - تعالى - به الإنسان؛ فيُدمِّره بالمسكرات والمخدرات، أو يستعمله في الشر ومحاربة الفضائل والخيرات، أو يعمله فلا ينتفع به.

 

• وغفلةٌ عن الشكر على المال: وشكر الله على المال بإعطاء الحقوق منه وعدم الاستطالة به، وعدم استعماله في المحرمات.

 

• وغفلةٌ عن الشكر على الأمن الذي به يُقوِّي الله الدين، ويجمع الكلمة، ويُصلِحُ الله به الدنيا، ويأمن الناس به على نفوسهم وعلى أموالهم ومساكنهم، وشكر الله عليه بألا يكيد لهذا الأمن ولا يمكن لأحد أن يعبث به.

 

• وغفلةٌ عن الشكر على الولد: فترك الشكر على الولد هو بتركه مُهمَلاً بلا توجيهٍ وتربية إسلامية، وشكر الله على الولد بإلزامه بطاعة الله وإصلاح أمره وأحواله بما يُحقِّقُ له السعادةَ في الدنيا والآخرة، قال الله - تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].

 

فليحذر المسلم من الغفلة؛ فإن باب الغفلة يدخل منه الشيطان عليه، وشرٌّ عظيمٌ على المسلم أن يتَّقِيه بما شرع الله له من العلم النافع والعمل الصالح، ودوام التذكر واليقظة، والحرص على إغلاق مداخل الشيطان عليه، قال الله - تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201، 202].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهديِ سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّمْ وباركْ على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

 

أيها المسلمون:

إن الله فرض تعظيمه وإجلاله وخشيته والرهبة منه: ﴿ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44]، وقال - تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]، وقال - عز وجل: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، وإن من إجلال الله وتعظيمه تعظيمُ كلامه - جل وعلا، وتعظيم اسمه بالعمل بكلامه وإكرامه وتقديس اسمه - جل وعلا.

 

ألا وإنه في أيام الاختبار يقعُ من بعض الناس استهانةٌ بالمصحف الكريم، أو ببعض الآيات الكريمات، أو باسمٍ من أسماء الله الحسنى، فيرمِيها على الأرض، أو في الزبائل، أو في القمامة، وهذا كفرٌ بالله لما فيهِ من الاستهانةِ بالمصحف الكريم.

 

ونُحذِّرُ من رميِ المجلات والصحف التي فيها آياتٌ أو أحاديثُ أو امتهانها بجعلها سُفرة؛ فهذه كبيرةٌ من الكبائر، وقد قال - تبارك وتعالى: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، ولما نزلت هذه الآيةُ قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوها في سجودكم))، ولما نزل قول الله - عز وجل: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوها في ركوعكم))، وقال - عليه الصلاة والسلام: ((وأما الركوع فعظِّمُوا فيه الربَّ، وأما السجود فأكثِرُوا الدعاءَ، فإنه قَمِنٌ أن يُستجابَ لكم)).

 

وقال - تبارك وتعالى - في محكم كتابه: ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾، قرأها ابن عامر - رحمه لله تعالى – بالرفع: ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ فكلامُ الله صفةٌ من صفاته يُعظَّمُ كما يُعظَّم الرب - جل وعلا، واسمُ الله - تعالى - دالٌّ على ذات الرب، ومُتضمِّن صفاته فيُعظَّمُ كذلك.

 

وعلى الطلاب إذا فرغوا من المواد التي اختبروا فيها على الطالب أن يحتفظ بها أو يردّها للمدرسة، والمصحف الكريم يُدخِلُه المساجد، ولا يجوز رميُ شيءٍ من ذلك، وعلى كلِّ أحدٍ رأى هذا عليه أن يرفع المصحف، وأن يكرم اسم الله - عز وجل - وأن يرفع ذلك، ولا تُمتَهَنُ الجرائد والمجلات التي فيها آياتٌ وأحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيجب إكرام ما وقع على الأرض من ذلك.

 

فاتقوا الله - عباد الله، تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، وإياكم والغفلة التي يدخل الشيطان منها على ابن آدم؛ فإن الله - تبارك وتعالى - قال: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقد قال - عليه الصلاة والسلام: ((من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا))؛ فصلُّوا وسلِّمُوا على سيد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين.

 

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا بمنِّكَ وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا قوي يا عزيز، اللهم أرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله مُلتبِسًا علينا فنضلَّ يا أرحم الراحمين يا رب العالمين، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مُستقيمٍ.

 

اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، ضاعِفْ حسناتِهم، وتجاوَزْ عن سيئاتهم يا رب العالمين، اللهم تولَّ أمرَ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، وتولَّ أمرَ كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ إنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأنت على كل شيء قدير.

 

اغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتنا يا أرحم الراحمين، اللهم لا تكِلْنا إلى أنفسنا طرفةَ عين، اللهم أعِذْنا من شر أنفسنا وأعذنا من سيئات أعمالنا، اللهم أعِذنا من شر كل ذي شر يا رب العالمين، أنت المعاذ لا إله إلا أنت، اللهم نسألك أن تُثبِّتَ قلوبنا على طاعتك، اللهم ثبِّتْ قلوبنا على طاعتك.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم وُلاةَ أُمورنا، اللهم وفِّقْ خادمَ الحرمَيْن الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفِّقْه لهُداك، واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، وأعِنْه على أمور الدنيا والدين، اللهم أعِنْه على ما فيه الإصلاح والصلاح يا رب العالمين، اللهم وهيِّئْ له البطانة الصالحة التي تُذكِّرُه بالخير وتُعِينُهُ عليه يا رب العالمين، اللهم وفِّقْ نائبه لما تحبُّ وترضى ولما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم وفِّقْ نائبه الثاني لما تحب وترضى ولما فيه الصلاح للبلاد يا رب العالمين، اللهم اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خير لشعوبهم وأوطانهم إنك على كل شيء قدير.

 

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 90، 91].

 

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أول منازلنا بعد الموت

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة حجة الوداع والدروس المستفادة منها (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (12)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- استغفر الله
تلميذة الحياة - السعودية 27-06-2009 09:53 PM

جزاكم الله خيرا على هذا النقل وجعله بموازين حسناتكم
................
دعاؤكم لجدتي بالشفاء من المرض الخبيث
أسأل الله ان يخفف عنها الألم

1- وفقكم الله
عبد الخالق - مصر 27-06-2009 06:42 PM

لا شك أن الإنسان إذا فعل العبادة بحضور القلب فهو أفضل, لكن إذا فعلها مع الغفلة فإنه يؤجر على هذا؛ لأن أصل فعله إنما كان عن نية التقرب إلى الله عز وجل, وهذا كاف لثبوت الثواب, لكنه يكون ناقصاً بلا شك، ولهذا قال الله عز وجل: { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } [الكهف:28] ولم يقل: من أغفلنا لسانه, وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان عند ذكر الله أن يكون حاضر القلب, حتى لا يكون قلبه غافلاً, ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر: ( أن الشيطان يأتي الإنسان في صلاته ويقول: اذكر كذا اذكر كذا يذكره بما كان ناسياً ) ولم يقل الرسول: إن صلاته باطلة, فدل ذلك على أن الذكر وكل قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه مع الغفلة يكون له ثواب فيها, وتجزئه عن الواجب إن كانت واجبة لكنها ناقصة بحسب نقص حضور القلب وجعل الله هذا العمل في موازين حسنات الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/12/1446هـ - الساعة: 15:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب