• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

وجوه إعجاز القرآن

وجوه إعجاز القرآن
الشيخ عبدالوهاب خلاف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2013 ميلادي - 25/3/1434 هجري

الزيارات: 126112

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وجوه إعجاز القرآن


جرت سُنة الله في تأييده رُسله بالمعجزات أن يُؤيد كل رسول من رُسله بالمعجزة التي تناسب من أرسل إليهم، وتكون في بيئته أبلغ دَلالة على صِدقه وأشد إقحامًا لمن كذَّبوا به.

 

فموسى - عليه صلاة الله وسلامه - أيده الله بعصاه السحرية؛ لأنه بعث إلى فرعون وقومه في زمن كثُر فيه السَّحرة، ومهَروا في سحرهم؛ ولهذا وصَفهم الله بقوله: ﴿ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الأعراف: 116، 122].

 

وهكذا أعجزهم الله في أظهر مظاهر قوَّتهم، وهزمهم في الميدان الذي باهوا فيه بعددهم وأسلحتهم، وقام هذا دليلاً على أن موسى مؤيد من الله، وصادق في دعواه أنه رسول الله.

 

وعيسى - عليه صلاة الله وسلامه - أيده الله بمعجزات طبية؛ لأنه بعث في زمن مهر فيه الأطباء، وحسِبوا أنهم بلغوا في طبهم الغاية، فجاءهم عيسى بآيات من ربهم في إحياء الموتى، وفي علاج من لا علاج له من المرضى؛ ﴿ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 49].

 

ومحمد -صلى الله عليه وسلم- أيده الله بمعجزة القرآن؛ لأنه بعث في بيئة عربية في زمن كان العرب فيه يزعُمون أنهم استووا على عرش البلاغة والفصاحة، وملَكوا فنون القول، وأُتوا الحِكمة وفَصْل الخطاب، وقد قال النعمان بن المنذر بين يدي كسرى في وصفهم: "وأما حكمة ألسنتهم، فإن الله أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم. مع معرفتهم بالأشياء، وضرْبهم للأمثال، وإبلاغهم في الصفات ما ليس لغيرهم".

 

وكانت أسواقهم ميادينَ للخطباء والشعراء، وضرْب الأمثال.

 

فالله - سبحانه - لحكمته البالغة، أيد محمدًا بالقرآن؛ ليُقحمهم في أعز ميادينهم، ويقنعهم بما لا سبيل لهم إلى الجدال فيه، ويُقيم لهم برهانًا هم أقدر الناس على إدراكه والإذعان له.

 

فالقرآن الكريم هو البرهان على صدق الرسول في دعواه أنه رسول من الله، وهو المعجزة الخالدة التي تبقى على مرِّ السنين دلالته، وتتجلى بالبحث وإمعان النظر وجوه إعجازه.

 

وأنا أُبين في مقالي حقيقة الإعجاز، ثم أُبين وجوه إعجاز القرآن، ومن الله أستمد المعونة.

 

حقيقة الإعجاز:

الإعجاز هو إثبات العجز وإظهاره، وإعجاز القرآن للناس؛ أي: إثبات عجزهم عن أن يأتوا بمثله، ولا يتحقق الإعجاز إلا إذا توافرت أمور ثلاثة:

الأول: أن تتحدى من تريد إثبات عجزه؛ أي: أن تتطلب منه أن يأتي بمثل ما جئت به، وتصارحه بأنه لا يستطيع ولن يستطيع.

والثاني: أن تتوافر عند من تتحداه جميع الدواعي التي تحمله على أن يستجيب لدعوتك، ويَبطل تحدِّيك، ويأتي بمثل ما جئت به.

والثالث: أن تنفي عنه الموانع الحسية والمعنوية التي تمنعه أن يستجيب لك، فإذا نظمت قصيدة في أي موضوع سياسي أو اجتماعي، وادَّعيت أن هذه القصيدة لا يستطيع شاعر من شعراء عصرك أن يأتي بمثلها، وتحدَّيت شعراء عصرك - أي: صارحتهم - بأن هذه القصيدة فوق قدرتهم، وأنهم لو عارضوها لن يأتوا بمثلها، وهم مع شدة حرصهم على إبطال دعواك وانتفاء ما يمنعهم من معارضتك، لم يتقدموا لمعارضتك، ولم يأتوا بشعر في موضوعك - فلا ريب أنك أظهرت عجزهم وحمَلتهم إن كانوا غير مكابرين على أن يُقروا بدعواك، وأنك تحدَّيتهم وتوافرت دواعيهم لإبطال دعواك، وانتفَت موانعهم.

 

والرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء بهذا القرآن، وقال: إنه أُوحي إليّ من الله: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ﴾ [الأنعام: 21]، وقال: إن هذا الوحي من الله إلى تصديق إلهي لي في دعواي أني رسول الله، وإن كنتم في ريب من أنه من عند الله، وزعمتُم أنه من قول البشر، فها أنتم من أقدر البشر على القول والبيان، فأتُوا بمثله أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، وتحدَّاهم بعبارات واخزة، وأساليب تثير الحَميَّة، وتستفز القريحة، وأقسم أنهم لا يستطيعون ولن يأتوا بمثله، ولن يفعلوا، ولن يستجيبوا؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، وقال - عز شأنه -: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ﴾ [هود: 13، 14]، وقال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].

 

فالله - سبحانه - على لسان رسوله تحدَّى الناس بالقرآن بصور شتى من صور التحدي، وطالبهم أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، وأكد لهم بالقسم أنهم لن يستطيعوا ولن يفعلوا لو اجتمعوا إنسًا وجنًّا، وتعاونوا بكل الوسائل، والعرب الذين تحداهم رسول الله بالقرآن توافرت لهم كل الدواعي التي تستفز عزيمتهم للمعارضة، وتَستنهض هِمَمهم للإتيان بمثله لو كان مقدورًا لهم؛ لأن محمدًا عاب آلهتهم، وسفَّه عقولهم، وجاءهم بغير ما وجدوا عليه آباءهم، فما أشد حرصهم على أن يبطلوا دعواه أنه رسول الله! وما أشد حرصهم على أن يدحضوا الحُجة التي احتج بها، ويأتوا بقرآن مثل قرآنه، ويثبتوا أن هذا القرآن من قول البشر!

 

وقد انتفت موانعهم الحسية والمعنوية من أن يأتوا بمثله، فالقرآن بلسانهم العربي، وألفاظه مكونة من حروفهم الهجائية التي يكونون منها ألفاظهم، وأساليبه على منهاج أساليبهم، وفيهم ملوك البلاغة والفصاحة، وفرسان السباق في الشعر والخطابة وسائر فنون القول، وفيهم أهل الحكمة والأمثال والتجارب، وبينهم الكُهان والرُّهبان وأهل الكتاب، وقد دعاهم القرآن في تحديه أن تستعينوا بمن شاؤوا؛ ليُكملوا ما نقصهم، ويُتموا عدتهم.

 

فلا ريب في أن رسول الله تحدى بالقرآن بأبلغ عبارات التحدي وأشدها وخزًا للضمائر وحفزًا للهِمم، ولا ريب في أن من تحداهم توافر لديهم كل ما يقتضيهم أن ينازلوا هذا المتحدي لهم، وأن يأتوا بمثل ما جاء به، ولا ريب في أنهم انتفى عنهم ما يَمنعهم من هذه المعارضة من جميع النواحي اللفظية والمعنوية والزمنية؛ لأن القرآن بلغهم وفيهم أهل العلم والكتاب، وقد أنزل مُفرَّقًا في سنين عديدة.

 

ولا ريب في أنهم مع هذا كله لم يحاولوا أن يعارضوه ولم يأتوا بمثله، ولو جاؤوا بمثله، لنصروا كهنتهم، وأبطلوا حُجة من سفَّه عقولهم، وكَفَوا أنفسهم ويلات الحرب والقتال في عدة سنين. فالْتِجاؤهم إلى المحاربة بدل المعارضة، وإلى التآمر على قتْل الرسول بدل التآمر على الإتيان بمثل قرآنه - اعترافٌ منهم بالعجز عن معارضته، وتسليم منهم بأن هذا فوق قدرة البشر، وبرهان على أنه من عند الله.

 

وما هي وجوه إعجاز القرآن؟ نجيب إن شاء الله عن هذا السؤال في عددٍ تالٍ.

 

•  •  •

من نوادر المخطوطات

ما كتبه سيدنا يعقوب إلى سيدنا يوسف - عليهما السلام - بعد إمساك أخيه بنيامين بإيهام أنه سرق:

من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح بن إبراهيم خليل الله، إلى عزيز مصر، أما بعد، فإنا أهل بيت مُوكل بنا البلاء، أما جدي، فشُدَّت يداه ورجلاه ورُمي به في النار؛ ليُحرَق، فنجاه الله وجُعِلت النار عليه بردًا وسلامًا، وأما أبي، فوُضِع السكين فوق قفاه؛ ليُذبح، ففداه الله، وأما أنا، فكان لي ابن يُدعى يوسف وكان أحب أولادي إليّ، فذهب به إخوته إلى البريَّة، ثم أتوني بقميصه ملطخًا بالدم، وقالوا: قد أكله الذئب، فذهبت عيناي من بكائي عليه، ثم كان لي ابن وكان أخاه من أُمه، وكنت أتسلَّى به، فذهبوا به، ثم رجعوا وقالوا: إنه سرق، وأنك حبسته لذلك، وإنا أهل بيت لا تسرق ولا تَلِد سارقًا، فإن ردَدته عليّ، وإلا دعوت عليك دعوة تُدرك السابع من ولدك، والسلام.

 

قيل: لَمَّا قرأ يوسف - عليه السلام - هذا الكتاب، عِيلَ صبرُه، ولم يتمالك نفسَه من البكاء، ثم كتب في الجواب، اصْبر كما صبَروا، تظفَر بما ظفروا، والسلام.

 

وجوه إعجاز القرآن

لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ عبدالوهاب خلاف بك

لا يستطيع أي باحث مهما أُوتي من العلم أن يحصي الوجوه والنواحي التي من أجلها عجز الناس عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن؛ لأن وجوه إعجاز القرآن إنما أحاط علمًا بها من أنزله، وليس في استطاعة إنسان أن يحيط علمًا بما أحاط الله علمًا به.

 

وغاية ما يستطيع الباحث أن يعده من وجوه إعجاز القرآن، الوجوه التي أشار إليها القرآن نفسه، وقد أشار القرآن إلى عدة وجوه للإعجاز، بعضها علمية، وبعضها لفظية، وبعضها روحية، وبعضها تشريعية.

 

فليس إعجاز القرآن من ناحية تقريره حقائق علمية ما كان للبشر علمٌ بها قط، ولا من ناحية قَصصه عن أُمم بادت فقط، ولا من ناحية فصاحة ألفاظه وبلاغة أساليبه فقط، ولا من ناحية اتِّساق تشريعه واتفاق أحكامه، ومبادئه فقط، وإنما إعجازه من جميع هذه النواحي متعاونة ومتساندة، وكلما زاد التدبُّر في آياته، تجلَّت نواحٍ من نواحي إعجازه، وكلما فكَّر المُنصف في أن هذا القرآن المشتمل على هذه الحقائق الكونية وهذا التاريخ الحق، وهذا التشريع المتسق الحكيم - نطَق به لسان أُمي لم يقرأ ولم يكتب، نشأ في بيئة أُمية لا علمَ فيها ولا تعليم، زاد إيمانًا بأنه من عند الله، وأنه فوق قدرة البشر.

 

فمن نواحي إعجاز القرآن أنه في مقام إقامة البرهان على وجود الله ووحدانيَّته وقدرته، وفي مقام تذكير الناس بنعمه عليهم ورحمته بهم، ذكر سننًا كونية، وحقائقَ علمية، ونواميسَ خلقية، ما كان لأحد من البشر علمٌ بها، وكلما تقدم العلم والبحث، كشف حقيقتها وبرَهن على صحتها، ودل على أن تقريرها منذ ثلاثة عشر قرنًا، إنما كان من لدن خالق الكون العليم بنواميسه وسُننه، الخبير بأسراره.

 

اقرأ قوله تعالى في سورة النمل في الاستدلال على قدرة الله: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88]، وقوله - سبحانه -: ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ [الحجر: 22]، وقوله - سبحانه -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأنبياء: 30]، وقوله: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ﴾ [الرحمن: 19، 20]، وقوله: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14].

 

فمن أين للنبي الأُمي أن يعرف أطوار الجنين في بطن أُمه، وأن عنصر الماء عنصر كل حي، وأن الأرض كانت جزءًا من كوكب الشمس، وانفصَلت منه، وأن الأرض متحركة تسير سير السحاب.

 

أليس في هذا برهان على أن الرسول ما نطق بهذا عن الهوى، وما هو إلا وحي يوحى إليه من لدن حكيم خبير؟ وإلى هذا الوجه من وجوه الإعجاز أشار الله - سبحانه - بقوله: ﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53].

 

ومن وجوه إعجازه أنه في مقام حثِّ الناس على الاتعاظ والاعتبار، قصَّ قصص أُممٍ بادت ولا أثر لها، ولا معالم تدل على أخبارها، فقصَّ قَصص آدم ونوح وهود وصالح، وما كان بينهم وبين أُممهم، وأخبر عن حادثات مستقبلة لم يعلم بها أحد، فقص أن الروم ستُغلَب ثم تَغلب، وأن المسلمين يدخلون المسجد الحرام - إن شاء الله - آمنين.

 

فمن أين لهذا النبي الأمي في بيئة الأميين أن يعرف تاريخ مَن بادوا وبادت آثارهم، وأن يعرف ما هو آت؟ أليس في هذا برهان على أنه بلَّغ ما أُنزل إليه من ربه العليم بما مضى وما هو آت؟ وإلى هذا الوجه من وجوه الإِعجاز أشار الله - سبحانه - بقوله: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود: 49].

 

ومن وجوه إعجازه أنه تكون من ستة آلاف آية، وعبر عن معان مختلفة في موضوعات متعددة، وقصد إلى أهداف كثيرة في إصلاح العقيدة وفي تهذيب النفوس، وفي تقنين الأحكام، وعبر في كل هذا بشتى العبارات وأنواع الأساليب، ولا يوجد في عباراته اختلاف بين بعضها وبعض، فليس أسلوب بعض آياته بليغًا، وأسلوب بعضها غير بليغ، وليس بعض مفرداته فصيحًا، وبعضها غير فصيح، بل كل أسلوب من أساليبه مطابق لمقتضى الحال التي ورد فيها، وكل لفظ في موضعه الذي ينبغي أن يكون فيه.

 

وكما لا يوجد في عباراته اختلاف، أيضًا لا يوجد بين معانيه وأحكامه ومبادئه تناقضٌ أو تعارض، أو أي اختلاف؛ فهو متَّسق في ألفاظه وعباراته، ومتَّسق في معانيه وأحكامه، ومبادئه ونظرياته.

 

فمن أين لأمي أو متعلم مهما أُوتي من العلم أن يكوِّن ستة آلاف آية بهذا الاتساق والاتفاق؟

إن في ذلك لآية على أنه تنزيل من حكيم حميد، وإلى هذا الوجه من وجوه الإعجاز أشار الله - سبحانه - بقوله: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].

 

ومن نواحي إعجازه: قوة تأثيره في النفوس، وسلطانه الروحي، فالمتدبر في آياته يزداد إيمانًا على إيمانه، وكم فاضت دموع واقشعرَّت جلود من سماع آياته، وهذه قوة روحية لا توجد في كلام بشر مهما كان، وإلى هذا أشار الله - سبحانه - بقوله: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ [الزمر: 23].

 

ومن نواحي إعجازه وبلاغته وفصاحته، وحُسن تشبيهاته، وصدق أمثاله؛ ولهذا لا تُبلى جِدته، ولا يُمَل سماعه، وها هو يُتلى منذ قرون، وكلما سمعه السامع، تأثَّر، وذاق منه حلاوة، وقد شهد له بهذا ألدُّ أعدائه، فقد قال الوليد بن المغيرة: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمُغدق، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر.

 

وأختم كلمتي بما بدأت به، وهو أن هذه الوجوه التي ذكرتها ليست إلا قبسًا من نور القرآن الوهَّاج، وليست إلا قطرة من غَيثه الفيَّاض، والمؤمن المنصف يزيده الله نورًا على نور، والمتعسِّف يذوق المرارة في الحلو، ويعمي عن الإبصار في ضحوة النهار، والله يهدي من يشاء.

 

المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العددان: (الخامس والسادس)؛ السنة: (الرابعة)، جمادى الأولى والآخرة 1371 هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إعجاز القرآن وبلاغته
  • إعجاز القرآن بين الخلق والأمر
  • إعجاز القرآن
  • إعجاز القرآن في كل مكان
  • إعجاز في آية
  • القرآن معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى الخالدة
  • قبس من إعجاز القرآن الكريم
  • القرآن أصل العلم
  • معجزات المرسلين هل تخضع لحكم العقل؟!
  • القرآن
  • نبأ القرآن
  • ركيزتان للإعجاز العلمي في القرآن
  • مدخل ديناميكية القرآن الكريم وجه من وجوه إعجازه
  • وجوه الناس
  • الروح والريحان في فضل وإعجاز القرآن
  • مع الرافعي في "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية"
  • آيات وإعجاز (1)
  • إعجاز الوصف (1)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم تبيض وجوه وتسود وجوه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ديناميكية القرآن الكريم وجه من وجوه إعجازه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحاضرة الثالثة: وجوه الإعجاز في القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • صرخة في وجوه المجرمين ووقفة مع المسلمين في زمان التطاول على القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وجوه الاستعاذة بالله من الشيطان عند قراءة القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوه بيان السنة في القرآن(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • وجوه القرآن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أساء من وجه وأحسن من وجوه!(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- إعجاز القرآن
manala moumou - maroc 24-05-2013 03:05 PM

موضوع رائع جدا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب