• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

أنفلونزا المكسيك (الخنازير)

الشيخ بلال بن عبدالصابر قديري

المصدر: أُلقيت بتاريخ: 6/5/1430هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2009 ميلادي - 10/5/1430 هجري

الزيارات: 10879

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أنفلونزا المكسيك (الخنازير)

 

أمَّا بعد:
فاتقوا الله، فقد نجا مَن اتَّقى، وفاز مَن اهتدى، وسَعِد مَن زجر النفس عن الرَّدى، فاز المطيع المتَّقي، وخسر المُسرف الشَّقي، وهلك الظالم المعتدي؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

فيروس جديد، شَرِسٌ‏ في الظاهرة الحالية، لا يوجد تطعيمٌ وقائِيٌّ ضِدَّه‏،‏ ويتطلب تجهيز الأمصال بضعة‏ أشهر، وفي حالة تَحَوُّرِه عن طريق الخنازير قد يؤدِّي إلى وفاةِ أكثرَ من مليار إنسان في يوم التَّحَوُّرِ، الأوروبيُّون يُعْلِنُون حالةَ الطوارئ لمواجهةِ المرض، ومنظَّمة الصِّحة العالميَّة تدقُّ ناقوس الخطر، وتؤكِّد أنَّ محاولة احتوائِه باتتْ غير ممكنة؛ لتأخُّر الوقت، تمَّ الإبلاغ عن حدوث عشرات الحالات من الوفاة به، ومئات مِن حالات الإصابة، وإذا كانت الأنفلونزا العاديَّة تُودِي بحياة ما بين 250 ألفًا إلى 500 ألف شخص سنويًّا، فكيف يكون الحال مع فيروس تنفُّسي لدى الخنازير يمكن أن ينتشر بسرعة؟!

إنَّه امتدادٌ لأوبئة سبقته، فأنفلونزا الطيور يُعَدُّ الأبَ الروحيَّ والحاضن له، وبدل أن يقول القومُ: انتهينا ربَّنا، جاءتِ التطمينات بأنَّه يمكن قتل الفيروس عندَ طهيه في درجة حرارة 70 مئويَّة.

ومع حظْر الدُّول استيرادَ لحوم الخنازير، ظهرتْ دولٌ عربيَّة وإسلاميَّة على قائمة الدول التي كانت تستورده وتوقَّفت؛ لا لأجل أنَّ الله حرَّمه، لكن خوفًا من الوباء، وآخرون أَمرُوا بإعدام قطعانه، مع تجميد اللُّحوم للاستفادة منها بعد حين.

أنفلونزا المكسيك أو" أنفلونزا الخنازير" مرضٌ، هو في حقيقته عَرَض من أعراض الصُّدود عن الله، وعقوبةٌ إلهيَّة أخرى من الله سبحانه لِمَن تمرَّد وتنمرد على شرع الله، فبعد جنون البقر، والحمَّى القلاعيَّة، وأنفلونزا الطيور، جاءهم البلاء من حيثُ لم يكونوا يحتسبون، فربُّنا سبحانه أنزل غضبَه على الكفَّار بخَلْقٍ صغير مِن خلقه، وهذا شيءٌ قليلٌ من عذاب الدُّنيا، ولَعَذابُ الآخرة أشدُّ وأبقى، قال بعض السلف: "كلَّما أحدثتُم ذنبًا أحدث الله لكم مِن سُلطانه عقوبةً".

قال الله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، والمراد بالفساد في الآية: النَّقصُ والشرور التي تَحدُث في الأرض عندَ معاصي العباد، وهذه الأمراض مظهرٌ من مظاهر هذا الفساد.

يقول ابن القيم رحمه الله: "ونَزِّلْ هذه الآية على أحوال العالَم، وطابقْ بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تَحدُث الآفات والعِلل كلَّ وقت، في الثِّمار والزَّرْع والحيوان، وكيف يحدُث من تلك الآفات آفاتٌ أخرُ متلازمة، بعضُها آخذٌ برقاب بعض، وكلَّما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا، أحدث لهم ربُّهم تبارك وتعالى من الآفات والعِلل، في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصُورِهم وأشكالهم، وأخلاقهم مِن النَّقص والآفات ما هو موجِبُ أعمالهم وظلمهم وفجورهم". اهـ، زاد المعاد (4/ 326).

وإعلامهم يبحث عمَّا يضخمه ويُهوِّله، ويُثير انتباهَ الناس إليه، وبذلك يجتمع عليهم عذابُ الجسد بالمرض، وعذابُ النَّفْس والرُّوح بالفزع.

فيروسات دقيقة، وكائنات عجيبة، وحالات تحوُّلٍ وبائيٍّ في هذه الفيروسات، تحيِّر البشر، وتُرغم أنوفَ قومٍ تباهوا فخرًا وخيلاءَ بما عندَهم مِن عِلم، ولا يزال الله يُحدِث لهم مِن خلقه ما يقال لهم إزائه: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [لقمان: 11].

قال ابن القيم رحمه الله: "وأكثرُ هذه الأمراض والآفات العامَّة بقيةُ عذابٍ عُذبت به الأُمم السالفة، ثم بقيتْ منها بقيةٌ مُرصدةٌ لِمَن بقيتْ عليه بقية مِن أعمالهم، حُكمًا قِسطًا، وقضاءً عدلاً، وقد أشار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى هذا بقوله في الطاعون: ((إنَّه بقيةُ رجزٍ، أو عذابٍ أُرْسِل على بني إسرائيل))"؛ زاد المعاد (4/ 326).

وقد استعلن القومُ بالفاحشة، وابتلوا بإظهارها، في قَنواتٍ ومواقعَ إلكترونية، ومسارح وشواطئ، ومنتجعات عالميَّة، وفُتحت لها دُور البغايا، وقنِّنَتْ، وأعطيتِ المومسات صُكوكًا وتراخيصَ؛ لممارسة الفواحش تحت ستارها، فحقَّ عليهم ما أخبر عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لم تظهرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ، حتى يُعلنوا بها إلاَّ فشا فيهم الطَّاعون، والأوجاعُ التي لم تكنْ في أسلافهم الذين مَضَوْا))؛ رواه ابن ماجه، والطاعون: اسم لمسمَّى الفيروسات الفاتكة التي تفتك بالبشريَّة؛ ﴿ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 163].

والمسلمون قد أغناهم الله هذا الهمَّ والمرض وكفاهم، بما شَرَع لهم من تحريمِ الخِنزير أصلاً وابتداءً، المقتضي تحريمَ بيعِه وشرائه، أوِ الانتفاع بأيٍّ جزء من أجزائِه، وقد تكرَّر لفظ التحريم في القرآن الكريم في أربعة مواضعَ؛ هي:

♦ قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173].

♦ وقوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ﴾ [المائدة: 3].

♦ وقوله تعالى: ﴿ قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 145].

♦ وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 5].

فظاهرُ الآيات تُفيد حُرمة تناول لحم الخِنزير؛ إلاَّ أنَّ العلماء قالوا بحرمة تناول جميع أجزائه، وإن لم تكن مِن قَبيل اللَّحم؛ كالشَّحم؛ لأنَّ الأصل دخولُه مع اللَّحم كطعام، وعلَّلوا تخصيص اللحم بالذِّكْر في الآيتَين، بأنَّ اللحم معظم المقصود من الخِنزير؛ ولهذا فقد ذكر النوويُّ وابن قُدامةَ إجماعَ المسلمين على تحريم تناوُلِ أيِّ جزء من الخِنزير، وقال ابن حزم: "أجمَعَتْ أقوال العلماء على حرمته، فلا يَحلُّ أكْلُ شيء منه، سواءٌ في ذلك لحمُه أو شحمُه، أو عصبُه أو غضروفُه، أو حِشْوَتُه أو مخُّه، أو أطرافُه، أو غيرُ ذلك منه". اهـ.

قال الله تعالى في شأن ما حرَّم على اليهود: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [الأنعام: 146].

فحُكمُه في الإسلام القتلُ والإتلاف، وعندما ينزل عيسى بن مريم عليه السلام آخرَ الزمان، ويحكم بشريعة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ((يَقتُل الخِنزيرَ، ويضعُ الجِزية...))؛ الحديث متفق عليه، وقد بوَّب عليه البخاري رحمه الله فقال في كتاب البيوع: باب قتل الخِنزير.

قال ابن حجر: "((ويقتُل الخنزير))؛ أي: يأمر بإعدامِه مبالغةً في تحريم أكْلِه، وفيه توبيخٌ عظيمٌ للنَّصارى الذين يَدَّعُون أنَّهم على طريقةِ عيسى، ثم يَستحِلُّون أكْلَ الخِنزير، ويُبالغون في محبته"؛ الفتح (4/ 414)، وقال في موضع آخرَ: "ويُستفاد منه تحريمُ اقتناء الخِنزير وتحريم أكْله، وأنَّه نجس؛ لأنَّ الشيء المنتفع به لا يُشْرَع إتلافُه"؛ الفتح (6/ 491).

وكثيرًا ما يَستفهم مُستفِهم، أو يعترض معترض، متسائلاً: لماذا، وما الحكمة في تحريم الإسلامِ لحمَ الخِنزير؟ والأصل في المسلم أن يُطيعَ الله فيما أَمَر، ويَنتهيَ عمَّا نهى عنه وزجر، سواء أَظَهرتْ حِكمتُه سبحانه في ذلك أم لَمْ تظهر؛ قال - تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

ولم يرد في النُّصوص الشرعيَّة تعليلٌ خاصٌّ لتحريم لحم الخنزير سوى قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ [الأنعام: 145]، قال الماوردي: الضمير في قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ [الأنعام: 145] عائد على الخِنزير؛ لكونه أقربَ مذكور.

والرِّجس يطلق على ما يستقبحه الشَّرع، و تستقذره الفِطَر السليمة، وورد تعليل عامٌّ يعم المحرماتِ من المآكل والمشارب ونحوها، وهو قول الله تعالى: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، فالله تعالى أباح لنا الطيبات، ولم يحرِّم إلاَّ الخبائث، ولحم الخِنزير معدودٌ في الإسلام مِن جملة الخبائث؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ [الأنعام: 145]، فالحلال بَيِّن، والحرام بَيِّن، ولم يحلل الله شيئًا إلاَّ فيه فائدة للإنسان، ولم يحرِّم عليه شيئًا إلاَّ وفيه ضرر له.

ويضرب بالخِنزير المثل في القبح، فيقال: أقبح مِن خنزير، وكفاكم مِن شرٍّ سماعه، وقد مسخ الله قومًا من اليهود قِردةً وخنازير، ويخسف بقومٍ من هذه الأمَّة؛ كما روى أبو أُمامةَ رضي الله تعالى عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لَيَبِيتنَّ قومٌ من هذه الأُمَّة على طعامٍ وشرابٍ وَلَهْوٍ، فيُصبحوا قد مُسِخوا قردةً وخنازيرَ))؛ حسَّنه الألبانيُّ.

والخِنزير حيوان لاحِمٌ عُشْبِيٌ تجتمع فيه الصِّفات السَّبُعيَّة والبهيمية، فهو وباءٌ يمشي على أربع أرجل، خبيثٌ قذر آكلٌ كُلَّ شيء، نَهِمٌ يكنس الحقل والزَّريبة، فيأكل القُماماتِ والفضلاتِ والنجاساتِ بشراهة، وهو سيِّئ الطِّباع جلاَّلٌ، يفترس فيأكل الجُرُذ والفِئران وغيرها، كما يأكل الجِيَفَ، حتى جيف أقرانه، وهذا ما تأباه النُّفوس السَّويَّة وتعافه؛ لإخلاله بطبع الإنسان السَّوي الذي خلقه الله - عزَّ وجل.

يقول ابن خلدون: "أكلتِ الأعرابُ لحمَ الإبل، فاكتسبوا الغِلظة، وأكلَ الأتراكُ لحمَ الفَرس، فاكتسبوا الشَّراسة، وأكل الإفرنجُ لحمَ الخِنزير، فاكتسبوا الدِّياثة".

وأَكْلُه لا بدَّ وأن يؤثِّر على شخصية الإنسان، يتجلَّى ذلك واضحًا في المجتمعات الغربيَّة، حيث يَكثُر اللُّواط والسِّحاق والزِّنا، فنتج مِن ذلك ارتفاع نِسب الحمل غير الشرعيَّة، والإجهاض وغيرها.

وقد أثبتتِ الأبحاثُ العِلميَّة والطبية أنَّ الخِنزير يُعَدُّ مستودَعًا عالميًّا ضخمًا للجراثيم الضارَّة بجسم الإنسان، إذ يحمل الخِنزير 450 مرضًا وبائيًّا، وتفصيلها يطول، وهي باختصار: الأمراض الطُّفَيليَّة، والبكتيريَّة، والفيروسية، وغيرها، أوبئة عابرةٌ للثُّقْب البيولوجي الحامي للإنسان، من أوبئة الحيوان.

وهذه الأضرار وغيرها دليلٌ على أنَّ الشارع الحكيم ما حرَّم تناوُلَ لحمِ الخنزير إلاَّ لحكمٍ جليلة؛ منها: الحِفاظ على النَّفْس، التي يُعَدُّ الحفاظ عليها أحَدَ الضروريات الخمس في الشريعة الغرَّاء، ويوم نُزول القرآن لم يكنْ يعلمُ أحدٌ بأضرارِ الخِنزير، فمِن أين - إذًا - تلك الوقاية بتشريع، إن لم يكن نَزَل بِعِلم العليم الحكيم، يقول العلي القدير: ﴿ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ* لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 66- 67].

العِلم الحديث يكتشف حِكمًا في منهيات التشريع الإسلامي، بها حفظ أتباعَه قرونًا قبل اكتشاف المجاهر، وبنفس الترتيب: الميتة حيثُ تنمو البكتريا، ثم الدَّم حيثُ تنمو البكتريا أسرعَ، خاصَّةً مع كثرته، وأخيرًا الخنزير حيث تجتمع في بدنه جملةُ بلايا لا يُزيلها تطهير؛ ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ﴾ [المائدة: 3].

وأضرارُ أكْل الخِنزير على الإنسان، قد أثبتَ الطبُّ الحديث جملةً منها؛ فلحمُ الخِنزير أكثر أنواع اللُّحوم الحيوانية المحتوية على الكوليسترول، ويُساهم لحمُه ودهنه في انتشار سرطانات كثيرة في الجسم، ويُسبِّب السِّمنة وأمراضَها التي يصعب معالجتها، ويسبِّب تناوله التهاباتِ الرِّئة، ودودة الرِّئة، والتهابات الرِّئة الميكروبيَّة.

 

وأهمُّ مخاطر تناول لحم الخِنزير: الدودة الشريطية، التي يصل طولُها إلى بضعة أمتار، ويؤدِّي نمو بويضات هذه الدودة في جسم الإنسان إلى الجُنون والهستيريا، ولعلَّ المرء بعد وقوفه على هذه الأضرار لا يستريب في تحريمه، على أنَّنا لو لم نعلم في أكْل الخِنزير مضرَّةً ولا أذى، فهذا لا يُغيِّر من إيماننا بتحريمه شيئًا، وآدم عليه السلام إنَّما أُخرِج من الجنَّة لأجْل أكلةٍ أكلها من الشجرة التي نهاه الله عنها، وما كان آدمُ في حاجة إلى أن يَبحثَ في سبب تحريم الأكْل منها؛ بل يكفيه ويكفي كلَّ مؤمن أن يعلم أنَّ الله حرَّم هذا.

والدِّياناتُ السماويَّة كلُّها مُجمِعة على تحريمه، فتحريمُه عندَ اليهود أشهرُ مِن أن يُستدلَّ له، وعندَ النصارى في كُتبهم المحرَّفة - بعهديه القديم والجديد - تجد التحريم واضحًا، والإسلام خاتمة الشرائع الإلهيَّة، والمهيمنة عليها، والناسخة لِمَا قبلها - قد أوضحتْ حرمتَه قطعًا.

ومِن ثَمَّ لا يُقبل في الإسلام قولُ مَن يزعم: أن تربية الخنازير الأهليَّة في العصر الحاضر بالطُّرق الفنية، ومراقبته في مراعيه وفي مبيته ومأواه - كفيلةٌ بالقضاء على هذه الجراثيم؛ لأنَّ نصَّ الشريعة في التحريم مطلق، وقد تكون هناك مضارُّ أخرى للخِنزير غير التي اكتُشفت، فضلاً عن أنَّ هذه الرِّعاية الفنيَّة المزعومة غير ممكنة في جميع آفاق الأرض؛ ولذلك كان التحريم عامًّا وشاملاً.

ويا لها مِن فرصةٍ سانحة للمسلم! أن يُحسنَ استغلال واقع الغرب في هذه الأزمة، بالاستدلال على أنَّ النجاة والفرجَ فيما تَركَنَا عليه محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم لأنَّ حالهم الانشغال بالبلاء عن المُبتلِي.

وعليه؛ فلْيَعَضَّ المسلم على شرْع الله بنواجذه، ويحمد الله على نِعَمِه، وأجَلُّها نعمة الإسلام؛ ﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • {أو لحم خنزير فإنه رجس}
  • هل تعرف سبب تحريم لحم الخنزير؟!
  • أنفلونزا الخنازير (2/2)
  • دروس مستفادة من إنفلونزا الخنازير
  • أنفلونزا الخنازير بين الحقيقة والإيهام
  • أنفلونزا الخنازير والنظام العالمي الجديد
  • أنفلونزا الخنازير
  • متابعة أخبار وباء أنفلوانزا الخنازير

مختارات من الشبكة

  • إنفلونزا الخنازير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنفلونزا الخنازير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنفلونزا الخنازير(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أنفلونزا الخنازير فيروس ضعيف قابل للشفاء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كوسوفا تسجل أول حالة وفاة بسبب أنفلونزا الخنازير(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: الحديث عن أنفلونزا الخنازير في خطبة الجمعة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • نقيب أطباء مصر: معظم ما ينشر عن أنفلونزا الخنازير "فبركة ودجل"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هل تلغي تركيا الحج بسبب أنفلونزا الخنازير؟(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أنفلونزا الخنازير (1/2)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • انفلونزا الهوس الكروي(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب