• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

المصدر: أُلقيت بتاريخ: 4/2/1430هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/2/2009 ميلادي - 5/2/1430 هجري

الزيارات: 13753

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة

الخطبة الأولى


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأنَّ محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].


أَمَّا بعد:
فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ؛ ﴿ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
هَلِ انتَهَتِ الحَربُ بِانسِحَابِ الصَّهَايِنَةِ مِن غَزَّةَ؟ وَهَل آنَ لِلمُجَاهِدِينَ أَن يُلقُوا السِّلاحَ وَيُخلِدُوا إِلى الأَرضِ وَيَجنَحُوا لِلسَّلمِ؟

أَمَّا الحَربُ فَمَا انطَفَأَت وَلا هَدَأَت، وَمَا انتَهَت وَلَن تَنتَهِيَ مَعَ عَدُوٍّ هُوَ الأَلَدُّ في تَارِيخِ العَدَاءِ لِلمُسلِمِينَ، وَأَمَّا إِلقَاءُ السِّلاحِ، وَالإِخلادُ إِلى الأَرضِ، وَتَركُ الإِعدَادِ، وَالتَّقصِيرُ في الاستِعدَادِ، فَمَا هُوَ مِن شَأنِ مَن يُرِيدُ لِنَفسِهِ القُوَّةَ وَالعِزَّةَ، وَلا هُوَ بِحَالِ مَن يَطلُبُ لِجَانِبِهِ المَنْعَةَ وَالهَيبَةَ، وَإِنَّ مَن يَظُنُّ أَنَّ الحَربَ بَينَ المُسلِمِينَ وَأَعدَائِهِم قَدِ انحَصَرَت أَو سَتَنحَصِرُ في أَسَابِيعَ أَو أَشهُرٍ أَو سَنَوَاتٍ، فَهُوَ مُخطِئٌ طَرِيقَ الصَّوَابِ، جَاهِلٌ بِحَقِيقَةِ المَعرَكَةِ؛ إِذْ مَا زَالَتِ المَعرَكَةُ مَشبُوبَةً بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ مُنذُ أَن وُجِدَ الإِنسَانُ عَلَى الأَرضِ، وَمَا زَالَ الصِّرَاعُ قَائِمًا بَينَ قُوَى الإِيمَانِ وَقُوَى الطُّغيَانِ، مُنذُ أَن خَلَقَ اللهُ الإِنسَانَ، وَلَن يَزَالَ الأَمرُ على ذَلِكَ مَا بَقِيَ عَلَى الأَرضِ مُسلِمُونَ وَكُفَّارٌ، وَسَتَبقَى سُنَّةُ المُدَافَعَةِ بَينَ الخَيرِ وَالشَّرِّ مَا بَقِيَ حِزبُ اللهِ المُفلِحُونَ وَحِزبُ الشَّيطَانِ الخَاسِرَونَ؛ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَولاَ دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضلٍ عَلَى العَالمِينَ ﴾ [البقرة: 251]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَولا دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ [الحج: 40-41]، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَو يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنهُم وَلَكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمَالَهُم ﴾ [محمد: 4].


وَإِنَّ مَن يَظُن أَنَّ البَاطِلَ سَيَترُكُ الحَقَّ، يَحْيَ في دَعَةٍ وَرَاحَةٍ، أَو أَنَّ الشَّرَّ سَيَرضَى لِلخَيرِ العَيشَ بِهُدُوءٍ وَاستِقرَارٍ، فَهُوَ إِنَّمَا يَعِيشُ في أَوهَامٍ وَخَيَالٍ وَأَحلامٍ، فَمَا زَالَت قُوَى الشَّرِّ وَالضَّلالِ تَعمَلُ عَلَى إِطفَاءِ نُورِ اللهِ في هَذِهِ الأَرضِ، وَالشَّرُّ جَامِحٌ وَالبَاطِلُ مُسَلَّحٌ، وَهُوَ يَبطِشُ بِعِبَادِ اللهِ غَيرَ مُتَحَرِّجٍ وَلا مُتَوَرِّعٍ، وَيَضرِبُ قُوَاهُم غَيرَ عَابِئٍ وَلا مُهتَمٍّ؛ وَيَملِكُ مِنَ القُوَّةِ مَا يَفتِنُ بِهِ النَّاسَ عَنِ الخَيرِ وَلَوِ اهتَدَوا إِلَيهِ، وَلَدَيهِ مِنَ السِّلاحِ مَا يَعمَلُ بِهِ عَلَى صَدِّهِم عَنِ الحَقِّ وَإِن تَفَتَّحَت قُلُوبُهُم لَهُ.


وَإِنَّ قُوَّةَ الإِيمَانِ في النُّفُوسِ، وَعُمْقَ الخَيرِ في القُلُوبِ - لا يَكفِيَانِ وَحدَهُمَا لِتَثبِيتِ مَن آمَنَ عَلَى إِيمَانِهِ، وَلا لِبَقَاءِ مَن تَغَلغَلَتِ الفِطرَةُ في قَلبِهِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيهِ، فَالقُوَّةُ المَادِّيَّةُ الَّتي يَملِكُهَا البَاطِلُ وَيَعمَلُ عَلَى تَطوِيرِهَا، قَد تُزَلزِلُ القُلُوبَ وَتَفتِنُ النُّفُوسَ وَتُزِيغُ الفِطَرَ، وَلِلصَّبرِ حَدٌّ، وَلِلاحتِمَالِ أَمَدٌ، وَلِلطَّاقَةِ البَشَرِيَّةِ مَدًى تَنتَهِي إِلَيهِ، وَمِن ثَمَّ فَلا بُدَّ لِلإِيمَانِ مِن دِرعٍ يَقِيهِ وَلِلخَيرِ مِن قُوَّةٍ تَحمِيهِ، لا بُدَّ لِلقُلُوبِ مِن حَارِسٍ لها عَنِ الزَّيغِ وَالفِتنَةِ، وَلا بُدَّ لِلحَقِّ مِن سَيَاجٍ يَمنَعُهُ البَلاءَ وَالمِحنَةَ، وَلا سَبِيلَ لِذَلِكَ إِلاَّ الجِهَادُ وَالإِعدَادُ وَالعَمَلُ وَالتَّهيِئَةُ، اللَّهُمَّ إِلاَّ إِن أَرَادَتِ الأُمَّةُ لِنَفسِهَا الذُّلَّ وَالمَهَانَةَ، وَرَضِيَت أَن تَعِيشَ عَلَى هَامِشِ التَّارِيخِ تَابِعَةً لا مَتبُوعَةً، وَآثَرَت أَن تَظَلَّ مُتَأَثِّرَةً لا مُؤَثِّرَةً، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((إِذَا تَبَايَعتُم بِالعِينَةِ، وَأَخَذتُم أَذنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُم بِالزَّرعِ، وَتَرَكتُمُ الجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيكُم ذُلاًّ لا يَنزِعُهُ حَتَّى تَرجِعُوا إِلى دِينِكُم)).


وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ المَعرَكَةَ مُستَمِرَّةٌ وَلَن تَتَوَقَّفَ، وَالجِهَادَ في سَبِيلِ اللهِ مَاضٍ إِلى أَن تَقُومَ السَّاعَةُ، يَقُومُ بِهِ كُلُّ مُؤمِنٍ وَيَتَمَنَّاهُ كُلُّ مُخلِصٍ، وَلا يَسعَى في إِزَالَتِهِ وَإِسقَاطِهِ إِلاَّ كُلُّ مُنَافِقٍ؛ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((مَن مَاتَ وَلم يَغزُ وَلم يُحَدِّثْ نَفسَهُ بِغَزوٍ، مَاتَ عَلى شُعبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ))؛ وَإِنَّهُ مَهمَا حَاوَلَ مَن جَنَحُوا لِلضَّعفِ وَاستَمرَؤُوا الخَوَرَ أَن يَجمَعُوا بَينَ المُتَنَاقِضَاتِ وَيُقَرِّبُوا المُتَبَاعِدَاتِ، مَهمَا رَكَنُوا إِلى الدُّنيَا، وَرَضُوا بِحَيَاةِ الذُّلِّ وَالاستِعبَادِ، وَصَدَّقُوا مُؤَامَرَاتِ الاستِسلامِ وَصَادَمُوا سُنَنَ اللهِ في الكَونِ، فَلَن يَصِلُوا يَومًا إِلى مَا يُرِيدُونَ، وَلَن يَتَحَقَّقَ لهم مَا يَظُنُّونَ، وَلَن يَنَالُوا مَا يَتَمَنَّونَ وَلا مَا يَرجُونَ، وَسَيَظَلُّ المُؤمِنُونَ هُمُ المُؤمِنِينَ، شَامِخِينَ بِإِيمَانِهِم، عَالِينَ بِعِبَادَتِهِم رَبَّهُم، أَعِزَّةً بِتَمَسُّكِهِم بِعَقِيدَتِهِم، مَنصُورِينَ بِاتِّبَاعِهِمُ الحَقَّ، وَسَيَظَلُّ الكُفَّارُ هُمُ الكُفَّارَ، يَهُودًا كَانُوا أَو نَصَارَى أَو مُلحِدِينَ، مُرتَكِسِينَ في شِركِهِم، مُنغَمِسِينَ في أَوحَالِ كُفرِهِم، أَذِلَّةً بِمُحَادَّتِهِم رَبَّهُم، مَكبُوتِينَ بِمُصَادَمَتِهِم فِطرَتَهُ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ في الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].


وَإِنَّ الحَقَّ لا يَجُوزُ أَن يَتَوَقَّفَ يَومًا مَا أَو يَضعُفَ أَو يَركَنَ إِلى الكَسَلِ وَالخُمُولِ، ظَانًّا أَنَّ البَاطِلَ سَيَترُكُهُ وَيَغفَلُ عَنهُ سَاعَةً، بَل لا بُدَّ لَهُ مَن أَن يَنطَلِقَ في طَرِيقِهِ الَّذِي ارتَضَاهُ اللهُ لَهُ لِتَحرِيرِ البَشَرِ مِن عُبُودِيَّةِ العِبَادِ إِلى عُبُودِيَّةِ اللهِ وَحدَهُ، وَهُوَ في هَذَا الطَّرِيقِ لَن يُترَكَ وَلَن يُغفَلَ عَنهُ، بَل لا بُدَّ أَن يَقِفَ لَهُ البَاطِلُ بِالمِرصَادِ وَيَقطَعَ عَلَيهِ الطَّرِيقَ وَيُؤذِيَهِ، مُحاوِلاً صَدَّهُ عَمَّا يُرِيدُ وَثَنيَ عَزمِهِ عَمَّا يَأمَل، فَإِنْ هُوَ استَسلَمَ وَضَعُفَ وَانثَنى وَاستَكَانَ، فَإِنَّهُ بِهَذَا يَترُكُ الطَّرِيقَ لِلبَاطِلِ لِيَعِيثَ في الأَرضِ فَسَادًا، وَيَنشُرَ في النَّاسِ كُفرًا وَإِلحَادًا، وَيُذِلَّ كَرَامَةَ الإِنسَانِ وَيُسقِطَ حُقُوقَهُ.


أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاعلَمُوا أَنَّ سُنَّةَ اللهِ في المُدَافَعَةِ قَائِمَةٌ، وَأَنَّ الجِهَادَ مَاضٍ إِلى يَومِ القِيَامَةِ، وَأَنَّ جَمِيعَ مُعَسكَرَاتِ الجَاهِلِيَّةِ مَهمَا اختَلَفَت دِيَانَاتُهَا وَتَنَوَّعَت عَقَائِدُهَا، إِلحَادِيَّةً كَانَت أَو نَصرَانِيَّةً أَو يَهُودِيَّةً، سَتَظَلُّ مُعَادِيَةً لِلإِسلامِ مُنَاوِئَةً لِلمُسلِمِينَ، حَتى وَلَو تَخَلَّوْا عَن حَقِيقَةِ الإِسلامِ، وَلم يَبقَ لهم مِنهُ إِلاَّ الاسمُ وَالعُنوَانُ؛ قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّىَ يَرُدُّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدُّونَكُم مِن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّارًا حَسَدًا مِن عِندِ أَنفُسِهِم مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم ﴾ [البقرة: 120].


إِنَّ عَلَى المُسلِمِينَ أَن يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ دَائِمٍ مِن أَعدَائِهِم، وَأَن يُعِدُّوا العُدَّةَ لِمُوَاجَهَتِهِم، وَأَن يَعمَلُوا عَلَى جَمِيعِ الصُّعْدانِ لِكَفِّ بَأسِهِم، فَذَلِكَ هُوَ أَمرُ اللهِ لَهُم حَيثُ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرِينَ مِن دُونِهِم لاَ تَعلَمُونَهُمُ اللهُ يَعلَمُهُم وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيءٍ في سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لاَ تُظلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

 

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى؛ ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
إِنَّ سُنَنَ اللهِ لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ، وَإِنَّهُ - جَلَّ وَعَلا - مَعَ قُدرَتِهِ عَلَى الدِّفَاعِ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وَإِظهَارِ الحَقِّ وَنَصرِ أَهلِهِ دُونَ قِتَالٍ وَلا جِهَادٍ، إِلاَّ أَنَّ مِن حِكمَتِهِ أَنْ جَعَلَ دِفَاعَهُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا لا يَتِمُّ إِلاَّ عَن طَرِيقِهِم هُم أَنفُسِهِم؛ لِكَي يَتِمَّ نُضجُهُم في أَثنَاءِ المَعَارِكِ وَالحُرُوبِ، وَلِكَي تَستَيقِظَ كُلُّ طَاقَاتِهِمُ الكَامِنَةِ حِينَ يُوَاجِهُونَ الخَطَرَ، وَلِكَي يَستَجمِعُوا كُلَّ قُوَاهُم لِتُوَاجِهَ القُوَّةَ المُهَاجِمَةَ، تِلكَ القُوَّةُ الأَثِيمَةُ اللَّئِيمَةُ الغَادِرَةُ، الَّتي ثَبَتَ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ نَقضُهَا لِلعُهُودِ وَخِيَانَتُهَا لِلمَوَاثِيقِ، وَأَنَّهَا لا تُطِيقُ أَن تَرَى الإِسلامَ حَيًّا قَائِمًا، مُنَاقِضًا في أَصلِ وُجُودِهِ أَصلَ وُجُودِهَا، مُخَالِفًا لها مُخَالَفَةً جَذرِيَّةً أَصِيلَةً في الصَّغِيرَةِ وَالكَبِيرَةِ، مُهَدِّدًا بَقَاءَهَا بما في طَبِيعَتِهِ مِن مَحَبَّةٍ لإِعلانِ الحَقِّ وَرَغبَةٍ في دَحرِ البَاطِلِ، وَعَمَلٍ عَلَى تَحطِيمِ الطَّاغُوتِ، وَرَدِّ النَّاسِ جَمِيعًا إِلى عِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ.


وَإِنَّ في قِيَامِ الجِهَادِ وَالقِتَالِ مِنَ المَصَالِحِ لِلمُسلِمِينَ مَا لا يَخفَى عَلَى مَن قَرَأَ وَفَقِهَ قَولَهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفسَكَ وَحَرِّضِ المُؤمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً ﴾ [النساء: 84]، وَقَولَهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرهٌ لَكُم وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لاَ تَعلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، وَقَولَهُ - تَعَالى -: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ في سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشرُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ في سَبِيلِ اللهِ فَيُقتَلْ أَو يَغلِبْ فَسَوفَ نُؤتِيهِ أَجرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 74]، وَقَولَهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قَاتِلُوهُم يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيدِيكُم وَيُخزِهِمْ وَيَنصُرْكُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدُورَ قَومٍ مُؤمِنِينَ * وَيُذهِبْ غَيظَ قُلُوبِهِم ﴾ [التوبة: 14-15]، وَقَولَهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَومِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29].


بَلْ إِنَّهُ لَولا استِمرَارُ القِتَالِ وَدَوَامُ الجِهَادِ، لَحَصَلَت عَلَى النَّاسِ الفِتنَةُ وَلَصُدُّوا عَن دِينِهِم؛ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلاَ عُدوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 193].


وَإِنَّه لم يَخلُ زَمَانٌ وَلا مَكَانٌ مِن قُوَّةٍ ظَالِمَةٍ وَدَولَةٍ غَاشِمَةٍ، تَصُدُّ النَّاسَ عَنِ الدِّينِ وَتَحُولُ بَينَهُم وَبَينَ الحَقِّ المُبِينِ، وَالمُسلِمُونَ مُكَلَّفُونَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَن يُحَطِّمُوا هَذِهِ القُوَّةَ وَيُسقِطُوا تِلكَ الدَّولَةَ؛ لِيَضمَنُوا لِلنَّاسِ الحُرِّيَّةَ الحَقِيقِيَّةَ، الَّتي تُمَكِّنُهُم مِن أَن يَستَمِعُوا لِلحَقِّ وَيَختَارُوا طَرِيقَ الهُدَى، وَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَفتِنُونَ النَّاسَ عَن دِينِهِمُ الحَق، إِنَّهُم لَيَحرِمُونَ البَشَرِيَّةَ أَكبَرَ عُنصُرٍ لِلخَيرِ؛ إِذْ يَحُولُونَ بَينَهَا وَبَينَ تَوحِيدِ اللهِ وَعِبَادَتِهِ، وَيَحرِمُونَهَا التَّمَتُّعَ بِشَرِيعَتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَتِلكَ أَعظَمُ فِتنَةٍ عَلَى وَجهِ الأَرضِ؛ ﴿ وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مِنَ القَتلِ ﴾ [البقرة: 217].

وَمِن ثَمَّ كَانَ لا بُدَّ مِن جِهَادٍ وَقِتَالٍ، فَإِذَا انتَهَى أُولَئِكَ الظَّالِمُونَ عن ظُلمِهِم، وَكَفُّوا عَنِ الحَيلُولَةِ بَينَ النَّاسِ وَبَينَ رَبِّهِم، فَلا عُدوَانَ حَينَئِذٍ عَلَيهِم؛ لأَنَّ الجِهَادَ إِنَّمَا يُوَجَّهُ لِرَفعِ الظُّلمِ وَدَحرِ الظَّالِمِينَ؛ ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 62]، ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحوِيلاً ﴾ [فاطر: 43].




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عوامل الثبات في فتنة القتل
  • رحى الحرب لا تزال دائرة
  • الموقف مع شدة الباطل
  • جريمة القتل بين العصبيات الجاهلية وتنافس الدنيا
  • المخرج من الفتن

مختارات من الشبكة

  • وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقف الصحابة رضي الله عنهم من قتال الفتنة (WORD)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الحذر من القتال بين المسلمين في وقت الفتنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حكم القتال في الحرم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ضوابط في معاملة أولياء الأمور لا سيما في الفتن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب