• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

القول السلفي في الفرق بين الرسول والنبي

القول السلفي في الفرق بين الرسول والنبي
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/12/2012 ميلادي - 18/1/1434 هجري

الزيارات: 168799

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القول السلفي في الفرق بين الرسول والنبي


المقدمة:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

وبعد:

فالإيمان بالأنبياء والرسل أحدُ أصول الإيمان، قال - تعالى -: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136].

 

وقال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].

 

ومن كفر بالرسل وهو يزعم أنه مؤمن فإن إيمانَه لا يصح، بل هو في حقيقة الأمر كافرٌ؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].

 

والإيمان بالرسل ينبغي أن يعمَّ جميع الرسل، ومن كفر برسول واحد فهو في عداد الكافرين بجميع الرسل؛ لأن الكل مرسَل من عند الله؛ قال - تعالى -: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 105]، ومعلوم أن نوحًا كان أولَ رسول، ومع ذلك فإن الله - تعالى - وصفهم بتكذيبِهم جميع الرسل[1].

 

وسوف أقسم هذا البحث - إن شاء الله تعالى - إلى:

1- معنى النبوة والرسالة لغًة وشرعًا.

2- الفرق بين النبي والرسول.

3- نبوة الأنبياء، هل هي واجبة أم ممكنة؟

4- أقوال أهل العلم في الفرْق بين الرسول والنبي.

5- نبوة الأنبياء ورسالة الرسل، بم تحصل؟ وكيف يُعرف صدقهم؟ وما الفرق بين النبي والرسول، وبين عامة الناس، أو من يدعي أنه نبي أو رسول أو من يأتي بالأخبار الغيبية أو يجري على يديه شيءٌ من الخوارق؟

6- الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - بشَر يجوز في حقهم ما يجوز في حق البشر مما هو من الجبلَّة والطبيعة.

7- الرسول والنبي لهم شروط أو أوصاف عامة جاءت في القرآن والسنة.

8- نبوة النساء.

 

تعريف النبوة والرسالة لغة وشرعًا:

أولاً: لغةً:

1- النبوة:

النبوة في اللغة: مشتقة من النبأ بمعنى الخبر.

 

قال الله - تعالى -: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحجر: 49]، وقال - تعالى -: ﴿ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ﴾[التحريم: 3].

 

وجاء في "لسان العرب":

النبأ: الخبر، والنبيء: المخبرُ عن الله - عز وجل - لأنه أنبأ عنه، وهو فعيل بمعنى فاعل.

 

قال ابن بري[2]: صوابه أن يقول: فعيل بمعنى مُفعِل، مثل نذير بمعنى مُنذر، وأليم بمعنى مؤلِم.

 

وقال الفراء[3]: النبي: هو من أنبأ عن الله، فتُرِك هَمزُه.

 

قال: وإن أُخذ من النبوة والنباوة، وهي الارتفاع عن الأرض - أي: إنه شُرِّفَ على سائر الخَلق - فأصله غيرُ الهمز"[4].

 

وعلى ذلك فالنبوة في الأصل مشتقةٌ من النبأ، وأصلها الهمزُ، لكن لَمَّا كثُر استعمالها خفِّف بإسقاط الهمز، أما اشتقاقه من النبوة والنباوة فهو ضعيف من ناحية اللغة.

 

قال ابن تيمية:

"وهو - أي: لفظ النبي - من النبأ، وأصله: الهمزة، وقد قُرِئ به، وهي قراءة نافع يقرأ: "النَّبِيء"، لكن لما كثر استعمالُه لُيِّنت همزتُه، كما فُعل مثلُ ذلك في الذرية، وفي البرية، وقد قيل: هو من النبوة، وهي العلو، فمعنى النبي: المُعلَى الرفيع المنزلة، والتحقيق أن هذا المعنى داخلٌ في الأول، فمَن أنبأه اللهُ وجعله منبئًا عنه، فلا يكون إلا رفيعَ القدر علِيًّا، وأما لفظ العلو والرفعة فلا يدل على خصوص النبوة؛ إذ كان هذا يوصف به مَن ليس بنبي، بل يوصف بأنه الأعلى؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾ [آل عمران: 139].

 

وقراءة الهمزة قاطعةٌ بأنه مهموز، وأيضًا فإن تصريفه أنبأ ونبَّأ يُنْبِئ ويُنَبِّئ بالهمزة، ولم يُستعمل فيه نَبَا ينْبُو، وإنما يقال: هذا ينبو عنه، والماء ينبو عن القدم إذا كان يجفو عنها، ويقال: النَّبْوة، وفي فلان نبوةٌ عنَّا؛ أي: مجانَبة، فيجب القطعُ بأن النبيَّ مأخوذ من الإنباءِ لا من النَّبوة"[5].

 

ولهذا نقول: إن كلمة "نبي" جاءت في القرآن "في القراءات" على وجهين؛ يعني على قراءتين متواترتين:

الأولى: "النبيِّ" بالياء.

والثانية: "النَّبِيء"، "يا أيُّها النَّبِيءُ".

 

والفرق ما بين "النبي" و"النبيء": أن النبيءَ هو مِن "نُبِّئَ".

 

وكلا الأمرين حاصلٌ في النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي كل نبي، فهو مرتفع؛ ولأجل ذلك فهو نبي، وهو منبَّأ؛ ولأجل ذلك فهو نبِيءٌ، ولهذا نقول: إن كلمة "نبي" صارت من الرفعة؛ لأجل أنه نبيء؛ يعني أنه نبِّئ فصار في نبوةٍ وارتفاع عن غيره من الناس.

 

2- الرسالة:

الرسول في اللغة: مأخوذ من الإرسال، بمعنى التوجيه، أو من الرَّسل بمعنى التتابع؛ أخذًا من قولهم: رَسَل اللبن إذا تتابع دَرُّه.

 

وجاء في لسان العرب:

(والإرسال: التوجيه، وقد أرسل إليه، والاسم: الرِّسالة، والرَّسالة، والرسول، والرسول بمعنى الرسالة يؤنَّث ويذكَّر، والرسول: الرسالة والمرسَل، والرسول معناه في اللغة: هو الذي يتابع أخبار من بعثه، أخذًا من قولهم: جاءت الإبل رسلاً؛ أي: متتابعة، وسمي الرسول رسولاً؛ لأنه ذو رسول؛ أي: ذو رسالة، والرسول: اسم من أرسلت، وكذلك الرسالة[6].

 

وعلى ذلك فالرسول في اللغة إما أن يكون مأخوذًا من الإرسال بمعنى التوجيه، وهو ظاهر من حيث المعنى، وإما أن يكون مأخوذًا من التتابع، فيكون الرسول هو من تتابَع عليه الوحي[7]، [8].

 

ثانيًا: شرعًا:

أما التعريف الاصطلاحي للنبي والرسول فهذا مما اختلف فيه أهلُ العلم كثيرًا، والمذاهب فيه متنوعة:

1- المذهب الأول:

قول من قال: إنه لا فرق بين الرسول والنبي؛ فكل نبيٍّ رسولٌ، وكل رسولٍ نبيٌّ.

 

2- المذهب الثاني:

أن النبي والرسول بينهما فرق، وهو أن النبيَّ أدنى مرتبةً من الرسول؛ فكل رسولٍ نبيٌّ، وليس كلُّ نبي رسولاً.

 

3- المذهب الثالث:

أن النبي أرفعُ من الرسول، وهو قول غلاة الصوفية، وأن الرسول دون النبي[9].

 

المذهب الأول: قال به طائفةٌ قليلة من أهل العلم من المتقدمين ومن المتأخرين، ومنهم من يُنسب إلى السنة.

 

والمذهب الثاني: وهو أنه ثمة فرق بين النبي والرسول، وأن كل رسول نبيٌّ، وليس كل نبي رسولاً؛ هذا قول جمهور أهل العلم وعامة أهل السنَّة؛ وذلك لأدلة كثيرة استدلوا بها على هذا الأصل، مبسوطة في مواضعها، ونختصر لكم بعضها:

الدليل الأول:

قوله - عز وجل - في سورة الحج: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ﴾ [الحج: 52].

 

قال - سبحانه - هنا: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ﴾ [الحج: 52]، وجه الاستدلال أنه عَطف بالواو فقال: ﴿ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ﴾، والعطف بالواو يقتضي المغايرة؛ مغايرة الذات أو مغايرة الصفات، وهنا المقصود منه: أن الصفة التي صار بها رسولاً غيرُ النعت الذي صار به نبيًّا، وهو المقصود مع تحقُّق أن الجميعَ وقع عليهم الإرسالُ.

 

الدليل الثاني:

أن النبوة ثبتت لآدم - عليه السلام - فآدمُ كما صح في الحديث ((نبيٌّ مكلَّمٌ))[10]، وأن هناك أنبياءَ جاؤوا بعد آدم - عليه السلام - كإدريس وشيث وكغيرهما.

 

وإدريس ذكره الله - عز وجل - في القرآن، والرُّسل: أولهم نوح - عليه السلام.

 

وجعل الله - عز وجل - أولي العزم من الرسل خمسة، وجعل أولهم نوحًا - عليه السلام.

 

فهذا يدل على أن آدم - عليه السلام - لم يحصُل له وصف الرسالة، بل جاء في الحديث قولُه - صلى الله عليه وسلم -: ((آدمُ نبيٌّ مكلَّمٌ))، ووُصِف نوحٌ بأنه رسول، ووصف إدريس بأنه نبي، فدل هذا على التفريق بين المقامين.

 

الدليل الثالث:

الذي أورده أصحاب هذا القول ما جاء في حديث أبي ذر من التفريق بين عدد الأنبياء وعدد المرسلين، فجعل عدد الأنبياء أكثر من مائة ألف؛ مائة وأربعة وعشرين ألفًا أو نحو ذلك، وجعل عدد الرسل أكثر من الثلاثة مائة بقليل؛ بضعة عشرة وثلاثمائة رسول.

 

والله - عز وجل - قص علينا خبر بعض الرسل، وحجب عنا قصص البعض الآخر؛ فقال - عز وجل -: ﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ [النساء: 164]، وهذا الحديث - حديث أبي ذر - حسَّنه بعض أهل العلم، وإن كان إسناده - عند التحقيق - فيه ضعْفٌ؛ لكن فيه جمل صحيحة، وهو حديث طويل، رواه ابن حبان غيره[11].

 

وثَم أدلة أخرى في هذا المقام، قد لا تكون دالة بوضوح على المراد[12].

 

أقوال أهل العلم في الفرق بين النبي والرسول:

1- قال البيضاوي: "الرسول: مَن بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها، والنبي يعمُّه ومن بعثه لتقرير شرع سابق؛ كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى - عليهم السلام؛ ولذلك شبَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علماءَ أمته بهم؛ فالنبي أعمُّ من الرسول... وقيل: الرسول مَن جمع إلى المعجزة كتابًا منزلاً عليه، والنبي غير الرسول، مَن لا كتاب له، وقيل: الرسول من يأتيه الملَكُ بالوحي، والنبي: يقال له ولِمَن يوحَى إليه في المنام"[13].

 

2- قال القرطبي: "الرسول والنبي اسمان لمعنيَيْن؛ فإن الرسول أخصُّ من النبي، وقدِّم الرسول اهتمامًا بمعنى الرسالة، وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم؛ ولذلك ردَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على البراء حين قال: "وبرسولك الذي أرسلت" فقال له: ((قل: آمنتُ بنبيك الذي أرسلت))؛ خرجه في الصحيح[14]، وأيضًا فإن في قوله: "برسولك الذي أرسلت" تكريرَ الرسالة، وهو معنى واحد، فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه، بخلاف قوله: ((ونبيك الذي أرسلت))، فإنهما لا تكرار فيهما، وعلى هذا فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً؛ لأن الرسولَ والنبي قد اشتركا في أمر عام هو النبأ، وافترقا في أمر خاص وهي الرسالة، فإذا قلت: محمد رسول من عند الله؛ تضمن ذلك أنه نبي ورسول الله، وكذلك غيره من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم"[15].

 

3- قال النسفي: "والفرق بينهما أن الرسولَ مَن جمع إلى المعجزة الكتابَ المنزل عليه، والنبي من لم يُنزل عليه كتابٌ، وإنما أُمر أن يدعو إلى شريعة مَن قبله، وقيل: الرسول: واضع شرع، والنبي: حافظُ شرع غيره"[16].

 

4- قال الشوكاني: "قيل: الرسول الذي أُرسل إلى الخَلق، بإرسال جبريل إليه عِيانًا، ومحاورته شفاهًا، والنبي الذي يكون إلهامًا أو منامًا.

 

وقيل: الرسول مَن بعث بشرع، وأُمر بتبليغه، والنبي من أُمر أن يدعو إلى شريعة من قبله، ولم يُنزل عليه كتابٌ، ولا بد لهما جميعًا من المعجزة الظاهرة"[17].

 

ولكن هذا التفريق كذلك مدفوعٌ بقوله - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ﴾ [غافر: 34]، فيوسف - عليه السلام - نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل، لم يأتِ بشرع جديد، ومع ذلك فهو رسول بنص هذه الآية.

 

وعليه فإن التفريق المختار: أن الرسول هو من بُعث إلى قوم مخالفين فدعاهم إلى دين الله، سواءٌ دعاهم بشرع جديد أو بشرع مَن قبله، والنبي: هو من بُعث إلى قوم موافقين فأقام فيهم دين الله.

 

5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "النبي: هو الذي يُنبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه؛ فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله، ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالته؛ فهو نبي وليس برسول، قال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]... فذكر إرسالاً يعم النوعين، وقد خص أحدهما بأنه رسول، فإن هذا هو الرسول المطلق، الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف اللهَ؛ كنوح، وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بُعث إلى أهل الأرض، وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس، وقبلهما آدم كان نبيًّا مكلَّمًا"[18].

 

فيوسف أُرسل إلى أقوام مخالفين مشركين، فبلَّغهم دين الله بشريعة من قبله.

 

إذا تبين لك ذلك، وأن الصحيح هو قول الجمهور، وهو أن ثمة فرقًا بين النبي والرسول، فما تعريف النبي وما تعريف الرسول في الاصطلاح؟


قلنا: إن النبي يقع عليه الإرسال؛ ولكن لا يسمى رسولاً عند الإطلاق.

 

والله - عز وجل - جعل ملائكة مرسلين، وإذا قلنا: الرسول فلا ينصرف بالإطلاق على المبلِّغ للوحي جبريل - عليه السلام.

 

والله - عز وجل - أرسل الريح، وأرسل المطر، وأرسل أشياء من العذاب، ولا يقع عند الإطلاق أن يقال: هذه مرسَلة، أو هذه رسالةُ الله، أو هذه الأشياء رسولٌ؛ من إطلاق المفرد وإرادة الجمع به.

 

ولهذا نقول: قد يقال عن هذه الأشياء كما جاء في القرآن، قد يقال عنها: إنها مرسلة، ﴿ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: 1]، ولكن إذا أُطلق لفظ الرسول فلا ينصرف إلى من أُرسل من الملائكة، وإنما ينصرف إلى من أُرسل من البشر.

 

وهذا يدل على أن الفرق قائمٌ بين النبي بين الرسول، وأن النبي إرسالُه خاص، وأن الرسول إرساله مطلَق.

 

فلهذا نقول دلت آية سورة الحج: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ﴾ [الحج: 52] على أن كلاًّ من النبي والرسول يقعُ عليه إرسال.

 

فما الفرق بينهما من جهة التعريف؟

الجواب: أن العلماء اختلفوا على أقوال كثيرة في تعريف هذا وهذا، ولكن الاختصار في ذلك مطلوب، وهو أن تعريف النبي - وهي مسألة اجتهادية -: هو من أوحى الله إليه بشرع لنفسه، أو أمَره بالتبليغ إلى قوم موافقين؛ يعني موافقين له في التوحيد.

 

والرسول: هو من أوحى اللهُ إليه بشرع، وأمر بتبليغه إلى قوم مخالفين.

 

وتلحظ أن هذا التعريف للنبي وللرسول أنه لا مدخل لإيتاء الكتاب في وصف النبوة والرسالة؛ فقد يعطى النبي كتابًا، وقد يعطى الرسولُ كتابًا، وقد يكون الرسول ليس له كتاب وإنما له صحف؛ كما قال - تعالى -: ﴿ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ [الأعلى: 19]، وقد يكون له كتاب.

 

فإذًا من جعل الفيصل أو الفرق بين النبي والرسول هو إيتاء الكتاب، أي وحيًا جاءه بكتاب منزل من عند الله - عز وجل - فهذا ليس بجيد، بل يقال كما ذكرت لك في التعريف أن المدار على[19]:

• أن النبي موحًى إليه، والرسول موحى إليه.

 

• أن النبي يوحى إليه بشرع أو بفصل في قضية؛ شرع يشمل أشياء كثيرة، وكذلك الرسول يوحى إليه بشرع.

 

• أن النبي يوحى إليه؛ لإبلاغه إلى قوم موافقين، أو ليعمل به في خاصة نفسه، كما جاء في الحديث: ((ويأتي النبي وليس معه أحد))[20]، الرسول يُبعث إلى قوم مخالفين له.

 

ولهذا جاء في الحديث أن ((العلماء ورثة الأنبياء))[21]، ولم يجعلهم ورثة الرسل، وإنما قال: ((وإن العلماء ورثة الأنبياء))؛ وذلك لأن العالِم في قومه يقوم مقام النبي في إيضاح الشريعة التي معه، فيكون إذًا في إيضاح الشريعة ثَم شبَهٌ بين العالِم والنبي، ولكن النبي يوحى إليه فتكون أحكامه صوابًا؛ لأنها من عند الله - عز وجل - والعالم يوضِّح الشريعة، ويعرِض لحُكمه الغلطُ.

 

يتعلق بهذه المسألة بحث، وهو أن الرسول قد يكون متابعًا لشريعة من قبله، كما أن النبي يكون متابعًا لشريعة من قبله.

 

فإذًا الفرق بين النبي والرسول في اتباع الشريعة - شريعة مَن قبله - أن النبي يكون متابعًا لشريعة من قبله، والرسول قد يكون متابعًا - كيوسف عليه السلام جاء قومه بما بُعث به إبراهيم عليه السلام ويعقوب - وقد يكون مبعوثًا بشريعة جديدة.

 

وهذا الكلام؛ وهذه الاحترازات لأجل أن ثمة طائفة من أهل العلم جعلت كلَّ محترز من هذه الأشياء فرْقًا بين النبي والرسول.

 

فإذًا كما ذكرت لكم:

• الكتاب قد يعطاه النبي، وقد يعطاه الرسول.

 

• بعثُه لقوم موافقين أو مخالفين هذا مدار فرق بين النبي والرسول.

 

• الرسول قد يُبعث بشريعة من قَبله بالتوحيد بالديانة التي جاء بها الرسول لمن قبله، لكن يرسل إلى قوم مخالفين، وإذا كانوا مخالفين فلا بد أن يكون منهم من يصدِّقه، ويكون منهم من يكذبه؛ لأنه ما من رسول إلا وقد كذب؛ كما جاء في ذلك الآيات الكثيرة.

 

وقال بعض العلماء: إن الرسول هو الذي يرسَل إلى أمة كافرة، فيؤمن به بعضهم، ويكفر به بعضهم، نوح - عليه الصلاة والسلام- أرسل إلى الكفار، آمن به بعضهم، وكفر به بعضهم، هودٌ رسول، صالح رسول.

 

والذين أرسلوا بشرائع يرسلون إلى أمم كافرة، وينزل عليهم شرائع، أوامر ونواهٍ، يؤمن بهم بعضهم، ويكفر بهم بعضهم؛ مثل: نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم.

 

أما النبي فهو الذي يرسَل إلى قوم مؤمنين - لا يرسل إلى الكفار - يرسل إلى قوم مؤمنين، إذا كان ذلك كذلك فأي شريعة سبقت آدم؟!، لكنه نبي إلى بنيه، ولم يقعِ الشرك في زمانه، وشيث نبي.

 

ولهذا كان نوح أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد وقوع الشرك، فنوحٌ أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك، ولأنه أرسل إلى بنيه وإلى غير بنيه، أما آدم قبله، وكذلك أيضًا شيث قبله، لكن ما وقع الشركُ، وقعت المعاصي؛ كما قَتل قابيلُ أخاه هابيل.

 

ولهذا قال الله - سبحانه -: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ﴾ [البقرة: 213]، ﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ﴾ [يونس: 19].

 

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام، ثم وقع الشرك، هذا معنى قوله: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾ [البقرة: 213].

 

وبالمثل داود وسليمان أنبياء؛ لأنهم كلِّفوا بالعمل بالتوراة جميعًا إلى بني إسرائيل الذين جاؤوا بعد موسى، داود وسليمان وزكريا ويحيى، كلهم كلِّفوا بالعمل بالتوراة حتى جاء عيسى، هؤلاء هم الأنبياء؛ فالأنبياء على هذا.

 

والحاصل:

أن الصواب الذي أقره أهل العلم: أن الرسول هو الذي يُبعث إلى أمة من أهل الشرائع الكبيرة، الذين يرسلون إلى أمم، إلى أمة كافرة، يؤمن به بعضُهم ويكفر بعضهم.

 

والأنبياء: هم الذين يوحى إليهم، ويرسَلون إلى المؤمنين خاصة، ويكلَّفون بالعمل بشريعةٍ سابقة[22]، [23].

 

مسألة: نبوة الأنبياء هل هي واجبة أو ممكنة؟

الصواب: أن نبوة الأنبياء وإرسال الرسل مما جعله الله - عز وجل - على نفسه، كما قال - سبحانه -: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165].

 

وقد اختلف الناس في ذلك:

فقالت طائفة: إرسال الرسل جائز.

 

وقالت طائفة: إرسال الرسل واجبٌ على الله - عز وجل.

 

وقالت طائفة: إرسال الرسل ونبوة الأنبياء لا يقال فيها جائزة ولا واجبة، بل هي تبَع للمصلحة.

 

وكما ذكرنا أن قول أهل السنة في ذلك: أن إرسال الرسل جعله الله - عز وجل - حجَّة على الناس كما في الآية، ولا يطلق القول بوجوبها ولا بإمكانها أو جوازها أو رد ذلك، بل يتبع في ذلك النص الوارد؛ لأن أفعال الله - عز وجل - والإيجاب عليه والتحريم إنما يكون من عنده - عز وجل.

 

مسألة: نبوة الأنبياء أو رسالة الرسل بم تحصل؟

وكيف يعرف صدقهم؟

وما الفرق بين النبي والرسول وبين عامة الناس أو من يدعي أنه نبي أو رسول أو من يأتي بالأخبار المغيبة أو يجري على يديه شيء من الخوارق؟


والجواب عن ذلك:

أن المتكلمين في العقائد نظروا في هذا على جهات من النظر.

 

ونقدم قول غير أهل السنة، ونبين لكم قولَ السلف وأهل السنة والجماعة في هذه المسألة العظيمة.

 

وهي من المسائل التي يقل تقريرها في كتب الاعتقاد مفصلة.

 

فنقول: إن طريقة إثبات نبوة الأنبياء وإرسال الرسل، للناس فيها مذاهب:

1- المذهب الأول:

أن الرسل والأنبياء لديهم استعدادات نفسية راجعةٌ إلى القوى الثلاث والصفات الثلاث؛ وهي السمع والبصر والقلب، فإنه يكون عنده قوةٌ في سمعه، فيسمع الكلام؛ كلام الملأ الأعلى، وعنده قوة في قلبه، فيكون عنده تخيلات، أو يتصور ما هو غير مرئي، وعنده بصر أيضًا قوي، يُبصر ما لا يبصره غيره.

 

وهذه طريقة باطلة، وهي طريقة الفلاسفة الذين يجعلون النبوة من جهة الاستعدادات البشرية، لا من جهة أنها وحي وإكرام واصطفاء من الله - جل جلاله.

 

2- المذهب الثاني:

قول من يقول: إن النبوة والرسالة طريق إثباتها والدليل عليها هو: المعجزات.

 

وهذا قول المعتزلة والأشاعرة وطوائف من المتكلمين، وتبِعهم ابن حزم وجماعة، وجعلوا الفرق بين النبي وغيره هو أن النبي يجري على يديه خوارق العادات.

 

فمنهم من التزم - وهم المعتزلة وابن حزم - أنه ما دام الفرق هو خوارق العادات - وهي المعجزات - فإذًا لا يثبت خارقٌ لغير نبي.

 

فأنكروا السحر والكهانة، وأنكروا كرامات الأولياء، وأنكروا ما يجري من الخوارق؛ لأجل ألا يلتبس هذا بهذا، وجعلوا ذلك مجرد تخييل في كل أحواله.

 

وأما الاشاعرة وغيرهم فجعلوا المعجزة والكرامة والسِّحر من جنس واحد (خارق للعادة)، وهذا باطل؛ فإن السَّحَرة لما تحدوا نبي الله موسى علموا أن ما كان على يد نبي الله موسى ليس من جنس باطلهم وسِحْرهم .

 

ومن عجائب مذهب الأشاعرة أنهم جعلوا دليل النبوة واحدًا فقط، وهو الخارق، ثم جعلوا هذا الخارق من جنس ما يفعله المشعوذون والسَّحرة.

 

وأخطؤوا في القضيتين شر الخطأ:

القضية الأولى: أن الدليل على صدق النبوة واحد، فهذا من أضعف الكلام، بل الأدلة لا تعد ولا تحصى لإثبات النبوة، وغيرُ قابلة للحصر في دليل يتيم.

 

أما القضية الثانية: فقد كان سحرة فرعون أعلمَ بها من الأشاعرة ومن نحا نحوهم، وهو أن ما جاء به السحرة باطلٌ وغير خارق للعادة، فلما جاء موسى بالحق عرَفوه ولم يلتبس عليهم ما كانوا يفعلون.

 

وهذه من طوام الأشاعرة في أعظم باب من أبواب أصول الدين، وقد أجاد شيخ الإسلام في الرد عليهم في كتاب "النبوات"؛ فراجعه.

 

فلا مقارنة بين المعجزة والكرامة، وبين ما يفعله السحرة والمشعوذون؛ فالأول خارق للعادة فعلاً، أما الثاني فكل من أضله الله يستطيع عمله، والله أعلم.

 

3- المذهب الثالث:

هو مذهب أهل السنة والجماعة والسلف الصالح فيما قرره الأئمة وهو أن النبوة والرسالة دليلها وبرهانها متنوع، ولا يحصر القول بأنها من جهة المعجزات الحسية التي تُرى أو تجري على يدي النبي والولي.

 

فمن الأدلة والبراهين لإثبات النبوة والرسالة:

أولاً: الآيات والبراهين.

 

ثانيًا: ما يجري من أحوال النبي في خبره وأمره ونهيه وقوله وفعله مما يكون دالاًّ على صدقه بالقطع.

 

ثالثًا: أن الله - عز وجل - ينصر أنبياءه وأولياءه، ويمكِّن لهم، ويخذل مدعي النبوة، ويبيد أولئك، ولا يجعل لهم انتشارًا كبيرًا.

 

وهذه ثلاثة أصول:

أما الأول: فمعناه أن من قرر نبوة الأنبياء عن طريق المعجزات، فإننا نوافقهم على ذلك؛ لكن أهل السنة لا يجعلونه دليلاً واحدًا، لا يجعلونه دليلاً فردًا؛ بل يجعلونه من ضمن الدلائل على النبوة.

 

وهذا الدليل - وهو دليل المعجزات كما يسمى- يعبر عنه أهلُ السنة بقولهم: الآيات والبراهين؛ وذلك لأن لفظ (المعجزة) لم يرِدْ في الكتاب ولا في السنة، وإنما جاء في النصوص: الآيةُ والبرهان: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 8]، ﴿ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ﴾ [النمل: 12]، وقال ﴿ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [القصص: 32]، ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ [البقرة: 111]، ونحو ذلك من الآيات التي تدل على أن ما يؤتاه الأنبياء والرسل إنما هو آيات وبراهين.

 

وبعض أهل العلم جعل لفظ "المعجز" نتيجة عن أن آية النبي وبرهانَ النبوة معجز، لكن لفظ الإعجاز فيه إجمال.

 

وذلك لأنه معجز لمن؟ فيه إجمال وفيه إبهام.

 

فإعجازٌ ما يحصُل، لمن هو معجز؟


فإذا قلنا: معجز لبني جنسه، فهذا حال، معجز لبني آدم، فهذا حال، معجز للجن والإنس، فهذا حال، معجز لكافة الورى، فهذا حال.

 

ولهذا جعل المعتزلة والأشاعرة في الخلاف ما بينهم في المعجزات جاءت من هذه الجهة:

أن لفظ معجز اختلفوا فيه، معجز لمن؟


ولهذا نعدل عن لفظ الإعجاز إلى لفظ الآية والبرهان.

 

ونقول: الآية والبرهان التي يؤتاها الرسولُ والنبي للدلالة على صدقه تكون معجزة للجن والإنس جميعًا.

 

فما آتاه الله - عز وجل - محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يكون معجزًا للجن والإنس جميعًا، كما قال - تعالى -: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: 88].

 

أما إعجاز بعض الإنس دون بعض، أو الإنس دون الجن، فهذا هو الذي يدخل في الخوارق، ويدخل في أنواع ما يحصل على أيدي السحرة والكهنة، وما أشبه ذلك.

 

أما الفرق بين الآية والبرهان الدال على صدق النبي مع ما يؤتاه أهل الخوارق أنه: هل هو معجز لعامة الجن والإنس أم لا؟

 

فإن كان معجزًا لعامة الجن والإنس فهو دليل الرسالة والنبوة.

 

هذه الآيات والبراهين التي آتاها الله - عز وجل - محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أنواع:

النوع الأول: منها القرآن، وهو حجة الله - عز وجل - وآيتُه العظيمة على هذه الأمة، فتحدى اللهُ - عز وجل - به الجنَّ والإنس، ولم يستطيعوا ذلك مع أنهم متميزون في الفصاحة والبلاغة وأشباه ذلك.

 

فإذًا الآية والدليل الأول هو القرآن العظيمُ، وهو الحجة الباقية.

 

النوع الثاني: آيات وبراهين سمعية؛ يعني تكون دالة من جهة ما يسمع، ومن ذلك:

تسبيح الحصى، تسبيح الطعام على عهده - صلى الله عليه وسلم؛ كما روى البخاري في الصحيح أن ابن مسعود قال: "كنا نسمع تسبيح الطعام ونحن نأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"[24].

 

النوع الثالث: آيات وبراهين راجعة إلى البصر، وهو ما يُبصَر من أشياء لا تحصل لغيره؛ بل هي آية وبرهان على عجز الثَّقلين عن ذلك، مثل نبع الماء مِن بين أصابعه، ومثل حركة الجمادات، وأشباه ذلك.

 

النوع الرابع: أدلة وبراهين، فيها نطق ما لم ينطق، وهذه تشمل الأول "المسموعة"، وتحرُّك ما لم يتحرك بالعادة، ويشمل حركة الجمادات، وشعور من لا يعرف بشعوره، وهذه إنما يخبِر عنها نبيٌّ، وتحصل للرسل والأنبياء، مثل: "حنين الجذع"[25]، وتسليم الحجر، وأشباه ذلك، هذا نوع، وهو الآيات والبراهين.

 

أما الثاني: هو أن الرسول يأتي بخبر وأمْر ونهي، وللرسول قول وفعل، فهذه خمسة أشياء.

 

وهذا النوع من الدلائل أهمُّ من الدلائل التي ذكرت لك من قبل، عدا القرآن فهو أعظم الأدلة؛ وذلك أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - جاء بأخبار، هذه تصدق على جميع النبوات والرسالات:

• جاء بخبر عن الله - عز وجل - وهذا الخبر: منه ما يتعلق بالماضي، ومنه ما يتعلق بالحاضر، ومنه ما يتعلق بالمستقبل.

 

• وجاء بأمر ونهي، وهذا الأمر والنهيُ هو ما يدخل في الشريعة، والأوامر متنوعة، والنواهي متنوعة.

 

• وجاء بأقوال هو قالها في التبليغ، وأفعال له.

 

وكل هذه بمجموعها تدل الناظر على أن من قال وأخبر عن الله وفعل وأمر ونهى أنه صادق فيما قال؛ لأن كل مدَّعٍ للخبر والأمر والنهي، وله أقوال وله أفعال، وليس على مرتبة النبوة فلا بد أن يظهر لكل أحد كذبُه فيما ادعاه، وتناقضَه في أقواله وأفعاله، وضعْفَ أمره ونهيه، وعدم صلاحه وأشباه ذلك.

 

ولهذا جعل الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - الكمال فيما أخبر به، وفيما أمر به، وفيما نهى، وفي أقواله وأفعاله، فجعل اتباعه في الأقوال والأفعال اتباعًا مأمورا به: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، وقال: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، وجعل ما يخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - كخبر الله - عز وجل - لأنه لا ينطق عن الهوى، ونحو ذلك.

 

فاستقام أمره - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأمور الخمسة، ولم يعرف أن أحدًا طعن في شيء من هذه الأشياء واستقام على طعنه ولم يستسلم؛ بل كل من طعن في واحد من هذه الأشياء فإنه آل به أمره إلى الاستسلام، أو أن يكون طعنه مكابرة دون برهان.

 

لهذا نقول: إن هذا الدليل من أعظم الأدلة التي تفرق بين الرسول والنبي الصادق، وبين مدعي النبوة؛ فإن الرسول له أحوال كثيرة، يسمع في أقواله، يرى في أفعاله، أوامره ونواهيه جاءت بماذا؟ أخباره جاءت بماذا؟

 

ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن أشياء حدثت في الماضي لم يكن العربُ يعرفونها، وجاء تصديقها من أهل الكتاب، وما كان يقرأ - صلى الله عليه وسلم - كتبَ أهل الكتاب، وجاء بأخبار عما سيحصل مستقبَلاً، وجاء بأخبار عما سيحصل بين يدي الساعة، وحصلت بعده - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فشيئًا، منها ما حصل بعد موته سريعًا، ومنها ما يحصل شيئًا فشيئًا، ومنها ما سيحصل بين يدي الساعة، وكل هذه الأخبار في تصديقها دالةٌ على أنه لا يمكن أن يعطاها إلا نبيٌّ.

 

كذلك ما أمر به - صلى الله عليه وسلم - وما نهى عنه فهو موافق للحكمة البالغة التي يعرفها أهلُ الدين، ويعرفها أهل العقل الراجح، حتى إن الحكماء شهدوا في الزمن الماضي وفي الزمن الحاضر بأن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - هي شريعة ليس فيها خلل، لا من جهة الفرد في عمله، ولا من جهة التنظير في المجتمع بعامة.

 

وكذلك ما في أفعاله - صلى الله عليه وسلم - فكان - صلى الله عليه وسلم - له المقام الأكمل في التخلص من الدنيا والبعد عن الرفعة - يعني والترفع على الناس - بل كان - صلى الله عليه وسلم - أكمل الناس في هديه وفي تواضعه، وفي قوله، وفي عمله - صلى الله عليه وسلم - وكان أكملَ الناس في عبادته، وكل دعوى لمن ادعى النبوة فلا بد أن يظهر فيها خللٌ في هذه الأشياء.

 

أيضًا هو - صلى الله عليه وسلم - تحدى الناسَ في قوله فيما أتى به، وأخذ يدعو - كما يظهر لك من قصة هرقل مع أبي سفيان وسؤالات هرقل لأبي سفيان - وأخذ يدعو غيرَ ملتفت لخلاف من خالف، والناس يَزيدون وأعداؤه ينقصون، وهذا مع تطاول الزمن، ونصر الله - عز وجل - له؛ فإن هذا دليل على صدقه فيما أخبر، وفي أمره ونهيه وقوله وفعله - صلى الله عليه وسلم.

 

أما الثالث - كما ذكرنا - فجنس أجناس الأدلة: وهو أن الله - عز وجل - صاحب الملكوت، وهو ذو الملك والجبروت، وهو الذي ينفذ أمره في بريته، فمحال أن يأتي أحد ويدعي أنه مرسل من عند الله، ويصف الله - عز وجل - بما يصفه به، ويذكر الخبر عن الله وأسمائه ونعوته، ثم هو في ملك الله - عز وجل - يستمر به الأمر إلى أن يشرع ويأمر وينهى، وينتشر أمره، ويغلب من عاداه، ويسود في الناس، ويرفع ذكره دون أن يعاقَب؛ ولهذا قال - عز وجل - في بيان هذا البرهان: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 47]، لو كانت الدعوة في ملك الله - عز وجل - وهذا يدعي أنه مرسل ونبي، ويأتي بأشياء يقول هي من عند الله؛ فإن مالك المُلك لا يتركه وحاله، بل ربما جعل ذلك ابتلاءً وامتحانًا للناس، ولكن لا يُنصر وتكونُ شريعته هي الباقيةَ، ويكون ذكره هو الذي يبقى، ويكون خبره عن الله وعن أسمائه وصفاته ودينه وشرعه وعن الأمم السالفة وعما يحصل هو الذي يبقى في الناس؛ فإن هذا مخالفٌ لقول الله - عز وجل - ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 47]، والمشركون لما كذبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: {شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30]؛ لأن السنة ماضية عند العقلاء أن الذي يدعي على الله - عز وجل - فإنما يُتربَّص به الهلاكُ والإفناء.

 

﴿ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴾ [الطور: 30]، فجاء البرهان ﴿ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ﴾ [الطور: 31]؛ لأن هذا برهان صحيح، فتربصوا فإني معكم من المتربصين، وقد صدقتم في هذا البرهان؛ لأنه لو كان - كما تقولون - كاذبًا؛ فإنه يُتربَّص به ريبُ المنون، وأن يهلكه الله - عز وجل -، وأن يجعله عبرةً لمن اعتبر.

 

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء والمرسلين جعلهم الله - عز وجل - حملةً لرسالته، وشرَّفهم، ورفع ذِكرهم، ونصرهم بين الناس؛ ولهذا تجد أن الرسالات هي الباقية في الناس، رسالة موسى - عليه السلام - ورسالة إبراهيم ورسالة عيسى عليه السلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وكل واحدة منها دخلها من التحريف ما دخلها؛ فأتباع إبراهيم حرَّفوا في دينهم حتى أصبحوا على غيرِ ملة إبراهيم، وأتباع موسى من اليهود الآن على غير دين موسى، وأتباع عيسى - عليه السلام - الآن على غير دين عيسى، وأتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - هم الذين حفظهم الله - عز وجل - وجعل منهم طائفةً ظاهرين بالحق يقومون به إلى قيام الساعة.

 

مسألة أن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - بشَرٌ يجوز في حقهم ما يجوز في حق البشر مما هو من الجِبلَّة والطبيعة:

ولهذا في القرآن يكثر وصفهم بأنهم بشَر، وأن محمدًا[26] - صلى الله عليه وسلم - بشَر، لكن يوحى إليه.

 

وأما من جهة الذنوب والآثام، أو نجعل البحث هذا - يعني رأس المسألة - منقسمًا إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول من حيث الأمراض والعاهات:

فعند أهل السنة والجماعة أن الرسل والأنبياء يُبتلون ويمرضون مرضًا شديدًا، وعند الأشاعرة أنهم يمرضون ولكن بمرض خفيف، ولا يمرضون بمرض شديد.

 

هذا غلط بيِّن؛ فإن ابن مسعود دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا رسول الله، إني أراك تُوعَك - يعني فيك حمى شديدة - قال: ((أجل، إني أُوعَك كما يُوعَك رجلانِ منكم))، قال ابن مسعود: ذلك بأن لك أجرين؟ قال: ((نعم))[27] إلى آخر الحديث، والأنبياء يضاعف عليهم، أو يشتد عليهم البلاء بأنواع.

 

فإذًا من جهة الأمراض والأسقام التي لا تؤثر على التبليغ وصحة الرسالة؛ فإنهم ربما ابتُلوا في أجسامهم وأبدانهم بأمراض متنوعة شديدة.

 

القسم الثاني: من جهة الذنوب:

فالذنوب قسمان كبائر وصغائر:

• والكبائر جائزة فيما قبل النبوة، ممنوعة فيما بعد النبوة والرسالة؛ فليس في الرسل من اقترف كبيرة بعد النبوة والرسالة أو تقحمها - عليهم الصلاة والسلام - بخلاف من أجاز ذلك من أهل البدع.

 

• أما الصغائر؛ فمنع الأكثرون فِعل الصغائر من الأنبياء والرسل، والصواب أن الصغائر على قسمين:

أ- صغائر مؤثرة في الصدق؛ في صدق الحديث، وفي تبليغ الرسالة، وفي الأمانة، فهذه لا يجوز أن تكون في الأنبياء، والأنبياء منزَّهون عنها؛ لأجل أنها قادحة أو مؤثرة في مقام الرسالة.

 

ب- والثاني من الأقسام: صغائر مما يكون من طبائع البشر في العمل أو في النظر أو فيما أشبه ذلك، أو من جهة النقص في تحقيق أعلى المقامات، فهذه جائزة، ولا نقول واقعة؛ بل نقول جائزة، والله - عز وجل - أنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [الفتح: 1، 2] الآية؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - غَفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

 

وكمعصية آدم - عليه السلام - عندما أكل من الشجرة، وغيرها.

 

مسألة أن الرسول والنبي لهم شروط أو أوصاف عامة جاءت في القرآن والسنة:

أولاً: أن الرسول يكون ذكرًا، وكذلك الأنبياء ذكور، فليس في النساء رسولة ولا نبية، وإنما هم ذكور، وفي المسألة بيان سوف أذكره - إن شاء الله.

 

ثانيًا: أنهم من أهل القرى؛ يعني ممن يسكنون القرى، ويجتمعون، وليسوا من أهل البادية؛ يعني ممن يبدون؛ كما جاء في آية يوسف[28].

 

ثالثًا: أن الرسول لا بد أن يكذَّبَ، فلم يأتِ رسول إلا وكُذِّب؛ كما قال - عز وجل -: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [يوسف: 110].

 

8- نبوة النساء[29]:

ذهب بعض العلماء إلى نبوة بعض النساء، مثل مريم بنت عمران، ومنهم من يقول: حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية.

 

وممن ذهب إلى ذلك أبو الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم - عليهم رحمة الله[30].

 

واستدلوا بأدلة، منها:

1- أن الله أخبر في القرآن أنه أوحى إلى أم موسى؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].

 

فقالوا: إن كل من أُوحي إليه بأمر أو نهي أو إعلام فهو نبي.

 

2- أن الله أرسل جبريل إلى مريم فخاطبها؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾ [مريم: 17 - 19].

 

فقالوا: إن كل من جاءه الملَك عن الله بحُكم من أمر أو نهي أو إعلام فهو نبي[31].

 

3- أن الله اصطفى مريم على العالَمين؛ كما في قوله: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42].

 

4- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بكمال بعضهم؛ كما في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإنَّ فضْل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) [32].

 

قالوا: الذي يبلغ مرتبة الكمال هم الأنبياء.

 

وقد رد أصحاب هذا القول على الآية التي تحصر الرسالة في الرجال دون النساء؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ [يوسف: 109]، وفي قوله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].

 

قالوا: نحن لا نخالف في ذلك؛ فالرسالة للرجال، أما النبوة فلا يشملها النص القرآني، وليس في نبوة النساء تلك المحذورات التي عددتموها فيما لو كان من النساء رسول؛ لأن النبوة قد تكون قاصرة على صاحبها يعمل بها، ولا يحتاج إلى أن يبلغها إلى الآخرين.

 

وقد ذهب جمهور العلماء - كما نقل ذلك القاضي عياض - إلى عدم القول بنبوة النساء، وهو الراجح، وقد ردوا على أدلتهم بما يلي:

1- أننا لا نسلِّم لهم أن النبي غيرُ مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس، والذي اخترناه ألا فرق بين الرسول والنبي في هذا، والفرق واقعٌ في غير هذا الأمر كما سبق الإشارة إليه في ثنايا البحث.

 

2- أن وحي الله إلى هؤلاء النسوة إلهامٌ، وهذا يقع لغير الأنبياء، كذلك ورد الوحيُ للنحل؛ كما في قوله: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ [النحل: 68].

 

ويلزم من قولهم هذا نبوة حواري عيسى عليه السلام، قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾ [المائدة: 111].

 

وبيان هذا: أن الوحي في القرآن يأتي على أكثرَ من معنى، منها: أن يكون بالإلهام؛ كما في حق أم موسى وغيرها من النساء، وكما في حق الحواريين.

 

ويأتي بمعنى الإيماء والإشارة؛ كما قال - تعالى - في حق زكريا - عليه السلام - مع قومه: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾[مريم: 11].

 

3- لا نسلِّم لهم أن كل من خاطبتْه الملائكة فهو نبي؛ ففي الحديث أن اللهَ أرسل ملَكًا لرجل يزور أخًا له في قرية أخرى؛ فعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أن رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد اللهُ له على مدرجته ملَكًا، فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة ترُبُّها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسولُ الله إليك بأن اللهَ قد أحبك كما أحببتَه فيه)) [33].

 

وكما في قصة الأقرع والأبرص والأعمى، وقد جاء جبريل في صورة رجل يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابةُ يشاهدونه ويسمعونه.

 

4- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - توقَّف في نبوة ذي القرنين؛ فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أدري، تُبَّع أنبيًّا كان أم لا؟ وما أدري ذا القرنين أنبيًّا كان أم لا؟ وما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟)) [34].

 

مع أن الله أخبر في القرآن بأنه أوحى إليه، قال - تعالى -: ﴿ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ﴾ [الكهف: 86].

 

5- أما عن النصوص الدالة على اصطفاء الله لمريم؛ فالله قد صرح بأنه اصطفى غير الأنبياء؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32]، وكما في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33].

 

ومعلوم أن من آل إبراهيم وآل عمران مَن ليس بنبي جزمًا.

 

6- أما ما ورد من لفظ الكمال؛ فالمراد بلوغ الكاملات في جميع الفضائل التي للنساء، وليس المراد كمال الأنبياء.

 

7- ثبت في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فاطمةُ سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران))[35].

 

وهذا يُبطل القول بنبوة من عدا مريم؛ كأم موسى وآسية؛ لأن فاطمة ليست بنبيَّةٍ جزمًا، وقد نص الحديث على أنها أفضل من غيرها، فلو كانت أم موسى وآسية وحواء ثبتت لهن النبوة لَكُنَّ أفضلَ من فاطمة.

 

الحكمة من كون الرسل رجالاً:

1- أن الرسالة تقتضي الاشتهار بالدعوة، ومخاطبة الرجال والنساء، ومقابلة الناس في السر والعلانية، والتنقل في فجاج الأرض، ومواجهة المكذبين، ومحاججتهم، ومخاصمتهم، وإعداد الجيوش، وقيادتها، وكل هذا يناسب الرجال دون النساء.

 

2- الرسالة تقتضي قوامة الرسول على من يتابعه، فهو في أتباعه الآمر الناهي، وهو الحاكم القاضي، وهذا أيضًا مناسب للرجال دون النساء.

 

أن المرأة يطرأ عليها ما يعطِّلها عن كثير من الوظائف والمهمات؛ كالحيض والنفاس والولادة.

 

مباحث النبوة والرسالة كثيرةٌ متنوعة، وهذه بعض المسائل المتعلقة بها، وقد لا تجد ذلك مجموعًا في موضع واحد.

 

ولاشك أن هذا البحث - خاصة دلائل النبوة - بحث مهم، واعتنى به أئمة السنة والسلف، وصنف فيه عددٌ من العلماء في دلائل النبوة وفي آيات وبراهين النبي محمد صلى الله عليه وسلم[36].

 

وصلى اللهُ على محمد وآله وصحبه وسلم.



[1] نقلاً من كتاب: ماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة؛ لشيخنا عادل بن يوسف العزازي.

[2] هو عبدالله بن بري بن عبدالجبار المقدسي المصري (499 - 582 هـ)، نحوي لغوي، من مصنفاته: اللباب في الرد على ابن الخشاب، وحواشٍ على الصحاح لم يكملها؛ انظر: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، جلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1، مطبعة عيسى الحلبي، مصر، 1384 هـ - 2 / 34.

[3] هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبدالله الديلمي، المعروف بالفراء (140 - 207 هـ)، كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي، له مصنفات عدة، منها: معاني القرآن، اللغات والمصادر في القرآن، النوادر؛ انظر: بغية الرعاة، 2 / 333.

[4] لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأنصاري، ط دار صادر بيروت، مادة نبأ، 1/ 162 - 163.

[5] النبوات؛ لابن تيمية، طبع دار الكتب العلمية، بيروت، 1985، ص336 - 337.

[6] لسان العرب، مادة رسل 11 / 283 - 284.

[7] انظر: أصول الدين؛ لعبدالقاهر بن طاهر البغدادي، ط3، دار الكتب العلمية، بيروت، 1401هـ، ص154.

[8] نقلاً من رسالة: محبة الرسول بين الاتباع والابتداع.

[9] قلت - أبو البراء -: وعند بعض غلاة الصوفية أن الوليَّ أفضلُ من الرسل والأنبياء؛ مستدلين على ذلك بقصة الخضِر مع موسى - عليهم السلام – ظنًّا منهم أن الخضر - عليه السلام - ولِيٌّ، والصواب - والله أعلم - أنه نبيٌّ؛ لأدلة، منها: أنه قال في آخر كلامه فيما حكاه الله عنه: ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ [الكهف: 82]، أما مراتب المكلفين عند أهل السنة والجماعة، هي: "طبقة أولي العزم من الرسل، ثم طبقة ما عداهم من الرسل، ثم طبقة الأنبياء، ثم طبقة العلماء، ثم طبقة أئمة العدل، ثم طبقة المجاهدين في سبيل الله، ثم طبقة أهل الإيثار والصدقة والإحسان إلى الناس، ثم طبقة مَن فتح اللهُ له بابًا من أبواب الخير، القاصر على نفسه؛ كالصلاة والحج، ثم طبقة أهل النجاة، وهم من يؤدي فرائضَ الله، ويترك محارم الله، ثم طبقة قوم أسرفوا على أنفسهم عدا الكبائر، ورزقهم الله التوبةَ النصوح قبل الموت، ثم طبقة قوم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا، ثم طبقة قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، ثم طبقة أهل المحنة والبلية، ثم طبقة قوم لا طاعة لهم ولا معصية، ثم طبقة الزنادقة، ثم طبقة رؤوس الكفر، ثم طبقة المقلِّدين، ثم طبقة الجن، ومنهم المؤمن والكافر والبار والفاجر؛ هكذا عدهم ابن القيم بنفس الترتيب المذكور، في كتابه: "طريق الهجرتين" ثمان عشرة طبقة (ص376 - ص 439) فلينظر.

[10] المسند (5/22342)، المعجم الكبير (7871)، مصنف ابن أبي شيبة (35933)، شُعَب الإيمان (130)، وصحَّحه الألباني في الصحيحة "2668".

[11] القائل: الشيخ صالح آل الشيخ.

[12] قلت - أبو البراء -: الحديث صححه الألباني في مشكاة المصابيح (5737).

[13] تفسير البيضاوي (4/133).

[14] أخرجه مسلم في الذِّكر والدعاء، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (2710) من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه.

[15] تفسير القرطبي (7/298).

[16] تفسير النسفي (3/108).

[17] فتح القدير (3/461).

[18] النبوات (ص: 281).

[19] قلت - أبو البراء -: مما يدل على ذلك أن نوحًا - عليه السلام - أول الرسل كما سبق، ومع ذلك لم يرسَل بكتاب، والله أعلم.

[20] البخاري (5705)/ مسلم (549)

[21] أبو داود (3641)/ الترمذي (2682)/ ابن ماجه (223)،حسنه الألباني في المشكاة"15"

[22] نقلاً من شرح العقيدة الطحاوية للشيخ عبدالعزيز الراجحي.

[23] قلت - أبو البراء -: قد يقال: إن الرسول والنبي إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا؛ أي: إذا اجتمعا في الموضع افترقا في المعنى، وإذا افترقا في الموضع اجتمعا في المعنى - كما يقال في الإسلام والإيمان - وكما يقال في الفقير والمسكين، والله أعلم.

وهذا رأي الشيخ العثيمين أن كل من ذُكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول، ورجح أن الفرق بينهما أن الرسول أُوحي إليه بشرع جديد وأُمِر بتبليغه والعمل به، بينما النبي أوحي إليه بشرع، ولم يُؤمَرْ بتبليغه، وإنما يعمل به في نفسه.

(قلت): وهذا منتقد؛ لأنه ثبت أن الأنبياء كانوا يبلغون الناس؛ كداود وزكريا ويحيى، كما ورد في الحديث: ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياءُ، كلما مات نبيٌّ خلَفه نبيٌّ))؛ البخاري (3455)، مسلم (1842)، وقد رجح شيخي العزازي هذا القول في "ماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة"؛ أي: إن النبي يأمر أيضًا بالتبليغ، ورجح أن الفرق بينهم هو الوحي بشرع جديد للرسول، أما النبي فيوحى إليه بشرعِ من قبله، وهذا أيضًا فيه نظر؛ لِما ثبت في الآية أن يوسفَ رسول ولم يأت بشرعٍ جديد، والله أعلم.

[24] البخاري (3579)/ الترمذي (3633).

[25] البخاري (3585)/ الترمذي (505)/ ابن ماجه (1414).

[26] حديث متفق عليه من حديث عبدالله بن مسعود.

[27] أخرجه البخاري: باب أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل (5648)، ومسلم: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك، حتى الشوكة يشاكها.

[28] قلت - أبو البراء -: يشير إلى قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ [يوسف: 109].

[29] نقلاً من كتاب الرسل والرسالات ( 82 - 88)؛ للأستاذ الدكتور عمر بن سليمان الأشقر - رحمه الله - بتصرف واختصار وزيادة.

[30] انظر: فتح الباري (6/447 - 448، 6/473)، وانظر: لوامع الأنوار البهية (2/266).

[31] فتح الباري (6/447).

[32] متفق عليه؛ البخاري (3769)، ومسلم (2431).

[33] مسلم (2567).

[34] الحاكم (104) في المستدرك، والبيهقي (8/329)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5524).

[35] الحاكم في المستدرك (6837)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (796).

[36] نقلاً من شرح العقيدة الطحاوية - للشيخ صالح آل الشيخ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصبيان
  • هدي النبي مع المخالف والجافي
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم
  • همة محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • الفرق بين الفرقة الناجية وباقي الفرق
  • الفرق بين الرسول والنبي، والصفات التي يجب اعتقادها في الأنبياء

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في صفات الله تعالى كالقول في ذاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في البعض الآخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • النهي عن قول المملوك: ربي وربتي وقول السيد: عبدي وأمتي ونحوهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: باسم الله أَرقيك، وقول: باسم الله يبريك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قرة العيون بإشراقات قوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 


تعليقات الزوار
6- شكر وتقدير
أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل عِلاوة - مصر 14-03-2015 07:24 PM

بارك الله فيك، على مرورك الطيب

5- النبي أعلى من الرسول
طارق - الجزائر 19-01-2015 04:35 AM

النبي أعلى من الرسول ا(لذين يتبعون الرسول النبي الأمي) ;الرسول عام النبي تخصيص الأمي تخصيص التخصيص و في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " أخبرني عن الإيمان " قال : (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره) فالإيمان بالرسل عام يشمل الإيمان بالأنبياء والاية 285 من سورة البقرة تدل أيضا على ذلك (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) الآيات التالية تدل على أن النبي أخّص من الرسول (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا) (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) (لأعراف:94) والآية الأخيرة تصرّح أنّ الله أرسل الأنبياء فكل الأنبياء رسل.

4- جزيت خيرًا
أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل علاوة - مصر 31-08-2014 08:07 PM

وفيك بارك أخانا الفاضل عمر الليبي .

3- شكر
عمر - ليبيا 02-08-2013 10:19 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يبارك فيكم وجزاكم الله العفو والعافية في الدنيا والاخرة

2- جزاك الله خيرًا
أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل عِلاوة - مصر 30-05-2013 07:53 PM

بارك الله فيكم جميعًا وجعل الأولاد من المخلصين الصالحين ومن حملة كتاب رب العالمين.

1- الشكر لكاتب المقال
fodilgacem - algerie 01-03-2013 05:27 PM

أتقدم وأولادي مريم، كوثر، وعثمان بالشكر لكل من ساهم في هذا المقال .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب