• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

أيهما أعظم: محمد أم المسيح؟

أيهما أعظم: محمد أم المسيح؟
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/8/2013 ميلادي - 19/10/1434 هجري

الزيارات: 32355

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (5)

حقائق الإسلام الدامغة وشبهات خصومه الفارغة

الرد على ضلالات زكريا بطرس

أيهما أعظم: محمد أم المسيح؟

 

مقدمة لابد منها:

الدراسة التي بين يدي القارئ هي في الردِّ على كتاب من الكتب التي تمتلئ بها مواقع النصارى المَهْجَريِّين يتَحدَّون بها المسلمين، وعنوانه: "من هو الأعظم؟ المسيح أم محمد؟ سؤال لا بدَّ من جوابه، رواية دينيَّة بعد حادث واقعي"، والملاحظ أن عبدالمسيح وزملاءه، وهم مؤلِّفو الكتاب المذكور، يتكلَّمون عن الرسول محمد - عليه الصلاة والسلام - لا على أنه دَعِيٌّ كذاب، بل على أنه نبي كبير وعظيم من عظماء التاريخ، بل على أنه ثاني أعظم عظيمين هما المسيح ومحمد - عليهما السلام - وقد قمت في الدراسة التي نحن بصددها الآن بتقسيم كتاب عبدالمسيح وزملائه إلى عدَّة أقسام، بادئًا أولاً كل قِسم من هذه الأقسام بنجمة واحدة، ثم مُتْبِعًا إياه بالرد المطوَّل على ما فيه، لكن عقِب نجمتين، وبعد هذا التوضيح أترُك القارئ مع الكتاب والرد عليه ليَحكُم بنفْسه لنفسه في هذا الموضوع الهام.

 

من هو الأعظم؟ المسيح أم محمد؟

سؤال لا بدَّ من جوابه - رواية دينية بعد حادث واقعي

عبدالمسيح وزملاؤه

 

تمهيد:

• نعيش في عصر السرعة؛ حيث قرَّبت الطائرات السريعة القارات البعيدة، وتُحرِّك فيضان الكتب وبرامج التلفزيون قلوب الشعوب، وتَختلِط القبائل والأجناس تلقائيًّا، وتَطفو الأسئلة وتدور الأبحاث، فينبغي على الجميع أن يَتساءلوا: ما هو الحق الأزلي؟ وما هي الأفكار البنَّاءة التي نقبَلها بضمير صالح وبدون اشمئزاز؟ فكل من يتعلَّم الاستماع والإصغاء لآراء الآخرين، يكتَسب أُفقًا أوسَع من محيطه المحدود.

 

• ونحن مع عبدالمسيح وزملائه في أن يفتح الناس جميعًا عقولهم وقلوبهم لمعرفة ما في أيدي الآخرين، وتقليب البضاعة التي يَعرضُونها قبل أن يُصدِروا حُكمًا عليها؛ إذ الحُكم على الشيء فرع من تصوُّره، أما إذا كان التصوُّر غير موجود أصلاً؛ لأن الإنسان لم يَطَّلع على ذلك الشيء، فهل يا تُرى من المُستطاع له أن يُصدِر حكمًا بشأنه؟ بالطبع لا، والمعروف أنه في كل مرة من المرات التي كان الكفار يَعترِضون على نبيِّنا الكريم، كان القرآن يدخل معهم في حوار، ويُجادلهم، ويَعرِض ما عنده في سِعة صدر، ويفنِّد ما عندهم بمنطق مُفحِم، ويطلب منهم دائمًا تشغيل مخهم وعرْض كل شيء على عقولهم قبل أن يرفضوه، ولم يقع قط أن صادَر حقَّهم في التفكير ولا في القََبُول والرفض، كذلك يُعلِن القرآن في مواضِع مُتعدِّدة منه أن العقل هو أساس الإيمان، وأن كل إنسان حرٌّ في أن يُؤمِن بما جاء به محمد - عليه الصلاة والسلام - أو يَكفُر، فهذه مسؤوليته الشخصية، لا دخْل لأحد سواه فيها، ولا حساب عليه إلا في حدود الوُسْع، وعلى هذا ينبغي أولاً أن يُعْرَض الإسلام عليه عرضًا حسنًا يُبْدِي عما فيه من روعة وإبداع، وإلا فكيف يمكن أن يكون هناك حساب لمن لم يعرف شيئًا عن الإسلام، أو عرَفه ولكن بطريقة مشوَّهة تَستُر محاسنَه، وتُضفي عليه عيوبًا لا يعرفها ولا تعرفه، وليس ثمَّة وسيلة يمكنه بها أن يعرِف الحقيقة في أمر ذلك الدين؟ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 24 - 25]، ﴿ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 108]، ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]، ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [سبأ: 46]، خلاصة القول: إنَّنا نُوافِق تمامًا عبدالمسيح وأصحابه فيما يدْعون إليه في هذه الفقرة التمهيدية.

 

سؤال مثير:

اعتاد أحد خدام الرب زيارة السجون في إحدى البُلدان العربية؛ ليُعلِن طريق الحياة للمساجين، وكان يحصل على رخصة رسمية من دوائر الحكومة لزيارة كل من يريد أن يسمع بِشارة الحق والسلام التي تُطهِّر القلوب وتغيِّر الأذهان، وكان خادم الرب هذا يدخل الزنزانة بدون مرافَقة حارس، رافضًا الحراسة، ومتأكِّدًا أن البحث الصريح لا يجري مع المسجونين تحت المراقبة، فكان يتقدَّم مُنفرِدًا إلى غرف المجرمين ويجلس معهم، دخَل مرة إلى جماعة من السجناء محكوم عليهم بالسجن أكثر من عشر سنوات، وكانوا قد عرَفوه من زياراته السابقة وتعوَّدوا أن يستمِعوا إلى إرشاداته للحق وبُشرى الخلاص، وكانوا يتباحَثون بعد خروجه حول خطاباته بشدة وحماس لا نظير لهما.

 

لمَّا دخل هذه المرة إلى زنزانتهم، أقفَلوا فورًا الباب وراءه قائلين له: إنَّك لن تخرج من هذه الغرفة إلا إذا جاوبتنا جوابًا قاطِعًا وصريحًا على سؤالنا، فردَّ خادم الرب عليهم قائلاً: إني آتي إليكم طوعًا، وبدون حارس مُسلَّح، وأُقدِّم لكم أجوبة من كلمة الله بقدْر إمكانيَّاتي، وما لا أعرفه لا أقوله، فأجابوه: لا نَنتظِر منك أسرارًا عن النجوم ولا أساليب السحر، بل نطلب منك كرجل دين جوابًا قاطِعًا ونَهائيًّا على السؤال المُتداول بيننا: من هو الأعظم؟ محمد أم المسيح؟ لما سمِع خادم الرب هذا السؤال، قال في نفسه وهو في حَيرة: إنْ قلت: إنَّ محمدًا هو الأعظم يُهاجمني السجناء المسيحيون؛ لأن الجالسين في هذه الزنزانة كانوا مُجرمين وبلا ضمير، وإنْ قلت: إنَّ المسيح هو الأعظم، لربما يقوم أحد المسلمين عليَّ ويكسِر رقبتي من شدَّة غيظه، عِلمًا أن كل من يُهين محمدًا أو يَشتمه، يُعتبر عند بعض المسلمين مُجدفًا يستحقُّ الموت، فصلَّى خادم الرب في قلبه سائلاً ربَّه ليُلهِمه الإجابة الحكيمة المُقنِعة لهؤلاء السجناء، وكل من يسأل إرشاد الرب في الأوقات الحرِجة، ينال منه الجواب فورًا، فأَلَهم الروح القدس هذا الخادم المتضايق، وهو خلف الباب المُغلَق جوابًا واضحًا قدَّمه بتواضُع، ولما تَباطأ خادم الرب أثناء صلاته الصامتة للإجابة على هذا السؤال، قال له المساجين: لا تتهرَّب من مسؤوليَّتك، ولا تكن جبانًا، بل اعترِف بالحق كله، فنتعهَّد لك بأن نتركك بلا إهانة ولا مضايقة مهما قلت لنا: فلا تكذِب ولا تُخْفِ أفكارك، بل أخبِرنا بالحق الكامل، فابتدأ رجل الله يقول: أنا مستعدٌّ أن أقول لكم الحق الصريح، إنما السؤال المطروح أمامي ليس هو الموضوع الذي أعددتُه لكم اليوم من الكتاب المقدَّس، ولكن إن صمَّمتم على أن تسمعوا المقارنة بين محمد والمسيح، فلا أُخْفِي عنكم الحقيقة، إنما لست مسؤولاً على ما يَنتُج عن شروحاتي، بل أنتم المسؤولون؛ لأنكم تُجبِرونني على إجابة سؤال لم أطرْحه وما نَويتُه إطلاقًا، فهذا هو ردِّي: لا أُقرِّر أنا من هو الأعظم، بل أترك القرآن والحديث أن يُعطيكم جوابًا مُقنِعًا، تأمَّلوا في القرآن بأعين الحق، فتعرفوا الحق المخفي، والحق يُحرِّركم.

 

بالنسبة لهذه القصة يُؤسِفني أن أقول:

إنها لا تدخل العقل، بل هي من اختراع المؤلِّف أو المؤلِّفين، اخترَعوها لتكون إطارًا فنيًّا مشوِّقًا، متوسِّمين أن يكون الإقناع بها على هذا النحو أشدَّ وأفعلَ في نفْس القارئ، وإلا فأية دولة عربية تسمح لواحد من غير ضباط السجن وجنوده أن يدخل زنازين المسجونين، فضلاً عن أن يترك المسؤولون في السجن باب الزنزانة وراء الوعَّاظ ليقوم المساجين بإغلاقه بأنفسهم من الداخل (الله أكبر!)، أو ترْكه مفتوحًا حسبما يَحلو أو يعِنُّ لهم، لا حسبما يريد المسؤولون في السجن؟ إن المتَّبَع في مِثل تلك الحالة هو إخراج المساجين من زنازينهم إلى قاعة كبيرة؛ حيث تتمُّ أمثال تلك المُقابلات، أما في الزنزانة، فلم نسمع بمِثل هذا في آبائنا الأولين! ثم كيف يا ترى يمكِن أن نصدِّق لجوء المسلمين لواحد من القُسس لحسْم السؤال موضوع القصة؟ وهل يشكُّ المسلم في هذه القضية، بَلْهَ أن يلجأ إلى قسيس يعلَم هو قبل غيره أنه سيَختار المسيح بطبيعة الحال؟ وكيف لم يلجؤوا إلى عالم مُسلِم يستفتونه في هذه المسألة، إنْ ثار في أذهانهم مِثلُ هذا السؤال أصلاً؟ ذلك أن المسلمين يؤمنون بكل الأنبياء والمرسلين ويحترِمونهم كلهم، وهم وإن آمنوا بأن محمدًا هو أفضل الأنبياء، لا يجعلون منها قضية يدخلون بسببها في مجادَلات ومُماريات مع كل من هبَّ ودبَّ.

 

ولنُلاحِظ التفرِقة التي صوَّر بها الكاتب أو الكتَّاب ردَّ الفعل عند كلا الفريقين:

فأقصى ما سيفعله النصارى بالقسيس إن اختار النبي محمدًا أنهم سيُهاجِمونه، وليأخذ القارئ باله من أنهم "سيُهاجِمونه" وكفى، دون أن يكون هناك تحديد لنوعية هذا الهجوم، وهو ما قد يعني العمل على ضرْبه دون أن يشفعوه بالتنفيذ بالضرورة، فهذا ما يَفِد على الذهن حين نسمع كلمة "يُهاجِمونه"، أما عندما وصف استجابة المسلمين لتفضيله المفترَض للسيد المسيح، فقد قال تحديدًا: "وإن قلتُ: إنَّ المسيح هو الأعظم، لربما يقوم أحد المسلمين عليَّ ويكسِر رقبتي من شدة غيظه، عِلمًا أن كل من يُهين محمدًا أو يشتمه، يُعتبر عند بعض المسلمين مجدّفًا يستحقُّ الموت"، والفَرْق واضِح للأعمى، وهو يعني أن الكاتب - أو الكتَّاب - يصِف المسلمين بالقسوة والفظاظة، بخلاف النصارى، فإن أقصى ما يُتوقَّع من مُجرميهم عديمي الضمائر أن يُهاجِموه، لكن دون أن يكسِر أحد منهم رقبتَه على الإطلاق.

 

كما أنه في الوقت الذي ينصُّ على أن الموت ينتظِر من يَشتُم النبي محمدًا، فإن النصارى لا يُفكِّرون في شيء من هذا البتة، ولِمَ لا وهم ناس مُتحضِّرون، حتى لو كانوا مساجين مجرمين بلا ضمير؟!

 

ولكن قبل ذلك كله كيف يريد منا مؤلِّف القصة الاقتناع بأن أمثال هؤلاء المجرمين عديمي الضمير (كما يسمُّونهم)، يمكن أن تَشغَل عقولهم في السجن (مرتع الجرائم والفساد كله) مِثل تلك القضايا التَّرفيَّة، التي لا تَفِد إلا على أذهان من ارتَقَوا في تديُّنهم، وقطَعوا في ذلك أشواطًا بعيدة؟ ثم قبل ذلك كيف تسمَح السلطات في بلد من البلاد أن يدخل واعِظ من دينٍ ما الزنزانة على جميع المساجين من كل الأديان، دون أن تُفرِز أبناء دينه على حدَةٍ، فيُكلِّمهم براحته في شؤون دينهم دون أن يُزعِجوا الآخرين بما يقولون، بل بما يمكن أن تقوم بسببه فتنة في الزنازين لا يَعلم مدى فداحتها إلا الله وحدَه؟ بل هل يمكن أن يقبَل العقل ترْك السلطات المسلمة في السجن واعِظًا نصرانيًّا يدخل على مساجين مسلمين يُبشِّرهم بدينه مع أبناء طائفته؟

 

الحق أن هذا كلام لا يَهضِمه العقل مِثلما لا يهضِم العقلُ معكوس هذا الوضع من سماح السلطات في بلد نصراني لواعِظ مسلم بالدخول على المساجين النصارى يَعرِض عليهم دينَه، ويعمَل على إدخالهم فيه!

 

وأخيرًا فمنذ متى يُحسِن المجرمون عديمو الضمير أن يقولوا مِثل هذه العبارة المُتنوِّقة: "لا ننتظِر منك أسرارًا عن النجوم ولا أساليب السحر، بل نطلُب منك كرجل دين جوابًا قاطعًا ونَهائيًّا على السؤال المتداوَل بيننا: من هو الأعظم؟ محمد أم المسيح؟"، وهل يا تُرى سوف يقتنع المسلمون بما سيقوله واعِظ نصراني عن تفضيل المسيح؟ وكيف يعرِفون أنه صادق في حكمه أو كاذِب؟ ما معيار الصدق والكذِب هنا؟ إنه لدى السائلين في قصتنا، هو أن محمدًا الأفضل، وما عدا هذا لن يكون في نظرهم صدقًا على الإطلاق!

 

ونصل إلى العبارة الأخيرة، وهي تكشِف أن القصة كلها - كما قلت آنفًا - قصة مخترَعة، فها هو ذا القسيس يقول: إنه سوف يترك القرآن والحديث يُعطيانِهم جوابًا مُقنِعًا؛ أي: إن الكلام موجَّه إلى المسلمين وحدَهم، وهو من ثم لا يريد أن يقدِّم لهم دليلاً من خارِج الكتاب والسنة اللذين لا يُؤمنون إلا بهما، فأين ذهَب النصارى إذًا؟ أوَلم يكونوا ضِمن من كانوا يَتباحثون في تلك القضية، وسألوه الجواب فيها، وخاف هو نفسه منهم أن يُهاجِموه إذا أجابهم بما لا يتوقَّعونه ولا يريدونه؟ ثم إن قوله: "إنْ قلتُ: إنَّ محمدًا هو الأعظم يهاجِمني السجناء المسيحيون"، لهو دليل آخر على أن القصة مخترَعة مُفترَاة؛ إذ كيف يتصوَّر أن من المستطاع إقناعنا بأنه يمكِن أن يصدُر الحُكم منه لصالح محمد، وهو الذي يؤمِن بأن المسيح إله أو ابن الإله، ومحمد على أحسن تقدير هو مجرَّد نبي؟ فمن يا ترى يَضع النبي البشر قبْل الإله؟

 

اللهم إلا إذا أراد أن يقول لنا:

إنه كان واعظًا تَجريديًّا لا ينتمي إلى أي دين، بل يدعو إلى الفضيلة المُطلَقة دون ربْطها بعقيدة أو عبادة مُعيَّنة، لكن هذا الافتراض يكذِّبه تسميته بـ: "عبدالمسيح" تكذيبًا شديدًا! كذلك فإن الواعِظ النصراني يُعلِن أنه سوف يتَّخِذ معياره من القرآن والحديث النبوي، فهل سيفي بوعده فعلاً، ويلتصِق بكتاب الله وسُنة نبيه لا يخرج عنهما، أو سوف ينسى هذا الوعد، ويخرج عنهما إلى العهد الجديد ولو بين الحين والحين، علاوة على تفسيره نصوصَ القرآن والسنة بما لا يَقبلانِه من تفسير؟ لن نُسارع بالجواب الآن، وعما قليل سوف نرى ما يفعله خادم الله نفْسه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 1)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 2)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 3)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 4)
  • ولادة محمد والمسيح عليهما السلام
  • العظمة الخالدة في شخص سيد العالم
  • آيات محمد وآيات المسيح عليهما السلام
  • موت محمد والمسيح عليهما السلام
  • ( رحمة الله ) .. بين المسيح ومحمد عليهما السلام
  • السيد المسيح والمؤامرة اليهودية‏
  • تنبؤات المسيح بآلامه
  • تنبؤات المسيح بنجاته من القتل
  • ريبة تلاميذ المسيح في روايات القيامة والظهور
  • مولد المسيح وحكمة الله في مولده

مختارات من الشبكة

  • معنى اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان أيهما أبلغ هو أو محمود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعظم الأعمال بأعظم الأيام(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الشيخ سليمان بن جاسر الجاسر في محاضرة بعنوان ( أعظم الأعمال بأعظم الأيام )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • أيهما أولى: التصدق أم سداد الديون؟(استشارة - الاستشارات)
  • أيهما أفضل يوم عاشوراء أو يوم عرفة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيهما منشغل عن الآخر؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أيهما أفضل العمرة في رمضان أم في أشهر الحج(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أيهما أفضل: الوتر بثلاث ركعات متصلة أو الوتر بثلاث منفصلة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاتيح الخير ومفاتيح الشر فمن أيهما نحن؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبتور والموصول أيهما تحب أن تكون؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- النبي محمد
سيرين عباس - فلسطين 11-07-2014 06:49 PM

النبي محمد والمسيح من أعظم الرسل والأنبياء عند الله وأقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم الصادق الأمين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب