• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

لذة العيش

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/9/2013 ميلادي - 25/11/1434 هجري

الزيارات: 15942

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لذة العيش


الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَاتَّقُوهُ وَالزَمُوا طَاعَتَهُ تَسعَدُوا ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِذَا كَانَ أَهلُ الأهوَاءِ في الدُّنيَا وَأَتبَاعُ الشَّهَوَاتِ، يَجِدُونَ في نَيلِهَا وَاكتِسَابِهَا أَكمَلَ اللَّذَاتِ، وَيَعِيشُونَ بِالاستِكثَارِ مِنهَا أَحلَى الأَوقَاتِ، فَإِنَّ لَذَّةَ المُؤمِنِ بِإِيمَانِهِ وَالعَالِمِ بِعِلمِهِ، وَلَذَّةَ العَاقِلِ بِتَميِيزِهِ وَالحَكِيمِ بِحِكمَتِهِ، وَلَذَّةَ المُجَاهِدِ بِجِهَادِهِ وَالجَوَادِ بِجُودِهِ، إِنَّهَا لأَعظَمُ مِن لَذَّةِ الآكِلِ بِأَكلِهِ وَالشَّارِبِ بِشُربِهِ، وَأَكمَلُ مِن لَذَّةِ الكَاسِبِ بِكَسبِهِ وَاللاَّعِبِ بِلَعِبِهِ، يُروَى عَن إِبرَاهِيمَ بنِ أَدهَمَ التَّابِعِيِّ الإِمَامِ الزَّاهِدِ - رَحِمَهُ اللهُ - أَنَّهُ قَالَ يَومًا لِبَعضِ أَصحَابِهِ: لَو عَلِمَ المُلُوكُ وَأَبنَاءُ المُلُوكِ مَا نَحنُ فِيهِ - أَيْ مِنَ السَّعَادَةِ وَالسُّرُورِ بِالطَّاعَةِ - لَجَالَدُونَا عَلَيهِ بِالسُّيُوفِ. وَقَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ -: المَحبُوسُ مَن حُبِسَ قَلبُهُ عَن رَبِّهِ - تَعَالى - وَالمَأسُورُ مَن أَسَرَهُ هَوَاهُ.

 

وَيُروَى عَنِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ - قَولُهُ:

سَهَرِي لِتَنقِيحِ العُلُومِ أَلَذُّ لي
مِن وَصلِ غَانِيَةٍ وَطِيبِ عِنَاقِ
وَصَرِيرُ أَقَلامي عَلَى صَفَحَاتِهَا
أَحلَى مِنَ الدَّوكَاءِ وَالعُشَّاقِ
وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتَاةِ لِدُفِّهَا
نَقرِي لأُلقِي الرَّملَ عَن أَورَاقي
وَتَمَايُلي طَرَبًا لِحَلِّ عَوِيصَةٍ
في الدَّرسِ أَشهَى مِن مَدَامَةِ سَاقِ

 

إِنَّ في الحَيَاةِ الدُّنيَا سِوَى الشَّهَوَاتِ التي زُيِّنَت لِلنَّاسِ، مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنعَامِ وَالحَرثِ، إِنَّ فِيهَا لأَشيَاءً كَثِيرَةً غَيرَ تِلكَ الشَّهَوَاتِ الفَانِيَةِ، تَطِيبُ بها الحَيَاةُ وَتَجمُلُ، وَتَحصُلُ بها السَّعَادَةُ وَتَكمُلُ، وَيَتَّصِلُ بها الفَرَحُ وَيَتِمُّ السُّرُورُ، وَيَتَّسِعُ بها العَيشُ وَتَنشَرِحُ الصُّدُورُ، فَفِيهَا الاتِّصَالُ بِاللهِ وَالاستِغرَاقُ في عِبَادَتِهِ، وَالثَّبَاتُ عَلَى أَمرِهِ وَالاطمِئنَانُ بِذِكرِهِ، وَالاستِقَامَةُ عَلَى طَاعَتِهِ وَالعَيشُ مِن أَجلِهِ، وَالجِهَادُ في سَبِيلِهِ وَالثِّقَةُ بِوَعدِهِ وَانتِظَارُ نَصرِهِ، وَرَاحَةُ الضَّمِيرِ بِرِضَاهُ وَالسَّكِينَةُ بِسِترِهِ، وَفِيهَا أَمنُ الأَوطَانِ وَاستِقرَارُهَا مَع العَافِيَةِ وَشَيءٍ مِنَ الصِّحَّةِ، وَتَوَفُّرُ اللُّقمَةِ الهَنِيَئَةِ مَعَ القَنَاعَةِ وَغِنى النَّفسِ، وَسَكَنُ البُيُوتِ وَمَوَّدَّةُ النُّفُوسِ وَائتِلافُ القُلُوبِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن أَصبَحَ مِنكُم آمِنًا في سِربِهِ، مُعَافىً في جَسَدِهِ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَت لَهُ الدُّنيَا بِحَذَافِيرِهَا " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بما آتَاهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لأَحَدِ أَصحَابِهِ: " يَا شَدَّادُ بنَ أَوسٍ، إِذَا رَأَيتَ النَّاسَ قَدِ اكتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، فَأَكثِرْ هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ الثَّبَاتَ في الأَمرِ، وَالعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشدِ، وَأَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغفِرَتِكَ، وَأَسأَلُكَ شُكرَ نِعمَتِكَ وَحُسنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسأَلُكَ قَلبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسأَلُكَ مِن خَيرِ مَا تَعلَمُ وَأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا تَعلَمُ، وَأَستَغفِرُكَ لِمَا تَعلَمُ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ بَعضُ الشُّعَرَاءِ:

إِذَا اجتَمَعَ الإِسلامُ وَالقُوتُ لِلفَتى
وَكَانَ صَحِيحًا جِسمُهُ وَهُوَ في أَمنِ
فَقَد مَلَكَ الدُّنيَا جَمِيعًا وَحَازَهَا
وَحُقَّ عَلَيهِ الشُّكرُ للهِ ذِي المَنِّ

 

إِنَّهُ حِينَ يَتَّصِلُ القَلبُ بما هُوَ أَعظَمُ وَأَزكَى، وَيَطمَعُ فِيمَا هُوَ خَيرٌ وَأَبقَى، وَيَتَذَكَّرُ المَرءُ سُرعَةَ زَوَالِ الدُّنيَا وَقُربَ المَوتِ وَالبِلَى، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لا يَفرَحُ بما اجتَمَعَ لَدَيهِ أو حَازَهُ، وَلا يَأسَفُ كَثِيرًا عَلَى مَا تَفَرَّقَ عَنهُ أَو فَاتَهُ، لِعِلمِهِ أَنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى، خَيرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلهَى.

 

وَمَن تَفَكَّرَ في حَيَاةِ الأَنبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَسَبَرَ سِيَرَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ، وَتَأَمَّلَ عَيشَ المُجَاهِدِينَ الصَّابِرِينَ وَحَالَ الأَجوَادِ المُنفِقِينَ، عَلِمَ أَنَّ في العَطَاءِ وَالبَذلِ وَالتَّعَبِ، لَذَّةً لَيسَت في الأَخذِ وَالطَّمَعِ وَالكَسَلِ، وَأَنَّ في الجُودِ بِالنَّفسِ وَالمَالِ أُنسًا وَرَاحَةً وَسُرُورًا، لا يَجِدُهَا مَن جَبُنَ وَشَحَّ وَبَخِلَ وَأَمسَكَ، وَتَأَكَّدَ لَدَيهِ أَنَّ الإِحسَانَ إِلى الخَلقِ وَإِيثَارَهُم وَتَركَ الأَثَرَةِ عَلَيهِم، هُوَ مَصدَرُ الهُدُوءِ وَالرَّاحَةِ وَمَنبَعُ الاستِقرَارِ وَالسَّكِينَةِ، فَالمُتَرَفِّعُونَ عَن شَهَوَاتِ الدُّنيَا وَلَذَّاتِهَا، وَالمُلتَفِتُونَ عَن زَخَارِفِهَا وَمُلهِيَاتِهَا، وَالزَّاهِدُونَ في مَتَاعِهَا وَالمُتَخَفِّفُونَ مِنهَا، وَقُوَّامُ اللَّيلِ وَصُوَّامُ النَّهَارِ، وَالضَّارِبُونَ في الأَرضِ يَدعُونَ إِلى اللهِ، وَالمُجَاهِدُونَ بِأَموَالِهِم وَأَنفُسِهِم في سَبِيلِ اللهِ، وَالتَّارِكُونَ بَعضَ حُقُوقِهِم لِوَجهِ اللهِ، وَالعَافُونَ عَنِ النَّاسِ وَالمُتَسَامِحُونَ، وَالمُضَحُّونَ بِأَوقَاتِهِم لِنَفعِ عِبَادِ اللهِ، وَطَالِبُو العِلمِ وَمُعَلِّمُو النَّاسِ الخَيرَ وَالمُسَاهِمُونَ في أَعمَالِ البِرِّ، لَيسُوا بِلا قُلُوبٍ تُحِسُّ وَأَفئِدَةٍ تَشعُرُ، بَل قَد يَتَقَطَّعُون شَوقًا إِلى مَا انهَمَكَ فِيهِ غَيرُهُم، وَقَد تَتَطَلَّعُ نُفُوسُهُم إِلى مَا أَقبَلَ عَلَيهِ مَن سِوَاهُم، وَقَد تَشرَئِبُّ أَعنَاقُهُم وَيَتَمَنَّونَ الوُصُولَ إِلى مَا وَصَلَ إِلَيهِ مَن حَولَهُم، وَلَكِنَّهُم إِنَّمَا يَترُكُونَ مَا يَترُكُونَ وَيَتَصَبَّرُونَ، وَيُعرِضُونَ عَمَّا يَشتَهُونَ وَيُقبِلُونَ عَلَى مَا يُخَالِفُ أَهوَاءَهُم وَيَبذُلُونَ، طَلَبًا لِلمَعَالي وَالفَضَائِلِ، وَإِيثَارًا لِكَرِيمِ الصِّفَاتِ وَالشَّمَائِلِ، وَتَجَافِيًا عَنِ المَسَاوِئِ وَتَرَفُّعًا عَنِ الرَّذَائِلِ، وَيَقِينًا بِاضمِحلالِ الدُّنيَا وَسُرعَةِ زَوَالِهَا، وَجَزمًا بِذَهَابِهَا عَن أَهلِهَا أَو ذَهَابِهِم عَنهَا، وَرَغبَةً فِيمَا عِندَ اللهِ مِنَ النَّعِيمِ المُقِيمِ وَالنُّزُلِ الدَّائِمِ الَّذِي لا يَزُولُ وَلا يَحُولُ، وَمِن ثَمَّ فَهُم يَغتَنِمُونَ الأَعمَارَ في صَالحِ الأَعمَالِ، تَأسِيًا بِإِمَامِهِم وَقُدوَتِهِم، الَّذِي قَالَ لِعُمَرَ حِينَ دَخَلَ عَلَيهِ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَد أَثَّرَ في جَنبِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذتَ فِرَاشًا أَوثَرَ مِن هَذَا! فَقَالَ: " مَا لي وَلِلدُّنيَا، مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ سَارَ في يَومٍ صَائِفٍ، فَاستَظَلَّ تَحتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً ثم رَاحَ وَتَرَكَهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وصححه الألباني. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحرِصُوا عَلَى مَا يُقَرِّبُكُم إِلى رَبِّكُم وَيُنجِيكُم، وَتَصَبَّرُوا عَمَّا يُبَاعِدُكُم عَنهُ وَيُردِيكُم، وَكُونُوا مِن أَهلِ الآخِرَةِ وَلا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنيَا، وَالزَمُوا القَنَاعَةَ فَإِنَّهَا مِن أَربَحِ البِضَاعَةِ، وَاطلُبُوا الخَيرَ جُهدَكُم وَتَحَرَّوهُ، فَإِنَّهُ مَن يَتَحَرَ الخَيرَ يُعطَهُ، وَمَن يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 39، 40] " ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 20، 21]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوا لَهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ فَرَاقِبُوهُ وَلا تَنسَوهُ، وَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ أَنَّ مَن أَحَبَّ دُنيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَن أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبقَى عَلَى مَا يَفنَى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِذَا كَانَ أَكثَرُ النَّاسِ لا يَجِدُ رَاحَتَهُ إِلاَّ في العَيشِ لِنَفسِهِ، بِتَحصِيلِهِ لَذَّةً حِسِّيَّةً كَالأَكلِ وَالشُّربِ وَاللِّبَاسِ وَالنِّكَاحِ، أَو لَذَّةً وَهمِيَّةً كَالرِّئَاسَةِ وَالأَمرِ وَالنَّهيِ وَالانتِقَامِ، فَإِنَّ لِلمُؤمِنِينَ لَذَّةً لِقُلُوبِهِم وَعُقُولِهِم لا تَعدِلُهَا لَذَّةٌ، وَفَرحَةً لِنُفُوسِهِم لا تُسَاوِيهَا فَرحَةٌ، يَجِدُونَهَا في العِلمِ وَالمَعرِفَةِ بِاللهِ، وَيَزدَادُونَ مِنهَا بِازدِيَادِهِم مِنَ العَطَاءِ وَالإِحسَانِ، وَتَتَضَاعَفُ لَدَيهِم كُلَّمَا أَمَرُوا بِمَعرُوفٍ وَأَتَوهُ، أَو نَهَوا عَن مُنكَرٍ وَاجتَنَبُوهُ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - وَجَاهِدُوا أَنفُسَكُم وَاصبِرُوا وَصَابِرُوا، وَلا تَستَثقِلُنَّ طَاعَةً وَلَو شَقَّت عَلَى نُفُوسِكُم قَلِيلاً، فَإِنَّهَا تَذهَبُ وَتَبقَى حَلاوَتُهَا وَيَثبُتُ أَجرُهَا، وَلا تَغُرَّنَّكُم مَعصِيَةٌ وَلَو وَجَدتُم لَهَا لَذَّةً وَنَشوَةً، فَإِنَّهَا تَذهَبُ وَيَبقَى نَدَمُهَا وَإِثمُهَا. وَإِذَا لم يَجِدِ المُسلِمُ لَذَّتَهُ وَسَعَادَتَهُ وَرَاحَتَهُ في طَاعَةِ رَبِّهِ وَالإِحسَانِ إِلى الخَلقِ، فَلَن يَجِدَهَا في مُخَالَفَةِ أَمرِ اللهِ، وَلَن يَصِلَ إِلَيهَا بِالاعتِدَاءِ عَلَى حَقِّ غَيرِهِ، وَالمُوَفَّقُ مَن وَفَّقَهُ اللهُ، وَالمَحرُومُ مَن خَذَلَهُ اللهُ ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾ [الليل: 5 - 11]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لذة المناجاة
  • لذة العلم
  • لذة العبادة
  • قوام العيش ( خطبة )

مختارات من الشبكة

  • السعادة في محبة الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وداعا صاحب العيش في مكة(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • فضل مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واستحباب العيش فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العيش في الدنيا بأنفاس الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحذر من زوال النعم: (رغد العيش، والأمن من الخوف)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح باب فضل الجوع وخشونة العيش(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعطاف العيش بين الاغتراب والأشواق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهناءة في العيش بالإيمان بالقدر (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الهناءة في العيش بالإيمان بالقدر(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • لماذا وكيف أتدبر القرآن الكريم؟ (كلمات في العيش مع القرآن)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 16:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب