• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / من ثمرات المواقع
علامة باركود

بين النصر والهزيمة

د. عدنان علي رضا النحوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/1/2013 ميلادي - 25/2/1434 هجري

الزيارات: 11341

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين النصر والهزيمة


إن المسلم يدرك أن النصر لا يأتي إلا من عند الله على عباده المؤمنين ما داموا ينصرون الله حقّاً سرّاً وعلانية:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾  [محمد: 7].

﴿  إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [ غافر:51].

﴿ ....وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج:40].

 

ويكون لجوء المؤمنين الحق إلى الله سبحانه وتعالى وحده لا يشركون به شيئاً ولا يرجون النصر من غيره سرّاً ولا علانية:

﴿ ... قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [ البقرة:250].

 

﴿ .... رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾  [البقرة:286].

 

نعم! هكذا يأتي النصر من عند الله: ﴿..... وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾.

 

إنها التوبة النصوح والخشوع الحق واللجوء الصادق إلى الله سبحانه وتعالى، ثم الدعاء بالنصر: "فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ".

 

إذن للنصر طريق واحد وصراط مستقيم وشروط ثابتة لا تتغيّر لأن النصر من عند الله وحده، ينزله على عباده المؤمنين الصادقين. إنه وعدٌ صادق من الله لعباده المؤمنين المتقين الصادقين:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور:55].

 

صورة بيّنة ووعد حق وتكاليف ربّانيّة ملزمة، فمن التزم وأوفى فله من ربه النصر.

 

ويضع الله شرطاً آخر للنصر، ذلك بأن يكون المؤمنون المجاهدون في سبيل الله صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص، ويكون المؤمنون بعامة أمة واحدة:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾  [الصف:4]

﴿ وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾  [المؤمنون:52].

 

وكذلك:

﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾  [الأنبياء:92].

 

وهذه قاعدة رئيسة في الإيمان والإسلام ليكون المسلمون والمؤمنون أمة واحدة تحمل رسالة الله إلى الناس كافّة بعد انقطاع النبوة:

﴿  كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾  [ آل عمران:110].

 

إنها العهد والأمانة التي جعلها الله في عنق عباده المؤمنين، في عنق الأمة المسلمة الواحدة، بأن تحمل رسالة الله إلى الناس كافة، وتبلّغهم إياها، وتتعهدهم عليها. إنها أمانة وعهد وميثاق.

 

حين تتوافر هذه الشروط في واقع المسلمين، وحين يوفون بعهد الله، يوفي الله سبحانه وتعالى بعهده لهم، فإن لم يوفوا فالأمر بيد الله يجري قضاؤه الحق العادل في خلقه جميعاً: قضاء نافذ، وقدر غالب، وحكمة بالغة:

﴿ ... وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة:40].

 

ويصبح الوفاء بالعهد أساساً في حياة كل مسلم، وفي حياة الأمة المسلمة، وفي حياة المؤمنين جميعاً:

﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل:91].

 

وهذه الشروط كلها تصبّ في قاعدة ربانية واحدة، ألا وهي الصدق. وانظر في سورة التوبة حيث تخلف المنافقون عن غزوة تبوك بأعذار كاذبة، وتخلف ثلاثة من المؤمنين فلما سُئلوا عن سبب تخلفهم اعترفوا بأنه لم يكن لديهم عذر فصدقوا قولهم، أما المنافقون فلم يعذّبوا أو يعاقبوا آنذاك وفرحوا بذلك وبتخلفهم، أما المؤمنون الثلاثة الذين صدقوا الله ورسوله فقد عوقبوا ومنع المسلمون من مخاطبتهم، وقوطعوا مقاطعة كاملة حتى تاب الله عليهم.

 

وبعد أن عرضت السورة هذين الفريقين جاء قوله سبحانه وتعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة:119].

 

نعم! كونوا مع الصادقين الذين اعترفوا بذنبهم والذين عاقبهم الله ورسوله ثم تاب عليهم، ولم يتب على المنافقين الذين كذبوا الله ورسوله. نعم! كونوا مع الصادقين، ولو أن الصدق أدى إلى عقوبة لمخالفة إيمانية.

 

نعم! هذه هي القاعدة الربانيّة الإيمانية، قاعدة الصدق مع الله في المشهد والغيب، قاعدة تشمل سائر قواعد النصر من الله.

 

نسوق هذه القواعد الإيمانية الربانية الرئيسة، لنذكُر بها أنفسنا جميعنا، فإنها بتكاملها مع سائر قواعد الإيمان والتوحيد، يُنزل الله نصره على عباده المؤمنين. إنه عهد وميثاق مع الله سبحانه وتعالى، وثَقة الله في كتابه العزيز بأن جعله عهد شراء:

﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة:111].

 

هذه هي طريق النصر للمسلمين، صراط مستقيم، وعهد وميثاق، ووفاء وصدق في السرّ والعلانية، فإن الله مطلع على ما في الصدور.

 

ونقف وقفة سريعة مع هذه الآية الكريمة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ﴾ [التوبة: 111]، ففيها ناحية متميزة من سائر الآيات المشابهة، حيث يذكر في تلك الآيات جميعها المال قبل النفس، وهنا فقط تذكر النفس قبل المال: "تؤمنون بالله ورسوله. وتجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسكم... "ذلك لأن الذي يبذل هو الإنسان، فهو يبذل أولاً ماله ثم نفسه. أما في الآية من سورة التوبة فإن الله سبحانه وتعالى هـو الذي يشتري من المؤمنين أنفسهم أولاً ثم أموالهم، كما يليق باسم الجلالة. وهي الآية الوحيدة التي جرى فيها السياق على هذا النحو.

 

نعرض هذه الكلمة الموجزة عن أسباب النصر وموجباته، ومنزلة هذه الأسباب في ميزان الإيمان والتوحيد، لنذكِّر أنفسنا جميعنا بهذه القضية، ونذكِّر الذين يعلون أصواتهم بالخطابة التي يسهل فيها تحويل الهزائم البيّنة إلى نصر. ولقد سبق أن وضعت على جبل قاسيون في دمشق كلمة "انتصرنا" بالأنوار الكهربائية بعد هزيمة مخزيـة مع إسرائيل أخذت إسرائيل بموجبها هضبة الجولان. ومواقف أخرى في حياتنا نحوّل الهزيمة المكشوفة إلى نصر كاذب.

 

نذكر أنفسنا بهذه القواعد والأسس لأننا بأمسِّ الحاجة إليها وإلى إِعادتها، وإلى تدريسها للأجيال الناشئة لينشؤوا عليها، وسائر أبناء الأمة، ليتذكروا عهدهم مع الله، عسى أن يستقيم الدرب أمامنا على نصر من عند الله مؤزّر، وتوبة إلى الله صادقة، ومحاسبة للنفس أمينة.

 

إذا نظرنا إلى واقع المسلمين اليوم، فإننا نجد عدداً كبيراً من الحركات الإسلامية أو الأحـزاب الإسلامية التي مضى عليها عشرات السنين أو مئات السنين، ونجد أن واقع المسلمين يزداد سوءاً وضعفاً ووهناً، وتمزُّقاً واختلافاً.

 

مما يذكرنا بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

فعن ثوبان قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها ". فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن! فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟! قال: "حبُّ الدنيا وكراهية الموت" [رواه أبو داود وابن عساكر في تاريخ دمشق وابن أبي الدنيا، والبزار، وأبو نعيم في الحلية، والألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته ].

 

حديث شريف صحيح يصف واقع المسلمين أدق وصف.

 

إن هذا الواقع الحالي للمسلمين فيه مخالفات صريحة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، مخالفات واضحة في واقع الأمة وفي واقع الدعاة. وأول هذه المخالفات الصريحة هي الحزبيّة وما ينشأ عنها من عصبيات جاهلية نهى عنها الإسلام. فالإسلام يقضي بأن المسلم أخو المسلم حيث ما كان المسلم. والحزبية تجعل المسلم أخاً للمسلم في نطاق الحزب، أما خارج الحزب فتنقطع رابطة الأخوة في كثير من الأحيان، وإن بقى لها أثر أحياناً فهي رابطة ضعيفة واهية، لا تحمل الخصائص الربانية التي أمر الله بها، بل قد تصبح معها رابطة الأرض والوطن أقوى من رابطة أخوة الإسلام!

 

لقد أصبح الولاء الأول عند بعض المسلمين للحزب أو الجماعة، أو الأرض أو العائلة أو غير ذلك من أشكال الفرقة والتمزّق، يدعون إليها باسم الإسلام وباسم الدعوة الإسلامية، بينما الإسلام يقضي أن يكون الولاء الأول هو لله وحده، والعهد الأول مع الله وحده، والحب الأكبر هو لله ورسوله. ومن هذا الولاء الأول والعهد الأول والحب الأكبر، حين تتحقّق كلها صادقة في حياة المسلمين، فعندئذ تنشأ الموالاة الصادقة بين المؤمنين، وتقوم أخوة الإيمان على أسس ثابتة، ويصدق العهد مع الله وتصدق العهود في الحياة الدنيا، كل ذلك ينشأ من جوهر الإيمان والتوحيد، وحقيقة الإسلام ورسالته، وصدق الولاء الأول والعهد الأول والحب الأكبر!

 

بعض المسلمين يقرؤون ما ورد في الكتاب والسنة عن أخوة الإسلام والإيمان وأهميتها في رسالة الله ودينه، ويرون أن هذه الأخوة غير محققة في الواقع! فلماذا لا ينهض المؤمنون الصادقون إلى الدعوة إلى هذه الأخوة والتذكير بها والمجاهدة في تحقيقها حتى تقـوم أمة الإسلام الواحدة صفّاً كالبنيان المرصوص:

 

فِتَنٌ تأجّجُ في الصُّدُورِ وفي الربى
لَهَباً! وكلٌّ في لظاها يَصْطلي
دَوّتْ شِعاراتٌ مُزَخرَفَة الهوى
سقطتْ وتاهت في طريق مُوْحِلِ
كلٌّ يقولُ أنا الذي ينجي الدِّيا
رَ بوَهمِهِ وَشِعاره المتَعَجِّلِ
كُلٌّ يقولُ أنا " الذي " فإذا " الذي"
ليسَ "الذي"! يا ويحَ من لم يَعدلِ
خَدرٌ يَسيلُ معَ الدِّماءِ ويغْتَلي
بِيْن العُروقِ وفي الفُؤادِ وَمفْصَلِ[1].

صورة من صور التمزّق يعيشها المسلمون في الأرض، تغلب عليها العصبية الجاهلية بأشكالها المختلفة.

 

لا يوجد في الإسلام، في دين الله كما أنزله الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وكما جاء في سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لا يوجد تطرُّف وتوسط ولكن يوجد دين حق متكامل جليّ لا يضل عنه إلا هالك.

 

وما جاء في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ... ﴾ [البقرة:143].

 

فكلمة "وسطاً" هنا تعني: "أمة خياراً"، ويعزز هذا المعنى أن الأمة الخيار هي التي تكون شهداء على الناس، ويكون الرسول شهيداً عليهم.

 

فالتطرف والتوسط وما شابه ذلك من مصطلحات يصور انحرافاً عن دين الله الذي يمثل الحقَّ والأفضل والخيار.

 

طريق النصـر جليٌّ واضح بيّن! هو الصراط المستقيم كما فصّله منهاج الله. إنه ليس بالأمانيّ والأحلام، إنه بالعزيمـة والبذل والجهاد على صراط مستقيم. فالأمة التي تريد النصر، والنصر من عند الله، تنهض لأمر الله طاعة وعبادة والتزاماً، عن إيمـان بالله واليوم الآخر، إيمان صادق تؤثر به الآخرة على الدنيا، وتسعى إلى الآخرة كما أمر الله وبيّن وفصّل، ولا تنسى نصِيبها من الدنيا لتكون قوة لها على درب الآخرة، ولا تطلب الدنيا للدنيا.

 

إن طريق النصر لا يمكن أن يكون عن طريق التنازلات عن قواعد في دين الله، ولا عن طريق الانحراف عن بعض قواعد دين الله، وإنما بالتمسك القوي والالتزام الجاد والبذل الصادق على نهج واضح وخطة جليّة:

﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف:43-44].

 

نعم! إنه ﴿ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾. إنه يوم الحساب والوقفة بين يدي الله لحساب يقوم على موازين قسط.

 

لقد أصبح العديد من المسلمين اليوم في أقطار شتى ينادون بالتحول الديمقراطي ويصارعون من أجله، وليس من أجل الإسلام، وعلا شعار الديمقراطية وغاب صوت الإسلام في كثير من الأحيان، وكثير من المواقع.

 

﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾  [ الأعراف:170].

 

وكذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف:3].

 

وآيات أخرى كثيرة تؤكد وجوب التمسك بما أنزل من عند الله، واتباعه دون غيره من الأولياء، وآيات أخرى تذكر بيوم الحساب بين يدي الله، الحساب الذي يقوم على أساس اتباع ما أنزل من عند الله.

 

للنصر طريق واحد رسمه الله سبحانه وتعالى وبيّنه، إنه اتباع ما أنزل الله والتمسك به وعدم التنازل أو الانحراف. إنه الصراط المستقيم، طريق النصر للمؤمنين، ولا سبيل سواه. وأما غير المسلمين فإنهم عند الله هم الظالمون. ويدور الصراع بين الظالمين على سنن لله ثابتة يولّي بها الله بعض الظالمين بعضاً على سنن ربانيّة ثابتة:

﴿ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾  [الأنعام:129].

 

ولْنسْتَمعْ إلى هذه الآيات الكريمة ولْنتدبّرْها:

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾  [الأنعام:130]

 

المصدر: عودة ودعوة



[1] من ملحمة الإسلام من فلسطين إلى لقاء المؤمنين - قصيدة : واقع المسلمين - صفحة 167 - للدكتور عدنان النحوي .





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عوامل النصر والهزيمة في ضوء القرآن الكريم
  • من السنن الإلهية في النصر والهزيمة
  • نظرات النصر
  • النصر أمانة
  • ترنم ما بعد الهزيمة
  • الهزيمة والقوة (قصة)
  • اصمد ولا تنهزم
  • شروط تحقيق النصر
  • النصر والهزيمة بين العوامل الذاتية والعوامل الغيبية
  • معايشة النصر والفرج قبل وقوعه منهج نبوي (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أخلاقنا بين النصر والهزيمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)
  • المؤاخاة في العهد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة أعلام النصر المبين في المفاضلة بين أهلي صفين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • النصر بين استعجال البشر وتأخير القدر ( ملف صوتي )(محاضرة - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)
  • النصر بين استعجال البشر وتأخير القدر(مادة مرئية - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب