• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / أخلاق ودعوة
علامة باركود

كيف نتبع العلم الصحيح؟

فتحي حمادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/2/2013 ميلادي - 15/4/1434 هجري

الزيارات: 20334

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كيف نتبع العلم الصحيح؟


العلم الصحيح لا يناله الإنسان إلا إذا كان قلبه نقيًّا تقيًّا طاهرًا، حتى إذا دخل العلمُ قلبَه لا يخرج أبًدا، ولا يشك فيه أبدًا، والعلم الصحيح يحتاج إلى إخلاص؛ لأن المخلِص سيأخذ العلم كما هو ويَنقُله كما هو، فلن يتحكم فيه شيطانه، وتسيطر عليه أهواؤه، لن يعارض نصوصَ الشرع بدعوى أن العقل يرفضه؛ قال الإمام علي - رضى الله عنه -: "لو كان الدين بالرأي لكان المسح أسفل الخفَّين أولى من أعلاهما"؛ فالإسلام هو الاستسلام لكل ما أنزله الله - تعالى - دون الاحتكام إلى العقل أو الواقع أو الهوى؛ قال - تعالى - : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

والعلم الصحيح يحتاج إلى البذل في المال والنفس، فعلى طالبِ العلم الإنفاق على علمه بأن يشتري الكتب، والترحال إلى العلماء الربانيين في شتى البلاد؛ لأخذ المسائل حتى لو كانت مسألة واحدة؛ فقد كان العلماء يذهبون أيامًا وليالي لمعرفة المسألة الواحدة، فلا بخل مع العلم؛ فمَن بخل، فإنما يبخل على نفسه، وعلى طالب العلم ألا ييئس من طلب العلم حينما يشعر بالنَّصَب والتعب والمشقة، فمع الصبر تَنَالُ العلم.

 

العلم الصحيح له أركان عديدة، يُبنَى عليها؛ أهمها: أخذ العلم من أفواه العلماء الربانيين؛ فالعلم الصحيح لا يأتي إلا من العلماء الصادقين الذين يخشون الله - تعالى - فإذا رأيت عالمًا يخشى الله - تعالى - فخُذْ منه العلم؛ فهو العالم حقًّا، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، أمَّا إذا رأيت عالمًا لا يخشى اللهَ - تعالى - ولكن يخشى على منصبه أو قُرْبه من السلاطين والأمراء، أو يخشى من أن يصفه أحدٌ بتشدده؛ فيتساهل في الأحكام، فيقول الفتوى التي تضيع حق الله - تعالى - وحق البشر؛ إرضاءً للآخرين، وليس إرضاءً لله - تعالى؛ فلا تأخذ منه.

 

على طالب العلم الذي يريد العلم الصحيح أن ينقلَ العلم كما هو من أفواه العلماء وكتبهم، وينقله للناس كما هو؛ لأنه بدون ذلك قد يؤثِّر على المسائل والأحكام؛ فتكون ناقصة، لا سيما وأن هناك بعض الناس لا يقتنعون بالإجابة على الحكم أو المسألة إلا إذا كان فيها تفصيل بكل الأدلة، ولأن عقول الناس ليست على درجة واحدة من الوعي والفهم؛ فالبعض لا يفهم الإجابة على الحكم أو المسألة مرة واحدة؛ فقد لا يفهم جزءًا من الإجابة ويفهم الجزء الآخر، وعلى ذلك يفضَّل نقل العلم كما هو بتفصيلاته، بالإضافة إلى أن نقل العلم كما هو يحافظ عليه على مر السنين؛ فلا يدخله تحريف أو نقص، فلو حذفنا أو اختصرنا دون تفصيلٍ في الأحكام والمسائل؛ فسيأخذها الناس ناقصة كما أخذوها، ومع مرور السنين يأتي آخرون فيأخذونها مختصرة، وهكذا حتى يأتي اليوم الذي نجد فيه الإجابة على الحكم والمسألة بـ: (حلال - حرام - يجوز - لا يجوز)، فقط دون تفصيل الدلائل؛ وذلك لأن التفصيل غير موجود - مسائل وأحكام "تيك أواي" - فمثلاً إذا أخذ طالب العلم إجابةَ فتوى معينة بأنها حلال بدليلٍ من القرآن وترَك الدليل من السنة، ونقله إلى غيره؛ فإن مَن يأخذه منه فسيأخذه ناقصًا بدون الدليل من السنة، ثم يأتي آخر يأخذ الإجابة بأنها حلال دون الاستشهاد بأي دليل، وبذلك تكون الإجابة على الفتوى بـ: (حلال - حرام - يجوز - لا يجوز) فقط؛ فيحدث خلل وفوضى قد تقضي على الدين كما يحدث الآن في بعض الأحيان حينما نسأل أحدَ الذين يشار إليهم بالعلم، فنقول له: ما رأيك في هذه المسألة؟ فيقول: إنها - مثلاً - حلال، دون أن يفنِّد دليل حِلِّه، فإذا سألته عن الدليل، يقول: أنا أعرف أنها حلال فقط، ويرد على السائل، ويقول: "الذي يهمك في الحكم أن تعرف إن كان حلالاً أم حرامًا فقط"!

 

ومن هذا المنطلق يحدث فوضى في الفتاوى كما يحدث الآن، فمعظم الناس يقولون بلا علم، ويتكلمون بلا دليل، حتى رأينا الرُّوَيبِضة يتكلمون في الحلال والحرام بلا أدلة من القرآن أو السنة أو من أقوال السلف، بل يحلُّون ويحرِّمون من خلال آرائهم فقط، وكأن الدين عرضة لأقوالهم؛ ولأن الذمم قد خَرِبت، والفساد قد انتشر؛ فيجب على طالب العلم أن ينقلَ العلم كاملاً، فلا ينقص أو يضيع مع مرور السنين؛ حتى لا يحدث ما لا تُحْمَد عُقْبَاه، فكلما كان العلم كاملاً كان حصنًا قويًّا لمنع أعدائنا من خرقِ ديننا، وبذلك يأتي النصر على الأعداء من خلال مقاومة العلم لأفكارهم الهدَّامة التي تسعى للقضاء على أفكارنا، وبالتالي على ديننا.

 

والذي يريد أن يتعلم العلم الصحيح ينبغي عليه أولاً أن يحفظ كتاب الله - تعالى - ويعرف بعض تفسيره حتى يساعدَه ذلك على استيعاب الأحكام، خاصة وأن معظم هذه الأحكام يستدل بها من القرآن الكريم، فضلاً عن أن القرآن هو الأصل في العلم، فلا علم بلا قرآن، بل أقولها: إن القرآن هو العلم نفسه، فمَن لم يعرف القرآن فاضربوا بعلمِه عُرْضَ الحائط، ويأتي بعد حفظ القرآن معرفةُ أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحفظ بعضها؛ حتى يستطيع جمع العلم كله، فالعلم كله يأتي من الكتاب والسنة، وبهما لن يضل الناس، لن يضلوا في العلم، ولن يضلوا في الدين، ولن يضلوا في حياتهم، وفي أُخْرَاهم، ولن يضلوا في حكمهم على الأمور، ولن يضلوا في أقوالهم وأفعالهم؛ فعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي)).

 

"وأخس همم طلاب العلم قصر همته على تتبع شواذِّ المسائل، وما لم ينزل ولا هو واقع، أو كانت همته معرفة الاختلاف، وتتبع أقوال الناس، وليس له همة إلى معرفة الصحيح من تلك الأقوال، وقلَّ أن ينتفع واحدٌ من هؤلاء بعلمِه، وأعلى الهمم في باب الإرادة أن تكون الهمةُ متعلِّقةً بمحبة الله، والوقوف مع مراده الديني الأمري، وأسفلها أن تكون الهمة واقفةً مع مراد صاحبها من الله؛ فهو إنما يعبده لمراده منه، لا لمراد الله منه؛ فالأول يريد الله ويريد مراده، والثاني يريد من الله، وهو فارغ عن إرادته، علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناسَ بأقوالهم ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم للناس: هلمُّوا قالتْ أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دَعَوا إليه حقًّا كانوا أول المستجِيبين له، فهم في الصورة أدلاء، وفي الحقيقة قطَّاع الطرق، إذا كان الله وحدَه حظك ومرادك؛ فالفضل كله تابع لك، يزدلف إليك؛ أي: أنواعه تبدأ به، وإذا كان حظك ما تنال منه؛ فالفضل موقوفٌ عنك؛ لأنه بيدِه تابع له، فعل من أفعاله، فإذا حصل لك؛ حصل لك الفضل بطريق الضمن والتبع، وإذا كان الفضل مقصودك لم يحصل الله بطريق الضمن والتبع؛ فإن كنت قد عَرَفته وأنستَ به، ثم سقطت إلى طلب الفضل؛ حرمك إياه عقوبة لك، ففاتك الله وفاتك الفضل"[1].

 

والعلم الصحيح لا يأتي إلا من خلال طلاب عندهم وعي كامل، وعقل مستنير، وقلب نابض، يعرفون جيدًا أنهم يحملون على عاتقهم المسؤولية لتعليم الناس، وحثهم على تطبيق هذا العلم في حياتهم، فإذا كان طالب العلم لديه القدرة على الاستيعاب، وتحصيل العلم؛ فإنه سيقدِّمه للآخرين مبسطًا وميسرًا، بلا تعقيد أو تشويش، فإن الفهم في تحصيل العلم مساعد رئيسي لجعل العلم صحيحًا بلا شوائب، وهذا الفهم لا يأتي إلا من طالب واعٍ، له عقل مستنير، وقلب نابض، وعليه فإن الطالب سيفهم المراد من أستاذه في وقت قصير، بل إنه قد يصحِّح الأخطاء التي تقع من غيره حتى لو كان صغيرًا، وحتى لو كان المخطئ الأستاذ؛ كما كان يفعل الإمام البخاري مع شيوخه، والإمام الشافعي أيضًا، والفهم يُبنَى عليه العلم الصحيح، فلا استنباط للمسائل بدون فهمٍ، ولا تلقي للعلم بدون فهم؛ فالحمار قد يحمل كتبًا ولا يفهم ما في هذه الكتب، فنرى طلابًا لا يعلمون شيئًا عمَّا أخذوه من شيوخهم، وفي نفس الوقت نرى طلابًا أذكياء يتلقون العِلم بسرعة، بل إنهم قد يوجِّهون الشيخ في مسألة لتخرج منها مسألة أخرى كانت بعيدة عن الشيخ، بل إن الطالب الواعي كثير السؤال؛ لأن عقله أوسع من غيره، فينتج عن ذلك زيادة في العلم فضلاً عن تفصيل في الحكم أو المعلومة التي يتلقاها من أستاذه، فالأستاذ يأتي بكل شيء في هذا الحكم؛ لأن كثرة السؤال تفتح أمامه كل الأبواب العلمية، فالفهم مفتاح العلم، فكلما كان الطالب ذكيًّا كان العلم صحيحًا، وكلما كان طالب العلم غبيًّا كان العلم مشوشًا.

 

وعلى طالب العلم أن يكون محبًّا للعلم، له قلب شغوف لطلب العلم؛ لأن العلم الصحيح لا يأتي إلا من خلال طالب محب للعلم، فالمحب للعلم لا يملُّ من طلب العلم فنراه هنا وهناك، عندما يسمع بوجود محاضرة للعالِم الفلاني في مكان ما، فإنه يسعى لتلقِّي العلم، ويطلب العلم حتى لو كان مرهقًا أو مريضًا؛ فلحبه للعلم ينسى الإرهاق والتعب والنَّصَب، ولحبه للعلم يجعل من نفسه حارسًا للعلم، فلا يستطيع أحدٌ أن يصيب العلم بأي أذًى، فلا يهدم أصوله أو أحكامه، يقف أمام المنافقين الذين يدنِّسون العلم بأقوالهم وأفكارهم، لا يجد راحة إلا مع العلم، ولا يجد صاحبًا إلا العلم، ولا يجد معينًا إلا العلم، وهذا كله بسبب حبه للعلم، وعليه فإنه يجمع العلم الصحيح، ويترك ما يعكِّر صفو هذا العلم، فالحب من أساسيات طلب العلم الصحيح، فإن كان الإنسان مكرهًا، فإنه لن يستوعب أي علم، بل إنه قد يأخذ الباطل منه، ويقدمه للناس لكراهيته للعلم، فنرى طلابًا في المدارس والجامعات يكرهون العلم؛ لذلك نجدهم غارقين في الرذائل والمنكرات، وإذا سألتَهم عن حكمٍ أو مسألة يجيبون بأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان، فيقدمون للناس علمًا فاسدًا، يهدمون به دين الله - تعالى.

 

أما المُحِب للعلم، فإنه يأخذ العلم الصحيح، ويتتبع كل مسألة حتى آخرها، ولو أخذ من وقته الكثير، فالذي يحب شخصًا إذا جلس معه، فإنه لا يريد أن يفارقه حتى لو جلس معه النهار والليل معًا، فما بالكم بعلم ينفع في الدنيا والآخرة؟! فلا علمَ بدون حبٍّ للعلم، ومع هذا العلم الصحيح يأتي النصر؛ لأننا نأمر بما أمرنا الله - تعالى – به، وننتهي عما نهانا الله - تعالى - عنه، ونسير على نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - فبذلك ننصر الله - تعالى - وبالتالي ينصرنا الله - تعالى، قال - تعالى -: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]؛ فإذا طبَّقنا شريعة الله - تعالى - في أرضه كان النصر حليفنا.

 

العلم الصحيح لا يأتي إلا إذا كان التعليم في بلادنا خاليًا من شوائب العلمانية وأفكارهم، وخاليًا من الضغوط التي يمارسها الغَرْب على حكوماتنا؛ حيث يطالبونهم دائمًا بإلغاء الأبواب المتعلِّقة بالجهاد وغير ذلك، وللأسف فإن بعض الدول العربية قد فعلتْ ذلك، بل وصل الأمر إلى التدخل في مناهج المعاهد الأزهرية والجامعات الأزهرية، حتى تم دمج بعض المواد الشرعية، وإدخال - بدلاً منها - مواد أخرى فلسفية لا قيمة لها، وهناك تدخُّلات أخرى تسبَّبت في دراسة بعض المواد الخاصة بالثقافة الجنسية، الأمر الذي يزيد من غريزة الشهوة عند الطلاب، وللأسف فإن ذلك تبدأ دراسته من المرحلة الابتدائية؛ مما قد يسبِّب للأطفال أمراضًا نفسية معقَّدة، فالضغوط ما زالت مستمرَّة حتى الآن؛ "فإذا أراد العالم الإسلامي أن يستأنف حياته، ويتحرَّر من رقِّ غيره، وإذا كان يطمح إلى القيادة، فلا بد إذًا من الاستقلال التعليمي، بل لا بد من الزعامة العلمية، وما هي بالأمر الهيِّن، إنها تحتاج إلى تفكير عميق، وحركة التدوين والتأليف الواسعة، وخبرة إلى درجة التحقيق والنقد بعلوم العصر، مع التشبع بروح الإسلام والإيمان الراسخ بأصوله وتعاليمه، إنها لمهمة تنوء بالعُصْبة أُولِي القوَّة، إنما هي من شأن الحكومات الإسلامية، فتنظم لذلك جمعيات، وتختار لها أساتذة بارعين في كل فنٍّ فيضعون منهاجًا تعليميًّا يجمع بين محكمات الكتاب والسنة وحقائق الدين التي لا تتبدل وبين العلوم العصرية النافعة والتجربة والاختبار، ويدوِّنون العلوم العصرية للشباب الإسلامي على أساس الإسلام، وبروح الإسلام، وفيها كل ما يحتاج إليه النشء الجديد، مما ينظمون به حياتهم، ويحافظون به على كيانهم، ويستغنون به عن الغرب، ويستعدون للحرب، ويستخرجون به كنوز أرضهم، وينتفعون بخيرات بلادهم، وينظمون مالية البلاد الإسلامية، ويديرون حكوماتها على تعاليم الإسلام بحيث يظهر فضل النظام الإسلامي في إدارة البلاد، وتنظيم الشؤون المالية على النظم الأوروبية، وتحل مشاكل اقتصادية عجزت أوروبا عن حلها، بالاستعداد الروحي والاستعداد الصناعي والحربي والاستقلال التعليمي ينهض العالم الإسلامي، ويؤدِّي رسالته، وينقذ العالم من الانهيار الذي يهدِّده.. فليست القيادة بالهزل، إنما هي جد الجد، فتحتاج إلى جد واجتهاد، وكفاح وجهاد"[2].

 

وحتى يخلد العلم الصحيح إلى أن يقضي الله - تعالى - أمرًا كان مفعولاً؛ يجب حفظ العلم في الصدور والكتب، وما أدراكم ما الكتب؟! فلها من الأهمية التي لا يدركها إلا متعمِّق في دراسة الكتب وقراءتها، فالكتاب مصدرٌ للعلم والتعليم؛ فهو المربي بعد الشيخ، والمعلم بعد الشيخ، وهو البوصلة التي يتحرَّك من خلالها طالب العلم، فالطالب يسمع من شيخه، ثم يثبت ذلك بدراسة الكتاب؛ "فالإنسان لا يعلمُ حتى يكثُرَ سماعُه، ولا بُدَّ من أن تكون كتبُه أكثرَ من سَمَاعِه؛ ولا يعلمُ، ولا يجمع العلم، ولا يُخْتَلَف إليه، حتى يكون الإنفاقُ عليه من ماله، ألذَّ عندَه من الإنفاق من مال عدوِّه، ومَن لم تكن نفقتُه التي تخرج في الكتب ألذَّ عنده من إنفاق عُشَّاق القيان، والمستهترين بالبنيان؛ لم يبلغ في العلم مبلغًا رضِيًّا، وليس يَنتفِع بإنفاقِه، حتى يؤثِر اتِّخاذَ الكتب إيثارَ الأعرابي فرسَه باللبن على عياله، وحتى يؤَمِّل في العلم ما يؤمِّل الأعرابي في فرسه.

 

حرص الزنادقة على تحسين كتبهم:

قال إبراهيم بن السِّندي مرة: "ودِدْتُ أنَّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء على المغالاة بالوَرَق النقيِّ الأبيض، وعلى تخيُّر الحبرِ الأسودِ المشرِق البرَّاق، وعلى استجادةِ الخطِّ والإرغاب لمن يخطُّ، فإنِّي لم أَرَ كورَق كتبِهم ورقًا، ولا كالخطوط التي فيها خطًّا، وإذا غرِمتُ مالاً عظيمًا - مع حبِّي للمال وبُغْضِ الْغُرْم - كان سخاءُ النفس بالإنفاق على الكتب دليلاً على تعظيمِ العلمِ، وتعظيمُ العلم دليلٌ على شرف النفس، وعلى السلامة من سُكْر الآفات، قلت لإبراهيم: إن إنفاقَ الزنادقةِ على تحصيل الكتب، كإنفاق النصارى على البِيَع، ولو كانت كتبُ الزنادقةِ كتبَ حكمٍ، وكتبَ فلسفة، وكتبَ مقاييسَ وسُنَنٍ وتبيُّنٍ وتبيينٍ، أو لو كانت كتُبهم كتبًا تُعرِّف الناسَ أبوابَ الصِّناعات، أو سُبُلَ التكسُّب والتجارات، أو كتبَ ارتفاقاتٍ ورياضاتٍ، أو بعض ما يتعاطاه الناسُ من الفطن والآداب - وإنْ كان ذلك لا يقرِّب من غِنًى ولا يُبْعِد من مأثَم - لكانوا ممَّن قد يجوز أن يُظَنَّ بهم تعظيمُ البيان، والرغبةُ في التبيُّن، ولكنَّهم ذهبوا فيها مذهبَ الدِّيانة، وعلى طريقِ تعظيم المِلَّة، فإنما إنفاقهم في ذلك، كإنفاق المجوس على بيت النار، وكإنفاقِ النصارى على صُلْبان الذهب، أو كإنفاق الهند على سَدَنةِ البِدَدَة، ولو كانوا أرادوا العلمَ لكان العلمُ لهم مُعرَضًا، وكتبُ الحكمة لهم مبذولةً، والطرقُ إليها سهلة معروفة، فما بالُهُم لا يصنعون ذلك إلا بكتُب دياناتهم؟! كما يزخرفُ النصارى بيوتَ عباداتهم، ولو كان هذا المعنى مستحسَنًا عند المسلمين، أو كانوا يرون أن ذلك داعيةٌ إلى العبادة، وباعثةٌ على الخشوع؛ لبلَغُوا في ذلك بعَفْوهم، ما لا تبلُغُه النصارى بغاية الجَهْد.

 

وقال بعضهم: كنتُ عند بعضِ العلماء، فكنتُ أكتب عنه بعضًا وأدَعُ بعضًا، فقال لي: اكتبْ كلَّ ما تسمعُ، فإن أخسَّ ما تسمعُ خيرٌ من مكانه أبيض.

 

وقال الخليل بن أحمد: تكثَّرْ من العلم لتعرِف، وتقلَّلْ منه لتحفَظ.

 

وقال أبو إسحاق: القليل والكثير للكتب، والقليلُ وحدَه للصدر.

 

وقال أبو إسحاق: كلَّفَ ابنُ يسير الكتبَ ما ليس عليها، إن الكتبَ لا تُحْيِي الموتَى، ولا تحوِّل الأحمقَ عاقلاً، ولا البليد ذكِيًّا، ولكنَّ الطبيعةَ إذا كان فيها أدنى قَبُول، فالكتبُ تشحَذُ وتَفتُق، وتُرهِف وتشفي، ومَن أرادَ أن يعلمَ كلَّ شيء، فينبغي لأهلهِ أن يداووه؛ فإن ذلك إنما تصوَّرَ له بشيءٍ اعتراه، فمَن كان ذكيًّا حافظًا فليقصِدْ إلى شيئين، وإلى ثلاثة أشياء، ولا ينزِع عن الدرس والمطارَحَة، ولا يدع أن يمرَّ على سمعه وعلى بصره وعلى ذهنه ما قدَر عليه من سائر الأصناف، فيكون عالمًا بخواص، ويكون غيرَ غفلٍ من سائرِ ما يجري فيه الناسُ ويخوضون فيه، ومَن كان مع الدرس لا يحفظ شيئًا، إلا نَسِيَ ما هو أكثرُ منه؛ فهو من الحفظ من أفواه الرجال أبعد".



[1] الفوائد لابن القيم.

[2] ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ لأبي الحسن علي الحسني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسهل طريقة لتحصيل العلم!!
  • علامات العلم النافع
  • الحرص على طلب العلم النافع والفقه في الدين
  • الدعوة إلى طلب العلم النافع بكل مجالاته

مختارات من الشبكة

  • "كيف حالك" في كلام الفصحاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختارها؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تشتري كتابا محققا؟ وكيف تميز بين تحقيق وآخر إذا تعددت تحقيقات النص؟(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف أعرف نمط شخصية طفلي؟ وكيف أتعامل معها؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كيف تبدأ الأمور وكيف ننجزها؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كيف تنظر إلى ذاتك وكيف تزيد ثقتك بنفسك؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السلوك المزعج للأولاد: كيف نفهمه؟ وكيف نعالجه؟ (3) صفات السن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السلوك المزعج للأولاد: كيف نفهمه؟ وكيف نعالجه؟ (2) الأساليب الخاطئة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فلنتعلم كيف ندعو الله وكيف نسأله(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • السلوك المزعج للأولاد: كيف نفهمه؟ وكيف نعالجه؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب