• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الأذان)

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الأذان )
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2013 ميلادي - 28/3/1434 هجري

الزيارات: 28818

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

(باب الأذان)


الحديث الأول:

58- عن أنس - رضي الله عنه- قال: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.

 

الأذان في اللغة: الإعلام قال الله تعلى وأذان من الله ورسوله.

وفي الشرع: الإعلام بوقت الصلاة وهو اللفظ المعلوم المشروع في أوقات الصلوات للإعلام بصفتها، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [المائدة: 58] وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ﴾ [الجمعة: 9] .

 

قال الحافظ: (قال القرطبي وغيره: الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم- ثم دعا إلي الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم وفيه الإشارة إلي المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدا. ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت، والدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام. والحكمة في اختيار القول له دون الفعل سهولة القول وتيسره لكل أحد في كل زمان ومكان، واختلف أيهما أفضل الأذان أو الإمامة؟ ثالثها إن علم من نفسه القيام بحقوق الأمانة فهي أفضل وإلا فالأذان، وفي كلام الشافعي ما يومئ إليه)[1].

 

• قوله: ( أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة).

 

• قال ابن دقيق العيد: (المختار عند أهل الأصول: أنه قوله [أمر] راجع إلي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- وكذا أمرنا و نهينا لأن الظاهر: انصرافه إلي من له الأمر والنهي شرعا ومن يلزم إتباعه ويحتج بقوله وهو النبي - صلى الله عليه وسلم- وفي هذا الموضع زيادة على هذا وهو أن العبادات والتقديرات فيها: لا تؤخذ إلا بتوقيف)[2].

 

وفي رواية عن أنس قال: "لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة.

 

• وعند أبي الشيخ: فقالوا: لو اتخذنا ناقوسا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "ذاك للنصارى". فقالوا: لو اتخذنا بوقا، فقال: "ذاك لليهود". فقالوا: لو رفعنا نارا، فقال: "ذاك للمجوس " فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة.

 

وعن ابن عمر أنه كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم نتخذ ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم بل قرنا مثل قرن اليهود فقال عمر - صلى الله عليه وسلم-:

أفلا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " قم يا بلال فناد بالصلاة" متفق عليه.

 

• قوله: (أن يشفع) أي يأتي بألفاظه شفعا. قال الزين بن المنير: لكن لم يختلف في أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة.

 

• قال البخاري: باب الأذان مثنى مثنى وذكر الحديث ولفظه أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة.

 

• قال الحافظ: (المراد بالمنفي غير المراد بالمثبت فالمراد بالمثبت جميع الألفاظ  المشروعة عند القيام إلا الصلاة والمراد بالمنفي خصوص قوله قد قامت الصلاة، قال: ورواه عبد الرزاق ولفظه كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة إلا قوله قد قامت الصلاة قال وقد استشكل عدم استثناء التكبير في الإقامة وأجاب بعض الشافعية بأن التثنية في تكبيرة الإقامة بالنسبة إلى الأذان إفراد قال النووي ولهذا يستحب أن يقول المؤذن كل تكبيرتين بنفس واحد قلت وهذا إنما يتأتى في أول الأذان لا في التكبير الذي في آخره، وعلى ما قال النووي ينبغي للمؤذن أن يفرد كل تكبيرة من اللتين في آخره بنفس، ويظهر بهذا التقرير ترجيح قول من قال بتربيع التكبير في أوله على من قال بتثنيته مع أن لفظ الشفع يتناول التثنية والتربيع فليس في لفظ حديث الباب ما يخالف ذلك، وأما الترجيع في التشهدين فالأصح في صورته أن يشهد بالوحدانية سنتين ثم بالرسالة ثنتين ثم يرجع فيشهد كذلك، فهو وإن كان في العدد مربعا فهو في الصورة مثنى)[3] والله أعلم. ا هـ.

 

• قال البخاري أيضا: (باب الإقامة واحدة إلا قد قامت الصلاة وذكر الحديث.

 

• قال الزين بن المنير: خالف البخاري لفظ الحديث في الترجمة فعدل عنه إلى قوله: "واحدة" لأن لفظ الوتر غير منحصر في المرة فعدل عن لفظ فيه الاشتراك إلا ما لا اشتراك فيه. قال الحافظ: وإنما لم يقل واحدة واحدة مراعاة للفظ الخبر الوارد في ذلك، وهو عند ابن حبان في حديث ابن عمر ولفظه: "الأذان مثنى والإقامة واحدة، قال: والحديث حجة على من زعم أن الإقامة مثنى مثنى")[4]ا هـ.

 

• قال الحافظ: (وقال ابن عبدالبر: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح، فإن رقم التكبير الأول في الأذان، أو ثناه، أو رجع في التشهد أو لم يرجع، أو ثنى الإقامة أو أفردها كلها أو إلا "قد قامت الصلاة" فالجميع جائز.

 

• قال الحافظ: (قيل: الحكمة في تثنية الأذان وإفراد الإقامة أن الأذان لإعلام الغائبين فيكرر ليكون أوصل إليهم، بخلاف الإقامة فإنها للحاضرين، ومن ثم استحب أن يكون الأذان في مكان عال بخلاف الإفاقة، وأن يكون الصوت في الأذان أرفع منه في الإقامة، وأن يكون الأذان مرتلا والإقامة مسرعة، وكرر "قد قامت الصلاة" لأنها المقصودة من الإقامة بالذات وإنما اختص بالتشهد لأنه أعظم ألفاظ الأذان، والله أعلم)[5].

 

تتمة:

• قال في الاختيارات الفقهية: (ويستحب للمؤذن أن يرفع فمه واجهه إلي السماء إذا أذن أو أقام ونص عليه أحمد، كما يستحب للذي يتشهد عقيب الوضوء أن يرفع بصره إلى السماء، وكما يستحب للمحرم بالصلاة أن يرفع رأسه قليلا لأن التهليل والتكبير إعلان بذكر الله لا يصلح إلا له فاستحب الإشارة إليه كما تستحب الإشارة بالإصبع الواحدة في التشهد والدعاء وهذا بخلاف الصلاة والدعاء إذ المستحب فيه خفض الطرف)[6].

 

الحديث الثاني:

59- عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو في قبة له حمراء من أدم قال: فخرج بلال بوضوء، فمن ناضح ونائل، قال: فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم- عليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضأ وأذن بلال، قال: فجعلت أتتبع فيه ههنا وههنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم ركزت له عنزة، فتقدم وصلى الظهر ركعتين، ثم نزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.

 

• قال البخاري: (باب هل يتتبع المؤذن فاه ههنا وههنا وهل يلتفت في الأذان، ويذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال إبراهيم: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء، وقال عطاء: الوضوء حق وسنة، وقالت عائشة: كان الذي - صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه.

 

حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن عون بن أبى صحيفة عن أبيه أنه رأى بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان)[7].

 

قال الحافظ:

• (قوله: (ها هنا وهاهنا بالأذان) كذا أورده مختصرا، ورواية وكيع عن سفيان عند مسلم أتم حيث قال: "فجعلت أتتبع فيه هاهنا وهاهنا يمينا وشمالا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح " وهذا فيه تقييد للالتفات في الأذان وأن محله عند الحيعلتين، وبوب عليه ابن خزيمة: "انحراف المؤذن عند قوله حي على الصلاة حي على الفلاح بفمه لا ببدنه كله " قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه، ثم ساقه من طريق وكيع أيضا بلفظ: " فجعل يقول في أذانه هكذا، ويحرف رأسه يمينا وشمالا" وفي رواية عبد الرزاق عن الثوري في هذا الحديث زيادتان: إحداهما الاستدارة، والأخرى وضع الإصبع في الأذن، ولفظه عند الترمذي "رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فيه هاهنا وهاهنا وإصبعاه في أذنيه" فأما قوله: "ويدور" فهو مدرج في رواية سفيان عن عون، بين ذلك يحيى بن آدم عن سفيان عن عون عن أبيه قال: "رأيت بلالا أذن فأتبع فاه هاهنا وهاهنا والتفت يمينا وشمالا" قال سفيان: كان حجاج- يعني ابن أرطاة- يذكر لنا عن عون أنه قال: "فاستدار في أذانه" فلما لقينا عونا لم يذكر فيه الاستدارة، أخرجه الطبراني وأبو الشيخ من طريق يحيى بن آدم، وكذا أخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان، لكن لم يسم حجاجا، وهو مشهور عن حجاج أخرجه ابن ماجه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهم من طريقه ولم ينفرد به بل وافقه إدريس الأودي ومحمد العرزمي عن عون، لكن الثلاثة ضعفاء، وقد خالفهم من هو مثلهم أو أمثل وهو قيس بن الربيع فرواه عن عون فقال في حديثه " ولم يستدر" أخرجه أبو داود، ويمكن الجمع بأن من أثبت الاستدارة عني استدارة الرأس، ومن نفاها عني استدارة الجسد كله)[8].

 

• وقال في "المغني" عن أحمد: لا يدور إلا إن كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين. وأما وضع الإصبعين في الأذنين فقد رواه مؤمل أيضا عن سفيان أخرجه أبو عوانة وله شواهد ذكرتها في "تعليق التعليق " من أصحها ما رواه أبو داود وابن حبان من طريق أبي سلام الدمشقي أن عبد الله الهوزني حدثه قال: قلت لبلال كيف كانت نفقة النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ فذكر الحديث وفيه "قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني فأذنت" ولابن ماجه والحاكم من حديث سعد القرظ " لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه" وفي إسناده ضعف، قال العلماء في ذلك فائدتين: إحداهما أنه قد يكون أرفع لصوته، وفيه حديث ضعيف أخرجه أبو الشيخ من طريق سعد القرظ عن بلال، ثانيهما أنه علامة للمؤذن ليعرف من رآه على بعد أو كان به صمم أنه يؤذن.

 

• قال البخاري: (باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة حدثنا إسحاق قال أخبرنا جعفر بن عون قال حدثنا أبو العميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالأبطح فجاءه بلال فآذنه بالصلاة ثم خرج بلال بالعنزة حتى ركزها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالأبطح وأقام الصلاة)[9].

 

• وقال البخاري: (باب سترة الإمام سترة من خلفه ولفظه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنيزة الظهر ركعتين والعصر ركعتين تمر من بين يديه المرأة والحمار)[10].

 

• قال الحافظ: (حديث أبي جحيفة أخرجه المصنف مطولا ومختصرا، وقد تقدم في الطهارة في "باب استعمال فضل وضوء الناس " وفي حديث ستر العورة من الصلاة في "باب الصلاة في الثوب الأحمر" وذكره أيضا هنا وبعد بابين أيضا وفي الأذان وفي صفة النبي - صلى الله عليه وسلم- في موضعين وفي اللباس في موضعين.

 

قوله: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى بهم بالبطحاء" يعني بطحاء مكة، وهو موضع خارج مكة، وهو الذي يقال له الأبطح، قوله: (يمر بين يديه) أي بين العنزة والقبلة لا بينه وبين العنزة، قوله: "فخرج بلال بوضوء فمن ناضح ونائل " وفي رواية (ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه")[11].

 

• قال الحافظ: (وفي الحديث من الفوائد التماس البركة مما لامسه الصالحون، ووضع السترة للمصلي حيث يخشى المرور بين يديه والاكتفاء فيها بمثل غلظ العنزة، وأن قصر الصلاة في السفر أفضل من الإتمام لما يشعر به الخبر من مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم- عليه، وأن ابتداء القصر من حين مفارقة البلد الذي يخرج منه، وفيه تعظيم الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم-، وفيه استحباب تشمير الثياب لاسيما في السفر، وكذا استصحاب العنزة ونحوها، ومشروعية الأذان في السفر كما سيأتي في الأذان، وجواز النظر إلي الساق وهو إجماع في الرجل حيث لا فتنة، وجواز لبس الثوب الأحمر، وفيه خلاف يأتي ذكره في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى، قال وفيه دلالة بينة على طهارة الماء المستعمل)[12].

 

• وقال البخاري أيضا: (باب السترة بمكة وغيرها وذكر الحديث ولفظه خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالهاجرة فصلى بالبطحاء الظهر والعصر ركعتين ونصب بين يديه عنزة وتوضأ فجعل الناس يتمسحون بوضوئه)[13].

 

• قال الحافظ: (والذي أظنه أنه أراد أن ينكت على ما ترجم به عبد الرزاق حيث قال في "باب لا يقطع الصلاة بمكة شيء" ثم أخرج عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب عن أبيه عن جده قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي في المسجد الحرام ليس بينه وبينهم- أي الناس- سترة " وأخرجه من هذا الوجه أيضا أصحاب السنن، ورجاله موثقون إلا أنه معلول، فقد رواه أبو داود عن أحمد عن ابن عيينة قال: كان ابن جريج أخبرنا به هكذا، فلقيت كثيرا، فقال: ليس من أبي سمعته ولكن عن بعض أهلي عن جدي. فأراد البخاري التنبيه على ضعف هذا الحديث وأن لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة، واستدل على ذلك بحديث أبي جحيفة وهذا هو المعروف عند الشافعية وأن لا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها. واغتفر بعض الفقهاء ذلك للطائفين دون غيرهم للضرورة، وعن بعض الحنابلة جواز ذلك في جميع مكة)[14] ا هـ والله أعلم.

 

الحديث الثالث:

60- عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".

 

• قال البخاري: (باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره. وساق الحديث وفي آخره: ثم قال وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت.

 

• قوله: (إن بلالا يؤذن بليل) فيه إشعار بأن ذلك كان من عادته المستمرة، قوله: "فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".

 

• قال الحافظ: فيه إشعار بان الأذان كان علامة عندهم على دخول الوقت فبين لهم أن أذان بلال بخلاف ذلك. واسم (ابن أم مكتوم) عمرو وهو قرشي عامري، أسلم قديما وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يكرمه ويستخلفه على المدينة، وشهد القادسية في خلافة عمر فاستشهد بها قال وهو الأعمى المذكور في سورة عبس)[15].

 

قوله: "وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت" وفي رواية: "حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر".

 

• قال الحافظ: (وفي هذا الحديث جواز الأذان قبل طلوع الفجر، واستحباب أذان واحد بعد واحد. وأما أذان اثنين معا فمنع منه قوم، ويقال إن أول من أحدثه بنو أمية. وقال الشافعية: لا يكره إلا إن حصل من ذلك تهويش.

 

• قال ابن دقيق العيد: وأما الزيادة على الاثنين فليس في الحديث تعرض له[16].

 

• قال الحافظ: ونص الشافعي على جوازه ولفظه: ولا يتضيق إن أذن أكثر من اثنين، وعلى جواز تقليد الأعمى للبصير في دخول الوقت، وعلى جواز شهادة الأعمى، وعلى جواز العمل بخبر الواحد، وعلى أن ما بعد الفجر من حكم النهار، وعلى جواز الأكل مع الشك في طلوع الفجر لأن الأصل بقاء الليل، وعلى جواز الاعتماد على الصوت في الرواية إذا كان عارفا به وإن لم يشاهد الراوي، وعلى جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة إذا كان يقصد التعريف ونحوه، وجواز نسبة الرجل إلي أمه إذا اشتهر بذلك واحتيج إليه)[17] ا هـ ملخصا.

 

• قال البخاري أيضا: (باب الأذان بعد الفجر، وذكر حديث حفصة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان إذا اعتكف المؤذن للصبح ويدا الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة، وحديث عائشة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح " ثم ذكر الحديث.

 

• قال الحافظ: (قوله: "باب الأذان في الفجر" قال الزين بن المنير: قدم المصنف ترجمة الأذان بعد الفجر على ترجمة الأذان قبل الفجر فخالف الترتيب الوجودي، لأن الأصل في الشرع أن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، فقدم ترجمة الأصل على ما ندر عنه. وأشار ابن بطال إلى الاعتراض على الترجمة بأنه لا خلاف فيه بين الأئمة وإنما الخلاف في جوازه قبل الفجر. والذي يظهر لي أن مراد المصنف بالترجمتين أن يبين أن المعنى الذي كان يؤذن لأجله قبل الفجر غير المعنى الذي كان يؤذن لأجله بعد الفجر، وأن الأذان قبل الفجر لا يكتفي به عن الأذان بعده، وأن أذان ابن أم مكتوم لم يكن يقع قبل الفجر، والله أعلم.

 

قوله: "كان إذا اعتكف المؤذن للصبح".

 

• قال الحافظ: (والحديث في الموطأ عند جميع رواته بلفظ: "كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح " وكذا رواه مسلم وغيره وهو الصواب قال والحق أن لفظ: "اعتكف" محرف من لفظ: "سكت" وقد أخرجه المؤلف في باب الركعتين بعد الظهر من طريق أيوب عن نافع بلفظ: "كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر")[18].

 

• وقال البخاري: (باب الأذان قبل الفجر، وذكر حديث بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يمنعن أحدكم أو أحدا منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو ينادي بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائبكم وليس أن يقول الفجر أو الصبح وقال بأصابعه ورفعها إلي فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول هكذا" وقال زهير بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى ثم مدها عن يمينه وشماله ثم ذكر حدبث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم"، قوله: "باب الأذان قبل الفجر" أي ما حكمه؟ هل يشرع أو لا؟ وإذا شرع هل يكتفي به عن إعادة الأذان بعد الفجر أو لا؟ وإلى مشروعيته مطلقا ذهب الجمهور. وخالف الثوري وأبو حنيفة ومحمد، وإلى الاكتفاء مطلقا ذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم، وخالف ابن خزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث وقال به الغزالي في الإحياء)[19] انتهى.

 

• قال البخاري: (باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم- "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلالا" وذكر الحديث ولفظه عن عائشة- رضي الله عنها- أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر قال القاسم ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا".

 

• قال ابن بطال: وقد روى لفظ الترجمة وكيع من حديث سمرة مرفوعا: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق ". وقال الترمذي: هو حديث حسن)[20] .ا هـ.

 

وفي حديث سمرة عند مسلم: "لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطيع هكذا" يعني معترضا. وفي رواية: "ولا هذا البياض حتى يستطير".

 

• قال النووي: (وهو الفجر الثاني الصادق، (والمستطير) قال: والفجر الكاذب المستطيل باللام كذنب السرحان)[21].

 

• قال الموفق: (ويستحب أيضا أن لا يؤذن قبل الفجر إلا أن يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح كفعل بلال وابن أم مكتوم اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الإعلام بالوقت المقصود بالآذان فإذا كانا مؤذنين حصل الاعلام بالوقت بالثاني وبقربه بالمؤذن الأول.

 

فصل: وينبغي لمن يؤذن قبل الوقت أن يجعل أذانه في وقت واحد في الليالي كلها ليعلم الناس ذلك من عادته فيعرفوا الوقت بأذانه ولا يؤذن في الوقت تارة وقبله أخرى فيلتبس على الناس ويغتروا بأذانه فربما صلى بعض من سمعه الصبح بناء على أذانه قبل وقتها وربما امتنع المتسحر من سحوره والمتنفل من صلاته بناء على أذانه ومن علم حاله لا يستفيد بأذانه فائدة لتردده بين الاحتمالين ولا يقدم الآذان كثيرا تارة ويؤخره أخرى فلا يعلم الوقت بأذانه فتقل فائدته، ويكره الآذان قبل الفجر في شهر رمضان نص عليه أحمد في رواية الجماعة لئلا يغتر الناس به فيتركوا سحورهم ويحتمل أن لا يكره في حق من عرف عادته بالآذان في الليل لأن بلالا كان يفعل ذلك بدليل قوله عليه السلام: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم"، وقال عليه السلام: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال فإنه يؤذن بليل لينتبه نائمكم ويرجع قائمكم "[22] انتهى والله المستعان.

 

فائدة:

عن عروة عن امرأة من بني النجار قالت: كان بلال يجلس على بيتي وهو أعلى بيت في المدينة. فإذا رأى الفجر تمطى ثم أذن. أخرجه أبو داود، قيل إن بلالا كان في أول ما شرع الأذان يؤذن وحده ولا يؤذن للصبح حتى يطلع الفجر ثم كان في آخر الأمر يؤذن بليل فإذا طلع الفجر أذن ابن أم مكتوم.

 

قال الحافظ: (وادعى بعض الحنفية أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان وإنما كان تذكيرا أو تسحيرا كما يقع للناس اليوم وهذا مردود لكن الذي يصنعه الناس اليوم محدث قطعا انتهى والله الموفق)[23].

 

الحديث الرابع:

61- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول".

 

• قال البخاري: باب ما يقول إذا سمع المنادي.

وساق الحديث ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن".

 

قوله: "فقولوا مثل ما يقول المؤذن".

 

• قال الكرماني: قال: "ما يقول "ولم يقل مثل ما قال ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة مثل كلمتها. قلت: والصريح في ذلك ما رواه النسائي من حديث أم حبيبة" أنه - صلى الله عليه وسلم- كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت".

 

• قال النووي: فلو لم يجاوبه حتى فرغ استحب له التدارك إن لم يطل الفصل.

 

• قال الحافظ: (وظاهر قوله مثل أنه يقول مثل قوله في جميع الكلمات، لكن حديث عمر وحديث معاوية يدلان على أنه يستثنى من ذلك "حي على الصلاة وحي على الفلاح " فيقول بدلهما "لا حول ولا قوة إلا بالله" كذلك استدل به ابن خزيمة وهو المشهور عند الجمهور.

 

• وقال الطيبي: معنى الحيعلتين هلم بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلا والفوز بالنعيم لمجلس، فناسب أن يقول: هذا أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته.

 

• قال الحافظ: (واستدل به على مشروعية إجابة المؤذن في الإقامة قالوا: إلا في كلمتي الإقامة فيقول: "أقامها الله وأدامها" انتهى)[24].

 

عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "إذا قال المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد ألا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال: أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا الله ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة" رواه مسلم وأبو داود.

 

تتمة:

عن جابر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : "من قال إذا سمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه المقام المحمود الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة" رواه الجماعة إلا مسلما وزاد البيهقي "إنك لا تخاف الميعاد".

 

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة" رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن.

 

وعن أبي الدرداء- رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: " ما من ثلاثة في قرية فلا يؤذن ولا تقام فيهم الصلوات إلا استحوذ عليهم الشيطان" رواه أحمد.

 

عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية للجبل يؤذن للصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم للصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته جنتي " رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين " رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

 

عن أبي محذورة - رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله علمني سنة الأذان فعلمه، فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله. رواه أحمد وأبو داود.

 

قال مالك في الموطأ لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة حدا محدودا إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن منهم الثقيل والخفيف.

 

تتمة:

والصحيح أنهما فرض كفاية وهو ظاهر مذهب أحمد وغيره.

 

وقد أطلق طوائف من العلماء أن الأذان سنة ثم من هؤلاء من يقول إنه إذا اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا.

 

والنزاع مع هؤلاء قريب من النزع اللفظي فإن كثيرا من العلماء يطلق القول بالسنة على ما يذم تاركه ويعاقب تاركه شرعا.

 

وأما من زعم أنه سنة لا إثم على تاركه فقد أخطأ.

 

وليس الأذان بواجب للصلاة الفائتة وإذا صلى وحده أداء أو قضاء وأذن وأقام فقد أحسن وإن اكتفى بالإقامة أجزأه.

 

وإن كان يقضي صلوات فأذن أول مرة وأقام لبقية الصلوات كان حسنا أيضا وهو أفضل من الإمامة وهو أصح الروايتين عن أحمد واختيار أكثر أصحابه.

 

وأما إمامته - صلى الله عليه وسلم- وإمامة الخلفاء الراشدين فكانت متعينة عليهم فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يكن يمكن الجمع بينها وبين الأذان فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل، ويتخرج أن لا يجزئ أذان القاعد لغير عذر كأحد الوجهين في الخطبة وأولى إذ لم ينقل عن أحد من السلف الأذان قاعدا لغير عذر وخطب بعضهم قاعدا لغير عذر وأطلق أحمد الكراهة والكراهة المطلقة هل تنصرف إلى التحريم أو التنزيه على وجهين.

 

قلت: قال أبو البقاء العكبري في شرح الهداية نقل عن أحمد إن أذن قاعدا يعيد قال القاضي محمول على نفي الاستحباب وحمله بعضهم على نفي الاعتداد به والله أعلم.

 

وأكثر الروايات عن أحمد المنع من أذان الجنب وتوقف عن الإعادة في بعضها وصرح بعدم الإعادة في بعضها وهو اختيار أكثر الأصحاب.

 

وذكر جماعة عنه رواية بالإعادة واختارها الخرقي.

 

وفي إجراء الأذان من الفاسق روايتان أقواهما عدمه لمخالفته أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- وأما ترتيب الفاسق مؤذنا فلا ينبغي قولا واحدا.

 

والصبي المميز يستخرج أذانه للبالغ روايتان كشهادته وولايته.

 

وقال في موضع آخر اختلف الأصحاب في تحقيق موضع الخلاف منهم من يقول موضع الخلاف سقوط الفرض به والسنة المؤكدة إذا لم يوجد سواه وأما صحة أذانه في الجملة وكونه جائزا إذا أذن غيره فلا خلاف في جوازه.

 

ومنهم من أطلق الخلاف لأن أحمد قال لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم إذا كان قد راهق.

 

وقال في رواية علي بن سعيد وقد سئل عن الغلام يؤذن قبل أن يحتلم فلم يعجبه.

 

والأشبه أن الأذان الذي يسقط الفرض عن أهل القرية ويعتمد في وقت الصلاة والصيام لا يجوز أن يباشره صبي قولا واحدا ولا يسقط الفرض ولا يعتد به في مواقيت العبادات.

 

وأما الأذان الذي يكون سنة مؤكدة في مثل المساجد التي في المصر ونحو ذلك فهذا فيه الروايتان والصحيح جوازه.

 

ويكره أن يوصل الأذان بما قبله مثل قول بعض المؤذنين قبل الأذان:﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111] والخروج من المسجد بعد الأذان منهي عنه.

 

وهل هو حرام أو مكروه في المسالة وجهان إلا أن يكون التأذين للفجر قبل الوقت فلا يكره الخروج نص عليه أحمد.

 

والنداء بالأذان والإقامة مختص بالصلوات الخمس وأن النداء بغير الأذان والإقامة فالسنة أن ينادي للكسوف بالصلاة جامعة لحديث عائشة: خسفت الشمس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- فبعث مناديا الصلاة جامعة ولا ينادي للعيد والاستسقاء وقاله طائفة من أصحابنا ولهذا لا يشرع للجنازة ولا للتراويح على نص أحمد خلافا للقاضي لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم- والقياس على الكسوف فاسد الاعتبار وقال الآمدي: السنة أن يكون المؤذن من أولاد من جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيهم الأذان وإن كان من غيرهم جاز.

 

• قال أبو العباس: ولم يذكر هذا أكثر أصحابنا وظاهر كلام أحمد لا يقدم بذلك فإنه نص على أن المتنازعين في الأذان لا يقدم أحدهما بكون أبيه هو المؤذن.

 

وأما ما سوى التأذين قبل الفجر من تسبيح وتنشيد ورفع الصوت بدعاء ونحو ذلك في المآذن فهذا ليس بمسنون عند الأئمة بل قد ذكر طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد: أن هذا من جملة البدع المكروهة ولم يقم دليل شرعي على استحبابه ولا حدث سبب يقتضي إحداثه حتى يقال إنه من البدع اللغوية التي دلت الشريعة على استحبابها وما كان كذلك لم يكن لأحد أن يأمر به ولا ينكر على من تركه ولا يعلق استحقاق الرزق به وإن شرطه واقف، وإذا قيل: إن في بعض هذه الأصوات مصلحة راجحة على مفسدتها فتقتصر من ذلك على القدر الذي يحصل به المصحلة دون الزيادة التي هي ضرر بلا مصلحة راجحة.

 

ويستحب أن يجيب المؤذن ويقول مثل ما يقول ولو في الصلاة وكذلك يقول في الصلاة كل ذكر ودعاء وجد سببه في الصلاة ويجيب مؤذنا ثانيا وأكثر حيث يستحب ذلك كما كان المؤذنان يؤذنان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأما المؤذنون الذين يؤذنون مع المؤذن الراتب يوم الجمعة في مثل صحن المسجد فليس أذانهم مشروعا باتفاق الأئمة بل ذلك بدعة منكرة وقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب التبليغ وراء الإمام بل يكره إلا لحاجة.

 

وقد ذهب طائفة من الفقهاء أصحاب مالك وأحمد إلى بطلان صلاة المبلغ إذا لم يحتج إليه، وظاهر كلامه هذا أن المجيب يقول مثل ما يقول حتى في الحيعلة وقيل: يقول لا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وقال في موضع آخر وقيل يقول لا حول ولا قوة إلا بالله.

 

• ويجوز الأذان للفجر قبل دخول وقتها قاله جمهور العلماء.

 

وليس عند أحمد نص في أول الوقت الذي يجوز فيه التأذين إلا أن أصحابنا قالوا يجوز بعد نصف الليل كما يجوز بعد نصف الليل الإفاضة من مزدلفة وعلى هذا فينبغي أن يكون الليل الذي يعتبر نصفه أوله غروب الشمس وآخره طلوعها كما أن النهار المعتبر نصفه أوله طلوع الشمس وآخره غروبها لانقسام الزمان إلي ليل ونهارا ولعل قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في أحد الحديثين ينزل ربنا إلي السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل يعني الليل الذي ينتهي لطلوع الفجر وفي الآخر حين يمضي نصف الليل يعني الليل الذي ينتهي بطلوع الشمس فإنه إذا انتصف الليل الشمسي يكون قد بقي ثلث الليل الفجري تقريبا.

 

ولو قيل تحديد وقت العشاء إلى نصف الليل تارة وإلى ثلثه أخرى من هذا الباب لكان متوجها.

 

ويستحب إذا أخذ المؤذن في الأذان أن لا يقوم إذ في ذلك تشبه بالشيطان قال أحمد لا يقوم أول ما يبتدئ ويصبر قليلا[25].

 


[1] فتح الباري: (2/396).

[2] أحكام الأحكام: (1/ 203).

[3] فتح الباري ابن حجر: (2/83).

[4] فتح الباري: (2/84).

[5] فتح الباري: (2/404).

[6] الاختيارات الفقهية: (1/ 38).

[7] فتح الباري: (2/ 114).

[8] فتح الباري: (2/ 115).

[9] فتح الباري: (2/ 111).

[10] فتح الباري: (1/ 571).

[11] فتح الباري: (2/ 239).

[12] فتح الباري: (1/ 574).

[13] فتح الباري: (1/ 576).

[14] فتح الباري: (1/ 576).

[15] فتح الباري: (2/ 99).

[16] إحكام الأحكام: (1/ 127).

[17] فتح الباري: (2/ 100).

[18] فتح الباري: (2/ 100).

[19] فتح الباري: (2/ 103).

[20] فتح الباري: (4/ 136).

[21] شرح النووي على مسلم: (4/70).

[22] المغني: (1/ 455).

[23] الفتح: (2/104).

[24] فتح الباري: (2/ 90- 92).

[25] الاختيارات الفقهية: ( 1/36)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أحاديث الطهارة (1)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب السواك 1)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب التيمم 1 )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 1)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة الجماعة ووجوبها)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب استقبال القبلة)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الصفوف )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الإمامة )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب صفة صلاة النبي )
  • وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب المرور بين يدي المصلي )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الجمعة )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( كتاب الزكاة 1 )

مختارات من الشبكة

  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب التشهد )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب جامع )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب سجود السهو )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب ترك الجهر بالبسملة )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب استقبال القبلة )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الحيض 5)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الحيض 4)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 5)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 4)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 3)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب