• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

في تطهير الأعيان النجسة

في تطهير الأعيان النجسة
د. عبدالحسيب سند عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/9/2012 ميلادي - 1/11/1433 هجري

الزيارات: 26557

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في تطهير الأعيان النجسة


ما سبق من مقالات ودراسات في هذا الشأن؛ كانت بيانًا لأنواع المطهرات للأعيان المتنجسة، وأما النجاسات، فالأصل فيها أنها لا تطهر، غير أن العلماءَ ذكروا جملة من الأمور تطهُر بها الأعيان النجسة، منها ما اتفقوا عليه، ومنها ما اختلفوا فيه، وإليك بيانها:

1- الاستحالة:

وهى تغيُّر النجاسة، وتبدُّل أوصافها؛ سواء كان التغيُّر بنفسها، كما لو تغيرت بمضيِّ المدة، أو بغيرها كالسرجين يصير بالاحتراق ترابًا، وقد اتفق الفقهاء على تطهير الخمر بالاستحالة عن طريق صيرورتها خَلاًّ.

 

واختلفوا فيما عدا ذلك على النحو التالي:

أ- تطهير الخمر وآنيتها إذا صارت خَلاًّ:

ويستوي عند الحنفية لطهارة الخمر بالاستحالة: أن تطهرَ بنفسها بأن تتخلل دون إلقاء شيء فيها، أو العكس، وهذا هو مذهب المالكية أيضًا[1].

 

وعند الشافعية والحنابلة: أن الخمرَ لا تطهر إلا إذا تخللت بنفسها دون إلقاء شيء فيها، إما بنفسها، وإما بنقلها من الشمس إلى الظل وعكسه، وإما بفتح رأسها، وفي هذه الحالة تطهر الخمر ووعاؤها، وما أصابته عند الغليان [2].

 

والسبب في تطهير الخمر بعد تخلُّلها، هو أن علة النجاسة والتحريم: الإسكارُ، وقد زالت هذه العلة، ولأن العصير لا يتخلل إلا بعد التخمر غالبًا، فلو لم نقُل بالطهارة، لربما تعذَّر الخل، وهو حلال إجماعًا[3].

 

وأما سبب طهارة الوعاء بالتخلل ولو كان ثوبًا، وجواز الصلاة فيه من غير غُسلٍ، على الرغم من عدم جواز الصلاة بالثوب المصاب بالبول، أو الدم إلا بعد غسله، ولو ذهبت عينُ النجاسة منه، فهو أن نجاسةَ البول والدم أصلية، ونجاسة الخمر عارضة [4].

 

ب- تطهير ما سوى الخمر بالاستحالة:

مذهب جمهور الفقهاء -ومنهم أبو يوسف من الحنفية- أن غير الخمر من النجاسات لا تطهر بالاستحالة؛ لأن أجزاءَ النجاسة تظل باقيةً من كل وجه[5].

 

ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل الجلاَّلة وشُرب ألبانها"[6]؛ لأكلها النجاسةَ، ولو طهرت بالاستحالة، لم يَنْهَ عنه[7].

 

ومذهب محمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة، أن نجس العين يطهُر بانقلاب العين وتبدُّلها؛ كالرَّوث أو العذِرة يتحول إلى رماد بالحرق، وكالكلب أو الخنزير يقع في المملحة، فيصير مِلحًا.

 

وأبو يوسف يقول بنجاسة المِلح في هذه الحالة، فلا يحلُّ تناوله، ومن ذلك أيضًا: العذِرة إذا دُفنت في الأرض، وذهب أثرها بمرور الزمن.

 

وحجة محمد في الطهارة: أن النجاسةَ لما استحالت وتبدَّلت أوصافها ومعانيها، خرجت عن كونها نجاسة، ولأنها اسم لذات موصوفة، فتنعدم بانعدام الوصف، وتصير كالخمر إذا تخلَّلت، ألا ترى أن الملح غير العظم واللحم.

 

وفرَّع بعض الحنفية على كلام الإمام محمد طهارةَ الصابون المصنوع من زيت نجس، لتبدُّل وصفه [8].

 

والراجح ما ذهب إليه الإمام محمد؛ لأن الشرع إنما رتَّب نجاسة العين بناءً على وصف معين، فإذا تبدَّل الوصف، فيجب أن يتغير الحكمُ، ويظهر ذلك في الشرع أن النطفة نجسةٌ، وتصير علقة وهي نجسة، فإذا صارت مضغةً طهُرت[9]، وأما القياس على الجلاَّلة، فممنوع؛ لأن الجلاَّلة يحل تناولها في الشرع إذا حُبست، وقد حمل كثير من الفقهاء النهي فيها على الكراهة لا على التحريم.

 

2- تطهير الإهاب النجسة بالدباغة:

مذهب عامة العلماء: أن الجِلد النجس، كجلد الميتة، أو ما سُلخ من حيوان نجس في حال حياته يطهر بالدباغ، باستثناء جلد الخِنزير والإنسان، وأضاف الشافعية الكلبَ؛ حيث لا يطهر عندهم لنجاسة عينه كالخنزير؛ حيث إن الدبغ يفيد التطهير، لإزالته الرطوبات والدمَ، والخنزير، والكلب، نجس العين، فكان وجود الدباغ في حقهما كالعدم.

 

وأما الحنفية، فليس الكلب عندهم نجسَ العين في أصح الأقوال، وبالتالي فإن الدبغَ يفيد في طهارة جلده كسائر الحيوان، وأما عدم طهارة جلد الآدمي في الدباغ، فإما لأنه لا يجوز سلخُه تكريمًا له، وإما أنه يطهُر جلده بالدباغ حقيقة، لكن لا يجوز الانتفاعُ به لحرمته[10].

 

وبمذهب الحنفية والشافعية وطهارة الجلد النجس بالدباغ، ذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه[11]، وطهارة الجلد بالدباغ يشمل الظاهر والباطن[12].

 

غير أنه يلزم لطهارة الجلد النجس، أن يكونَ قابلاً للدبغ أصلاً، فلو لم يقبل الدباغةَ، لم يجُز دبغُه، كجلد الحية الصغيرة، والفأرة [13].

 

وعند الشافعية يُشترط ألا يكون على الجلد شعر، وإلا لم يطهر.

 

ومذهب عامة علماء الحديث، أن الذي يطهر بالدباغة بعد الموت إنما هو جلد مأكولِ اللحم فقط[14].

 

ومذهب الإمام مالك في المعتمد عنده، وأحمد في المشهور من مذهبه، أن الدباغ لا يطهر[15]، واستدل هؤلاء بما رُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى جهينة: ((إني كنت رخَّصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عصب)) [16]، ولأنه جزء الميتة، فكان محرَّمًا؛ لقوله -تعالى-: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ﴾ [المائدة: 3]، فلم يطهُر بالدبغ كاللحم.

 

واحتج الجمهور على طهارة الجلد النجس بالدباغ بما يأتي:

1- قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما إهابٍ دُبغ، فقد طهُر))[17].

 

2- وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بفِناء قوم، فاستسقاهم، فقال: ((هل عندكم ماء؟))، فقالت امرأة: لا يا رسول الله، إلا في قربة لي ميتة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ألست دبغتِها؟))، فقالت: بلى، فقال: ((فإن ذكاتَها دباغُها؛ هكذا في المستدرك))[18].

 

3- ورُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((طَهورُ كل أديم دباغه))[19].

 

4- ولأن نجاسة الميتات، لِما فيها من الرطوبات، والدماء السائلة، وأنها تُزال بالدباغ فتطهر، كالثوب النَّجس إذا غُسل.

 

5- ولأن العادة جاريةٌ بلُبس جلد الثعلب في الصلاة وغيرها، من غير نكير، فكان إجماعًا[20].

 

وقول الجمهور بطهارة جلد الميتة بالدباغ هو الراجح؛ للأدلة الصريحة في ذلك، وأما استدلالهم بحديث: ((لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصَب))، فمعارَض بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شاة ميمونة، حين وجدها ميتةً ملقاة، فقال: ((هلاَّ أخذتم إهابَها، فدبغتموه، فانتفعتم به))[21]، فإن قيل: إن الحديثَ الذي استدل به المانعون متأخِّر، فيكون ناسخًا؛ لأنه قد ورد أنه قد كتب قبل وفاته -صلى الله عليه وسلم- بشهر أو شهرين، فالجواب أن الإهاب اسمٌ لجلد لم يُدبغ، وهذا لا نختلف معهم فيه أنه نجس، وإنما محل النزاع فيما لو دُبِغ [22].

 

هذا فضلاً عن أن القائلين بعدم طهارة الجلد بالدباغ كالمالكية والحنابلة، اختلفوا في جواز الانتفاع به، ورأينا الإمام مالكًا يقول: إن طهارته بالدباغ طهارةٌ لغوية، لا شرعية، وفسروا اللغوية، بالنظافة، وهذا هو معنى الطهارة شرعًا.

 

هذا فضلاً عن أن الإمام مالكًا قد توقَّف في طهارة جلد الحمار، والفرس، والبغل المدبوغ، وقال: "لا أدري، وتركُه أحب إليَّ"[23]؛ ولذلك وجدنا بعض المالكية يقول باستثناء هذه الجلود من جلد الميتة المدبوغ، وحكموا بطهارتها؛ اعتمادًا على أن السلف كانوا يصلُّون بسيوفهم وجَفيرها منه[24]؛ ولذلك وجدنا بعض المالكية يرجحون طهارة الجلود بالدباغ بسبب هذا التردُّد في جلد الحمار.

 

قال أبو بكر الكشناوي في الاعتراض على طهارة جلده دون غيره بالدباغ: "وانظر ما علة طهارته؟ فإن قالوا: الدبغ، قلنا: يلزم طهارةُ كلِّ مدبوغ، وإن قالوا الضرورة، قلنا: إن سلِم، فهي لا تقتضي الطهارة، بل العفو، وحملُ الطهارة في كلام الشارع على اللغوية في غير الكيمخت، وعلى الحقيقة في الكيمخت - تحكُّم، وعمَلُ الصحابة عليهم الرضا في جزئيٍّ يحقِّق العملَ في الباقي "[25].

 

بم يكون الدباغ؟

إذا تقرر ما رجحناه من طهارة الجلد بالدباغ، فقد اتفق الفقهاءُ على أن الدباغ يحصل بالشب والقرَظ، واختلفوا فيما عدا ذلك على النحو التالي:

1- فمذهب الحنفية، أن الدباغ إما أن يكونَ حقيقيًّا، وإما أن يكون حُكميًّا، والأول: يحصل بكل شيء محترم له قيمة يزيل النتنَ والفساد، كالقرظ والعَفْص، ونحو ذلك، وأما الثاني: فيحصل بكل شيء مزيلٍ للنتن والفساد؛ سواء كان شمسًا، أو ترابًا، أو ريحًا؛ وهذا لأن المعنى في طهارة الجلد بالدباغ، هو إزالة النتن والفساد، وهذا يحصل بكل ما ينشف الجلد، ويجفِّفه، والحقيقي والحُكمي في ذلك سواء [26].

 

2- ومذهب الشافعية والحنابلة: أن المعنى المعتبر في الدباغ ثلاثةُ أشياء:

نزع الفضول[27]، وتطييب الجلد، وصيرورته باستحالته إلى طاهر، بحيث لو وقع في الماء ثانيًا لا يعود إلى النتن والفساد.

 

وعلى ذلك، فكل شيء يؤثِّر في الجلد بهذه الأوصاف، جازت الدباغةُ به، ويحصل ذلك بكل شيء حرِّيف -أي لاذع- كالشبِّ والقرَظ، وقشور الرمان، والعفْص[28].

 

هذا وقد اختلف الفقهاء في استعمال الماء مع هذه الأشياء الحريفة على رأيين:

الأول: أنه ليس بشرط، وهو الأصح عند الشافعية؛ لأن التطهير بالاستحالة لا يُشترط فيه الماءُ[29].

 

الثاني: يشترط؛ لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما مر على رجال من قريش يجرون شاةً لهم مثل الحمار، قال لهم: ((لو أخذتم إهابها))، فقالوا: إنها ميتة، قال: ((يطهِّرها الماءُ والقرظ))[30].

 

وعلى رأي الشافعية، فإنه لا فرق بين أن يكون الحرِّيف المستعمل في الدبغ نجسًا، أو متنجسًا؛ أو طاهرًا؛ لأنه لا فرق بينهم، إذ يصير الطاهر الآخر نجسًا بملاقاة الجلد، ولكن إذا تمت الدباغةُ بالنجس، فيجب غسل الجلد قطعًا بعد ذلك؛ لأنه يصير كالثوب المتنجِّس، حيث يجب غَسلُه [31].

 

وهذا خلافًا للحنابلة، حيث يُشترط عندهم طهارةُ ما يُدبغ به، وإلا لم يطهُرِ الجلدُ [32].

 

ولا فرق عند الشافعية بين أن يكون الدبغُ قد حصل بفعل الشخص أو بدونه؛ إذ يحصل الدبغُ عندهم بإلقاء الريح للجلد في المدبغة [33].

 

والراجح: أنه لا يشترط للدبغ أشياءُ محددة، كما هو مذهب الحنفية؛ لأن المطلوبَ هو إزالةُ النتن والفساد، وهذا يحصل بكل ما ينشف ويجفِّف، كما سبق وقلنا في التطهير بالجفاف، وأما القول بأن الدبغ لا يحصل إلا بكل حرِّيف كما هو مذهب الشافعية، فليس عليه دليلٌ شرعي، اللهم إلا الحديث الذي رووه بلفظ: ((يطهِّرها الماء والقرَظ))، وهذا ليس فيه منعٌ لِما سواه، فيكون محمولاً على الندب باعترافهم، فيبقى أن يكون قولهم هذا تحكمًا لا دليل عليه.

 

3 - التطهير بالذبح:

اتفق الفقهاء على طهارة جلد كل حيوان مذكًّى مأكولِ اللحم، وكذلك الأمر بالنسبة لشحمه ولحمه، وكافة أجزائه، سوى الدم.

 

واختلفوا في طهارة جلد ولحم ما لا يؤكل لحمه بالذبح:

فمذهب الحنفية والمالكية: أن كلَّ ما يطهر جلده بالدبغ بعد مماته، يطهر جلده أيضًا بالذبح حال حياته، وفي أجزائه الأخرى سوى الدم خلاف عند الحنفية، والصحيح عندهم أنها تطهر، وهذه رواية الكرخي المفتَى بها عندهم؛ حيث نقل عنه القول: "كلُّ حيوان يطهر جلدُه بالدباغ، يطهُر بالذبح".

 

ونقل عن بعض مشايخ الحنفية: أن الذي يطهُر بالذبح من غير المأكول، هو جلده فقط [34].

 

ومذهب المالكية، طهارة جميع أجزاء الحيوان سوى الدم، في غير الآدمي والخنزير[35].

 

واحتجوا على مذهبهم هذا بقوله -صلى الله عليه وسلم- في شاة ميمونة: ((دباغها ذكاتها)) [36]، فعُلم بذلك أن الذكاة هي الأصل في الطهارة، وأن الدباغ قائمٌ مقامها عند عدمها، وأيضًا فإن الذكاة أبلغ من الدباغ؛ لأنها أسرع في إزالة الرطوبات والدماء السيالة، وهي النجسة دون الجلد واللحم، فإذا زالت طهرت كما في الدباغ [37].

 

وعند الشافعية والحنابلة: أن كل ذبح لا يفيد إباحةَ اللحم، لا يفيد طهارةَ المذبوح؛ كذبح المجوسي، أو الذبح غير المشروع [38]، ورد هؤلاء ما استدل به الحنفيةُ من الحديث، بأن المراد أن الدباغَ كالذكاة، والذكاة إنما تعمل في مأكول اللحم، وأما استدلالهم بأن الذكاة تزيل الفضلات والرطوباتِ الخبيثة من الحيوان، فأشبهت الدباغ، فالجواب عنه بما ذكرناه في استدلال المذهب الثاني من أن ذبح المجوسي له معنى الإزالة، ومع ذلك لم يطهر الجلدُ، وبذلك يترجح لدينا مذهبُ الشافعية والحنابلة، وبالتالي نقول بعدم طهارة غير المأكول بالذبح؛ قال ابن قدامة في ترجيحه لهذا الرأي مفرقًا بين الدبغ والذكاة وهما عند الحنفية من المطهِّرات المرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئةَ، وحيث العلاقة بينهما علاقةُ أصل وتبع: إنه لا يلزم من حصول التطهير بالدباغ، حصوله بالذكاة؛ لكون الدبغ مزيلاً للخبث والرطوبات كلها، مطيبًا للجلد على وجه يتهيأ به للبقاء..، والذكاة لا يحصل بها ذلك، فلا يستغنى بها عن الدبغ " [39].



[1] فتح الوهاب 1/ 127، أسهل المدارك 1/ 67.

[2] نهاية المحتاج؛ للرملي 1/ 248 ط مصطفى الحلبي، الفروع 1/ 243.

[3] نهاية المحتاج 1/ 284.

[4] أسهل المدارك 1/ 67 ط دار الفكر.

[5] مجمع الأنهر 1/ 61، عمدة السالك ص 54، وتطهر النجاسة بالاستحالة عند المالكية والشافعية أيضًا، إذا استحالت إلى حيوان؛ كالميتة تتحول إلى دود، والكَنِيف يخرج منه الصراصير، وهذا وجه ضعيف عند الحنابلة؛ الذخيرة؛ للقرافي 1/ 170، بلغة السالك 1/ 24، روضة الطالبين 1/ 123، الفروع 1/ 241.

[6] رواه أحمد، حديث رقم 2666.

[7] المقنع 1/ 81، وفي رواية عن الإمام أحمد أنه يطهر؛ المرجع السابق.

[8] وانضم المالكية إلى الإمام محمد في طهارة بعض الأعيان النجسة بالاستحالة؛ كرماد النجس من الزبل، والرَّوث، وكذا الوقود المتنجس، فإنه يطهر بالنار، وكذا دخان النجس فإنه طاهر؛ بلغة السالك 1/ 20، وعندهم قول آخر بالنجاسة في كل ذلك، المرجع السابق، الذخيرة 1/ 179.

[9] راجع في نفس المعنى: فتح القدير 1/ 139.

[10] تحفة الفقهاء 1/ 72، الحاوي الكبير؛ للماوردي 1/ 57 ط. دار الكتب العلمية، البناية على الهداية 1/ 360، ومذهب أبي يوسف من الحنفية طهارةُ كل الجلود بالدباغ؛ بدائع الصنائع 1/ 86، وهذا هو مذهب الظاهرية؛ المحلى 1/ 118 ط دار الجبل.

[11] المغني والشرح الكبير 1/ 55.

[12] نيل الأوطار 1/ 61، روضة الطالبين 1/ 152، الوسيط؛ للغزالي 1/ 1422.

[13] فتح القدير 1/ 147، فتح الوهاب 1/ 29.

[14] بدائع الصنائع 1/ 85، عمدة السالك ص 55.

[15] أسهل المدارك 1/ 54، المغني والشرح الكبير 1/ 55.

[16] رواه أبو داود حديث رقم 4128.

[17] رواه النسائي بلفظه حديث رقم 4241، ورواه مسلم بلفظ: ((إذا دُبغ الإهابُ فقد طهُر)) كتاب الحيض - حديث رقم 366.

[18] رواه الحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، حديث رقم 7217 - 4/ 157.

[19] رواه الدارقطني، وقال: إسناده كلهم ثقات؛ نيل الأوطار 1/ 63 ط. دار الحديث.

[20] بدائع الصنائع 1/ 85.

[21] رواه الجماعة إلا ابن ماجه؛ انظر: نيل الأوطار 1/ 60.

[22] نيل الأوطار 1/ 61، بدائع الصنائع 1/ 85، الحاوي 1/ 61.

[23] أسهل المدارك 1/ 55.

[24] أسهل المدارك 1/ 55.

[25] أسهل المدارك 1/ 55، الحطاب والدسوقي، وعلى رواية الطهارة، فقد خصص الحنابلةُ جلود السباع من جلود الميتة، فقالوا بعدم طهارتها بالدباغ، احتجاجًا بما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن جلود السباع، أن تفترشَ"؛رواه الترمذي؛ نيل الأوطار 1/ 59، وهذا غير ظاهر؛ لأن غاية ما فيها مجردُ النهي عن الركوب عليها، وافتراشِها؛ نيل الأوطار 1/ 59.

[26] بدائع الصنائع 1/ 86، فتح الوهاب 1/ 29 ومذهب أهل الظاهر كمذهب الحنفية في أن الدباغ يحصل بكل شيء يدبغ؛ المحلى 1/ 118، ط دار الجيل.

[27] المقصود: مائيَّته ورطوبته المفسدة له؛ نهاية المحتاج 1/ 250.

[28] الشب: هو من جواهر الأرض يدبغ به، ويقال أيضًا: الشث: وهو شجر مُرُّ الطَّعم، طيب الرائحة يدبغ به، والقرظة: ورق السَّلَم، والعَفْص: شجرة البلوط، والمستعمل في الدباغ هو ثمرها؛ راجع: حاشية أبي الضياء نور الدين بن علي؛ نهاية المحتاج 1/ 251، لسان العرب، المعجم الوجيز مادة: عفص.

[29] راجع في مذهب الشافعية روضة الطالبين؛ للنووي 1/ 151، ط. دار الكتب العلمية، الحاوي؛ للماوردي 1/ 62، نهاية المحتاج 1/ 251، الوسيط؛ لأبي حامد الغزالي 1/ 42، ط. إدارة الشؤون الإسلامية - قطر، المغني والشرح الكبير 1/ 58.

[30] الخلاف في وجوب استعمال الماء، مبنيٌّ على خلافهم في طبيعة الدباغة، هل هي إزالة أم استحالة؟ فقال الحنفية بالأول، وقال الشافعية بالثاني، وأما المالكية، فقالوا: إن فيه الأمرين؛ راجع: بدائع الصنائع 1/ 85، الذخيرة 1/ 184، الحاوي 1/ 63، الوسيط؛ لأبي حامد الغزالي 1/ 420، زاد المحتاج بشرح المنهاج؛ لعبدالله بن حسن الكهوجي 1/ 80 ط المكتبة العصرية - بيروت، والحديث رواه أبو داود، والنسائي، وابن حبان والدارقطني؛ نيل الأوطار 1/ 60.

[31] الحاوي 1/ 64، روضة الطالبين 1/ 151، عمدة السالك ص 55، وهل يحصل الدبغ بالمِلح؟

نص الشافعي على عدم الجواز، وعليه أكثر الأصحاب، وقَطَع إمامُ الحرمين بالحصول؛ روضة الطالبين 1/ 152، نهاية المحتاج 1/ 251.

[32] المغني والشرح الكبير 1/ 58.

[33] وهل يجوز أكله بعد الدبغ عندهم؟

الأظهر هو التحريم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما حرُم من الميتة أكلُها))؛ راجع: روضة الطالبين 1/ 152، نهاية المحتاج 1/ 251، الحاوي 1/ 96، الوسيط 1/ 422، وهذا هو مذهب الظاهرية؛ المحلى 1/ 118، والحديث رواه مسلم - كتاب الطهارة - باب طهارة جلود الميتة بالدباغ 1/ 190.

[34] البناية على الهداية 1/ 376، ط. دار الفكر، اللباب في شرح الكتاب 4/ 23، ط. دار الحديث، البحر الرائق 8/ 314، ط. دار الكتب العلمية، الفتاوى الهندية 1/ 25، ط. دار إحياء التراث، ويظهر أثرُ الخلاف عندهم، فيما لو وقع شيء من ذلك في الماء، هل يفسده أم لا؟ وهل يجوز له حملُه إلى طيوره، وكلابه ليطعمها أم لا؟ ولو صلى ومعه شيء من ذلك، هل تفسُد صلاته أم لا؟ البناية 1/ 376.

[35] وقد تردد النقل عند المالكية في جلد الحمار؛ الذخيرة 4/ 125، 127، ط. دار الغرب، الكافي في فقه أهل المدينة 1/ 135، ط. دار الهدى - القاهرة، تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة 3/ 623؛ لأبي عبدالله محمد بن إبراهيم بن خليل التتائي، على الرسالة؛ لأبي محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن زيد القيرواني، ط. أولى.

[36] رواه النسائي - حديث رقم 4245.

[37] البناية 1/ 375، اللباب 4/ 230.

[38] الكافي في فقه الإمام أحمد 1/ 21 لموفق الدين بن قدامة المقدسي 1/ 21، ط. المكتب الإسلامي، المجموع شرح المهذب 1/ 246، الحاوي 1/ 58، المغني والشرح الكبير 1/ 59.

[39] المغني والشرح الكبير 1/ 59.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ما تزال به النجاسة
  • في العفو عن النجاسة لقلتها
  • العفو عن النجاسة للعجز أو العذر
  • خفاء النجاسة
  • إذا اشتبه الماء الطهور بالماء النجس
  • إذا أخبره رجل أو امرأة بنجاسة الماء

مختارات من الشبكة

  • حكم طهارة العين النجسة بالاستحالة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • إزالة النجاسة والأشياء النجسة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • في تطهير الأعيان المتنجسة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب الوقاية من العين والمس والسحر والشيطان: تطهير البيت من الكلاب والتصاوير والتماثيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الصيام في تزكية النفس رحلة تطهير الروح وترويض القلب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استجابة الله تعالى لدعائه بتطهير المدينة المنورة من الوباء وأن يبارك فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاصطفاء على نساء زمانها، والتطهير من الرذائل الحسية والمعنوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة البقرة (10) تطهير البيت وبناؤه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تطهير النجاسات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كورونا وحملات التطهير(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب