• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الإسلام والحث على النظافة
    عبد الإله جاورا أبو الخير
  •  
    فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج
    بدر عبدالله الصاعدي
  •  
    كيف أصبح مؤمنا حقيقيا وأفوز بالجنة؟
    بدر شاشا
  •  
    لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شرح حديث: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"‏
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    حقوق الجيران
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أفضل أيام الدنيا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة شهر صفر 1445هـ
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نفحات.. وأشواق (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    إذا ذكرت الله في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2013 ميلادي - 3/12/1434 هجري

الزيارات: 19512

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر


أَمَّا بَعدُ:

 فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]

 

أَيَّهَا المُسلِمُونَ، مَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيرٍ مَا تَنَاصَحَوا، وَمَتى رَأَيتَ كُلاًّ مِنهُم مُهَتَمًّا بِشَأنِ الآخَرِ، حَرِيصًا عَلَى إِيصَالِ الخَيرِ إِلَيهِ وَكَفِّ الشَّرِّ عَنهُ، فَاعلَمْ أَنَّ جَذوَةَ الإِيمَانِ مَا زَالَت مُتَّقِدَةً في القُلُوبِ، وَأَنَّ نُورَ الهُدَى مَا زَالَ مُشِعًّا بَينَ الجَوَانِحِ، وَأَنَّ المُجتَمَعَ مَا زَالَ حَصِينًا مِنَ الفِتَنِ مُمتَنِعًا مِنَ الشُّرُورِ، وَإِذَا مَا رَأَيتَ هُوًى مُتَّبَعًا وَشُحًّا مُطَاعًا، وَإِعجَابَ كُلِّ ذِي رَأيٍ بِرَأيِهِ، فَاعلَمْ أَنَّ أَمرَ الدِّينِ قَد رَقَّ وَضَعُفَ، وَأَنَّ الإِيمَانَ في القُلُوبِ قَد هَزُلَ وَخَلِقَ، وَأَنَّ السُّورَ قَد هُدِمَ وَالعَدُوَّ قَدِ استَولى، وَلَيسَ بَعدَ ذَلِكَ إلا انعِقَادُ سَحَائِبِ الفِتَنِ وَالعُقُوبَاتِ في السَّمَاءِ، ثم نُزُولُهَا وَغَرقُ المُجتَمَعَاتِ في وَحلِهَا، وَإِنَّمَا مَيِّتُ الأَحيَاءِ، مَن لا يَفرَحُ بِظُهُورِ مَعرُوفٍ وَلا يَسعَدُ بِاندِحَارِ مُنكَرٍ. أَلا وَإِنَّ مِن قَوَاعِدِ الدِّينِ العَظِيمَةِ وَأُسُسِهِ المَتِينَةِ، وَأَرسَخِ أَقطَابِهِ وَأَثبَتِ أَعمِدَتِهِ، وَأَشَدِّ مَا يُقَوِّي أَركَانَهُ وَيُعلِي بُنيَانَهُ، الأَمرَ بِالمَعرُوفِ إِذَا ظَهَرَ تَركُهُ، وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ إِذَا ظَهَرَ فِعلُهُ، وَالسَّعيَ في رَتقِ كُلِّ فَتقٍ وَسَدِّ كُلِّ خَلَلٍ، وَالحِرصَ عَلَى إِصلاحِ النَّاسِ وَهِدَايَتِهِم، وَالحَيلُولَةَ بَينَهُم وَبَينَ أَسبَابِ الغِوَايَةِ، وَصَدَّهُم عَن سُبُلِ الضَّلالَةِ؛ ذَلِكُم أَنَّ رَبَّكُم - تَبَارَكَ وَتَعَالى - قَد بَعَثَ الرُّسُلَ وَأَنزَلَ الكُتُبَ، وَشَرَعَ الشَّرَائِعَ وَأَقَامَ سُوقَ الجِهَادِ، لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ، وَلِتَكُونَ كَلِمَتُهُ - سُبحَانَهُ - هِيَ العُليَا، وَلِيَسِيرَ النَّاسُ عَلَى مَا أَرَادَهُ - جَلَّ وَعَلا - مِن خَلقِهِم حَيثُ قَالَ: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَهُوَ مَا لا يُمكِنُ أَن يَقُومَ وَيَظهَرَ وَيَقوَى وَيَستَمِرَّ، إِلاَّ بِوُجُودِ أَمُّةٍ خَيِّرَةٍ وَجَمَاعَةٍ مُبَارَكَةٍ، تَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَتَرفَعُهُ، وَتَنهَى عَنِ المُنكَرِ وَتَدفَعُهُ، سَالِكَةً لِذَلِكَ الهَدَفِ النَّبِيلِ كُلَّ سَبِيلٍ، وَلَو أَن تُقَاتِلَ عَلَيهِ وَتُذهِبَ الأَروَاحَ لأَجلِهِ، قَالَ - سُبحَاَنُه -: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِن لم يَستَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِن لم يَستَطِعْ فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَانِ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَد رَبَطَ - سُبحَانَهُ - خَيرِيَّةَ هَذِهِ الأُمَّةِ بِقِيَامِهَا بِالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَبَيَّن أَنَّهُ مِن أَخَصِّ صِفَاتِ المُؤمِنِينَ وَمُوجِبَاتِ رَحمَتِهِ لَهُم وَرِضَاهُ عَنهُم، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ۞ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 71، 72] كَمَا أَخبَرَ - سُبحَانَهُ - أَنَّ التَّمكِينَ في الأَرضِ لا يَكُونُ إِلاَّ لِلآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَهلَكَ القُرُونَ المَاضِيَةَ بِتَركِهِم لِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ، فَقَالَ: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41] وَقَالَ - سُبَحَانَهُ -: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 116] وَحِينَ أَحَلَّ بِعَدلِهِ العَذَابَ بِقَومٍ مِمَّن كَانَ قَبلَنَا، أَخبَرَ أَنَّ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ كَانَ سَبَبًا لِنَجَاةِ مَن نَجَا مِنهُم، قَالَ - تعالى -: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 165] وَحِينَ شَهِدَ - تَعَالى - لِقَومٍ مِن أَهلِ الكِتَابِ بِالصَّلاحِ، بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ بِإِيمَانِهِم بِهِ وَبِاليَومِ الآخِرِ، وَأَمرِهِم بِالمَعرُوفِ وَنَهِيِهِم عَنِ المُنكَرِ، قَالَ - عز وجل -: ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ۞ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 113، 114] وَأَمَّا الَّذِينَ لَعَنَهُم وَسَخِطَ عَلَيهِم وَطَرَدَهُم مِن رَحمَتِهِ، فَقَد وَصَمَهُم بِتَركِهِمُ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ۞ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ كُلَّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ - تَعَالى - وَيَرضَاهُ، مِنَ الأَقوَالِ وَالأَعمَالِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، فَهُوَ دَاخِلٌ في المَعرُوفِ الَّذِي يُؤمَرُ بِهِ، وَكُلَّ مَا يُبغِضُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلا يَرضَاهُ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَعمَالِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، فَهُوَ مِنَ المُنكَرِ الَّذِي يُشرَعُ النَّهيُ عَنهُ، وَمِن أَجلِ قِيَامِ المَعرُوفِ وَإِظهَارِهِ، وَزَوَالِ المُنكَرِ وَاندِحَارِهِ، جُعِلَتِ الوِلايَاتُ في الإِسلامِ، سَوَاءٌ مِنهَا الوِلايَةُ الكُبرَى كَالرِّئَاسَةِ وَالسَّلطَنَةِ، أَوِ الصُّغرَى كَالشُّرطَةِ وَوِلايَةِ الحُكمِ أَو وِلايَةِ المَالِ أَو غَيرِهَا، وَإِنَّهُ لَو طُوِيَ بِسَاطُ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَأُهمِلَ عَمَلُهُ وَتُرِكَ عِلمُهُ؛ لَتَعَطَّلَتِ النُّبُوَّةُ وَاضمَحَلَّتِ الدِّيَانَةُ، وَلَعَمَّتِ الفَترَةُ وَشَاعَتِ الجَهَالَةُ، وَلَنُسِيَتِ الصَّلاةُ وَانتَشَرَ الفَسَادَ، وَلاتَّسَعَ الخَرقُ وَخَرِبَتِ البِلادُ وَهَلَكَ العِبَادُ، وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ في عَصرِنَا مِن هَذَا مَا كَانَ في كَثِيرٍ مِنَ البُلدَانِ، وَعُطِّلَت شَعِيرَةُ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَحُورِبَ المُحتَسِبُونَ وَضُيِّقَ عَلَيهِم، وَاستَولَت عَلَى القُلُوبِ مُدَاهَنَةُ الخَلقِ وَخَلَت مِن مُرَاقَبَةِ الخَالِقِ، وَقَلَّ مَن لا تَأخُذُهُ في اللهِ لَومَةُ لائِمٍ أَوِ اختَفَى، إِذْ ذَاكَ استَرسَلَ النَّاسُ في الشَّهَوَاتِ كَالبَهَائِمِ، وَرَتَعُوا في الفَسَادِ كَالحَيَوَانِ، وَلَم يَرعَوا لِغَيرِهِم حُرمَةً وَلم يَحفَظُوا ذِمَّةً، فَاختَلَّ لَدَيهِمُ الأَمنُ وَحَلَّ بِهِمُ الخَوفُ، وَانتَشَرَ فِيهِمُ الزِّنَا وَعَمَّ الخَنَا، وَتَقَطَّعَتِ العِلاقَاتُ الأُسرِيَّةُ وَتَصَرَّمَتِ الأَوَاصِرُ الاجتِمَاعِيَّةُ، وَفَشَتِ الأَمرَاضُ المُهلِكَةُ وَشَاعَتِ الأَوجَاعُ المُمِيتَةُ، وَخَيَّمَ الشَّقَاءُ وَرَحَلَتِ السَّعَادَةُ، وَغَلَتِ الأَسعَارُ وَارتَفَعَت، وَقَلَّتِ البَرَكَاتُ أَو نُزِعَت، وَأَصبَحَ النَّاسُ في مِثلِ الغَابَةِ، يَأكُلُ القَوِيُّ مِنهُم الضَّعِيفَ، وَيَعتَدِي القَادِرُ عَلَى العَاجِزِ، وَلا يَستَطِيعُ أَحَدُهُم أَن يَحمِيَ نَفسَهُ الحِمَايَةَ التَّامَّةَ، فَضلاً عَنِ المُدَافَعَةِ عَن حَقِّ غَيرِهِ، فَكَرِهَ بَعضُهُم لِذَلِكَ بَعضًا، وَحُرِمُوا الاتِّفَاقُ وَالائتِلافُ، وَبُلُوا بِالتَّفَرُّقِ وَالاختِلافِ، وَصَارَ هُمُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُم العَمَلَ عَلَى الإِيقَاعِ بِالآخِرِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَمَسَّكُوا بِمَصدَرِ عِزِّكُم وَمَنبَعِ كَرَامَتِكُم، وَعَضُّوا بِالنَّوَاجِذِ عَلَى دِينِكُم، وَمُرُوا بِالمَعرُوفِ جُهدَكُم، وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ طَاقَتَكُم، فَإِنَّكُم عَلَى ذَلِكَ اجتَمَعتُم، وَبِهِ انتَظَمَ شَملُكُم في هَذِهِ البِلادِ وَائتَلَفتُم، وَاحذَرُوا فِعلَ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ نَسُوا رَبَّهُم، فَجَعَلُوا يَأمُرُونَ بِالمُنكَرِ وَيَنهَونَ عَنِ المَعرُوفِ وَيَقبِضُونَ عَنِ الخَيرِ أَيدِيَهُم، وَيَمُدُّونَ في الشَّرِّ أَلسِنَتَهُم وَيُجهِدُونَ في دَعمِهِ أَقلامَهُم، وَيُنفِقُونَ أَموَالَهُم لِلصَّدِّ عَن سَبِيلِ اللهِ، وَيَصرِفُونَ أَوقَاتَهُم لإِغوَاءِ عِبَادِ اللهِ، زَاعِمِينَ أَنَّهُم بِذَلِكَ مُصلِحُونَ، وَهُم المُفسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشعُرُونَ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ۞ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ﴾ [النور: 19، 21]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا مَا يُسخِطُ رَبَّكُم - جَلَّ وَعَلا -

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَبذُلُ الدُّوَلُ لِحِفظِ أَمنِهَا الأَموَالَ الطَّائِلَةَ، وَتُكَرِّسُ لِذَلِكَ الجُهُودَ الكَبِيرَةَ، وَتَسُنُّ من أَجلِهِ القَوَانِينَ وَالأَنظِمَةَ، وَتُوَظِّفُ الرِّجَالَ وَتُعِدُّ العَتَادَ، وَلَكِنَّهُم يَغفُلُونَ كَثِيرًا أَو يَتَغَافَلُونَ، عَن أَنَّهُ لا أَمنَ بِلا إِيمَانٍ، ولا استِقرَارَ بِلا هِدَايَةٍ مِنَ الرَّحمَنِ، وَأَنَّهُ لا يُدفَعُ الشَّرُّ وَيُدحَرُ البَاطِلُ بِمِثلِ نَشرِ الخَيرِ وَإِعلانِ الحَقِّ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾  [الأنعام: 82] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾ [البقرة: 251] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ﴾ [الحج: 40] وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81] وَإِنَّ تَجرِبَةَ هَذِهِ البِلادِ مَعَ هَيئَةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، لَخَيرُ دَلِيلٍ وَأَكبَرُ بُرهَانٍ، عَلَى أَنَّ اللهَ يَزَعُ بِإِقَامَةِ هَذِهِ الشَّعِيرَةِ شُرُورًا كَثِيرَةً، وَيَدفَعُ بها أَضرَارًا وَيَرفَعُ أَخطَارًا، وَأَنَّهَا دِرعٌ وَاقٍ مِن كَثِيرٍ مِنَ الشُّرُورِ وَالفِتَنِ، وَسِيَاجٌ مَانِعٌ مِن جُملَةٍ مِنَ الرَّزَايَا وَالمِحَنِ، فَكَم حُفِظَ بِجُهُودِ رِجَالِ الحِسبَةِ مِن عِرضٍ وَعُظِّمَت مِن حُرمَةٍ! وَكم فُضِحَ مِن مُجرِمٍ وَأُوقِعَ بِمُتَرَبِّصٍ! وَكَم أُقِيمَ مِن شَعِيرَةٍ وَأُمِيتَ مِن بِدعَةٍ!

 

وَمَهمَا صَاحَ أَصحَابُ الهَوَى وَضَج عَبِيدُ الشَّهَوَاتِ غَيظًا مِن هَذِهِ المُؤَسَّسَةِ المُبَارَكَةِ، أَوِ زَعَمُوا أَنَّهَا مِن مُبتَدَعَاتِ هَذَا العَصرِ أَوِ انتَقَدُوا رِجَالَهَا وَذَمُّوهُم، أَو حَاوَلُوا نَزعَ ثِقَةِ النَّاسِ فِيهِم وَإِقنَاعَهُم أَنَّ عَمَلَهُم تَدَخُّلٌ فِيمَا لا يَعني أَو تَقيِيدٌ لِلحُرِّيَّةِ، فَإِنَّ الشَّوَاهِدَ مِنَ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ وَالآثَارِ المَروِيَّةِ، تُبَيِّنُ أَنَّ الإِمَامَ الأَعظَمَ وَالقَائِدَ الأَوَّلَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - كَانَ يَحتَسِبُ بِنَفسِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ خُلَفَاؤُهُ مِن بَعدِهِ، وَمَا زَالَ العُلَمَاءُ وَالعُقَلاءُ وَالفُضَلاءُ، يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ، وَيَنصَحُونَ لِلنَّاسِ وَيُوَجِّهُونَهُم لِمَا يُصلِحُ شَأنَهُم، وَأَمَّا عَبِيدُ الشَّهَوَاتِ وَالمُنَافِقُون، فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَن يَنفَرِطَ عِقدُ المُجتَمَعِ وَتَشِيعَ فِيهِ الفَوَاحِشُ، لِيَقضُوا شَهَوَاتِهِم الحَيَوَانِيَّةَ وَيُشبِعُوا رَغَبَاتِهِم البَهِيمِيَّةَ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ۞ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 27، 28] فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَكُونُوا مِمَّن يَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَيُحِبُّهُ وَيَفرَحُ بِهِ، وَاعتَزُّوا بِأَهلِهِ وَاحفَظُوا أَعرَاضَهُم، وَإِيَّاكُم أَن تَكُونُوا مِمَّن يَهَشُّ لِلمُنكَرِ وَيَكرَهُ النَّاصِحِينَ، فَإِنَّ قَومًا هَدَاهُمُ الله فَاستَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى، وَخَالَفُوا نَبِيَّهُم وَأَطَاعُوا أَمرَ المُسرِفِينَ. الَّذِينَ يُفسِدُونَ في الأَرضِ وَلَا يُصلِحُونَ ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ۞ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 78، 79]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • في أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • مكافحة المنكرات في تاريخ مصر
  • نعوذ بالله من المأثم والمغرم

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احتساب النبي صلى الله عليه وسلم (3)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلة السنة بالكتاب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/2/1447هـ - الساعة: 3:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب