• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

قاعدة يضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الآمر ما لم يكن مجبرًا

ميمونة الناصر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2012 ميلادي - 13/8/1433 هجري

الزيارات: 31435

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قاعدة يضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الآمر ما لم يكن مجبرًا


الحمدُ لله حقَّ حمده، الحمد لله الذي تتمُّ بنعمته الصالحاتُ، الحمد لله رب العالمين الذي خلَق الإنسان، علَّمه البيان، وقال- تعالى-: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، وقال- تعالى-: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114].


والصَّلاةُ والسَّلام على رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ، ومنقذِ البشرية، وهادي الإنسانية، المبعوثِ رحمةً للعالمين.

 

اللهم علِّمنا ما ينفعُنا، وانفَعْنا بما علَّمتنا، وزِدنا علمًا، واجعلنا من الذين يستمعون القولَ فيتَّبعون أحسنه.

 

وبعد:

فإنَّ لقاعدة: "يضافُ الفعلُ إلى الفاعلِ لا إلى الآمِرِ، ما لَم يكنْ مجبرًا"- أهميَّةً وضرورةً يجب فهمُها وتعلُّم ما تحتويه من أحكامٍ، ومستثنياتٍ ومعانٍ؛ مما يدلِّلُ على سماحةِ الإسلام ورحمتِه.

 

معنى القاعدة الإفرادي:

في اللغة:

يضاف:

الإضافةُ: ضمُّ شيءٍ إلى شيء[1]، فالإضافة حالةٌ نسبيَّةٌ متكرِّرة؛ بحيث لا تُعقَل إحداهما إلا مع الأخرى، كالأبوَّة والبنوَّة، وهي النسبة العارضة للشيء بالقياس إلى نسبةٍ أخرى كالأبوة والنبوة، وهي امتزاجُ اسمَيْنِ على وجهٍ يُفيدُ تعريفًا أو تخصيصًا[2].

 

الفعل:

الفعل: هو الهيئةُ العارضة للمؤثِّر في غيرِه بسببِ التأثيرِ أوَّلاً، كالهيئةِ الحاصلة للقاطع؛ بسببِ كونِه قاطعًا، وفي اصطلاحِ النُّحاة ما دلَّ على معنًى في نفسِه، مقترنٍ بأحدِ الأزمنةِ الثلاثة[3].

 

الفاعل:

الفاعل: ما أُسْنِد إليه الفعلُ أو شبهُه على جهةِ قيامِه به؛ أي: على جهةِ قيامِ الفعل؛ ليخرجَ عنه مفعولُ ما لَم يُسَمَّ فاعلُه[4].

 

الفاعل عند النُّحاة: اسمٌ أُسْنِدَ إليه الفعلُ المعلومُ، أو شبهُه بالأصالةِ المقدَّم عليه[5].

 

مجبرًا:

أجبره على كذا؛ أي: أكرهه فهو مجبِرٌ[6]، وجَبَرَه "على الأَمْر" يَجْبُرُهُ جَبْرًا وجُبُورًا: "كأَجْبَرَه"، فهو مُجْبِرٌ[7].

أجبرتُ الرَّجلَ على كذا فهو مُجْبَرٌ، إذا أكرهتُه عليه[8].

 

في الاصطلاح:

المرادُ بالفعل هنا ما صدر من فاعلٍ على وجه التَّعدي على حقٍّ من حقوقِ غيرِه نفسًا أو مالاً.

 

الآمر: المرادُ به هنا كلُّ مَن يصدُرُ منه أمرٌ لغيرِه؛ ليفعلَ شيئًا بدون إلزامٍ ولا إكراهٍ.

 

الإجبارُ: يرادُ به هنا الإكراهُ، المجبِرُ هو المُكرِه[9].

 

معنى القاعدة الإجمالي:

يضاف الفعل؛ أي: يُنسَبُ حُكمُه؛ لأنَّ الشرعَ يبحث عن أفعال المكلَّفين، من حيث أحكامُها، لا من حيث ذواتُها إلى الفاعل، ويقتصرُ عليه إذا كان عاقلاً بالغًا، ولَم يصحَّ أمرُ الآمرِ في زعمِه؛ لأنه- أي الفاعل- هو العلَّة للفعل، ولا يُنسَبُ الفعلُ إلى الآمرِ به؛ لأنَّ الأمرَ بالتصرُّف في مِلك الغير باطلٌ، ومتى بطَل الأمرُ لَم يضمنِ الآمِرُ.

 

ولأنَّ الآمرَ قد يكون سببًا والفاعل علَّة، والأصلُ في المعلولات أنْ تضافَ إلى عللِها؛ لأنها هي المؤثِّرةُ فيها لا إلى أسبابِها؛ لأنها موصلة إليها في الجملةِ، والموصل دون المؤثِّر.

 

ثم إنما يُنسب حكمُ الفعل إلى الفاعل دون الآمرِ ما لَم يكن الآمِرُ مجبِرًا؛ أي: مكرِهًا للفاعل على الفعل، فإذا كان مكرِهًا له عليه، فحينئذ يُنسب ما يمكن نسبتُه من حكمِ الفعل إليه لا إلى الفاعلِ؛ لأنَّ الفاعلَ بالإكراه صار كالآلة في يد المكرِه[10].

 

قواعد مشابهة:

1- إذا اجتمع المباشِر والمتسبِّب يضافُ الحُكمُ إلى المباشر:

أي إذا اجتمع المباشِرُ- أي: الفاعل لهذا الفعل- والمفضي إلى وقوع هذا الفعل المتسبِّب يضاف الحُكم إلى المباشِر، فالأصل في الأحكام أنْ تضاف إلى عِلَلِها المؤثِّرةِ لا إلى أسبابِها الموصلة؛ لأنَّ تلك أقوى وأقربُ، فهذه القاعدة شبيهةٌ لقاعدتِنا من حيث إضافة الحُكمِ للأصل، فهذه تُعتبر عامَّةً، أما قاعدتُنا خاصَّة، حيث خصِّصت بشرطِ عدم الإكراهِ.

 

2- الأمر بالتصرُّف في مِلك الغير باطلٌ:

هذه القاعدة لها ارتباطٌ بقاعدتِنا؛ لأنَّ الأمرَ الباطلَ كالعدمِ، فالمؤاخذةُ على الفاعل المأمور لا الآمِر[11].

 

3- المباشر ضامنٌ وإن لَم يتعمَّدْ، وقاعدة المتسبِّب لا يضمن إلا بالتعمُّد لها ارتباطٌ من حيث إضافة الفعلِ إلى الفاعل، فالمباشِر للإتلافِ ضامنٌ وإن لَم يتعمَّدِ الإتلافَ؛ لأنَّ الخطأَ يرفعُ إثمَ الإتلاف، لكن لا يُرفع عنه ضمانُ الإتلافِ؛ لأنَّ المباشرة سببٌ مستقلٌّ للإتلاف، فلا يصلحُ عدمُ التعمُّدِ أن يكونَ عذرًا مسقطًا للحُكمِ وهو الضَّمان عن المباشِر المتعدِّي[12].

 

4- قاعدة المتسبب لا يضمن إلا بالتعمُّد:

المتسبِّب نقصِد به الفاعل الذي يُفضي ويوصل إلى الضَّررِ، فلا يضمن هنا ما أفضى إليه عملُه من الضَّررِ إلا إذا كان متعدِّيًا.

 

5- الآمِرُ لا يضمن بالأمر:

إنَّ المأمور يضمن إذا أتلف مالَ فلانٍ بأمرٍ من الآمرِ؛ حيث لا يُعَدُّ الآمِرُ مُجبِرًا شرعًا كما يُعلم من باب الإكراهِ[13].

 

6- كلُّ حُكم يثبت بعلَّةٍ ذاتِ وصفين يُضاف الحُكْمُ إلى الوصف الذي وجد منهما أخيرًا:

مثل: لو حفر رجلٌ بئرًا في الطريق العامِّ، فألقى أحدٌ حيوانَ شخصٍ في ذلك البئرِ ضمِنَ الذي ألقى الحيوانَ، ولا شيءَ على حافرِ البئرِ؛ لأن حفرَ البئر بحدِّ ذاته لا يستوجب تلَفَ الحيوانِ، ولو لَم ينضمَّ إليه فعلُ المباشِر- وهو إلقاءِ الحيوان في البئرِ- لَما تلِفَ الحيوانُ بحفر البئرِ فقط، ورُبَّ قائلٍ يقول بأنه لو لَم يحصل فعلُ الحفرِ لَما تأتَّى فعلُ الإلقاء، فبما أنَّ فعل الإلقاءِ هو الوصفُ الأخير فقد أُضِيفَ التَّلَفُ إليه[14].

 

أدلة القاعدة:

1- ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 106].

 

إذا علم اللهُ صِدْقَ عبدِه بقلبه، وإخلاصه في عَقدِه، ولحِقَته ضرورةٌ في حالِه، خفَّف عنه حُكمه، ودفع عنه عناءَه فلا يلفظ بكلمةِ الكفرِ إلا مكرهًا وهو موحِّدٌ، وهو مستحقٌّ العذرَ فيما بينه وبين الله- تعالى- وكذلك الذين عَقدوا بقلوبِهم وتجرَّدوا لسلوكِ طريق الله، ثم عرَضت لهم أسبابٌ، واتَّفقت لهم الأعذار، لم يكن ذلك قادحًا في صحَّةِ إرادتِهم، ولا يُعَدُّ ذلك فسخًا لعهودهم، ولا ينفي بذلك عنهم سمةَ القصد إلى الله- تعالى.[15]

 

2- ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28].


نَهى اللهُ- عز وجل- عن موالاة الكافرين من دون المؤمنين، سواءٌ كان ذلك لصداقةٍ أو لقرابةٍ أو لمصالحَ لا ينتفع بها المسلمون، ومن يفعل ذلك فليس من وَلاية الله في شيءٍ، ثم استثنى الله "حال الخوف من شيءٍ تتَّقونه منهم، فلكم حينئذ أن تتَّقُوهم بقدرِ ما يُتَّقى ذلك الشيءُ؛ إذ القاعدةُ الشَّرعيةُ: "أنَّ درءَ المفاسد مقدَّمٌ على جلبِ المصالحِ"[16].

 

3- ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119].

 

قال الطبريُّ في تفسيره: "إنَّ ما اضطررنا إليه من المطاعم المحرَّمةِ التي بيَّن تحريمَها لنا في غيرِ حالِ الضرورةِ لنا- حلالٌ ما كنَّا إليه مضطرين، حتى تزولَ الضَّرورة"[17].

 

فإنَّ الإكراهَ نوعٌ من الاضطرار، كما جاء في الأثر عن عليٍّ- رضي الله عنه- حيث أُتِي عمرُ- رضي الله عنه- بامرأةٍ جهدَها العطشُ، فمرَّت على راعٍ فاستسقت فأبَى أنْ يسقيَها إلا أن تمكِّنَه من نفسِها ففعلت، فشاور النَّاسَ في رجمِها، فقال عليٌّ- رضي الله عنه -: "هذه مضطرةٌ، أرى أن تخلِّيَ سبيلَها، ففعل"[18].

 

قال القرطبي: "الاضطرارُ لا يخلو أن يكونَ بإكراهٍ من ظالمٍ، أو بجوعٍ في مَخمصةٍ"[19].

 

4- ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].

 

إنَّ من رحمةِ اللهِ بنا أنه- سبحانه وتعالى- لا يكلِّفُ نفسًا فوق طاقتِها، فالتَّكليف هو الأمرُ بما يشقُّ على النَّفس.

 

5- ﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 33].

 

نَهى اللهُ- عز وجل - عن إكراهِ الإماءِ على البغاءِ؛ أي: الزِّنا، ﴿ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ﴾، يقول: إن أردْنَ تعفُّفًا عن الزِّنا، ﴿ لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، يقول: لتلتمسوا بإكراهِكم إيَّاهنَّ على الزِّنا: ﴿ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، وذلك ما تعرض لهم إليه الحاجة من رياشِها وزينتها، وأموالها، ﴿ وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ ﴾: يقول: ومن يكرِهْ فتياتِه على البغاء، فإن الله من بعد إكراهِهم إيَّاهنَّ على ذلك لهنَّ ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، ووزر ما كان من ذلك عليهم دونهن.

 

وذكر أنَّ هذه الآيةَ أُنزلت في عبدِالله بن أُبَيِّ بن سلولٍ حين أكرَه أمتَه مُسَيْكةَ على الزِّنَا[20].

 

6- عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: ((لا طلاقَ ولا عِتاقَ في إغلاق))[21].

 

والإغلاقُ: الإكراه؛ لأنَّ المكرَهَ مغلَقٌ عليه أمرُه وتصرُّفُه.

 

7- حديث عليِّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- موقوفًا: "كلُّ طلاقٍ جائزٌ إلا طلاقَ المعتوه والمكرَه"[22].

 

8- عن عبدالله بن عباس- رضي الله عنهما- موقوفًا: "ليس لمستكرَهٍ ولا لمجنونٍ طلاقٌ"[23].

 

9- عن ثابت بن الأحنف أنه تزوَّج أمَّ ولد لعبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: فدعاني عبدُالله بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، فجئتُه فدخلتُ عليه، فإذا سِياطٌ موضوعةٌ، وإذا قَيْدانِ من حديدٍ، وعَبْدانِ له قد أجلسهما، وقال لي: تزوَّجت أمَّ ولدِ أبِي بغير رضاي، فأنا لا أزال أضربُك حتى تموت، ثم قال: طلِّقها وإلا فعلتُ، فقلت: هي طالقٌ ألْفًا، فلما خرجتُ من عنده أتيت عبدَالله بنَ عمر، فأخبرتُه فقال: ليس هذا بطلاقٍ، ارجعْ إلى أهلِك، فأتيتُ عبدَالله بن الزُّبير فقال مثلَ ذلك[24].

 

تبيَّن لنا في الأحاديث السابقة عدمُ وقوع طلاقِ المكرَهِ؛ لأنَّه خارج عن إرادته.

 

10- عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنَّ رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((إنَّ الله تجاوز لي عن أمَّتي الخطأَ والنِّسيان، وما استكرهوا عليه))[25].

 

إنَّ من سَعة رحمة الله- عز وجل- أنَّ مَن أُكْرِهَ على شيءٍ- قوليًّا كان أو فعليًّا- لا يُؤاخَذ به، "لكن إذا كان الإكراهُ في حقِّ آدميٍّ، فإنه يُعامَل بما تقتضيه الأدلَّةُ الشَّرعية"[26].

 

11- عمار بن ياسر- رضي الله عنه- الذي جرَت كلمةُ الكفر على لسانِه مُكرهًا وهو معتقِدُ الإيمانِ.

 

وكان يقول عنه الرَّسولُ- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ عمَّارًا مُلِئَ إيمانًا مِنْ قرنِه إلى قدمِه))[27].

 

عُلِم من عمَّار بن ياسر- رضي الله عنه- صدقُ عقيدتِه، لكن أُجبِر وأُكرِه على كلمة الكفرِ فلم يؤاخَذْ بها.

 

مستَثنَيَات القاعدة:

1- لو أمره بقضاءِ ديونِه عنه، أو بالإنفاقِ عليه، أو ببناءِ داره مثلاً، فالمأمورُ يكون وكيلاً يرجع على الآمِرِ بما أنفق؛ لأنه يُشتَرط كونُ الآمِر مُجبِرًا لأجلِ إضافة حُكمِ الفعل إليه إذا لَم يكنْ أمرُه للغيرِ يضمن الأمرَ بالضَّمان، ولَم يكن أمرُه له بدفعِ مالٍ عنه لقاءَ واجبٍ دنيوي عليه يطالب به بالحبس والملازمةِ، أو لقاءَ شيءٍ يُدخِلُه المأمورُ في مِلك الآمِرِ بواسطة امتثالِه أمرَه، أو لقاءَ سلامةِ نفس الآمِرِ، أمَّا إذا كان شيءٌ من ذلك، فلا يُشتَرطُ لإضافة حُكْمِ الفعلِ إليه، والرجوع عليه كونه مجبِرًا فلو أمرَ غيرَه بقضاء دَينٍ عليه مثلاً ففعل رجعَ عليه؛ لأنَّ ذلك واجبٌ دنيويٌّ على الآمرِ يطالب به بالحبسِ والملازمة، وكذا لو أمرَه بالإنفاقِ على نفسِه أو على بناءِ دارِه ففعل رجعَ عليه في جميع ذلك؛ لأنَّ ما أنفقه المأمورُ كان لقاءَ ما أدخله بواسطةِ إنفاقِه في مِلك الآمِرِ من الطَّعامِ والكِسوة والبناء.

 

2- لو أمر الأسيرُ غيرَه بفدائِه، ففعل، رجع عليه؛ لأنَّ ما دفعَه المأمورُ على الآمِرِ بلا اشتراطٍ، وهو القولُُ المصحح، وفي قولٍ مصحح آخرَ على عدمِ الرُّجوع بلا اشتراطٍ، وهذا هو الأصحُّ وعليه الفتوى.

 

3- لو كان المأمورُ أجيرًا خاصًّا للآمِرِ، فتلِفَ بعمله شيءٌ من غير أن يجاوِزَ المعتادَ، فالضَّمانُ على أستاذِه الآمِرِ له، فلو تخرَّقَ الثوبُ من دقِّه، أو غرِقت السَّفينة من مدِّه، فالضمان على أستاذِه الآمرِ.

 

4- لو أمر برشِّ الماء في فناء دكَّانه، فرشَّ، فما تولَّد منه فضمانُه على الآمِرِ، وإن بغير أمرِه فالضَّمان على الرَّاشِّ.

 

5- إذا كان المأمورُ غيرَ عاقلٍ، أو كان صبيًّا، فإنَّ الفعلَ يضاف إلى المأمور، ويضمن المالَ الذي أتلفه، ودِيَة العضو أو النَّفس؛ لأن المحجورين يضمنون الضَّررَ الذي نشأ من فِعْلِهم، ولكن لا يقتصر الضَّمانُ عليهم، بل يرجعون بما ضمِنوه على الآمِرِ إذا كان أمرُه معتبَرًا بأنْ كان بالغًا عاقلاً، أمَّا إذا كان صغيرًا أو غيرَ عاقلٍ فلا يرجع إليه[28].

 

وفي درر الحكام: "لهذه القاعدة مستثنًى واحدٌ: وهو أنه لو أمر رجلٌ بالغٌ عاقلٌ صبيًّا بإتلافِ مالٍ فأتلفه الصبيُّ، فالضَّمان في مالِ الصبي، إلا أنَّ لوليِّه الرجوعَ على الآمِرِ بما دفعه من مالِ الصبيِّ، بخلاف ا لو كان الآمِرُ صبيًّا، فليس للوليِّ حقُّ الرجوع عليه"[29].

 

هذا ما استطعت التوصُّلَ إليه، أسأل اللهَ أن ينفع به، وصلى الله على نبيِّه محمَّد وعلى آلِه وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.



[1] التوقيف على مهمات التعريف- فصل الضاد (1/70).

[2] التعريفات، باب الألف (1/45).

[3] التعريفات- باب الفاء (1/215).

[4] التعريفات- باب الفاء (211/1).

[5] جامع العلوم في اصطلاحات الفنون- حرف الفاء (3/11).

[6] الكليات لأبي بقاء الكفوي- فصل الألف والجيم (1/55).

[7] تاج العروس من جواهر القاموس – باب جبر (10/350).

[8] جمهرة اللغة- باب ج- ب- ر (1/106).

[9] الوجيز في أصول الفقه، للبرنو، (73/2).

[10] شرح القواعد الفقهيه للزرقا- القاعدة الثامنة والثمانون، (274-275/1).

[11] الوجيز في أصول الفقة، للبرنو، (2/74).

[12] انظر: المرجع السابق.

[13] انظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام، (1/80).

[14] درر الحكام شرح مجلة الأحكام، (1/80).

[15] لطائف الإشارات، لعبدالكريم بن هوازن القشيري، (2/322).

[16] تفسير المراغي، أحمد مصطفى المراغي، (3/136).

[17] جامع البيان " تفسير الطبري"، (9/514).

[18] أخرجه البيهقي في سننه (8/236)، وأخرجه عبدالرزاق بنحو هذا اللفظ في المصنف (7/407).

[19] تفسير القرطبي، (2/225).

[20] انظر: تفسير الطبري، (17/289).

[21] أخرجه: أحمد (6/276)، وأبو داود ( 2193 )، وابن ماجه ( 2046 )، وأبو يعلى ( 4444 )، والدارقطني (4/36)، والحاكم (2/198)، والبيهقي (7/357)، وصحَّحه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: محمد بن عبيدي لم يحتج به مسلم، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقد حسنه الألباني في إروائه (2047)، وفي صحيح سنن ابن ماجه ( 1665).

[22] أخرجه البخاري في صحيحه معلقًا مجزومًا به في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والمكره والسكران؛ قال الحافظ في الفتح (9/305): وصله البغوي في الجعديات عن علي بن الجعد عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم النَّخعي عن عابس بن ربيعة أن عليًّا قال... فذكره، ورواه الترمذي مرفوعًا (1191)، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وعطاء بن عجلان ضعيفٌ ذاهبُ الحديث.

والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وغيرهم أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله- لا يجوز إلا أن يكون معتوهًا يُفيق أحيانًا فيطلِّق في حال إفاقته، وقد صحح الألباني وقفه.

[23] أخرجه البخاري في صحيحه معلقًا مجزومًا به، في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والمكره والسكران؛ قال الحافظ في الفتح (9/303): وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور جميعًا عن هشيم عن عبدالله بن طلحة الخزاعي عن أبي يزيد المزني عن عكرمة عن ابن عباس.

[24] أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الطلاق، باب جامع الطلاق، ص (376).

[25] رواه ابن ماجه في السنن برقم (2043)، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (7/356)، والحاكم في "المستدرك" (2/198)،وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال البوصيري في الزوائد (2/130): "إسناده ضعيف"، وقد أعلَّه أحمد وأبو حاتم؛ العلل لابن أبي حاتم (1/431)، والعلل للإمام أحمد (1/227)، وحسنه النووي في روضة الطالبين (8/193).

[26] الأربعون النووية بتعليقات الشيخ محمد ابن عثيمين- رحمه الله- (1/79).

[27] اللَّفظ الصحيح هو ما رواه الحاكم في مستدركه (3/392- 393)، وكذلك النسائي في (8/111) كتاب الإيمان هكذا: (ملئ عمَّارٌ إيمانًا إلى مشاشِه)، وهو حديث صحيح كما قال الألبانيُّ؛ انظر: صحيح الجامع الصغير (5/211، ح 5764)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (2/466، ح 807) .

[28] انظر: شرح القواعد الفقهية، للزرقا، (1/274)، الوجيز في أصول الفقه، للبرنو، (2/74).

[29] درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، (1/166).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لغتنا الجميلة: قاعدة في ضبط الفعل "نطقَ"
  • الفعل ومتعلقاته في الحزب الأخير من القرآن (دراسة تحليلية) (1)
  • عرض (بلاغة القرآن الكريم: دراسة في أسرار العدول في استعمال صيغ الفعل) رسالة دكتوراه
  • الفعل المساعد في اللغة العربية
  • قصة الفعل المضارع

مختارات من الشبكة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تداخل القواعد الفقهية في القواعد الأصولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح القاعدة (25) من القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن: (حدود الله قد أمر بحفظها)(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • المختصر في القواعد الأصولية وتطبيقاتها لعبدالله بن صالح منكابو(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • القواعد الأصولية: تعريفها، الفرق بينها وبين القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح قاعدة: يضاف الفعل إلى الفاعل لا الآمر ما لم يكن مجبرا(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب