• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

موت محمد والمسيح عليهما السلام

موت محمد والمسيح عليهما السلام
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/11/2013 ميلادي - 21/1/1435 هجري

الزيارات: 9064

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (11)

حقائق الإسلام الدامغة وشبهات خصومه الفارغة

الرد على ضلالات زكريا بطرس

موت محمد والمسيح عليهما السلام


• يروي ابن هشام في كتابه عن سيرة النبي أن محمدًا مات بعد حمَّى شديدة، وقال: ((إن سم اليهود كسَّر قلبه، لقد دسَّت امرأة يهودية السم في طعامه، فمات الضيف عند محمد، ولكنه لاحظ السم، وبصَق الطعام قبل بلْعه، إنما دخل قليل من السم في جوفه، وأدى إلى وفاته، فمات محمد موتًا غصبًا عنه على صدر زوجته عائشة في المدينة المنورة، لم يمُت المسيح حسَب القرآن نتيجة لمرض أو حيلة من أعدائه، إنما الله تدخَّل في هذا الأمر حسب سورة آل عمران 55، وقال للمسيح شخصيًّا: إني متوفيك ورافعك إليَّ، مع العِلم أن هذه الحادثة غير مُعلنة في الإنجيل، فنستنتِج من هذه الآية أن المسيح لم يمت موتًا عاديًّا، بل تُوفِّي حسب خطة الله ولطفه في السلام، ولا ينكِر القرآن موت المسيح التاريخي، خاصة إنْ قرأنا نبوءة المسيح عن نفسه في سورة مريم 33؛ حيث يقول: ﴿ وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، المسيح وُلد ومات وقام من قبره حسَب القرآن، كما أخبرنا الإنجيل مُسبقًا، وكل من يؤمن بهذه الحقيقة التاريخية يحيا مع الحي المقام من بين الأموات.

 

سوف لن يموت المسيح بعد رجوعه على الأرض؛ لأنه لم يقل: سوف أموت في المستقبل البعيد، بل قال: أموت في المستقبل القريب الحاضر؛ فالقرآن يعترِف بولادة المسيح وموته وقيامته مُتتابعًا، كما يشهد جميع المسيحيين متأكدين من تاريخية موت ابن مريم، مات المسيح بإرادته في سلام تام، ونقرأ في الإنجيل أن المسيح عرَف كيفية موته مسبقًا، وعيَّن اليوم والساعة لوفاته في موعد طقوس عيد الفصح، فمات طوعًا لا غصبًا، كحَمَل الله الذي رفَع خطِيَّة العالم.

 

• حين وصلت إلى الفقرة السابقة من كلام الواعظ الموهوم، قلت في نفسي: عجبًا لابن آدم، يكون في سِتر وعافية، وخيره كافٍ شرَّه، فيأبى إلا أن يعرِّض نفسه دون معنى للفضائح، هاتكًا بيده سِتر الله عليه، نعم، فقد كان الواعظ النجيب في غنًى عن ردي عليه وفضيحتي له، ولما يدافِع عنه؛ إذ كنت ساكتًا وواضعًا يدي على خدي أجتَرُّ ذكرياتي وأفكِّر في حالي، إلى أن وقعتُ على هذا المقال، وخطَر في بالي أن أردَّ عليه، ولما بلغت الفقرة السابقة، ازداد استغرابي؛ لأن فضيحة الواعظ هذه المرة ستكون من النوع (المُجلجِل) ذي الأجراس الكَنَسية الضخمة المصمِّة للآذان؛ إذ السؤال هو: وماذا في أن يكون محمد - عليه الصلاة والسلام - قد مات مقتولاً؟ وهل إذا قُتِل إنسان في قضية شريفة، يكون في هذا مَعابة له؟ بالعكس، إنه شرَف ونُبل وسُموق لا يناظِره أي شرف أو نُبل أو سموق آخر، إنها الشهادة في أعظم وأجَلِّ صورها، ومعروفةٌ مكانة الشهيد عند رب العالمين، ولكَم ودَّ النبيُّ الكريم لو أنه قُتِل في سبيل الله، ثم أُحْيِيَ، ثم قُتِل كرَّة أخرى، ثم أُحْييَ، وهكذا دَواليك، لما يعلَمه - صلى الله عليه وسلم - من منزلة الشهداء، ولماذا نذهب بعيدًا، ولدينا الأناجيل؟ فتعالَوا نطالِع ما فيها؛ حتى نعرف أرجلنا من رؤوسنا، أليس يحيى الذي هو أعظم من أنجَبت النساء بنص كلام المسيح، قد مات مقتولاً؟ ترى أَيعيبه هذا؟ كلاَّ، بل العيب كل العيب فيمن سمِع بمقتله على النحو الشنيع الذي نعرف، وبلغه أن رأسه قد احتُزَّت وقدِّمت على طبق من ذهبٍ هدية لعاهرة من العاهرات، فلا يتحرَّك قلبه، ولا تذري عينه ولو دمعة واحدة من باب المجاملة رُغم قرابته له، ورغم تعمُّده وتَطهُّره ونيله التوبة على يديه! أليس كذلك؟ ومرة أخرى نسأل: وماذا في أن يموت الإنسان مقتولاً؟ وكيف يُثير الواعظ هذه النقطة، وهو وقومه يقولون: إن عيسى قد مات تلك الميتة البشعة المهينة المذلَّة التي يصِفها مؤلِّفو الأناجيل، والتي ناله فيها البصق والضرب بالرمح في الجنب، وبالعصا فوق الرأس، والشتم والتهكُّم المُر، والعطش الحارق؟ فإذا عرَفنا أنه عندهم إله، تكون الطامة قد تجاوَزت حدود المعقول وبرجَلت العقول!

 

علاوة على أن المصلوب ملعون بنَصِّ الكتاب المقدس؛ كما جاء في الإصحاح الثاني والعشرين من سِفر التثنية: "وإذا كان على إنسان خطيئة حقها الموت، فقُتِل وعلَّقته على خشبة، 23 فلا تبِت جثته على الخشبة، بل تدفِنه في ذلك اليوم؛ لأن المُعلَّق ملعون من الله، فلا تُنجس أرضك التي يُعطيك الرب إلهك نصيبًا"، وهو النص الذي أطاش لبَّ بولس، فأخذ يبحث عبثًا عن مخرَج، فلم يجد إلا التأويل التالي المسيء في حق سيدنا عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم -: "13 المسيح افتدانا من لعنة الناموس؛ إذ صار لعنة لأجلنا؛ لأنه مكتوب: "ملعون كل من عُلِّق على خشبة"؛ 14 لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع؛ لننال بالإيمان موعد الروح"؛ (غلاطية: 3)؛ أي: إن الله يعرِّض نفسه للعنة من أجل خلْقه، ومن الذي يلعنه يا تُرى؟ طبعًا هو نفسه؛ لأن اللعنة إنما تكون من الله! بالله هل فهِم أحد شيئًا؟ لا يا صاحبي، حَدُّ الله بيننا وبين الآلهة الملاعين! وطبعًا نحن لا نؤمن بشيء من هذا، بل أردت فقط أن أبيِّن إلامَ تنتهي بنا الأمور لو طاوَعنا الواعظ الطيب، ومشَينا معه "لحد باب الدار"، مع احترامنا التام لسيدنا عيسى ابن مريم - عليه وعلى أمه الصلاة والسلام.

 

وهذا إن كان الرسول قد مات مسمومًا كما قيل في بعض الروايات؛ إذ السؤال هو: هل يمكن أن يموت أي شخص من مِثل ذلك المقدار التافه من السم؟ ومتى؟ بعد عدة سنوات؟ ترى أمن المعقول ألا يُصاب الرسول - عليه السلام - ساعتها بأي ألَمٍ أو عَرَض من أعراض التسمُّم، ثم يظهر مفعول السم بعد مرور عدة سنوات؟ ذلك أن تلك الرواية التي لا معنى لها تقول: إن واقعة السم قد حصَلت في غزوة خيبر؛ أي: سنة سبع للهجرة، بينما تمت الوفاة بعد هذا بثلاث سنوات! وفي الطب يُقَسَّم التسمم إلى: تسمم حاد، وفيه يتعرَّض الشخص لجُرعة واحدة كبيرة من السم، أو جرعات متعددة خلال فترة قصيرة من الزمن لا تتجاوز 24 ساعة، وتظهَر الأعراض وتتطوَّر بسرعة كبيرة، وتنتهي بالوفاة إذا لم يُسْعَف المتسمم، وهناك التسمم المزمِن، وفيه يتعرَّض الشخص لجرعات صغيرة متتالية من السم خلال مدة طويلة من الزمن، قد تمتدُّ لعدة سنوات، وفي هذه الحالة فإن السم يتراكَم في الجسم وتَزداد نسبته تدريجيًّا، حتى تبلغ حدًّا كافيًا لظهور الأعراض المرَضية، وإلى القارئ أيضًا السطور التالية من مادة "Poison" في "الويكيبيديا"، وهي تجري في نفس المجرى:

"Acute poisoning is exposure to a poison on one occasion of during a short period of time.

• Symptoms develop in close relation to the exposure.

• Chronic poisoning is long - term repeated or continuous exposure to a poison where symptoms do not occur. Or after each exposure immediately"

 

ومن الواضح أن حالة الرسول - بِناء على الرواية المذكورة - لا تندرج تحت أي من هذين التصنيفين، ومن ثم فلا معنى لترديد ذلك الكلام الغريب، وحتى لو تجاهَلنا هذا كله، وهو مما لا يصح تجاهُله، وقلنا: إنه - عليه السلام - قد مات مسمومًا، لقد قتلته يهودية كما قتَل المسيحَ اليهودُ حسَب زعْم النصارى؛ فالحال بعضه من بعض إذًا، فلماذا الزعم بأن قتْله - صلى الله عليه وسلم - يَنال من كرامته؟

 

هذا، وقد راجعتُ الحديث الخاص بتلك المسألة في "موسوعة الحديث" المسمَّاة: "تيسير الوصول إلى أحاديث الرسول" (بموقع "الدُّرَر السَّنِية")، وهي من أضخم موسوعات الحديث النبوي وأحظاها بالخدمة العلمية، فوجدت له أربع روايات! أوردتْها الموسوعة وخرَّجتها جميعًا على النحو التالي: ((ما زالت أكْلة خيبر تُعاودني كل عام، فهذا أوان انقطاع أَبْهَري))، الراوي: أبو هريرة، خلاصة الدرجة: فيه سعيد بن محمد الوراق، ذكر من جرَّحه، المحدِّث: الذهبي، المصدر: ميزان الاعتدال، ((ما زالت أكلة خيبر تُعادني حتى هذا أوان قطعت أَبْهَري))، الراوي: أبو هريرة، خلاصة الدرجة: فيه سعيد بن محمد الوراق، ليس بالقوي، وقد حدَّث عنه جماعة من أهل العِلم واحتملوا حديثه، المحدِّث: الزيلعي، المصدر: تخريج الكشاف.

 

((ما زالت أكْلة خيبر تُعادني، فهذا أوان قطعت أبهري))، الراوي: أبو جعفر، خلاصة الدرجة: معضَل، المحدِّث: الزيلعي، المصدر: تخريج الكشاف.

 

((ما زالت أكلة خيبر تعادني، فهذا أوان قطعت أبهري))، الراوي: أبو هريرة، خلاصة الدرجة: فيه سعيد بن محمد الوراق، ضعيف، المحدِّث: ابن حجر العسقلاني، المصدر: الكافي الشاف، فهذا هو وضع الحديث من جِهة السند، وهو وضْع لا يبعث على الطمأنينة، أما من جهة المتن، أو المضمون بلغة العصر، فينبغي أن نلاحظ ما هو منسوب له - صلى الله عليه وسلم - من القول بأن آلام تلك الأكْلة كانت تُعاوده باستمرار، ومعنى هذا أنه كان دائم الشِّكاية منها، والحديث عنها كما يصنع الآن في مرضه الأخير، وهو ما لم يحدُث، بل إنه لم يحدُث أن مرِض رسول الله قبل تلك الحمَّى التي اعترَته في أيامه الأخيرة، وفاضت رُوحه بعدها إلى بارئها، ثم ألم يكن عند العرب علاج للسم، حتى لو لم تكن له أية قيمة طبية، فيُشير به صحابة رسول الله عليه طَوال تلك السنوات الثلاث التي انقضت ما بين أكْلة خيبر ووفاته - صلى الله عليه وسلم - ما دام الوجَع يُعاوده طوال تلك المدة؟ وسواء بعد ذلك أَقبِل وصفتَهم أم رفَضها؛ إذ تلك مسألة أخرى، لكن هذا أيضًا لم يقع، فما معناه؟

 

ثم لا ننسَ عبارة: ((فهذا أوان انقطَع أبهري))، فـ: "الأبهر" هو ما يسمونه اليوم بـ: "الأورطي"، وقد سألت صديقًا لي طبيبًا كاتبًا أديبًا، فقال: إن معنى العبارة هو انفجار هذا الشريان، فعُدت أسأله عن أثرِ ذلك، فكان جوابه أنه هو الموت في خلال دقائق معدودات، وإن كان ممكنًا تَدارُكه الآن بعد التقدُّم الطبي الهائل بشرط أن تتمَّ معالجة المريض في الحال، وهذا أيضًا لم يقع للنبي؛ إذ ظلَّ يشكو المرض عدة أسابيع، ويقاسي وجَع الحمَّى أيامًا، ويحاول أن يعالجها بالماء البارد طَوال ذلك الوقت، ويمكن للقارئ الرجوع في هذا إلى الكتاب الذي وضَعه د. حسين مؤنس عن "التاريخ الصحي للرسول - صلى الله عليه وسلم" (سلسلة "اقرأ": العدد 657)؛ أي: إنه لم يكن هناك ما يدُل على أن مرضه الأخير كان من أثر السم حقًّا، وهذا إن كان قد تسرَّب إلى بطنه شيء منه ذو بال، وهو ما لا نتصوَّر حدوثه، وإلا لكان قد مات لساعته كما مات الصحابي الآخر وهو لم يبرَح مكانه، كما تقول بعض الروايات، أو لعانَى منه أشد المعاناة، كما عانى ذلك الصحابي طبقًا لما تقوله بعض الروايات الأخرى؛ إذ كانت اليهودية قد تخيَّرت أقتَل أنواع السموم، وعلى هذا فحتى لو كان قد تسرَّب منه شيء إلى معدته - صلى الله عليه وسلم - فلا بدَّ أن يكون شيئًا تافهًا لا يمكن أن يكون له كل هذا الأثر بعد انصرام ثلاث سنوات.

 

والعجيب أن يقول واعظنا الظريف: إن المسيح مات طوعًا، فهل مات فعلاً المسيح طوعًا؟ ألم يكن يجأر فوق الصليب وينادي، وما من مغيث؟ ومِن قبلُ ألم يكن يطلُب من ربه أن يُجيز كأس الموت عنه؟ ألم يلَعن من سلَّمه إلى أيدي اليهود، ووصَفه بأنه شيطان، بما يُفيد أنه ساخط على الصليب والموت على الصليب؟ ألم يذهب خارج المدينة هو وتلاميذه قبل ذلك؛ حتى يبتعِد عن أنظار المُطارِدين، مما يُشير بكل جلاء إلى أنه كان يتحاشى شرب تلك الكأس؟ جاء في الإصحاح السادس من إنجيل يوحنا: 66 من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء، ولم يعودوا يمشون معه، 67 فقال يسوع للاثنَيْ عشر: "ألعلَّكم أنتم أيضًا تريدون أن تَمضوا؟"، 68 فأجابه سمعان بطرس: "يا رب، إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك، 69 ونحن قد آمنا وعرَفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي"، 70 أجابهم يسوع: "أليس أني أنا اخترتُكم، الاثنَيْ عشر؟ وواحد منكم شيطان!"، 71 قال عن يهوذا سمعان الإسخريوطي؛ لأن هذا كان مُزمعًا أن يُسلِّمه، وهو واحد من الاثنَيْ عشر، وفي الإصحاح الذي بعده نقرأ: "1 وكان يسوع يتردَّد بعد هذا في الجليل؛ لأنه لم يُرِد أن يتردَّد في اليهودية؛ لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه، وفي الإصحاح السادس والعشرين من إنجيل متى يصف مؤلِّف هذا الإنجيل مشاعر سيدنا عيسى حين دنت الساعة التي سيُصلب فيها طبقًا لما يقول النصارى: "حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة يقال لها: جَثْسيماني، فقال للتلاميذ: "اجلِسوا ها هنا حتى أمضي وأصلِّي هناك"، 37 ثم أخذ معه بطرس وابنَيْ زبدي، وابتدأ يحزن ويكتَئب، 38 فقال لهم: "نفسي حزينة جدًّا حتى الموت، امكثوا ها هنا واسهروا معي"، 39 ثم تقدَّم قليلاً وخرَّ على وجهه، وكان يصلي قائلاً: "يا أبتاه، إن أمكن فلتَعبُر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت"، 40 ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نيامًا، فقال لبطرس: "أهكذا ما قدَرتم أن تسهَروا معي ساعة واحدة؟ 41 اسهَروا وصلُّوا؛ لئلا تدخلوا في تجربة، أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف"، 42 فمضى أيضًا ثانية وصلَّى قائلاً: "يا أبتاه، إن لم يمكن أن تَعبُر عني هذه الكأس إلا أن أشربها، فلتكن مشيئتك"، 43 ثم جاء فوجدهم أيضًا نيامًا؛ إذ كانت أعينهم ثقيلة، 44 فترَكهم ومضى أيضًا، وصلَّى ثالثة قائلاً ذلك الكلام بعينه".

 

كذلك نقرأ في الإصحاح السابع والعشرين من متى أيضًا الوصف التالي لما حدَث له - عليه السلام - في لحظاته الأخيرة حسَب اعتقادات القوم: "27 فأخَذ عسكر الوالي يسوع إلى دار الولاية، وجمَعوا عليه كل الكتيبة، 28 فعرَّوه وألبَسوه رداءً قرمزيًّا، 29 وضفَّروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه، وقصبة في يمينه، وكانوا يَجثُون قدَّامه، ويستهزئون به قائلين: "السلام يا ملك اليهود!"، 30 وبصقوا عليه، وأخذوا القَصَبة وضربوه على رأسه، 31 وبعد ما استهزؤوا به، نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه، ومضوا به للصلب، 32 وفيما هم خارجون، وجدوا إنسانًا قيروانيًّا اسمه سمعان، فسخَّروه ليحمِل صليبه، 33 ولما أَتَوا إلى موضِع يقال له جُلجثة، وهو المسمى "موضِع الجمجمة"، 34 أعطوه خلاً ممزوجًا بمرارة ليَشرب، ولما ذاق لم يُرِد أن يشرب، 35 ولما صلبوه، اقتسَموا ثيابه مُقترِعين عليها؛ لكي يتم ما قيل بالنبي: "اقتسَموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقَوا قرعة"، 36 ثم جلَسوا يحرُسونه هناك، 37 وجعلوا فوق رأسه عِلَّته مكتوبة: "هذا هو يسوع ملك اليهود"، 38 حينئذ صُلِب معه لصان، واحد عن اليمين وواحد عن اليسار، 39 وكان المجتازون يجدِّفون عليه وهم يهزُّون رؤوسهم 40 قائلين: "يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلِّص نفسك! إن كنت ابن الله، فانزِل عن الصليب!"، 41 وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا وهم يستهزئون مع الكَتَبة والشيوخ قالوا: 42 "خلَّص آخرين، وأما نفسه فما يقدِر أن يخلِّصها! إن كان هو ملك إسرائيل، فلينزِل الآن عن الصليب، فنؤمن به! 43 قد اتَّكل على الله، فليُنقِذه الآن إن أراده؛ لأنه قال: أنا ابن الله"، 44 وبذلك أيضًا كان اللصان اللذان صُلِبا معه يُعيِّرانه، 45 ومن الساعة السادسة كانت ظُلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة، 46 ونحو الساعة التاسعة صرَخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: "إيلي، إيلي، لما شَبقْتَني؟"؛ أي: إلهي، إلهي، لماذا تركْتَني؟ 47 فقوم من الواقفين هناك لما سمِعوا قالوا: "إنَّه ينادي إيليا"، 48 وللوقت ركَض واحد منهم، وأخذ إسفنجة وملأها خلاً، وجعلها على قَصَبة وسقَاه، 49 وأما الباقون، فقالوا: "اترُك لنرى هل يأتي إيليا يخلِّصه!"، 50 فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم، وأسلَم الروح".

 

ويبقى قول الواعظ عن موت المسيح وقيامته من قبره حسبما تروي الأناجيل: "ولا ينكِر القرآن موت المسيح التاريخي، خاصة إن قرأنا نبوءة المسيح عن نفسه في سورة مريم 33؛ حيث يقول: ﴿ وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، المسيح وُلد ومات، وقام من قبره حسَب القرآن، كما أخبرنا الإنجيل مسبَقًا، وكل من يؤمن بهذه الحقيقة التاريخية يَحيا مع الحي المقام من بين الأموات، سوف لن يموت المسيح بعد رجوعه على الأرض؛ لأنه لم يقُل: سوف أموت في المستقبل البعيد، بل قال: أموت في المستقبل القريب الحاضر؛ فالقرآن يعترِف بولادة المسيح وموته وقيامته مُتتابعًا، كما يشهد جميع المسيحيين متأكدين من تاريخية موت ابن مريم"، ويَلفِت النظر في كلام الواعظ هنا أنه يرى في استعمال الفعل المضارع في الآية الكريمة دَلالة على أن عيسى - عليه السلام - لن يموت بعد رجوعه على الأرض؛ لأنه لم يقل: سوف أموت في المستقبل البعيد، بل قال: "أموت في المستقبل القريب الحاضر"، جاهلاً أن هذا دليل مُتهافِت تمام التهافُت لا يصلُح لما يريد الاستدلال به عليه؛ لأن المضارع هنا لا يدُل على شيء مما يزعُم، وإلا فليقل لنا: كيف يُفهَم المضارع مثلاً في الآيات التالية التي تتحدَّث عن يوم القيامة، وهو أبعد يوم في المستقبل الدنيوي؛ إذ هو لا يأتي إلا بعد انتهاء الحياة على وجه البسيطة، وقد استُخدِم المضارع فيها كلها في تركيب مطابق للتركيب الذي بين أيدينا؛ إذ أتى الفعل المضارع بعد كلمة "يوم"، وفي القرآن منه الكثير: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [الأنعام: 22]، ﴿ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ﴾ [إبراهيم: 44]، ﴿ فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ﴾ [إبراهيم: 47 - 48]، ﴿ فَسَيَقُولُونَ - أي: الكفار - مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [الإسراء: 51، 52]، ﴿ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ﴾ [غافر: 32 - 33]، ﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾ [ق: 41- 44]، ﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا ﴾ [المعارج: 42 - 43]، ﴿ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا * يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلاً ﴾ [المزمل: 12- 14]، ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ﴾ [عبس: 33 - 34].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أيهما أعظم: محمد أم المسيح؟
  • الوعود الإلهية عن محمد والمسيح عليهما السلام
  • محمد والمسيح - عليهما السلام - بعد موتهما
  • سلام محمد وسلام المسيح عليهما السلام
  • السيد المسيح والمؤامرة اليهودية‏
  • زعم اليهود بقتل المسيح وصلبه (1)
  • إبطال دعوى صلب المسيح من الإنجيل
  • هل أخطأ القرآن في اسم والد مريم كما يزعم المتخرصون ؟
  • حقيقة نسب المسيح
  • تنبؤات المسيح بآلامه
  • تنبؤات المسيح بنجاته من القتل
  • موقف المسيح من تقديس السبت!

مختارات من الشبكة

  • تشجير نسب الأنبياء عليهم السلام من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أيها الأنام أفشوا السلام تدخلوا دار السلام بسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السلام في ليلة السلام (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • السلام استسلام للقدوس السلام(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • عيسى ابن مريم عليه السلام (5) رفع عيسى عليه السلام إلى السماء(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة داود عليه السلام (3) وفاة داود عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة داود عليه السلام (2) أخبار داود عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة موسى عليه السلام (12) وفاة موسى عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • علم الأنبياء عليهم السلام (2) نوح عليه السلام(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • شرح حديث: اللهم أنت السلام ومنك السلام(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب