• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

حق الله على عباده

حق الله على عباده
محمد بن عبدالرزاق آل حمزة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/11/2012 ميلادي - 10/1/1434 هجري

الزيارات: 23072

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق الله على عباده


عن معاذ - رضي الله عنه - قال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال: "يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده وما حق العباد على الله" قلت: الله ورسوله أعلم.

 

قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً،  وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا" الحديث.

 

اتفق على روايته عن معاذ إماما الدنيا في الحديث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري في كتابيهما الصحيحين الذين هما أصح وأشهر وأبرك وأفضل كتاب بعد كتاب الله تعالى.

 

والحديث أفاد أن لله على عباده حقا أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وهذا أمر تواطأت عليه الفطر والعقول والكتب السماوية والأديان الإلهية وان اختلفت فيه مشارب الناس وأهواؤهم فأسعدهم من اهتدى إليه مسترشدا بنور الفطرة وهداية الوحي وحسبنا في ذلك آخر كتب الله المنزلة وهو كتابه المجيد وما بينه من سنة رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم.

 

قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36] وقال: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23] وقال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].

 

وعبادة الله أمر جامع لما يحبه الله من عباده ويرضاه منهم يدخل فيها كل ما تقرب الناس به إلى الله من صلاة وزكاة وصيام وحج وصدقة ونذر وذبح ودعاء واستغاثة وتوكل وخوف ورجاء.

 

قال الإمام شمس الدين ابن القيم في كتابه مدارج السالكين[1]:

وسر الخلق والأمر والكتب والشرائع والثواب والعقاب انتهى إلى هاتين الكلمتين - يعني ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ - وعليهما مدار العبودية والتوحيد وهما الكلمتان المقسومتان بين الرب وعبده نصفين فنصفهما له تعالى وهو ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ ونصفهما لعبده وهو ﴿إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ - ثم قال: والعبادة تجمع أصلين غاية الحب بغاية الذل والخضوع والعرب تقول طريق معبد أي مذلل والتعبد التذلل والخضوع فمن أحببته ولم تكن خاضعا له لم تكن له عابدا ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابدا له حتى تكون محبا خاضعا. ومن هنا كان المنكرون لكونه تعالى محبوبا لهم بل هو غاية مطلوبهم ووجهه الأعلى نهاية بغيتهم – منكرين لكونه إله وإن أقروا بكونه ربا للعالمين وخالقا لهم فهذا غاية توحيدهم وهو توحيد الربوبية الذي اعترف به مشركو العرب ولم يخرجوا به من الشرك كما قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: 87] وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: 9] ﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [المؤمنون:84-85] ولهذا يحتج عليهم به على توحيد إلهيته وأنه لا ينبغي أن يعبد غيره كما أنه لا خالق غيره ولا رب سواه.


ثم تكلم الشيخ على الاستعانة بنحو هذا الأسلوب العذب والمنهل الصافي وبين النكتة البليغة في تقديم العبادة على الاستعانة وتقديم المعبود المستعان على فعل العبادة والاستعانة بكلام شهي فارجع إليه أن شئت ثم قال:

إذا عرف هذا فالناس في هذين الأصلين وهما العبادة والاستعانة أربعة أقسام - أجلها وأفضلها أهل العبادة والاستعانة بالله عليها. فعبادة الله غاية مرادهم وطلبهم منه هو أن يعينهم عليها ويوفقهم للقيام بها ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب سبحانه وتعالى الإعانة على مرضاته وهو الذي علمه النبي - صلى الله عليه سلم - لحبه معاذ بن جبل فقال: "يا معاذ والله إني لأحبك فلا تنس أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل للواهب استعانة بهذا المطلوب وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا وعلى دفع ما يضاده وعلى تكميله وتيسير أسبابه فتأملها وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: تأملت أنفع الدعاء إذا هو سؤال الله العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.

 

ومقابل هؤلاء (القسم الثاني) وهم المعرضون عن عبادته والاستعانة به فلا عبادة ولا استعانة بل إن سأله أحدهم واستعان به فعلى حظوظه وشهواته لا على مرضاة ربه وحقوقه فإنه سبحانه يسأله من في السموات والأرض، يسأله أولياؤه وأعداؤه ويمد هؤلاء وهؤلاء وأبغض خلقه عدوه إبليس ومع هذا فسأله حاجة فأعطاه إياها ومتعه بها ولكن لما لم يكن عونا له على مرضاته كانت زيادة له في شقوته وبعده عن الله وطرده عنه وهكذا كل من سأل استعان به على أمر وسأله إياه ولم يكن عونا على طاعته كان مبعدا له عن مرضاته قاطعا له عنه ولا بد وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة كل سائل عليه بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وهي فيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ويراه يقضي حوائج غيره فيسيء ظنه بربه وهذا حشو قلبه "والمعصوم من عصمه الله" والإنسان على نفسه بصيرة وعلامة هذا حمله على الأقدار وعتابه الباطن لها كما قيل.

وعاجز الرأي مضياع لفرصته
حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

 

فو الله لو كشف عن حاصله وسره لرأى هناك معاتبة القدر واتهامه وأنه قد كان ينبغي أن يكون كذا وكذا ولكن ما حيلتي والأمر ليس إلي. والعاقل خصم نفسه والجاهل خصم أقدار ربه فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئاً معيناً خيرته وعاقبته مغيبة عنك وإذا لم تجد بدا من سؤاله فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخيرة وقدم بين يدي سؤالك الاستخارة ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة بل استخارة من لا علم له بمصالحه ولا قدرة له عليها ولا اهتداء له إلى تفاصيلها ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا بل إن وكل إلى نفسه هلك كل الهلاك وانفرط عليه أمره،  وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال فاسأله أن يجعله عونًا على طاعته وبلاغًا إلى مرضاته ولا يجعله قاطعا لك عنه ولا مبعدا عن مرضاته ولا تظن أن عطاءه كل ما أعطى لكرامة عبده عليه ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه ولكن عطاؤه ومنعه ابتلاء وامتحان يمتحن بهما عباده قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا ﴾ [الفجر: 17-15] أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته وما ذاك لكرامته عليّ ولكنه ابتلاء مني وامتحان له أيشكرني فأعطيه فوق ذلك أم يكفرني فأسلبه إياه وأخول فيه غيره وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه وجعلته بقدر لا يفضل عنه فذلك من هوانه عليّ ولكنه ابتلاء وامتحان مني له أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق أم يتسخط فيكون حظه السخط فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة فقال: أبتلي عبدي بالغنى لكرامته علي ولم أبتله بالفقر لهوانه علي فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وقدره فإنه يوسع على الكافر لا لكرامته ويقتر على المؤمن لا لإهانته له إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته فله الحمد على هذا وهذا وهو الغني الحميد فعادت سعادة الدنيا والآخرة إلى ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾.

 

ثم ذكر القسم الثالث وهم من لهم نوع عبادة بلا استعانة، والقسم الرابع فقال هو من شهد تفرد الله بالنفع والضر وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولم يدر مع ما يحبه ويرضاه فتوكل عليه واستعان به على حظوظه وشهواته وأغراضه وطلبها منه وأنزلها به فقضيت وأسعف ولكن لا عاقبة له سواء كانت أموالا أو رياسة أو جاها عند الخلق أو أحوالا من كشف وتأثير وقوة وتمكين فإنها من جنس الملك الظاهر والأموال لا تستلزم الإسلام فضلا عن الولاية والقرب من الله تعالى فإن الملك والجاه والحال معطاة للبر والفاجر والمؤمن والكافر فمن استدل بشيء من ذلك على محبة الله لمن آتاه إياه ورضاه عنه وأنه من أوليائه المقربين فهو من أجهل الجاهلين وأبعدهم معرفة بالله ودينه والتمييز بين ما يحبه ويرضاه ويكرهه ويسخطه فالحال من الدنيا فهو كالملك والمال إن أعانك على طاعة الله ومرضاته وتنفيذ أوامره ألحقك بالملوك العادلين البررة وإلا فهو وبال على صاحبه ومبعد له عن الله وملحق له بالملوك الظلمة والأغنياء الفجرة.

 

أقول: تأمل هذا الكلام النفيس في الأحوال من كشف وتأثير وما يسميه الناس خوارق وكرامات فقد فتن بها خلق كثير وضل بشر لا يحصون فضلوا بها وأضلوا عن سواء السبيل وهذا في الأحوال الحقيقية فما بالك بالمختلق منها الذي يصنعه منتحلوه بحيل وتلبيسات وأكاذيب مفتريات فإنا لله وإنا إليه راجعون نسأل الله العفو والعافية والمعافاة ونحمده على ما عافانا مما ابتلى به كثيرا من خلقه ونسأله الهداية ودوامها والتوفيق ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

 

قال الشيخ:

إذا عرف هذا فلا يكون العبد متحققا بـ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ إلا بأصلين عظيمين (أحدهما) متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (والثاني) الإخلاص لله المعبود فهذا تحقيق ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ والناس منقسمون بحسب هذين الأصلين أيضا إلى أربعة أقسام: (أحدها) أهل الإخلاص للمعبود والمتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وهم أهل ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ حقيقة فأعمالهم كلها لله وعطاؤهم لله ومنعهم لله وحبهم لله وبغضهم لله فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه الله وحده لا يريدون بذلك جزاء من الناس ولا شكورا ولا ابتغاء الجاه عندهم ولا طلب المحمدة والمنزلة في قلوبهم ولا هربا من ذمهم بل قد عدوا الناس بمنزلة أصحاب القبور لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فالعمل لأجل هؤلاء وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ورجاؤهم للضر والنفع منهم لا يكون من عارف بهم البتة بل من جاهل بشأنهم وجاهل بربه فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم ومن عرف الله اختص له أعماله وأقواله وعطاءه ومنعه وحبه وبغضه ولا يعامل أحد الخلق دون الله إلا لجهله بالله وجهله بالخلق وإلا فإذا عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم. وكذلك أعمالهم كلها وعباداتهم موافقة لأمر الله ولما يحبه ويرضاه وهذا هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل سواه وهو الذي بلى عباده بالموت والحياة لأجله. قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2] وجعل ما على الأرض زينة لها ليختبرهم أيهم أحسن عملا[2] قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه وأصوبه قالوا يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة وهذا هو المذكور في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ وفي قوله: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125] فلا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه على متابعة أمره وما عدا ذلك فهو مردود على عامله يعود أحوج ما كان إليه هباء منثورا. وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد". وكل عمل بلا اقتداء فإنه لا يزيد عامله من الله إلا بعدا فإن الله تعالى انما يعبد بأمره لا بالآراء والأهواء.

 

(الضرب الثاني) من لا إخلاص له ولا متابعة فليس عمله موافق للشرع ولا هو خالصا للمعبود كأعمال المتزينين للناس المرائين لهم بما لم يشرعه الله ولا رسوله وهؤلاء هم شرار الخلق وأمقتهم إلى الله عز وجل ولهم أوفر نصيب من قوله ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 188] يفرحون بما أتوا من البدعة والضلالة والشرك ويحبون أن يحمدوا باتباع السنة والإخلاص وهذا الضرب يكثر فيمن انحرف من المنتسبين إلى العلم والفقر والعبادة عن الصراط المستقيم فإنهم يرتكبون البدع والضلالات والرياء والسمعة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الاتباع والإخلاص والعلم فهم أهل الغضب والضلال.

 

(الضرب الثالث) من هو مخلص في أعماله لكنها على غير متابعة الأمر كجهال العباد والمنتسبين إلى طريق الزهد والفقر وكل من عبد الله بغير امره واعتقده قربة إلى الله تعالى فهذه حالة كمن يظن أن سماع المكاء والتصدية قربة وأن الخلوة التي يترك فيها الجمعة والجماعة قربة وأن مواصلة صوم النهار بالليل قربة وأن صيام يوم فطر الناس كلهم قربة وأمثال ذلك.

 

قلت: رحم الله الشيخ فأين المقلدون الذين يعبدون الله بآراء شيوخهم ويعرض عليهم كلام الله ورسوله فيعرضون عنه تقليدا لمن نهاهم عن تقليدهم.

 

قال الشيخ:

(الضرب الرابع) من أعماله على متابعة الأمر لكنها لغير الله تعالى كطاعات المرائين وكالرجل يقاتل رياء وحمية وشجاعة ويحج ليقال يقرأ القرآن ليقال فهؤلاء أعمالهم أعمال صالحة مأمور بها لكنها غير صالحة فلا تقبل ﴿ وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ ﴾ فكل أحد لم يؤمر إلا بعبادة الله بما أمر الله وبالإخلاص لله في العبادة وهم أهل ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ا هـ.

 

انتهى ما أردت تلخيصه من كلام هذا الإمام الجليل في معنى ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ وهو لائق بشرح ما جاء في الحديث الذي ابتدأت الكلام به من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حق العباد على الله أن يعبدوه" وبقي الكلام على قوله "ولا يشركوا به شيئا" إلى آخر الحديث نرجئه إلى الكلمة التالية لبسط الكلام فيها على الشرك وأنواعه وما وقع الناس فيه منه وهم لا يشعرون وجدالهم عنه وشبههم في ذلك مستعينين في ذلك بحول الله وقوته وتوفيقه وهدايته ثم بكلام أئمة العلم ونجوم الهداية وفحول البيان المستند إلى كلام الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

المصدر: "مجلة الإصلاح"، العدد الثاني - 15/ربيع الأول/1347هـ، ص8



[1] ص40 جزء أول طبع المنار بمصر.

[2] يشير لآية ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7] وكلام الفضيل تفسير لها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثمرات التوحيد
  • التوحيد أولاً
  • أهمية التوحيد وثمراته
  • التوحيد درة تاج الإسلام
  • ثمرة التوحيد
  • حق الله
  • حق الله تعالى على عباده (1)
  • الموفقون من عباده (خطبة)
  • حق الله على العباد (س/ج)

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • التطبيقات الفقهية لقاعدة إذا اجتمع حق الله وحق العبد..(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلق النبي مع أهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب