• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

النشاط الاقتصادي من منظور إسلامي (1/2)

د. عمر بن فيحان بن عياد المرزوقي

المصدر: مجلة "الشريعة والدراسات الإسلامية"، العدد الخامس والأربعون، السنة الحادية عشرة
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/12/2008 ميلادي - 24/12/1429 هجري

الزيارات: 43341

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
ملخَّص:
لقد تناولتُ في هذا البحْث المتواضِع موضوعَ النَّشاط الاقتِصادي من منظورٍ إسْلامي، وجعلتُه بعد المقدِّمة في مبحثَيْن وخاتمة:

المبحث الأوَّل: يتناول التَّوجيهات الإسلاميَّة المباشِرة الدَّاعية إلى النَّشاط الاقتِصادي، حيث يشجِّع الإسْلام كلَّ أنْواع الأنشِطة الاقتِصاديَّة المشروعة، وهناك نصوص متعدِّدة من القُرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة تَحثُّ الأفْراد على الكسْب وتَحصيل الرِّزْق؛ كقوْلِه تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[1]، بل إن الإسلام رفع من شأن النشاط الاقتصادي النافع، وجعله عبادةً يتقرب بها الإنسان إلى ربه، طالما اقترن بالنيَّة الصَّالحة والتزم بالأحكام الشرعيَّة؛ حيث إنَّ النَّشاط الاقتصاديَّ في الإسْلام لا يهدف إلى تَحقيق النَّفْع المادِّيِّ فحسْب، كما هو الحال في النُّظم الاقتصاديَّة الأخرى؛ بل لتحقيق المنافع المعنوية والروحية التي تحقق السعادة الدائمة للإنسان في الدنيا والآخرة.

كما تناول هذا المبحث التوجيهات الإسلاميَّة غير المباشرة للنَّشاط الاقتِصادي، حيث منع الإسلامُ الكسْبَ عن طريق المسألة؛ فقد ورد في الحديث الشَّريف: ((ما يزال الرجُل يسأل النَّاس، حتَّى يأتيَ يوم القيامة وليس في وجهِه مزْعة لحم))[2].

كما منع الإسلام الكسْب عن طريق الرِّبا، وذلك بِجميع صُوره وأشكاله، قليله وكثيره، وسواءٌ أكان في القرض الإنتاجي أم في القرض الاستهلاكي.

المبحث الثاني: يتناول أهمية تأسيس النَّشاط الاقتصادي على المنهج الإسلامي، حيثُ إنَّ إقامة شرع الله في النَّشاط الاقتصادي من موجبات جلْب البركة والرَّخاء الاقتصادي، وهذا وعد إلهي؛ {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى}[3]، بينما تكون النتيجة الحتميَّة للبعد عن التعاليم الاقتِصاديَّة الإسلاميَّة هو تَحقيقَ قولِه تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}[4]. وإذا ما سلك الفرْد في نشاطه الاقتِصادي طرُقًا وأساليبَ لا تحترِم الشَّريعة، فإنَّ الشريعة لا تتركه يستفيد من نشاطه الخاطئ؛ بل توجب على الدَّولة الإسلاميَّة ضمن وظائفِها الاقتصاديَّة التأكُّد من سلامة سيْر النَّشاط الاقتِصادي، فالشَّريعة الإسلامية مهْما تشجِّع العامل الاقتصادي، وتفسح له المجال، فإنَّه لا يسعها أبدًا أن تعترف أو تتسامح بأيَّة صورة من صور الكسب الخبيث.

المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

ترسم الشريعة الإسلامية منهجًا شاملاً لكلِّ جوانب الحياة، بِما فيها حياة الإنسان الاقتصاديَّة بوصْفِها وسيلةً إلى أهداف أسْمى، أبرزُها ابتِغاء مرْضاة الله - جلَّ شأْنُه - فيتحقَّق بذلك سعادة البشَر في الدَّارين: الدنيا والآخرة.

وقد عُنيت الشريعة الإسلامية بالجانب الاقتصادي، فأوضحت الحرام، وقاعدة الحلال التي يقوم عليها النَّشاط الاقتصادي للإنسان، منتجًا ومستهلكًا وصانعًا ... إلخ، ووضعت له من التَّشريعات الإسلامية ما يكفل سلامتَه وعدم انْحرافه.

كما أنَّ الشَّريعة لم تقِف عند بيان الحلال والحرام، وإنَّما حثَّت وشجَّعت النَّشاط الاقتِصادي النَّافع، وجعلت الكسْب الطَّيِّب جزءًا لا يتجزَّأ من الإيمان والتقْوى، ونَهت الإنسان عن الاستِكانة إلى الفقْر، ما دام في طاقته أن يتخلَّص منه، ويرتقي إلى مراتب الغنى.

ولعلَّ المتتبِّع للآيات القُرآنيَّة، والأحاديث النبويَّة، وآثار السَّلف المجيدة - يُدْرِك مدى تلك العناية البارزة، التي ربطتِ السُّلوك الاقتِصادي للمسلم بعقيدته الإسلامية، في حين انسلخت الاقتصاديَّات الوضعية عن الجوانب الروحيَّة والأخلاقيَّة، وركَّزت على الجوانب المادِّيَّة في النشاطات الاقتصادية، ولعلَّ ذلك يبرز مدى ما يملكه المجتمع المسلم من تعاليم اقتصادية إسلامية، متميزًا عن غيره من المجتمعات الأخرى، التي عرفت مذاهب اقتصاديَّة رئيسة، أخفقت في علاج المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البشرية، كالرأسمالية التي أقامت بنياتها على الحرية المطلقة وآليات السوق، أو كالاشتراكية التي نشدت سعادتها والعدالة المطلقة من خلال الاقتصاد الآمر، وتملُّك الدولة لمعظم وسائل الإنتاج.

ولأنَّ من النَّاس من يُمارس نشاطه الاقتِصادي عملاً أو إنتاجًا، أو استهلاكًا أو استثمارًا، أو يكون في حالة بطالة، أو متأثِّرًا بِمذهب اقتِصادي غير إسلامي، ويخفى عليه معرفة موقف الإسلام من النَّشاط الاقتِصادي، وإيمانًا بِواجب الإسْهام في كشْف بعْضِ جوانب النَّشاط الاقتِصادي من منظور إسلامي، فقد قمتُ ببحث هذا الموضوع، وجعلته بعد هذه المقدمة في مبحثين وخاتمة.

المبحث الأول: التوجيهات الإسلامية الداعية إلى النشاط الاقتصادي.
المبحث الثاني: تأْسيس النشاط الاقتِصادي على المنهج الإسلامي.

واللهَ تعالى أرجو أن أكونَ قد وفِّقت فيما قدمت، وأن يَجعله خالصًا لوجْهِه الكريم.

المبحث الأول
التوْجيهات الإسلامية الدَّاعية إلى النَّشاط الاقتِصادي
يشجِّع الإسلام كلَّ أنواع النشاطات الاقتصادية، التي تتفق مع تعاليمه، والقُرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة يحفلان بالتَّوجيهات التي تؤكِّد أهمِّيَّة السَّعْي الدَّائب في حياة الفَرْد والمجتمع، وتثبت أنَّ مُمارسة النَّشاط الاقتصادي المشروع تتحقَّق بمقتضاه الخلافة التي أرادها الله في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}[5].

ومن ثَمَّ؛ سوف يشتمِل هذا المبحث على مطْلَبَيْن أساسيَّيْن على الوجْه التَّالي:
المطْلب الأوَّل: التَّوجيهات الإسلاميَّة المباشرة للنَّشاط الاقتِصادي.
المطلب الثاني: التَّوجيهات الإسلاميَّة غير المباشرة للنَّشاط الاقتِصادي.

المطْلَب الأوَّل: التوجيهات الإسلامية المباشرة للنشاط الاقتصادي:
بالتَّأمُّل في القرآن الكريم نجِده يوجه الإنسان في أكثر من آية إلى العمل والسعي في مناكب الأرض، لعمارتها والاستفادة من خيراتها، واستثمار ما في ظاهرها وباطنها؛ فهو القائل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[6].

كما أنَّ القرآن الكريم الذي ذكر رحلتَي الشتاء والصيف، ولم يمنع أتباعه عن مباشرة أنشطتهم الاقتصادية، ولو كانوا في موسم الحج والعبادة؛ كما قال سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}[7].

كما دعا الإسلام إلى النَّشاط الاقتِصادي دعوةً صريحة في قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّّهَ كَثِيراً}[8].

ورغْم ما في الآيةِ الكريمة من أمرٍ إلَهي بالانتِشار في الأرْض، ليُمارس المسلِم نشاطَه الاقتصادي، فإنَّها في الوقْت نفسِه استهدفتْ حِفْظَ التَّوازُن المطْلوب، بين عمل المسلم في الدُّنيا، وعمله في الآخرة، حينما مَزَجَتِ العمل الدنيوي بذِكْر الله - سبحانه - كثيرًا[9]، أو حينما آختْ بين الجانب المادِّي والجانب الرُّوحي، اللَّذَيْن يتكوَّن منْهما الإنسان، فلا يطغى أحدُهُما على الآخَر في ظل الهداية الإسلاميَّة، التي تعْطي كلاًّ من المادة والروح حقَّهما من الرِّعاية والعناية؛ حتَّى لا يقع الإنسان في هزال الرهبانيَّة، أو في سعير الشَّهوات المادِّيَّة[10].

وذلك على النَّقيض من الاقتِصاديات الوضعيَّة التي قصرت عنايتَها على الجانب المادِّي، الذي أصبح الهدف الوحيد للنَّشاط الاقتِصادي للإنسان المعاصر، دون مراعاةٍ أو التفاتٍ للجوانب الأخرى، كالقِيَم والمبادئ الأخلاقيَّة والروحيَّة؛ {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}[11]؛ إذْ إنَّ الشيوعيَّة الماركسيَّة تنكر الأديان، وتعتبِرها أفيون الشعوب، وتركز على التطوُّر المادِّي للحياة، وتَمحو مشاعر الإِخاء في النُّفوس البشريَّة، كما أنَّ الرَّأسمالية، وإن كانت لا تنكر الدِّين والأخلاق؛ إلا أنَّها قصرتْها على نطاق الكنيسة، وأبعدتْها عن القيام بدوْرٍ إيجابي في نظامِها الاقتِصادي، ومن ثَمَّ؛ فإنَّ "التفاعُل الدِّيناميكي بين النُّظم الدِّينيَّة والدنيويَّة ليس له وجود في المجتمع الرَّأسمالي أو الاشتراكي"[12]؛ مما جعل التخلص من جحيم الحياة المادية، الفارغة الجوانب الروحية والأخلاقية، عن طريق الانتحار أو غيره - ظاهرةً تشهدُها المجتمعات المعاصرة، فالتَّركيز على جانبٍ من جوانب الحياة الإنسانيَّة، وإهْمال بقية الجوانب الأخرى - يتنافى مع ما جاءت به شريعة الإسلام، التي تنظم أمور المعاش كما تنظِّم أمور المعاد، وتدعو لطلب الدنيا كما تدعو لطلب الآخرة؛ كما في قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[13].

وأنكر الإسلام على مَن يترهْبن بنية التفرُّغ للعبادة، وترك النشاط الاقتصادي أو الحط من قدره؛ كما في قوْل الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي أصابه الغلوُّ في العبادة، حينما امتدحه نفر من الصحابة، بأنَّه يصلي حتَّى يرتحلوا، وإذا ارتَحلوا لم يزل يقرأ ويذكر حتَّى ينزلوا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أيُّكم كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه؟))، قالوا: كلُّنا يا رسول الله، قال: ((كلُّكم خيرٌ منه))[14]، ومن ثَمَّ فالنَّصُّ النبويُّ يوحي بأنَّ العبادة التي فرضها الله على المسلم، لا يكون أداؤُها ذريعةً للتَّراخي في نشاطِه الاقتِصادي أخذًا بنصيبِه من الدُّنيا[15].

إذْ إنَّ الإسلام لا يرضى للمسلم أن يتخلَّى عن دوْرِه في القيام بعمارة الأرْض، وتَحقيق الخلافة فيها، من غيْر إثْم ولا عدوان، ولا يقره على الغلو في الزهد؛ فـ ((الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال))[16]، أو حرمان النفس من طيبات ما أحلَّ لها؛ {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ}[17]، ولا على البطالة، فالكسْب والكدُّ طريق المرسلين - صلوات الله عليْهم أجمعين - فآدم - صلى الله عليه وسلم - زَرَع الحِنْطة وسقاها وحصدها، ونوحٌ كان نجَّارًا، وإبراهيم كان بزازًا، وداود كان يصنع الدُّروع، ونبيُّنا مُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان راعيًا للغنم، وأبو بكر الصِّدِّيق بزَّازًا، وعمر يعمل في الأديم، وعثمان كان تاجرًا، وعليٌّ كان يتكسَّب، فقد صحَّ أنَّه كان يؤاجر نفسَه[18]، فالمسلم إذا خلصت نيَّته، وحسن مقصده في نشاطِه الاقتِصادي - عملاً وإنتاجًا واستِهْلاكًا - فهو في عبادة بِمفهومها العام؛ لأنَّ العبادة في الإسلام لا تقتصِر على الشَّعائر التعبُّديَّة المعروفة، كالصَّلاة والزَّكاة والصِّيام، بل تشمل "كلَّ ما يحبُّه الله ويرضاه، من الأقْوال والأعمال، الباطنة والظاهرة"[19]، في حين أنَّ الإعراض المطْلَق عن السَّعي والكسب؛ بزعْم أن ذلك من الزهد - فكرة دخيلة على الإسلام، وصف الإمام الغزالي أصحابَها بالجهْل في قوله: "وقد يظنُّ الجهَّال أنَّ شرط التوكُّل ترْك الكسْب، وترْك التَّداوي، والاستسلام للمتهلكات، وذلك خطأ؛ لأنَّ ذلك حرامٌ في الشَّرع"[20].

وقال الموصلي: "ولا تلتفت إلى جماعةٍ أنْكروا ذلك – يعني: الكسْب - وقعدوا في المساجد، أعيُنهم طامحة، وأيديهم مادَّة إلى ما في أيدي الناس، يسمون أنفسهم المتوكلة، وليسوا كذلك؛ يتمسكون بقوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}[21] وهم بِمعناه وتأويله جاهلون؛ فإنَّ المراد به المطر، الذي هو سبب إنْبات الرزق، ولو كان الرزق ينزل علينا من السماء، لما أمرنا بالاكتساب والسعي في الأسباب؛ وقال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[22]، وقال تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِياًّ}[23]، وكان تعالى قادرًا أن يرزُقها من غير هزٍّ منها، ولكن أمرَها ليُعْلِم العباد أن لا يتركوا أسباب الاكتِساب"[24].

وقيل لأحمدَ بْنِ حنبل: ما تقولُ في رجلٍ جلس في بيْتِه أو مسجِده وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي؟ فقال أحمد: هذا رجلٌ جاهل العمل[25]؛ أما سمِع قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله جعل رِزْقي تَحت ظلِّ رمْحي))[26]؟! وقال حين ذكر الطير: ((تغدو خِماصًا وتروح بطانًا))[27]، وقد بيَّن ذلك الخليفةُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنْه - حينما علِم بوجود مَن يقصِّر في العمل، وترك أسباب طلَب الرِّزْق، فقال عبارتَه المشهورة: "لا يقعد أحدُكم عن طلَب الرِّزْق، ويقول: اللَّهمَّ ارزُقْني، وقد علِم أنَّ السَّماء لا تُمطِر ذهبًا ولا فضَّة، وأنَّ الله إنَّما يرزق النَّاس بعضَهم من بعض"[28]، وتلا قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ   وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[29].

وكان - رضي الله عنه - إذا رأى فتًى فأعجبه حالُه سأل عنه: هل له حرفة؟ فإذا قيل له: لا، سقط من عيْنِه[30].

كما قرن القرآن الكريم بين المشاركين في النشاط الاقتصادي والمجاهدين، في آخر الآية من سورة المزمل في قوله تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[31].

ورغَّب نبي الإسلام في السعي والنَّشاط بقوله: ((ما أكل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده))[32] إلى غير ذلك من النصوص الدالَّة على فضل السعي وثوابه عند الله، وذمِّ البطالة وقبحها عنده.

كما أكَّد الإسلام كرامةَ العمل الإنساني الذي يتَّفق والتَّعاليم الإسلامية، ورفع من قدْرِه والارتِقاء به إلى درجة العبادة والجهاد، طالما اقْترن بالنِّيَّة الصَّالحة، والتزم بالأحكام الشرعيَّة[33]. يؤكِّد ذلك حديث كعب بن عجرة قال: مرَّ على النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجل، فرأى أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من جلده ونشاطه، فقالوا: يا رسولَ الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنْ كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبويْن شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً مفاخرة فهو في سبيل الشيطان))[34].

ولا ريب أنَّ هذا - بحدِّ ذاتِه - حافزٌ قوي للإقبال على العمل والإنتاج، لا يدركه إلا ذوو البصائر، الأمر الذي يمكن معه القول: بأنَّ تلك الصفة التعبديَّة للنشاط الاقتصادي في الإسلام لها أثرها الإيجابي في زيادة عرض العمل في الاقتصاد الإسلامي، ومن ثم زيادة الإنتاج من السلع والخدمات، نتيجة إقبال أفراد المجتمع المسلم على العمل، دون التأثر - بشكل كبير - بتقلبات الأجور المالية، ما دام المسلم يعمل ابتغاء ثواب الدنيا - العائد المادي - وثواب الآخرة، وذلك مما يسهم في القضاء على البطالة الاختياريَّة، وفي كبح جماح التضخُّم الذي يسود الاقتصاديات المعاصرة[35].

وقد حرص الإسلام على تشْجيع واستِمْرار النَّشاط الاقتِصادي للفرْد المسلم؛ لتلبية الاحتِياجات المتعدِّدة، لا للبشَر فحسْب، بل لسائر المخلوقات الأخرى، كالطَّير والحيوان، كما يُفْهم ذلك من قوْل الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي رواه البخاري: ((ما من مسلمٍ يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكُل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بَهيمةٌ؛ إلا كان له به صدقة))، وفي روايةٍ لمسلم: ((إلا كان له صدقةٌ إلى يوم القيامة))[36]، وقد ذكر ابنُ حجر العسقلاني، ومقتضاه: أنَّ أجر ذلك يستمرُّ ما دام الغرس أو الزَّرع مأكولاً منه، ولو مات زرعه أو غرسه، ولو انتقل ملكه إلى غيره"[37].

كما أنَّ الإسلام يَحرص أشدَّ الحرْص على أن يكون جَميع أتباعِه عاملين مُنْتجين، وإن لم يتحقَّق لهم نفعٌ مادِّي في حياتِهم، باعتبار أنَّ ما عند الله خيرٌ وأبْقى، وآية ذلك في الحديث القائل: ((إن قامت السَّاعة وفي يدِ أحدِكُم فسيلة، فإنِ استطاع أن لا يقوم حتَّى يغرسها، فليغرسْها))[38].

وقد يسأل سائل بقوله: ما الفائدة من غرس الفسيلة والساعة قائمة؟ وقد لا أجد أجمل مما أورده أحدُ العلماء المعاصرين للإجابة عن ذلك: "بأنَّه تكريم للعمل الذي يتعبد به المسلم لربه، والعبادة ليس لها أجل تقف عنده"[39]؛ لقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}[40]، ومن ثَم فالفرد المسلم سوف يبقى عاملاً منتجًا طيلة حياته، لعلمه أنَّ الله سائله عن عمره وعمله، فهو يعبد ربه بنشاطه الاقتصادي، كما يعبد ربَّه بالصلاة والزكاة، وهذا يجعل "نشاط الفرد المسلم لا يرتبط بما تواضعت الإحصاءات الدوليَّة على تسميته بسن النشاط، وهو من 15 - 60 وينتهي الأمر، بل يمتد النشاط الاقتصادي للفرْد المسلم ما بعد ذلك[41]، فخير الناس من طال عمره وحسن عمله[42]؛ كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم.

ولقد كان المسلِمون الأوائل يعرفون منزلة النَّشاط النَّافع في الإسلام وحرِصوا على مزاولته، فاصطبغت حياتُهم الاقتِصاديَّة بصبغة إسلاميَّة واضحة، فقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقدم درجة الكسب على درجة الجهاد، ويقول: لأن أموت بين شعبتي رجل، أضرب في الأرض، أبتغي من فضل الله - أحبُّ إليَّ من أن أُقْتل مجاهدًا في سبيل الله[43]؛ لأنَّ الله - تعالى - قدَّم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله على المجاهدين بقوله: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[44].

ولأنَّه لا يتوصَّل إلى أداء الصَّلاة إلا بالطَّهارة، ولا بدَّ لذلك من كوز يستقي به الماء، وثوب يستُر العورة، ولا يحصل له ذلك إلا بالاكتِساب عادة، وما لا يتأتَّى إقامة الفرض إلا به يكون فرضًا في نفسه[45]، ومرَّ رجل على أبي الدرداء وهو يغرس جوزة فقال: "أتغرس هذه وأنت شيخ كبير، وهي لا تطعم في كذا وكذا عامًا، فقال: ما عليَّ أن يكون لي أجرُها، ويأكل منها غيري"[46].

فلم يكن العائد المادي أو الحافِز الاقتِصادي هو الباعث الوحيد للنَّشاط الاقتِصادي في الإسلام، كما في الاقتِصاديات المعاصرة، التي اعتبرت المعاش مقصد الإنسان الأساس، ففصلت بين الاقتِصاد والدين، وإنَّما كان هناك هدفٌ آخَر على المدى الطويل، يتمثَّل في كسْب رضا الله الذي يبتغيه المسلم من وراء نشاطِه الاقتِصادي، الذي يتميَّز بالبُعْد الزَّمني في أهدافه، التي لم تعد تقتصِر على الحياة الدنيا فحسب، التي لم يخلق فيها الإنسان عبثًا؛ لقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}[47]، وإنَّما يمتد إلى ما بعدها، التي هي غايته في إطار الهدف الأسمى والنهائي الذي من أجله خُلِق الإنسان، وهي عبادة الله تعالى؛ {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ   وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}[48].

وإذا ما تعارض الكسْب الاقتِصادي مع الهدَف الأخْروي والنِّهائي، الذي يسعى إليه المسلم ويطلُبه - وهو نيل رضوان الله وجنَّته - فإنَّ الهدف الأخير يقدَّم على ما سواه، ولو كان ذلك الكسْب يفوق كسْب إنتاج الطيِّبات من السلع والخدمات أضعافًا مضاعفة؛ {قُل لاَّ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[49]؛ لأنَّ النَّشاط الاقتِصاديَّ في الإسلام - في توظيف الموارد الاقتِصادية في الاقتِصاد الإسلامي - لا يعتمد فقط على المعيار المادي المتمثِّل في الرِّبْح والخسارة - كما هو الحال في الاقتِصاد الوضْعي - وإنَّما يعتمِد - إضافةً إلى ذلك - على مِعْيار الآخرة، المتمثِّل في ميزان الحسنات والسيئات[50].

فالنَّشاط الإنساني بما في ذلك النَّشاط الاقتِصادي موجِب - لا محالة - للحساب، فإمَّا الثَّواب وإمَّا العقاب؛ {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [51]، {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[52].

كما أنَّ الإسلام قد دفَع معتنِقيه إلى السَّعْي والنَّشاط الاقتِصادي بطريقٍ آخَر، يتمثَّل في إباحتِه تمليكَهم نتائجَ أعمالِهم، كإحْياء الأرْض الميتة التي لا ملك لها فمن أحياها ملكها[53]؛ لقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق))[54].

وقول عمر بن الخطاب "مَن أحيا أرضًا ميتة فهي له"[55]، باعتِبار أنَّ الإحياء مصدر من مصادر الملكيَّة، وجزء من النَّشاط الاقتِصادي في نظر الإسلام، بينما يعتبر ترْك إحياء الأرض المملوكة أمرًا غيْرَ مرغوب شرعًا؛ لأنَّ فيه تعطيلاً للثَّروة الفرديَّة والقوميَّة.

وقد ثبت أنَّ عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنْه - استردَّ بعض الأراضي التي أقْطعها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى بلال بن الحارث المُزَني، وقال: "إنَّ رسول الله لم يُقْطِعك لتحْجره على الناس، إنَّما أقطعك لتعمل، فخُذْ منها ما قدرت على عمارته، وردَّ الباقي".

وقد أصبح هذا الاتجاه فيما بعد أمرًا معروفًا في الفقه الإسلامي، حتى قال صاحب "المغني": "ولا ينبغي أن يقطع الإمام أحدًا من الموات إلا ما يُمْكِنه إحياؤه؛ لأنَّ في إقْطاعه أكثر من ذلك تضييقًا على النَّاس في حقٍّ مُشترك بيْنهم بما لا فائدة منه"[56].

بينما ذكر أبو الحسن الماوردي: "وإذا عجز ربُّ الأرْض عن عمارتِها قيل له: إمَّا أن تؤجرها، أو ترفع يدك عنها، لتدْفع إلى مَن يقوم بعمارتها، ولم يترك على خرابِها وإن دفع خراجها؛ لئلاَّ تصير بالخراب مواتًا"[57].

فالشَّارع الحكيم يحض على مداومة استثمار المالك لملكه، الذي هو في الأصل مال الله؛ قال تعالى: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[58]، والبشر مستَخْلفون فيه؛ كما قال تعالى: {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[59] لينتفع المالك والمجتمع معًا[60].

ومما يجدر ذكره: أنَّ إحياء الموات له آثار اقتصادية تتَّصل بالتنمية الاقتصادية، وإذا كانت الدول الإسلامية تعاني من التخلف الاقتصادي، أو مشكلة الفقر، وهو الوجه المقابل للتنمية، فإنه يمكن أن يُعْزى هذا - جزئيًّا - إلى اختِفاء وظيفة الإحياء وفق شروطها الإسلاميَّة في عالمنا الإسلامي[61]، حيث إنَّ كثيرًا من أراضي الدَّولة الإسلامية غير مستغلَّة، ولو تبنَّت إحياءَها لأسهم ذلك في زيادة الإنتاج، وامتِصاص جزْءٍ من البطالة التي تعاني منها اقتصاديَّاتها.

وقد جعل الإسلام المقياس في التملُّك الفرْدي هو الحلال والحرام[62]، خلافًا للنظام الرأسمالي الذي أطلق العنان للملكية الفردية بغير قيود، ودون حدود، وخلافًا للنظام الاشتراكي الذي تنكَّر للفرْد انطلاقًا من فلسفة المذهب الجماعي، التي ترى أنَّ الأصل هو تدخُّل الدَّولة، إلى درجة انفرادها بعناصر الإنتاج، وحرمان الفرد من ثمرة عمله وجهده ومُمارسة النشاط الاقتصادي الذي يرغب، لا الذي يحدِّدُه له جهاز التَّخطيط المركزي، ولا غرابة بعد أن زرعت الاشتراكية بذور فنائِها أن تفشل في عقْر دارها، بعد تطبيقِها وتَمجيدها ردحًا من الزَّمن.

ولا ريب أنَّ ذلك ممَّا يتعارض مع مبادئ الإسْلام الاقتصادية، التي جاءت أكثر رحابة واستيعابًا لشؤون الفرد والجماعة، ولا تذيب الفرد في الجماعة على نحو ما تفعله الاشتراكية، ولا تغلِّب مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة كما تفعل الرأسماليَّة[63]، فالفرد والجماعة ليسا خصمين متصارعين، كما صوَّرتهما المذاهب الفردية والجماعية على السواء، فلا يوجد تحيُّز أو تعصب لطرف دون طرف في الاقتِصاد الذي يتبع شريعة الإسلام، الذي تميَّز بخاصية التوازن الكامل في رعاية المصلحة الاقتصادية للفرد والجماعة[64].

وهكذا يؤكد الإسلام على أهميَّة النشاط الاقتصادي، الرامي لزيادة الطيبات من السلع والخدمات، ورغَّب في ذلك بالثَّواب الذي لا ينقطع طالما بقي النشاط نافعًا، الوضع الذي يُسْهم في عمارة الأرض، أو التنمية الاقتصاديَّة، كما يسمَّى في الاقتصاد المعاصر، حتى يمكن الوفاء بالحاجات الأساسيَّة للإنسان، أو ما يسمَّى بتوفير حدِّ الكفاية، المعروف في الفقْه الإسلامي، الذي يفترض على المجتمع الإسلامي توفيره لكل فرد من أفراده عجز عن تحقيقه، وذلك بدفْعِه إلى العمل وتَمكينه منه، فإذا عجز لسببٍ ما، تَحمَّل المجتمع عنه ذلك[65]؛ لقول الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أيَّما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع، فقد برئَت منها ذمَّة الله تعالى))[66].

ولهذا؛ فقد فرض الإسلام موارد - كالزَّكاة مثلاً - تُسْهِم في كفالة الحدِّ الأدنى من مستوى معيشة أفراد المجتمع، الذين لا يَقدرون على كفاية أنفسهم، والتَّاريخ الإسلامي مليء بالشَّواهد التي تثبت أنَّ الدَّولة الإسلامية كانت تُنْفِق على الفقراء والمحتاجين.

ورُبَّ قائل إنَّ النظام الإسلامي يتَّفق مع النظام الاشتراكي في مسؤولية المجتمع عن العامل والعمل، إلا أنَّه رغم هذا الاتفاق الظاهري في المسؤولية، فإنَّ "إطار هذه المسؤولية مختلف، ففي النظام الإسلامي يكون للفرد إرادة ذاتيَّة مؤثرة، أمَّا النظام الاشتراكي فإرادة المجتمع هي الإرادة المتفرِّدة بالتوجيه، والتي تَختفي بجوارها الإرادة الفرديَّة الشخصيَّة[67].

المطلب الثاني: التوجيهات الإسلامية غير المباشرة للنشاط الاقتصادي:
ومن جهةٍ أُخرى لم يقتصر موقِف الإسلام المشجِّع للنشاط الاقتصادي على الحوافز الاقتصاديَّة، أو الدوافع الدينيَّة، التي تولد في النفس البشريَّة حوافز داخليَّة، تدفعها إلى القيام بِمزاولة النَّشاطات النَّافعة في الحياة الدنيا، التي يصوِّرُها الإمام الغزالي بأنَّها دار التشمير والاكتِساب[68]، وإنَّما عالج كافَّة البواعث النفسية والمثبِّطات التي تدعو إلى البطالة، والتقاعس على النشاط في الاقتصاد الإسلامي، من قبل بعض الفئات التي تؤْثر أن تعيش عالة على غيرهم، فتصبح كَلاًّ على الأمة كلها، فتستهلك ولا تنتج، مستنكفة عن العمل تكبُّرًا وترفُّعًا وزهدًا، مسببة في ذلك خسارة اقتصاديَّة واجتماعيَّة يتحمَّل عبئها الاقتِصاد والمجتمع؛ ولهذا منع الإسلام طرق الكسب والثَّراء غير السليمة، التي تؤدِّي إلى البطالة وترْك النَّشاط الاقتِصادي المنتج، وأغلق الأبواب الموصِّلة إلى ذلك، وتفصيل ذلك فيما يلي:
أ - منع الكسب عن طريق المسألة والصدقة لكلِّ ذي مِرَّة سويّ.
ب - منع الكسب عن طريق الانتظار.

أ - منع الكسب عن طريق المسألة والصدقة لكل ذي مرة سوي:
يَمنع الإسلام احتراف مهنة التسوُّل، وجعلها مصدرًا من مصادر العيش، أو وسيلة من وسائل جمع الثروة، من غير ضرورة ملجئة[69]، بينما امتدح الله - عزَّ وجلَّ - سلوك الذين {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}[70]، وقد ورد في الحديث الشريف: ((ما يزال الرَّجُل يسأل النَّاس، حتَّى يأتي يوم القِيامة وليس في وجهه مزْعة لحم))[71].

وقد اعتبر الإسلام الكسْب عن طريق المسألة سُحْتًا يوجب النَّار لصاحبه[72]؛ كما ورد في حديث قبيصة بن مخارق الهلالي: ((يا قبيصة، إنَّ المسألة لا تحلُّ إلا لأحد ثلاثة: رجُل تحمَّل حمالة؛ فحلَّت له المسألة حتى يصيبَها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله؛ فحلَّت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش - أو قال: سدادًا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتَّى يقول ثلاثة من ذوي الحِجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلَّت له المسألة، حتى يصيب قوامًا من عيش - أو قال: سدادًا من عيش - فما سواهنَّ من المسألة - يا قبيصة - سحتٌ يأكلها صاحبُها سحتًا))[73]؛ وذلك ممَّا يجعل العمل والانتِشار في الأرض هو السبيل للكسْب والإنتاج، وليس مذلَّة السؤال، فالسؤال من القادرين على العمل يُحذِّر منه الإسلام؛ إذ ((لا حظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب))[74]، وفي قولٍ للرَّسول - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تحلُّ الصدقة لغني ولا لذي مرَّة سوي))[75]؛ لأنَّ القادر على الكسب غني بكسبه، فلا يستحقُّ الزكاة كما قال الفقهاء[76]، ولكي لا يركن إليها، فيكون في ذلك تشجيعًا له على البطالة [77]، باستثناء بعض الحالات التي تعطى لها أهمية في النظام المالي الإسلامي، كالتي حدَّدها الرسول لقبيصة الهلالي - رضي الله عنه - في الحديث السالف الذِّكر، وهذا ما يكشف عن الدور الاقتصادي الكبير الذي تلعبه الزكاة في تحقيق التشغيل الكامل، سواء من خلال عدم إعطائها القادرين على العمل؛ دفعًا لاشتراكهم في النشاط الاقتصادي، أو من خلال ما توفِّره من رأس المال الإنتاجي للفقير والمسكين، الذين عجزت إمكاناتهم الذاتيَّة عن توفيره، بشكل يساعدهم على التحول إلى طاقات منتجة تفيد المجتمع بأسره [78].

ومن ثَمَّ؛ يخطئ من يزعم أو يتَّهم أن الزكاة تسهم في زيادة البطالة؛ إذ إن هذا مجرد افتراء، لا يقبله عقل، ولا يقوله منصف، وهي منه براء؛ {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً}[79].

كما لم يقف دور الزكاة عند رفع مستوى التشغيل في الاقتصاد الإسلامي، بل يمتد إلى الارتقاء بمستوى النشاط الاقتصادي، حينما تشجع استثمار الأموال المجمدة، وتهددها بالفناء إذا لم تشارك في النشاط الاقتصادي، بيد أنَّ الزَّكاة لا يراد به إفقار الأغنِياء، غير أنَّ هذه الثروات المكتسبة إذا لم تُستثْمَر ستتعرض للانقراض، بفِعْل الزكاة على مرِّ السنين[80]، ممَّا يجعل صاحب المال حريصًا على أن يعوِّض ذلك النقص باستِثْمار أمواله في الأوْجُه المشروعة.

بِجانب أنَّ الزَّكاة من خلال سهْم الغارمين الذي يُمثِّل تأمينًا شامِلا للفرْد المسلم ضدَّ المخاطر التِّجارية وغير التجارية[81]، تشدُّ من أزْر المشتَرِكين في النَّشاط الاقتصادي، فيما لو وقعوا في خسائر اقتِصادية، لا يد لهم في جلْبِها أو دفْعِها، بل إنَّ تأمينًا كهذا - يضمنه المجتمع كلُّه - من شأنِه تدْعيم الائتِمان؛ لأنَّ هذا الضَّمان يدفع أرباب الأمْوال لتقديم القرْض الحسن لمن يطلبه من أصحاب النَّشاطات الاقتِصاديَّة المختلفة، وهذا أمرٌ يؤدِّي إلى سوق ماليَّة خالية من الرِّبا في المجتمع الإسلامي[82]، وإذا ما أضفْنا إلى ذلك الضابط الفقهي لطبيعة الدَّين الذي يقضي من سهم الغارمين، والذي يشترِط فيه الفُقهاء أن يكون في أمْر مباح، لا لسفه أو معصية[83] - لأدركْنا أهمِّيَّة سهْم الغارمين في ترشيد ومشروعية النشاط الاقتصادي للفرْد المسلم، ناهيك عن دوْر الزكاة في منْع تكدُّس الثَّروة في أيدٍ قليلة تعيش في مستوى التَّرف، والأغلبيَّة تعيش في مستوى الشَّظف، وهذا ما يُحذِّر منه القرآن الكريم؛ {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ}[84]، وفي إعادة القوَّة الشرائية إلى الفقراء ذات الميل المرتفع للاستهلاك، لتقيم توازنًا بين الطلب (الاستِهلاك)، والعرض (الإنتاج)؛ ومن ثَمَّ استمرار النشاط الاقتصادي للمجتمع المسلم[85].

وشتَّان بين ما يفعله الإسلام من مؤازرة الفقراء والمنكوبين حتى يظلوا عنصرًا منتجًا في المجتمع، وما تفعله النظم الوضعيَّة، من التشهير بهم، وإعلان إفلاسِهم، والتحذير من التعامُل معهم[86].

ب - منع الكسْب عن طريق الانتظار:
والكسب بطريق الانتظار مؤدَّاه - في عبارة موجزة -: أن يدفع المال إلى الغير لأجل، نظير أن يدفع مقابل الأجل - الانتِظار - أموالاً هي عين الربا[87]، الذي حرِّم بجميع صوره وأشكاله، قليله وكثيره، سواء كان في القرض الإنتاجي أم في القرض الاستهلاكي[88].

وقد منع الإسلام هذا الكسْب من هذا الطَّريق؛ لأنَّه يؤدِّي إلى وجود فئةٍ من النَّاس تكون في حالة بطالة ولا تسهم في بناء اقتِصاد الأمَّة، ولأنَّه يؤدِّي إلى كسب - عائد - مضمون يستأثر به المرابي دون أدنى مشاركة في المخاطرة[89]، وما ذلك إلا انطلاقًا من الفهم الخاطئ لوظيفة النقود في النُّظُم الوضعيَّة، التي اعتبرتها في حد ذاتها سلعة تُباع وتشترى، ومن ثم أباحت تأجيرها بثمن معيَّن يعرف بسعر الفائدة، وذلك أمر لا تَسمح به الشريعة، التي تقرر الاشتراك الفعلي في النتيجة النهائية للنشاط الاقتصادي، الذي يحتمل أن يكون موجبًا أو سالبًا؛ إذ إنَّ ذلك يمثِّل الطَّريق السويَّ والعادل لنماء المال وزيادته.

فلا يوجد كسْب طيِّب بدون جهدٍ وعناء ومُخاطرة، ولا توجد فئة تعيش على جهد وعرق الآخرين، بل يعمل الجميع ويشتركون في الإنتاج وفي تحمل المخاطرة، فتكون النتيجة الاشتِراك في الربح والخسارة، حتَّى تتمَّ عدالة توزيع الناتج وفقًا لمعايير عادلة[90]؛ إذ الغُرْمُ بالغنم، كشرْط شرعي لاستحقاق العائد من رأس المال [91]، وإلا كان الكسب بطريق الانتظار، الذي توعَّد الله فيه بما لم يتوعد به غيره، وأنذر بحرْبِه على من يُصِرُّ على أكْلِه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}[92] والإسلام بهذا يختلف عن الماركسيَّة، التي تجعل القيمة كلها للعمل دون سائِر عناصر الإنتاج الأخرى، ويختلف عن الرأْسمالية، التي تعطي رأس المال الأهمية القصوى في الإنتاج والتوزيع، إلى درجة ضمان إرْجاعه مع الفائدة، بغض النَّظر عمَّا تسفر عنه نتيجة النشاط من ربح أو خسارة[93].

وممَّا تجْدر الإشارة إليه أنَّ الإسلام قد عُنِي عنايةً كبيرة بِمحاربة الرِّبا، الذي يمثِّل استِغْلالاً فاحشًا لحاجة الإنسان، وأصبح يمارس على نطاق واسع في النشاطات الاقتصادية، سواء على المستوى الدولي بين الدول الغنية والدول الفقيرة، بشكل ألْحق الضرر بالأخيرة، وجعلها مكبَّلة بالديون الخارجيَّة وفوائدها الربويَّة المتراكمة[94]، تُعاني من آثار المحق والحرْب؛ مصداقا لقوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}[95]، تبحث عن باب النَّجاة بعد أن عجزت مواردُها المحلِّية عن الوفاء بالتِزامات ديونِها الخارجيَّة، التي أخفقتْ في تنميتها الاقتِصادية، ووضعتْها في موقف ضعيفٍ إزاء طُغْيان ونزوات الغرب الصليبي، الذي أصبح يتكئ على تلك الديون، لربْط اقتِصاديات الدول المدينة في ذُيُوله، في إطار تكريس علاقات التبعية الاقتصادية، التي أصبحت وصمة عار في اقتصاديات الدولة الإسلامية، التي من الممكن لها أن تكوِّن كيانًا اقتصاديًّا متحرِّرًا من الفائدة في ظلِّ تطبيق النِّظام الاقتصادي الإسلامي، الذي سيكون بالتَّأْكيد أفضلَ مِمَّا يسمَّى بالاشتراكيَّة التي فشلت في عقْر دارِها - وهذا أكبر برْهان - أو ممَّا يسمى بالرأسمالية، التي لم تستطع الحيلولة دون منْع الدورات الاقتصادية، والاستغلال، والتضخُّم، والبطالة، وغير ذلك من المظالم والمفاسد التي أفرزتها وأصبحت وبالاً على الإنسانيَّة المعاصرة؛ {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[96].

وغنيٌّ عن البيان أن الذي حرَّم الكسب بطريق الانتظار لم يترك أمرَ الناس سُدًى؛ بل شرع لهم من وسائل الكسْب والتَّمويل الحلال ما يُغْنِيهم عن اللجوء إلى ذلك الرِّبا، الذي ثبتتْ حُرْمته بالكتاب والسُّنَّة والإجْماع، وقد أثبت الواقع المعاصر أضراره الفادحة التي تصيب الفرد والمجتمع، فلم تعُدْ أزمة الديون، أو ظاهرة انتِقال الموارد من فُقراء العالم إلى أغنيائِه، هي الأثر السلبي الوحيد الذي تمخض عن الربا، بل إنَّه وراء الكثير من الأزمات الاقتصادية، وأحد الأسباب الرئيسة في إشعال نار التضخُّم في الاقتصاديات المعاصرة، واختلال توزيع الدخل والثروة بين البشر، وغير ذلك من الأضرار التي تؤدي إلى خراب الاقتصاد، وعدم الاستقرار؛ وصدق الله العظيم الذي وصف أكلة الربا بأنَّهم: {لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ}[97].

[1] سورة الملك الآية (15).
[2] صحيح مسلم بشرح النووي جـ 7، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة.
[3] سورة طه، الآية (123).
[4] سورة طه، الآية (124).
[5] سورة البقرة: الآية (30).
[6] سورة الملك، الآية (15).
[7] سورة البقرة الآية (198).
[8] سورة الجمعة الآية (10).
[9] د. عبدالرحمن يسري، التنمية الاقتصادية في الإسلام، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ص 28).
[10] د. عبدالستار فتح الله، المعاملات في الإسلام، دار الطباعة، القاهرة، ط 3، 1406 ص 116.
[11] سورة الأنعام الآية (29).
[12] د. منان الاقتصاد الإسلامي بين النظرية والتطبيق، ترجمة د. منصور التركي، المكتب المصري الحديث بالإسكندرية.
[13] سورة القصص الآية (77).
[14] المصنف، لأبي بكر عبدالرزاق بن همام، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، الجزء 11، باب خدمة الرجل صاحبه، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1، 1392، ص 244.
[15] د. محمد عبدالله العربي، محاضرات في الاقتصاد الإسلامي، ج1، مطبعة الشرق العربي القاهرة، ص 140.
[16] وتمام الحديث - كما رواه الترمذي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق بما في يدي الله، وأن تكون في ثواب المصيبة - إذا أنت أصبت بها - أرغب فليها لو أنها أبقيت لك). انظر صحيح الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الزهادة في الدنيا، ج9، ط1، 1352.
[17] سورة الأعراف الآية (32).
[18] أبو الفضل عبدالله مودود الموصلي الحنفي، الاختيار لتعليل المختار، ج4، ص 170.
[19] ابن تيمية، العبودية مطبعة المدني، القاهرة، 1398 ص 5.
[20] أبو حامد محمد الغزالي، كتاب الأربعين في أصول الدين، منشورات دار الآفاق ط1، . 1978م، بيروت، ص 186.
[21] سورة الذاريات الآية (22).
[22] سورة الملك الآية (15).
[23] سورة مريم الآية (25).
[24] الموصلي، الاختيار لتعليل المختار، ج4، مرجع سابق، ص 170 - 171.
[25] ابن قدامة، مختصر منهاج القاصدين، خرج أحاديثه عبدالله الأنصاري، مؤسسـة الكتب الثقافية، بيروت، ص 76.
[26] وتمام الحديث - كما رواه الإمام أحمد في المسند عن ابن عمر، رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بعثت بين يدي الساعة بالسيف؛ حتَّى يُعْبَد الله وحده لا شريك له، وجُعِلَ رزقي تحت ظلِّ رمْحي، وجعل الذُّل والصَّغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم)).
انظر: المسند للإمام أحمد، ج8، رقم الحديث 5667، دار المعارف بمصر.
[27] وتمام الحديث: ((لو أنَّكم كنتم توكَّلون على الله حقَّ توكُّله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانا)).
انظر: صحيح الترمذي بشرح الإمام أبي بكر المالكي، كتاب الزهد، باب في التوكل على الله، ج9، ط1، ص 207، مطبعة الصاوي، 1353.
[28] عبدالحي الكتاني الإدريسي، التراتيب الإدارية، ج2، دار إحياء التراث العربي، بيروت ص 23.
أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، وبذيله كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفار لأبي الفضل العراقي، صحح بإشراف عبدالعزيز السيروان، ج2، دار القلم، ط3 ص 59.
[29] سورة الجمعة، الآية (10).
[30] ابن الجوزي، مناقب أمير المؤمنين، تحقيق زينب القاروط، دار الكتب العلمية، لبنان ص 206.
[31] سورة المزمل الآية (20).
[32] البخاري، ج3، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، ص 133، حديث رقم 323.
[33] د. يوسف القرضاوي، دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي، الناشر مكتبة وهبة، ط1، 1415 هـ، ص 142، 143.
[34] الحافظ ابن القاسم سليمان الطبراني، المعجم الكبير، حقَّقه حمدي عبدالمجيد السلفي الجزء 19/ 282، ص 129.
[35] د. قاسم الحموري، التضخم والبطالة في إطار التكيف الاقتصادي من منظور إسلامي، منشور في كتاب التنمية من منظور إسلامي، البنك الإسلامي للتنمية، مؤسسة آل البيت، الجزء الأول، 1991م، ص 420، 428.
[36] النووي، شرح صحيح مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب فضل الغرس والزرع، خرج أحاديثه صلاح عويضة، دار المنار للطبع، حديث رقم 1553.
[37] الإمام أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري، المطبعة السلفية، الجزء الخامس، كتاب الحرث والمزارعة ص 1352.
[38] جلال الدين السيوطي، الجامع الصغير من حديث البشير النذير، حققه محمد محيي الدين، ج1، المكتبة التجارية الكبرى بمصر، ط1ذ ص 1352.
[39] د. يوسف القرضاوي، دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي، مرجع سابق، ص 151.
[40] سورة الحجر: الآية (99).
[41] د. علي يوعلا، النظام الاقتصادي الإسلامي، بحث نشر في كتاب البنوك الإسلامية ودورها في تنمية اقتصاديات المغرب العربي، الناشر، البنك الإسلامي للتنمية، ط1، 1416 هـ، ص 70.
[42] عن عبدالله بن بشر: أنَّ أعرابيًّا قال: يا رسول الله، من خير الناس؟ قال: ((من طال عمره وحسن عمله))؛ انظر صحيح الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في طول العمر للمؤمن، ج9، ط 1 1353. مطبعة الصاوي.
[43] وقد ورد هذا الأثر في كتاب التراتيب الإدارية للكتاني، ج3 ص 24.
[44] سورة المزمل الآية (20).
[45] شمس الدين السرخسي، المبسوط ج 30، دار المعرفة للنشر، لبنان ط2، ص 245.
[46] د. حسن العناني، الأنشطة المصرفية وكمالها في السنة النبوية، ج2، الناشر المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي ص 50.
[47] سورة المؤمنون، الآية (115).
[48] سورة الذاريات الآية (56).
[49] سورة المائدة الآية (100).
[50] د. علي يوعلا، النظام الاقتصادي الإسلامي، مرجع سابق، ص 77.
[51] سورة العاديات، الآيتان (7 - 8).
[52] سورة الكهف، الآية (49).
[53] ابن قدامة، المغني، ج5، ص 563.
[54] السيوطي، الجامع الصغير من حديث البشير النذير، مرجع سابق، ج 3، حديث رقم 8344.
[55] الإمام أحمد العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، المجلد الخامس، كتاب الحرث والمزارعة، باب من أحيا أرضًا مواتًا، من الطبعة التي حقق أصلها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، ص 22.
[56] ابن قدامة، المغني، ج5، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص 580.
[57] أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، دار الكتاب العربي، بيروت ط1، 1410 ص 270.
[58] سورة النور، الآية (33).
[59] سورة الحديد الآية (7).
[60] د. محمد عبدالله العربي، محاضرات في الاقتصاد الإسلامي، الجزء الأول، مطبعة الشرق العربي، القاهرة ص 74.
[61] د. رفعت العوضي، من التراث الاقتصادي للمسلمين، رابطة العالم الإسلامي، 1405 هـ ص 206 - 207.
[62] د. عبدالله علوان، التعريف بالشريعة الإسلامية وفقهها ومصادرها، بحث نشر في كتاب إدارة وتثمير ممتلكات الأوقاف، البنك الإسلامي للتنمية، 1410 هـ ص 51.
[63] د. حسن غانم، المدخل لدراسة التاريخ الاقتصادي والحضاري، دار الوفاء للطباعة، ط 1، 1990 م، ص 128.
[64] الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الجزء الخامس، ط 1، 1403 هـ ص 34.
[65] د. رفعت العوضي، الاقتصاد مصادره في الفقه، مكتبة الطالب الجامعي، مكة المكرمة 15.
[66] المسند، للإمام أحمد بن حنبل، شرح أحمد محمد شاكر، حديث رقم 4880، جـ7، ط2، دار المعارف مصر، 1396.
[67] د. رفعت العوضي، اقتصاديات العمل والأجر في الإسلام، بحث نشر في كتاب الإسلام والنظام الاقتصادي الدولي الجديد، منطقة المؤتمر الإسلامي، ص 156.
[68] أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، مرجع سابق ص 58.
[69] حسن العناني، الأنشطة المصرفية وكمالها في السنة النبوية، مرجع سابق، ص 121.
[70] سورة البقرة، الآية (273).
[71] صحيح مسلم بشرح النووي، الجزء السابع، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة ص 130.
[72] عدنان خالد التركماني، المذهب الاقتصادي الإسلامي، مكتبة الوادي، جدة، ط 1، 1411 هـ ص 250.
[73] صحيح مسلم بشرح النووي، ج 17، كتاب الزكاة باب من لا تحل له المسألة ص 133.
[74] سنن النسائي بشرح السيوطي، كتاب الزكاة باب مسألة القوي المكتسب، ج 5 مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب ص 99.
[75] سنن النسائي، المرجع السابق كتاب الزكاة، باب إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها، ص 98.
[76] أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، ج 2 المكتب الإسلامي بيروت، ط2، 1405 هـ ص 308.
- أبو عبدالله محمد بن مفلح، كتاب الفروع، ج 2 ط 2 دار مصر للطباعة 1380، ص 591.
- منصور بن يونس البهوتي، كشاف القناع عن الإقناع، ج3، راجعه هلال مصيلحي، مكتبة النصر الحديثة، الرياض، ص 286.
[77] د. يوسف القرضاوي، دور الزكاة في علاج المشكلات الاقتصادية، كتاب قراءات في الاقتصاد الإسلامي، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جدة ص 144.
[78] ذكر بعض العلماء أنَّ الفقير والمسكين الذي يحسن حرفة يعطى من مال الزكاة ثمن آلة حرفته وإن كثرت. انظر شمس الدين محمد الرملي. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ط 6، دار إحياء التراث العربي، بيروت ط 3، 1413، هـ ص 161.
[79] سورة الكهف الآية (5).
[80] د. عبدالحميد الإبراهيمي. العدالة الاجتماعية والتنمية في الاقتصاد الإسلامي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ص 77.
[81] الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية الجزء الخامس، مرجع سابق، ص 402.
[82] المرجع الخامس ص 403.
[83] الباجي، المنتقى، ج2، ط1، مطبعة السعادة مصر، 1331، ص 153.
[84] سورة الحشر، الآية (7).
[85] د. منان الاقتصاد الإسلامي بين النظرية والتطبيق "دراسة مقارنة" ترجمة د. منصور التركي، الناشر المكتب المصري الحديث، الإسكندرية، ص 248.
[86] د. عبدالسلام العبادي، دور مؤسسات الزكاة في التنمية، بحث منشور في كتاب التنمية من منظور إسلامي مرجع سابق ص 465.
[87] الإمام محمد أبو زهرة، التكافل الاجتماعي في الإسلام، دار الفكر العربي، ص 39.
[88] المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، القاهرة، دليل الفتاوى الشرعية في الأعمال المصرفية، ص 23.
[89] المرجع نفسه.
[90] د. عبدالحميد الغزالي، الإنسان أساس المنهج الإسلامي في التنمية الاقتصادية، المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار مصر 1408 هـ، ص 56 - 57.
[91] مجلة الأحكام العدلية، ط 5 1388، ص 26.
[92] سورة البقرة الآيتان (278- 279).
[93] د. محمد أحمد صقر، الخطوط العريضة للنظام الاقتصادي الإسلامي، بحث مقدم لندوة الاقتصاد الإسلامي والتكامل التنموي في الوطن العربي، 1985، الناشر جامعة الدول العربية ص 27.
[94] لمعرفة الديون الخارجية للدول العربية وآثارها الاقتصادية.
انظر: عمر المرزوقي، التبعية الاقتصادية في الدولة العربية في الاقتصاد الإسلامي، رسالة دكتوراه غير منشورة، مقدمة إلى جامعة أم القرى، قسم الاقتصاد الإسلامي، 1416 هـ.
[95] سورة البقرة الآية (276).
[96] سورة الروم الآية (41).
[97] سورة البقرة الآية (275).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أضواء على مقومات النظام الاقتصادي
  • الشركات العائلية ودورها في التنمية البشرية والاقتصادية
  • تحديات الأزمة الاقتصادية.. رؤية إسلامية
  • النظام الاقتصادي الإسلامي ودوره في التنمية
  • الأزمة الاقتصادية العالمية والحل الإسلامي
  • ازدهار الحياة الاقتصادية
  • النشاط الاقتصادي من منظور إسلامي (2/2)
  • البورصة العربية الموحدة حلم ينتظر التحقيق
  • جهود المسلمين الأوائل للرقيّ بالزراعة
  • دور القيم الإيمانية في التنمية الاقتصادية في الإسلام
  • الاقتصاد الإسلامي بين الملكية والتكافل الاجتماعي
  • أثر الإيمان والتقوى في الرخاء الاقتصادي
  • منة الرحمن في إعانة طالب الاقتصاد الرباني
  • في الاقتصاد الإسلامي
  • القواعد الكلية اللازمة للاقتصادي المسلم!!
  • أثر المهاجرين في الحياة الاقتصادية في العهد النبوي
  • النشاط الاقتصادي للمعتزلة في بلاد المغرب
  • العامل الاقتصادي في القرآن

مختارات من الشبكة

  • ضرورة تطوير آليات النشاط المدرسي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قراءات اقتصادية (54) النظرية المكانية في اختيار المكان المناسب للنشاط الاقتصادي(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أنواع الاقتصاد حول العالم ومعايير تصنيفها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النشاط البحري الإسلامي في مياه البحر التيراني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النشاط المدرسي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اضطراب نقص الانتباه المصحوب بفرط النشاط: صعوبات التعلم النمائية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهداف النشاط المدرسي ووظائفه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فارس النشاط المدرسي - لطلاب المرحلة الابتدائية (PDF)(كتاب - موقع الموسوعات الثقافية المدرسية)
  • زهرة النشاط المدرسي - لطالبات المرحلة الابتدائية (PDF)(كتاب - موقع الموسوعات الثقافية المدرسية)
  • المتجدد في النشاط المدرسي - لطلاب المرحلة الثانوية (PDF)(كتاب - موقع الموسوعات الثقافية المدرسية)

 


تعليقات الزوار
1- القمررررررررررررررر
القمر - فلسطين 04-04-2009 05:02 PM

مررررررررررررررررررررررة حلوووووووووووووووووووووو كثيرررررررررررررررررررررررررررر

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب