• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

النجم الوهاج في ارتباط رحلة الإسراء والمعراج بأرض النبوات

محمد فقهاء

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/6/2012 ميلادي - 1/8/1433 هجري

الزيارات: 34419

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ﴾[1] .

 

بدأت السورة بتنزيه الله وتقديسه عما لا يليق به وبجلاله، الذي أسرى بعبده ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في جزء من الليل ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ أي من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، وقال المفسرون في قوله ﴿ لَيْلًا ﴾ بلفظ التنكير لتقليل مدة الإسراء وأنه قطع هذه المسافة في جزء من الليل وكانت مسيرة أربعين ليلة، وكان إسرائه بالروح والجسد، يقظة لا مناماً، وقال المفسرون في قوله ﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ أي الذي باركنا ما حوله بأنواع البركات الحسية والمعنوية التي خص الله بها بلاد الشام، وبكونه مقر الأنبياء ومهبط الأطهار[2].

 

معنى الإسراء:

يقصد بالإسراء هي تلك الرحلة التي كرم الله سبحانه وتعالى بها نبيه محمداً من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، أما المعراج فهو ذلك الصعود الذي أعقب ذلك الإسراء به إلى طبقات السماوات العلا ثم الوصول به إلى حد انقطعت عنده علوم الخلائق وكل ذلك في ليلة واحدة.

 

أما معناه في اللغة:

الإسراء: من السُّري وهو السير بالليل، وأسريت سرت ليلاً، وسريت إذا سرت ليلاً [3].

 

المعراج: من عرج الشيء فهو تعريج، ارتفع وعلا وفي قوله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ ﴾: أي تصعد والمعرج الطريق الذي تصعد فيه الملائكة، والمِعراج السُلَّم، ومنه ليلة المعراج [4].

 

سنة الإسراء:

أما عن سنة تلك الحادثة فقد تعددت الروايات في تحديد السنة التي وقعت فيها تلك الحادثة واختلف في تعيين زمنها على أقوال شتى ومنها:

1- قيل: كان بعد المبعث بخمس سنين، رجح ذلك القرطبي والنووي.



2- وقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة، واختاره الطبري.



3- وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة.



4- وقيل: كان قبل الهجرة بستة عشر شهراً، أي في رمضان سنة 12 من النبوة.



5- وقيل: كان قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة.



6- وقيل: كان قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة.

 

مكان الإسراء والمعراج:

أما عن مكان الإسراء فهو كما جاء في القرآن الكريم وهو خير دليل وكثير من الأحاديث والروايات، أنه من مكة وبالتحديد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس.

 

ومكان المعراج هو من المسجد الأقصى ببيت المقدس إلى السماوات العلا وتم هذا الإسراء والمعراج ليلاً، أي جزء من الليل.

 

قال ابن إسحاق: وحدثت عن الحسن أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بينا أنا نائم في الحجر، إذ جاءني جبريل، فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية، فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة، فهمزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه فخرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض، بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجله، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته)) [5].

 

أما معراجه: ذكر أنه لما فرغ مما في بيت المقدس، أتى بالمعراج، ثم صعد به حتى انتهى به إلى باب من أبواب السماء [6].

 

الدلائل من الشريعة على الإسراء:

1- قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ﴾ [7] .

2- وهناك الكثير من الأحاديث في هذا الشأن.

3- هناك الكثير من أقوال الصحابة والمؤرخين.

4- أجمعت الأمة على أن الإسراء حق وهذه عقيدة من عقائد المسلمين.

 

علاقة الإسراء بالمسجد الأقصى:

هذه الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وتربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعاً.

 

وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدمات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدمات، وارتباط رسالته بها جميعا، فهذه الرحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان، وتشمل آمادًا وآفاقًا أوسع من الزمان والمكان، وتتضمن معان أكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها النظرة الأولى.

 

ويعد المسجد الأقصى طرف هذه الرحلة، والمسجد الأقصى هو قلب الأرض المقدسة التي أسكنها الله بني اسرائيل ثم أخرجهم منها.

 

المعنى الموجود في الإسراء به - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس:

إن اقتران الزمن بين إسرائه عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس والعروج به إلى السماوات السبع، لدلالة باهرة على مدى ما لهذا البيت من مكانة وقدسية عند الله تعالى.

 

وفيه دلالة واضحة ايضا على العلاقة الوثيقة بين ما بعث به كل من عيسى بن مريم ومحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ما بين الأنبياء من رابط الدين الواحد الذي ابتعثهم الله عز وجل به.

 

وفيه دلالة على مدى ما ينبغي أن يوجد لدى المسلمين في كل عصر ووقت، من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة، وحمايتها من مطامع الدخلاء وأعداء الدين، وكأن الحكمة الإلهية تهيب بمسلمي هذا العصر أن لا يهنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود على هذه الأرض المقدسة، وأن يطهروها من رجسهم، ويعيدوها إلى أصحابها المؤمنين.

 

ومن يدري؟ لعل هذه الواقعة هي التي جعلت المجاهدين على مر العصور هي التي جعلتهم يستبسلوا هذا الاستبسال العظيم، وفرغوا كل جهودهم في سبيل صد الهجمات الصليبية وغيرها من الهجمات عن هذه البقعة المقدسة حتى ردهم على أعقابهم خائبين.

 

القدس في اعتقاد المسلمين:

القدس في اعتقاد المسلمين لها مكانة دينية، وقد اتفق على ذلك المسلمون بجميع طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم فهذا اجماع أمة باكمله من أقصاها إلى أقصاها.

 

ولا غرو أن يلتزم جميع المسلمين بوجوب الدفاع عن القدس والغيرة عليها والذود عن حماها وحرماتها ومقدساتها وبذل النفس والنفيس في سبيل حماياتها ورد المعتدين عنها.

 

فالقدس قدسية إسلامية، وهي تمثل في حس المسلمين ووعيهم الإسلامي:

1-القدس: القبلة الأولى:

أول ما تمثله القدس في حس المسلمين وفي وعيهم وفكرهم الديني أنها القبلة الأولى التي ظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يتوجهون إليها في صلاتهم منذ فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج وظلوا يصلون إليها في مكة، وبعد هجرتهم إلى المدينة، حتى نزل القرآن يأمرهم بالتوجه إلى الكعبة،كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [8].

 

وفي المدينة النبوية مَعلم أثري بارز يؤكد هذه القضية، وهو مسجد القبلتين، الذي صلى فيه المسلمون صلاة واحدة بعضها إلى القدس، وبعضها إلى مكة، وهذا لا يزال قائم إلى هذا الوقت وقد جُدد، وهذا المكان يُزار إلى هذا الوقت.

 

وقد أثار اليهود في المدينة ضجة كبرى حول هذا التحول، إلا أن القرآن رد عليهم بأن الجهات كلها لله، وهو الذي يحدد هذا أيها يكون القبلة لمن يصلي: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[9].

 

2- القدس أرض الإسراء والمعراج:

وثاني ما تمثله القدس في الوعي الإسلامي، أن الله تعالى جعلها منتهى رحلة الإسراء الأرضية، ومبتدأ رحلة المعراج السماوية، فقد شاءت إرادة الله أن تبدأ هذه الرحلة الأرضية المحمدية الليلية المباركة من مكة ومن المسجد الحرام، حيث كان يقيم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن تنتهي عند المسجد الأقصى، ولم يكن هذا جزافاً، بل بتدبير إلــهي ولحكمة ربانية، وهي أن يلتقي خاتم الأنبياء والرسل بالرسل الكرام هناك، ويصلي بهم إماماً، وهذا إعلان عن انتقال القيادة الدينية للعالم من بني إسرائيل إلى أمة جديدة، ورسول جديد، وكتاب جديد،، أمة عالمية، ورسول عالمي، وكتاب عالمي، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [10]، ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [11].

 

وقد نص القرآن على مبتدأ هذه الرحلة ومنتهاها بجلاء ووضوح في أول أية في السورة التي حملت اسم هذه الرحلة (سورة الإسراء) قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ﴾[12]، وهذه الآية لم تصف المسجد الحرام بأية صفة مع ما له من بركات وأمجاد، ولكنها وصفت المسجد الأقصى بهذا الوصف ﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾، وإذا كان ما حولهُ مبارك فمن باب أولى أن يكون هو مباركاً.

 

وهذه الرحلة حفلت بالرموز والدلالات التي توحي بأهمية هذا المكان المبارك، الذي ربط فيه جبريل البراق، الدابة التي كانت وسيلة الانتقال من مكة إلى القدس، وقد ربطها بالصخرة حتى يعود من الرحلة الأخرى، التي بدأت من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا، إلى سدرة المنتهى.

 

ولو لم تكن القدس مقصودة في هذه الرحلة لأمكن العروج به من مكة إلى السماوات العلا مباشرة، لكن المرور بهذه المحطة القدسية أمر مقصود، كما دلت الأدلة من القرآن والسنة الشريفة.

 

ومن ثمرات هذه الرحلة الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهذا الربط له إيحاؤه وتأثيره في وعي الإنسان المسلم وخبره ووجدانه، بحيث لا تنفصل قدسية أحد المسجدين عن قدسية الآخر، ومن فرط في أحدهما أوشك أن يفرط في الآخر.

 

3- القدس ثالث المدن المعظمة:

القدس ثالث المدن المعظمة في الإسلام فالمدينة الأولى هي مكة المكرمة، التي شرفها الله بالمسجد الحرام، والمدينة الثانية هي طيبة (أي المدينة المنورة)، التي شرفها الله بالمسجد النبوي، والتي ضمت قبره - صلى الله عليه وسلم -، والثالثة مدينة القدس، التي شرفها الله بالمسجد الأقصى.

 

وقد أعلن القرآن عن أهمية المسجد الأقصى وبركته، قبل بناء المسجد النبوي، وقبل الهجرة بسنوات، والإسلام حين جعل المسجد الأقصى ثالث المسجدين العظيمين في الإسلام، وبالتالي أضاف القدس إلى المدينتين الإسلاميتين المعظمتين (مكة والمدينة) ليقرر مبدأً هاماً من مبادئه، وهو أنه جاء ليبني لا ليهدم، وليتمم لا ليحطم، فالقدس كانت أرض النبوات، والمسلمون أولى الناس بأنبياء الله ورسله كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليهود المدينة: ((نحن أولى بموسى منكم)).

 

4- القدس أرض النبوات والبركات:

القدس هي جزء من أرض فلسطين، ولقد وصف الله هذه الأرض بالبركة في خمسة مواضع في كتابه العزيز:-

أ‌- ﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه ﴾[13] في سورة الإسراء حين وصف المسجد الأقصى بهذا.

 

ب‌- ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾[14] حين تحدث في قصة خليله إبراهيم.

 

ت‌- ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾[15] في قصة موسى حيث قال هذا عن بني إسرائيل بعد إغراق فرعون وجنوده.

 

ث‌- ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾[16] وهذا في قصة سليمان وما سخر الله له من ملك لا ينبغي لأحد بعده ومنه تسخير الريح.

 

ج‌ - ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾[17] في قصة سبأ وكيف من الله عليهم بالأمن، فهذه القرى التي بارك الله فيها هي قرى الشام وفلسطين.

 

قال الألوسي في روح المعاني: [22/129]: المراد بالقرى التي بورك فيها: قرى الشام، لكثرة أشجارها وثمارها، والتوسعة على أهلها، وعن ابن عباس: هي قرى بيت المقدس، وقال ابن عطية: ان إجماع المفسرين عليه.

 

6- القدس أرض الرباط والجهاد:

لقد كان حديث القرآن عن المسجد الأقصى، وحديث الرسول عن فضل الصلاة فيه، من المبشرات بأن القدس سيفتحها الإسلام، وستكون للمسلمين، وسيشدون الرحال إلى مسجدها، مصلين لله متعبدين، وقد فتحت القدس التي كانت تسمى إيلياء في عهد الخليفة الثاني في الإسلام عمر بن الخطاب وقد جاء عمر - رضي الله عنه - من المدينة إلى القدس، وتسلم المفاتيح، وعقد مع أهلها معاهدة وتسمى بـ(العهدة العمرية).

 

وقد أعلم الله نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بأن هذه الأرض المقدسة سيحتلها الأعداء، ولهذا حرض أمته على الرباط فيها، والجهاد للدفاع عنها حتى لا تسقط في أيدي الأعداء، ولتحريرها إذا قدر لها أن تسقط في أيديهم، وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمعركة المرتقبة بين المسلمين واليهود، وأن النصر في النهاية سيكون للمسلمين، وأن كل شيء سيكون في صف المسلمين حتى الحجر والشجر، وأن كلاً منهما سينطق دالاً على الأعداء، سواء كان نطقاً بلسان الحال أم بلسان المقال والأخذ بظاهر الحديث وأنه سيكون نطق الحجر بلسان المقال أولى وأصح، وكما أنه أخبر أنه ستظل طائفة من أمته على الحق قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم، إلا ما أصابهم من لأواء (أي أذى) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)) قالوا: وأين هم يا رسول الله؟ قال: ((ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس))[18].

 

القرآن ومستقبل اليهود في بيت المقدس ﴿ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ﴾ :

فأما إذا عاد بنو إسرائيل إلى الإفساد في الأرض فالجزاء ماضي والسنة ماضية، ولقد عادوا إلى الإفساد فسلط الله عليهم المسلمين فأخرجوهم من الجزيرة كلها، ثم عادو إلى الإفساد فسلط الله عليهم عباداً أخرين، حتى كان العصر الحديث فسلط عليهم ((هتلر)) ولقد عادوا اليوم إلى الإفساد في صورة ((إسرائيل)) التي أذاقت العرب والمسلمين أصحاب الأرض الويلات، وليسلطن الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، تصديقاً لوعد الله القاطع، وفاقاً لسنته التي لا تتخلف، وإن غداً لناظره قريب، وأخبر أن مصيرهم في الأخرة مصير المفسدين ﴿ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 8] تحصرهم فلا يفلت منهم أحد وتتسع لهم فلا يند عنها أحد، وقبل هذا ففي الدنيا كما أخبر القرآن وأخبرت السنة، بأنه سيسلط عليهم أنواع العقوبات، مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد، ومرة بجور الملوك، ومسخهم قردة وخنازير، وآخر ذلك أقسم الرب تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [19]، نعم ورب الكعبة ليبعثن عليهم من يسومهم سوء العذاب، تصديقاً لوعد الله القاطع، وإن غداً لناظره قريب.

 

ختامًا:

لقد أثبتت الآيات والأحاديث والتاريخ على صحة الإسراء والمعراج، وتعتبر عقيدة من عقائد المسلمين، وإن هذه الرحلة حق، بالإسراء من مكة إلى بيت المقدس ومعراجه من بيت المقدس إلى السماوات العلا، بشخصه في اليقظة لا منام، إلى السماء، ثم إلى ما شاء الله من العلا، وأكرمه الله بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى فصلى الله عليه في الآخره والأولى.

 

وهذا إظهار لصدق دعوى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومدى ارتباط مكة بالقدس، وأن هذا الارتباط ارتباط ديني عقدي مبني على التوحيد ، وأن الحق لعباد الله، وهذه الرحلة أكدت على قدسية بيت المقدس، التي شرفها الله بالمسجد الأقصى وبوجوده في هذه البقعة الظاهرة، وهو سنه العبادة لله وبيت لتوحيد الله، وكونه الصلة العظيمة الأولى بالله تعالى.

 


[1] الإسراء: 1.

[2] انظر بتصرف،الصابوني، صفوة التفاسير، ج 2، ص 151، (مصر، الطبعة التاسعة، دار الصابوني).

[3] ابن منظور، لسان العرب، ج 7، ص 179، من مادة سرا.

[4] ابن منظور، لسان العرب، ج 7، ص 87، من مادة عرج.

[5] أخرجه الطبري في تفسيره (15 \4،3).

[6] انظر بتصرف السيرة النبوية، ابن هشام، ج 2، ص 40، ( القاهرة، الطبعة الثانية، 1425هـ- 2004م، دار الفجر للتراث.

[7] الإسراء: 1.

[8] البقرة: 150.

[9] البقرة: 142-143.

[10] الأنبياء: 107.

[11] الفرقان: 1.

[12] الإسراء: 1.

[13] الإسراء: 1.

[14] الأنبياء: 71.

[15] الأعراف: 137.

[16] الأنبياء: 81.

[17] سبأ: 18.

[18] رواه عبدالله في ((المسند)) (5/269)، وقال وجدته بخط أبي، وقال الهيثمي: رواه عبد الله بن أحمد (وجادة عن أبيه) والطبراني، ورجله ثقات (7/288).

[19] الأعراف: 167.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج وعلاقته بالعلم والعقل
  • في قضية الإسراء والمعراج
  • آية الإسراء والمعراج: دلالات وعبر
  • الإسراء والمعراج قصة العناية الإلهية والثبات على المبدأ
  • الإسراء والمعراج .. الإلغاء الأبدي والطي السرمدي لصفحة بني إسرائيل
  • حديث: قرأت على النبي النجم فلم يسجد فيها
  • رحلة الإسراء ومكانة الحبيب صلى الله عليه وسلم
  • الإسراء والمعراج برسول الله
  • مراتب الشرف في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)
  • قصة الإسراء والمعراج دروس وعبر

مختارات من الشبكة

  • النجم والنجوم في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير الإمام الزركشي لآيات من سورة النجم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتقاد في النجوم والأنواء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النجوم في ديوان نقوش للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نفحات قرآنية في سورتي النجم والقمر(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • النجم المتلألئ(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة النجم في كلام سيد العرب والعجم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • النجم العلي في الصحابة من بلي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة النجم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النجم الزاهر في شيم الملك الظاهر جقمق لابن عرب شاه(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب