• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

بقية كريمة من أيام عظيمة

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/10/2013 ميلادي - 7/12/1434 هجري

الزيارات: 11154

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بقية كريمة من أيام عظيمة


الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، اِحمَدُوا اللهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيكُم وَتَفَضَّلَ بِهِ، مِن مَوَاسِمَ لِطَاعَتِهِ وَأَيَّامٍ لِلتَّقَرُّبِ إِلَيهِ، وَاجعَلُوا شُكرَكمُ إِيَّاهُ عَمَلاً صَالِحًا يُرضِيهِ عَنكُم، فَقَد رَوَى البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِن هَذِهِ الأَيَّامِ " يَعني أَيَّامَ العَشرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: " وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ ثم لم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ " وَإِنَّهُ وَإِن مَضَى مِنَ الأَيَّامِ العَشرِ المَعلُومَاتِ شَطرُهَا، فَقَد بَقِيَ مِنهَا أَيَّامُ عَظِيمَةٌ، وَسَيَتلُوهَا أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ كَرِيمَةٌ، هِيَ مِن أَعظَمِ أَيَّامِ العَامِ.

 

نَعَم - عِبَادَ اللهِ - بَقِيَ يَومُ عَرَفَةَ وَمَا أَدرَاكَم مَا هُوَ؟ إِنَّهُ اليَومُ الَّذِي رَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّ اللهَ أَخَذَ فِيهِ المِيثَاقَ مِن ظَهرِ آدَمَ بِنَعمَانَ، وَأَخرَجَ مِن صُلبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُم بَينَ يَدَيهِ كَالذَّرِّ ثم كَلَّمَهُم قِبَلاً قَالَ: "أَلستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى" وَهُوَ اليَومُ المَشهُودُ الَّذِي أَقسَمَ اللهُ بِهِ، وَفِيهِ أَكمَلَ الدِّينَ وَأَتَمَّ عَلَى الأُمَّةِ النِّعمَةَ، أَخرَجَ أَحمَدُ وَالتَّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "اليَومُ المَوعُودُ يَومُ القِيَامَةِ، وَاليَومُ المَشهُودُ يَومُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَومُ الجُمُعَةِ" وَعَن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ عَن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُم تَقرَؤُونَهَا، لَو عَلَينَا مَعشَرَ اليَهُودِ نَزَلَت لَاتَّخَذنَا ذَلِكَ اليَومَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]" قَالَ عُمَرُ: قَد عَرَفنَا ذَلِكَ اليَومَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ عَلَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. في هَذَا اليَومِ يَقِفُ الحُجَّاجُ بِعَرَفَةَ، لِيَأتُوا بِرُكنِ الحَجِّ العَظِيمِ، مُبتَهِلِينَ إِلى رَبِّهِمُ الكَرِيمِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "الحَجُّ عَرَفَةُ، مَن جَاءَ قَبلَ طُلُوعِ الفَجرِ مِن لَيلَةِ جَمعٍ فَقَد أَدرَكَ الحَجَّ" رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَا مِن يَومٍ أَكثَرَ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثُمَّ يُبَاهي بِهِمُ المَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَفي هَذَا اليَومِ العَظِيمِ الشَّأنِ، يُسَنُّ لِغَيرِ الحُجَّاجِ أَن يَصُومُوا تَطَوُّعًا وَاحتِسَابًا، وَطَلَبًا لِعَظِيمِ الأَجرِ وَمُضَاعَفِ الثَّوَابِ، فَقَد رَوَى مُسلِمٌ مِن حَدِيثِ أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - وَفِيهِ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكفِرَ السَّنَةَ الَّتي قَبلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتي بَعدَهُ" وَمِنَ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ القَادِمَةِ يَومُ النَّحرِ، يَومُ الحَجِّ الأَكبَرِ وَأَحَدُ عِيدَيِ المُسلِمِينَ، فَعَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - المَدِينَةَ وَلَهُم يَومَانِ يَلعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: "مَا هَذَانِ اليَومَانِ؟" قَالُوا: كُنَّا نَلعَبُ فِيهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ - تَعَالى - قَد أَبدَلَكُم يَومَينِ خَيرًا مِنهُمَا: يَومَ الأَضحَى وَيَومَ الفِطرِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "يَومُ الحَجِّ الأَكبَرِ يَومُ النَّحرِ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَد سُمِّيَ يَومُ النَّحرِ يَومَ الحَجِّ الأَكبَرِ؛ لأَنَّ فِيهِ كَثِيرًا مِن شَعَائِرِ الحَجِّ، فَفِيهِ رَميُ جَمرَةِ العَقَبَةِ، وَفِيهِ النَّحرُ وَالذَّبحُ، وَفِيهِ الحَلقُ أَوِ التَّقصِيرُ، وَفِيهِ الطَّوَافُ وَالسَّعيُ... وَبَعدَ العَشرِ المَعلُومَاتِ، تَأتي الأَيَّامُ المَعدُودَاتُ، أَيَّامُ التَّشرِيقِ الثَّلاثَةُ، وَفِيهَا يُكمِلُ الحُجَّاجُ مَنَاسِكَهُم وَيُوَالُونَ ذَبحَ هَدَايَاهُم، وَيَذبَحُ المُقِيمُونَ مَا تَبقَى مِن ضَحَايَاهُم، وَيَأكُلُونَ جَمِيعًا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَيَشرَبُونَ، وَيَشكُرُونَ وَيَذكُرُونَ وَيُكَبِّرُونَ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أُكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَمِن أَجْلِ مَا أَنعَمَ اللهُ بِهِ في هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ مِن أَكلٍ وَشُربٍ، وَمَا شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ مِن كَثرَةِ ذِكرٍ وَشُكرٍ، فَقَد نُهُوا عَن صِيَامِهَا، فَعِندَ أَحمَدَ وَالنَّسَائيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا تَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامَ أَيَّامَ التَّشرِيقِ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ" وَعِندَ البُخَارِيِّ مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالا: لم يُرَخَّصْ في أَيَّامِ التَّشرِيقِ أَن يُصَمْنَ إِلاَّ لِمَن لم يَجِدِ الهَديَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ في يَومِ عَرَفَةَ وَفي يَومِ النَّحرِ وَفي أَوسَطِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ، وَقَرَّرَ لِلنَّاسِ أَنَّ رَبَّهُم وَاحِدٌ وَأَنَّ أَبَاهُم وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ لا فَضلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحمَرَ عَلَى أَسوَدَ وَلا لأَسوَدَ عَلَى أَحمَرَ إِلاَّ بِالتَّقوَى، وَأَنَّ أَكرَمَهُم عِندَ اللهِ أَتقَاهُم، وَأَنَّ دِمَاءَهُم وَأَموَالَهُم وَأَعرَاضَهُم عَلَيهِم حَرَامٌ كَحُرمَةِ البَلَدِ الحَرَامِ في الشَّهرِ الحَرَامِ، وَبِهِ يُعلَمُ أَنَّ تَفَاضُلَ النَّاسِ عِندَ رَبِّهِم بِتَقوَاهُم، وَنَجَاحَهُم فِيمَا بَينَهُم بِحُسنِ أَخلاقِهِم وَطِيبِ تَعَامُلِهِم، وَبِاجتِمَاعِ هَاتَينِ تَكُونُ النَّجَاةُ وَيَستَحِقُّ العَبدُ دُخُولَ الجَنَّةِ، أَلاَّ فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُم، وَلا تَغُرَنَّكُمُ الدُّنيَا فَيُعَادِيَ بَعضُكُم بَعضًا أَو يَعتَدِيَ عَلَيهِ، وَاشتَغِلُوا بما يَنفَعُكُم وَيُنجِيكُم في أُخرَاكُم، وَاستَثمِرُوا هَذِهِ الأَيَّامَ المُبَارَكَةَ بِصَالِحِ الأَعمَالِ، وَاغتَنِمُوا الأَعمَارَ قَبلَ حُلُولِ الآجَالِ وَانقِطَاعِ الآمَالِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 77، 78]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم، وَلازِمُوا طَاعَتَهُ دَهرَكُم، وَتَذَكَّرُوا أَنَّ بَينَ يَدَيكُم عِبَادَةً عَظِيمَةً تُؤَدُّونَها في يَومِ العِيدِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ، إِنَّهَا الأُضحِيَةُ، سُنَّةُ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ وَنَبِيِّكُم محمدٍ - عَلَيهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - دَاوَمَ عَلَيهَا الحَبِيبُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَلم يَترُكْهَا، امتِثَالاً لأَمرِ رَبِّهِ القَائِلِ - سُبحَانَهُ -: " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ " وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ. وَعَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِالمَدِينَةِ عَشرَ سِنِينَ يُضَحِّي. رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَد أَجمَعَ المُسلِمُونَ عَلَى مَشرُوعِيَّةِ الأُضحِيَةِ؛ لِمَا فِيهَا مِن تَوسِعَةٍ عَلَى النَّفسِ وَأَهلِ البَيتِ، وَإِكرَامٍ لِلجِيرَانِ وَالأَقَارِبِ وَالأَصدِقَاءِ، وَصَدَقَةٍ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَسَدٍّ لِحَاجَةِ المُحتَاجِينَ، وَلِمَا تَنطَوِي عَلَيهِ مِن شُكرٍ للهِ عَلَى مَا أَولاهُ وَوَهَبَهُ... وَلا يَخفَى عَلَيكُم - عِبَادَ اللهِ - سُنَّةُ نَبِيِّكُم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيهَا، حَيثُ لم يَكُنْ يَذبَحُ أُضحِيَتَهُ إِلاَّ بَعدَ أَدَاءِ صَلاةِ العِيدِ، وَلم يَكُن يَتَنَاوَلُ شَيئًا قَبلَ الأَكلِ مِنهَا، فَعِندَ أَحمَدَ وَغَيرِهِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وِسَلَّمَ - كَانَ لا يَخرُجُ يَومَ الفِطرِ حَتى يَطعَمَ، وَلا يَطعَمُ يَومَ النَّحرِ حَتى يَذبَحَ. وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَومَ النَّحرِ: " مَن كَانَ ذَبَحَ قَبلَ الصَّلاةِ فَليُعِدْ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ مِمَّا يُؤَكَّدُ عَلَيهِ لِيُنتَبَهَ إِلَيهِ، عَدَمَ الحِرصِ عَلَى الذَّبحِ حَتى تَنتَهِيَ الصَّلاةُ، وَالأَكمَلُ أَلاَّ يَكُونَ الذَّبحُ إِلاَّ بَعدَ الانتِهَاءِ مِنَ الصَّلاةِ وَالخُطبَةِ جَمِيعًا، وَإِنَّ مِمَّا لا مُسَوِّغَ لَهُ وَلا يَفعَلُهُ مُسلِمٌ حَرِيصٌ عَلَى التَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ وَإِقَامَةِ السُّنَّةِ، مَا يُشَاهَدُ في السَّنَوَاتِ المُتَأَخِّرَةِ مِن خُرُوجِ بَعضِ النَّاسِ مِنَ المُصَلَّى عَقِبَ الصَّلاةِ مُبَاشَرَةً أَو في أَثنَاءِ الخُطبَةِ، استِعجَالاً لِذَبحِ أُضحِيَتِهِ، فَاحرِصُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى تَطبِيقِ السُّنَّةِ قَدرَ مَا تَستَطِيعُونَ، وَعَظِّمُوا هَذِهِ الشَّعِيرَةَ وتَخَيَّرُوا مِن الضَّحَايَا أَكمَلَهَا وَأَجمَلَهَا، وَتَجَنَّبُوا المَعِيبَةَ بِأَيِّ عَيبٍ وَإِن صَغُرَ، فَإِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ - " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل عشر ذي الحجة
  • التكبير في أيام العشر
  • العيد وعشر ذي الحجة
  • العشر الأول من ذي الحجة ويوم عيد الأضحى
  • دروس من الحج والعشر

مختارات من الشبكة

  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • بقية العشر ويوم النحر وأيام التشريق (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • صام والده خمسة أيام ولم يستطيع صيام بقية الشهر ولا يستطيع القضاء(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • أيام التشريق أيام ذكر لله (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم عرفة يوم من أيام الله (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم من أيام الله عزوجل (خصوصية يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (تحقيق الدعوة يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (أنه يوم الدعاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أيام التشريق.. أيام ذكر الله(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب