• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / زاد الخطيب / القرآن والسنة والشعر / القرآن
علامة باركود

الأمثال في القرآن

الأمثال في القرآن
أحمد عبدالرحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2013 ميلادي - 16/12/1434 هجري

الزيارات: 62517

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأمثال في القرآن


المِثل - بكسر الميم - والمَثل - بفتح الميم - والمثيل: كالشِّبْه والشَّبَه والشَّبِيْه لفظًا ومعنًى، والجمع: أمثال.

 

والمثَل - بفتح الميم والثاء: الحديث، وقد مثَّل به، وامتثله، وتمثله، وتمثل به، وقد يعبر بالمثلِ والشبه عن وصفِ الشيء؛ نحو قوله - تعالى -: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ [الرعد: 35].

 

وقد يستعملُ "المثل" عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني؛ أي: معنى كان، وهو أعم الألفاظِ الموضوعة للمشابهة؛ وذلك أنَّ "النِّدَّ" يقال فيما يشاركه في الجوهريةِ فقط، و"المساوي" يُقال فيما يشاركه في الكمية فقط، و"المثل" عام في جميع ذلك؛ ولهذا لما أراد الله نفيَ التشبيه من كلِّ وجه خصه بالذِّكر؛ فقال - تعالى -: ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

 

و"المثل" مأخوذ من المثال، وهو قولٌ سائر يشبه به حال الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، فقولهم: مثل بين يديه؛ إذا انتصب، وحقيقة "المثل" ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الأول؛ كقول كعب بن زهير:

كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً
وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَ الْأَبَاطِيلُ

 

ويقول "ابن السكيت": "المثل لفظ يخالفُ لفظَ المضروب له، ويوافقُ معناه معنى ذلك اللفظ، شبهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره".

 

ويرى العلماء: أنَّه لا بد أن "تجتمعَ في المثلِ أربعة لا تجتمعُ في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكتابة، فهو نهاية البلاغة"[1].

 

و"الفيروز آبادي" يؤكِّد أنَّ المثل: "عبارة عن قولِ يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة؛ ليبين أحدهما الآخر ويصوره"[2].

 

ولا شكَّ عند كثير من الباحثين أنَّ الكلام: "إذا جعل مثلاً كان أوضحَ للمنطقِ وآنق للسمع، وأوسع لشعوبِ الحديث"[3].

 

والأمثالُ أقوال سائرة مسلمة سيقت للعظةِ والاعتبار، مع الإيجازِ والإحكام والدقة والتركيز، وقضايا الأمثال مما تتظاهر العقول البشرية على التسليم به، فإذا ما عرض للناسِ في حياتهم أمرٌ من الأمورِ التي تدخل في مفهومِ أحد الأمثال تمثَّلوا به، فتأنس النفوس لذلك[4].

 

والأمثال أقوى أساليبِ البيان، وأقدرها على التعبيرِ والتصوير؛ لأنها:

أولاً: تعتمدُ على التشبيهِ الذي هو من أشرف كلام العرب، وبه تكون الفطنة والبراعة عندهم، والتشبيه كذلك يزيدُ المعنى وضوحًا ويهبه تأكيدًا[5].

 

وهو كما يقول "الجرجاني": "يعملُ عملَ السحر في تأليفِ المتباينين، حتى يختصر لك بُعد ما بين المشرقِ والمغرب، ويجمع ما بين المشئم والمعرق، وهو يُريك للمعاني الممثلة بالأوهام شبهًا في الأشخاص الماثلة، والأشباح القائمة، يُنطقُ لك الأخرس، ويعطيك البيانَ من الأعجم، ويريك الحياةَ في الجماد، ويريك التئامَ الأضداد، فيأتيك بالحياةِ والموت مجموعين، والماء والنار مجتمعين"[6].

 

ثانيًا: ليست تشبيهًا مفردًا، وإنما هي من قبيلِ التمثيل؛ فإنَّ مضاربَها تكون عادة من المعاني المعقولة التي يصعب تصورُها، فيلجأ المتكلمون إلى استحضارِ أمور حسية تكون مأنوسة للمخاطبين، معروفة لهم، وهي موارد الأمثال، فينجلي الخفاء عن المعاني، وتبرز وجوهُها سافرة كضوءِ النَّهار[7].

 

ولذلك نجد "عبدالقاهر الجرجاني" يقول: "إنَّ أُنْس النفوس موقوفٌ على أن تخرجَها من خفي إلى جلي، وتأتيها بصريحٍ بعد مكنيّ، وأن تردها في الشيء تعلمها إياه إلى شيء آخر هي بشأنه أعلم، وثقتها به في المعرفة أحكم؛ نحو أن تنقلَها عن العقلِ إلى الإحساسِ، وعما يعلم بالفكر إلى ما يُعلم بالاضطرارِ والطبع؛ لأنَّ العلمَ المستفاد من طرق الحواس، أو المركوز فيها من جهة الطبع، وعلى حدِّ الضرورة، يفضلُ المستفادَ من جهةِ النظر والفكر في القوةِ والاستحكام، وبلوغ الثقة فيه غاية التمام"[8].

 

ومن ثم كان الغرضُ من التمثيل: تشبيه الخفي بالجلي، والغائب بالشاهد، وإبراز المدركات المعقولة والمعاني الخفية في صورة محسة أو مألوفة؛ لبيانِ صفتها وحالها، أو تقريرِ معانيها، وتمكينها في النفس أو لبيان إمكان وقوعها وتحققها وغير ذلك من الأغراض[9].

 

ويبين "ابنَ مسكويه" وظيفةَ التمثيل وضرب الأمثال فيقول: "إن الأمثال إنما تضربُ فيما لا تدركه الحواس مما تدركه؛ والسبب في ذلك أنسنا بالحواس، وألفنا لها منذ أولِ كونها، ولأنَّها مبادئ علومنا، ومنها نرتقي إلى غيرِها، فإذا أُخبِرَ الإنسانُ بما لا يدركه، أو حُدِّثَ بما لم يشاهده، وكان غريبًا عنه، طلب له أمثالاً من الحس، فإذا أُعطي ذلك أنس به، وسكن إليه لألفِه له، فأمَّا المعقولات فلما كانت صورُها ألطفَ من أن تقعَ تحت الحس، وأبعد من أن تمثلَ بمثال الحس الأعلى جهة التقريب، صارت أحرى أن تكون غريبة غير مألوفة، والنفس تسكنُ إلى مثلٍ وإن لم يكن مثلاً، لتأنسَ به من وحشةِ الغربة، فإذا ألفتها وقويت على تأملها بعينِ عقلها من غير مثال سهل حينئذٍ عليها تأمل أمثالها"[10].

 

و"أبو هلال العسكري" العالم اللغوي يذكر: "أنَّه ما رأى حاجة الشريفِ إلى شيء من أدبِ اللسان، بعد سلامتِه من اللحنِ - كحاجتِه إلى الشاهد والمثل والشذرة والكلمة السائرة، فإن ذلك يزيدُ المتطورَ تفخيمًا، ويكسبه قبولاً، ويجعل له قدرًا في النفس، وحلاوة في الصدور، ويدعو القلوبَ إلى وعيه، ويبعثها على حفظِه، ويأخذها باستعدادِه لأوقاتِ المذاكرة، والاستظهار به، وإنَّما هو في الكلامِ كالتفصيل في العقد، والتنوير في الروض، والتسهيم في البرد"[11].


وإذا كان ما ذكرناه عن "عبدالقاهر الجرجاني" يمثِّلُ رؤية عالم من علماءِ البلاغة، وما ذكرناه عن "ابن مسكويه" يمثل رؤية عالِم من علماءِ الأخلاق والتهذيب، وما جاء عن "أبي هلال العسكري" هو رؤية عالم من علماءِ اللغة، فإننا نجدُ أنَّ عالِمًا من علماءِ التفسير يقول:

"ولضرب العرب الأمثال، واستحضار العلماء المثل والنظائر شأنٌ ليس بالخفي في إبرازِ خبيئات المعاني، ورفعِ الأستار عن الحقائق، حتى يريك المُتخيَّل في صورة المحقَّق، والمتوهم في معرضِ المتيقن، والغائب كأنه مشاهد، وفيه تبكيت للخصم الألد، وقمع لسورة الجامح الأبي، ولأمرٍ ما أكثر اللهُ في كتابِه المبين وفي سائرِ كتبه أمثالَه، وفشتْ في كلامِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلامِ الأنبياء والحكماء"[12].

 

والحديثُ قد يطول إذا ذهبنا نذكر أسبابَ ورود المثل وبلاغته وأقوال العلماء في ذلك، لذا رأينا أن نكتفي بما ذكرناه من أقوالِ علماء أجلاء.

 

ويهمنا أن نعرفَ أنه من الجوانبِ التي تفيضُ بالحكمةِ والإعجاز جانبُ الأمثال في القرآن الكريم؛ فقد صرف اللهُ في القرآنِ من كلِّ مثل، وضرب للنَّاس أمثالَهم، فكان ذلك لونًا من ألوانِ الدعوة، ووجهًا من وجوه البيان والكشف عن المعاني المرادة؛ إذ إنَّ المثلَ يقرب الأمرَ المعنوي المراد، والفكرةَ التي يراد لها أن تغزوَ العقلَ والقلب[13].

 

والأمثالُ في كتابِ الله تشكِّلُ جانبًا من جوانبِ حجته البالغة على خلقِه، فهي مناراتٌ تمد أشعتَها على ما قبلها، وما بعدها من الآيات.

 

ولقد ضرَب الله كثيرًا من الأمثالِ في القرآن الكريم، حتى السيوطي يذكرُ في كتابِه: "الإتقان في علوم القرآن"؛ أنَّ من أعظم علوم القرآن أمثاله[14].

 

ودعا ربُّ العزة - سبحانه وتعالى - النَّاسَ أن يستمعوا إلى الأمثالِ ويتدبروها، ويتفكروا فيما تشيرُ إليه من كرائمِ المعاني، ويعقلوا ما توحي إليه من غوالي الحكم والمواعظ؛ قال -تعالى-: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾ [محمد: 3].

 

فالله قد ضربَ الأمثالَ للناس، وقام الشاهد من أنفسهم، وممن حولهم على أنه الواحد الأحد، ورب كل شيء وخالقه، وبيَّن في الأمثالِ الخيرَ وما يؤدِّي إليه، وما يعود على صاحبِه منه، خاطب الذين يسمعون ويبصرون ويستعملون عقولَهم في التذكرِ والتفكُّر والتدبُّر.

 

ونظرة عابرة في الآياتِ الكريمة التي ورد فيها ضربُ الأمثال وتعرفها، تدلُّنا على التسلسلِ المنطقي في الكتابِ العزيز، وليس غريبًا هذا إذا عرف الإنسانُ أنَّ أولى خصائصِ العقيدة الإسلامية أن تربطَ بين المنطق الإنساني وبين عقيدتِه الواحدة الحكمة الشارعة، وبينما تصورت العقائدُ الأخرى والمبادئ الضالة النَّاسَ قطيعًا من البهائم لا ينبغي لهم أن يفتحوا أعينَهم على حالِهم، جاء الإسلامُ ليزيلَ الركامَ عن وسائلِ المعرفة[15]؛ فقال - تعالى -: ﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]؛ لأنَّ النفسَ إذا لم تهتدِ إلى ضروبِ المغيبات والمعنويات كان من اللفظِ بها تبصرتها بضروبِ المحسات والماديات.

 

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴾ [الكهف: 54]، وقال -تعالى-: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ﴾ [الروم: 58]؛ فأنت ترى أنَّ الله - سبحانه وتعالى - يرفع من مكان المثل في القرآن، وتلمسُ هذا في كلمةِ ﴿ صَرَّفْنَا ﴾ وما فيها من تأكيدٍ وشدة، وكذلك من قولِه: ﴿ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾؛ تدليل على التعميمِ والشمول، وتستمرُّ آيات الأمثال تخاطبُ العقلَ لعلَّه يذكر، قال -تعالى-: ﴿ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [إبراهيم: 25].

 

فضربُ الأمثالِ وسيلة للتذكُّر، والتذكُّر - كما يقول العلماء - يؤدِّي إلى المعرفة، والمعرفةُ تقودُ إلى الله - تعالى.

 

وهل كلُّ الناس يسمعون ويبصرون؟ وهل كلُّ النَّاسِ يتذكرون ويعقلون؟ لو كان كذلك لما كان الحال هو الحال، ولكن ما أكثر الذين لهم أبصارٌ لا يبصرون بها، ولهم عقولٌ لا يعقلون بها، ولهم أفئدة لا يفقهون بها؛ قال - تعالى -: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10]، وقد أفادت البحوثُ والتجارِبُ أنَّ العالمين بوظائف حواسهم وعقولهم وقلوبهم هم الذين يعقلون آياتِ الله، ويعلمون ما فيها؛ قال -تعالى-: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وقال -تعالى-: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21]؛ تلك غايةُ الأمثالِ في القرآن الكريم: التذكر، التدبر، والتفكر[16].

 

وقد سبقت الأمثالُ في القرآنِ الكريم لتحدِثَ في النفوس فرحةً ورغبة، أو تستثيرَ فيها هيبةً ورهبة، أو ترشدَها إلى خيرٍ أو تكفها عن شر، أو تكشف لها عن حقيقةٍ تجهلها أو لا تدري ما كنهها، سيقت لتهدي الحائرَ والضَّال، وتكشفَ الغشاوات عن البصائرِ والعيون؛ فكل مثل من أمثالِ القرآن يشرحُ للنَّاسِ حقيقةً من حقائقِ الحياة، أو ضربًا من عجائب الطبيعة، أو هو حجة دامغة لإثباتِ أمر، أو تقرير مبدأ أو إحقاق حقٍّ، أو إبطال باطل[17].

 

ويقول "الحكيم الترمذي"؛ من علماءِ القرن الثالث الهجري: "اعلم أنَّ ضربَ الأمثالِ لمن غاب عن الأشياء، وخفيت عليه الأشياء، فالعبادُ يحتاجون إلى ضربِ الأمثال، فضرب الله لهم مثلاً من عند أنفسِهم، لا من عند نفسِه، ليدركوا ما غاب عنهم... فالأمثالُ نموذجات الحكمة لما غاب عن الأسماعِ والأبصار، لتهدي النفوس بما أدركت عيانًا، فمن تدبيرِ الله لعباده أن ضرب لهم الأمثال من أنفسهم لحاجتهم إليها، ليعقلوا بها، فيدركوا ما غاب عن أبصارهم وأسماعهم"[18].

 

وقد لخص الإمام "الزركشي" الغرضَ من ضربِ الأمثال في القرآن الكريم فقال: "ضَرْبُ اللهِ الأمثالَ في القرآنِ يُستفاد منه أمور كثيرة: التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وترتيب المراد للعقل، وتصويره في صورةِ المحسوس؛ بحيث يكون نسبتُه للفعل كنسبةِ المحسوس إلى الحس، وتأتي أمثالُ القرآنِ مشتملة على بيانِ تفاوتِ الأجر، وعلى المدح والذم، وعلى الثوابِ والعقاب، وعلى تفخيمِ الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمر أو إبطال أمر"[19].

 

فالأمثالُ مرآة النفسِ، والأنوار أنوار الصِّفَات مرْآة الْقلب، وإنَّ الله -تعالى- جعل على الأفئدةِ أسماعًا وإبصارًا، فما أدركت أسماعُ الرؤوس وأبصارها أيقن به القلب واستقرت النفس، واتسعت في علم ذلك[20].

 

وإذا استقرأنا الأمثالَ القرآنية وجدنا أنها قد صيغت من طبائعِ النفوس البشرية الراسخة، ومن النواميسِ الكونية التي لا تتغير، والمظاهر الطبيعية الثابتة التي تحيطُ بالنَّاسِ في مختلف العصور والبيئات؛ ذلك أنَّ القرآن باقٍ إلى ما شاء الله، وكتابٌ هذا شأنه حريٌّ أن تكون أمثاله محكمة كسائرِه، وأن تقومَ على الحقائق الثابتة وحدها.

 

وللأمثالِ أهميتُها اللغوية والبلاغية والأدبية؛ ولهذا أدت دورًا بارزًا في تعميقِ اللغة العربية، وحفظها، ونموها، واتساعها، وشمولها، وتبلورها، وقد فطن النحاةُ إلى ذلك فجاءت مؤلفاتُهم زاخرة بالأمثالِ لما لها من قوةٍ وتأكيد، وبما أنَّ الأمثال اشتملت على الكنايات، والمجازاتِ والاستعارات، والتشبيهاتِ والطِّباق، والجناس والتَّوْرية، وغيرِ ذلك من النِّكاتِ البلاغية - فقد استفادت منها البلاغةُ، واستمدت منها النضوجَ والعطاء، ولا شكَّ أنَّ الأدبَ العربي قد استفاد من الأمثالِ القرآنية؛ فقد أمدته بتراكيبَ لفظيةٍ بديعة.

 

وما زالت البحوثُ والدراسات تستمدُّ من أمثالِ القرآن الكريم المقومات والأصول، وتكشف عن جديدٍ يأتي بجديد.



[1] راجع الأستاذ همام سعيد، حضارة الإسلام ع 7، 8 ص 78 س 9 دمشق.

[2] انظر الفيروز آبادي "بصائر ذوي التمييز" جـ 2 ص 481 ط المجلس بالقاهرة.

[3] راجع الميداني "مجمع الأمثال" جـ 1 ص 5، 6 الطبعة الثانية.

[4] انظر أحمد السايح؛ "الأمثال العربية"، م الفيصل، ع 18 ص 80، السعودية.

[5] راجع الدكتور قطامش؛ "التمثل بالحيوان"، م البحث العلمي، ع 4 ص 109، مكة المكرمة.

[6] عبدالقاهر الجرجاني؛ "أسرار البلاغة"، ص 104، ط القاهرة 1939م.

[7] الدكتور قطامش؛ "التمثل بالحيوان"، م البحث العلمي، ع 4 - ص 109، مكة المكرمة.

[8] الجرجاني؛ "أسرار البلاغة"، ص 102، ط القاهرة.

[9] راجع السايح؛ الأمثال العربية، م الفيصل، ع 18، ص 80، السعودية.

[10] ابن مسكويه وأبو حيان؛ الهوامل والشوامل، ص 240، تحقيق أحمد أمين وسيد صقر، ط 1951م.

[11] أبو هلال العسكري؛ جمهرة الأمثال "المقدمة"، تحقيق محمد أبو الفضل وقطامش، ط 1964م.

[12] الزمخشري؛ "الكشاف"، جـ 1، ص 54، ط القاهرة 1953م.

[13] التحرير؛ "حضارة الإسلام" ع 7، 8 ص 76 س 9 دمشق.

[14] السيوطي؛ "الإتقان في علوم القرآن"، جـ 1 ص 30، ط الحلبي.

[15] همام سعيد؛ "كذلك يضرب الله للناس أمثالهم"، م حضارة الإسلام ع 7، 8 ص 78 دمشق.

[16] همام سعيد؛ "حضارة الإسلام" ع 7، 8 ص 80 س 9 دمشق.

[17] راجع الدكتور قطامش؛ "التمثل بالحيوان"، م البحث العلمي ع 4، ص 111 السعودية.

[18] الحكيم الترمذي؛ "الأمثال في الكتاب والسنة"، تحقيق البجاوي، ص 1 ط نهضة مصر.

[19] الزركشي؛ "البرهان في علوم القرآن"، جـ 1 ص 486، تحقيق محمد أبو الفضل، ط القاهرة 1957م.

[20] الحكيم الترمذي؛ "الأمثال في الكتابِ والسنة"، ص 3 ط نهضة مضر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأمثال
  • قصص الأمثال
  • كذلك يضرب الله الأمثال
  • التمييز بين الأشياء المتباينة لغرض التفاضل بينها
  • أسلوب ضرب الأمثال في الدعوة: أهميته ومتطلبات نجاحه
  • الأمثال في القرآن
  • فلا تضربوا لله الأمثال
  • مع المثل القرآني: كمثل صفوان عليه تراب

مختارات من الشبكة

  • ضرب الأمثال بالغيث (2) (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • شرح حديث: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمثال العلمية في الامثال النبوية (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • من أمثال القرآن: مثل الذين كفروا بربهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دواعي ضرب الأمثال في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نبذة مختصرة عن الأمثال في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 26/9/1432 هـ - تدبر الأمثال في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرآن والدعاء ونية الصيام(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب