• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

في ختام شهر الصيام

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/8/2012 ميلادي - 1/10/1433 هجري

الزيارات: 12740

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في ختام شهر الصيام

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفىَّ كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ ﴾.

 

أّيُّهَا المُسلِمُونَ:

شَهرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ، شَهرُ القُرآنِ وَمَوسِمُ العَفوِ وَالغُفرَانِ، الَّذِي كُنَّا بِالأَمسِ نَنتَظِرُهُ، وَتَبَادَلنَا التَّهَانيَ بِبُلُوغِهِ، ثم فَرِحنَا بِإِدرَاكِ العَشرِ الأَخِيرَةِ مِنهُ، وَمِنَّا مَنِ استَثمَرَ أَوقَاتَهُ الفَاضِلَةَ وَمِنَّا مَنِ استَثقَلَهَا، هَا هُوَ اليَومَ يُؤذِنُ بِالرَّحِيلِ وَيُلَوِّحُ بِالوَدَاعِ،،

مَضَى رَمَضَانُ مَحمُودًا وَأَوفى
عَلَينَا الفِطرُ يَقدُمُهُ السُّرورُ
وَفي مَرِّ الشُّهُورِ لَنَا فَنَاءٌ
وَنَحنُ نُحِبُّ أَن تَفنى الشُّهُورُ

 

 

اللهُ المُستَعَانُ، مَضَى رَمَضَانُ كَأَنَّمَا هُوَ سَحَابَةُ صَيفٍ سَرِيعَةٌ، أَمَّا الأَعمَالُ فَقَد أُودِعَت كِتَابًا لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحصَاهَا، وَسَجَّلَهَا حَافِظُونَ كِرَامٌ كَاتِبُونَ، يَعلَمُونَ مَا تَفعَلُونَ، وَغَدًا سَتَجِدُ كُلُّ نَفسٍ مَا عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَرًا، وَمَا عَمَلِت مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا، فَلَيتَ شِعرِي أَيَّ شَيءٍ أَودَعنَاهُ صَحَائِفَنَا؟ وَمَا الَّذِي سَنَلقَاهُ غَدًا بَينَ أَيدِينَا إِذَا بُعِثنَا؟ هَل سَنَجِدُ قِيَامًا طَوِيلاً وَقُنُوتًا، وَاستِغفَارًا في الأَسحَارِ وَطُولَ دُعَاءٍ في السُّجُودِ؟ هَل سَنَرَى خَتَمَاتٍ عَدِيدَةً لِكِتَابِ اللهِ وَذِكرًا كَثِيرًا؟ هَل سَنُوَاجِهُ أَموَالاً أُنفِقَت في سَبِيلِ اللهِ زَكَاةً وَصَدَقَةً وَتَفطِيرَ صَائِمِينَ وَتَفرِيجَ كُرُبَاتٍ وَقَضَاءَ حَاجَاتٍ؟ أَم سَتَكُونُ الأُخرَى وَنَكُونَ مِمَّنَ أضَاعَ صَلاتَهُ وَاتَّبَعَ شَهَوَاتِهِ، وَهَجَرَ كِتَابَ رَبِّهِ وَلم يَذكُرْهُ إِلاَّ قَلِيلاً، وَبَخِلَ بما آتَاهُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَطَفَّفَ وَلم يُتقِنْ عَمَلَهُ؟ كُلُّ امرِئٍ أَدرَى بما أَمضَى، وَهُوَ أَعلَمُ بما قَدَّمَ ﴿ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَو أَلقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ وَأَمَّا اللهُ - تَعَالى - فَهُوَ الكَرِيمُ البَرُّ الرَّحِيمُ الغُفُورُ الشُّكُورُ، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالحَاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا كُفرَانَ لِسَعيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالحَاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلمًا وَلا هَضمًا ﴾، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ لَيسَ بِأَمَانِيِّكُم وَلا أَمَانيِّ أَهلِ الكِتَابِ مَن يَعمَلْ سُوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * وَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمُونَ نَقِيرًا * وَمَن أَحسَنُ دِينًا مِمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾، وَقَالَ في أَهلِ الجَنَّةِ: ﴿ وَأَقبَلَ بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبلُ في أَهلِنَا مُشفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَينَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبلُ نَدعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

في كُلِّ مُوسِمٍ مِن مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، الَّتي لا تُقَدَّرُ سَاعَاتُهَا بِثَمَنٍ وَلا تُعَوَّضُ لَحَظَاتُهَا، يَعِظُ الوَاعِظُونَ وَتَرتَفِعُ أَصوَاتُ النَّاصِحِينَ، يَصِيحُونَ بِالنَّاسِ أَنْ هَلُمَّ إِلى رَبٍّ كَرِيمٍ، يُعطِي الجَزِيلَ عَلَى القَلِيلِ، وَيُضَاعِفُ الأَجرَ لِمَن يَشَاءُ وَهُوَ الوَاسِعُ العَلِيمُ، إِلاَّ أَنَّ العِبَادَ لا يَنفَكُّونَ عَن تَوفِيقٍ مِنَ اللهِ أَو خِذلانٍ، بِحَسَبِ طَلَبِ الخَيرِ وَالاستِعدَادِ لِقَبُولِ الحَقِّ، أَوِ الإِعرَاضِ عَنهُ وَنِسيَانِ العَهدِ، فَثَمَّةَ أَقوَامٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ وَيُحِبُّونَهُ، قَد عَلِمَ - سُبحَانَهُ - مِن نُفُوسِهِم حُبًّا لِلخَيرِ وَاستِعدَادًا لِلهُدَى، وَمِن ثَمَ يَبعَثُ - تَعَالى - نُفُوسَهُم لِلعِبَادَةِ وَيُحَبِّبُ إِلَيهِمُ الطَّاعَةَ، وَيُوَفِّقُهُم لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ وَالمُنَافَسَةِ فِيهِ، وَيُكَرِّهُ إِلَيهِم مَا يَشغَلُهُم عَنهُ مِن مُلهِيَاتٍ وَشَهَوَاتٍ، وَيُزَهِّدُهُم فِيمَن لا يَأمُرُونَ بِخَيرٍ وَلا يُعِينُونَ عَلَى حَقٍّ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضلاً مِنَ اللهِ وَنِعمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدًى وَآتَاهُم تَقوَاهُم ﴾ وَفي المُقَابِلِ فَإِنَّ هُنَالِكَ مَن هُم بَعِيدُونَ عَنِ اللهِ مُعرِضُونَ عَن رَحمَتِهِ، لا يَرفَعُونَ بِمَوَاسِمِ الخَيرِ رَأسًا، وَلا يَتَقَرَّبُونَ فِيهَا بِمَزِيدِ طَاعَةٍ، وَلا يَنتَهُونَ عَن سَابِقِ مَعصِيَةٍ، وَلِذَا فَهُم غَيرُ مُوَفَّقِينَ وَلا مُسَدَّدِينَ، بَل لا تَرَاهُم إِلاَّ مُتَكَاسِلِينَ مُتَأَخِّرِينَ، لا يُهِمُّ أَحَدَهُم جَاءَ مَعَ السَّابِقِينَ أَم قَعَدَ مَعَ الخَالِفِينَ، وَلا يَتَحَرَّكُ لَهُ شُعُورٌ أَن تَقَدَّمَ المُوَفَّقُونَ إِلى الخَيرِ خُطُوَاتٍ وَارتَقُوا في التَّقوَى دَرَجَاتٍ، وَهُوَ مَا زَالَ في أَوحَالِ تَقصِيرِهِ وَطَاعَةِ نَفسِهِ وَاتِّبَاعِ هَوَاهُ وَشَيطَانِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمِنهُم مَن يَستَمِعُ إِلَيكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِن عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم وَاتَّبَعُوا أَهوَاءَهُم ﴾، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقِيلَ اقعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ ﴾.

 

وَبَينَ أُولَئِكَ القَومِ السَّابِقِينَ وَهَؤُلاءِ الخَالِفِينَ، أَقوَامٌ وَفِئَامٌ كَثِيرُونَ، تَتَجَاذَبُهُم نَوَازِعُ خَيرٍ وَدَوَاعِي شَرٍّ، فَإِن صَفَت نُفُوسُهُم وَنَظَرُوا إِلى تِلكَ القِلَّةِ المُؤمِنَةِ المُسَابِقَةِ المُسَارِعَةِ، اِرتَقَوا قَلِيلاً وَزَادُوا مِن طَاعَاتِهِم، وَإِن هم أَرخَوا لأَنفُسِهِم العِنَانَ وَجَالَسُوا المُخَذِّلِينَ وَأَطَاعُوهُم فِيمَا يَشتَهُونَ، رَجَعُوا إِلى يَسِيرٍ مِنَ العَمَلِ وَلم يَذكُرُوا اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً، فَحَرَمُوا أَنفُسَهُم أُجُورًا كَثِيرَةً وَفَرَّطُوا في حُسنِ ثَوَابٍ، وَإِنَّ ممَّا يُؤسَفُ لَهُ في السَّنَوَاتِ المُتَأَخِّرَةِ، أَن صَارَ مَن يُرِيدُ الاجتِهَادَ في الطَّاعَةِ وَالاستِكثَارَ مِنهَا قَدرَ طَاقَتِهِ، لا يَجِدُ مَن يُعِينُهُ ممَّن حَولَهُ، بَل لا يَجِدُ إِلاَّ التَّثبِيطَ وَالتَّرَاجُعَ وَالدَّعوَةَ إِلى التَّخفِيفِ، وَكَأَنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَسُنَنَ سَيِّدِ المُرسَلِينَ قَد ثَقُلَت عَلَى النُّفُوسِ أَو صَارَت لها أَغلالاً وَقُيُودًا، مِمَّا يُشعِرُ مُرِيدَ الخَيرِ بِالغُربَةِ وَالعُزلَةِ، وَإِنَّ وَاقِعَ النَّاسِ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَتَسَابُقَهُم في الخُرُوجِ مِنهَا وَتَخفِيفِهَا، ممَّا يَشهَدُ لِذَلِكَ، فَلِلهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ، وَنَسأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الحَقِّ وَالصَّبرَ عَلَى السُّنَةِ ﴿ وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَملأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ ﴾ وَإِنَّهُ لَمِن أَعجَبِ العَجَبِ أَن يَزدَادَ العِلمُ انتِشَارًا، وَيَعلَمَ النَّاسُ أَنَّ خَيرَهُم مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَمَعَ هَذَا تَرَى مِنهُم مَن كُلَّمَا تَقَدَّمَ بهم العُمُرُ وَازدَادُوا مِنَ الدُّنيَا بُعدًا وَلِلآخِرَةِ قُربًا، وَحَقَّ عَلَيهِمُ الازدِيَادُ مِنَ صَالحِ العَمَلِ، وَالتَّجَانُفُ عَنِ الدُّنيَا وَطُولِ الأَمَلِ، أَخَذُوا يَتَرَاجَعُونَ وَيَتَصَابَونَ، وَإِلى التَّفَلُّتِ يَصبُونَ، أَوَهَذَا هُوَ مَا استَفَادُوهُ مِن عِلمِهِم طُولَ عُمرِهِم؟ أَوَهَذَا هُوَ مَا أَفَادَهُم بِهِ تَعَمُّقُهُم في المَعرِفَةِ؟ أَلا تَبًّا لِعِلمٍ لا يُقَرِّبُ صَاحِبَهُ مِن رَبِّهِ وَيَجعَلُهُ لِلجَنَّةِ أَكثَرَ شَوقًا، ذَاكَ وَاللهِ عِلمٌ هُوَ وَالجَهلُ سَوَاءٌ، بَل قَد يَكُونُ الجَهلُ خَيرًا مِنهُ، وَصَدَقَ القَائِلُ:

إِذَا مَا لم يُفِدْكَ العِلمُ خَيرًا
فَخَيرٌ مِنهُ أَنْ لَو قَد جَهِلتَا
وَإِنْ أَلقَاكَ فَهمُكَ في مَهَاوٍِ
فَلَيتَكَ ثم لَيتَكَ مَا فَهِمتَا

 


لَقَد بَيَّنَ اللهُ في كِتَابِهِ أَنَّ العِلمَ مَضِنَّةُ التَّذَكُّرِ وَالخَشيَةِ، وَدَاعٍ إِلى طُولِ العِبَادَةِ وَكَثرَةِ الطَّاعَةِ، وَأَنَّ أَهلَهُ هُم أَهلُ العُقُولِ الزَّاكِيَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَمَّن هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحذَرُ الآخِرَةَ وَيَرجُو رَحمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ ﴾، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّمَا يَخشَى اللهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾.

 

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن دُعَاءٍ لا يُسمَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ، وَمِن نَفسٍ لا تَشبَعُ، اللَّهُمَّ اجعَلْنَا ممَّن صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا فَغَفَرتَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، اللَّهُمَّ اجعَلْنَا ممَّن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا واحتِسَابًا فَغَفَرتَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، اللَّهُمَّ أَيقِظْ قُلُوبَنَا مِن رَقَدَاتِ الغَفلَةِ، وَأَحسِنْ عَاقِبَتَنَا في الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِن خِزيِ الدُّنيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ .

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَأَحسِنُوا في بَقِيَةِ شَهرِكُم، وَكُونُوا مَعَ اللهِ طُولَ دَهرِكُم، فَإِنَّ عَملَ المُؤمِنِ لا يَنقَضِي أَبَدًا حَتى يَلقَى رَبَّهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتى يَأتِيَكَ اليَقِينُ ﴾ لَقَدِ اِنقَضَى رَمَضَانُ وَقَدِ اعتَادَ كَثِيرٌ مِنَّا الطَّاعَاتِ وَأَلِفُوهَا، وَمَضَى وَقَد صَامُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَنَبَذُوهَا، فَيَا مَن أَلِفتَ الخَيرَ تَمَسَّكَ بِهِ وَاستَمِرَّ عَلَيهِ، وَاستَقِمْ كَمَا أُمِرتَ وَحَافِظْ عَلَى تَوبَتِكَ، وَإِيَّاكَ أَن تَعُودَ بَعدَ رَمَضَانَ إلى الفُتُورِ وَالكَسَلِ، فَإِنَّ مِن عَلامَاتِ قَبُولِ العَمَلِ الصَّالحِ الاستِمرَارَ فَيهِ وَالازدِيَادَ مِنهُ، ثم تَذَكَّرُوا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَقَد أَنعَمَ اللهُ عَلَيكُم فَصُمتُم وَقُمتُم، في أَمنٍ وَعَافِيَةٍ وَرَخَاءٍ، أَنَّ حَولَكُم مَن يَنتَظِرُونَ أَن تَمُدُّوا لهم يَدَ العَونِ وَتُقَدِّمُوا لهم المُسَاعَدَةَ، لِيَهنَؤُوا بِالعِيدِ مَعَكُم وَيَلبَسُوا الجَدِيدَ مِثلَكُم، فَاجعَلُوا مِن شُكرِ اللهِ عَلَى نِعمَتِهِ أَن تُقَدِّمُوا لإِخوَانِكُمُ الفُقَرَاءِ وَالمُحتَاجِينَ مَا تَجِدُونَهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا، وَاستَغفِرُوا اللهَ في خِتَامِ شَهرِكُم، وَكَبِّرُوهُ في لَيلَةِ العِيدِ، وَأَخرِجُوا زَكَاةَ الفِطرِ، وَاشهَدُوا صَلاةَ العِيدِ، فَإِنَّهَا شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ، أَوجَبَهَا بَعضُ العُلَمَاءِ عَلَى الأَعيَانِ، وَإِيَّاكُم وَمَا اعتَادَهُ بَعضُ النَّاسِ هَدَاهُمُ اللهُ، حَيثُ لا يُصَدِّقُونَ أَن يَسمَعُوا بِخُرُوجِ رَمَضَانَ حَتى يَعمَدُوا إِلى أَسلِحَتِهِمُ النَّارِيَّةَ، وَيُوقِدُوا السَّمَاءَ بها وَيُبَارِيَ بَعضُهُم بَعضًا بِإِطلاقِ أَكبرِ عَدَدٍ مِن رَصَاصِهَا، وَكَأَنَّمَا هُم يُعلِنُونَ الفَرحَةَ وَالبَهجَةَ بِانقِضَاءِ رَمَضَانَ، أَو لَكَأَنَّمَا كَانُوا في سِجنٍ فَأُطلِقَ سَرَاحُهُم مِنهُ. وَحَتى وَإِن كَانَ هَذَا فَرَحًا بِالعِيدِ، فَإِنَّ ممَّا لا يَخفَى خُطُورَةَ هَذِهِ الأَسلِحَةِ، وَأَنَّ لِلإِمسَاكِ بها سَكرَةً وَنَشوَةً وَخَاصَّةً لَدَى الجُهَّالِ، قَد يَحصُلُ بِسَبَبِهَا مَا لا تُحمَدُ عُقبَاهُ، وَالمُعَافى مَن عَافَاهُ اللهُ وَجَمَّلَهُ بِالتَّعَقُّلِ، وَرَزَقَهُ شُكرَ النِّعمَةِ بِالعَمَلِ الصَّالحِ وَذِكرِ اللهِ القائل: ﴿ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ختام رمضان
  • شهر الصيام
  • حاسب نفسك في ختام هذا الشهر
  • معجم البيان لألفاظ عبادة الصيام وشهر رمضان (2)
  • خير زاد الأنام في شهر الصيام والقيام (خطبة)
  • شهر الصيام والقيام (خطبة)
  • حكم ومقاصد الصيام
  • تنبيه الأنام بما ينبغي بعد شهر الصيام

مختارات من الشبكة

  • وظائف ختام شهر رمضان ووقفات تربوية مهمة في ختامه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • وظائف ختام شهر رمضان ووقفات تربوية مهمة في ختامه(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الصيام وحسن الختام(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • حسن الختام في وداع الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان شهر الصيام.. لكن لماذا شرع الله الصيام؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعوة لفهم حقيقة الصيام(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • تأثير الصيام على الروح والجسد: يعيد الصيام التوازن النفسي والبدني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فقه الصيام: الصيام أحكام ومسائل(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب