• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم

تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم
حسين بن علي بن محفوظ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/2/2013 ميلادي - 30/3/1434 هجري

الزيارات: 53537

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم


إخوة الإسلام والإيمان:

يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164] ويقول جل ذكره: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الروم: 46] ويقول عز وجل: ﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5].

 

لقد مرت بنا الأيام الماضية رياح صرَّفها الله بقدرته، وأجراها بقدَرِه وحكمته، وقد يتأذى بعض الناس بهذه الرياح ولكن فيها من الآيات الباهرة، والحجج العظيمة، والدلائل الدالة على عبادة الله وتوحيده، فهُبُوبُ الرِّيحِ وَرُكُودُهَا آيَةٌ، وَاخْتِلَافُ مَهَابِّهَا آيَةٌ، فَلَوْلَا الصَّانِعُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَوْدَعَ أَسْرَارَ الْكَائِنَاتِ لَمَا هَبَّتِ الرِّيحُ أَوْ لَمَا رَكَدَتْ، وَلَمَا اخْتَلَفَتْ مَهَابُّهَا بَلْ دَامَتْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا مَوْضِعُ الْعبْرَة، وفي آيتي البقرة والجاثية ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾ قَدِ اخْتِيرَ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ التَّصْرِيفِ هُنَا دُونَ لَفْظِ التَّبْدِيلِ أَوِ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ اللَّفْظُ الَّذِي يَصْلُحُ مَعْنَاهُ لِحِكَايَةِ مَا فِي نفس الْأَمْرِ مِنْ حَالِ الرِّيَاحِ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيفَ تَفْعِيلٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْمُبَالَغَةِ ومعلوم أَنَّ مَنْشَأَ الرِّيحِ هُوَ صَرْفُ بَعْضِ الْهَوَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَصَرْفُ غَيْرِهِ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تُقَدِّرَ: وَتَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الرِّيَاحَ.

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الرِّيَاحِ الْإِعَانَةُ عَلَى تَكْوِينِ السَّحَابِ وَنَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَتَنْقِيَةِ الْكُرَةِ الْهَوَائِيَّةِ مِمَّا يَحِلُّ بِهَا مِنَ الْجَرَاثِيمِ الْمُضِرَّةِ، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مَوْضِعُ عِبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ لِأَهْلِ الْعِلْمِ.

 

فَلَوْلَا الرِّيَاحُ تُسَخِّرُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لَكَانَ الْمَطَرُ لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي الْبِحَارِ، وَمَوْضِعُ الْمِنَّةِ فِي هَذَا فِي تَكْوِينِهِ حَتَّى يَحْمِلَ الْمَاءَ لِيُحْيِيَ الْأَرْضَ، وَفِي تَسْخِيرِهِ لِيَنْتَقِلَ، وَفِي كَوْنِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَهُوَ مُسَخَّرٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى يَتَكَامَلَ مَا فِي الْجَوِّ مِنَ الْمَاءِ فَيَثْقُلُ السَّحَابُ فَيَنْزِلُ مَاءٌ إِذَا لَمْ تَبْقَ فِي الْهَوَاءِ مَقْدِرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ﴾ [الرعد: 12].

 

يقول العلامة السعدي -رحمه الله - في تفسيره: (في ﴿ تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾ باردة وحارة، وجنوباً وشمالاً، وشرقاً ودبوراً وبين ذلك، وتارة تثير السحاب، وتارة تؤلف بينه، وتارة تلقحه، وتارة تُدرُّه، وتارة تمزقه وتزيل ضرره، وتارة تكون رحمة، وتارة ترسل بالعذاب.

 

فمَن الذي صرّفها هذا التصريف، وأودع فيها من منافع العباد، ما لا يستغنون عنه؟ وسخرها ليعيش فيها جميع الحيوانات، وتصلح الأبدان والأشجار، والحبوب والنوابت، إلا العزيزُ الحكيمُ الرحيم، اللطيفُ بعباده، المستحق لكل ذل وخضوع، ومحبة وإنابة وعبادة؟.

 

وفي تسخير السحاب بين السماء والأرض على خفته ولطافته يحمل الماء الكثير، فيسوقه الله إلى حيث شاء، فيحيي به البلاد والعباد، ويروي التلول والوهاد، وينزله على الخلق وقت حاجتهم إليه، فإذا كان يضرهم كثرته، أمسكه عنهم، فينزله رحمة ولطفاً، ويصرفه عناية وعطفاً، فما أعظمَ سلطانَه، وأغزرَ إحسانَه، وألطفَ امتنانه، أليس من القبيح بالعباد، أن يتمتعوا برزقه، ويعيشوا ببره وهم يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه؟ أليس ذلك دليلاً على حلمه وصبره، وعفوه وصفحه، وعميم لطفه؟ فله الحمدُ أولاً وآخراً، وباطناً وظاهراً.

 

والحاصل، أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات، وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات، وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة، علم بذلك: أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائفُ آيات، وكتبُ دلالات، على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر، وأنها مسخرات، ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.

 

فتعرفُ أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون، وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله، ولا رب سواه).

 

فهذه الرياح تارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، تارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارة تسوقه، وتارة تجمعه، وتارة تفرقه، وتارة تصرفه، ثم تارة تأتي من الجنوب وهي الشامية، وتارة تأتي من ناحية اليمن وتارة صبا، وهي الشرقية التي تصدم وجه الكعبة، وتارة دبور وهي غربية تفد من ناحية دبر الكعبة، فالرياح تسمى كلها بحسب مرورها على الكعبة.

 

ويقول العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -: (ولو أن الخلقَ اجتمعوا كلهم على أن يصرفوا الريح عن جهتها التي جعلها الله عليها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولو اجتمعت جميعُ المكائنِ العالميةِ النفاثةِ لتوجدَ هذه الريح الشديدةَ ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله عز وجل بقدرته يصرفها كيف يشاء وعلى ما يريد).

 

معشر المؤمنين:

إن حياةَ ما على الأرضِ من نباتٍ وحيوانٍ بالرياح؛ فإنه لولا تسخيرُ الله لها لعبادِه لذوى النبات، ومات الحيوان، وفسدتِ المطاعم، وأنتن العالَم وفسد، فسبحان من جعل هبوبَ الرياح تأتي بروحه ورحمته ولطفه ونعمته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الريح من رَوْحِ الله تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فلا تَسُبُّوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا من شرِّها) رواه الحاكم و ابن حبان وصححه الألباني.

 

الرياح تلقحُ الشجرَ والنبات، وتسيِّر السفن، ومن منافعِها أنها تُبرِّد الماء، وتُضرمُ النارَ التي يُراد إضرامها، وتجفِّفُ الأشياءَ التي يحتاج إلى جفافها، وهو الحاملُ لهذه الروائحِ على اختلافها ينقلُها من موضعٍ إلى موضع، فتأتي العبدُ الرائحةُ من حيث تهُبُّ الريح، وهو أيضًا الحاملُ للحر والبرد اللذَينِ بهما صلاحُ الحيوان والنبات.

 

وتأملوا الحكمةَ البالغةَ في كونِ الريح في البحر تأتي من وجهٍ واحدٍ لا يعارضها شيء؛ فإنَّ السفينة لا تسير إلا بريحٍ واحدة، من وجهٍ واحد لسيرها، فإذا اختلفت عليها الرياحُ وتصادمت وتقابلت فهو سببُ الهلاك، فالمقصودُ بها في البحر غيرُ المقصود بها في البر؛ في البر جعل لها ريحًا أخرى تقابلُها وتكسرُ سَورتَها وحدّتَها فيبقى لينها ورحمتها، فرياحُ الرحمة متعددة، وأما ريحُ العذاب فإنها ريح واحدة ترسلُ من وجهٍ واحد لإِهلاك ما ترسلُ بإهلاكه، فلا تقوم لها ريحٌ أخرى تقابلها وتكسر سورتها وتدفع حدتها.

 

وجعل - سبحانه - الريحَ للسفن بقدَرٍ لو زاد عليها لأغرقها، ولو نقص عنه أعاقها.

 

والرياح تحمل الصوت عند اصطكاكِ الأجرامِ وتؤديه إلى مسامع الناس، فينتفعون به في حوائجهم ومعاملاتهم بالليل والنهار، كالبريد والرسول الذي من شأنه حملُ الأخبار، وتَحْدُثُ الحركاتُ العظيمة من حركاتهم فلو كان أثرُ هذه الحركاتِ والأصوات يبقى في الهواء كما يبقى الكتابُ والقرطاس لامتلأ العالم منه، ولعظُم الضرر به واشتدت مؤنته، واحتاج الناس إلى محوه من الهواء، والاستبدال به أعظم من حاجتهم إلى استبدال الكتاب المملوءِ كتابة، فاقتضت حكمةُ العزيز الحكيم أن جعل هذا الهواء.

 

وصدق ربنا تبارك وتعالى إذ يقول: ﴿ أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[النمل: 63].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

 

الخطبة الثانية

• الحمد لله الذي أرسل الرياح بقدرته، وسخرها للناس بفضله ورحمته، نحمدُه تعالى على أن جعلها للناس عذاباً ولآخرين بشارة، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، أعلمُ الناس بربه، وأشدُهم تعظيماً وتسبيحاً واعترافاً بمنته، وعلى آله وأصحابه وعترته.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبعهم إلى يوم لقاه، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.

 

عرفنا أن الرياح يصرفها الله تعالى، ويسخرها لعذابه أو رحمته، وقد كان لنبيكم صلى الله عليه وسلم هدياً للتعامل مع الريح، من ذلك:

أنه نهى عن سب الريح، لكونها تهب عن إيجاد الله لها وأمره إياها، فلا تأثير لها إلا بأمر الله، ففي الحديث عن أبيِّ بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ" رواه الترمذي والنسائي وأحمد وصححه الألباني، فشرع الله لعباده أن يسألوه ما ينفعهم، ويستعيذوا به من شر ما يضرهم، ففيه عبودية الله وحده، والطاعة له، والإِيمان به، واستدفاع الشرور به، والتعرض لفضله ونعمته، وهذه حال أهل التوحيد.

 

وروى أبوداود والترمذي عن ابن عباس أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ وَقَالَ مُسْلِمٌ - أحد رواة الحديث -إِنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَنَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْه".

 

أي: لا تشتموها ولا تلعنوها للحوق ضررٍ منها، فإنها خلقٌ من خلقِ الله مقهورٌ مدبر، وإنما تهب بمشيئة الله وقدرته، فلا يجوز سبُّها فيرجعُ السبُّ إلى من خلَقها وسخرها.

 

• وكان عليه الصلاة والسلام إذا هبت الرياح عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِه فعن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ رَحْمَةٌ) رواه مسلم، وفي رواية في مسلم أيضاً قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] قال الإمام النووي - رحمه الله -: (فِيهِ الِاسْتِعْدَاد بِالْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ وَالِالْتِجَاء إِلَيْهِ عِنْد اِخْتِلَاف الْأَحْوَال وَحُدُوث مَا يُخَاف بِسَبَبِهَا، وَكَانَ خَوْفه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَاقَبُوا بِعِصْيَانِ الْعُصَاة، وَسُرُورُه لِزَوَالِ سَبَب الْخَوْف).

 

• ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر الناس بالصلاة في بيوتهم إذا اشتدت الريح وكانت عاصفة باردة فعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) رواه مسلم.

 

هذا بعض هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ما ترك خيراً إلا ودلنا عليه، ولا شراً إلا وحذرنا منه، وعلّمنا كيف نتعامل مع الخالق سبحانه وتعالى وكيف نتعامل مع الخلق، بل والحيوانات وبعض الجمادات والظواهر الكونية.. فكلُّ خير في اتباعه عليه الصلاة والسلام، والاهتداءِ بهديه، والتمسكِ بسنته، وكلُّ شر في مخالفة أمره، واتخاذ طريق غير طريقه:

فكل خير في اتباع من سلف
وكل شر في اتباع من خلف




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الليل
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع العصاة
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الأمن والسلام
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الفتوى
  • من هدي النبي صلى الله عليه وسلم (للأطفال)
  • أحاديث عن هدي النبي في الأكل
  • هدي النبي في الطعام والشراب
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الأمطار
  • من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام (2)

مختارات من الشبكة

  • منظومة تصريف الرياح والسحاب والمطر (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • مخطوطة كتاب فيه جمل من أصول التصريف المعروف بالتصريف الملوكي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مختصر التصريف ( تصريف العزي )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بركات الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • حديث: ما هبت الريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الرياح والريح في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: سرور الفرس بركوب النبي وخضوع البراق له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: الوحش يتأدب عند دخول النبي بيته وإسراع جمل جابر الأنصاري طاعة له(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب